84.ب اوهو

قال الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى فِي الظَّوَاهِر الْوَارِدَة بِدُخُولِ الْجَنَّة بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَة فَقَالَ : يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ اِقْتِصَارًا مِنْ بَعْض الرُّوَاة نَشَأَ مِنْ تَقْصِيره فِي الْحِفْظ وَالضَّبْط لَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلَالَةِ مَجِيئِهِ تَامًّا فِي رِوَايَة غَيْرها قلت المدون/ اللهم اشفني شفاءا لا يغادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني رحمة واسعة مباركة طيبة واكفني همي كله وفرج كربي كله واكشف البأساء والضراء عني واعتقني من كل سوء في الدارين يا ربي

 الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام /الفتن ونهاية العالم /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة  /الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين الملتاعين. /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها /عياذا بالله الواحد./  لابثين فيها أحقابا /المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر/  /أمَاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات /العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف/https://nawweyof.blogspot.com/2023/09/blog-post_30.html        النفخ في الصور وموعد تصادم المجرات والافلاك  / /https://nawweyof.blogspot.com/2023/09/blog-post_30.html     النفخ في لصور وموعد تصادم المجرات والافلاك

الجمعة، 15 يوليو 2022

من السوالب النفسية الوسوسة والاستهزاء والبهتان

الوسوسة
الوسوسة لغةً:
الوَسْوَسَةُ: مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: وَسْوَسَ يُوَسْوِسُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ مَادَّةِ ( و س س ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى صَوْتٍ غَيْرِ رَفِيعٍ: يُقَالُ لِصَوْتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاسٌ، وَهَمْسُ الصَّائِدِ: وَسْوَاسٌ، وَإِغْوَاءُ الشَّيْطَانِ ابْنِ آدَمَ وَسْوَاسٌ(1).
يُقَالُ: وَسْوَسَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَسْوَسَةً وَوِسْوَاسًا .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْوَسْوَسَةُ فِي التَّنْزِيلِ هُوَ مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي الْقَلْبِ(2).
وَالْوَسْوَسَةُ: الكَلاَمُ الخَفِيُّ فِي اخْتِلاَطٍ . وَوُسْوِسَ بِهِ - بِالضَّمِ: اخْتَلَطَ كَلاَمُهُ وَدُهِشَ . وَالمُوَسْوِسُ: الَّذِي تَعْتَرِيهِ الوَسَاوِسُ . وَوَسْوَسَ: إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ(3). وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ
J، وَسْوَسَ نَاسٌ، وَكُنْتُ فِيمَنْ وُسْوِسَ، يُرِيدُ أَنَّهُ اخْتَلَطَ كَلاَمُهُ وَدُهِشَ بِمَوْتِهِ J، وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ}. قَالَ القُرْطُبِيُّ: مَعْنَاهُ وَسْوَسَ إِلَيْهِمَا، قِيلَ دَاخِلَ الجَنَّةِ، وَقِيلَ مِنْ خَارِجٍ بِالسَّلْطَنَةِ الَّتِي جُعِلَتْ لَهُ، وَالوَسْوَسَةُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ وَهِيَ أَيْضًا حَدِيثُ النَّفْسِ(4)، وَالْوَسْوَسَةُ: حَدِيثُ النَّفْسِ، وَالأَفْكَارُ ( السَّيِّئَةُ الَّتِي تُرَاوِدُهَا ) وَرَجُلٌ مُوَسْوِسٌ: غَلَبَتْ عَلَيهِ الْوَسْوَسَةُ، أَوِ الَّذِي تَعْتَرِيهِ الْوَسَاوِسُ، وَقَوْلُهُمْ: وَسْوَسَ الرَّجُلَ: أَيْ كَلَّمَهُ كَلاَمًا خَفِيًّا، وَوَسْوَسَ الرَّجُلُ ( بالضم ) إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ لَمْ يُبَيِّنْهُ(5).
الوسوسة اصطلاحًا:
__________
(1) المقاييس (6‍/6‍‍).
(2) البصائر (5‍/8‍‍‍).
(3) التاج (9‍/1‍‍).
(4) تفسير القرطبي (7‍/1‍‍).
(5) لسان العرب (6‍/0‍‍‍‍).

(1/1)


الْوَسْوَسَةُ وَالْوَِسْوَاسُ: مَا يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي الْقَلْبِ(1).
وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْوَسْوَسَةُ: الْخَطْرَةُ الرَّدِيئَةُ(2).
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: الْوَسْوَسَةُ: الإِلْقَاءُ الْخَفِيُّ فِي النَّفْسِ إِمَّا بِصَوْتٍ خَفِيٍّ لاَ يَسْمَعُهُ إِلاَّ مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ، وَإِمَّا بِغَيْرِ صَوْتٍ كَمَا يُوَسْوِسُ الشَّيْطَانُ إِلَى الْعَبْدِ(3).
أنواع الوسوسة:
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}: يَعْنِي أَنَّ الْوَسْوَاسَ نَوْعَانِ: إِنْسٌ وَجِنٌّ، فَإِنَّ الْوَسْوَسَةَ الإِلْقَاءُ الْخَفِيُّ، لَكِنَّ الإِلْقَاءَ الإِنْسِيَّ بِوَاسِطَةِ الأُذُنِ، وَالْجِنِّيُّ لاَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا.
الفرق بين الوسوسة والإلهام وما أشبههما مما يقع في النفس:
تُقَالُ الْوَسْوَسَةُ لِمَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنَ الشَّرِّ، أَمَا الإِلْهَامُ فَهُوَ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ، وَلِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْخَوْفِ إِيجَاسٌ، وَلِمَا يَقَعُ مِنْ تَقْدِيرِ نَيْلِ الْخَيْرِ أَمَلٌ، وَلِمَا يَقَعُ مِنْ تَقْدِيرٍ لاَ عَلَى الإِنْسَانِ وَلاَ لَهُ خَاطِرٌ(4).
الآيات الواردة في "الوسوسة"
{وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى(119)فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى(120)فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى(121)ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى(122)}(5)
__________
(1) بصائر ذوي التمييز (5‍/8‍‍‍).
(2) المفردات للراغب (2‍‍‍)، وانظر التوقيف (7‍‍‍).
(3) مخطوط هدية المحب ( ورقة 4‍‍‍) .
(4) الكليات للكفوي (1‍‍‍).
(5) طه : 119-122مكية.

(1/2)


{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16)إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ(17)مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(18)}(1)
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(1)مَلِكِ النَّاسِ(2)إِلَهِ النَّاسِ(3)مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ(4)الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ(5)مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(6)}(2)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الوسوسة"
1‍- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ
J قَالَ: [إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ أَحَالَ(3) لَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ. فَإِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ. فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ])*(4).
2‍- *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي عَمَّا وَسْوَسَتْ - أَوْ حَدَّثَتْ - بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ])*(5).
3‍- *(عَنْ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ
J عَنِ الْوَسْوَسَةِ، قَالَ: [تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ(6)])*(7).
__________
(1) ق : 16-18مكية.
(2) الناس : 1-6مكية.
(3) أحال: ذهب هاربًا.
(4) البخاري - الفتح3‍(1‍‍‍‍)، ومسلم(9‍‍‍) واللفظ له.
(5) البخاري - الفتح1‍‍(4‍‍‍‍).
(6) محض الإيمان: معناه: سبب الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسة علامة محض الإيمان.
(7) مسلم (3‍‍‍).

(1/3)


4‍- *(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ])*(1).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الوسوسة" معنًى
5 - *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J قَالَ: [إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ])*(2).
6 - *(عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
J يَقُولُ: [إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ(3)])*(4).
__________
(1) أبو داود رقم(27)، والنسائي(1‍/4‍‍)، وابن ماجة (4‍‍‍) واللفظ للنسائي وابن ماجة وقال محقق جامع الأصول(7‍/8‍‍‍): حديث حسن.
(2) البخاري . الفتح3‍(2‍‍‍‍).
(3) ولكن في التحريش بينهم: أي ولكنه يسعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها.
(4) مسلم (2‍‍‍‍).

(1/4)


7 - *(عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ J يَقُولُ: [إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ(1) لابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، قَعَدَ فِي طَرِيقِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ: تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ آبَائِكَ؟ فَعَصَاهُ وَأَسْلَمَ، وَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ؟ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي الطُّولِ(2)، فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: تُجَاهِدُ؟ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ، فَتُنكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ المَالُ؟ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ])*(3).
__________
(1) إن الشيطان قعد: قد جاء في لفظ الحديث، قال: [قعد الشيطان لابن آدم بأطرقه] يريد جمع طريق، والمعروف في جمع طريق: أطرقة، وهوجمع قلة، والكثرة: طرق، فأما [أطرق] في جمع طريق فلم أسمعه ولا رأيته، وأما أفعله في جمع فعيل، فقد جاء كثيرا، قالوا: رغيف وأرغفة، وجريب وأجربة، وكثيب وأكثبة، وسرير وأسرة، فأما أفعل في جمع فعيل: فلم يجىء إلا فيما كان مؤنثا نحو: يمين وأيمن، فإن كان نظر في جمع طريق إلى جواز تأنيثها، فجمعها جمع المؤنث، فقال: طريق وأطرق، فيجوز، فإن الطريق يذكر ويؤنث، تقول: الطريق الأعظم، والطريق العظمى.
(2) الطول: الحبل الطويل تربط به الفرس لترعى.
(3) النسائي(6‍/1‍‍‍‍) وقال محقق جامع الأصول (9‍/1‍‍‍) واللفظ له: إسناده حسن، وقال الحافظ في الإصابة: إسناده حسن وصححه ابن حبان.

(1/5)


8- *(عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ J فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي صَلَّيْتُ فَلَمْ أَدْرِ أَشَفَعْتُ أَمْ أَوْتَرْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: إِيَّايَ وَأَنْ يَتَلَعَّبَ بِكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلاَتِكُمْ، مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ فَلَمْ يَدْرِ أَشَفَعَ أَمْ أَوْتَرَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ. فَإِنَّهُمَا إِتْمَامُ صَلاَتِهِ])*(1).
9 - *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J: [لاَ يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا، خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ(2)])*(3).
__________
(1) الهيثمي في المجمع(2‍/0‍‍‍) وقال: رواه أحمد من طريقين رجالهما ثقات.
(2) فليقل آمنت بالله: معناه الإعراض عن هذا الخاطر والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه . قال الإمام المازري ـ رحمه الله ـ: ظاهر الحديث أنه
J أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال، ولا نظر في إبطالها، قال: والذي يقال في هذا المعنى إن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا أوجبتها شبهة طرأت، فهي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا يحمل الحديث، وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة، فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل، إذ لا أصل ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة، فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها.
(3) مسلم(4‍‍‍).

(1/6)


10 - *(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ(1)]) *(2).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "الوسوسة"
1‍- *( نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ فِي قَوْلِهِ تَعَالَىَ {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (الناس/4‍) قَالَ: الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ ابنِ آدَمَ. فَإِذَا سَهَا وَغَفَلَ وَسْوَسَ. فَإِذَا ذَكَرَ خَنَسَ)*(3).
2 - *(قَالَ الْبَغَوِيُّ: الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ عَلَى قَلْبِ الإِنْسَانِ، فَإِذَا ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ، وَإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ، وَقَالَ: الْخَنَّاسُ لَهُ خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الْكَلْبِ فِي صَدْرِ الإِنْسَانِ فَإِذَا ذكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ، وَيُقَالُ: كَرَأْسِ الْحَيَّةِ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى ثَمَرَةِ الْقَلْبِ يُمَنِّيهِ وَيُحَدِّثُهُ، فَإِذَا ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ يَرْجِعُ وَيَضَعُ رَأْسَهُ)*(4).
3 - *(وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (الناس/5‍) بِالْكَلاَمِ الْخَفِيِّ الَّذِي يَصِلُ مَفْهُومُهُ إِلَى الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ)*(5).
من مضار"الوسوسة"
__________
(1) فليستعذ بالله ولينته: معناه إذا عرض له هذا الوسواس، فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسمى بالفساد والإغراء، فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها، بالاشتغال عنها.
(2) مسلم(4‍‍‍).
(3) تفسير ابن كثير(4‍/5‍‍‍).
(4) تفسير البغوي (0‍‍/8‍‍‍).
(5) المصدر السابق نفسه، والصفحة نفسها .

(1/7)


(1‍) طَرِيقٌ إِلَى الشَّكِّ. وَالشَّكُ فِي اللهِ كُفْرٌ.
(2‍) تُفْقِدُ الإِنْسَانَ ثِقَتَهُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ.
(3‍) يَنْفُرُ النَّاسُ مِنْ صَاحِبِ الْوَسْوَاسِ وَيَبْتَعِدُون عَنْهُ.
(4‍) المُوَسْوِسُ لاَ تَكْمُلُ لَهُ عِبَادَةٌ وَلاَ يَسْتَقِرُّ لَهُ فِكْرٌ.
(5‍) يُشَدِّدُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي دَائِرَةِ الْمَحْظُورِ.
(6‍) قَدْ يَصِلُ الأَمْرُ بِالْمُوَسْوِسِ إِلَى الْهَلْوَسَةِ ثُمَّ الْجُنُونِ.=

الاستهزاء
الاستهزاء لغة:
الاسْتِهْزَاءُ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ: اسْتَهْزَأَ يَسْتَهْزِىءُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَادَّةِ (هـ ز أ)، الَّتِي تَدُلُّ عَلَى السُّخْرِيَةِ، أَوْ عَلَى مَزْحٍ فِي خِفْيَةٍ، أَوْ عَلَى السُّخْرِيَةِ وَاللَّعِبِ(1)، يُقَالُ: هَزِئْتُ بِهِ، وَاسْتَهْزَأْتُ، وَالاسْتِهْزَاءُ ارْتِيَادُ الهُزُءِ، وَإِنْ كَانَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ تَعَاطِيهِ، كَالاسْتِجَابَةِ فِي كَوْنِهَا ارْتِيَادًا (طَلَبًا لِلإِجَابَةِ) وَإِنْ كَانَتْ تَجْرِي مَجْرَى الإِجَابَةِ، وَفِي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ { إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ} قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: سَاخِرُونَ، وَقِيلَ: مُكَذِّبُونَ بِمَا نُدْعَى إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: { اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (البقرة/ 5‍‍). ذَكَرَ الرَّاغِبُ: أَنَّ الْمَعْنَى يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ الهُزُءِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَمْهَلَهُمْ مُدَّةً ثُمَّ أَخَذَهُمْ فَسَمَّى إِمْهَالَهُمُ اسْتِهْزَاءً مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمُ اغْتَرُّوا بِهِ اغْتِرَارَهُمْ بِالهُزُءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالاسْتِدْرَاجِ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ إِثْبَاتُ صِفَةِ الاسْتِهْزَاءِ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- حَقِيقَةً عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ مَعَ إِثْبَاتِ لاَزِمِهَا.
__________
(1) إلى الرأي الأول ذهب ابن فارس في المقاييس (6‍/2‍‍)، وإلى الثاني ذهب الراغب في المفردات (3‍‍5‍)، وإلى الثالث ذهب القرطبي في تفسيره (1‍/5‍4‍1‍)، وقد ذكر القرطبي قولاً رابعًا في تفسير معنى الاستهزاء فقال: وقيل أصل الاستهزاء الانتقام.

(1/1)


وَقَالَ القُرْطُبِيُّ: سَمَّى العُقُوبَةَ بِاسْمِ الذَّنْبِ ، وَقِيلَ: اللهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ فِي الآخِرَةِ، يَفْتَحُ لَهُمْ بَابَ جَهَنَّمَ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: تَعَالَوْا، فَيُقْبِلُونَ يَسْبَحُونَ فِي النَّارِ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الأَرَائِكِ، وَهِيَ السُّرُرُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى البَابِ سُدَّ عَنْهُمْ، فَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ(1).
الاستهزاء اصطلاحًا:
الاسْتِهْزَاءُ: ارْتِيَادُ الهُزْءِ وَيُعَبَّرُ بِهِ أَيْضًا عَنْهُ(2).
وَقَالَ أَبُو هِلاَلٍ العَسْكَرِيُّ: إِنَّ الاسْتِهْزَاءَ لاَ يَسْبِقُهُ فِعْلٌ مِنْ أَجْلِهِ يُسْتَهْزَأُ بِصَاحِبِهِ(3).
وَمِنْ هُنَا يُمْكِنُ القَوْلُ بِأَنَّ الاسْتِهْزَاءَ هُوَ: ارْتِيَادُ أَوْ طَلَبُ الهُزْءِ دُونَ أَنْ يَسْبِقَ مِنَ الْمَهْزُوءِ مِنْهُ فِعْلٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
الآيات الواردة في "الاستهزاء"
الاستهزاء في سياق كون المستهزئين صنف فسدت طبيعته :
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(57)وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ(58)}(4)
{وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ(32)}(5)
__________
(1) انظر مفردات الراغب ( ص 2‍4‍5‍)، وتفسير القرطبي (1‍/6‍4‍1‍)، وذكر آراء أخرى ليس هنا محل إيرادها .
(2) التوقيف على مهمات التعاريف (ص 0‍5‍)، وأصل ذلك في المفردات للراغب (ص3‍4‍5‍).
(3) الفروق في اللغة (ص 9‍4‍2‍) .
(4) المائدة : 57 – 58 مدنية
(5) الرعد : 32 مكية

(1/2)


{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ(94)إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ(95)}(1)
{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(30)}(2)
الاستهزاء في سياق الترفع عنه وعن مجالسة المستهزئين :
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ(67)}(3)
{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا(140)}(4)
الاستهزاء في سياق التهديد بالعذاب :
{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(33)وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(34)ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمْ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لاََ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاََ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ(35)فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(36)وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(37)}(5)
الاستهزاء وارد في سياق كونه سبب العقوبة :
__________
(1) الحجر : 94 – 95 مكية
(2) يس : 30 مكية
(3) البقرة : 67 مدنية
(4) النساء : 140 مدنية
(5) الجاثية : 33-37مكية

(1/3)


{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ(7)وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(8)}(1)
{وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون(41)}(2)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الاستهزاء"
1 - *( عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي مَجْلِسٍ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلاَءِ أَرْغَبَ بُطُونًا وَلاَ أَكْذَبَ أَلْسُنًا وَلاَ أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ فِي الْمَسْجِدِ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللهِ
J فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ J وَنَزَلَ القُرْآنُ، فَقَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ: وَأَنَا رَأَيْتُهُ مُتَعَلِّقًا بِحَقَبِ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ J، تَنْكِبُهُ الحِجَارَةُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وَرَسُولُ اللهِ J يَقُولُ: [أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ])*(3).
__________
(1) هود : 7 – 8 مكية
(2) الأنبياء : 41 مكية
(3) ابن جرير (0‍1‍/9‍1‍1‍)، ابن أبي حاتم (4‍/4‍6‍)، ابن كثير (2‍/8‍6‍3‍) واللفظ له وقال مخرج فتح المجيد: حسن (5‍8‍3‍).

(1/4)


2-*(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ J، اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا)*(1).
__________
(1) البخاري - الفتح 8‍(2‍2‍6‍4‍).

(1/5)


3 - *( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ J: [لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ، فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ، فَقَعَدَ(1) مُعْتَزِلاً حَزِينًا، قَالَ: فَمَرَّ عَدُوُّ اللهِ أَبُوجَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِىءِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:[نَعَمْ] قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ. [إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي(2) اللَّيْلَةَ]، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: [إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ]قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرانَيْنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَمْ يُرِ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الحَدِيثَ إِذَا دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثُهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ J: [نَعَمْ]، فَقَالَ: هَيَّا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ قَالَ: فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ،وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J: [إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ ] قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قُلْتُ: [إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ]، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ قَالَ: [نَعَمْ]، قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ، وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ،مُتَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ زَعَمَ! قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ، وَفِي القَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ البَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ J:[فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ
__________
(1) في المسند: قَعَدَ، وفي مجمع الزوائد (1‍/4‍6‍، 5‍6‍) قَعَدْتُ.
(2) عند الشيخ شاكر [ أسري به ].

(1/6)


النَّعْتِ]، قَالَ: [فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ، حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ أَوْ عُقَيْلٍ، فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، قَالَ: وَكَانَ مَعَ هَذَا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْهُ]، قَالَ: فَقَالَ القَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللهِ لَقَدْ أَصَابَ )*(1).
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "الاستهزاء" معنًى
4- *( عَنْ أُمِّ هَانِىءٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ عَنِ النَّبِيِّ
J فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}قَالَ: كَانُوا يَخْذِفُونَ(2) أَهْلَ الأَرْضِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ )*(3).
5 - *( عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ:أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ،قَالَ:كُنَّا نُحَامِلُ،قَالَ:فَتَصَدَّقَ أَبُوعَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ قَالَ: وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهُ. فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ:إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إِلاَّ رِيَاءً. فَنَزَلَتْ:{(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} (التوبة/9‍‍))*(4).
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في ذَمِّ "الاستهزاء"
__________
(1) أحمد (1‍/9‍0‍3‍) وقال الشيخ أحمدشاكر: إسناده صحيح، وقال الهيثمي في المجمع(1‍/64): رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2) الخذف: أصله رمي الحصاة بين السبابة والإبهام، والقصد أنهم يحتقرون أهل الأرض.
(3) الترمذي (0‍9‍1‍3‍) وقال: هذا حديث حسن، والحاكم(2‍/409)، وصححه ووافقه الذهبي.
(4) البخاري - الفتح 8‍(8‍6‍6‍4‍)0‍ومسلم (8‍1‍0‍1‍) واللفظ له.

(1/7)


1‍- *( قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ لِرَجُلٍ قَالَ لَهُ: إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ تَطْلِيقَةٍ، فَمَاذَا تَرَى عَلَيَّ؟ قَالَ: طُلِّقَتْ مِنْكَ لِثَلاَثٍ، وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا)*(1).
2‍- *( قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ـ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا خَلَوْا إِلَى مَرَدَتِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فِي تَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ
J وَمَا جَاءَ بِهِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ بِمَا نُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ قَوْلِنَا لَهُمْ مُسْتَهْزِئُونَ فَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ فَيُظْهِرُ لَهُمْ مِنْ أَحْكَامِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ عِصْمَةِ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ خِلاَفَ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ العَذَابِ وَالنَّكَالِ])*(2).
من مضار "الاستهزاء"
(1‍) دَلِيلُ كِبْرِ النَّفْسِ وَاحْتِقَارِ الآخَرِينَ.
(2‍) طَرِيقٌ مُوصِلٌ إِلَى النَّارِ وَغَضَبِ الجَبَّارِ.
(3‍) بُعْدُ النَّاسِ عَنِ الْمُسْتَهْزِىِْ لِخَوْفِهِمْ مِنْهُ وَعَدَمِ سَلاَمَتِهِمْ مِنْهُ.
(4‍) يَصْرِفُ عَنْ قَبُولِ الحَقِّ وَاسْتِمَاعِ النُّصْحِ.
(5‍) يَسُودُ بَيْنَ الطُّغَاةِ وَسِفْلَةِ الأَقْوَامِ.
(6‍) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ عَمِيُّ القَلْبِ لاَ يَرَى مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ غَيْرَهُ عَلَيْهِ.
(7‍) آيَةٌ عَلَى جَهَالَةِ صَاحِبِهِ لأَنَّ مَنْ عَلِمَ قَدْرَ اللهِ لَمْ يَحْتَقِرْ عِبَادَهُ.
(8‍) يُشِيعُ فِي الأُمَّةِ الكَرَاهِيَةَ الْمَقِيتَةَ.
__________
(1) الموطأ (0‍5‍5‍) طبعة دار إحياء الكتب العربية
(2) تفسير ابن كثير ( 1‍/ 2‍5‍،3‍5‍)=

البهتان
البهتان لغةً :
البُهْتَانُ: هُوَ الاسْمُ مِنَ البَهْتِ، وَهُوَ مَأْخوذٌ مِنْ مَادَّةِ (ب هـ ت) الَّتِي يَدُورُ مَعْنَاهَا حَوْلَ الدَّهَشِ والْحَيْرَةِ، وَتَتَّصِلُ فُرُوعُهَا بِهَذَا الأَصْلِ وَتَتَقَارَبُ يُقَالُ: بُهِتَ الرَّجُلُ، يُبْهَتُ بَهْتًا، والْبَهْتَةُ الْحَيْرَةُ، فَأَمَّا الْبُهْتَانُ فَالْكَذِبُ، يَقُولُ الْعَرَبُ: يَالَلْبَهْتَةِ، أَيْ يَالَلْكَذِبِ]، قَالَ - تَعَالَى - {هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} أَيْ كَذِبٌ يَبْهَتُ سَامِعَهُ لِفَظَاعَتِهِ.
يَقُولُ الْجَوْهَرِيُّ: وَبَهِتَ الرَّجُلُ - بالْكَسْرِ - إِذَا دَهِشَ وَتَحَيَّرَ، وَبَهُتَ - بِالضَّمِّ - مِثْلُهُ، وَأَفْصَحُ مِنْهُمَا بُهِتَ، كَمَا قَالَ: جَلَّ ثنَاؤُهُ {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} لأَنَّهُ يُقَالُ: رَجُلٌ مَبْهُوتٌ، وَلاَ يُقَالُ: بَاهِتٌ، وَلاَ بَهِيتٌ.
وَاْلبَهِيتَةُ: الْبَاطِلُ الَّذِي يُتَحَيَّرُ مِنْ بُطْلاَنِهِ.
وَاْلبُهْتَانُ: مِنْ بَهَتَ الرَّجُلَ يَبْهَتُهُ بَهْتًا، وَبَهَتًا، وَبُهْتَانًا، فَهُوَ بَهَّاتٌ: أَيْ قَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ، فَهُوَ مَبْهُوتٌ . وَبَهَتَهُ بَهْتًا: أَخَذَهُ بَغْتَةً، وفِي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {بَلْ تَأْْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ} .
وَالبُهْتَانُ: افْتِرَاءٌ . وفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} .
وَبَاهَتَهُ: اسْتَقْبَلَهُ بِأَمْرٍ يَقْذِفُهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْهُ بَرِيءٌ لاَ يَعْلَمُهُ فَيَبْهَتُ مِنْهُ، وَالاِسْمُ الْبُهْتَانُ.

(1/1)


وَبَهَتَ فُلاَنٌ فُلاَنًا إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ، وَبَهِتَ وَبُهِتَ إِذَا تَحَيَّرَ، وَقَولُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ} ، أَيْ لاَ يَأْتِينَ بِوَلَدٍ عَنْ مُعَارَضَةٍ مِنْ غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ، فَيَنْسِبْنَهُ لِلزَّوْجِ، فَإِنَّ ذَلِكَ بُهْتَانٌ وَفِرْيَةٌ، يُقَالُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَقِطُهُ فَتَتَبَنَّاهُ.
وَالبُهْتُ وَالْبَهِيتَةُ: الْكَذِبُ، وَفِي حَدِيثِ الْغِيبَةِ: [وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدْ بَهَتَّهُ] أَيْ كَذَبْتَ وَافْتَرَيْتَ عَلَيْهِ .
واصطلاحًا:
الْبُهْتَانُ: هُوَ الْكَذِبُ وَالافْتِرَاءُ الْبَاطِلُ الَّذِي يُتَحَيَّرُ مِنْهُ.
وَقَالَ الْكَفَوِيُّ: الْبُهْتَانُ: هُوَ الْكَذِبُ الَّذِي يَبْهَتُ سَامِعَهُ أَيْ يَدْهَشُ لَهُ وَيَتَحَيَّرُ. وَهُوَ أَفْحَشُ مِنَ الكَذِبِ، وَإِذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَقُولِ فيه كَانَ افْتِرَاءً.
الفرق بين البهتان والاغتياب والافتراء والإفك:
تَتَقَارَبُ مَعَانِي هَذِهِ الأَلْفَاظِ، بَيْدَ أَنَّهَا عِنْدَ التَّدْقِيقِ مِمَّا تَخْتَلِفُ دَلاَلَتُهُ وَتَتَفَاوَتُ، فَالاغْتِيَابُ هُوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ شَخْصٌ خَلْفَ إِنْسَانٍ مَسْتُورٍ، بِكَلاَمٍ هُوَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْكَلاَمُ فِيهِ فَهُو بُهْتَانٌ، وَالكَذِبُ الفَاحِشُ الَّذِي يُدْهَشُ لَهُ سَامِعُهُ هُوَ بُهْتَانٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْمَقُولِ فِيهِ، فَإنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ كَانَ افْتِرَاءً،سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ أَوْ عَنْ غَيرِ قَصْدٍ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ كَانَ إِفْكًا(1).
حُكْم البُهْتَان:
__________
(1) بتلخيص عن الكفوي في الكليات (4‍‍‍ـ 9‍‍‍).

(1/2)


عَدَّ ابْنُ حَجَرٍ البُهْتَانَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشَدُّ مِنَ الْغِيبَةِ، إِذْ هُوَ كَذِبٌ فَيَشُقُّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، بِخِلاَفِ الْغِيبَةِ الَّتِي لاَ يَشُقُّ عَلَى بَعْضِ الْعُقَلاَءِ لأَنَّهَا فِيهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ الَّذِي خَرَّجَهُ أَحْمَدُ: [خَمْسٌ لَيْسَتْ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبَهْتُ مُؤْمِنٍ، وَالفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ (أَيْ كَاذِبَةٌ) يَقْتَطِعُ بِهَاَ مَالاً بِغَيْرِ حَقٍّ].
معاني البهتان في القرآن الكريم:
مِنْ مَعَانِي الْبُهْتَانِ : الأوَّلُ: الْكَذِبُ ، وَالثَّانِي: الزِّنَا ، وَالثاَّلِثُ: الْحَرَامُ.
الآيات الواردة في "البهتان"
{وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(20)وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(21)}(1)
{وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(111)وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(112)}(2)
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا(57)وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(58)}(3)
__________
(1) النساء : 20 – 21 مدنية
(2) النساء : 111 – 112 مدنية
(3) الأحزاب : 57 – 58 مدنية

(1/3)


{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(12)}(1)
الأحاديث الواردة في ذَمِّ "البهتان"
1‍- *( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ
J قَالَ: [أَتَدْرُونَ مَا الغِيبَةُ؟] قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ] قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟. قَالَ: [إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ. وإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ(2)])(3).
__________
(1) الممتحنة : 12 مدنية
(2) بهته: يقال: بَهَتُّه، قُلْتُ فيه البهتان، وهو الباطل، والغِيبة ذكر الإنسان في غِيبته بما يكره، وأصل البهت أن يقال له الباطل في وجهه، وهما حرامان، لكن تباح الغيبة لغرض شرعي.
(3) مسلم (9‍‍‍‍).

(1/4)


2‍- *( عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْراً، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ J قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَاَبَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: [بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاتَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلواُ أوْلاَدَكُمْ، وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَ سَتَرهُ اللهُ فَهُوَ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ] فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ)*(1).
3 - *(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك ٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
J [ لَمَاَّ عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ. فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ])*(2).
__________
(1) البخاري- الفتح 1‍(8‍‍) .
(2) أحمد (3‍/4‍‍‍)، أبو داود (8‍‍‍‍) واللفظ له، وقال الألباني (3‍/3‍‍‍): صحيح.

(1/5)


4 - *( عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ J خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: [مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ]، وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ قَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِي؟ فَأَذِنَ لَهَا وَأَرْسَلَ مَعَهَا الغُلاَم، وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ اْلأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذاَ، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ)*(1).
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذَمِّ "البهتان"
1‍- *( عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ يَوْمًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَهْ؟ غَفَرَ اللهُ لَكَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ)*(2).
__________
(1) البخاري- الفتح 3‍‍(0‍‍‍‍).
(2) الموطأ (2‍/8‍‍‍) واللفظ له، وقال محقق جامع الأصول (1‍‍/8‍‍‍و 9‍‍‍): إسناده صحيح.

(1/6)


2‍- *(قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} أيْ يَنْسِبُونَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ بَرَاءٌ مِنْهُ لَمْ يَعْمَلُوهُ وَلَمْ يَفْعَلوُهُ {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينَا} (الأحْزاب/8‍‍)، وَهَذَا هُوَ الْبُهْتُ الْكَبِيرُ أَنْ يَحْكِيَ أَوْ يَنْقُلَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مَا لَمْ يَفْعَلُوهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَيْبِ وَالتَّنَقُّصِ لَهُمْ، وَمِنْ أَكْثَرِ مَنْ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْوَعِيدِ الْكَفَرَةُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، ثُّمَ الرَّافِضَةُ الَّذِينَ يَنْتَقِصُونَ الصَّحَابَةَ وَيَعِيبُونَهُمْ بِمَا قَدْ بَرَّأَهُمُ اللهُ مِنْهُ وَيَصِفُونَهُمْ بِنَقِيضِ مَا أَخْبَرَ اللهُ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَدَحَهُمْ، وَهَؤُلاَءِ الْجَهَلَةُ الأَغْبِيَاءُ يَسُبُّونَهُمْ وَيَنْتَقِصُونَهُمْ وَيَذْكُرُونَ عَنْهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ وَلاَ فَعَلُوهُ أَبَداً، فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ مُنَكَّسُوا الْقْلُوبِ، يَذُمُّونَ الْمَمْدُوحِينَ، وَيَمْدَحُونَ الْمَذْمُومِينَ)*(1).
3 - *( يُقَالُ: رَأْسُ الْمَآثِمِ الْكَذِبُ، وَعَمُومُ الْكَذِبِ البُهْتَانُ)*(2).
من مضار "البهتان"
(1‍) تَسْتَجْلِبُ سَخَطَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالمْلاَئِكَةِ المُقَرَّبِينَ.
(2) صَاحِبُ الْبُهْتَانِ مَبْغُوضٌ مِنَ النَّاسِ، وَمُحْتَقَرٌ عِنْدَ عِبَادِ اللهِ.
(3‍) الْبُهْتَانُ يُفْسِدُ الْمُجْتَمَعَ وَيُشِيعُ الْفَوَاحِشَ.
(4‍) يَعِيشُ صَاحِبُ الْبُهْتَانِ مُضْطَرِبَ النَّفْسِ لاَ يَهْنَأُ بِعَيْشٍ وَلاَ يَعْرِفُ لِلسَّعَادَةِ سَبِيلاً.
__________
(1) تفسير ابن كثير . (3‍/7‍‍‍، 8‍‍‍).
(2) المستطرف (1‍/7‍‍‍).

(1/7)


(5‍) صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
(6‍) يَقْلِبُ صَاحِبُهَا الحَقَّ بَاطِلاً، وَالبَاطِلَ حَقًّا وَيُبَرِّيءُ المُتَّهَمَ وَيَتَّهِمُ البَرِيءَ. 
888888888

 

8888888888

 

888888888

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق