الاثنين، 7 يونيو 2021

5 / البيهقي اللأسماء واالصفات الجزء الخامس كتاب : الأسماء والصفات المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر

 البيهقي اللأسماء واالصفات الجزء الخامس

كتاب : الأسماء والصفات
المؤلف : البيهقي أحمد بن الحسين أبو بكر


قالت له الملائكة ـ ينظرون ما بلغ علمه ـ : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء . قالوا : لم سميت حواء ؟ قال : لأنها خلقت من شيء حي . فقال الله تعالى : {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما} . وذكر القصة
821- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ الْمُقْرِئُ بِوَاسِطَ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، وَأَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، قَالا : أنا إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ : إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ : اكْتُبْ رِزْقَهُ وَعَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيُّ أُمْ سَعِيدٌ ، فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ

حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَهَا ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من وجه آخر ، عَنِ الأَعْمَشِ

822- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، مِنْ أَصْلِهِ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ قَالَ عَمَّارٌ : فَقُلْتُ لِلأَعْمَشِ : مَا يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ؟ قَالَ : حَدَّثَنِي خَيْثَمَةُ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْلُقَ مِنْهَا بَشَرًا ، طَارَتْ فِي بَشَرَةِ الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفُرٍ وَشَعْرَةٍ ، ثُمَّ يَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ يُتْرَكُ دَمًا فِي الرَّحِمِ فَذَلِكَ جَمْعُهَا
823- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا

يَعْقُوبُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ الأَسْوَدِ ، حَدَّثَنَا أُنَيْسُ بْنُ سَوَّارٍ الْجَرْمِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ خَلْقَ عَبْدٍ فَجَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ ، طَارَ مَاؤُهُ فِي كُلِّ عِرْقٍ وَعُضْوٍ مِنْهَا ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ جَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ أَحْضَرَهُ كُلَّ عِرْقٍ لَهُ دُونَ آدَمَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ
824- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو عبد الله بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، أَخْبَرَنَا جعفر بن عون ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله

تعالى {والذين يتوفون منكم} الآية ، فقلت لأبي العالية : لأي شيء ضمت هذه العشرة الأيام إلى الأربعة الأشهر ؟ قال : لأنه ينفخ فيه الروح في العشرة
825- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ
826- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب ، أَخْبَرَنَا أبو حاتم الرازي ، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى ، حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله : {وجعلنا من الماء كل شيء حي} قال : نطفة الرجل
827- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ

بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْجِنُّ ثَلاثَةُ أَصْنَافٍ : صِنْفُ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلابٌ ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ قُلْتُ : وَآيَاتُ الْقُرْآنِ وَأَخْبَارُ الرَّسُولِ فِي خَلْقِ اللهِ تَعَالَى وَأَفْعَالِهِ كَثِيرَةٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ مَا قَصَدْنَاهُ
828- أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو حامد بن بلال ، حَدَّثَنَا يحيى بن الربيع المكي ، حَدَّثَنَا سفيان ، حَدَّثَنَا أبو حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما

قال : إن مما خلق الله تعالى درة بيضاء دفتاه} ياقوتة} حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، بكل نظرة يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويغل ويفك ويفعل ما يشاء ، فذلك قوله تبارك وتعالى : {كل يوم هو في شأن}
829- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد السلام ، حَدَّثَنَا إسحاق هو الحنظلي ، حَدَّثَنَا عبد الرزاق ، عن عمر بن حبيب

المكي ، عن حميد بن قيس الأعرج ، عن طاووس ، قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فسأله : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب . قال الرجل : فمم خلق هؤلاء ؟ قال : لا أدري . ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فسأله ، فقال مثل قول عبد الله بن عمرو ، قال : فأتى الرجل عبد الله بن عباس فسأله فقال : مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة والريح والتراب . قال الرجل : فمم خلق هؤلاء ؟ فتلا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} فقال الرجل : ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : أراد أن مصدر الجميع منه أي من خلقه ، وإبداعه واختراعه ، خلق الماء أولا أو الماء وما شاء من خلقه لا عن أصل ولا على مثال سبق ، ثم جعله أصلا لما خلق بعده ، فهو المبدع وهو البارئ لا إله غيره ولا خالق سواه
830- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا العباس بن محمد ، حَدَّثَنَا يحيى بن معين ، حَدَّثَنَا علي بن ثابت ، حَدَّثَنَا القاسم بن سلمان ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : إن لله عبادا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس ما يرون أن الله عز وجل عصاه مخلوق ، رضراضهم} الدر والياقوت} ، وجبالهم الذهب والفضة ، لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملا ، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم ، وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم
831- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أحمد بن يعقوب الثقفي ، حَدَّثَنَا عبيد بن غنام النخعي ، أَخْبَرَنَا علي بن حكيم ، حَدَّثَنَا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، أنه قال : {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال : سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم كإبراهيم ، وعيسى كعيسى

832- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس ، حَدَّثَنَا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله عز وجل : {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال : في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام . إسناد هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما صحيح ، وهو شاذ بمرة ، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا والله أعلم
833- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو عبد الله بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، أَخْبَرَنَا جعفر بن عون ، أَخْبَرَنَا أسامة بن زيد ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، قال : رأيت ابن عباس رضي الله عنهما يسأل تبيعا : هل سمعت كعبا يذكر السحاب

بشيء ؟ قال : سمعت كعبا يقول : إن السحاب غربال للمطر ، ولولا السحاب لأفسد المطر ما يقع عليه قال : صدقت ، وأنا قد سمعته . قال : وسمعت كعبا يذكر أن الأرض تنبت العام نبتا وقابل غيره ؟ قال : نعم . قال : وسمعت كعبا يقول : إن البذر ـ يعني بذر الحشيش ـ ينزل مع المطر فيخرج في الأرض ؟ قال : نعم . قال : صدقت وأنا قد سمعته

باب ما جاء في معنى قول الله عز وجل : {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالطُّورِ ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ : {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} ، كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ
834- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : زَادَنِي أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَعْقِلٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ ، فَذَكَرَهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِنَّمَا كَانَ انْزِعَاجُهُ عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الآيَةِ ، لِحُسْنِ تَلَقِّيهِ مَعْنَى الآيَةِ وَمَعرِفَتِهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ بَلِيغِ الْحُجَّةِ ، فَاسْتَدْرَكَهَا بِلَطِيفِ طَبْعِهِ ، وَاسْتَشَفَّ مَعْنَاهَا بِذَكِيِّ فَهْمِهِ ، وَهَذِهِ الآيَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ ، قَالَ : فَهِيَ أَصْعَبُ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ : لَيْسَ هُمْ
بِأَشَدَّ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، لأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، وَهُمْ خُلِقُوا مِنْ آدَمَ ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ قَالَ : وَقِيلَ قَوْلٌ آخَرُ : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَمْ خُلِقُوا لِغَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَيْ خُلِقُوا بَاطِلا لا يُحَاسَبُونَ وَلا يُؤْمَرُونَ وَلا يُنْهَوْنَ قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ : وَهَهُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَجْوَدُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ ، وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِنَظْمِ الْكَلامِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ خَلَقَهُمْ ، فَوُجِدُوا بِلا خَالِقٍ ، وَذَلِكَ مَا لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ، لأَنَّ تَعَلُّقَ الْخَلْقِ بِالْخَالِقِ مِنْ ضَرُورَةِ الأَمْرِ ، فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ ، فَإِذْ قَدْ أَنْكَرُوا الإِلَهَ الْخَالِقَ ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَدُوا بِلا خَالِقٍ خَلَقَهُمْ أَفْهُمُ الْخَالِقُونَ لأَنْفُسِهِمْ ؟ وَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ أَكْثَرُ ، وَفِي الْبَاطِلِ أَشَدُّ ، لأَنَّ مَا لا وُجُودَ لَهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْقُدْرَةِ ، وَكَيْفَ يَخْلُقُ وَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْفِعْلُ ، وَإِذَا بَطَلَ الْوَجْهَانِ مَعًا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا فَلْيُؤْمِنُوا بِهِ إِذًا ثُمَّ قَالَ : أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ ، أَيْ : إِنْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَلْيَدَّعُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَذَلِكَ شَيْءٌ لا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَدَّعُوهُ بِوَجْهٍ ، فَهُمْ مُنْقَطِعُونَ ، وَالْحُجَّةُ لازِمَةٌ لَهُمْ مِنَ الْوَجْهَيْنِ مَعًا ، ثُمَّ قَالَ : بَلْ لا يُوقِنُونَ فَذَكَرَ الْعِلَّةَ الَّتِي عَاقَتْهُمْ عَنِ الإِيمَانِ ، وَهِيَ عَدَمُ الْيَقِينِ الَّذِي هُوَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلا يُنَالُ إِلاَّ بِتَوفِيقِهِ ، وَلِهَذَا كَانَ انْزِعَاجُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ : كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا بَابٌ لا يَفْهَمُهُ إِلاَّ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ قُلْتُ : وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ ، وَقَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ، مِنْ غَيْرِ رَبٍّ ، أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ، يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ

باب ما جاء في العرش والكرسي
قال الله عز وجل : {وكان عرشه على الماء}.
وقال تعالى : {وهو رب العرش العظيم}.
وقال جَلَّ وعلا : {ذو العرش المجيد}.
وقال جلت عظمته : {وترى الملائكة حافين من حول العرش}.
وقال تعالى : {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم} الآية . وقال تبارك وتعالى : {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير ، وأنه جسم مجسم ، خلقه الله تعالى وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به ، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة . وفي أكثر هذه الآيات دلالة على صحة ما ذهبوا إليه ، وفي الأخبار والآثار الواردة في معناه دليل على صحة ذلك . وقال تبارك وتعالى : {وسع كرسيه السماوات والأرض} . وروينا عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : علمه . وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره تدل على أن المراد به الكرسي المشهور المذكور مع العرش
835- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ

أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ح وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ ، قَالا : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ هِشَامٍ
836- حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ الْمَكِّيُّ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُمَحِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ عِنْدَ رَبِّهَا ، فَتَسْتَأْذِنُ فِي الرُّجُوعِ فَيُؤْذَنُ لَهَا ، فَيُوشِكُ أَنْ تَسْتَأْذِنَ فَلا

يُؤَذَنُ لَهَا ، حَتَّى تَسْتَشْفِعَ وَتَطْلُبَ ، فَإِذَا طَالَ عَلَيْهَا قِيلَ لَهَا : اطْلُعِي مِنْ مَكَانِكِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
837- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا عَيَّاشٌ الرَّقَّامُ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ، قَالَ : مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ عَيَّاشٍ الرَّقَّامِ ، وَغَيْرِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَغَيْرُهُ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ، أَنَّ وَأَصْحَابَ الْمَعَانِي أَهْلَ التَّفْسِيرِ قَالُوا فِيهِ قَوْلَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ، أَيْ : لأَجَلٍ لَهَا ، وَقَدَرٍ قُدِّرَ لَهَا ، يَعْنِي انْقِطَاعَ مُدَّةِ بَقَاءِ الْعَالَمِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مُسْتَقَرُّهَا غَايَةٌ إِلَيْهِ فِي صُعُودِهَا وَارْتِفَاعِهَا لأَطْوَلِ يَوْمٍ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِي النُّزُولِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى أَقْصَى مَشَارِقِ الشِّتَاءِ لأَقْصَرِ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ قَوْلُهُ مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ مِنْ حَيْثِ لا نُدْرِكُهُ وَلا نُشَاهِدُهُ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ غَيْبٍ فَلا نُكَذِّبُ بِهِ وَلا نُكَيِّفُهُ ، لأَنَّ عِلْمَنَا لا يُحِيطُ بِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أَنَّ عَلِمَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فِي كِتَابٍ ، كُتِبَ فِيهِ مَبَادِئُ أُمُورِ الْعَالَمِ وَنِهَايَاتُهَا ، وَالْوَقْتُ الَّذِي

تَنْتَهِي إِلَيْهِ مُدَّتُهَا ، فَيَنْقَطِعُ دَوَرَانُ الشَّمْسِ ، وَتَسْتَقِرُّ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَبْطُلُ فِعْلُهَا ، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ ، الَّذِي بُيِّنَ فِيهِ أَحْوَالُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَآجَالُهُمْ وَمَآلُ أُمُورِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَفِي هَذَا يَعْنِي الْحَدِيثَ الأَوَّلَ إِخْبَارٌ عَنْ سُجُودِ الشَّمْسِ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَاذَاتِهَا الْعَرْشَ فِي مَسِيرِهَا ، وَالْخَبَرُ عَنْ سُجُودِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ ، وَلَيْسَ فِي سُجُودِهَا لِرَبِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ مَا يَعُوقُهَا عَنِ الدَّأْبِ فِي سَيْرِهَا وَالتَّصَرُّفِ لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ قَالَ : فَأَمَّا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لَمَّا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ أَنَّ الشَّمْسَ تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ ، لأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الآيَةِ إِنَّمَا هُوَ نِهَايَةُ مُدْرِكِ الْبَصَرِ إِيَّاهَا حَالَ الْغُرُوبِ ، وَمَصِيرُهَا تَحْتَ الْعَرْشِ لِلسُّجُودِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ غُرُوبِهَا ، فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْخَبَرِ ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ، أَنَّهَا تَسْقُطُ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَتَغْمُرُهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنِ الْغَايَةِ الَّتِي بَلَغَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ فِي مَسِيرِهِ حَتَّى لَمْ يَجِدْ وَرَاءَهَا مَسْلَكًا ، فَوَجَدَ الشَّمْسَ تَتَدَلَّى عِنْدَ غُرُوبِهَا فَوْقَ هَذِهِ الْعَيْنِ ، أَوْ عَلَى سَمْتِ هَذِهِ الْعَيْنِ ، وَكَذَلِكَ يَتَرَاءَى غُرُوبُ الشَّمْسِ لِمَنْ كَانَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ لا يَرَى السَّاحِلَ ، يَرَى الشَّمْسَ كَأَنَّهَا تَغِيبُ فِي الْبَحْرِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ تَغِيبُ وَرَاءَ الْبَحْرِ ، وَفِي هَهُنَا بِمَعْنَى فَوْقَ ، أَوْ بِمَعْنَى عَلَى ، وَحُرُوفُ الصِّفَاتِ تُبَدَّلُ بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ
838- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالا :

ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادْعُوهُ فَدَعَوْهُ ، فَقَالَ : لِمَ لَطَمَتْ وَجْهَهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِالسُّوقِ وَهُوَ يَقُولُ : وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ فَقُلْتُ : يَا خَبِيثُ وَعَلَى مُحَمَّدٍ ؟ فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : لا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ ، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مِنْ يُفِيقُ ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ ، فَلا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَوْ جُوزِيَ بِصَعْقَتِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ الْفِرْيَابِيِّ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنْ سُفْيَانَ
839- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلابَةَ الرَّقَاشِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، وَحَبَّانُ قَالا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً ، وَأَوَّلُ مِنْ يُكْسَى مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، يُكْسَى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُؤْتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لَهُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِي فَأُكْسَى حُلَّةً مِنَ الْجَنَّةِ لا يَقُومُ لَهَا البَشْرُ ، ثُمَّ أُوتَى بِكُرْسِيٍّ فَيُطْرَحُ لِي عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ


840- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا العباس الدوري ، حَدَّثَنَا أبو عاصم النبيل ، عن سفيان ، عن عمرو بن قيس ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين} ، والنبي حلة حبرة} وهو عن يمين العرش
841- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحَرْبِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ

أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ : إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ : الْقَوْلُ فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِتَابِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ إِمَّا : الْقَضَاءَ الَّذِي قَضَاهُ وَأَوْجَبَهُ ، كَقَوْلِهِ : كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ، أَيْ : قَضَى اللَّهُ وَأَوْجَبَ ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ أَيْ : فَعِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ ، لا يَنْسَاهُ وَلا يَنْسَخُهُ وَلا يُبَدِّلُهُ ، كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلا : قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْكِتَابِ : اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أَصْنَافِ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ، وَبَيَانُ أُمُورِهِمْ وَذِكْرُ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ ، وَالأَقْضِيَةُ النَّافِذَةُ فِيهِمْ ، وَمَآلُ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ أَيْ : فَذِكْرُهُ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ ، وَيُضْمَرُ فِيهِ الذِّكْرُ أَوِ الْعِلْمُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْكَلامِ ، سَهْلٌ فِي التَّخْرِيجِ ، عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ خَلْقُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مَخْلُوقٌ لا يستحيلُ أَنْ يَمَسَّهُ كِتَابُ مَخْلُوقٌ ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِهِمْ ، وَلِيسَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُمَاسُّوا الْعَرْشَ إِذَا حَمَلُوهُ ، وَإِنْ كَانَ حَامِلُ الْعَرْشِ وَحَامِلُ حَمَلْتِهِ فِي

الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ : إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ، هُوَ أَنَّهُ مُمَاسٌّ لَهُ ، أَوْ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ ، أَوْ مُتَحَيِّزٌ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ ، لَكِنَّهُ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ جَاءَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَقُلْنَا بِهِ ، وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيفَ ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
842- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدِ اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
843- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُؤَذِّنُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ ابْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُسَاوِرِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُسَاوِرِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

وَعَنِ الأَعْمَشِ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَإِنَّ الْبَرَاءَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : اهْتَزَّ السَّرِيرُ فَقَالَ : إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ، الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، ضَغَائِنُ ، سَمِعْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي مُوسَى.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، وَمِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
844- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ وَجَنَازَةُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْضُوعَةٌ : اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّيِّ
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا أَنْ يُقَالَ : الاهْتِزَازُ هُوَ الاسْتِبْشَارُ وَالسُّرُورُ ، يُقَالُ : إِنَّ فُلانًا يَهْتَزُّ لِلْمَعْرُوفِ ، أَيْ يَسْتَبْشِرُ وَيُسَرُّ بِهِ ، وَذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْكَلامِ وَالشَّعَرِ ، قَالَ : وَأَمَّا الْعَرْشُ فَعَرْشُ الرَّحْمَنِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهُ وَيَحِفُّونَ حَوْلَهُ فَرِحُوا بِقُدُومِ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ ، فَأَقَامَ الْعَرْشَ مَقَامَ مَنْ يَحْمِلُهُ وَيَحِفُّ بِهِ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ يُرِيدُ : أَهْلَهُ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ، يُرِيدُ : أَهْلَهَا وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ إِنَّ الْمَلائِكَةَ تَسْتَبْشِرُ بِرُوحِ الْمُؤْمِنِ ، وَإِنَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بَابًا فِي السَّمَاءِ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ ، وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ ، وَيَعْرُجُ فِيهِ رُوحُهُ إِذَا مَاتَ وَكَأَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا بِقُدُومِ رُوحِ سَعْدٍ عَلَيْهِمْ ، لِكَرَامَتِهِ وَطِيبِ رَائِحَتِهِ ، وَحُسْنِ عَمِلَ صَاحِبِهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اهْتَزَّ لَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
845- أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمُّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ الطُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ

مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ ، وَصَامَ رَمَضَانَ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، هَاجَرَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي قَدْ وُلِدَ فِيهَا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلا نُبَشِّرُ النَّاسَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ لِلْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُهَاجِرِينَ أَوْ قَالَ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى كُلُّ

دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ تَعَالَى فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ ، وَقَالَ لِلْمُجَاهِدِينَ
846حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّصْرَابَاذِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ تَعَالَى مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ ، مَا بَيْنَ

شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ
847- أخبرنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، فَقَالَ : مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ ؟ قَالُوا : السَّحَابَ ، قَالَ : وَالْمُزْنَ ؟ قَالُوا : وَالْمُزْنَ قَالَ : وَالْعَنَانَ ؟ قَالُوا : وَالْعَنَانَ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ؟ قَالُوا : لا نَدْرِي قَالَ : إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً ، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ، ثُمَّ مِنْ فَوْقِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ أَظْلافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ مَا

بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَوْقَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ ، عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ

848- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا كثير بن هشام ، حَدَّثَنَا جعفر بن برقان ، حَدَّثَنَا يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدمه مسيرة خمسمائة عام . وذكر أن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب . وروى هشام بن عروة عن أبيه قال : حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان ، ومنهم من صورته صورة النسر ، ومنهم من صورته صورة الثور ، ومنهم من صورته صورة الأسد

849- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الَّتِي فَوْقَكُمْ ؟ فَقَالُوا : اللَّهُ

وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا الرَّفِيعُ : سَقْفٌ مَحْفُوظٌ ، وَمَوْجٌ مَكْفُوفٌ هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّمَاءِ الأُخْرَى مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ، وَغِلَظُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذِهِ الَّتِي تَحْتَكُمْ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّهَا الأَرْضُ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ وَغِلَظُ كُلُّ أَرْضٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّكُمْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ، قُلْتُ : هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ اشْتَهَرَتْ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلافِ قُوَّةِ السَّيْرِ

وَضَعْفِهِ ، وَخِفَّتِهِ وَثِقَلِهِ ، فَيَكُونُ بِسَيْرِ الْقَوِيِّ أَقَلُّ ، وَبِسَيْرِ الضَّعِيفِ أَكْثَرُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالَّذِي رُوِيَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْمَكَانِ عَنِ اللهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ الْعَبْدَ أَيْنَمَا كَانَ فَهُوَ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ مِنَ اللهِ تَعَالَى سَوَاءٌ ، وَأَنَّهُ الظَّاهِرُ ، فَيَصِحُّ إِدْرَاكُهُ بِالأَدِلَّةِ الْبَاطِنُ ، فَلا يَصِحُّ إِدْرَاكُهُ بِالْكَوْنِ فِي مَكَانٍ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي نَفْيِ الْمَكَانِ عَنْهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَلا دُونَهُ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانٍ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْقِطَاعٌ ، وَلا ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَرُوِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُنْقَطِعًا ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا
850- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَيْنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَغِلَظُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَالأَرَضِينَ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْعَرْشِ مِثْلُ جَمِيعِ ذَلِكَ ، وَلَوْ حَفَرْتُمْ لِصَاحِبِكُمْ ثُمَّ دَلَّيْتُمُوهُ ، لَوَجَدْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثَمَّ تَابَعَهُ أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ ، وَغَيْرُهُ ، عَنِ الأَعْمَشِ فِي الْمِقْدَارِ

851- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْكُرْسِيِّ خَمْسِمِائَةُ عَامٍ ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَالْكُرْسِيُّ فَوْقَ الْمَاءِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ الْكُرْسِيِّ ، وَيَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ ، أَظُنُّهُ أَرَادَ ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْمَاءِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ورواه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عاصم ابن بهدلة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام ، ثم ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة

عام ، وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، ثم ما بين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام ، وما بين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام ، والكرسي فوق الماء ، والله تعالى فوق العرش ، ولا يخفى عليه من أعمالكم شيء .
852- أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، حَدَّثَنَا يونس بن بكير ، عن عبد الرحمن ، فذكره
853- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، أَخْبَرَنَا روح بن عبادة ، حَدَّثَنَا السائب بن عمر المخزومي ، أَخْبَرَنَا مسلم بن يناق ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهما يقول ـ وهو ينظر إلى السماء ـ فقال : تبارك الله ما أشد بياضها ، والثانية أشد بياضا منها ، ثم كذلك حتى بلغ سبع سماوات ، ثم قال : خلق الله سبع سماوات وخلق فوق السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش ، وجعل في السماء الدنيا الشمس والقمر والنجوم والرجوم
854- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالا : قَالَ

رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دُونَ اللهِ تَعَالَى سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَظُلْمَةٍ ، مَا تَسْمَعُ نَفْسٌ حِسَّ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْحُجُبِ إِلاَّ زَهَقَتْ نَفْسُهَا تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ضَعِيفٌ ، وَالْحِجَابُ الْمَذْكُورُ فِي الأَخْبَارِ يَرْجِعُ إِلَى الْخَلْقِ لا إِلَى الْخَالِقِ

855- وأخبرنا أبو عبد الله ، حَدَّثَنَا أبو العباس ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا روح ، حَدَّثَنَا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، قال : أراه عن مجاهد {وقربناه نجيا} قال : بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب ، حجاب نور ، وحجاب ظلمة ، وحجاب نور ، وحجاب ظلمة ، فما زال يقرب موسى حتى كان بينه وبينه حجاب واحد ، فلما رأى مكانه وسمع صرير القلم قال : رب أرني أنظر إليك . يعني والله أعلم : يقربه من العرش حتى كان بين موسى وبين العرش حجاب واحد
856- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس ، حَدَّثَنَا محمد ، أَخْبَرَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن المبارك ، حَدَّثَنَا هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، قال : بين الملائكة وبين العرش سبعون حجابا ، حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من نور ، وحجاب من ظلمة . قال ابن شقيق : بلغني في حديث أن جبريل عليه الصلاة والسلام قال : بيننا وبين العرش سبعون حجابا ، لو دنوت إلى أحدهن لاحترقت .

قلت : وهذا الذي ذكره ابن شقيق يروى عن زرارة بن أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، إلا أنه لم يذكر العرش ، وفي هذا الأثر عن مجاهد بن جبر وهو أحد أركان أهل التفسير ، إشارة إلى أن الحجاب المذكور في الأخبار إنما هو بين الخلق من الملائكة وغيرهم وبين العرش ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يدل عليه ، والله أعلم
857- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن موسى ، أَخْبَرَنَا إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي مالك ، في قوله : {وسع كرسيه السماوات والأرض} قال : إن الصخرة التي في الأرض السابعة ومنتهى الخلق على أرجائها ، عليها أربعة من الملائكة لكل واحد منهم أربعة وجوه ، وجه إنسان ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، فهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين

والسماوات ، ورؤوسهم تحت الكرسي ، والكرسي تحت العرش ، والله تعالى واضع كرسيه على العرش . في هذه إشارة إلى كرسيين ، أحدهما : تحت العرش والآخر موضوع على العرش
وَقَدْ مَضَتْ رِوَايَةُ أَسْبَاطِ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَعَنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي قَوْلِهِ : وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي جَوْفِ الْكُرْسِيِّ ، وَالْكُرْسِيُّ بَيْنَ يَدَيِ الْعَرْشِ.
858- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، فَذَكَرَهُ
859- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حَدَّثَنَا عبد الصمد بن عبد الوارث ، قال : سمعت أبي قال : حَدَّثَنَا ابن جحادة ، عن سلمة بن كهيل ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي موسى ، رضي الله عنه

قال : الكرسي موضع القدمين وله أطيط} كأطيط الرحل . قد روينا في هذا أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وذكرنا أن معناه فيما نرى أنه موضوع من العرش موضع القدمين من السرير ، وليس فيه إثبات المكان لله سبحانه
860- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ

السَّمَّاكُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْحَبَشَةِ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَعْجَبُ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ثَمَّ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ طَعَامٍ ، فَمَرَّ فَارِسٌ فَأَذْرَاهُ ، فَقَعَدَتْ تَجْمَعُ

طَعَامَهَا ، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ لَهُ : وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهَا : لا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ ، أَوْ كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ ، لا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ
861- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ السَّامِرِيُّ ، بِبَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ : قُلْتُ : فَأَيُّ آيَةٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا ذَرٍّ ، مَا السَّمَاوَاتُ

السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ فَلاةٍ ، وَفَضَلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ بِإِسْنَادٍ أَصَحَّ
862- أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، إِجَازَةً ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيُّمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، مَا السَّمَاوَاتُ

السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلاةٍ ، وَفَضَلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ
863- أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أَخْبَرَنَا أبو منصور النضروي ، أَخْبَرَنَا أحمد بن نجدة ، ثنا

سعيد بن منصور ، حَدَّثَنَا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : ما السماوات والأرض في الكرسي إلا بمنزلة حلقة ملقاة في الأرض الفلاة

باب ما جاء في قول الله عز وجل {الرحمن على العرش استوى} ما جاء في قول الله عز وجل : {الرحمن على العرش استوى}.
وقوله عز وجل : {ثم استوى على العرش}.
وقال تعالى : {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش}.
وقال جَلَّ وعلا : {الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش} .
864- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَرَوِيُّ ، بِالرَّمْلَةِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي إِيَاسَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ فِي عَمَاءٍ ، مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ، ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَيْهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ مَضَى الْكَلامُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ دُونَ الاسْتِوَاءِ ، فَأَمَّا الاسْتِوَاءُ :

فَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا لا يُفَسِّرُونَهُ وَلا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ كَنَحْوِ مَذْهَبِهِمْ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ
865- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري ببغداد ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الهيثم ، حَدَّثَنَا محمد بن كثير المصيصي ، قال : سمعت الأوزاعي ، يقول : كنا والتابعون متوافرون نقول : إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا
866- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران ، حَدَّثَنَا أبي ، حدثنا أبو الربيع ابن أخي رشدين بن سعد قال : سمعت عبد الله بن وهب ، يقول : كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل ، فقال : يا أبا عبد الله {الرحمن على

العرش استوى} كيف استواؤه ؟ قال : فأطرق مالك وأخذته الرحضاء} ثم رفع رأسه فقال : {الرحمن على العرش استوى} كما وصف نفسه ، ولا يقال : كيف ، وكيف عنه مرفوع ، وأنت رجل سوء صاحب بدعة ، أخرجوه . قال : فأخرج الرجل
867- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه الأصفهاني ، أَخْبَرَنَا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ ، حَدَّثَنَا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي ، سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري ، يقول : سمعت يحيى بن يحيى ، يقول : كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال : يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} فكيف استوى ؟ قال : فأطرق مالك برأسه حتى علاه

الرحضاء ثم قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا مبتدعا . فأمر به أن يخرج
وروي في ذلك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي الله تعالى عنهما.
868- أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أَخْبَرَنَا أبو الشيخ ، حَدَّثَنَا محمد بن أحمد بن معدان ، حَدَّثَنَا أحمد بن مهدي ، حَدَّثَنَا موسى بن خاقان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح بن مسلم ، قال : سئل ربيعة الرأي عن قول الله تبارك وتعالى : الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ قال : الكيف مجهول ، والاستواء غير معقول ، ويجب علي وعليكم الإيمان بذلك كله

869- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني محمد بن يزيد ، سمعت أبا يحيى البزاز ، يقول : سمعت العباس بن حمزة ، يقول : سمعت أحمد بن أبي الحواري ، يقول : سمعت سفيان بن عيينة ، يقول : كل ما وصف الله تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته ، والسكوت عليه .

870- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : هذه نسخة الكتاب الذي أملاه الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب في مذهب أهل السنة فيما جرى بين محمد بن إسحاق بن خزيمة وبين أصحابه ، فذكرها وذكر فيها : {الرحمن على العرش استوى} بلا كيف ، والآثار عن السلف في مثل هذا كثيرة وعلى هذه الطريق يدل مذهب الشافعي رضي الله عنه ، وإليها ذهب أحمد بن حنبل والحسين بن الفضل البجلي . ومن المتأخرين أبو سليمان الخطابي . وذهب أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري إلى أن الله تعالى جل ثناؤه فعل في العرش فعلا سماه استواء ، كما فعل في غيره فعلا سماه رزقا أو نعمة أو غيرهما من أفعاله . ثم لم يكيف الاستواء إلا أنه جعله من صفات الفعل لقوله : {الرحمن على العرش استوى} وثم للتراخي ، والتراخي إنما يكون في الأفعال ، وأفعال الله تعالى توجد بلا مباشرة منه إياها ولا حركة . وذهب أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري في آخرين من أهل النظر إلى أن الله تعالى في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه ، ومعنى الاستواء : الاعتلاء ، كما يقول : استويت على ظهر الدابة ، واستويت على السطح . بمعنى علوته ، واستوت الشمس على رأسي ، واستوى الطير على قمة رأسي ، بمعنى علا في الجو ، فوجد فوق رأسي . والقديم سبحانه عال على عرشه لا قاعد ولا قائم ولا مماس ولا مباين عن العرش ، يريد به : مباينة الذات التي هي بمعنى الاعتزال أو التباعد ، لأن المماسة والمباينة التي هي ضدها ، والقيام والقعود من أوصاف الأجسام ، والله عز وجل أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم

يكن له كفوا أحد ، فلا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام تبارك وتعالى . وحكى الأستاذ أبو بكر بن فورك هذه الطريقة عن بعض أصحابنا أنه قال : استوى بمعنى : علا ، ثم قال : ولا يريد بذلك علوا بالمسافة والتحيز والكون في مكان متمكنا فيه ، ولكن يريد معنى قول الله عز وجل : {أأمنتم من في السماء} أي : من فوقها على معنى نفي الحد عنه ، وأنه ليس مما يحويه طبق أو يحيط به قطر ، ووصف الله سبحانه وتعالى بذلك بطريقة الخبر ، فلا نتعدى ما ورد به الخبر . قلت : وهو على هذه الطريقة من صفات الذات ، وكلمة ثم تعلقت بالمستوى عليه ، لا بالاستواء ، وهو كقوله : {ثم الله شهيد على ما يفعلون} يعني : ثم يكون عملهم فيشهده ، وقد أشار أبو الحسن علي بن إسماعيل إلى هذه الطريقة حكاية ، فقال : وقال بعض أصحابنا : إنه صفة ذات ، ولا يقال : لم يزل مستويا على عرشه ، كما أن العلم بأن الأشياء قد حدثت من صفات الذات ، ولا يقال : لم يزل عالما بأن قد حدثت ، ولما حدثت بعد ، قال : وجوابي هو الأول وهو أن الله مستو على عرشه وأنه فوق الأشياء بائن منها ، بمعنى أنها لا تحله ولا يحلها ، ولا يمسها ولا يشبهها ، وليست البينونة بالعزلة تعالى الله ربنا عن الحلول والمماسة علوا كبيرا . قال : وقد قال بعض أصحابنا : إن الاستواء صفة الله تعالى تنفي الاعوجاج عنه ، وفيما كتب إلي الأستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أن كثيرا من متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أن الاستواء هو القهر والغلبة ، ومعناه أن الرحمن غلب العرش وقهره ، وفائدته الإخبار عن قهره مملوكاته ، وأنها لم تقهره ، وإنما خص العرش بالذكر لأنه أعظم المملوكات ، فنبه بالأعلى على الأدنى ، قال : والاستواء بمعنى القهر والغلبة شائع في اللغة ، كما يقال : استوى فلان على الناحية إذا غلب أهلها ، وقال الشاعر في بشر بن مروان : قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق

يريد : أنه غلب أهله من غير محاربة . قال : وليس ذلك في الآية بمعنى الاستيلاء ، لأن الاستيلاء غلبة مع توقع ضعف ، قال : ومما يؤيد ما قلناه قوله عز وجل : {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} والاستواء إلى السماء هو القصد إلى خلق السماء ، فلما جاز أن يكون القصد إلى السماء استواء جاز أن تكون القدرة على العرش استواء . أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا يحيى بن زياد الفراء في قوله عز وجل : {ثم استوى إلى السماء فسواهن} قال : الاستواء في كلام العرب على جهتين : إحداهما : أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته ، أو يستوي من اعوجاج ، فهذان وجهان ؛ ووجه ثالث أن تقول : كان مقبلا على فلان ثم استوى علي يشاتمني وإلي سواء ، على معنى أقبل إلي وعلي ، فهذا معنى قوله : استوى إلى السماء والله أعلم . قال : وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : ثم استوى صعد وهذا كقولك للرجل : كان قاعدا فاستوى قائما ، أو كان قائما فاستوى قاعدا ، وكل في كلام العرب جائز . قلت : قوله : استوى بمعنى أقبل صحيح ، لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء ، والقصد هو الإرادة وذلك هو الجائز في صفات الله تعالى . ولفظ ثم تعلق بالخلق لا بالإرادة . وأما ما حكي عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنما أخذه عن تفسيره الكلبي ، والكلبي ضعيف ، والرواية عنه عندنا في أحد الموضعين كما ذكره الفراء

872- وفي موضع أخر كما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور ، أَخْبَرَنَا الحسين بن محمد بن هارون ، أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا يوسف بن بلال ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {ثم استوى إلى السماء} يعني : صعد أمره إلى السماء {فسواهن} يعني : خلق سبع سماوات . قال : أجرى النار على الماء يعني فبخر البحر فصعد في الهواء فجعل السماوات منه . ويذكر عن أبي العالية في هذه الآية أنه قال : استوى يعني : ارتفع . ومراده بذلك والله أعلم : ارتفاع أمره ، وهو بخار الماء الذي منه وقع خلق السماء
873- فأما ما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور الدهان ، أَخْبَرَنَا الحسين بن محمد بن هارون ، أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن محمد بن نصر اللباد ، حَدَّثَنَا يوسف بن بلال ، عن محمد بن مروان عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {ثم استوى على العرش} يقول : استقر على العرش ، ويقال امتلأ به ، ويقال : قائم على العرش ، وهو السرير
__________
الأعراف آية رقم : 54
841- وبهذا الإسناد في موضع آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله} {ثم استوى على العرش} يقول : استوى عنده الخلائق ، القريب والبعيد ، وصاروا عنده سواء ويقال : استوى استقر على السرير . ويقال : امتلأ به . فهذه الرواية منكرة ، وإنما أضاف في الموضع الثاني القول الأول إلى ابن عباس رضي الله عنهما دون ما بعده ، وفيه أيضا ركاكة ، ومثله لا

يليق بقول ابن عباس رضي الله عنهما ، إذا كان الاستواء بمعنى استواء الخلائق عنده ، فإيش المعنى في قوله : {على العرش} ؟ وكأنه مع سائر الأقاويل فيها من جهة من دونه ، وقد قال في موضع آخر بهذا الإسناد استوى على العرش يقول : استقر أمره على السرير ، ورد الاستقرار إلى الأمر ، وأبو صالح هذا والكلبي ومحمد بن مروان كلهم متروك عند أهل العلم بالحديث ، لا يحتجون بشيء من رواياتهم لكثرة المناكير فيها ، وظهور الكذب منهم في رواياتهم .
874- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ ، حَدَّثَنَا محمد بن يوسف بن عاصم البخاري ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد الزهري ، حَدَّثَنَا سفيان ، عن محمد بن قيس ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : كنا نسميه دروغ زن ، يعني أبا صالح مولى أم هانئ
875- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو بكر الحفيد ، حَدَّثَنَا هارون بن عبد الصمد ، حَدَّثَنَا علي بن المديني ، قال : سمعت يحيى بن سعيد القطان ، يحدث عن سفيان ، قال : قال الكلبي : قال لي أبو صالح : كل ما حدثتك كذب

876- أخبرنا أبو سعد الماليني ، حَدَّثَنَا أبو أحمد بن عدي ، حَدَّثَنَا أحمد بن حفص ، حَدَّثَنَا أبو حفص الفلاس ، حَدَّثَنَا أبو عاصم ، عن سفيان ، عن الكلبي ، قال : قال لي أبو صالح : انظر كل شيء رويت عني عن ابن عباس رضي الله عنهما ، فلا تروه . قال : وأخبرنا أبو أحمد قال : سمعت عبدان يقول : سمعت زيد بن الحريش يقول : سمعت أبا معاوية يقول : قلنا للكلبي : بين لنا ما سمعت من أبي صالح وما هو قولك ، فإذا الأمر عنده قليل . قال : وأخبرنا أبو أحمد ، حَدَّثَنَا الجنيدي ، حَدَّثَنَا البخاري قال : محمد بن السائب أبو النضر الكلبي الكوفي تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي
877- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت العباس بن محمد ، يقول : سمعت يحيى بن معين ، يقول : الكلبي ليس بشيء
878- أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مهران المزكي ، حَدَّثَنَا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد العطار ، أخبرني أبو عبد الله الراوساني ، قال : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري ، يقول : محمد بن مروان الكوفي صاحب الكلبي سكتوا عنه ، لا يكتب حديثه البتة قلت : وكيف يجوز أن يكون مثل هذه الأقاويل صحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم لا يرويها ولا يعرفها أحد من أصحابه الثقات الأثبات ، مع شدة الحاجة إلى معرفتها ، وما تفرد به الكلبي وأمثاله يوجب الحد ، والحد يوجب الحدث لحاجة الحد إلى حاد خصه به ، والباري قديم لم يزل .

879- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه وأبا صالح خلف بن محمد يقولان : سمعنا صالح بن محمد ، يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن زياد الأعرابي صاحب النحو يقول : قال لي أحمد بن أبي دؤاد : يا أبا عبد الله ، يصح هذا في اللغة ، ومخرج الكلام الرحمن علا من العلو ، والعرش استوى ؟ قال : قلت : يجوز على معنى ، ولا يجوز على معنى ، إذا قلت : الرحمن علا من العلو ، فقد تم الكلام ، ثم قلت : العرش استوى . يجوز إن رفعت العرش ، لأنه فاعل ، ولكن إذا قلت : له ما في السماوات وما في الأرض ، فهو العرش . وهذا كفر وفيما روى أبو الحسن بن مهدي الطبري ، عن أبي عبد الله نفطويه قال : أخبرني أبو سليمان يعني داود قال : كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله ، ما معنى قوله : {الرحمن على العرش استوى} فقال : إنه مستو على عرشه كما أخبر . فقال الرجل : إنما معنى قوله : {استوى} أي : استولى . فقال له ابن الأعرابي : ما يدريك ؟ العرب لا تقول استولى على العرش فلان ، حتى يكون له فيه مضاد ، فأيهما غلب قيل : قد استولى عليه ، والله تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر

باب قول الله عز وجل : {وهو القاهر فوق عباده} قول الله عز وجل : {وهو القاهر فوق عباده}.
وقوله : {يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون} .
880- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ

عَلَيْكَ زَوْجَكَ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : فَلَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا لِشَيْءٍ لَكَتَمَ هَذِهِ فَلَقَدْ كَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَقُولُ : زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَحْمَدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
881- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خُلِّيِّ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ : إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ ، عَنْ شُعَيْبٍ
882- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَيْرَةَ ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : مَرَّتْ سَحَابَةٌ عَلَى رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ فَقُلْنَا : السَّحَابُ فَقَالَ : أَوِ الْمُزْنُ ؟ قُلْنَا : أَوِ الْمُزْنُ قَالَ : أَوِ الْعَنَانُ ؟ قُلْنَا : أَوِ الْعَنَانُ فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَ : إِحْدَى وَسَبْعِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَوْ ثَلاثًا وَسَبْعِينَ قَالَ : وَإِلَى فَوْقِهَا مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى عَدَّهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ ، قَالَ : ثُمَّ فَوْقَ السَّابِعَةِ الْبَحْرُ ، أَسْفَلُهُ مِنْ أَعْلاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ فَوْقَهُ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ مَا بَيْنَ أَظْلافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ ، ثُمَّ الْعَرْشُ فَوْقَ ذَلِكَ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ
883- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّازُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ نُهِكَتِ الأَنْفُسُ وَجَاعَ الْعِيَالُ وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ ، اسْتَسْقِ لَنَا رَبَّكَ ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ وَبِكَ عَلَى اللهِ تَعَالَى فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سُبْحَانَ اللهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ

فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجُوهِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، أَتَدْرِي مَا اللَّهُ ؟ إِنَّ شَأْنَهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، إِنَّهُ لا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ ، إِنَّهُ لَفَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ ، وَإِنَّهُ عَلَيْهِ لَهَكَذَا ، وَأَشَارَ وَهْبٌ بِيَدِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ ، وَأَشَارَ أَبُو الأَزْهَرِ بِيَدِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ

884- كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ أَحْمَدُ : كَتَبْتُهُ مِنْ نُسْخَتِهِ ، وَهَذَا لَفْظُهُ ، فَذَكَرَ نَحْوَ إِسْنَادِ أَبِي الأَزْهَرِ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : جَهِدَتِ الأَنْفُسُ وَضَاعَتِ الْعِيَالُ وَنُهِكَتِ الأَمْوَالُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَقَالَ فِي الْجَوَّابِ : إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا ، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ : مِثْلُ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ قَالَ : وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ عَرْشِهِ ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى وَابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَالْحَدِيثُ بِإِسْنَادِ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ قَالَ : وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا ، وَكَانَ سَمَاعُ عَبْدِ الأَعْلَى ، وَابْنِ الْمُثَنَّى ، وَابْنِ بَشَّارٍ مِنْ نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي قُلْتُ : إِنْ كَانَ لَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، وَجَمَاعَةٌ ، فَالتَّشْبِيهُ بِالْقُبَّةِ إِنَّمَا وَقَعَ لِلْعَرْشِ ، وَرِوَايَتُهُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ ؟ إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ لَهَكَذَا ، بِأَصَابِعِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ ، عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَارِسِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ وَهَذَا حَدِيثٌ يَنْفَرِدُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، وَصَاحِبَا الصَّحِيحِ لم يحتجا به ، إنما استشهد مسلم بن الحجاج بمحمد بن

إسحاق في أحاديث معدودة ، أظنهن خمسة قد رواهن غيره ، وذكره البخاري في الشواهد ذكرا من غير رواية ، وكان مالك بن أنس لا يَرْضَاهُ ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لا يَرْوِي عَنْهُ ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يَقُولُ : لَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ : يُكْتَبُ عَنْهُ هَذِهِ الأَحَادِيثُ يَعْنِي الْمَغَازِي وَنَحْوَهَا فَإِذَا جَاءَ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ أَرَدْنَا قَوْمًا هَكَذَا ، يُرِيدُ أَقْوَى مِنْهُ ، فَإِذَا كَانَ لا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْحَلالِ وَالْحَرَامِ فَأَوْلَى أَنْ لا يُحْتَجَّ بِهِ مِنْ صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَإِنَّمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، ثُمّ عَنْ وَتَدْلِيسِهِ أَسَامِيَهُمْ ، فَإِذَا رَوَى ضُعَفَاءِ النَّاسِ عَنْ ثِقَةٍ وَبَيَّنَ سَمَاعَهُ مِنْهُمْ ، فَجَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ لَمْ يَرَوْا بَأْسًا ، وَهُوَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْهُ ، وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ سَمَاعَهُ مِنْهُمَا ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ كَمَا تَرَى وَقَدْ جَعَلَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ ثَابِتًا وَاشْتَغَلَ بِتَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ : هَذَا الْكَلامُ إِذَا أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْكَيْفِيَّةِ ، عَنِ اللهِ تَعَالَى وَعَنْ صِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ ، فَعُقِلَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ تَحْقِيقُ هَذِهِ الصِّفَةِ ، وَلا تَحْدِيدُهُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ تَقْرِيبٍ ، أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللهِ وَجَلالِهِ ، جَلَّ جَلالُهُ سُبْحَانَهُ ، وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ إِفْهَامُ السَّائِلِ مِنْ حَيْثُ يُدْرِكُهُ فَهْمُهُ ، إِذَا كَانَ أَعْرَابِيًّا جِلْفًا ، لا عَلِمَ لَهُ لِمَعَانِي مَا دَقَّ مِنَ الْكَلامِ ، وَمَا لَطُفَ مِنْهُ مِنْ دَرَكِ الأَفْهَامِ ، وَفِي الْكَلامِ حَذَفٌ وَإِضْمَارٌ ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ ؟ فَمَعْنَاهُ : أَتَدْرِي مَا عَظَمَتُهُ وَجَلالُهُ ؟ وَقَوْلُهُ : إِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ مَعْنَاهُ : إِنَّهُ لَيَعْجَزُ عَنْ جَلالِهِ وَعَظَمَتِهِ ، حَتَّى يَئِطَّ بِهِ ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أطيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ إِنَّمَا يَكُونُ لِقُوَّةِ مَا فَوْقَهُ ، وَلِعَجْزِهِ عَنِ احْتِمَالِهِ ، فَقَرَّرَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّمْثِيلِ عِنْدَهُ مَعْنَى عَظَمَةِ اللهِ وَجَلالِهِ وَارْتِفَاعِ عَرْشِهِ ، لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِعُلُوِّ الشَّأْنِ وَجَلالَةِ الْقَدْرِ ، وَفَخَامَةِ الذِّكْرِ ، لا يُجْعَلُ شَفِيعًا إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْقَدْرِ ، وَأَسْفَلُ مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ ، وَتَعَالَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا بِشَيْءٍ ، أَوْ مُكَيَّفًا بِصُورَةِ خَلْقٍ ، أَوْ مُدْرَكًا بِحِسٍّ : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

885- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ الْحَافِظُ ، بِهَمَذَانَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دِيزِيلَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ التَّمَّارُ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : إِنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَكَمَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُقَتَّلَ مِنْهُمْ كُلُّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى ، وَأَنْ يُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ وَذَرَارِيهِمْ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَقَدْ حَكَمَ الْيَوْمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ تَعَالَى الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ

886- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، أَخْبَرَنَا جرير بن حازم ، عن أبي يزيد المديني ، قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر في ناس من أصحابه فلقيته عجوز فاستوقفته ، فوقف عليها فوضع يديه على منكبيها ، حتى قضت حاجتها ، فلما فرغت قال رجل : حبست رجالات قريش على هذه العجوز ، قال : ويحك تدري من هذه ؟ هذه عجوز سمع الله عز وجل شكواها من فوق سبع سماوات ، والله لو استوقفتني إلى الليل لوقفت عليها إلا آتي الصلاة ثم أعود إليها حتى تقضي حاجتها

887- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس هو الأصم ، حَدَّثَنَا الصاغاني ، أَخْبَرَنَا عاصم بن علي ، حَدَّثَنَا أبي ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي عنهما ، قال : تفكروا في كل شيء ، ولا تفكروا في ذات الله عز وجل ، فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور ، وهو فوق ذلك
888- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا الفراء ، في قوله عز وجل {وهو القاهر فوق عباده} قال : كل شيء قهر شيئا فهو مستعل عليه

باب قول الله عز و جل :
{أأمنتم من في السماء} ما جاء في قول الله عز وجل : {أأمنتم من في السماء} . قال أبو عبد الله الحافظ : قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه : قد تضع العرب في بموضع على قال الله عز وجل : {فسيحوا في الأرض}.
وقال : {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه : على الأرض وعلى النخل ، فكذلك قوله : {في السماء} أي على العرش فوق السماء ، كما صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : يريد ما مضى من الروايات
889- وَهَكَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ فِيمَا ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلانِيُّ ، وَأَبُو عَمْرٍو الْمُسْتَمْلِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ

الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَقُولُ : بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنَ الْيَمَنِ بِذَهَبِيَّةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ : بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ ، وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ ، وَالرَّابِعُ إِمَّا قَالَ : عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ ، وَإِمَّا : عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : كُنَّا نَحْنُ أَحَقُّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاءِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَلا تَأْمَنُونِي ، وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ ؟ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
890- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ ، أَخْبَرَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ ، قَالَ : قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، قَالَ : ثُمَّ أَطَلَعْتُ غُنَيْمَةً تَرْعَاهَا جَارِيَةٌ لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ ، فوجدت الذئب قد أصاب منها شاة ، وأنا رجل

من بني آدم آسف كما يأسفون ، فصككتها صكة ، ثم انصرفت إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُهُ فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ ، قَالَ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، أَفَلا أَعْتِقُهَا ؟ قَالَ : بَلَى ايْتِنِي بِهَا قَالَ : فَجِئْتُ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهَا : أَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَتِ : اللَّهُ فِي السَّمَاءِ قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ فَقَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللهِ قَالَ : إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ فَأَعْتِقْهَا
891- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، فَذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ وَهَذَا صَحِيحٌ ، قَدْ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُقَطَّعًا مِنْ حَدِيثِ الأَوْزَاعِيِّ ، وَحَجَّاجٍّ الصَّوَّافِ ، عَنْ يَحْيَى

بْنِ أَبِي كَثِيرٍ دُونَ قِصَّةِ الْجَارِيَةِ ، وَأَظُنُّهُ إِنَّمَا تَرَكَهَا مِنَ الْحَدِيثِ لاخْتِلافِ الرُّوَاةِ فِي لَفْظِهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنَ السُّنَنِ مُخَالَفَةَ مَنْ خَالَفَ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ
892- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : إِنَّ رَجُلَيْنِ أَقْبَلا يَلْتَمِسَانِ لأَبِيهِمَا الشِّفَاءَ مِنَ الْبَوْلِ ، فَانْطُلِقَ بِهِمَا إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَذَكَرُوا وَجَعَ أَبِيهِمَا لَهُ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : رَبَّنَا الَّذِي فِي السَّمَاءِ تَقَدَّسَ اسْمُكَ ، أَمَرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ ، فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الأَرْضِ ، وَاغْفِرْ لَنَا حَوْبَتَنَا وَخَطَايَانَا إِنَّكَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ ، فَأَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ ، فَيَبْرَأُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ

893- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مِهْرَانَ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي قَابُوسَ ، مَوْلًى لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ

894- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ ، حَدَّثَنَا سَهْلٌ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي حُصَيْنٍ : كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ مِنْ إِلَهٍ ؟ قَالَ : سَبْعَةً : سِتَّةٌ فِي الأَرْضِ ، وَوَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ قَالَ : فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَهْبَتِكَ وَلِرَغْبَتِكَ ؟ قَالَ : الَّذِي فِي السَّمَاءِ قَالَ : أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ قَالَ : فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِيهِمَا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلِ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَعَافِنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي تَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ : وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَيْ : فَوْقَ السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، ثُمَّ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ : مَعْنَاهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ ؟ وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

باب قول الله عز وجل لعيسى عليه السلام : {إني متوفيك ورافعك إلي} قول الله عز وجل لعيسى عليه السلام : {إني متوفيك ورافعك إلي} ، وقوله تعالى : {بل رفعه الله إليه}.
وقوله جل وعلا : {تعرج الملائكة والروح إليه} ، وقوله تعالى : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} .
895- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ يُونُسَ وَإِنَّمَا أَرَادَ نُزُولَهُ مِنَ السَّمَاءِ بَعْدَ الرَّفْعِ إِلَيْهِ

896- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيلٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمَلائِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ ، مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَفِي صَلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ ، فَيَقُولُ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ.
أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
897- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، وَلا يَصْعَدُ

إِلَى اللهِ تَعَالَى إِلاَّ الطَّيِّبُ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ ، فَيُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ : وَرَوَاهُ وَرْقَاءُ فَذَكَرَهُ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ : وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ فَذَكَرَهُمَا ، فَقَالَ : وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَلا يَصْعَدُ السَّمَاءَ إِلاَّ الطَّيِّبُ
898- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ ، أَخْبَرَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ ، قَالَ : إِنَّ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ ، وَلا يَصْعَدُ السَّمَاءَ إِلاَّ الطَّيِّبُ إِلاَّ وَهُوَ يَضَعُهَا فِي يَدِ الرَّحْمَنِ ، أَوْ فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ ، فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ ، وَحَتَّى إِنَّ التَّمْرَةَ لَتَكُونُ مِثْلَ الْجَبَلِ الْعَظِيمِ
899- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله تعالى : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : الكلام الطيب ذكر الله تعالى ، والعمل الصالح أداء فرائضه ، فمن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به

900- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} قال : يقول : العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب . قلت : صعود الكلم الطيب والصدقة الطيبة إلى السماء عبارة عن حسن القبول لهما ، وعروج الملائكة يكون إلى مقامهم في السماء . وإنما وقعت العبارة عن ذلك بالصعود والعروج إلى الله تعالى على معنى قول الله عز وجل : {أأمنتم من في السماء} وقد ذكرنا أن معناه : من فوق السماء على العرش ، كما قال : {فسيحوا في الأرض} أي : فوق الأرض ، فقد قال : {يخافون ربهم من فوقهم}.
وقال : {الرحمن على العرش استوى} ثم قد مضى قول أهل النظر في معناه ، وحكينا عن المتقدمين من أصحابنا ترك الكلام في أمثال ذلك ، هذا مع اعتقادهم نفي الحد والتشبيه والتمثيل عن الله سبحانه وتعالى
901- أخبرنا الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني ، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا إسحاق بن أحمد الفارسي ، حَدَّثَنَا حفص بن عمر المهرقاني ، حَدَّثَنَا أبو داود ، قال : كان سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة

لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون ، يروون الحديث لا يقولون كيف ، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر . قال أبو داود : وهو قولنا . قلت : وعلى هذا مضى أكابرنا فأما الحكاية التي تعلق بها من أثبت لله تعالى جهة :
902- فأخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد البخاري بنيسابور ، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن حاتم ، حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شقيق . وأخبرنا أبو عبد الله ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ ، يقول : سمعت محمد بن نعيم ، يقول : سمعت الحسن بن الصباح البزاز ، يقول : سمعت علي بن الحسن ، يقول : سألت عبد الله بن المبارك قلت : كيف نعرف ربنا ؟ قال : في السماء السابعة على عرشه . قلت : فإن الجهمية تقول : هو هذا . قال : إنا لا نقول كما قالت الجهمية ، نقول : هو هو . قلت : بحد ؟ قال : إي والله بحد . لفظ حديث محمد بن صالح .

قال الشيخ أحمد بن الحسين البيهقي : إنما أراد عبد الله بالحد حد السمع ، وهو أن خبر الصادق ورد بأنه على العرش استوى ، فهو على عرشه كما أخبر ، وقصد بذلك تكذيب الجهمية فيما زعموا أنه بكل مكان ، وحكايته الأخرى تدل على مراده والله أعلم
903- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو بكر محمد بن داود الزاهد ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن السامي ، حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه المروزي ، قال : سمعت علي بن الحسن بن شقيق ، يقول : سمعت عبد الله بن المبارك ، يقول : نعرف ربنا فوق سبع سماوات ، على العرش استوى ، بائن من خلقه ، ولا نقول كما قالت الجهمية بأنه ههنا . وأشار إلى الأرض . قلت : قوله : بائن من خلقه . يريد به ما فسره بعده من نفي قول الجهمية لا إثبات جهة من جانب آخر ، يريد ما أطلقه الشرع والله أعلم

904- أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : سمعت محمد بن صالح بن هانئ ، يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت أبا قدامة ، يقول : سمعت أبا معاذ البلخي بفرغانة قال : قرأت على جهم القرآن وكان على معبر الترمذ وكان رجلا كوفي الأصل فصيح اللسان ، لم يكن له علم ولا مجالسة أهل العلم ، كان يتكلم مع المتكلمين فقالوا له : صف ربك الذي تعبده . قال : فدخل البيت لا يخرج كذا وكذا ، قال : ثم خرج عليهم بعد أيام ذكرها فقال : هو هذا الهواء مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو من شيء ، كذب عدو الله ، إن الله تعالى في السماء كما وصف نفسه
905- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان ، أَخْبَرَنَا أحمد بن جعفر بن نصر ، حَدَّثَنَا يحيى بن يعلى ، قال : سمعت نعيم بن حماد ، يقول : سمعت نوح بن

أبي مريم أبا عصمة ، يقول : كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما ، فدخلت الكوفة ، فأظنني أقل ما رأيت عليها عشرة آلاف من الناس تدعو إلى رأيها ، فقيل لها : إن ههنا رجلا قد نظر في المعقول يقال له : أبو حنيفة . فأتته ، فقالت : أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك ؟ أين إلهك الذي تعبده ؟ فسكت عنها ، ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ، ثم خرج إليها وقد وضع كتابين : الله تبارك وتعالى في السماء دون الأرض . فقال له رجل : أرأيت قول الله عز وجل : {وهو معكم} قال : هو كما تكتب إلى الرجل : إني معك وأنت غائب عنه . قلت : لقد أصاب أبو حنيفة رضي الله عنه فيما نفى عن الله عز وجل من الكون في الأرض . وفيما ذكر من تأويل الآية وتبع مطلق السمع في قوله : إن الله عز وجل في السماء ومراده من تلك والله أعلم ، إن صحت الحكاية عنه ، ما ذكرنا في معنى قوله : {أأمنتم من في السماء} وقد روى عنه أبو عصمة أنه ذكر مذهب أهل السنة ، وذكر في جملة ذلك : وإنا لا نتكلم في الله بشيء ، وهو نظير ما روينا عن سفيان بن عيينة فيما
906- أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أبو حاتم ، حَدَّثَنَا إسحاق بن موسى ، قال : سمعت ابن عيينة ، يقول : ما

وصف الله تعالى به نفسه فتفسيره قراءته ، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تبارك وتعالى ، أو رسله صلوات الله عليهم

باب ما جاء في قول الله عز وجل : {وهو معكم أين ما كنتم} ما جاء في قول الله عز وجل : {وهو معكم أين ما كنتم} وما في معناه من الآيات .
907- أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَرْبِيُّ ، بَغْدَادَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ عُبَادَةَ

بْنِ الصَّامِتِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ إِيمَانِ الْمَرْءِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ
908- أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بن محمود المروزي الفقيه ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو موسى محمد بن المثنى ، حدثني سعيد بن نوح ، حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، حَدَّثَنَا عبد الله بن موسى الضبي ، حَدَّثَنَا معدان العابد ، قال : سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل : {وهو معكم} قال : علمه
909- أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن المحمودي ، حَدَّثَنَا محمد بن علي الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو موسى ، حدثني سعيد بن نوح ، حدثني أبي نوح بن ميمون ، حَدَّثَنَا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، عن الضحاك ، قال : {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم

ولا خمسة إلا هو سادسهم} قال : هو الله عز وجل على العرش وعلمه معهم
910- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى الكعبي ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن قتيبة ، حَدَّثَنَا أبو خالد يزيد بن صالح ، حَدَّثَنَا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قال : بلغنا ، والله أعلم ، في قوله عز وجل : {هو الأول} قبل كل شيء} {والآخر} بعد كل شيء {والظاهر} فوق كل شيء {والباطن} أقرب من كل شيء ، وإنما يعني بالقرب بعلمه وقدرته ، وهو فوق عرشه ، وهو بكل شيء عليم ، هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، مقدار كل يوم ألف عام {ثم استوى على العرش}} {يعلم ما يلج في الأرض} من القطر} {وما يخرج منها} من النبات} {وما ينزل من السماء} من القطر} {وما يعرج فيها} يعني ما يصعد إلى السماء من الملائكة} {وهو معكم أين ما كنتم} يعني : قدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم} {والله بما تعملون بصير} وبهذا الإسناد عن مقاتل بن حيان قال : قوله : {إلا هو معكم} يقول : علمه ، وذلك قوله : {إن الله بكل شيء عليم} فيعلم نجواهم ، ويسمع كلامهم ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شيء ، هو فوق عرشه وعلمه معهم

911- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أَخْبَرَنَا محمد بن عبيد الله بن المنادي ، حَدَّثَنَا يونس بن محمد ، حَدَّثَنَا شيبان النحوي ، عن قتادة . وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس ، حَدَّثَنَا يحيى بن أبي طالب ، أَخْبَرَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، أَخْبَرَنَا خارجة ، أَخْبَرَنَا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، في قول الله عز وجل : {هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} قال : هو الذي يعبد في السماء ويعبد في الأرض . قلت : وفي معنى هذه الآية قول الله عز وجل : {وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} على أن بعض القراء يجعل الوقف في هذه الآية عند قوله} {في السماوات} ، ثم يبتدئ فيقول : {وفي الأرض يعلم سركم وجهركم} ، وكيف ما كان ، فلو أن قائلا قال : فلان بالشام والعراق يملك ، لدل قوله يملك على الملك بالشام والعراق لا أنه بذاته فيهما
باب ما جاء في قوله عز وجل}إن ربك لبالمرصاد{

912- أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمد الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما في قوله : {إن ربك لبالمرصاد} يقول : يسمع ويرى
913- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، سمعت أبا زكريا يحيى بن زياد الفراء يقول : قوله : {إن ربك لبالمرصاد} يقول : إليه المصير . قلت : قول ابن عباس رضي الله عنهما ، ثم قول الفراء في معنى هذه الآية يدل على أن المراد بها تخويف العباد ليحذروا عقوبته إذا علموا أنه يسمع ويرى ما يقولون ويفعلون ، وأن مصيرهم إليه
914- حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو العباس قاسم بن قاسم السياري

بمرو ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن هلال ، حَدَّثَنَا علي بن الحسن بن شقيق ، أَخْبَرَنَا أبو حمزة ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله : {والفجر} قال : قسم {إن ربك لبالمرصاد} من وراء الصراط ثلاثة جسور : جسر عليه الأمانة ، وجسر عليه الرحم ، وجسر عليه الرب تبارك وتعالى . هذا موقوف على عبد الله ، قيل : هو ابن مسعود رضي الله عنه ، ومرسل بينه وبين سالم بن أبي الجعد ، ورواه أبو فزارة عن سالم بن أبي الجعد من قوله غير مرفوع إلى عبد الله وإن صح ، فإنما أراد والله أعلم أن ملائكة الرب يسألونه عما فرط فيه
915- أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الإمام ، أَخْبَرَنَا عبد الخالق بن الحسن السقطي ، حَدَّثَنَا عبد الله بن ثابت ، قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل بن سليمان ، قال : أقسم الله تعالى {إن ربك لبالمرصاد} يعني الصراط ، وذلك أن جسر جهنم عليها سبع قناطر ، على كل قنطرة ملائكة قيام ، وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق ، يسألون الناس في أول قنطرة عن الإيمان ، وفي الثانية يسألونهم عن الصلوات الخمس ، وفي الثالثة يسألونهم عن الزكاة ، وفي الرابعة يسألونهم عن صيام شهر رمضان ، وفي الخامسة يسألونهم عن الحج ، وفي السادسة يسألونهم عن العمرة ، وفي السابعة يسألونهم عن المظالم ، فمن أتى بما سئل عنه كما أمر جاز على الصراط وإلا حبس ، فذلك قوله تبارك وتعالى : {إن ربك لبالمرصاد} يعني ملائكة يرصدون الناس على جسر جهنم في هذه المواطن السبع فيسألونهم عن هذه الخصال السبع

باب ما جاء في قول الله عز وجل : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} ما جاء في قول الله عز وجل : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} .
916- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَيَّارٍ الطَّائِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ ، حَدَّثَنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي هَذِهِ الآيَةِ : فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ

917- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَقَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ
918- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ، قَالَ : رَأَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ وَرَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ ، فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ، وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ، وَرَوَاهُ زَائِدَةُ ، وَزُهَيْرُ بْنُ

مُعَاوِيَةَ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَعَلا : فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْبَانِيُّ سَأَلَ زِرًّا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الآيَاتِ ، فَأُخْبِرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِهِ إِلَى رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ
919- ساقط
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي عُمَرَ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ ، قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
920- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَهُ

921- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو الفضل محمد بن إبراهيم ، أَخْبَرَنَا أحمد بن سلمة ، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم ، أَخْبَرَنَا أبو أسامة ، حَدَّثَنَا زكريا بن أبي زائدة ، عن ابن أشوع ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} قالت رضي الله عنها : كان جبريل عليه السلام يأتي محمدا صلى الله عليه وسلم في صورة الرجل ، فأتاه هذه المرة قد ملأ ما بين الخافقين . رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن يوسف ، ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير ، كلاهما عن أبي أسامة
922- أخبرنا أبو علي الروذباري ، وأبو الحسين بن بشران ، قالا : أنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا سعدان بن نصر ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله هو الأنصاري ، عن ابن عون ، أنبأنا القاسم ، عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم الفرية} على الله عز وجل ، ولكن رأى جبريل عليه السلام مرتين في صورته وخلقه سادا ما بين الأفق . رواه البخاري في الصحيح ، عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج عن الأنصاري
923- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ح وَأَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ثَلاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ قُلْتُ : وَمَا هُنَّ ؟ قَالَتْ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ قَالَ : وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ ، وَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْظِرِينِي فَلا تَعْجَلِي عَلَيَّ ، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ ، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ؟ فَقَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ هَذَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ ، يَقُولُ : لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ؟ ثُمَّ قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ : وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا ؟ حَتَّى قَرَأَتْ إِلَى قَوْلِهِ : عَلِيٌّ حَكِيمٌ ، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ ، يَقُولُ : يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، إِلَى قَوْلِهِ : وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ، قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يُخْبِرُ النَّاسَ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ ، فَقَدْ

أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى ، يَقُولُ : لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ
924- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ، وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ ، فَقَالَتْ أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جِبْرِيلُ رَأَيْتُهُ مَرَّتَيْنِ : رَأَيْتُهُ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ، وَرَأَيْتُهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ الرِّوَايَةُ الأُولَى أَصَحُّ فِي ذِكْرِ الآيَتَيْنِ وَالْمَرَّتَيْنِ ، وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ الأُولَى كَانَتْ وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الأُفُقُ الْمُبِينُ عِبَارَةً عَنْهُ أَيْضًا ، ثُمَّ كَانَتِ الرُّؤْيَةُ الأُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
925- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا حسن بن سفيان ، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة ، حَدَّثَنَا علي بن مسهر ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : {ولقد رآه نزلة أخرى} قال : رأى جبريل عليه الصلاة والسلام . رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ، فاتفقت رواية

عبد الله بن مسعود وعائشة بنت الصديق وأبي هريرة رضي الله عنهم ، على أن هذه الآيات أنزلت في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه الصلاة والسلام ، وفي بعضها أسند الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أعلم بمعنى ما أنزل إليه . قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في تقدير قوله : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} على ما تأوله عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما من رؤيته صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في صورته التي خلق عليها ، والدنو منه عند المقام الذي رفع إليه وأقيم فيه قوله : {دنا فتدلى} المعني به جبريل عليه السلام تدلى من مقامه الذي جعل له في الأفق الأعلى فاستوى ، أي وقف وقفة} {ثم دنا فتدلى} أي نزل حتى كان بينه وبين المصعد الذي رفع إليه محمد صلى الله عليه وسلم قاب قوسين أو أدنى فيما يراه الرائي ويقدره المقدر . وقال بعضهم : دنا جبريل فتدلى محمد صلى الله عليه وسلم ساجدا لربه . وقوله في الحديث رأى رفرفا . يريد : جبريل عليه السلام في صورته على رفرف ، والرفرف البساط ، ويقال : فراش ، ويقال : بل هو ثوب كان لباسا له ، فقد روي أنه رآه في حلة رفرف . قلت : وفي حديث قتادة عن الحسن البصري في قوله :} {فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال : عبده جبريل عليه السلام ، أوحى الله تعالى إلى جبريل ، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم الحجاب . وهذا يدل على أنه ذهب في تفسير الآية إلى معنى ما تقدم ذكره ، وأن الله تعالى أوحى إلى جبريل عليه السلام ما أوحى ، ثم جبريل عليه السلام ألقاه إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ورأى محمد صلى الله عليه وسلم الحجاب ، يريد والله أعلم : ما روي في بعض الأخبار من رؤيته النور الأعظم ودونه الحجاب رفرف الدر والياقوت

926- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي قالا : أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن عبد الله العبسي ، حَدَّثَنَا وكيع ، عن الأعمش ، عن زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : {ما كذب الفؤاد ما رأى} {ولقد رآه نزلة أخرى} قال : رآه صلى الله عليه وسلم بفؤاده مرتين . رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره ، عن وكيع
927- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله تعالى : {إذ يغشى السدرة ما يغشى} قال : كان أغصان السدرة من لؤلؤ وياقوت} وزبرجد} ، فرآه محمد صلى الله عليه وسلم بقلبه ، ورأى ربه وعن مجاهد في قوله عز وجل : {فكان قاب قوسين أو أدنى} يعني : حيث الوتر من القوس ، يعني ربه تبارك وتعالى من جبريل عليه السلام . قلت : فعلى هذه الطريقة المراد بالقرب المذكور في الآية قرب من حيث الكرامة لا من حيث المكان ، ألا تراه قال : {أو أدنى} ، وإنما يتصور الأدنى من قاب قوسين في الكرامة ، وهو كقوله عز وجل : {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} يعني : بالإجابة ، ألا تراه قال : {أجيب دعوة الداع إذا دعان} وقد قال :

{ونحن أقرب إليه منكم}.
وقال : {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} وإنما أراد بالعلم والقدرة لا قرب البقعة ، ونظيره من الحديث
928- مَا أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرِ بْنَ الزِّبْرِقَانِ ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي غَزَاةٍ ، فَجَعَلْنَا لا نَصْعَدُ شَرَفًا وَلا نَهْبِطُ وَادِيًا إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ ، وَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ضَعُوا مِنْ أَصْوَاتِكُمْ فَإِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا ، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ دُونَ رِكَابِكُمْ.
ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ.
رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : فَقَالَ : رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا ، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا ، وَالَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ
929- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَالطَّرِيقَةُ الأُولَى فِي مَعْنَى الآيَةِ أَصَحُّ ، وَالْقَائِلُونَ بِهَا أَكْبَرُ وَأَكْثَرُ ، وَفِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّتِهَا
930- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُحَدِّثُ حَدِيثًا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَقَالَ أَوَّلُهُمْ : أَهُوَ هُوَ ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ : هُوَ خَيْرُهُمْ فَقَالَ آخِرُهُمْ : خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاؤُوهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبَهُ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُهُ ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ ، تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ ، فَتَوَلاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ ، حَتَّى فَرَّجَ عَنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ ، وَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ، ثُمَّ أَتَى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوٌّ إِيمَانًا وَحِكْمَةً ، فَحَشَا صَدْرَهُ وَجَوْفَهُ وَأَعَادَهُ ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا ، فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ ، قَالُوا : وَمَنْ مَعَكَ قَالَ : مُحَمَّدٌ قَالُوا : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالُوا : فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلا ، يَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ، لا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ ، فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : هَذَا أَبُوكَ ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلا يَا بُنَيَّ ، فَنِعْمَ الابْنُ أَنْتَ فَإِذَا هُوَ

فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهْرَيْنِ يَطَّرِدَانِ ، فَقَالَ : مَا هَذَانِ النَّهْرَانِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَانِ : النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ ، فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ ، فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ فَإِذَا هُوَ الْمِسْكُ ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ وَمَا هَذَا النَّهَرُ ؟ قَالَ : هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ، فَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ فِي الأُولَى : مَنْ هَذَا مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ قَالُوا : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالُوا : فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلا ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ فِي الأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَكُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءٌ ، قَدْ سَمَّاهُمْ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَوَعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ ، وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظِ اسْمَهُ ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي السَّادِسَةِ ، وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ ، بِفَضْلِ كَلامِ اللهِ تَعَالَى ، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ : لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ إِلَيَّ أَحَدٌ ، ثُمَّ عَلا بِهِ فِيمَا لا يَعْلَمُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى ، وَدَنَا الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَتَدَلَّى ، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا شَاءَ فِيمَا أَوْحَى خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ ؟ قَالَ : عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً عَلَى أُمَّتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ : فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا تَسْتَطِيعُ ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ ، فَعَلا بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى أَتَى بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ مَكَانُهُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ خَفِّفْ فَإِنَّ أُمَّتِي لا تَسْتَطِيعُ هَذَا فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَاحْتَبَسَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ يَرُدُّهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ احْتَبَسَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَضَيَّعُوهُ وَتَرَكُوهُ ، وَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ

أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا ، فَرَاجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ فَالْتَفَتَ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ ، فَلا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ ، فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضِعَافٌ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ ، فَخَفَّفْ عَنَّا فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : إِنِّي لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ، هِيَ كَمَا كُتِبَتْ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَلَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَةُ أَمْثَالِهَا ، هِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَهُنَّ خَمْسٌ عَلَيْكَ فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : كَيْفَ فَعَلْتَ ؟ فَقَالَ : خُفِّفَ عَنَّا ، أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرُ أَمْثَالِهَا قَالَ : قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَتَرَكُوهُ ، فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ قَالَ : فَاذْهَبْ بِاسْمِ اللهِ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأَيْلِيِّ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، وَلَمْ يَسُقْ مَتْنَهُ ، وَأَحَالَ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ لَفْظُ الدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي ، وَلا لَفْظُ الْمَكَانِ وَرَوَى حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، وَقَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ، لَيْسَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ نِسْيَانِهِ مَا حَفِظَهُ غَيْرُهُ ، وَمِنْ مُخَالَفَتِهِ فِي مَقَامَاتِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ رَآهُمْ فِي السَّمَاءِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ : فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَمِعْرَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ ، وَإِنَّمَا شَقُّ صَدْرِهِ كَانَ وَهُوَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِطُولِهَا إِنَّمَا هِيَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ ، لَمْ يَعُزْهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا رَوَاهَا عَنْهُ ، وَلا أَضَافَهَا إِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ خَالَفَهُ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ مِنْهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَعَائِشَةُ ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهُمْ أَحْفَظُ

وَأَكْبَرُ وَأَكْثَرُ ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، الْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالَّذِي قِيلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَقْوَالٌ أَحَدُهَا : أَنَّهُ دَنَا : يَعْنِي : جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَدَلَّى : أَيْ : فَقَرُبَ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ، عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، أَيْ تَدَلَّى وَدَنَا ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّدَلِّي سَبَبُ الدُّنُوِّ
931- أَخْبَرَنَا بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ ، قَالَ : قَالَ الْفَرَّاءُ : قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ دَنَا مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى كَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى : أَيْ قَدْرَ قَوْسَيْنِ عَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ أَدْنَى ، فَأَوْحَى : يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِلَى عَبْدِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٍ مَا أَوْحَى قَالَ الْفَرَّاءُ : قَوْلُهُ : فَتَدَلَّى : كَانَ الْمَعْنَى : ثُمَّ تَدَلَّى فَدَنَا ، وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ إِذَا كَانَ مَعْنَى الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا أَوْ كَالْوَاحِدِ ، قَدَّمْتَ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، فَقُلْتَ : قَدْ دَنَا فَقَرُبَ ، وَقَرُبَ فَدَنَا ، وَشَتَمَنِي فَأَسَاءَ وَأَسَاءَ فَشَتَمَنِي لأَنَّ الشَّتْمَ وَالإِسَاءَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ : انْشَقَّ الْقَمَرُ وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ تَدَلَّى يَعْنِي جِبْرِيلَ بَعْدَ الانْتِصَابِ وَالارْتِفَاعِ حَتَّى رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَدَلِّيًا كَمَا رَآهُ مُنْتَصِبًا ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ قُدْرَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَ أَقْدَرَهُ عَلَى أَنْ يَتَدَلَّى فِي الْهَوَاءِ مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادٍ عَلَى شَيْءٍ وَلا تَمَسُّكٍ

بِشَيْءٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَى قَوْلُهُ : دَنَا ، يَعْنِي : جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، فَتَدَلَّى ، مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا لِرَبِّهِ شُكْرًا عَلَى مَا أَرَاهُ مِنْ قُدْرَتِهِ ، وَأَنَالَهُ مِنْ كَرَامَتِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّ التَّدَلِّي مُضَافٌ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، جَلَّ رَبُّنَا عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَنُعُوتِ الْمَرْبُوبِينَ الْمَحْدُودِينَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَفِي الْحَدِيثِ لَفْظَةٌ أُخْرَى تَفَرَّدَ بِهَا شَرِيكٌ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرُهُ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : فَقَالَ وَهُوَ مَكَانُهُ ، وَالْمَكَانُ لا يُضَافُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ ، إِنَّمَا هُوَ مَكَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُقَامُهُ الأَوَّلُ الَّذِي أُقِيمَ فِيهِ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَهَهُنَا لَفْظَةٌ أُخْرَى فِي قِصَّةِ الشَّفَاعَةِ ، رَوَاهَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَيَأْتُونِي ، يَعْنِي أَهْلَ الْمَحْشَرِ ، يَسْأَلُونِي الشَّفَاعَةَ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ
932- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : مَعْنَى قَوْلِهِ : فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ أَيْ : فِي دَارِهِ الَّتِي دَوَّرَهَا لأَوْلِيَائِهِ وَهِيَ الْجَنَّةُ ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :

لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَكَمَا يُقَالُ : بَيْتُ اللهِ ، وَحَرَمُ اللهِ ، يُرِيدُونَ الْبَيْتَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَالْحَرَمَ الَّذِي جَعَلَهُ أَمَنًا وَمِثْلُهُ رَوْحُ اللهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْضِيلِ لَهُ عَلَى سَائِرِ الأَرْوَاحِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي تَرْتِيبِ الْكَلامِ كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلا : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ، فَأَضَافَ الرَّسُولَ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ
933- قلت : وما ذكرنا في حديث أنس رضي الله عنه فمثله نقول فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، أَخْبَرَنَا سعيد بن يحيى الأموي ، حدثني أبي ، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تبارك وتعالى : {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى} قال : {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : قد رآه النبي صلى الله عليه وسلم

934- وأما الحديث الذي أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو الطيب محمد بن أحمد بن الحسن الحيري ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الوهاب ، حَدَّثَنَا يعلى بن عبيد الطنافسي ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق . وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، حَدَّثَنَا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، قال : إن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بعث إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يسأله : هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فأرسل إليه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن نعم . فرد عليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رسوله أن كيف رآه ؟ فأرسل : إنه رآه في روضة خضراء ، دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب ، يحمله أربعة من

الملائكة : ملك في صورة رجل ، وملك في صورة ثور ، وملك في صورة نسر ، وملك في صورة أسد . لفظ حديث يعلى . زاد يونس في روايته : في صورة رجل شاب . قلت فهذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار ، وقد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه ، وفي هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس رضي الله عنهما وبين الراوي عنه ، وليس شيء من هذه الألفاظ في الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وروي من وجه آخر ضعيف
935- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ سُئِلَ : هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، رَآهُ كَأَنَّ قَدَمَيْهِ عَلَى خُضْرَةٍ ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ فَقُلْتُ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ، قَالَ : يَا لا أُمَّ لَكَ ، ذَاكَ نُورُهُ الَّذِي هُوَ نُورُهُ ، إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ لا يُدْرِكَهُ شَيْءٌ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ضَعِيفٌ فِي الرِّوَايَةِ ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ
936- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ ، يَقُولُ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ضَعِيفٌ ، قُلْتُ :

وَرُوِيَ ، عَنِ الْقِنْبَارِيِّ ، عَنِ الْحَكَمِ ، وَهُوَ مَجْهُولٌ ، وَالْحَكَمُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ فِي الصَّحِيحِ
937- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ : مُوسَى الْقِنْبَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَضَعِيفُهُ قُلْتُ : وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ كَمَا
938- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ الذِّرَاعُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظَ ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رَأَيْتُ رَبِّي جَعْدًا أَمْرَدَ

عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْمَوْصِلِيُّ ، وَابْنُ شَهْرَيَارَ ، قَالا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللهِ بْنِ مُوسَى ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ جَعْدٍ قَالَ : وَزَادَ عَلِيُّ بْنُ شَهْرَيَارَ : عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ ، دُونَهُ سِتْرٌ مِنْ لُؤْلُؤِ ، قَدَمَيْهِ ، أَوْ قَالَ : رِجْلَيْهِ ، فِي خُضْرَةٍ

939- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَعْدٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَهُ وَهَذَا إِنَّمَا يُعْرَفُ بِالأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ شَاذَانَ ، عَنْ حَمَّادٍ.
وَرُوِّينَاهُ مِنْ ، حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ الذِّرَاعِ ، عَنْ حَمَّادٍ ، وَرُوِيَ مِنْ ، وَجْهَيْنِ ، آخَرَيْنِ عَنْ حَمَّادٍ ، فَذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ ، وَكَانَ مِنَ الْمُتَعَصِّبِينَ ، إِلَى مَا :
940- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعِ الثَّلْجِيُّ ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : كَانَ حَمَّادُ بْنُ

سَلَمَةَ لا يُعْرَفُ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ حَتَّى خَرَجَ خَرْجَةً إِلَى عَبَادَانَ ، فَجَاءَ وَهُوَ يَرْوِيهَا ، فَلا أَحْسِبُ إِلاَّ شَيْطَانًا خَرَجَ إِلَيْهِ فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهَا إِلَيْهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّلْجِيُّ : فَسَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ صُهَيْبٍ ، يَقُولُ : إِنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ لا يَحْفَظُ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّهَا دُسَّتْ فِي كُتُبِهِ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَوْجَاءِ كَانَ رَبِيبُهُ ، وَكَانَ يَدُسُّ فِي كُتُبِهِ هَذِهِ الأَحَادِيثَ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّلْجِيُّ : كَذَّابٌ ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ وَيَدُّسُّهُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِأَحَادِيثَ كُفْرِيَّاتٍ مِنْ تَدْسِيسِهِ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : وَالأَحَادِيثُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي الرُّؤْيَةِ قَدْ رَوَاهَا غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، قُلْتُ : وَقَدْ حَمَلَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَزَعَمَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ تَكَلَّمَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ عَطَاءٌ.

وَطَاوُسٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لا يَرْضَاهُ ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي الصِّحَاحِ
941- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ ، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ : أَشْهَدُ ، أَكْثَرُ عِلْمِي عَلَيَّ أَبِي ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ لِغُلامٍ لَهُ ، اسْمُهُ بُرْدٌ : إِيَّاكَ يَا بُرْدُ أَنْ تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا يَكْذِبُ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ

قُلْتُ : وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : مِنْ غَيْرِ أَنْ عَزَاهَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ أَخْضَرَ وَثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فِي قَوْلِهِ : إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ، قَالَ : غَشِيَهَا فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي صُورَتِهِ ، وَهُوَ إِنَّمَا رَأَى جِبْرِيلَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ثُمَّ قَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ فِي الْمَنَامِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أُمِّ الطُّفَيْلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَذَلِكَ فِيمَا
942- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ أُمِّ الطُّفَيْلِ ، امْرَأَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَنَامِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ، مُوَفَّرٍ فِي خُضْرٍ ، عَلَى

فِرَاشٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فِي رِجْلَيْهِ نَعْلانِ مِنْ ذَهَبٍ وَقَوْلُهُ مُوَفَّرٍ : يَعْنِي : ذَا وَفْرَةٍ أَيْ : شَعْرَةٌ وَقَوْلُهُ فِي خُضْرٍ أَيْ : فِي ثِيَابٍ خُضْرٍ ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَهُوَ حِكَايَةٌ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا فِي الْمَنَامِ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ : رُؤْيَا النَّوْمِ قَدْ يَكُونُ وَهُمًا يَجْعَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى دَلالَةً لِلرَّائِي عَلَى أَمَرٍ سَالِفٍ أَوْ آنِفٍ عَلَى طَرِيقِ التَّعْبِيرِ

باب ما جاء في قول الله عز وجل : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} ما جاء في قول الله عز وجل : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور} ، وقوله تبارك وتعالى : {وجاء ربك والملك صفا صفا} .
943- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن الفضل الصائغ ، حَدَّثَنَا آدم بن أبي إياس ، حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله تعالى : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} يقول : الملائكة يجيئون في ظلل من الغمام ، والله عز وجل يجيء فيما يشاء ، وهي في بعض القراءة : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} وهي كقوله} {ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا} . قلت : فصح بهذا التفسير أن الغمام إنما هو مكان الملائكة ومركبهم ، وأن الله تعالى

لا مكان له ولا مركب ، وأما الإتيان والمجيء فعلى قول أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه يحدث الله تعالى يوم القيامة فعلا يسميه إتيانا ومجيئا ، لا بأن يتحرك أو ينتقل ، فإن الحركة والسكون والاستقرار من صفات الأجسام ، والله تعالى أحد صمد ليس كمثله شيء . وهذا كقوله عز وجل : {فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} ولم يرد به إتيانا من حيث النقلة ، إنما أراد إحداث الفعل الذي به خرب بنيانهم وخر عليهم السقف من فوقهم ، فسمى ذلك الفعل إتيانا ، وهكذا قال في أخبار النزول إن المراد به فعل يحدثه الله عز وجل في سماء الدنيا كل ليلة يسميه نزولا بلا حركة ولا نقلة ، تعالى الله عن صفات المخلوقين
944- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النِّجَادُ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ الأَشْجَعِيِّ ، وَأَنَا أَسْمَعُ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَغَرِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَخِيرُ ، فَيَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟

945- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ فَذَكَرَ بِمَعْنَاهُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَرَوَاهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
946- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، والعباس بن محمد الدوري ، قالا : حَدَّثَنَا محاضر بن المورع ، حَدَّثَنَا سعد بن سعيد ، أَخْبَرَنَا سعيد بن مرجانة ، قال : سمعت أبا هريرة ، رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل الله إلى السماء الدنيا لشطر الليل ـ أو لثلث الليل ـ الأخير فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ أو يسألني فأعطيه ؟ ثم يقول : من يقرض غير عدوم ولا ظلوم ؟ رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر ، عن محاضر بن المورع ، وأخرجه أيضا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، ورواه أيضا أبو جعفر محمد بن علي في آخرين عن أبي هريرة رضي الله عنه
947- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الأَغَرَّ ، يَقُولُ : أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ حَتَّى يَمْضِيَ ثُلُثَا اللَّيْلِ ثُمَّ يَهْبِطُ ، فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ مِنْ ذَنْبٍ ؟ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَقَالَ : فَيَنْزِلُ بَدَلَ قَوْلِهِ : ثُمَّ يَهْبِطُ وَبِمَعْنَاهُ قَالَهُ مَنْصُورٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ : يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا
948- أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَانَةَ الشَّاهِدُ ، بِهَمَذَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ ، فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ قَالَ : وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لَفْظُ حَدِيثِ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ أَتَمُّ وَقَدْ رُوِيَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَرِفَاعَةَ بْنِ عَرَابَةَ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرُوِيَ فِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ ، وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

949- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق الصاغاني ، أَخْبَرَنَا سلم بن قادم ، حَدَّثَنَا موسى بن داود ، قال : قال لي عباد بن العوام : قدم علينا شريك بن عبد الله منذ نحو من خمسين سنة ، قال : فقلت له : يا أبا عبد الله ، إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث . قال : فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا ، وقال : أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم عمن أخذوا ؟

950- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا زكريا العنبري ، يقول : سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق الثقفي يقول : سمعت الحسن بن عبد العزيز الجروي ، يقول : سمعت قاضي فارس يقول : قال إسحاق بن راهويه : دخلت يوما على عبد الله بن طاهر فقال لي : يا أبا يعقوب ، تقول إن الله ينزل كل ليلة ؟ فقلت له : ويقدر . فسكت عبد الله . قال أبو العباس : أخبرني الثقة من أصحابنا قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : دخلت على عبد الله بن طاهر فقال لي : يا أبا يعقوب ، تقول إن الله ينزل كل ليلة ؟ فقلت : أيها الأمير إن الله تعالى بعث إلينا نبيا ، نقل إلينا عنه أخبار بها نحلل الدماء ، وبها نحرم ، وبها نحلل الفروج ، وبها نحرم ، وبها نبيح الأموال وبها نحرم ، فإن صح ذا صح ذاك ، وإن بطل ذا بطل ذاك . قال : فأمسك عبد الله
951- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أحمد بن سلمة ، يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، يقول : جمعني وهذا المبتدع ـ يعني إبراهيم بن أبي صالح ـ مجلس الأمير عبد الله بن طاهر

فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها ، فقال إبراهيم : كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء . فقلت : آمنت برب يفعل ما يشاء . قال فرضي عبد الله كلامي وأنكر على إبراهيم . هذا معنى الحكاية
952- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا زكريا العنبري ، يقول : سمعت أبا العباس ، يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم ، يقول : دخلت يوما على طاهر بن عبد الله بن طاهر ، وعنده منصور بن طلحة ، فقال لي : يا أبا يعقوب ، إن الله ينزل كل ليلة ؟ فقلت له : تؤمن به ؟ فقال طاهر : ألم أنهك عن هذا الشيخ ، ما دعاك إلى أن تسأله عن مثل هذا ؟ قال إسحاق : فقلت له : إذا أنت لم تؤمن أن لك ربا يفعل ما يشاء ، لست تحتاج أن تسألني . قلت : فقد بين إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في هذه الحكاية أن النزول عنده من صفات الفعل ، ثم إنه كان يجعله نزولا بلا كيف ، وفي ذلك دلالة على أنه كان لا يعتقد فيه الانتقال والزوال
953- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني ، قال : وفيما أجازني جدي يعني محمود بن الفرح قال : قال إسحاق بن

راهويه : سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني في النزول ـ فقلت له : النزول بلا كيف . قال أبو سليمان الخطابي : هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها ، وإجراءها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها . وذكر الحكاية التي
954- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، أَخْبَرَنَا أبو محمد بن حيان ، حَدَّثَنَا الحسن بن محمد الداركي ، حَدَّثَنَا أبو زرعة ، حَدَّثَنَا ابن مصفى ، حَدَّثَنَا بقية ، حَدَّثَنَا الأوزاعي ، عن الزهري ، ومكحول ، قالا : امضوا الأحاديث على ما جاءت
955- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ، حَدَّثَنَا محمد بن بشر بن مطر ، حَدَّثَنَا الهيثم بن خارجة ، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم ، قال : سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في التشبيه فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيفية

قال أبو سليمان : وقد روينا عن عبد الله بن المبارك أن رجلا قال له ، كيف ينزل ؟ فقال له بالفارسية : {كدخدائ كارخويش كن} ينزل كما يشاء .
956- أخبرنا أبو عثمان ، حَدَّثَنَا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل ، حَدَّثَنَا محبوب بن عبد الرحمن القاضي ، حَدَّثَنَا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن محبوب ، حَدَّثَنَا أحمد بن حيويه ، حدثنا أبو عبد الرحمن العتكي ، حَدَّثَنَا محمد بن سلام ، قال : سألت عبد الله بن المبارك . فذكر حكاية قال فيها : فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن ، كيف ينزل ؟ فقال عبد الله بن المبارك : كدخاي كارخويش كن ينزل كيف يشاء قال أبو سليمان رحمه الله : وإنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما يشاهده من النزول الذي هو نزلة من أعلى إلى أسفل ، وانتقال من فوق إلى تحت ، وهذا صفة الأجسام والأشباح ، فأما نزول من لا يستولي عليه صفات الأجسام فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه ، وإنما هو خبر عن قدرته ورأفته بعباده ، وعطفه عليهم واستجابته دعائهم ومغفرته لهم ، يفعل ما يشاء ، لا يتوجه على صفاته كيفية ، ولا على أفعاله كمية ، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وقال أبو سليمان رحمه الله في معالم السنن : وهذا من العلم الذي أمرنا أن نؤمن بظاهره.

وأن لا نكشف عن باطنه ، وهو من جملة المتشابه الذي ذكره الله تعالى في كتابه فقال : {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} الآية فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي والعمل ، والمتشابه يقع به الإيمان والعلم الظاهر ، ويوكل باطنه إلى الله عز وجل ، وهو معنى قوله : {وما يعلم تأويله إلا الله} وإنما حظ الراسخين أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا . وكذلك ما جاء من هذا الباب في القرآن كقوله عز وجل : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر}.
وقوله : {وجاء ربك والملك صفا صفا} والقول في جميع ذلك عند علماء السلف هو ما قلناه ، وروي مثل ذلك عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم . وقد زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال ، فحاد عن هذه الطريقة حين روى حديث النزول ، ثم أقبل على نفسه ، فقال : إن قال قائل : كيف ينزل ربنا إلى السماء ؟ قيل له : ينزل كيف يشاء . فإن قال : هل يتحرك إذا نزل ؟ فقال : إن شاء يتحرك وإن شاء لم يتحرك . وهذا خطأ فاحش عظيم ، والله تعالى لا يوصف بالحركة ، لأن الحركة والسكون يتعاقبان في محل واحد ، وإنما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن يوصف بالسكون ، وكلاهما من أعراض الحدث ، وأوصاف المخلوقين ، والله تبارك وتعالى متعال عنهما ، ليس كمثله شيء . فلو جرى هذا الشيخ على طريقة السلف الصالح ولم يدخل نفسه فيما لا يعنيه لم يكن يخرج به القول إلى مثل هذا الخطأ الفاحش . قال : وإنما ذكرت هذا لكي يتوقى الكلام فيما كان من هذا النوع ، فإنه لا يثمر خيرا ولا يفيد رشدا ، ونسأل الله العصمة من

الضلال ، والقول بما لا يجوز من الفاسد والمحال . وقال القتيبي : قد يكون النزول بمعنى إقبال على الشيء بالإرادة والنية ، وكذلك الهبوط والارتفاع والبلوغ والمصير ، وأشباه هذا الكلام ، وذكر من كلام العرب ما يدل على ذلك . قال : ولا يراد في شيء من هذا انتقال يعني بالذات ، وإنما يراد به القصد إلى الشيء بالإرادة والعزم والنية . قلت : وفيما قاله أبو سليمان رحمه الله كفاية ، وقد أشار إلى معناه القتيبي في كلامه ، فقال : لا نحتم على النزول منه بشيء ، ولكنا نبين كيف هو في اللغة ، والله أعلم بما أراد . وقرأت بخط الأستاذ أبي عثمان رحمه الله في كتاب الدعوات عقيب حديث النزول : قال الأستاذ أبو منصور يعني الحمشاذي على إثر الخبر : وقد اختلف العلماء في قوله : ينزل الله فسئل أبو حنيفة عنه فقال : ينزل بلا كيف . وقال حماد بن زيد : نزوله إقباله . وقال بعضهم : ينزل نزولا يليق بالربوبية بلا كيف ، من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بالتجلي والتملي ، لأنه جل جلاله منزه عن أن تكون صفاته مثل صفات الخلق ، كما كان منزها عن أن تكون ذاته مثل ذات الغير ، فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق بصفاته من غير تشبيه وكيفية . ثم روى الإمام رحمه الله عقيب حكاية ابن المبارك حين سئل عن كيفية نزوله ، فقال عبد الله : كد خداي كارخويش كن ينزل كيف يشاء . وقد سبقت منه هذه الحكاية بإسناده وكتبتها حيث ذكرها أبو سليمان رحمه الله .
957- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا محمد أحمد بن عبد الله

المزني يقول : حديث النزول قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه صحيحة وورد في التنزيل ما يصدقه وهو قوله تعالى : {وجاء ربك والملك صفا صفا} والمجيء والنزول صفتان منفيتان عن الله تعالى ، من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال ، بل هما صفتان من صفات الله تعالى بلا تشبيه ، جل الله تعالى عما يقول المعطلة لصفاته والمشبهة بها علوا كبيرا
958- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : تَلا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاحْذَرُوهُمْ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ في الصحيح ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ

باب ما روي في التقرب والإتيان والهرولة
959- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَجَزَاؤُهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَجَزَاؤُهُ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا ، جَعَلْتُ لَهُ مِثْلَهَا مَغْفِرَةً فَقَالُوا : هَذَا الْحَدِيثُ يَسْتَبْشِعُهُ النَّاسُ فَقَالَ : إِنَّمَا هَذَا عِنْدَنَا عَلَى الإِجَابَةِ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، وَقَالَ فِي أَوَّلِهِ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَتِنَا ، وَالَّذِي فِي آخِرِ رِوَايَتِنَا أَظُنُّهُ مِنْ قَوْلِ الأَعْمَشِ
960- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنْ تَقَرَّبَ عَبْدِي مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا

961- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ الدَّلالُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، زَادَ : وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ أَبِي زَيْدٍ الْهَرَوِيِّ نَازِلا عَنْ شُعْبَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ مُعْتَمِرٌ : سَمِعْتُ أَبِيَ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ
962- أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، إِمْلاءً ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ أَبُو بَكْرٍ الإِمَامُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَنَّهُ قَالَ : إِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي عَبْدِي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بُوعًا ، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي بُوعًا أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ أَوْ كَمَا قَالَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سَهْلٍ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِصَارٌ ، وَلَفْظَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا هَذَا الرَّاوِي ، إِذْ سَائِرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ : إِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَيَقُولُونَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ : وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ أُهَرْوِلُ وَالْبَاعُ وَالْبُوعُ مُسْتَقِيمَانِ فِي اللُّغَةِ ، جَارِيَتَانِ عَلَى سَبِيلِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَالأَصْلُ فِي الْحَرْفِ الْوَاوُ ، فَقَلَّبْتُ الْوَاوُ أَلْفًا لِلْفَتْحَةِ ثُمَّ الْجَهْمِيَّةُ ، وَأَصْنَافُ الْقَدَرِيَّةِ ، وَأَخْيَافُ الْمُعْتَزَلَيَّةِ ، الْمُجْتَرِئَةِ عَلَى رَدِّ أَخْبَارِ الرَّسُولِ بِالْمُزَيَّفِ مِنَ الْمَعْقُولِ ، لَمَّا رُدُّوا إِلَى حَوْلِهِمْ وَأَحَاطَ بِهِمُ الْخِذْلانُ ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ

بِخَدَائِعِهِ الشَّيْطَانُ ، وَلَمْ يَعْصِمْهُمُ التَّوْفِيقُ وَلا اسْتَنْقَذَهُمُ التَّحْقِيقُ ، قَالُوا : الْهَرْوَلَةُ لا تَكُونُ إِلاَّ مِنَ الْجِسْمِ الْمُنْتَقِلِ ، وَالْحَيَوَانُ الْمُهَرْوِلُ ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ حَرَكَاتِ الإِنْسَانِ كَالْهَرْوَلَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْحَجِّ ، وَهَكَذَا قَالُوا ، فِي قَوْلِهِ : تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا تَشْبِيهٌ إِذْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الأَشْخَاصِ الْمُتَقَارِبَةِ ، وَالأَجْسَامِ الْمُتَدَانِيَةِ الْحَامِلَةِ لِلأَعْرَاضِ ، ذَوَاتِ الانْبِسَاطِ وَالانْقِبَاضِ ، فَأَمَّا الْقَدِيمُ الْمُتَعَالِي عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَعَنْ نُعُوتِ الْمُخْتَرِعِينَ ، فَلا يُقَالُ عَلَيْهِ مَا يَنْثَلِمُ بِهِ التَّوْحِيدُ ، وَلا يَسْلَمُ عَلَيْهِ التَّمْجِيدُ فَأَقُولُ : إِنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِقٌ لِقَضَايَا الْعُقُولِ ، إِذْ هُوَ سَيِّدُ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ، وَلَكِنْ مَنْ نَبَذَ الدِّينَ وَرَاءَهُ ، وَحَكَّمَ هَوَاهُ وَآرَاءَهُ ، ضَلَّ عَنْ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبَاءَ بِسَخَطِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنْ مَوْلاهُ بِطَاعَاتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَحَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ سِرًّا وَعَلَنًا ، كَالَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي بِمِثْلِ مَا تَقَرَّبَ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ ، فَلا يَزَالُ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أَكُونَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَهَذَا الْقَوْلُ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ لَطِيفِ التَّمْثِيلِ عِنْدَ ذَوِي التَّحْصِيلِ ، الْبَعِيدُ مِنَ التَّشْبِيهِ ، الْمَكِينُ مِنَ التَّوْحِيدُ ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْحَقُّ عَلَى الْمتَقَرِّبِ إِلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى لا يَسْمَعُ شَيْئًا إِلاَّ بِهِ ، وَلا يَنْطِقُ إِلاَّ عَنْهُ ، نَشْرًا لآلائِهِ ، وَذِكْرًا لِنَعْمَائِهِ ، وَإِخْبَارًا عَنْ مِنَنِهِ الْمُسْتَغْرِقَةِ لِلْخَلْقِ ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ : يَسْمَعُ بِهِ وَيَنْطِقُ وَلا يَقَعُ نَظَرُهُ عَلَى مَنْظُورٍ إِلَيْهِ ، إِلاَّ رَآهُ بِقَلْبِهِ مُوَحِّدًا ، وَبِلَطَائِفِ آثَارِ حِكْمَتِهِ ، وَمَوَاقِعِ قُدْرَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَئِيِّ الْمُشَاهِدِ ، يَشْهَدُهُ بِعَيْنِ التَّدْبِيرِ وَتَحقِيقِ التَّقْدِيرِ ، وَتَصْدِيقِ التَّصْوِيرِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ شَاهِدٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ فَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ بِالإِحْسَانِ ، وَتَقَرُّبُ الْحَقِّ بِالامْتِنَانِ ، يُرِيدُ أَنَّهُ الَّذِي أَدْنَاهُ ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ ، وَتَقَرُّبُ الْبَارِي إِلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالسُّؤَالِ ، وَتَقَرُّبُهُ إِلَيْهِ بِالنَّوَالِ ، وَتَقَرُّبُ الْعَبْدِ إِلَيْهِ بِالسِّرِّ ، وَتَقَرُّبُهُ إِلَيْهِ بِالْبِشْرِ ، لا مِنْ حَيْثُ تَوَهَّمَتْهُ الْفِرْقَةُ الْمُضِلَّةِ لِلأَغْمَارِ وَالْمُتَغَابِيَةُ بِالإِعْثَارِ

وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَاهُ : إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ بِمَا بِهِ تَعَبَدْتُهُ ، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ وَعَدْتُهُ وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ : إِنَّمَا هُوَ كَلامٌ خَرَجَ عَلَى طَرِيقِ الْقُرْبِ مِنَ الْقُلُوبِ دُونَ الْحَوَاسِّ ، مَعَ السَّلامَةِ مِنَ الْعُيُوبِ عَلَى حَسْبِ مَا يَعْرِفُهُ الْمُشَاهِدُونَ ، وَيَجِدُهُ الْعَابِدُونَ مِنْ أَخْبَارِ دُنُوِّ مَنْ يَدْنُو مِنْهُ ، وَقَرْبِ مَنْ يَقْرُبُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ عَلَى هَذِهِ السَّبِيلِ ، وَعَلَى مَذْهَبِ التَّمْثِيلِ ، وَلِسَانِ التَّعْلِيمِ بِمَا يَقْرُبُ مِنَ التَّفْهِيمِ ، إِنَّ قُرْبَ الْبَارِي مِنْ خَلْقِهِ بِقُرْبِهِمْ إِلَيْهِ بِالْخُرُوجِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْهَرْوَلَةِ ، إِنَّمَا يُخْبِرُ عَنْ سُرْعَةِ الْقَبُولِ ، وَحَقِيقَةِ الإِقْبَالِ ، وَدَرَجَةِ الْوُصُولِ ، وَالْوَصْفُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، يَصْرِفُهُ لِسَانُ التَّوْحِيدِ ، وَبَيَانُ التَّجْرِيدِ ، إِلَى نُعُوتِهِ الْمُتَعَالِيَةِ ، وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَلَوْلا الإِمْلالُ أَحْذَرُهُ وَأَخْشَاهُ ، لَقُلْتُ فِي هَذَا مَا يَطُولُ دَرْكُهُ ، وَيَصْعُبُ مِلْكُهُ ، وَالَّذِي أَقُولُ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَأَشْبَاهِهِ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَنْقُولَةِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالاسْتِقَامَةِ بِالرُّوَاةِ الأَثْبَاتِ الْعُدُولِ ، وُجُوبَ التَّسْلِيمِ ، وَلَفْظَ التَّحْكِيمِ ، وَالانْقِيَادَ بِتَحْقِيقِ الطَّاعَةِ ، وَقَطْعِ الرَّيْبِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ النُّجَبَاءِ ، الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وُزَرَاءَ وَأَصْفِيَاءَ ، وَخُلَفَاءَ ، وَجَعَلَهُمُ السُّفَرَاءَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنْ حَقِّ عِدَاهُ أَوْ عَدُوِّهِ ، وَصِدْقٍ تَجَاوَزُوهُ ، وَالنَّاسُ ضَرْبَانِ : مُقَلِّدُونَ وَعُلَمَاءٌ ، فَالَّذِينَ يُقَلِّدُونَ أَئِمَّةَ الدِّينِ ، سَبِيلُهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَوَارِدِ ، وَالَّذِينَ مُنِحُوا الْعِلْمَ وَرُزِقُوا الْفَهْمَ هُمُ الأَنْوَارُ الْمُسْتَضَاءُ بِهِمْ ، وَالأَئِمَّةُ الْمُقْتَدَى بِهِمْ ، وَلا أَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الطَّائِفَةَ السُّنِّيَّةَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
963- أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ

أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ ، بِالْبَصْرَةِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَاضِي حِمْصَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ، وَكَانَ ثِقَةً ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْعَيَّارِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تَرَوْنَ الشَّمْسَ فِي يَوْمٍ لا غَيْمَ فِيهِ ، وَتَرَوْنَ الْقَمَرَ فِي لَيْلَةٍ لا غَيْمَ فِيهَا ؟ قُلْنَا : نَعَمْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخَاصِرُ رَبَّهُ مُخَاصَرَةً ، فَيَقُولُ لَهُ : عَبْدِي هَلْ تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَيَقُولُ : رَبِّ أَلَمْ تَغْفِرْ لِي ، فَيَقُولُ : بِمَغْفِرَتِي صِرْتَ إِلَى هَذَا
قُلْتُ : حَدِيثُ الرُّؤْيَةِ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ليس فيه لفظ المخاصرة وسلمة بن العيار وسيف

بن عبيد الله لم يكونا يذكرا في الصحاح وبمثل هذا لا يَثْبُتُ بِرِوَايَةِ أَمْثَالِهِمَا ثُمَّ إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مُخَاصَرَتِهِ مَلائِكَةِ رَبِّهِ ، أَوْ نِعْمَةِ رَبِّهِ ، وَالْمُخَاصَرَةُ الْمُصَافَحَةُ ، وَقَدْ مَضَى فِي الرُّكْنِ الرُّكْنِ أَنَّهُ يَمِينُ اللهِ تَعَالَى الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ ، فَلا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ فِي الآخِرَةِ لِلْعَرْشِ أَوْ غَيْرِهِ رُكْنٌ ، أَوْ شَيْءٌ يُصَافِحُهُ عِبَادُ اللهِ تَعَالَى ، كَمَا يُصَافِحُونَ الرُّكْنَ فِي الدُّنْيَا وَيَسْتَلِمُونَهُ ، تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ تَعَالَى

باب ما روي في الوطأة بوج
964- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي سُوَيْدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : زَعَمَتِ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَهُوَ مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَيِ ابْنَتِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتُبَخِّلُونَ وَتُجَبِّنُونَ وَتُجَهِّلُونَ ، وَإِنَّكُمْ لَمِنْ رَيْحَانِ اللهِ تَعَالَى ، وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ جَلَّ وَعَلا بِوَجٍّ قُلْتُ : قَوْلُهُ : لَمِنْ رَيْحَانِ اللهِ يَعْنِي بِهِ : مِنْ رِزْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ

965- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ هُوَ الأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنِ ابْنِ خيثمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ ، أَنَّ حَسَنًا وَحُسَيْنًا ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَقْبَلا يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَاءَهُ أَحَدُهُمَا جَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ ، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَعَلَ يَدَهُ فِي عُنُقِهِ ، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا وَقَبَّلَ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ ، وَإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وَطِئَهَا الرَّحْمَنُ بِوَجٍّ الْوَطْأَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِبَارَةٌ عَنْ نُزُولِ بَأْسِهِ بِهِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ : مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ : أَنَّ آخِرَ مَا أَوْقَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْمُشْرِكِينَ بِالطَّائِفِ ، وَكَانَ آخِرُ غَزَاةٍ غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ فِيهَا الْعَدُوَّ ، وَوَجٌّ وَادٍ بِالطَّائِفِ قَالَ : وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَذْهَبُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، قَالَ : وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ

966- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَذَكَرَهُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ قُلْتُ : وَهُوَ كَمَا رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ : سُبْحَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ ، سُبْحَانَ الَّذِي فِي الأَرْضِ مَوْطِئُهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ آثَارَ قُدْرَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

967- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدُوسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ ، يَقُولُ فِي حَدِيثِ خَوْلَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ بِوَجٍّ : قَالَ : سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ فَسَّرَهُ ، فَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ آخِرُ خَيْلِ اللهِ بِوَجٍّ قَالَ الدَّارِمِيُّ : وَالْوَجُّ : مَدِينَةُ الطَّائِفِ قُلْتُ : الْوَجُّ : وَادٍ بِالطَّائِفِ ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ ، وَهُوَ مِنْ حِصْنِهَا قَرِيبٌ وَكَانَتْ مَدِينَةُ الطَّائِفِ أَيْضًا تُسَمَّى وَجًّا كَمَا قَالَ الدَّارِمِيُّ

باب ما روي في النفس وتقذر النفس
968- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَفْطَسُ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ ، قَالَ : دَنَوْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَادَتْ رُكْبَتَايَ تَمَسَّانِ فَخِذَهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بُهِيَ بِالْخَيْلِ وَأُلْقِيَ السِّلاحُ ، فَزَعَمُوا أَنْ لا قِتَالَ ، وَقَالَ يَعْقُوبُ فِي حَدِيثِهِ : وَزَعَمَ أَقْوَامٌ أَنْ لا قِتَالَ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبُوا ، الآنَ جَاءَ الْقِتَالُ ، لا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرَةٌ عَلَى النَّاسِ ، يُزِيغُ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَ أَقْوَامٍ فَيُقَاتِلُونَهُمْ لِيَنَالُوا مِنْهُمْ وَقَالَ يَعْقُوبُ : قُلُوبُ قَوْمٍ قَاتَلُوهُمْ لِيَنَالُوا مِنْهُمْ وَقَالَ وَهُوَ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ قِبَلَ الْيَمَنِ : إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا ، وَلَقَدْ أَوْحِيَ إِلَيَّ أَنِّي مَكْفُونٌ غَيْرُ مُلَبَّثٍ وَتَتْبَعُونِي أَفْنَادًا ، وَالْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ : بُهِيَ إِذَا عُطِّلَتِ الْخَيْلُ قُلْتُ : قَوْلُهُ : إِنِّي أَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِنْ هَهُنَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَإِنَّمَا أَرَادَ : إِنِّي أَجِدُ الْفَرَجَ مِنْ قِبَلِ

الْيَمَنِ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا أَرَادَ : مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً
969- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أَخْبَرَنَا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس ، حَدَّثَنَا محمد بن منده ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن موسى ، حَدَّثَنَا جرير ، عن الأعمش ، عن حبيب بن

أبي ثابت ، عن ذر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن أبي بن كعب ، رضي الله عنه ، قال : لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن تبارك وتعالى . هذا موقوف على أبي بن كعب رضي الله عنه . وإنما أراد والله أعلم : الريح من روح الله ، وهو كما روي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : الريح من روح الله تعالى ، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب ، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها ، واستعيذوا بالله من شرها . وقرأت في كتاب الغريبين : قال أبو منصور الأزهري : النفس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقي ، من نفس ينفس تنفيسا ونفسا ، كما

يقال فرج يفرج تفريجا وفرجا ، كأنه قال : أجد تنفيس ربكم من قبل اليمن ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : الريح من نفس الرحمن . أي : من تنفيس الله تعالى بها عن المكروبين
970- فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ

حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ ، فَخِيَارُ أَهْلِ الأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجِرَ إِبْرَاهِيمَ ، وَيَبْقَى فِي الأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا ، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ فَهَذَا الْحَدِيثُ فِي النَّفْسِ لا فِي النَّفَسِ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ مَعْنَى الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الْهِجْرَةُ إِلَى الشَّامِ ، يُرَغِّبُ فِي الْمُقَامِ بِهَا ، وَهِيَ مُهَاجِرُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللهِ تَعَالَى تَأْوِيلُهُ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ خُرُوجَهُمْ إِلَيْهَا وَمُقَامُهُمْ بِهَا ، فَلا يُوَفِّقُهُمْ لِذَلِكَ ، فَصَارُوا بِالرَّدِّ وَتَرْكِ الْقَبُولِ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي تَقْذُرُهُ نَفْسُ الإِنْسَانِ ، فَلا تَقْبَلُهُ وَذِكْرُ النَّفْسِ هَهُنَا مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي الْكَلامِ ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ قُلْتُ : وَالْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِيهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
971- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ

سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيَّانِ ، قَالا : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَيُهَاجِرُ أَهْلُ الأَرْضِ هِجْرَةً بَعْدَ هِجْرَةٍ إِلَى مُهَاجِرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، حَتَّى لا يَبْقَى إِلاَّ شِرَارُ أَهْلِهَا ، تَلْفِظُهُمُ الأَرَضُونَ ، وَتَقْذَرُهُمْ رُوحُ الرَّحْمَنِ ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرُ ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا ، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا ، وَلَهَا مَا يَسْقُطُ مِنْهُمْ وَظَاهَرُ هَذَا أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ نَتَنِ رِيحِهِمْ ، وَأَنَّ الأَرْوَاحَ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَقْذَرُهُمْ وَإِضَافَةُ الرُّوحِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْمُلْكِ وَالْخَلْقِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

باب ما روي في أن الله سبحانه وتعالى قبل وجه المصلي ، ونحو ذلك مما يحتاج إلى تأويل
972- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ يُصَلِّي بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَضَى صَلاتَهُ : إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَلا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ فِي الصَّلاةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ حَجَّاجٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، فقال ورواه موسى بن عقبة وأخرجاه من أوجه أخر ، عَنْ نَافِعٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ وَرَوَاهُ حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَزَادَ فِيهِ : وَإِنَّ رَبَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ

973- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهِ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ ، فَحَكَّهَا بِيَدِهِ ، فَرُئِيَ فِي وَجْهِهِ شِدَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ ، أَوْ رَبُّهُ ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ، فَإِذَا بَصَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ، أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا ، ثُمَّ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ ، وَدَلَّكَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ قَالَ يَزِيدُ : وَأَرَانَا حُمَيْدٌ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ ، عَنْ حُمَيْدٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ : فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلُ وَجْهِهِ تَأْوِيلُهُ : أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا لِلصَّلاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ وَحَذْفٌ وَاخْتِصَارٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أَيْ : حُبُّ الْعِجْلِ ، وَكَقَوْلِهِ : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، يُرِيدُ : أَهْلَ الْقَرْيَةِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلامِ كَثِيرٌ ، وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ ، كَمَا قِيلَ : بَيْتُ اللهِ وَكَعْبَةُ اللهِ ، فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلامِ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ : رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ : مَعْنَاهُ : أَنَّ تَوَجُّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُفْضٍ بِالْقَصْدِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ ، فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّ مَقْصُودَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ ، فَأَمَرَ بِأَنْ تُصَانَ تِلْكَ الْجِهَةُ عَنِ الْبُزَاقِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ أَيْ : إِنَّ ثَوَابَ اللهِ لِهَذَا الْمُصَلِّي يَنْزِلُ

عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ : يَجِيءُ الْقُرْآنُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ : يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ الْقُرْآنَ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ يُؤَكِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ
974- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ ، فَلا يَمْسَحِ الْحَصْبَاءَ قَالَ سُفْيَانُ : فَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لِلزُّهْرِيِّ : مَنْ أَبُو الأَحْوَصِ ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : أَمَا رَأَيْتَ الشَّيْخَ الَّذِي يُصَلِّي فِي الرَّوْضَةِ ؟ فَجَعَلَ الزُّهْرِيُّ يَنْعَتُهُ وَسَعْدٌ لا يَعْرِفُهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ نُزُولِ الرَّحْمَةِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ ، وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ مَا مَضَى مِنَ التَّأْوِيلِ لِلْحَدِيثِ الأَوَّلِ
975- وَأَمَّا حَدِيثُ مَجِيءِ الْقُرْآنِ فَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، قَالا : أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ الْحَبَشِيُّ ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ ، اقْرَؤُوا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا الزَّهْرَاوَانِ ، يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ يُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا ، اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ : الْبَطَلَةُ : السَّحَرَةُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيِّ ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ

وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّرْغِيبُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ التَّرْغِيبُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ الْكَلامُ فِي مَجِيءِ قِرَاءَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَحْوَ الْكَلامِ فِي وَزْنِ الأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ
976- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم قَالَ : فَنَحْنُ لا نَسْأَلُهُ إِذْ قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ : وَفِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَرَمَى بِيَدَيْهِ ، فَقَالَ : حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللهِ عَنْهُمْ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِشْرَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُمْ عَبَّادٌ مِنْ عَبَّادِ اللهِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى ، وَقَبَائِلَ شَتَّى ، مِنْ شُعُوبِ الْقَبَائِلِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ يَتَوَاصَلُونَ بِهَا ، وَلا دُنْيَا يَتَبَاذَلُونَ بِهَا ، يَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، يَجْعَلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ نُورًا ، وَيَجْعَلُ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ قُدَّامَ الرَّحْمَنِ ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلا يَفْزَعُونَ ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلا يَخَافُونَ.
فَهَذَا حَدِيثٌ رَاوِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لا يُحْتَجُّ بِهِ ، ثُمَّ قَوْلُهُ : بِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يُرِيدُ بِهِ فِي الْكَرَامَةِ وَقَوْلُهُ : قُدَّامَ الرَّحْمَنِ يُرِيدُ بِهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ : قُدَّامَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ

باب ما جاء في الضحك
977- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ ، كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُسْتَشْهَدُ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ
978- وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَضْحَكُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَالُوا : كَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : يُقْتَلُ هَذَا فَيَلِجُ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الآخَرِ ، فَيَهْدِيهِ إِلَى الإِسْلامِ ، ثُمَّ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُسْتَشْهَدُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ يَضْحَكُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الضَّحِكُ الَّذِي يَعْتَرِي الْبَشَرَ عِنْدَمَا يَسْتَخِفَّهُمُ الْفَرَحُ ، أَوْ يَسْتَنْفِزُهُمُ الطَّرَبُ ، غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللَّهِ

عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ مَنْفِيٌ عَنْ صِفَاتِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ لِهَذَا الصَّنِيعِ الَّذِي يَحِلُّ مَحِلَّ الْعَجَبِ عِنْدَ الْبَشَرِ ، فَإِذَا رَأَوْهُ أَضْحَكَهُمْ ، وَمَعْنَاهُ فِي صِفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الإِخْبَارُ عَنِ الرِّضَى بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا ، وَالْقَبُولُ لِلآخَرِ وَمُجَازَاتُهُمَا عَلَى صَنِيعِهِمَا الْجَنَّةَ ، مَعَ اخْتِلافِ أَحْوَالِهِمَا وَتَبَايُنِ مَقَاصِدِهِمَا قَالَ : وَنَظِيرُ هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ يَعْنِي
979- مَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ ، فَقُلْنَ : مَا عِنْدَنَا إِلاَّ الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يُضِيفُ هَذَا ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : أَنَا فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ ، فَقَالَ : أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : مَا عِنْدَنَا إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَانِ فَقَالَ : هَيِّئِي طَعَامَكِ ، وَأَصْلِحِي سِرَاجَكِ ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا الْعَشَاءَ فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا ، وَأَصْلَحَتْ سِرَاجَهَا وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا ، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تَصْلُحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ ، وَجَعَلا يُرِيَانِهِ كَأَنَّهُمَا يَأْكُلانِ ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَقَدْ ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ ، أَوْ عَجِبَ ، مِنْ فَعَالِكُمَا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
روَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ ، عَنْ فُضَيْلٍ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ، عَنْ فُضَيْلٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ عَجِبَ وَلَمْ
يَذْكُرِ الضَّحِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ : مَعْنَى الضَّحِكِ الرَّحْمَةُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللهِ قَرِيبٌ ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنَى الرِّضَى لِفِعْلِهَمَا أَقْرَبُ وَأَشْبَهُ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الضَّحِكَ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى وَالْبِشْرِ ، وَالاسْتِهْلالُ مِنْهُمْ دَلِيلُ قَبُولِ الْوَسِيلَةِ ، وَمُقَدِّمَةُ إِنْجَاحِ الطَّلَبَةِ ، وَالْكِرَامُ يُوصَفُونَ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ اللِّقَاءِ ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ أَيْ : يُجْزِلُ الْعَطَاءَ لَهُمَا لأَنَّهُ مُوجَبُ الضَّحِكِ وَمُقْتَضَاهُ ، قَالَ زُهَيْرٌ : تَرَاهُ إِذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلا كَأَنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهُ وَإِذَا ضَحِكُوا وَهَبُوا وَأَجْزَلُوا ، قَالَ كُثَيِّرٌ : غَمْرُ الرِّدَاءِ إِذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا غَلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رِقَابُ الْمَالِ وَقَالَ الْكُمَيْتُ ، أَوْ غَيْرُهُ : فَأَعْطَى ثُمَّ أَعْطَى ثُمَّ عُدْنَا فَأَعْطَى ثُمَّ عُدْتُ لَهُ فَعَادَا مِرَارًا مَا أَعُودُ إِلَيْهِ إِلاَّ تَبَسَّمَ ضَاحِكًا وَثَنَى الْوِسَادَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَوْلُهُ عَجِبَ اللَّهُ إِطْلاقُ الْعَجَبِ لا يَجُوزُ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ ، وَلا يَلِيقُ بِصِفَاتِهِ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى ، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الصَّنِيعَ مِنْهُمَا حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللهِ ، وَالْقَبُولِ لَهُ ، وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ ، مَحِلَّ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ إِذَا رُفِعَ فَوْقَ قَدْرِهِ ، وَأُعْطِيَ بِهِ الأَضْعَافُ مِنْ قِيمَتِهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَعْجَبَ اللَّهُ مَلائِكَتَهُ وَيُضْحِكَهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ الإِيثَارَ عَلَى النَّفْسِ أَمَرٌ

نَادِرٌ فِي الْعَادَاتِ ، مُسْتَغْرَبٌ فِي الطِّبَاعِ ، وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى سَعَةٍ الْمَجَازِ ، وَلا يَمْتَنِعُ عَلَى مَذْهَبِ الاسْتِعَارَةِ فِي الْكَلامِ ، وَنَظَائِرُهُ فِي كَلامِهِمْ كَثِيرَةٌ
قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
980- وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ الْوَاسِطِيُّ ، بِهَا ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الصَّفِيرِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ : جَعَلَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، خَلْفَهُ ثُمَّ صَارَ بِي فِي جَبَّانَةِ الْكُوفَةِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَفِي رِوَايَةِ الصَّاغَانِيِّ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ

الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَضَحِكَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اسْتِغْفَارُكَ رَبَّكَ وَالْتِفَاتُكَ إِلَيَّ تَضْحَكُ ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَمَلَنِي خَلْفَهُ ثُمَّ سَارَ بِي فِي جَانِبِ الْحَرَّةِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُكَ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ يَضْحَكُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ اسْتِغْفَارُكَ رَبَّكَ وَالْتِفَاتُكَ إِلَيَّ تَضْحَكُ ؟ قَالَ : ضَحِكْتُ لِضَحِكِ رَبِّي ، تَعَجُّبُهُ لِعَبْدِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ أَحَدٌ غَيْرُهُ
981- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ شَوْذَبٍ ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الأَسَدِيِّ ، قَالَ : شَهِدْتُ عَلِيًّا وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ : بِسْمِ اللهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا ، قَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإِنَّا إِلَى رَبَّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ثُمّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ :

سُبْحَانَ اللهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمّ قَالَ سُبْحَانَكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : رَبُّكَ يَضْحَكُ إِلَى عَبْدِهِ إِذَا قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ قَالَ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي
982- أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا سَلامٌ يَعْنِي أَبَا الأَحْوَصِ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ ، وَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ : اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ ، وَالأَجْلَحُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، فَقَالا : يَعْجَبُ بَدَلَ يَضْحَكُ
983- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، نا

مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَلْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ ، قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ ، فَيَقُولُ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ ، فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا ، فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ
984- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الْمُقْرِئُ ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ : رَجُلٌ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنَ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلاتِهِ.

رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَانْهَزَمَ ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الانْهِزَامِ ، وَمَالَهُ فِي الرُّجُوعِ ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلائِكَتِهِ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي ، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ.
رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ رَجُلانِ يَضْحَكُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمَا فَذَكَرَهُمَا
985- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمِ : الْقَوْمُ إِذَا اصْطَفُّوا لِلصَّلاةِ ، وَالْقَوْمُ إِذَا اصْطَفُّوا لِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، وَرَجُلٌ يَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ
986- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ أَبُو مُسْهِرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ.

عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ ، قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : الَّذِينَ يُلْقَوْنَ فِي الصَّفِّ فَلا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّى قُتِلُوا ، أُولَئِكَ يَتَلَبَّطُونَ فِي الْغُرَفِ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ ، وَإِذَا ضَحِكَ اللَّهُ إِلَى قَوْمٍ فَلا حِسَابَ عَلَيْهِمْ
987- أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ وَيَضْحَكُ الرَّبُّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ قُلْتُ : لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا.

وَرُوِي عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا فِي مَعْنَى هَذَا وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : أَنَّ الضَّحِكَ فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ بِمَعْنَى الْبَيَانِ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : ضَحِكَتِ الأَرْضُ إِذَا أَنْبَتَتْ ، لأَنَّهَا تُبْدِي عَنْ حَسَنِ النَّبَاتِ ، وَتَنْفَتِقُ عَنِ الزَّهْرِ ، كَمَا يَنْفَتِقُ الضَّاحِكُ عَنِ الثَّغْرِ ، وَيُقَالُ : ضَحِكْتِ الطَّلْعَةُ إِذَا بَدَا مَا كَانَ فِيهَا مُسْتَخْبِيًا قَالَ الشَّاعِرُ : وَضَحِكَ الْمُزْنُ بِهَا ثُمَّ بَكَى يُرِيدُ بِالضَّحِكِ إِظْهَارَ الْبَرْقِ ، وَبِبُكَائِهِ الْمَطَرَ
988- قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّعْرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا جَدِّي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَرَضَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ جَلِيلٌ ، فِي بَصَرِهِ

بَعْضُ الضَّعْفِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ حُمَيْدٌ يَدْعُوهُ ، قَالَ : فَلَمَّا أَقْبَلَ ، قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ، أَوْسِعْ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَإِنَّ هَذَا رَجُلٌ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ : فَأَوْسَعْتُ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، فَقَالَ لَهُ حُمَيْدٌ : الْحَدِيثُ الَّذِي سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ أَنَّكَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ السَّحَابَ فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمِنْطَقِ ، وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ.
وَفِي هَذَا تَأْكِيدُ مَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ : فَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَضْحَكُ اللَّهُ ، أَيْ يُبِينُ وَيُبْدِي مِنْ فَضْلِهِ وَنِعَمِهِ مَا يَكُونُ جَزَاءً لِعَبْدِهِ الَّذِي رَضِيَ عَمَلَهُ.
989- قَالَ الشَّيْخُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ نَرَى رَبَّنَا ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ : أَوَلَسْتَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ أَنْ لا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَيَضْحَكُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ.
أَخْرِجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنِ حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ كَمَا مَضَى
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ : فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، أَتَرْضَى أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا ؟ فَيَقُولُ : إِي رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ بِي ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ وَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : فَيَقُولُ : أَلا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ ؟ فَقَالُوا : مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ : أَتَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ فَيَقُولُ : إِنِّي لا أَسْتَهْزِئُ بِكَ ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ
990- أَخْبَرَنَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي عِيسَى ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ مَا كَتَبْنَا.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : وَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْدِي وَيُبَيِّنُ مَا أَعَدَّ لِهَذَا الْعَبْدِ ، فَيَسْتَكْثِرُهُ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ فَيَقُولُ : مَا فِي الْخَبَرِ ؟ فَيَقُولُ عَزَّ ذِكْرُهُ : لَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ فَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا وَقَعَ التَّرْغِيبُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الأَعْمَالِ ، وَمَا وَقَعَ الْخَبَرُ عَنْهُ مِنْ فَضْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ ، وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِتَفْسِيرِ الضَّحِكِ ، مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِذِي جَوَارِحٍ وَمَخَارِجٍ ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ وَصَفُهُ بِكِشْرِ الأَسْنَانِ وَفَغْرِ الْفَمِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا

باب ما جاء في العجب


وقوله تعالى : {بل عجبت ويسخرون} .
991- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا أبو زكريا العنبري ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد السلام ، حَدَّثَنَا إسحاق بن إبراهيم ، أَخْبَرَنَا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : قرأها عبد الله بن مسعود : {بل عجبت ويسخرون}.
قال شُريح : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا يعلم . قال الأعمش : فذكرته لإبراهيم ، فقال : إن شريحا كان يعجبه رأيه ، إن عبد الله كان أعلم من شريح ، وكان عبد الله يقرؤها} {بل عجبت}.
992- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا الفراء ، في قوله سبحانه : {بل عجبت ويسخرون} قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ، والرفع أحب إلي ؛ لأنها قراءة علي وعبد الله وابن عباس رضي الله عنهم . قال
الفراء : وحدثني مندل بن علي العنزي عن الأعمش قال : قال شقيق : قرأت عند شريح {بل عجبت ويسخرون} فقال : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا يعلم . قال ، يريد الأعمش ، فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي ، فقال : إن شريحا شاعر يعجبه علمه ، وعبد الله أعلم منه بذلك ، قرأها : {بل عجبت ويسخرون}.
قال أبو زكريا الفراء : العجب وإن أسند إلى الله تعالى فليس معناه من الله كمعناه من العباد ، ألا ترى أنه قال : {فيسخرون منهم سخر الله منهم} وليس السخري من الله كمعناه من العباد ، وكذلك قوله : {الله يستهزئ بهم} ليس ذلك من الله كمعناه من العباد ، وفي هذا بيان الكسر لقول شريح ، وإن كان جائزا لأن المفسرين قالوا : بل عجبت يا محمد ويسخرون هم ، فهذا وجه النصب . قال الشيخ : وتمام ما قال الفراء في قول غيره ، وهو أن قوله} {بل عجبت ويسخرون} بالرفع أي : جازيتهم على عجبهم لأن الله سبحانه أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق ، فقال : {وعجبوا أن جاءهم منذر} فأخبر عنهم أيضا أنهم قالوا : {إن هذا لشيء عجاب} فقال تعالى : {بل عجبت} أي بل جازيت على التعجب . وقد قيل : إن قل مضمر فيه ومعناه : قل يا محمد : بل عجبت أنا من قدرة الله . والأول أصح . وقد يكون العجب بمعنى الرضا في مثل ما مضى من قصة الإيثار وحديث الاستغفار ، وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما ، فيكون معنى قوله} {بل عجبت} أي : بل عظم فعلهم عندي
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى مَا
993- حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْمِهْرَجَانِيُّ الإِسْفَرَايِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي عُشَّانَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَعْجَبُ رَبُّكَ لِلشَّابِّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ
994- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّرْسِيُّ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ بِأَيْدِيهِمُ السَّلاسِلُ ، حَتَّى يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ وَقَدْ

يَكُونُ الْمَعْنَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَمْثَالِهِ أَنَّهُ : يَعْجَبُ مَلائِكَتُهُ مِنْ كَرَمِهِ وَرَأْفَتِهِ بِعِبَادِهِ حِينَ حَمَلَهُمْ عَلَى الإِيمَانِ بِهِ بِالْقِتَالِ وَالأَسْرِ فِي السَّلاسِلِ ، حَتَّى إِذَا آمَنُوا أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ

باب ما جاء في الفرح

وما في معناه
995- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ ، نَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ ، يَقُولُ : أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ ، يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ ، فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ : أَحَدِهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ قَالَ بِأَرْضِ فَلاةٍ دَوِيَّةٍ وَمُهْلِكَةٍ ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَنَزَلَ عَنْهَا فَنَامَ وَرَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ ، فَذَهَبَ فِي طَلَبِهَا ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا ، حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ مِنَ الْعَطَشِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لأَرْجِعَنَّ فَلأَمُوتَنَّ حَيْثُ كَانَ رَحْلِي ، فَرَجَعَ فَنَامَ ، فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ
قَالَ : ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللهِ : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ جَالِسٌ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَنْقَلِبَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ ، فَقَالَ لَهُ : هَكَذَا فَذَهَبَ ، وَأَمَرَّ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ أَوْجُهٍ ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ
996- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بَالَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ

بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ ، يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلاةٍ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ : يُرِيدُ : عَثَرَ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ : يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ : يُرِيدُ : يَسْتَيْقِظُ وَإِذَا بَعِيرُهُ عِنْدَهُ
997- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَالَوَيْهِ الْمُزَكِّي ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا ضَلَّتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ إِذَا تَابَ مِنْ أَحَدِكِمْ بِرَاحِلَتِهِ إِذَا وَجَدَهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ ، وَالأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَمِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : قَوْلُهُ : لَلَّهُ أَفْرَحُ مَعْنَاهُ : أَرْضَى بِالتَّوْبَةِ وَأَقْبَلُ لَهَا وَالْفَرَحُ الَّذِي يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ مِنْ نُعُوتِ بَنِي آدَمَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ الرِّضَى.

كَقَوْلِهِ : كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ : أَيْ : رَاضُونَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : الْفَرَحُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ : مِنْهَا الْفَرَحُ بِمَعْنَى السُّرُورِ ، وَمِنْهُ : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا : أَيْ : سُرُّوا ، وَهَذَا الْوَصْفُ غَيْرُ لائِقٍ بِالْقَدِيمِ ، لأَنَّ ذَلِكَ خِفَّةٌ تَعْتَرِي الإِنْسَانَ إِذَا كَبُرَ قَدْرُ شَيْءٍ عِنْدَهُ ، فَنَالَهُ فَرَحٌ لِمَوْضِعِ ذَلِكَ ، وَلا يُوصَفِ الْقَدِيمُ أَيْضًا بِالسُّرُورِ ، لأَنَّهُ سُكُونٌ لِوَضْعِ الْقَلْبِ عَلَى الأَمْرِ إِمَّا لِمَنْفَعَةٍ فِي عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَنْفِيُّ عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ.
وَمِنْهَا : الْفَرَحُ بِمَعْنَى : الْبَطَرُ وَالأَشَرُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ : إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ : إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ وَمِنْهُ : الْفَرَحُ بِمَعْنَى الرِّضَى ، وَمِنْهُ : قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ : أَيْ : رَاضُونَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ : لَلَّهُ أَفْرَحُ أَيْ أَرْضَى ، وَالرِّضَا مِنْ صِفَاتِ اللهِ سُبْحَانَهُ ، لأَنَّ الرِّضَى هُوَ الْقَبُولُ لِلشَّيْءِ وَالْمَدْحُ لَهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ ، وَالْقَدِيمُ سُبْحَانَهُ قَابِلٌ لِلإِيمَانِ مِنْ مُزَكٍّ ، وَمَادِحٍ لَهُ ، وَمُثْنٍ عَلَى الْمَرْءِ بِالإِيمَانِ ، فَيَجُوزُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ
998- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مِلْحَانَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي

عُبَيْدَةَ ، كَذَا قَالَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُسْبِغُهُ ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ ، لا يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاةَ فِيهِ ، إِلاَّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِطَلْعَتِهِ
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ : قَوْلُهُ : تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِمَعْنَى : رَضِيَ اللَّهُ ، وَلِلْعَرَبِ

اسْتِعَارَاتٌ فِي الْكَلامِ ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ، بِمَعْنَى الاخْتِبَارِ ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الذَّوْقِ بِالْفَمِ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ : نَاظِرْ فُلانًا وَذُقْ مَا عِنْدَهُ : أَيْ : تَعَرَّفْ وَاخْتَبِرْ ، وَارْكَبِ الْفَرَسَ وَذُقْهُ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ : يَسْتَبْشِرُ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ، وَمَعْنَاهُ يَرْضَى أَفْعَالَهُمْ وَيَقْبَلُ نِيَّتَهُمْ فِيهَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

باب ما جاء في النظر
قال الله عز وجل : {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون}.
وقال : {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} .
999- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ بِلالٍ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ، فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَفِتْنَةَ النِّسَاءِ

1000- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ : لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ وَزَادَ : فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي النِّسَاءِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ بُنْدَارٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ
1001- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ ابْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَرِيزٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ : إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ ، التَّقْوَى هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ
1002- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، بِنَيْسَابُورَ ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ ، بِبَغْدَادَ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ ح وَأَخْبَرَنَا

أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو عَوْفٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبُكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ السَّمَّاكِ وَفِي رِوَايَةِ الصَّاغَانِيِّ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ رَفَعَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ
1003- وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانِ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ الصَّفَّارِ ، حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلا إِلَى أَحْسَابِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَحْفُوظُ فِيمَا بَيْنَ الْحُفَّاظِ ، وَأَمَّا الَّذِي جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ : إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلا إِلَى أَعْمَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ فَهَذَا لَمْ يَبْلُغْنَا مِنْ وَجْهٍ يُثْبِتُ مِثْلَهُ ، وَهُوَ خِلافُ مَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالثَّابِتُ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى بِنَا وَبِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، وَخَاصَّةً بِمَنْ صَارَ رَأْسًا فِي الْعِلْمِ يُقْتَدَى بِهِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
1004- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا أبو النضر هاشم بن القاسم ، حَدَّثَنَا أبو سعيد المؤدب ، عن أبي حمزة

الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن لله عز وجل لوحا محفوظا من درة بيضاء حفافه ياقوتة} حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، عرضه ما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق بكل نظرة ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء . قال الشيخ : هذا موقوف ، وأبو حمزة الثمالي ينفرد بروايته ، وروى عن ابن مسعود من قوله في النظر
1005- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، كلهم يخبره عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنِ ابْنِ أُوَيْسٍ ، عَنْ مَالِكٍ
1006- أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ هَؤُلاءِ خَابُوا وَخَسِرُوا ؟ فَأَعَادَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، قَالَ : الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ، أَوِ الْفَاجِرِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي

الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ وَالأَخْبَارُ فِي أَمْثَالِ هَذَا كَثِيرَةٌ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ غُنْيَةٌ لِمَا قَصَدْنَاهُ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو النَّضْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : النَّظَرُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ : مِنْهَا نَظَرُ عِيَانٍ.
وَمِنْهَا نَظَرُ انْتِظَارٍ.
وَمِنْهَا نَظَرُ الدَّلائِلِ وَالاعْتِبَارِ.
وَمِنْهَا نَظَرُ التَّعَطُّفِ وَالرَّحْمَةِ ،
فَمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ : أَيْ : لا يَرْحَمُهُمْ ، وَالنَّظَرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، رَحْمَتُهُ لَهُمْ ، وَرَأْفَتُهُ بِهِمْ ، وَعَائِدَتُهُ عَلَيْهِمْ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ : انْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْكَ : أَيِ : ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ.
قَالَ الشَّيْخُ : وَالنَّظَرُ فِي الآيَةِ الأُولَى وَالْخَبَرُ الأَوَّلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالاخْتِبَارِ ، وَلَوْ حُمِلَ فِيهِمَا عَلَى الرُّؤْيَةِ لَمْ يُمْتَنَعْ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} ، فَالتَّأْقِيتُ يَكُونُ فِي الْمَرَئِيِّ لا فِي الرُّؤْيَةِ ، يَعْنِي إِذَا كَانَ عَمَلُكُمْ مَرْئِيًا لَهُ ، كَمَا أَنَّ التَّأْقِيتَ يَكُونُ فِي الْمَعْلُومِ لا فِي الْعِلْمِ.

باب ما جاء في الغيرة


1007- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا نُمَيْرٌ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللهِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ من وجه آخر ، عَنِ الأَعْمَشِ
1008- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ ابْنُ الْحَمَامِيِّ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، فَذَكَرَ حَدِيثَ صَلاةِ الْخُسُوفِ وَخُطْبَةِ ِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، وَاللَّهِ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ

1009- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ ، أَنَّهَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : لَيْسَ شَيْءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
1010- وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغَارُ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، وَأَخْرَجَ مَا قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، وَأَخْرَجَهُمَا الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهَذَا ، يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَحْسَنُ مَا يَكُونُ مِنْ تَفْسِيرِ غَيْرَةِ اللهِ وَأَثْبَتُهُ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ : مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَيْ : أَزْجَرُ مِنَ اللهِ ، وَالْغَيْرَةُ مِنَ اللهِ الزَّجْرُ ، وَاللَّهُ غَيُورٌ بِمَعْنَى زَجُورٌ ، يَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي

باب ما جاء في الملال


1011- حَدَّثَنَا الإِمَامُ أَبُو الطِّيبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي آخَرِينَ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الأَصَمُّ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، كَانَتْ عِنْدَهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ فَقَالَتْ : فُلانَةُ لا تَنَامُ اللَّيْلَ ، قَالَتْ : فَذَكَرَتْ مِنْ صَلاتِهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ ، فَوَاللَّهِ لا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا وَقَالَتْ : كَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ الَّذِي يَدُومُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.
أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحِ" مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : الْمَلالُ لا يَجُوزُ عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ بِحَالٍ ، وَلا يَدْخُلُ فِي صِفَاتِهِ بِوَجْهٍ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لا يَتْرُكُ الثَّوَابَ وَالْجَزَاءَ عَلَى الْعَمَلِ مَا لَمْ تَتْرُكُوهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ مَلَّ شَيْئًا تَرَكَهُ ، فَكُنِّيَ عَنِ التَّرْكِ بِالْمَلالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّرْكِ وَقَدْ قِيلَ : مَعْنَاهُ إِنَّهُ لا يَمَلُّ إِذَا مَلَلْتُمْ ، كَقَوْلِ الشَّنْفَرَى : صَلِيَتْ مِنِّي هُذَيْلٌ بِخْرَقٍ لا يَمَلُّ الشَّرَّ حَتَّى يَمَلُّوا أَيْ : لا يَمَلُّهُ إِذَا مَلُّوهُ ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى إِذَا مَلُّوا مَلَّ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ مَزِيَّةٌ

وَفَضْلٌ ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَنَاهَى حَقُّهُ عَلَيْكُمْ فِي الطَّاعَةِ ، حَتَّى يَتَنَاهَى جُهْدُكُمْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَلا تَكَلَّفُوا مَا لا تُطِيقُونَهُ مِنَ الْعَمَلِ ، كُنِّيَ بِالْمَلالِ عَنْهُ ، لأَنَّ مِنْ تَنَاهَتْ قُوَّتُهُ فِي أَمَرٍ وَعَجَزَ عَنْ فِعْلِهِ مَلَّهُ وَتَرَكَهُ ، وَأَرَادَتْ بِالدَّيْنِ الطَّاعَةَ

باب ما جاء في الاستحياء


قال الله عز وجل : {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها} .
1012- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ ، قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ جَاءَهُ ثَلاثَةُ نَفَرٍ ، فَأَمَّا رَجُلٌ فَوَجَدَ فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ ، وَأَمَّا رَجُلٌ فَجَلَسَ ، يَعْنِي خَلْفَهُمْ ، وَأَمَّا رَجُلٌ فَانْطَلَقَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنْ هَؤُلاءِ النَّفْرِ ؟ أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ فِي الْحَلْقَةِ فَرَجُلٌ آوَى ، يَعْنِي إِلَى اللهِ ، فَآوَاهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي جَلَسَ خَلْفَ الْحَلْقَةِ فَاسْتَحْيَى ، فَاسْتَحْيَى اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي انْطَلَقَ فَرَجُلٌ أَعْرَضَ ، فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ أَبَانَ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ
1013- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد ، حَدَّثَنَا إسماعيل بن محمد الصفار ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، أَخْبَرَنَا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، قال : إن الله عز وجل يستحي أن يبسط العبد يديه إليه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين . هذا موقوفٌ.
1014- أخبرنا أبو الحسين ، أَخْبَرَنَا إسماعيل ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الملك ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، أَخْبَرَنَا شيخ في مجلس عمرو بن عبيد زعموا أنه جعفر بن ميمون ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
ورواه أيضا محمد بن الزبرقان الأهوازي عن سليمان التيمي مرفوعا.
قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه : قوله : {إن الله لا يستحيي} ، أي : لا يترك ، لأن الحياء سبب للترك ، ألا ترى أن المعصية تترك للحياء كما تترك للإيمان ، فمراده بهذا القول إن شاء الله : أنه لا يترك يدي العبد صفرا إذا رفعهما إليه ، ولا يخليهما من خير ، لا على معنى الاستحياء الذي يعرض للمخلوقين تعالى الله سبحانه . قال الشيخ : وقوله في الحديث الأول : فاستحيى فاستحيى الله منه . أي : جازاه على استحيائه بأن ترك عقوبته على ذنوبه والله أعلم
باب قول الله عز وجل : {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون}
قول الله عز وجل : {قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون}.
وقوله : {يخادعون الله وهو خادعهم}.
وقوله : {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} وما ورد في معاني هذه الآيات
1015- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني الحسن بن حليم المروزي ، أَخْبَرَنَا أبو الموجه ، أَخْبَرَنَا عبدان ، أَخْبَرَنَا عبد الله يعني ابن المبارك ، أَخْبَرَنَا صفوان بن عمرو ، حدثني سليم بن عامر ، قال : خرجنا في جنازة على باب دمشق ومعنا أبو أمامة الباهلي ، فلما صلي على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة : يا أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر ، وهو هذا ـ يشير إلى القبر ـ بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق إلا ما وسع الله ، ثم تنقلون منه إلى مواطن يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض

تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه ، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر ، فيغشى الناس ظلمة شديدة ، ثم يقسم النور ، فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق ، فلا يعطيان شيئا ، وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه : {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ، يقول المنافق للذين آمنوا : {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} وهي خدعة الله التي خدع بها المنافق ، قال الله تبارك وتعالى : {يخادعون الله وهو خادعهم} فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا ، فينصرفون إليهم وقد} {ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم} ، نصلي صلاتكم ونغزوا مغازيكم ؟} {قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور} تلا إلى قوله : {وبئس المصير}
1016- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حَدَّثَنَا إبراهيم بن الحسين ، حَدَّثَنَا آدم ، حَدَّثَنَا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : {يوم يقول المنافقون}

قال : إن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا يناكحونهم ويعاشرونهم ، ويكونون معهم أمواتا ، ويعطون النور جميعا يوم القيامة ، فيطفأ نور المنافقين ، إذا بلغوا السور يماز بينهم حينئذ ، والسور كالحجاب في الأعراف ، فيقولون : {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا}
1017- أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم رحمه الله ، أَخْبَرَنَا عبد الخالق بن الحسن ، حَدَّثَنَا عبد الله بن ثابت ، قال : أخبرني أبي ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، في قوله : {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا} قال : وهم على الصراط : {انظرونا} يقول : ارقبونا} {نقتبس من نوركم} يعني نصب من نوركم فنمضي معكم} {قيل} يعني قالت الملائكة لهم} {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا} من حيث جئتم . هذا من الاستهزاء بهم كما استهزءوا بالمؤمنين في الدنيا حين قالوا : آمنا ، وليسوا بمؤمنين ، فذلك قوله} {الله يستهزئ بهم} حين يقال لهم} {ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم} يعني بين أصحاب الأعراف وبين المنافقين} {بسور له باب} يعني بالسور حائطا بين أهل الجنة والنار له باب} {باطنه} يعني باطن السور} {فيه الرحمة} وهي مما يلي الجنة} {وظاهره من قبله العذاب} يعني جهنم ، وهو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة وأهل النار
1018- أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن

محمد بن محبور ، أَخْبَرَنَا الحسين بن محمد بن هارون ، أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن نصر ، حَدَّثَنَا يوسف بن بلال ، حَدَّثَنَا محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا} وهم منافقو أهل الكتاب ، فذكرهم ، وذكر استهزاءهم} {وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم} على دينكم} {إنما نحن مستهزئون} بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى : {الله يستهزئ بهم} في الآخرة يفتح لهم باب في جهنم من الجنة ، ثم يقال لهم : تعالوا ، فيقبلون يسحبون في النار ، والمؤمنون على الأرائك وهي السرر في الحجال ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم فيضحك المؤمنون منهم ، فذلك قول الله عز وجل : {الله يستهزئ بهم} في الآخرة ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب فذلك قوله : {فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون} على السرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار} {هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون} . وروينا في معنى هذا مختصرا عن خالد بن معدان ، وبلغني عن الحسين بن الفضل البجلي أنه قال : أظهر الله للمنافقين في الدنيا من أحكامه التي له عندهم خلافها في الآخرة ، كما أظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما أضمروا من الكفر ، فسمى ذلك استهزءا بهم . وعن قطرب قال} {الله يستهزئ بهم} أي : يجازيهم جزاء

الاستهزاء ، وكذلك} {سخر الله منهم} {ومكروا ومكر الله} {وجزاء سيئة سيئة} هي من المبتدي سيئة ومن الله جزاء ، وهو من الجزاء على الفعل بمثل لفظه ، ومثله قوله : {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} ؛ فالعدوان الأول ظلم ، والثاني جزاء ، والجزاء لا يكون ظلما ؛ وكذلك قوله : {نسوا الله فنسيهم} قال عمرو بن كلثوم : ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا وقال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب إلي أبو نصر بن قتادة من كتابه : فيحتمل قوله : فنجهل فوق جهل الجاهلينا معنى فنعاقبه بأغلظ عقوبة ، فسمى ذلك جهلا ، والجهل لا يفتخر به ذو عقل ، وإنما قاله ليزدوج اللفظان فيكون ذلك أخف على اللسان من المخالفة بينهما
1019-.
قَالَ الشَّيْخُ : مِثْلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ ، حَدَّثَنَا أبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ جُنْدُبًا ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ أَسْمَعْ

أحَدًا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ يَقُولُ : مَنْ عَمِلَ عَمَلا عَلَى غَيْرِ إِخْلاصٍ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ وَيَسْمَعُونَهُ ، جوزي على ذلك يَرَاهُ النَّاسُ بِأَنْ وَيَفْضَحَهُ ، فشهدوا عليه ما كان يبطنه ويسره من ذلك يَشْهَدَهُ اللَّهُ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَالْخِدَاعُ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ وَيُعَجِّلَ مِنَ الأَمْوَالِ وَالنِّعَمِ مَا يَدَّخِرُونَهُ ، وَيُؤَخِّرَ عَنْهُمْ عَذَابَهُ وَعِقَابَهُ ، إِذْ كَانُوا يُظْهِرُونَ الإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَيُضْمِرُونَ خِلافَ مَا يُظْهِرُونَ ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُظْهِرُ لَهُمْ مِنَ الإِحْسَانِ فِي الدُّنْيَا خِلافَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ، فَيَجْتَمِعُ الْفِعْلانِ تَسَاوِيهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
1020-.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ : وَالْخَدْعُ معْنَاهُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ الْفَسَادُ ، أَخْبَرَنَا الأَنْبَارِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّحْوِيِّ ، عَنِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ : الْخَادِعُ عِنْدَ الْعَرَبِ : الْفَاسِدُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ ، وَأَنْشَدَ : أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ

مَعْنَاهُ : فَسَدَ ، فتأويلُ قَوْلِهِ : يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ، أَيْ : يُفْسِدُونَ مَا يُظْهِرُونَ مِنَ الإِيمَانِ بِمَا يُضْمِرُونَ مِنَ الْكُفْرِ ، وَهُوَ خَادِعُهُمْ ، أَيْ : يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُصَيِّرُهُمْ إِلَيْهِ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ : وَالْمَكْرُ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ اسْتِدْرَاجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لا يَعْلَمُونَ ، وَقَدْ يُوصَفُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْمَكْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، وَلا يُوصَفُ بِالاحْتِيَالِ ، لأَنَّ الْمُحْتَالَ هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُ الْفِكْرَةَ حَتَّى يَهْتَدِيَ بِتَقْلِيبِ الْفِكْرَةِ إِلَى وَجْهِ مَا أَرَادَ ، وَالْمَاكِرُ الَّذِي يَسْتَدْرِجُ فَيَأْخُذُ مِنْ وَجْهِ غَفْلَةِ الْمُسْتَدْرَجِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ
1021- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الْعَبْدَ مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ :

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
1022- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لَهُ اسْتِدْرَاجٌ بِمَعْنَى مَكْرٌ ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الآيَةِ فَذَكَرَهَا

1023- أخبرنا أبو القاسم الحربي ببغداد ، أَخْبَرَنَا أحمد بن سلمان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدثني علي بن الحسن ، عن شيخ ، له أن ثابتا البناني ، سئل عن الاستدراج ، فقال : مكر الله عز وجل بالعباد المضيعين
قال : وقال يونس : إن العبد إذا كانت له عند الله منزلة فحفظها وأبقى عليها ، ثم شكر الله عز وجل على ما أعطاه ، أعطاه الله أشرف منها ، وإذا ضيع الشكر استدرجه الله وكان تضييعه للشكر استدراجا
1024- أخبرنا أبو القاسم ، حَدَّثَنَا أحمد بن سلمان ، حَدَّثَنَا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن داود ، عن سفيان ، في قوله عز وجل : {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} قال : نسبغ عليهم النعم ونمنعهم الشكر . قال : وقال غير سفيان : كلما أحدثوا ذنبا أحدثت لهم نعمة . قال ابن داود : تنسى
1025- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن

الجهم ، قال : قال الفراء : {ومكروا ومكر الله} نزلت في شأن عيسى عليه السلام ، إذ أرادوا قتله ، فدخل بيتا فيه كوة ، وقد أيده الله عز وجل بجبريل عليه السلام ، فرفعه إلى السماء من الكوة ، فدخل عليه رجل منهم ليقتله ، فألقى الله على ذلك الرجل شبه عيسى ابن مريم ، فلما دخل البيت فلم يجد فيه عيسى خرج إليهم وهو يقول : ما في البيت أحد ، فقتلوه وهم يرون أنه عيسى ، فذلك قوله : {ومكروا ومكر الله} المكر من الله الاستدراج لا على معنى مكر المخلوقين
1026- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن الطرائفي ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} يقول : نتركهم في النار كما تركوا لقاء يومهم هذا . قال الشيخ : يريد والله أعلم : كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا

باب قول الله} {سنفرغ لكم أيها الثقلان} قول الله عز وجل : {سنفرغ لكم أيها الثقلان} .
1027- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حَدَّثَنَا عثمان بن سعيد ، حَدَّثَنَا عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل : {سنفرغ لكم أيها الثقلان} قال : وعيد من الله عز وجل للعباد ، وليس بالله شغل.
قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه : قوله} {سنفرغ لكم أيها الثقلان} أي سنقصد لعقوبتكم ، ونحكم جزاءكم ، يقال : فرغ بمعنى قصد وأحكم . يقول القائل لمن أنبه بشيء : إذا أتفرغ لك ، أي : إذا نقصد قصدك . وأنشد ابن الأنباري في مثل هذا لجرير : الآن وقد فرغت إلى نمير فهذا حين كنت له عذابا أراد : وقد قصدت قصده

1028- أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، حَدَّثَنَا أبو العباس الأصم ، حَدَّثَنَا محمد بن الجهم ، حَدَّثَنَا الفراء ، قال : حدثني أبو إسرائيل ، قال : سمعت طلحة بن مصرف ، يقرأ : سيفرغ لكم ويحيى بن وثاب كذلك . قال الفراء : والقراء بعد : {سنفرغ} لكم بالنون ، وهذا من الله وعيد ، لأنه جل وعز لا يشغله شيء عن شيء ، وأنت قائل للرجل الذي لا شغل له : قد فرغت لي ، أي قد فرغت لشتمي ، أي قد أخذت فيه وأقبلت عليه

باب ما جاء في التردد
1029- أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حَدَّثَنَا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي إملاء ، حَدَّثَنَا أبو العباس محمد بن إسحاق ، حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن كرامة ، حَدَّثَنَا خالد بن مخلد ، عن سليمان بن بلال ، قال : أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل قال : من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني عبدي أعطيته ، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عثمان بن كرامة .

1030- أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي فيما حكى عن أبي عثمان الحيري رحمه الله أنه سئل عن معنى هذا الخبر فقال : معناه : كنت أسرع إلى قضاء حوائجه من سمعه في الاستماع وبصره في النظر ويده في اللمس ورجله في المشي . أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أَخْبَرَنَا جعفر بن محمد ، قال : قال الجنيد في معنى قوله : يكره الموت وأكره مساءته . يريد : لما يلقى من عيان الموت وصعوبته وكربه ، ليس أني أكره له الموت ، لأن الموت يورده إلى رحمته ومغفرته . وقال أبو سليمان رحمه الله : قوله : وكنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها وهذه أمثال ضربها ، والمعنى والله أعلم ؛ توفيقه في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء وتيسير المحبة له فيها فيحفظ جوارحه عليه ، ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله من إصغاء إلى اللهو بسمعه ، ونظر إلى ما نهى عنه من اللهو ببصره ، وبطش إلى ما لا يحل له بيده ، وسعي في الباطل برجله . وقد يكون معناه سرعة إجابة الدعاء ، والإنجاح في الطلبة ، وذلك أن مساعي الإنسان إنما تكون بهذه الجوارح الأربع ، وقوله : ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، فإنه أيضا مثل ، والتردد في صفة الله عز وجل غير جائز ، والبداء عليه في الأمور غير سائغ ، وتأويله على وجهين أحدهما : أن العبد قد يشرف في أيام عمره على

المهالك مرات ذات عدد من داء يصيبه ، وآفة تنزل به ، فيدعو الله عز وجل فيشفيه منها ، ويدفع مكروهها عنه ، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرا ثم يبدو له في ذلك فيتركه ويعرض عنه ، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله ، فإنه قد كتب الفناء على خلقه ، واستأثر البقاء لنفسه ، وهذا على معنى ما روي : إن الدعاء يرد البلاء والله أعلم . وفيه وجه آخر : وهو أن يكون معناه : ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن ، كما روي في قصة موسى وملك الموت صلوات الله عليهما ، وما كان من لطمة عينه ، وتردده عليه مرة بعد أخرى ، وتحقيق المعنى في الوجهين معا : عطف الله عز وجل على العبد ، ولطفه به والله أعلم
1032- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانِ الْعَدْلُ ، بِبَغْدَادَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ : أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لا يُرِيدُ الْمَوْتَ قَالَ : فَرَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَيْنَهُ ، فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَيْهِ ، فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ ، فَلَهُ مَا غَطَّى يَدَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، ثُمَّ مَاذَا ؟ قَالَ : ثُمَّ الْمَوْتُ قَالَ : فَالآنَ قَالَ : فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ بِجَنْبِ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ

1033- وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلانَ ، وَيَحْيَى بْنِ مُوسَى.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ دُونَ حَدِيثِ الْحَسَنِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ يَطْعَنُ فِيهِ الْمُلْحِدُونَ وَأَهْلُ الْبِدَعِ ، وَيَغْمِزُونَ بِهِ فِي رُوَاتِهِ وَنَقَلَتِهِ ، وَيَقُولُونَ : كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ نَبِيُّ اللهِ مُوسَى هَذَا الصَّنِيعَ بِمَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ ، جَاءَهُ بِأَمْرٍ مِنْ أَمَرِهِ ، فَيَسْتَعْصِي عَلَيْهِ وَلا يَأْتَمِرُ لَهُ ؟ وَكَيْفَ تَصِلُ يَدُهُ إِلَى الْمَلَكِ ، وَيَخْلُصُ إِلَيْهِ صَكَّهُ وَلَطَمَهُ ؟ وَكَيْفَ يُنَهْنِهُ الْمَلَكُ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِ رُوحِهِ ، فَلا يَمْضِي أَمَرُ اللهِ فِيهِ ؟ هَذِهِ أُمُورٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْمَعْقُولِ ، سَالِكَةٌ طَرِيقَ الاسْتِحَالَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَنِ اعْتَبَرَ هَذِهِ الأُمُورَ بِمَا جَرَى بِهِ عُرْفُ الْبَشَرِ ، وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ عَادَاتُ طِبَاعِهِمْ ، فَإِنَّهُ يُسْرِعُ إِلَى اسْتِنْكَارِهَا وَالارْتِيَابِ بِهَا ، لِخُرُوجِهَا عَنْ سَوْمِ طِبَاعِ الْبَشَرِ ، وَعَنْ سُنَنِ عَادَاتِهِمْ ، إِلاَّ أَنَّهُ أَمَرٌ مَصْدَرُهُ عَنْ قُدْرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، الَّذِي لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ، وَلا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَمْرٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَاوَلَةٌ بَيْنَ مَلَكٍ كَرِيمٍ وَبَيْنَ كَلِيمٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَخْصُوصٌ بِصِفَةٍ خَرَجَ بِهَا عَنْ حُكْمِ عَوَامِ الْبَشَرِ ، وَمَجَارِي عَادَاتِهِمْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي خُصَّ بِهِ مَنْ آثَرَهِ اللَّهُ بِاخْتِصَاصِهِ إِيَّاهُ ، فَالْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمْ فِيمَا تَنَازَعَاهُ مِنْ هَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَحْكَامِ طِبَاعِ الآدَمَيِّينَ وَقِيَاسِ أَحْوَالِهِمْ

غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي حَقِّ النَّظَرِ ، وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَطَائِفُ وَخَصَائِصُ يَخُصُّ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ ، وَيُفْرِدُهُمْ بِحُكْمِهَا دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ ، وَقَدْ أَعْطَى مُوسَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ النُّبُوَّةَ ، وَاصْطَفَاهُ بِمُنَاجَاتِهِ وَكَلامِهِ ، وَأَمَدَّهُ حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ : كَالْعَصَا ، وَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ ، وَسَخَّرَ لَهُ الْبَحْرَ فَصَارَ طَرِيقًا يَبَسًا ، جَازَ عَلَيْهِ هُوَ وَقَوْمُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ ، وَغَرَقَ فِيهِ خَصْمُهُ وَأَعْدَاؤُهُ ، وَهَذِهِ أُمُورٌ أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا ، وَأَفْرَدَهُ بِالاخْتِصَاصِ فِيهَا أَيَّامَ حَيَاتُ وَمُدَّةَ بَقَائِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا دَنَا حِينَ وَفَاتُهُ ، وَهُوَ بَشَرٌ يَكْرَهُ الْمَوْتَ طَبْعًا ، وَيَجِدُ أَلَمَهُ حِسًّا ، لَطَفَ لَهُ بِأَنْ لَمْ يُفَاجِئْهُ بِهِ بَغْتَةً ، وَلَمْ يَأْمُرِ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَهْرًا وَقَسْرًا ، لَكِنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ مُنْذِرًا بِالْمَوْتِ ، وَأَمَرَهُ بِالتَّعَرُّضِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الامْتِحَانِ فِي صُورَةِ بَشَرٍ ، فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى اسْتَنْكَرَ شَأْنَهُ ، وَاسْتَوْعَرَ مَكَانَهُ ، فَاحْتَجَرَ مِنْهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ بِمَا كَانَ مِنْ صَكِّهِ إِيَّاهُ ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى عَيْنِهِ الَّتِي رُكِّبَتْ فِي الصُّورَةِ الْبَشَرِّيَّةِ الَّتِي جَاءَهُ فِيهَا ، دُونَ الصُّورَةِ الْمَلَكِيَّةِ الَّتِي هُوَ مَجْبُولُ الْخِلْقَةِ عَلَيْهَا ، وَمِثْلُ هَذِهِ الأُمُورِ مِمَّا يُعَلِّلُ بِهِ طِبَاعَ الْبَشَرِ ، وَتَطِيبُ بِهِ نُفُوسُهُمْ فِي الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ ، فَإِنَّهُ لا شَيْءَ أَشْفَى لِلنَّفَسِ مِنَ الانْتِقَامِ مِمَّنْ يَكِيدُهَا وَيُرِيدُهَا بِسُوءٍ ، وَقَدْ كَانَ مِنْ طَبْعِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ ، آيٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، حِمًى وَحِدَّةٌ ، وَقَدْ قَصَّ عَلَيْنَا الْكِتَابُ مَا كَانَ مِنْ وَكْزِهِ الْقِبْطِيِّ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ ، وَمَا كَانَ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ إِلْقَائِهِ الأَلْوَاحَ ، وَأَخْذِهِ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَضِبَ اشْتَعَلَتْ قَلَنْسُوَتُهُ نَارًا ، وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ الدِّينِ بِحِفْظِ النَّفْسِ ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَالضَّيْمِ عَنْهَا ، وَمَنَ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَنَّهُ فِيمَنِ اطَّلَعَ عَلَى مَحْرَمِ قَوْمٍ مِنْ عُقُوبَتِهِ فِي عَيْنِهِ ، فَقَالَ : مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَأُوا عَيْنَهُ وَلَمَّا نَظَرَ نَبِيُّ اللَّهِ

اقسام الكتاب

1 2 3 4 5   6

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق