نماذج وأمثلة لنصوص الزجر الأصلية ونتبعها بكيف حرفها
النووي وأصحابه
الأحاديث التي فيها نفي الإيمان بالذنوب: قال محمد:
منها ما حدثني به إسحاق، عن أحمد، عن ابن وضاح، عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا
يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق
حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع
الناس أبصارهم إليها وهو مؤمن )
الأحاديث التي فيها نفي الإيمان عن بعض المعاصي مثل: لا إيمان لمن لا أمانة له )( لا يؤمن أحدكم حتى يحب
لأخيه ما يحب لنفسه)
**حديث أبي هريرة:( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس أبصارهم إليها وهو مؤمن)
هذا الحديث رواه الشيخان، أخرجه البخاري في
الصحيح، وأخرجه مسلم أيضا في الصحيح، من طريق ابن الشهاب، عن أبي سلمة، عن أبي
سلمة، وابن المسيب، عن أبي هريرة، وكذلك أخرجه البخاري ومسلم من طريق ابن الشهاب،
عن أبي بكر وهو من أصح الأحاديث، لكن هذا السند ضعيف، أن في إسناده إسحاق وهو
التجيبي، وقد تقدم الكلام عليه، ففيه بعض الضعف، لكن الحديث متنه من أصح الأحاديث.
[قلت المدون هذه النصوص تتسم بالآتي
1.أنها نصوص لم تستوف قدرتها لتفَعَّل في مجال الحكم علي الناس
بالكفر
2.هي نصوص تعليم وتربية ايمانية للمسلمين
3.لكن الخطورة الدالة عليها بأنه لكونها نصوصا حقيقية
لا يصلح فيها التأويل تُفَعَّل فقط فيما بعد الموت وقيامة أصحابها عند لقاء الله عز
وجل
4.أنها نصوصا تحد العلاقة الأصلية بين الله وعبده لذلك تفعل
بعد موت صاحبها علي حقيقتها
5.لا يصلح فيها التأويل بل هي نصوص يحاسب المرء بها علي
حقيقة ما فيها بكونه تاب قبل موته من الذنب الذي شملته أو مات عليه فإن تاب منه وأصلح
فلم يبق عليه لقي الله بريئ العهدة من أثره والعكس فإن لم يتب منه ولقي الله علي
ما ذنبه الموصوف بالعقوبة المتضمنة فقد مات عياذا بالله علي وصفها له
6.هي نصوص تقام بها علاقة الباطن الذي لا يعلمه إلا
الله أي لا تكون إلا بين العبد وربه أي هي علاقة الآخرة ويوم القيامة
7.لا يمكن تكفير صاحبها بهذه النصوص لكونها نصوصا تقيم العلاقة
الباطنية الخفية بين العبد وربه وليس لظاهر الأمر منها شيئ وأن النبي صلي الله
عليه وسلم دلل علي ذلك بقوله في حديث مسلم بن الحجاج 1064 حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ
بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ
لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ
بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ
وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ
قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا
تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ
صَبَاحًا وَمَسَاءً قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ
الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ
مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ
وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ قَالَ ثُمَّ
وَلَّى الرَّجُلُ فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا
أَضْرِبُ عُنُقَهُ فَقَالَ لَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي قَالَ خَالِدٌ
وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ
عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ
وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ
كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ
كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ قَالَ أَظُنُّهُ قَالَ لَئِنْ
أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ وَعَلْقَمَةُ
بْنُ عُلَاثَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَقَالَ نَاتِئُ
الْجَبْهَةِ وَلَمْ يَقُلْ نَاشِزُ وَزَادَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ
لَا قَالَ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدٌ سَيْفُ اللَّهِ فَقَالَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ لَا فَقَالَ إِنَّهُ سَيَخْرُجُ
مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ لَيِّنًا رَطْبًا وَقَالَ
قَالَ عُمَارَةُ حَسِبْتُهُ قَالَ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ
ثَمُودَ
قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟
قال: لا؛
لعله أن يكون يصلي, فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟! قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس, ولا أشق بطونهم,
وقال ابن حجر في فتح الباري: قال القرطبي: إنما منع قتله..
لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ، ولا سيما من صلى، كما تقدم نظيره في قصة عبد
الله بن أبي,[ قلت المدون ولم يقتله النبي صلي الله عليه وسلم لا لشيئ مما يدور في
أذهان المتأولين لكن النبي مُنع من قتل من يؤدي ظاهر الاسلام والسرائر أمرها إلي
الله حتي لو علم النبي صلي الله عليه وسلم ببعض هذه السرائر وفي فعل النبي صلي الله
عليه وسلم تقعيد لفصل علاقة الظاهر بعلاقة الباطن والسرائر من حيث التعامل والحكم
علي الناس حيث لا تكفي نصوص الزجر بالقيام بالحكم علي الناس بما فيها لأنها نصوص
تعليم وتربية وتوعية وهي تخص العلاقة البينية بين العبد وربه لكن خطورتها أنها
تصير الي حقيقة بحتة إذا وافي الموت صاحبها وهو غير تائائب منها {عياذا بالله الواحد}
وأصبحت العلاقة الظاهرية يحجمها عدم الإذن للمسلمين بالشق عن قلوب الناس أو صدورهم
وتخصيصها لما بعد الموت حيث تصير حقيقة لا تقبل ذرة تأويل]
وفيه نفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والناهب،
• عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ، ولا يسرق السارق
حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمنٌ)).
وكان أبو هريرة يُلحق معهن: ((ولا ينتهب نُهْبةً ذات شرفٍ،
يرفع الناس إليه فيها أبصارهم، حين ينتهبها، وهو مؤمنٌ)).
وزاد مسلم: ((ولا يغُلُّ أحدكم حين يغُلُّ وهو مؤمنٌ،
فإياكم إياكم)).
وزاد في أخرى: ((والتوبة معروضةٌ بعدُ)).
ورواه البخاري من حديث ابن عباس أيضًا، وزاد فيه:
((ولا يقتُلُ وهو مؤمن))، قال عكرمة: قلت لابن عباس: كيف ينزع الإيمان منه؟ قال:
هكذا - وشبك
بين أصابعه ثم أخرجها ـ فإن تاب عاد إليه هكذا - وشبك بين أصابعه.
أولًا: ترجمة راوي الحديث:
أبو هريرة رضي الله عنه تقدمت ترجمته في الحديث الأول
من كتاب الإيمان.
ثانيًا: تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (57)، وأخرجه البخاري في "كتاب المظالم" "باب النهي عن النهبة"
حديث (3936).
وأما زيادة "ولا يغُلُّ أحدكم حين يغُلُّ..." فانفرد بها مسلم.
وأما زيادة "والتوبة معروضةٌ بعدُ" فهي عند
مسلم في نفس الموضع السابق، وهي عند البخاري في "كتاب الحدود" "باب
إثم الزناة" حديث (6710).
وأما حديث ابن عباس، فانفرد به البخاري عن مسلم في
نفس الموضع السابق حديث (6809). وفي رواية البخاري في "كتاب المظالم"
"باب النُّهْبَـى بغير إذن صاحبه" حديث (2474): بلفظ: ((... ولا يسرق
حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نُهْبةً يرفع الناس إليه أبصارهم حين يرفعها وهو
مؤمن))، وعند أبي نعيم في مستخرجه على مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم: "... والذي
نفس محمد بيده، لا ينتهب أحدكم نُهبةً..." الحديث (...) برفعه. :
وقوله (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ): الجملة خبرية،
فيها نفي إيمان الزاني حين زناه،
(ولا ينتهب نهبةً): النهب: السلب والاختلاس، وقيل:
الأخذ قهرًا وجهرًا؛ أي: يغتصب
ذلك؛ [انظر: النهاية لابن الأثير مادة (نهب)، وانظر أيضًا القاموس المحيط]، فيكون
المعنى في النهب هو ما يؤخذ خُلْسة؛ أي: بسرعة، يخطف خطفًا، وأيضًا جهرة بقوة
اغتصابًا، وبهذا يفرق بين النهبة والسرقة؛ لأن السرقة هي أخذ المال بخفية؛ فالنهب
أشد من السرقة؛ لأن فيها زيادة جرأة وعدم مبالاة.
(ذات شرفٍ)؛ أي: ذات قيمة ورفعة.
(يرفع الناس إليه فيها أبصارهم): قيل: هو بيان لقوله (ذات شرفٍ)؛ فالناس يرفعون أبصارهم وتتُوق أنفسهم لما
كان له قيمة ورفعة، وقيل: هو بيان لمعنى النُّهبة، وهو أن أخذ هذا المال كان جهرة
وقهرًا والناس ينظرون، لكن لا حيلة لهم.
(ولا يغُلُّ أحدكم): الغُلول: هو الخيانة، وقيل: هو
خاص بما أخذ من الغنيمة خيانة.
(فإياكم إياكم): الفاء واقعة في جواب شرط، والشرط
مقدر، والتقدير: إن كان الإيمان ينتفي بارتكاب هذه القبائح، فإياكم؛ أي: فاحذروها،
وكررها للتأكيد.
(والتوبة معروضةٌ بعدُ)؛ أي: من أراد أن يتوب من هذه الكبائر،
فالتوبة عرَضها الله تعالى على عباده، وهذا من لطفه سبحانه.
(لا يزني الزاني وهو مؤمن)، وكذا في السرقة وشرب الخمر
وغيرها من الكبائر، وأقول المدون أنه إذا انتفى الإيمان لم يحل محله الكفر، والحكم
في صاحبه أنه علي الاسلام أي علي الأصل لكن يظل الإيمان تاركا لصاحبه كالظلة لا يسمح
للكفر بأن يحل مكانه ولا هو ملتصق بصاحبه يعني في انتظار إقلاع صاحبه عن الذنب فيعود
إليه فور الإقلاع
🌘قيل: إنه من أحاديث الوعيد التي تمر كما جاءت، ولا
نتعرض لتأويلها.
🌘وقيل: المراد أنه يسلب منه الإيمان حال تلبُّسه بالكبيرة،
فإذا فارقها عاد إليه الإيمان. 🌘واستدلوا بما رواه البخاري في حديث ابن عباس:
"قال عكرمة: قلت
لابن عباس: كيف ينزع الإيمان منه؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه ثم أخرجها، فإن تاب
عاد إليه هكذا، وشبك بين أصابعه". 🌘وجاء نقل هذا الحديث مرفوعًا عند أبي داود، وصححه ابن
حجر عن أبي هريرة ورفعه: ((إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان، فكان عليه كالظلة، فإذا
أقلع رجع إليه الإيمان)). 🌘وأخرج الحاكم أن أبا هريرة قال: "من زنى أو شرب الخمر، نزع الله منه الإيمان كما يخلع
الإنسان القميص من رأسه"، وهذا القول قول قوي، ومال إليه ابن حجر.
🌘عن عبدالله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال: ((يا معشر النساء، تصدَّقْنَ، وأكثِرْنَ الاستغفار؛ فإني رأيتُكن أكثر
أهل النار))، فقالت امرأةٌ منهن جزلةٌ: وما
لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟! قال: ((تُكثِرن اللعن، وتكفُرْن العَشير، وما رأيت من ناقصات
عقلٍ ودينٍ أغلب لذي لبٍّ منكن))، قالت: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدِّين؟
قال: ((أما
نقصان العقل، فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجلٍ، فهذا نقصان العقل، وتمكث اللياليَ
ما تصلي، وتُفطِر في رمضان، فهذا نقصان الدِّين)). ورواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وورد نحو هذا الحديث في الصحيحين من حديث أبي سعيد. 🌘وحديث ابن عمر أخرجه مسلم حديث (79)، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه
أبو داود في "كتاب السنة" "باب الدليل على زيادة الإيمان
ونقصانه" حديث (4679)، وأخرجه ابن ماجه في
"كتاب الفتن" "باب فتنة النساء" حديث (4003). 🌘وأما حديث أبي سعيد فأخرجه مسلم حديث (80)، وأخرجه البخاري في "كتاب
الحيض" "باب ترك الحائض الصوم" حديث (298). وأخرج مسلم نحو حديث ابن عمر من حديث أبي
هريرة حديث (80) وانفرد به.
🌘 شرح
ألفاظ الحديث:
(يا معشر النساء): المعشر هم الجماعة الذين يشتركون في
أمر أو صفة واحدة؛ فالإنس معشر، والجن معشر، والأنبياء معشر، والنساء معشر، وهكذا.
والخطاب ليس للنساء الحاضرات عند النبي صلى الله عليه
وسلم فقط، وإنما لجميع نساء الدنيا،
(فقالت امرأةٌ منهن جَزْلةٌ): بفتح الجيم وسكون الزاي؛
أي: ذات عقل ورأي، قال ابن الأثير: "أي: تامة الخلق، ويجوز أن تكون ذاتَ كلامٍ
جزلٍ؛ أي: قويٍّ شديدٍ"؛ [انظر: النهاية مادة (جزل)].
والمقصود أن النساء يكثرن الدعاء على الغير بالإبعاد،
بقصد أو بغير قصد، بسبب أو بغير سبب، ويُكثِرْن الشَّتم والسَّبَّ.
(وتكفرن العشير): المراد بالكفر هنا كفران الحقوق؛ أي: (تجحدن)، والعشير: هو الخليط من المعاشرة، والمراد به
الزوج؛ لكثرة مخالطته، سمي عشيرًا، وفي اللفظ مضاف محذوف، والتقدير: تنكرن حق
الزوج
(أذهَب لذي لبٍّ منكن): اللب أخص من العقل؛ لأن اللب الخالص
من العقل، والكامل منه، والمعنى: ما رأيت أشد غلبة وتأثيرًا على ذوي العقول منكن.
(وتمكث الليالي ما تصلي): اكتفى بذكر الليالي عن
الأيام، والمقصود: وتمكث ليالي الحيض وأيامه لا تصلي.
والحديث دليل على أفضلية الصدقة، وأنها سببٌ للنجاة
من النار، وفي الصحيحين من حديث عدي بن حاتم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن استطاع
منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة، فليفعل))، واللفظ لمسلم، وسيأتي مزيد بيان
لفضائل الصدقة في شرح كتاب الزكاة.
والحديث دليل على أفضلية الإكثار من الاستغفار، وأنه
سبب للنجاة من النار، وسيأتي الكلام على الاستغفار ومباحثه بإذن الله تعالى في "كتاب الذِّكر والدعاء والتوبة"، وحديث الأغر
المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني
لأستغفر الله في اليوم مائة مرة))؛ رواه مسلم.
قال القرطبي: "الاستغفار: سؤال المغفرة، وقد
يعبر به عن التوبة؛ كما قال تعالى: ﴿ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ
غَفَّارًا ﴾ [نوح:
10]؛ أي: توبوا، وإنما عبر عن التوبة بالاستغفار؛ لأنه إنما يصدر عن الندم وَجَلُ
الإصرار، وذلك هو التوبة، فأما الاستغفار مع الإصرار فحال المنافقين الأشرار، وهو
جدير بالرد وتكثير الأوزار، وقد قال بعض العارفين: الاستغفار باللسان توبةُ الكذَّابين"؛
[انظر: المفهم (1/268) حديث (62)].
والحديث دليل على تحريم اللعن، وأن الإكثار منه سببٌ
في دخول النار؛ ولذا فهو كبيرة من كبائر الذنوب، والإجماع منعقد على تحريمه، وزجر الشارع
عن جريان اللعن على لسان المسلم، وجاءت الأحاديث بأن المسلم ليس باللعَّان ولا
الطعَّان، وأن اللعَّان لا يكون شهيدًا ولا شفيعًا يوم القيامة، وأن اللعَّان ترجع
عليه اللعنة إن كان مَن وُجِّهت إليه لا يستحقها؛ ولذا نهي عن لعن الديك؛ لأنه لا
يستحق اللعن، فلا يلعن إلا من يستحق اللعن .
والحديث دليلٌ على تحريم كفران العشير، وهو أن تنكر المرأة
إحسان زوجها لها ؛ ففي الصحيحين من حديث ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((أريت النارَ، فإذا أكثر أهلها النساء، يكفُرْنَ))، قيل: أيكفرن بالله؟ قال:
((يكفُرْن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا،
قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط)).
والحديث دليل على أن السبب في كون النساء أكثر أهل
النار هو كثرة لعنهن للغير، ولو بغير حق، ولإنكارهن حق وإحسان أزواجهن لهن
والحديث دليل على الحذر من إغراء المرأة للرجل، وأن الرجل
يبتعد عن مثل هذه المواطن، فإذا كانت المرأة سببًا في ذهاب عقل الرجل اللبيب الفطن،
فكيف بمن دونه؟!
بل حتى إذا كان الرجل حازمًا، فإنه يخشى عليه إذا
تعرض لمثل هذه المواطن؛ ففي رواية البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما
رأيت من ناقصات عقل ودين أذهبَ للبِّ الرجل الحازم من إحداكن))، ومن تأمل هذا عرف
مقصود النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من
النساء))؛ متفق عليه.
-------
احاديث نفي الإيمان
🌘 قوله
[ لا يؤمن …] الأحاديث التي أولها قول النبي صلى الله عليه وسلم [ لا يؤمن .. ] من
مظانها من كتب السنة ،
الإيمان لغة:
مصدر آمن يؤمن إيماناً فهو مؤمن و أصل آمن : أأمن بهمزتين
لُيِّنت الثانية ، وهو من الأمن ضد الخوف.
قال الراغب : ( أصل الأمن طمأنينة النفس و زوال الخوف
)
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( … فإن اشتقاقه من
الأمن الذي هو القرار و الطمأنينة ، وذلك إنما يحصل إذا استقر في القلب التصديق و الإنقياد
)
و الإيمان عند أهل السنة :
يرى أهل السنة أن الإيمان لا يكون في القلب فقط بل
يكون في القلب و اللسان و الجوارح ، و يرون أنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية قال
إمام أهل السنة أحمد بن حنبل :(الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص ، كما جاء في الخبر ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) [ السلسلة
الصحيحة 84 ] ، فقال العلامة الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله معلقاً على هذا الأصل
من أصول أهل السنة : ( فالإيمان قول وعمل ؛ قول القلب و اللسان و عمل القلب
و الجوارح ، أو تقول : الإيمان
قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، هذا هو الإيمان عند أهل السنة )
] [ أصول السنة للإمام أحمد بشرح الشيخ ربيع المدخلي ، صفحة (59) ]
وقال الإمام مالك : ( الإيمان قول وعمل يزيد و ينقص ) [ الانقاء 34 ] وهو مروي عن الشافعي كما في مناقبه
[1/387]
فهذا قول العلماء النجباء ، بل نقل الإمام ابن عبد
البر الإجماع على هذا الأصل فقال : ( أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول
وعمل ، ولا عمل إلا بنية ، و الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ) [ التمهيد
9/239] .
و قال الإمام الشافعي : ( كان الإجماع من الصحابة و التابعين
و من بعدهم ومن أدركناهم يقولون : الإيمان قول وعمل ونية ) [الإيمان لابن تيمية
197 ] ، و الكتاب و السنة ناطقان بهذا
قال تعالى { لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ }(الفتح الآية4) وقال: { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً }(مريم
الآية76)
قال تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (المؤمنون:60) وقد سألت أم المؤمنين عائشة
رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء فقالت : يا رسول الله أهو الرجل
يزني ويسرق ويشرب الخمر ، ويخاف أن يعذب ؟ ، قال : ( لا يا ابنة الصديق ، ولكنه
الرجل يصلي ويصوم ويتصدق و يخاف أن لا يقبل منه ) [ السلسلة الصحيحة 1/255]
وكذلك يرى أهل السنة أن الإيمان يتبعض ، فالإيمان
عندهم شعب و درجات ، قال شيخ الإسلام : [ إن الإيمان يتبعض فيذهب بعضه ويبقى بعضه
، كما في قوله عليه الصلاة و السلام : ( يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة
من إيمان )
[ البخاري ] ولهذا مذهبهم أن الإيمان يتفاضل ويتبعض ] [ مجموع الفتاوى
18/270] ويدل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع و سبعون شعبة ) [ الصحيحين ] .
و هذه الأحاديث التي نحن بصدد جمعها و شرحها إنما هي
من أقوى الأدلة على هذا الأصل الأصيل ، وهو أن الإيمان يتبعض ، فنفي كماله لا يعني
نفي أصله ، و ذهاب بعضه لا يعني البتة ذهابه كله .
الحديث الأول متن الحديث :
🌘قال البخاري : حدثنا مسدد قال يحيى بن سعد عن شعبه عن
قتاده عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه
ما يحب لنفسه ).
تخريج الحديث :
رواه البخاري (13) ، وبمثله من طريق النضر عن شعبه عن
قتاده رواه النسائي (5016)، وكذلك من طريق ابن المبارك عن
شعبه برقم (5039) ، والترمذي (2515)، والدارمي عن يزيد بن هارون عن
شعبه (2740) ،وأبو عوانه في المسند (91) من طريق روح عن شعبه ، وهو عند أحمد برقم(
13898) عبيد الله بن معاذ عن شعبه .
وهو عند مسلم (169) من رواية حسين المعلم عن قتاده عن
أنس وفيه ( حتى يحب لجاره أو قال لأخيه ) وعنده برقم (168) من رواية محمد بن جعفر عن
شعبه وفيه (أو قال لجاره ) وبمثله عند ابن ماجه (66) وبمثله عند أحمد عن محمد بن جعفر والحجاج عن شعبه
(13808) وفيه أن الحجاج لم يشك ب (حتى بحن لأخيه ما يحب لنفسه ) وهو في المسنج أيضا برقم (12737) وهو كذلك في السنه لأبي بكر الخلال(1110).
وهو عند أحمد (13563) بلفظ (لا يؤمن عبد حتى يحب
لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير) من رواية عفان عن همام عن قتاده ، وهو أيصا
عنده برقم (14015)لكن من دون (المسلم) من طريق بهز عن همام ، ورواه النسائي بزياده
(والذي
نفسي بيده…) (5017) من طريق موسى بن عبد الرحمن عن ابو أسامه عن حسين المعلم
،ورواه أبو عوانه (93) بدون (من الخير) .
وهو في المسند عند الإمام أحمد (لا يؤمن أحدكم حتى
يحب للناس ما يحب لنفسه وحيى يحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل ) (13809) من طريق
روح عن شعبه عن قتاده ، ورواه الخلال بمثله (1111) من طريق الميموني عن روح ،وبرقم
(1215)من
طريق أبو عبد الله عن روح.
ورواه الإمام أحمد (13080)بلفظ (والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما
يحب لنفسه من الخير)من طريق روح عن حسين المعلم عن قتاده عن أنس وهو في السنه لأبي
بكر الخلال برقم( 1214) من طريق أبو عبد الله عن روح عن حسين المعلم عن قتاده ،
ورواه الخلال بمثله (92) من طريق العباس بن محمد والصاغاني وأبو أميه عن روح.
---------
🌘الحديث الأول متن الحديث :
قال البخاري : حدثنا مسدد قال يحيى بن سعد عن شعبه عن
قتاده عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).
تخريج الحديث :
رواه البخاري (13) ، وبمثله من طريق النضر عن شعبه عن
قتاده رواه النسائي (5016)، وكذلك من طريق ابن المبارك عن
شعبه برقم (5039) ، والترمذي (2515)، والدارمي عن يزيد بن هارون عن
شعبه (2740) ،وأبو عوانه في المسند (91) من طريق روح عن شعبه ، وهو عند أحمد برقم(
13898) عبيد الله بن معاذ عن شعبه .
وهو عند مسلم (169) من رواية حسين المعلم عن قتاده عن
أنس وفيه ( حتى يحب لجاره أو قال لأخيه ) وعنده برقم (168) من رواية محمد بن جعفر عن
شعبه وفيه (أو قال لجاره ) وبمثله عند ابن ماجه (66) وبمثله عند أحمد عن محمد بن جعفر والحجاج عن شعبه
(13808) وفيه أن الحجاج لم يشك ب (حتى بحن لأخيه ما يحب لنفسه ) وهو في المسنج أيضا برقم (12737) وهو كذلك في السنه لأبي بكر الخلال(1110).
وهو عند أحمد (13563) بلفظ (لا يؤمن عبد حتى يحب
لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير) من رواية عفان عن همام عن قتاده ، وهو أيصا
عنده برقم (14015)لكن من دون (المسلم) من طريق بهز عن همام ، ورواه النسائي بزياده
(والذي
نفسي بيده...) (5017) من طريق موسى بن عبد الرحمن عن ابو أسامه عن حسين المعلم
،ورواه أبو عوانه (93) بدون (من الخير) . 🌘 وهو
في المسند عند الإمام أحمد (لا
يؤمن أحدكم حتى يحب للناس ما يحب لنفسه وحيى يحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل )
(13809) من طريق روح عن شعبه عن قتاده ، ورواه الخلال بمثله (1111) من طريق الميموني عن روح ،وبرقم (1215)من طريق أبو عبد الله عن روح. 🌘 ورواه
الإمام أحمد (13080)بلفظ (والذي
نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير)من طريق روح عن حسين
المعلم عن قتاده عن أنس وهو في السنه لأبي بكر الخلال برقم( 1214) من طريق أبو عبد
الله عن روح عن حسين المعلم عن قتاده ، ورواه الخلال بمثله (92) من طريق العباس بن
محمد والصاغاني وأبو أميه عن روح.
🌘 فإن
النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تربية أتباعه بهذا الخلق الجليل ، لما فيه من
بث للتعاون و الترابط و التماسك ، و لما فيه من نفي لخبيث الأخلاق و سوء الطباع من
حب التفرد و الأنانية ، قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري : [ وإنما يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد
والغل والغش والحقد ، وذلك واجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا
الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا " ، فالمؤمن أخو المؤمن يحب له ما
يحب لنفسه ويحزنه ما يحزنه كما قال صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في
توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالحمى
والسهر " فإذا أحب المؤمن لنفسه فضيلة من دين أو غيره أحب أن يكون لأخيه
نظيرها من غير أن تزول عنه كما قال ابن عباس : إني لأمر بالآية من القرآن فأفهمها
فأود أن الناس كلهم فهموا منها ما أفهم . وقال الشافعي : وددت أن الناس كلهم تعلموا هذا العلم ولم ينسب إلي
منه شيء .
فأما حب التفرد عن الناس بفعل ديني أو دنيوي : فهو
مذموم ، قال الله تعالى : { تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا
يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا } ( القصص : 83) ، وقد قال علي وغيره
: هو أن لا يحب أن يكون نعله خيرا من نعل غيره ولا ثوبه خيرا من ثوبه وفي الحديث
المشهور في " السنن " : " من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو
يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار ] ا.هـ
🌘 الحديث
الثاني
متن الحديث : قال الإمام البخاري : حدثنا عاصم بن علي
حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد عن أبي شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والله لا
يؤمن ،والله لا يؤمن ،والله لا يؤمن ،قيل ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن
جاره بوائقه )
وتابعه شبابه وأسد بن موسى وقال حميد بن الأسود
وعثمان بن عمرو وأبو بكر بن عياش وشعيب بن اسحاق عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري
عن أبي هريره .
🌘هو في صحيح البخاري مع الفتح (6016). 🌘ورواه أحمد في المسند عن إسماعيل بن عمرو به
برقم(7865) نحو هذا وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل وما بوائقه قال: (شره) وبمثل ذلك رواه الإمام أحمد عن حجاج وروح
برقم(16324). 🌘ورواه أحمد في مسنده برقم (8413) بلفظ ( لا ،والله لا
يؤمن .لا والله لا يؤمن ،لا والله لا يؤمن ) قالوا :ومن ذلك يا رسول الله ؟ قال :
(الجار لا يأمن جاره بوائقه ) قيل : وما بوائقه ؟ قال : (شره).
🌘وهو عنده برقم (27040) من رواية يزيد بن هارون به
ولكن فيه (والله لا يؤمن ) مرتين
فقط ورواه الخلال بنفس السند برقم (1216) عن الإمام أحمد بلفظ (والله لا يؤمن ثلاثا)كما
في رواية البقيه وكأن المخالفه من عبد الله.فاختلف الرواة عن ابن أبي ذئب فمنهم من
يجعله من رواية أبي هريره ومنهم من يجعله من رواية أبي شريح .وقد ذكر البخاري كلا
من الطريقين وهذا عنده يعني أن كلاهما محفوظ كما قال الحافظ بن حجر .
🌘وانظر الى الحديث السابق الذي في بعض طرقه (…حتى يحب
لجاره ما يحب لنفسه ) .
[ الحديث الثالث ]
الحديث : قال البخاري : حدثنا يعقوب بن ابراهيم حدثنا
بن عليه عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن
أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ).
رواه البخاري برقم (15) مع الفتح وبمثله أحمد برقم (12750) من طريق محمج بن جعفر وحجاج عن شعبه عن قتاده عن أنس
،ورواه الدارمي (2741) من طريق يزيد بن هارون وهشام بن القاسم عن شعبه .
ورواه البخاري برقم (14) مع زيادة (فوالذي نفسي بيده … ) دون أن يقول (والناس أجمعين ) من طريق أبو اليمان عن
شعيب عن أبو الزناد عن الأعرج عن أبوهريره .
ورواه أحمد (13894)من طريق روح عن شعبه بلفظ(….ولا
يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) وبمثله رواه الخلال (1219) من طريق أبو عبد الله عن
روح به ، ورواه بمثله من طريقٍ آخر هو عن روح عن شعبه عن منصور عن طلق بن حبيب عن
أنس برقم (13895).
وهو عند مسلم بلفظ ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه
من ولده ووالده والناس أجمعين ) من طريق محمد بن المثنى وبن بشار عن محمد بن جعفر
عن شعبه عن قتاده عن أنس ، وابن ماجه (67) بمثله ، وفي المسند للإمام أحمد بمثله
رقم (13846)من
طريق محمد بن جعفر وحجاج عن شعبه به، وفي السنه للخلال (1218) بمثله من طريق أبو
عبدالله عن حجاج عن شعبه ، وبمثله النسائي برقم (5013)من طريق حميد بن مسعده عن
بشر بن المفضل عن شعبه ، وهوأيضا برقم (5015) دون (والناس أجمعين) من طريق عمران
بن بكار عن علي بن عياش عن شعيب عن أبو الزناد عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي
هريره، وهو عنده برقم (5014) لكن قال :( … أحب إليه من ماله وأهله والناس أجمعين ) من طريق عمران بن موسى عن عبد الوارث عن عبد العزيز
عن أنس وأيضا من طريق الحسين بن حريث عن إسماعيل عن عبد العزيز عن أنس ،ورواه أبو
عوانه (90) بمثله
لكن قال (لا
يؤمن عبد… ) بدلاًَ من (لا يؤمن أحدكم …) من طريق سعيد بن مسلم عن حجاج عن شعبه
ومن طريق الصاغاني عن أبو النضر عن شعبه به .
ورواه مسلم (166) بلفظ (لا يؤمن عبد (وفي حديث عبد الوارث
الرجل) حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين ) من طريق زهير بن حرب عن
سماعيل بن عليه عن عبد العزيز وشيبان بن أبي شيبه عن عبد الوارث عن عبد العزيز.
ورواه أحمد في مسنده (18863) بلفظ (والذي نفسي بيده
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ) من طريق قتيبه بن سعيد عن ابن لهيعه عن
زهره بن معبد عن جده .
وروى الإمام أحمد (22402) من طريق حسن بن موسى عن ابن
لهيعه عن زهره بن معبد بن عبد الله بن هشام عن جده قال : كنت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ، فقال عمر : والله يا رسول الله لأنت أحب
إلي من كل شيئ إلا نفسي ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا والذي نفسي بيده
حتى أكون أحب إليك من نفسك ) قال
عمر : فأنت اللآن والله أحب إلي من نفسي ، فقال رسول الله (الآن يا عمر).
[ الحديث الرابع ] متن الحديث :
قال الإمام أحمد في المسند : حدثنا محمد بن جعفر،
حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: ” لا
يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، بعثني
بالحق، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت، وحتى يؤمن بالقدر “
قال محققوا المسند [طبعة الرسالة ] [ 2/152] : [رجاله
ثقات رجال الشيخين، وربعي بن حراش سمع من علي بن أبي طالب وهو تابعي قديم مخضرم، لكن
قال الدارقطني في "العلل" 3/196 لما سئل عن حديث ربعي هذا: حدث به شريك
وورقاء وجرير وعمرو بن أبي قيس عن منصور عن ربعي عن علي، وخالفهم سفيان الثوري
وزائدة وأبو الأحوص وسليمان التيمي فرووه عن منصور عن ربعي عن رجل من بني أسد عن
علي، وهو الصواب. والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (887) ، والبزار (904) من طريق محمد
بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (106) ، ومن طريقه الترمذي (2145) عن
شعبة، به. وأخرجه الترمذي (2145) من طريق النضر بن شميل، عن شعبة، عن منصور، عن
ربعي بن حراش، عن رجل، عن علي. قال الترمذي: حديث أبي داود (يعني الطيالسي) عن شعبة عندي أصح من حديث النضر،
وهكذا روى غير واحد عن منصور عن ربعي عن علي. ورواية شريك- وهو ابن عبد الله
النخعي- التي أشار إليها الدارقطني، فقد أخرجها ابن أبي عاصم (130) و (887) ، وابن ماجه (81) ، والخطيب في "تاريخ
بغداد" 3/366 من طريقه عن منصور بن المعتمر، عن ربعي، عن علي. 🌘وأما رواية ورقاء بن عمر اليشكري بإسقاط الرجل
المجهول، فلم تقع لنا، لكن أخرجه الطيالسي في "مسنده" (106) عنه، عن منصور، عن ربعي، عن رجل، عن علي. 🌘ورواية جرير بن عبد الحميد أخرجها أبو يعلى (583) ،
والحاكم 1/33 من طريقه عن منصور، عن ربعي، عن علي. 🌘وأما رواية عمرو بن أبي قيس فلم نقف عليها في المصادر
التي بين أيدينا. 🌘وأما رواية سفيان الثوري عن منصور بزيادة الرجل من
بني أسد، فستأتي في "المسند" برقم (1112) . 🌘ورواية زاثدة بن قدامة أخرجها أبو يعلي (352) من
طريقه عن منصور، به لكن بإسقاط الرجل من بني أسد. 🌘ورواية أبي الأحوص- وهو سلام بن سليم الحنفي- أخرجها
الطيالسي (170) عنه عن منصور بإسقاط الرجل أيضا، ولفظه عنده: "لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر كله"
صححه الشيخ الألباني في كل من صحيح ابن ماجة (81) و المشكاة
( 104 ) ، الظلال ( 130 ) ، تخريج الأحاديث المختارة ( 416 – 420 )
شرح الحديث :
أولاً : معنى نفي الإيمان في هذا الحديث :
قال في تحفة الأحوذي [ قوله : ( لا يؤمن عبد ) هذا
نفي أصل الإيمان أي لا يعتبر ما عنده من التصديق القلبي ]
قال السندي [ .. هذا نفي لأصل الإيمان لا نفي لكماله
، فمن لم يؤمن بواحدة من هذه الأمور الأربعة لم يكن مؤمناً ]
ثانياً : هذا الحديث فيه ذكر لأصول الدين :
الإيمان بالله جل وعلا .
و الإيمان بالله جل وعلا يشتمل ثلاثة أمور :
الإيمان بربوبيته :
” معناه الاعتقاد الجازم بأن الله وحده رب كل شيء
ومليكه ، لا شريك له ، وهو الخالق وحده وهو مدبر العالم والمتصرف فيه ، وأنه خالق
العباد ورازقهم ومحييهم ومميتهم ، والإيمان بقضاء الله وقدره وبوحدانيته في ذاته ،
وخلاصته هو : توحيد الله تعالى بأفعاله .
وقد قامت الأدلة الشرعية على وجوب الإيمان بربوبيته سبحانه
وتعالى ، كما في قوله : { الحمد لله رب العالمينألا له الخلق والأمر تبارك الله
رب العالمين } (سورة الأعراف : الآية ، 54) . وقوله : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض
جميعا } (سورة
البقرة : الآية ، 29) . وقوله تعالى : { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين }
(سورة الذاريات : الآية ، 58) . } (سورة الفاتحة : الآية ، 1) . وقوله
وهذا النوع من التوحيد لم يخالف فيه كفار قريش ،
وأكثر أصحاب الملل والديانات ؛ فكلهم يعتقدون أن خالق العالم هو الله وحده ، قال
الله تبارك وتعالى عنهم : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر
ليقولن الله } (سورة لقمان : الآية ، 25) . وقال : { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون }{ سيقولون لله
قل أفلا تذكرون }{ قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم }{ سيقولون
لله قل أفلا تتقون }{ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن
كنتم تعلمون }{ سيقولون لله قل فأنى تسحرون }{ بل أتيناهم بالحق
وإنهم لكاذبون } (سورة المؤمنون : الآية ، 84 – 90) . وذلك لأن قلوب العباد مفطورة على
الإقرار بربوبيته- سبحانه وتعالى- ولذا فلا يصبح معتقده موحدا ، حتى يلتزم بالنوع
الثاني من أنواع التوحيد ، وهو “
ألوهيته :
التوحيد هو أول واجب دعا إليه الرسل ، و هو أصل
دعوتهم كما قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ
اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: من الآية36) و التوحيد هو
أعظم حق لله تعالى على عبيده ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( حق الله على العباد
أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ) [ الصحيحين ]
قال شيخ الإسلام : ( التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما
يتضمن إثبات الألوهية لله وحده ، بأن يشهدوا أن لا إله إلا الله ،ولا يعبدوا إلا
إياه ،ولا يتوكلوا إلا عليه ،ولا يوالوا إلا له ، ولا يعادوا إلا فيه ، ولا يعملوا
إلا لأجله ، وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية ) ا.هـ
وهذا النوع من التوحيد – إفراد الله بالعبادة – هو
الذي وقع فيه النـزاع من قديم الدهر وحديثه و هو الذي أرسلت الرسل لتقريره ، قال
تعالى : { وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات:56)
قال الإمام ابن جرير الطبري : ( .. لا معبود تنبغي أو
تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخق عبادته إلا الله الذي هو خالق الخلق ومالك كل شيء
) [ جامع البيان 26/53]
و قال الإمام القرطبي : ( أصل الشرك المحرم اعتقاد
شريك لله تعالى في الألوهية وهو الشرك الأعظم وهو شرك الجاهلية ) [ تفسير القرطبي
5/118]
و قال الإمام الألباني : ( الشرك في الألوهية أو العبودية
وهو أن يعبد مع الله غيره من الأنبياء و الصالحين كالاستغاثة بهم وندائهم عند
الشدائد ونحو ذلك )
قال العلامة صالح الفوزان : ( يجب صرف العبادة بجميع أنواعها
لله وحده لا شريك له؛ فمن صرف منها شيئا لغير الله؛ كمن دعا غير الله، أو ذبح أو
نذر لغير الله، أو استعان أو استغاث بميت أو غائب أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه
إلا الله؛ فقد أشرك الشرك الأكبر وأذنب الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، سواء صرف
هذا النوع من العبادة لصنم أو لشجر أو لحجر أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء
حي أو ميت؛ كما يفعل اليوم عند الأضرحة المبنية على القبور؛ فإن الله لا يرضى أن
يشرك معه في عبادته أحد؛ لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ولا غيرهم
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ
بِهِ} [ النساء
:116] ، وقال تعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [ الجن : 18 ] ، وقال تعالى: { وَلَا تُشْرِكُوا
بِهِ شَيْئًا} [ النساء
:36 ] )
و أدلة هذا الأصل الأصيل كثيرة بحمد الله ، لا ينكر
ذلك إلا رجل طمس على قلبه وبصره و العياذ بالله ، وقال {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ
اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ
رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (المؤمنون:117) وقال : { وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ
اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} (يونس:106) و قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا سألت
فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ) [ الترمذي ] و قال النبي صلى الله عليه
وسلم ( من
مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار ) [ البخاري ] و الدعاء هو العبادة كما صح في الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز صرف شيء منه لغير الله .
و أسمائه و صفاته :
فالواجب على المسلمين أن يثبتوا لربهم كل ما أثبته
لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء و الصفات ، و أن
يؤمنوا بها على حقيقتها وظاهرها على الوجه اللائق به عز وجل من غير تحريف ولا
تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل .
و الأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر ، فمن ذلك ما روى
أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية : ( إن الله يأمركم أن
تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) إلى قوله تعالى : ( سميعا بصيرا ) ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ، قال أبو هريرة رضي الله عنه : رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرؤها ويضع إصبعيه [برقم 4728
و قال الألباني صحيح الإسناد ]
وكذلك ما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قوله : ( .. فيكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ) [وهو في الصحيحين
]
و حديث أبي رزين رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِه ، قال : قلت : يا
رسول الله ! أويضحك الرب ؟ قال : نعم ، قلت : لن نُعدم من رب يضحك خيراً ) [رواه
الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني ]
و أيضاً سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية أين
الله فأجابت في السماء [ رواه مسلم وغيره ]
ويدل بما لا يدع مجالاً للشك على ذلك أن القرآن
العظيم نزل مبيناً واضحاً ظاهراً فمن المحال أن يكون أعظم ما فيه وهو صفات الرب
خافياً لا يهتدى إليه إلا بتأويل متكلف أو مجاز محدث ، فلا ريب أن الأصل في الكلام
هو حمله على حقيقته ، ولذلك لم تختلف كلمة الصحابة قط في صفة من صفات الله ولم
يتنازعوا في تأويلها ولم يرد عنهم تأويلها بل أجمعوا على إقرارها كما جاءت و إثبات
حقائقها لله على الوجه اللائق .
قال العلامة محمد صديق حسن خان : ( ومن صفاته سبحانه : اليد و اليمين و الكف و الإصبع و الشمال و القدم و
الرجل و الوجه و النفس و العين و النزول و الإتيان و المجيء و الكلام و القول و
الساق و الحقو و الجنب و الفوق و الاستواء و القوة و القرب .. و الضحك و التعجب و
الحب و الكره و المقت و الرضا و الغضب و السخط و العلم و الحياة و القدرة و
الإرادة و المشيئة و الفوق و المعية و الفرح إلى غير ذلك مما نطق به الكتاب و
السنة ، فأدلة ذلك مذكورة فيها ، فكل هذه الصفات تساق مساقاً واحداً ويجب الإيمان
بها على أنها صفات حقيقية ، لا تشبه صفات المخلوقين ، ولا يمثل ولا يعطل ولا يرد
ولا يجحد ولا يأول بتأويل يخالف ظاهره ) [ أنظر أدلة ذلك كله في كتاب الواسطية وشروحها خاصة شرح
العثيمين ]
و قانون هذه المسألة ما قاله الإمام مالك بن أنس لما
سئل كيف استوى الرحمن على العرش : ( الكيف منه غير معقول ، و الاستواء منه غير
مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة ) [رواه أبو نعيم وابن عبد البر و البيهقي وغيرهم و صححه
الذهبي وابن حجر ]
وما قاله الإمام الشافعي رضي الله عنه : ( نثبت هذه الصفات
التي جاء بها القرآن و وردت بها السنة و ننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه فقال :
{ ليس كمثله شيء } ) [ ذكره الذهبي في السير 20/348 ]
قال الإمام ابن عبد البر حاكياً الإجماع على ذلك : (
أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن و السنة و الإيمان
بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز ، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك ) [
التمهيد 7/131 ]
فأهل السنة عندما يثبتون هذه الصفات لله عز وجل لا يثبتونها
على صورة تشبه ما عليه المخلوق قال العلامة صالح الفوزان : ( الله سبحانه و تعالى
منزه عن مشابهة الخلق { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } { ولم يكن له كفواً أحد
} فهو سبحانه منزه عن مشابهة خلقه ، وإن كان له أسماء وصفات تشترك مع أسماء و صفات
الخلق في اللفظ و المعنى لكن في الحقيقة و الكيفية لا تشابه بينهما )
و قال الإمام أبو اسماعيل الصابوني [ت 449هـ] واصفاً
أهل السنة : ( يثبتون له جل جلاله ما أثبت لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى
الله عليه وسم .. وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز
وجل: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
و بالنبي صلى الله عليه وسلم .
فالواجب الإيمان بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
أنه خاتم النبين و أن رسالته هي خاتمة الرسائل إلى الناس أجمعين ، و ناسخة لما قبلها
، و أن الله جل وعلا أرسله بالدين الحق و الدين الكامل ، و الواجب طاعته و
الإنصياع لأمره و الرد إليه عند الاختلاف و التنازع .
والإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله ومسلم إيمان
مفصل يقتضي ذلك منهم اتباعه فيما جاء به على وجه التفصيل .
و أنه عبد الله و رسوله الصادق الأمين، و هو أفضل الأنبياء
عند الله و أكرمهم على الله و أعلاهم درجة و أقربهم إليه وسيلة .
ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ، ويشهد بنبوته ،
فمن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار .
و قد سبق و أن تحدثنا على نوع من ذلك في الحديث
الثالث فليراجع .
و بالبعث بعد الموت :
خلافاً للدهرية الشواذ ، فلا يتم إيمان عبد حتى يؤمن بالبعث
بعد الموت قال تعالى : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ
بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ
شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [ الأنعام : 38] ، و قال : { فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي
فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الإسراء : 51 ]
و ذكر هذا الأصل في الكتاب العزيز و السنة المطهرة ،
و حكاية أوصافه و أحواله و شيء من مواقفه يصعب حصره في هذه الورقات الوجيزة ، و لكننا
نقول : أن الإيمان بالبعث يقتضي الإيمان بالقبر و أحواله و عذابه و منكر و نكير ،
و يقتضي الإيمان بالساعة الكبرى منها و الصغرى ، و يقتضي الإيمان بالموقف و الحشر
و كل ما ذُكر من ذلك في النقل الصحيح ، و يجب الإيمان كذلك أن وقت الساعة غيب لا
يعلمه إلا الله عز وجل ، و هذا من شأنه أن يدفع المؤمن بها أن يندفع إلى رضا ربه و
يهرب من سخطه و أن يتزود لذلك اليوم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
و في القدر
سيأتي بيان ذلك في الحديث التالي بحول الله .
المعنى الإجمالي للحديث :
قال في تحفة الأحوذي [12] :
[ ( حتى يؤمن بأربع يشهد ) .. أي يعلم ويتيقن
( أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ) أي يؤمن
بالتوحيد والرسالة ، وعدل إلى لفظ الشهادة أمنا من الإلباس بأن يشهد ولم يؤمن أو
دلالة على أن النطق بالشهادتين أيضا من جملة الأركان ، فكأنه قيل يشهد باللسان بعد
تصديقه بالجنان ، أو إشارة إلى أن الحكم بالظواهر والله أعلم بالسرائر .
( بعثني بالحق ) استئناف كأنه قيل لم يشهد ، فقال بعثني
بالحق أي إلى كافة الإنس والجن . ويجوز أن يكون حالا مؤكدة أو خبرا بعد خبر فيدخل على
هذا في حيز الشهادة ، وقد حكى صلى الله عليه وسلم على القولين كلام المشاهد
بالمعنى إذ عبارته أن محمدا وبعثه
( ويؤمن بالموت ) بالوجهين
( ويؤمن بالبعث ) أي يؤمن بوقوع البعث
( بعد الموت ) تكرير الموت إيذان للاهتمام بشأنه .
( ويؤمن ) بالوجهين ( بالقدر )
قال القاري نقلا عن المظهر : المراد بهذا الحديث نفي
أصل الإيمان لا نفي الكمال . فمن لم يؤمن بواحد من هذه الأربعة لم يكن مؤمنا .
الأول : الإقرار بالشهادتين وأنه مبعوث إلى كافة
الإنس والجن .
والثاني : أن يؤمن بالموت أي يعتقد فناء الدنيا وهو احتراز
عن مذهب الدهرية القائلين بقدم العالم وبقائه أبدا . قال القاري وفي معناه التناسخي
، ويحتمل أن يراد اعتقاد أن الموت يحصل بأمر الله لا بفساد المزاج كما يقوله الطبيعي
.
والثالث : أن يؤمن بالبعث .
والرابع : أن يؤمن بالقدر يعني بأن جميع ما يجري في العالم
بقضاء الله وقدره ]
ــــــــــــــ
[ الحديث الخامس ]
متن الحديث :
قال الإمام أحمد في المسند : حدثنا روح حدثنا شعبة
حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
( لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما
سواهما و حتى يقذف في النار أحب إليه من أن يعود في الكفر بعد أن نجاه الله منه و
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)
التخريج :
قال مخرجوا المسند [20/ 397] :
[ إسناده صحيح على شرط الشيخين. وسيتكرر برقم (13959) ، وانظر (12765) و (12814) ]
أما قوله : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده
والناس أجمعين
رأس التأويل والتحريف يطل من جديد
بقلم : خالد بن صالح الغيص
يطلق التأويل فى اللغة على عدة معان ، منها التفسير والمصير والعاقبة ، وتلك المعانى موجودة فى القرآن والسنة: قال الله تعالى: { هل ينظرون إلا تأويله } الأعراف: 53. وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى دعائه لابن عباس: (اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل) أخرجه البخارى . وهو كذلك عند السلف .
ويطلق التأويل عند الخلف من علماء الكلام والأصول والفقه بأنه صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، وهذا التأويل مرفوض عند السلف واعتبروه تحريفاً باطلاً لنصوص الكتاب والسنة ، وقد ظهر هذا المعنى للتأويل متأخراً عن عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعصر الصحابة ، بل ظهر مع ظهور الفرق ودخلوا منه إلى تحريف النصوص ، وكانت له نتائج خطيرة ، إذ كلما توغلوا فى تأويل المعانى وتحريفها بعدوا عن المعنى الحق الذى تهدف إليه النصوص ( نقلاً بتصرف من أصول وتاريخ الفرق الإسلامية لمصطفى بن محمد ) وتسلطوا به على نصوص القرآن والسنة التي تثبت صفات الله عز وجل وحرفوها وسموا تحريفهم تأويلاً وزعموا بذلك أنهم نزهوا الرب عن مشابهة المخلوقين ، ونسوا أنهم بذلك قد حرفوا نصوص القرآن والسنة وحملوها على معان فاسدة .
وقد أطلت برأسها – في الآونة الأخيرة - صورة جديدة من صور التأويل المرفوض - بمعناه عند المتأخريين - وهذه الصورة الجديدة كسابقتها تسلطت على نصوص القرآن والسنة ولكن ليست نصوص صفات الله عز وجل – كماهوعند الأولين منهم - بل النصوص الكونية التي تتحدث عن خلق المخلوقات والنصوص التشريعية وغيرها ، فبدؤوا يؤولونها ويحرفونها ويحملونها على معان فاسدة متبعين بذلك للمتشابه من النصوص ولحوادث جزئية حدثت في التاريخ الاسلامي الطويل ، فعلوا ذلك لأجل التوفيق – زعموا - بينها وبين النظريات العلمية الحديثة والأفكار والمذاهب المعاصرة كالديمقراطية والشيوعية والرأسمالية والوطنية والحرية وحقوق المرأة وغيرها وسموا تحريفهم هذا تأويلاً أو توفيقاً بين النصوص وبين الواقع وهم في حقيقة الأمر قد دلسوا على عوام الناس ، فبدؤوا يلوون أعناق الآيات والأحاديث لتوافق ما ذهبوا إليه ، فهذا يؤول ويحرف قول الله على لسان إبراهيم عليه السلام عندما حاج النمرود في ربه وقال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب كما في قوله تعالى في سورة البقرة آية 258، فقالوا ليست الآية دليلاً على دوران الشمس حول الأرض والذي به يتعاقب الليل والنهار، وأولوها بما يوافق النظرية الحديثة والتي تقول بدوران الأرض حول الشمس وقالوا : إن إتيان الشمس من المشرق هو فيما يبدوا للناس حتى لا يصطدم القرآن مع أهل القرون الماضية ، فجاؤا بتفسير لم يسبقهم إليه أحد من السلف بل هو تأويل وتحريف لكتاب الله تعالى ، ويظنون أنهم بفعلهم هذا أعلم وأحكم من السلف ، فطعنوا بسلفنا الصالح كما طعن قدماؤهم بقولهم : إِنَّ طريقة السّلف أسلم ، وطريقة الخلف أعلم وأحكم ، وهذا تنقّص للسّلف ، وطعن في علمهم وإيمانهم ، وتناقض ظاهر ، إذ مقتضى السّلامة العلم والحكمة !! كل ذلك ليوفقوا بين الآيات والنظريات الحديثة في ظنهم ، جاء في فتوى رقم ]9247[ من فتاوى اللجنة الدائمة بتوقيع الشيخ ابن باز وغيره من العلماء رحمهم الله :-
س : ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بـ (التفاسير العلمية)؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية ؟ فقد كثر الجدل حول هذه المسائل .
ج : إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى : ) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) الأنبياء الآية 30، بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءاً منها ، ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس ، إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها ، وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى: ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ) النمل الآية 88 ، على دوران الأرض ، وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه ، وتخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علمية ، وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات ، وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة ، لما فيها من القول على الله بغير علم ، وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مسألة دوران الأرض : وأما رأينا حول دوران الشمس على الأرض الذي يحصل به تعاقب الليل والنهار، فإننا مستمسكون بظاهر الكتاب والسنة من أن الشمس تدور على الأرض دوراناً يحصل به تعاقب الليل والنهار، حتى يقوم دليل قطعي يكون لنا حجة بصرف ظاهر الكتاب والسنة إليه - وأنى ذلك - فالواجب على المؤمن أن يستمسك بظاهر القرآن الكريم والسنة في هذه الأمور وغيرها . انتهى من مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين .
وآخر يستدل بفعل النبي في غزوة أحد عندما أخذ برأي الأغلبية على أن ذلك ديمقراطية الإسلام وبدأ ينتقي من النصوص ما يوافق هواه ويلوي أعناقها لتوافق مذهب الديمقراطية ونسي أن الديمقراطية وهي حكم الشعب للشعب أو حكم الأغلبية تخالف أصلاً عظيماً من أصول الإسلام وهو الانقياد والاستسلام والحكم لله وحده . ولكنه التأويل والتحريف برأسه القبيح يطل من جديد ليوافق المذاهب المعاصرة ولو خالف أصل الإسلام ، قال الشيخ عبدالعزيز الفوزان : وأخطر مسالكهم في تبرير فسادهم ، والسعي لإفساد الخلق وإضلالهم ، هو اتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسُّنة وأقوال الأئمة ، حيث يكون لديهم مقررات سابقة ، وأحكام مبيَّتة، يريدون تبريرها وإقناع الناس بها ، فيأتون إلى نصوص الكتاب والسُّنة ، وإلـى أقوال الأئمة، لا ليتعرفوا على حكم الله - تعالى - من خلالها ، ولكن ليحرِّفوها ويلووا أعناقها ويؤولوها على غير المراد بها ، لتتفق مع ما في نفوسهم من أحكام وقناعات سابقة ، فتجدهم يأخذون بالمتشابه من نصوص الوحيين ، ومن أقوال الأئمة المعتبَرين، ويتركون النصوص الصريحة المحكَمة، التي تدحض باطلهم ، وتبطل فهمهم ، وهذا هو منهج أهل الزيغ والضلال الذي حذرنا الله - تعالى - منه في قوله: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧]، فبيَّن أن آيات الكتاب منها المحكَم الواضح الدلالة، وهي أمُّ الكتاب ، أي: أكثره، وأساسه الذي يجب أن يُرَد المتشابه إليه ليُعرَف مراد الله منه، ومنها المتشابه الذي يحتمل أكثر من معنى ، فيجب رد هذه المعاني المحتمَلة إلى المعاني الصحيحة التي دلَّت عليها الآيات المحكَمة ، وألا يُضرَب كتاب الله - تعالى - بعضه ببعض، أو أن يؤول كلامه إلى معنى فاسد وإن كان اللفظ يحتمله ، فليس في القرآن تناقض ولا اختلاف، ولا حجة فيه لضال ولا مبتدع ، لأنه كما قال الله - تعالى -: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]، وقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] . انتهى نقلاً من موقع مجلة البيان .
وهكذا بدأت رحى التأويل والتحريف تدور مقعقعة من جديد بنصوص القرآن والسنة لتوافق المذاهب المعاصرة والنظريات الحديثة ، فإذا كان السابقون من أهل التأويل كالمعتزلة وغيرهم لجؤا إلى التأويل تنزيهاً للرب وتعظيماً له سبحانه فيما يظنون فكان أصل تأويلهم تعظيم الله تعالى ، فإن أهل التأويل الجدد يؤولون النصوص تعظيماً للمذاهب المعاصرة والنظريات الحديثة وخوفاً أن يطعن أهل الإلحاد فيهم فيقال عنهم رجعيون أو أنهم لا يواكبون التطور والتقدم العلمي ، فبدلاً من أن يؤولوا النصوص ويحرفوها كان عليهم أن يقفوا وقفة سلفنا الصالح في ذبهم لطعنات أهل التأويل عن نصوص القرآن والسنة ، فيدحضون الشبه التي تُلقى على النصوص ويزيلون ما ينقدح في الأذهان من شكوك ويبينون الحق ويوضحون مدلولات النصوص وما أراده الله ورسوله للناس من غير تحريف ولا تأويل فاسد ولا اتباع للمتشابه من النصوص ولا يخافون بعد ذلك في الله لومة لائم ، فكما كان لوقفة علماء سلفنا الصالح الفضل بعد الله في تبيان الحق ونشره بين الناس في عصور كاد الباطل أن ينتفش ، كوقفة الإمام أحمد في فتنة خلق القرآن ، وكوقفات شيخ الإسلام ابن تيمية الكثيرة في زمانه وكوقفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جمعياً حتى ظهرالحق واستبان وزهق الباطل ولم يمنعهم انتشار الباطل في زمانهم من محاربته ودحض شبهه وتبيان الحق ، كذلك علينا أن نكون في هذا الزمان الذي استطال فيه أعداء الإسلام من الغرب والشرق وأعوانهم من داخل الأمة فنبين الحق للناس وندحض شبه الباطل ولا نخاف في الله لومة لائم ، ولا يخيفنا طعنهم في ديننا فهم لا يزالون يطعنون ويقدحون ويلمزون وهذا دأبهم دائماً وأبداً ، والتأويل والتحريف داءٌ لا يُشفى بإذن الله إلا بتحقيق كمال التوحيد لله تعالى والانقياد والتسليم ، قال الطحاوي رحمه الله : ولا يثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام ، فمن رام علم ما حظر عنه علمه ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان . ( العقيدة الطحاوية ) .
والله تعالى أعلى وأعلم ، واستغفر الله وأتوب إليه
خالد بن صالح الغيص
91
من صفر 1432 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق