الخميس، 20 يناير 2022

ج 4--كتاب: شرح (التبصرة والتذكرة = ألفية العراقي)

يتبع

 ج4 -كتاب: شرح (التبصرة والتذكرة = ألفية العراقي)

المعارف "، وهو إما باطل أو مؤول بأنه استكمل بعد الجمل مائة سنة لا أنه بقي بعدها مائة سنة، والله أعلم.
وأما آخر من مات مقيدا بالنواحي، فاختلفوا في آخر من مات بالمدينة الشريفة على أقوال:
فقيل: السائب بن يزيد، قاله أبو بكر بن أبي داود واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة ثمانين، وقيل: ست وثمانين، وقيل: ثمان وثمانين، وقيل: إحدى وتسعين، قاله الجعد بن عبد الرحمن، والفلاس، وبه جزم ابن حبان، واختلف أيضا في مولده، فقيل: في السنة الثانية من الهجرة، وقيل: في الثالثة.
والقول الثاني:: أن آخرهم موتا بالمدينة: سهل بن سعد الأنصاري، قاله علي بن المديني، والواقدي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومحمد بن سعد، وابن حبان، وابن قانع، وأبو زكريا بن منده، وادعى ابن سعد نفي الخلاف فيه، فقال: ليس بيننا في ذلك اختلاف، وقد أطلق أبو حازم أنه آخر الصحابة موتا، وكأنه أخذه من قول سهل، حيث سمعه يقول: لو مت لم تسمعوا أحدا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والظاهر أنه أراد أهل المدينة إذ لم يكن بقي بالمدينة غيره. وقد اختلف في سنة وفاته أيضا،
(2/148)
فقيل: سنة ثمان وثمانين، قاله أبو نعيم والبخاري والترمذي، وقيل: سنة إحدى وتسعين قاله الواقدي، والمدائني، ويحيى بن بكير، وابن نمير، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ورجحه ابن زبر، وابن حبان. وقد اختلف في وفاته أيضا بالمدينة فالجمهور على أنه مات بها، وقال قتادة: بمصر، وقال أبو بكر ابن أبي داود: بالإسكندرية، ولهذا جعل السائب آخر من مات بالمدينة كما تقدم.
والقول الثالث: إن آخرهم موتا بها جابر بن عبد الله، رواه أحمد بن حنبل عن قتادة، وبه صدر ابن الصلاح كلامه، فاقتضى ترجيحه عنده، وكذا قاله أبو نعيم وهو قول ضعيف؛ لأن السائب مات بالمدينة عنده بلا خلاف، وقد تأخر بعده، وقد اختلف أيضا في مكان وفاة جابر، فالجمهور على أنه مات بالمدينة، وقيل: بقباء. وقيل: بمكة، قاله أبو بكر ابن أبي داود، وإليه أشرت بقولي: (او بمكة) .
واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة اثنتين وسبعين، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: سبع، وقيل: ثمان، وهو المشهور، وقيل: سنة تسع وسبعين. قلت: هكذا اقتصر ابن الصلاح على ثلاثة أقوال في آخر من مات بالمدينة، وقد تأخر بعد الثلاثة
(2/149)
المذكورين بالمدينة محمود بن الربيع الذي عقل مجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وهو ابن خمس سنين، وتوفي سنة تسع وتسعين، بتقديم التاء فيهما، فهو إذا آخر الصحابة موتا بالمدينة. وتأخر أيضا بعد الثلاثة محمود بن لبيد الأشهلي، مات بالمدينة سنة ست وتسعين أو خمس وتسعين، وقد قال البخاري: إن له صحبة.
وكذا قال ابن حبان وإن كان مسلم وجماعة عدوه في التابعين.
وأما آخر من مات بمكة منهم، فقيل: جابر بن عبد الله، قاله ابن أبي داود. والمشهور وفاته بالمدينة كما تقدم، وقيل: آخرهم موتا بها عبد الله بن عمر بن الخطاب، قاله قتادة وأبو الشيخ ابن حيان في " تاريخه "، وبه صدر ابن الصلاح كلامه. وقد
(2/150)
اختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة ثلاث وسبعين، وقيل: أربع، ورجحه ابن زبر. وممن جزم أنه مات بمكة، ودفن بفخ، ابنه سالم بن عبد الله، وابن حبان، وابن زبر، وغير واحد، وكذلك مصعب بن عبد الله الزبيري؛ ولكنه قال دفن بذي طوى، وإنما يكون جابر أو ابن عمر آخر من مات بمكة إن لم يكن أبو الطفيل مات بها، كما قد قيل، والصحيح: أن أبا الطفيل مات بمكة، كما قاله علي بن المديني وابن حبان وغيرهما، وإلى هذا أشرت بقولي: (إن لا أبو الطفيل فيها قبرا) .
وآخر من مات منهم بالبصرة: أنس بن مالك، قاله قتادة، وأبو هلال، والفلاس، وابن المديني وابن سعد، وأبو زكريا بن منده، وغيرهم،
(2/151)
واختلف في وقت وفاته، فقيل: سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: إحدى، وقيل: سنة تسعين، قال ابن عبد البر: وما أعلم أحدا مات بعده ممن رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أبا الطفيل.
قلت: قد مات بعده محمود بن الربيع بلا خلاف في سنة تسع وتسعين، كما تقدم، وقد رآه وعقل عنه وحدث عنه، كما في "صحيح البخاري"، والله أعلم.
وكذا تأخر بعده عبد الله بن بسر المازني في قول عبد الصمد بن سعيد، كما سيأتي.
وآخر من مات منهم بالكوفة: عبد الله بن أبي أوفى، قاله قتادة والفلاس وابن حبان وابن زبر وابن عبد البر، وأبو زكريا بن
(2/152)
منده. وذكر ابن المديني: أن آخرهم موتا بالكوفة: أبو جحيفة، والأول أصح، فإن أبا جحيفة توفي سنة ثلاث وثمانين، وقيل: أربع وسبعين، وبقي ابن أبي أوفى بعده إلى سنة ست وثمانين، وقيل: سبع، وقيل: ثمان، نعم.. بقي النظر في ابن أبي أوفى، وعمرو بن حريث، فإنه أيضا مات بالكوفة، فإن كان عمرو بن حريث توفي في سنة خمس وثمانين، فقد تأخر ابن أبي أوفى بعده، وإن كان توفي سنة ثمان وتسعين، كما رواه الخطيب في " المتفق والمفترق "، عن محمد بن الحسن الزعفراني؛ فيكون عمرو بن حريث آخرهم موتا بها، والله أعلم. وابن أبي أوفى آخر من بقي ممن شهد بيعة الرضوان.
(2/153)
وآخر من مات منهم بالشام: عبد الله بن بسر المازني، قاله الأحوص بن حكيم، وابن المديني، وابن حبان، وابن قانع، وابن عبد البر، والمزي، والذهبي. واختلف في وفاته، فقيل: سنة ثمان وثمانين وهو المشهور، وقيل: سنة ست وتسعين، قاله عبد الصمد بن سعيد، وبه جزم أبو عبد الله بن منده، وأبو زكريا بن منده، وقال: إنه صلى للقبلتين.
فعلى هذا هو آخر من بقي ممن صلى للقبلتين.
وقيل: إن آخر من مات بالشام منهم: أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي، روي ذلك عن الحسن البصري وابن عيينة، وبه جزم أبو عبد الله ابن منده، وأشرت إلى الخلاف بقولي: (أو ذو باهله) ، والصحيح الأول، فقد قال البخاري في "
(2/154)
التاريخ الكبير " قال علي: سمعت سفيان، قلت لأحوص: كان أبو أمامة آخر من مات عندكم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان بعده عبد الله بن بسر، قد رأيته.
واختلف في سنة وفاة أبي أمامة، فقيل: سنة ست وثمانين، وقيل: إحدى وثمانين.
وقولي: (بدمشق واثله) ، إشارة إلى طريقة أخرى سلكها بعضهم في آخر من بقي في نواح من الشام بالنسبة إلى دمشق، وحمص، وفلسطين، وهو أبو زكريا بن منده، فقال في جزء جمعه في آخر من مات من الصحابة فيما رويناه عنه:
آخر من مات بدمشق منهم: واثلة بن الأسقع الليثي، وكذا قاله قتادة؛ ولكن قد اختلف في مكان وفاته، فقال قتادة ودحيم، وأبو زكريا بن منده: مات بدمشق، وقال أبو حاتم الرازي: مات ببيت المقدس. وقال ابن قانع: بحمص. واختلف أيضا في سنة وفاته، فقيل: سنة خمس وثمانين. وقيل: ثلاث. وقيل: سنة ست وثمانين.
وآخر من مات بحمص منهم: عبد الله بن بسر المازني، قاله قتادة، وأبو زكريا بن منده.
(2/155)
وآخر من مات منهم بالجزيرة: العرس بن عميرة الكندي، قاله أبو زكريا بن منده.
وآخر من مات منهم بفلسطين: أبو أبي عبد الله بن أم حرام، قاله أبو زكريا بن منده، وهو ابن امرأة عبادة بن الصامت. واختلف في اسمه، فقال ابن سعد، وخليفة، وابن عبد البر: هو عبد الله بن عمرو بن قيس وقيل: عبد الله بن أبي، وقيل: بن كعب، وقد اختلف أيضا في مكان وفاته. فقيل: إنه مات بدمشق. وذكر ابن سميع: أنه توفي ببيت المقدس، قلت: فإن كان توفي بدمشق، فآخر من مات بفلسطين قيس بن سعد بن عبادة، فقد ذكر أبو الشيخ في " تاريخه " عن بعض ولد سعد: أن قيس بن سعد توفي بفلسطين سنة خمس وثمانين في ولاية عبد الملك؛ لكن المشهور أنه توفي في المدينة في آخر خلافة معاوية، قاله الهيثم بن عدي، والواقدي، وخليفة ابن خياط، وغيرهم.
وآخر من مات منهم بمصر: عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، قاله سفيان بن عيينة، وعلي بن المديني، وأبو زكريا بن منده. واختلف في سنة وفاته، فالمشهور: سنة ست وثمانين، وقيل: سنة خمس، وقيل: سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع. وذكر الطحاوي أنه مات بسفط القدور، وهي التي تعرف اليوم بسفط أبي
(2/156)
تراب، وقد قيل: إنه مات باليمامة، حكاه أبو عبد الله بن منده، وقال أيضا: إنه شهد بدرا، فعلى هذا هو آخر البدريين موتا، ولا يصح شهوده بدرا، والله أعلم.
وقولي: (جزي) ، هو بإبدال الهمزة ياء لموافقة القافية.
وآخر من مات منهم باليمامة: الهرماس بن زياد الباهلي، قاله أبو زكريا ابن منده، وذكر عن عكرمة بن عمار، قال: لقيت الهرماس بن زياد سنة اثنتين ومائة.
وآخرهم موتا ببرقة: رويفع بن ثابت الأنصاري، وقال أبو زكريا ابن منده: إنه توفي بإفريقية، وإنه آخر من مات بها من الصحابة، وقال أحمد بن البرقي: توفي ببرقة، وصححه المزي، وقال ابن الصلاح: ((إنه لا يصح وفاته بإفريقية)) ، وكذا ذكر ابن يونس: أنه توفي ببرقة، وهو أمير عليها لمسلمة بن مخلد سنة ثلاث وخمسين، فإن قبره معروف ببرقة إلى اليوم، ووقع في " تهذيب الكمال " نقلا عن ابن يونس: أن وفاته في سنة ست وخمسين. وفي مكان وفاته قول آخر لم يحكه ابن منده، ولا ابن الصلاح، وهو أنه مات بأنطابلس، قاله الليث بن سعد. وقيل: إنه مات بالشام.
وآخر من مات منهم بالبادية: سلمة بن الأكوع، قاله أبو زكريا بن منده، والصحيح أنه مات بالمدينة، قاله ابنه إياس بن سلمة، ويحيى بن بكير، وأبو عبد الله بن منده. ورجحه ابن الصلاح. وأشرت إلى الخلاف بقولي: (او بطيبة المكرمه) .
(2/157)
واختلف أيضا في سنة وفاته، فالصحيح: أنه توفي سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة أربع وستين.
وهذا آخر ما ذكره ابن الصلاح من أواخر من مات من الصحابة مقيدا بالأماكن، وبقي عليه مما ذكره أبو زكريا بن منده أن آخر من مات بخراسان منهم: بريدة بن الحصيب، وأن آخر من مات منهم بالرخج منهم: العداء بن خالد بن هوذة، والرخج: من أعمال سجستان.
ومما لم يذكره ابن الصلاح، ولا ابن منده أيضا: أن آخر من مات منهم بأصبهان: النابغة الجعدي، وقد ذكر وفاته بأصبهان أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين "، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان ".
وآخر من مات منهم بالطائف: عبد الله بن عباس.
معرفة التابعين
817....
والتابع اللاقي لمن قد صحبا ... وللخطيب حده أن يصحبا
(2/158)
اختلف في حد التابعي، فقال الحاكم وغيره إن التابعي من لقي واحدا من الصحابة فأكثر، وسيأتي نقل كلام الحاكم في البيت الذي يلي هذا، وعليه عمل الأكثرين
وقد ذكر مسلم وابن حبان سليمان بن مهران الأعمش في طبقة التابعين وقال ابن حبان أخرجناه في هذه الطبقة؛ لأن له لقيا وحفظا رأى أنس بن مالك، وإن لم يصح له سماع المسند عن أنس انتهى وقال علي بن المديني لم يسمع من أنس، وإنما رآه رؤية بمكة يصلي وليس له رواية في شيء من الكتب الستة عن أحد من الصحابة إلا عن عبد الله ابن أبي أوفى في سنن ابن ماجه فقط وقال أبو حاتم الرازي إنه لم يسمع منه وقال الترمذي إنه لم يسمع من أحد من الصحابة، وعده أيضا في التابعين عبد الغني بن سعيد وعد فيهم يحيى بن أبي كثير؛ لكونه لقي أنسا وعد فيهم موسى بن أبي عائشة؛ لكونه لقي عمرو بن حريث وعد فيهم جرير بن حازم لكونه رأى أنسا، وهذا مصير منهم إلى أن التابعي من رأى الصحابي ولكن ابن حبان يشترط أن يكون رآه في سن من يحفظ عنه، فإن كان صغيرا
(2/159)
لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته، كخلف بن خليفة، فإنه عده في أتباع التابعين، وإن كان رأى عمرو بن حريث؛ لكونه كان صغيرا وقال الخطيب التابعي من صحب الصحابي، والأول أصح، ورجحه ابن الصلاح فقال والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابة نظرا إلى مقتضى اللفظين فيهما وقال النووي في التقريب والتيسير إنه الأظهر انتهى وقد عد الخطيب منصور بن المعتمر من التابعين، ولم يسمع من أحد من الصحابة وقول الخطيب له من الصحابة ابن أبي أوفى، يريد في الرؤية لا في السماع والصحبة ولم أر من ذكره في طبقة التابعين وقال النووي في شرح مسلم
إنه ليس بتابعي؛ ولكنه من أتباع التابعين، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصحابة والتابعين بقوله طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن رأى من رآني ... الحديث، فاكتفى فيهما بمجرد الرؤية
...
وهم طباق قيل: خمس عشره ... أولهم: رواة كل العشره
819....
وقيس الفرد بهذا الوصف ... وقيل لم يسمع من ابن عوف
...
وقول من عد سعيدا فغلط ... بل قيل: لم يسمع سوى سعد فقط
821....
لكنه الأفضل عند أحمدا ... وعنه قيس وسواه وردا
...
وفضل الحسن أهل البصرة ... والقرني أويسا اهل الكوفة
(2/160)
ثم إن التابعين طباق، فجعلهم مسلم في كتاب " الطبقات " ثلاث طبقات. وكذا فعل ابن سعد في " الطبقات "، وربما بلغ بهم أربع طبقات. وقال الحاكم في
"
علوم الحديث ": هم خمس عشرة طبقة، آخرهم من لقي أنس بن مالك من أهل البصرة، ومن لقي عبد الله ابن أبي أوفى من أهل الكوفة ومن لقي السائب بن يزيد من أهل المدينة)) وعد الحاكم منهم ثلاث طبقات فقط. وسيأتي نقل كلامه.
فالطبقة الأولى من التابعين من روى عن العشرة بالسماع منهم، وليس في التابعين أحد سمع منهم إلا قيس بن أبي حازم. ذكره عبد الرحمن بن يوسف ابن خراش. وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف)) . وأما قول الحاكم في النوع السابع من " علوم الحديث ": وقد أدرك سعيد بن المسيب أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليا، وطلحة، والزبير إلى آخر العشرة. قال: ((وليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد، وقيس بن أبي حازم)) . انتهى، فهو غلط صريح، وكذا قوله في النوع الرابع عشر: ((فمن الطبقة الأولى قوم لحقوا العشرة منهم سعيد بن المسيب، وقيس بن أبي حازم، وأبو عثمان النهدي، وقيس بن عباد، وأبو ساسان حضين بن المنذر، وأبو وائل،
(2/161)
وأبو رجاء العطاردي)) . انتهى. وقد أنكر ذلك على الحاكم؛ لأن سعيد بن المسيب إنما ولد في خلافة عمر، بلا خلاف، فكيف يسمع من أبي بكر؟ والصحيح أيضا: أنه لم يسمع من عمر، قاله يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي، نعم ... ، أثبت أحمد بن حنبل سماعه منه. وبالجملة فلم يسمع من أكثر العشرة، بل قال بعضهم فيما حكاه ابن الصلاح: أنه لا يصح له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص.
المسألة الثالثة: اختلفوا في أفضل التابعين، فقال عثمان الحارثي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفضل التابعين سعيد بن المسيب، فقيل له: فعلقمة والأسود، فقال: سعيد وعلقمة والأسود)) ، وهو المراد بقولي: (لكنه الأفضل) ، فالضمير لسعيد، وقال علي ابن المديني: هو عندي أجل التابعين، وقال أبو حاتم الرازي: ((ليس في التابعين أنبل من ابن المسيب)) . وقال ابن حبان: ((هو سيد التابعين)) وورد عن أحمد أيضا أنه قال: أفضل التابعين قيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي، ومسروق، هؤلاء كانوا فاضلين ومن علية التابعين. وعنه أيضا قال: لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان وقيس.
(2/162)
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي: اختلف الناس في أفضل التابعين، فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب، وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري، وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني. واستحسنه ابن الصلاح.
قلت: الصحيح، بل الصواب ما ذهب إليه أهل الكوفة، لما روى مسلم في
"
صحيحه " من حديث عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن خير التابعين رجل يقال له: أويس ... )) الحديث. فهذا الحديث قاطع للنزاع. وأما تفضيل أحمد لابن المسيب وغيره فلعله لم يبلغه هذا الحديث، أو لم يصح عنه، أو أراد بالأفضلية: الأفضلية في العلم لا الخيرية، وقد تقدم في " معرفة الصحابة " أن الخطابي نقل عن بعض شيوخه أنه: كان يفرق بين الأفضلية والخيرية، والله أعلم.
823....
وفي نساء التابعين الأبدا ... حفصة مع عمرة أم الدردا
هذا بيان لأفضل التابعيات، فقولي الأبدا أي أبداهن، بمعنى أولهن في الفضل وقد روى أبو بكر بن أبي داود بإسناده إلى إياس بن معاوية قال ما أدركت أحدا أفضله على حفصة، يعني بنت سيرين، فقيل له الحسن وابن سيرين، فقال أما أنا فلا أفضل عليها أحدا وقال أبو بكر ابن أبي داود سيدتا التابعين من النساء
(2/163)
حفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عبد الرحمن، وثالثتهما وليست كهما أم الدرداء، يريد الصغرى، واسمها هجيمة، ويقال جهيمة فأما أم الدرداء الكبرى، فهي صحابية واسمها خيرة
...
وفي الكبار الفقهاء السبعه ... خارجة القاسم ثم عروه
825....
ثم سليمان عبيد الله ... سعيد والسابع ذو اشتباه
...
إما أبو سلمة أو سالم ... أو فأبو بكر خلاف قائم
من المعدودين في أكابر التابعين، الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهم: خارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن، فهؤلاء هم الفقهاء السبعة عند أكثر علماء الحجاز كما قال الحاكم، وجعل ابن المبارك: سالم بن عبد الله بن عمر مكان أبي سلمة بن عبد الرحمن، فقال: كان فقهاء أهل المدينة الذين يصدرون عن آرائهم سبعة، فذكرهم. وذكرهم أبو الزناد، فجعل أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث مكان أبي سلمة، أو سالم، فروى ابنه عبد الرحمن عنه، قال: أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم فذكرهم، وقال: هم أهل فقه وصلاح وفضل.
(2/164)
وقد بلغ بهم يحيى بن سعيد: اثني عشر فنقص وزاد، فروى علي بن المديني عنه، قال: فقهاء أهل المدينة اثنا عشر: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة والقاسم بن محمد، وسالم وحمزة وزيد وعبيد الله وبلال بنو عبد الله بن عمر، وأبان بن عثمان بن عفان، وقبيصة بن ذؤيب وخارجة وإسماعيل ابنا زيد بن ثابت.
827....
والمدركون جاهلية فسم ... مخضرمين كسويد في أمم
المخضرمون من التابعين بفتح الراء وهم الذين أدركوا الجاهلية وحياة
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليست لهم صحبة، ولم يشترط بعض أهل اللغة نفي الصحبة قال صاحب المحكم رجل مخضرم إذا كان نصف عمره في الجاهلية، ونصفه في الإسلام فمقتضى هذا أن حكيم بن حزام، ونحوه مخضرم، وليس كذلك من حيث الاصطلاح؛ وذلك لأنه متردد بين طبقتين لا يدرى من أيتهما هو، فهذا هو مدلول الخضرمة، قال صاحبا المحكم والصحاح لحم مخضرم، لا يدرى من ذكر هو أو من أنثى انتهى، فكذلك المخضرمون مترددون بين الصحابة للمعاصرة وبين التابعين، لعدم الرؤية، وفي كلام ابن حبان في صحيحه موافقة لكلام صاحب المحكم، فإنه قال والرجل إذا كان في الكفر له ستون سنة، وفي الإسلام ستون سنة يدعى مخضرما؛ لكنه ذكر ذلك عند ذكر أبي عمرو الشيباني، وإنه
كان من المخضرمين فكأنه أراد ممن ليست له صحبة
(2/165)
وحكى الحاكم عن بعض مشايخه أن اشتقاق ذلك من أن أهل الجاهلية كانوا يخضرمون آذان الإبل، أي يقطعونها؛ لتكون علامة لإسلامهم إن أغير عليها أو حوربوا انتهى فعلى هذا يحتمل أن يكون المخضرم - بكسر الراء -كما حكاه فيه بعض أهل اللغة؛ لأنهم خضرموا آذان الإبل، ويحتمل أن يكون بالفتح وأنه اقتطع عن الصحابة وإن عاصر لعدم الرؤية، والله أعلم
وذكر أبو موسى المديني في الصحابة نحو ما حكاه الحاكم عن بعض شيوخه، فقال فيه فسموا مخضرمين، قال وأهل الحديث يفتحون الراء، وأغرب ابن خلكان، فقال قد سمع محضرم بالحاء المهملة وكسر الراء أيضا
وقولي كسويد أي ابن غفلة، في أمم أي في جماعات، وقد عدهم مسلم بن الحجاج فبلغ بهم عشرين، وهم أبو عمرو سعد بن إياس الشيباني، وسويد بن غفلة، وشريح بن هانئ، ويسير بن عمرو بن جابر، وعمرو بن ميمون الأودي، والأسود بن يزيد النخعي، والأسود بن هلال المحاربي، والمعرور بن سويد، وعبد خير بن يزيد الخيواني، وشبيل بن عوف الأحمسي، ومسعود بن
(2/166)
خراش أخو ربعي، ومالك بن عمير، وأبو عثمان النهدي، وأبو رجاء العطاردي، وغنيم بن قيس، وأبو رافع الصائغ، وأبو الحلال العتكي واسمه ربيعة بن زرارة، وخالد بن عمير العدوي، وثمامة بن حزن القشيري، وجبير بن نفير الحضرمي، وممن لم يذكره مسلم أبو مسلم الخولاني، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن عكيم، وعمرو بن عبد الله بن الأصم، وأبو أمية الشعباني
...
وقد يعد في الطباق التابع ... في تابعيهم إذ يكون الشائع
829....
الحمل عنهم كأبي الزناد ... والعكس جاء وهو ذو فساد
أي قد يعد من صنف في الطبقات بعض التابعين في أتباع التابعين؛ لكون الغالب عليه والشائع عنه روايته عن التابعين، وحمله عنهم كأبي الزناد عبد الله بن ذكوان
قال خليفة بن خياط طبقة عددهم عند الناس في أتباع التابعين، وقد لقوا الصحابة، منهم أبو الزناد، وقد لقي عبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وأبا أمامة بن سهل بن حنيف، وقال الحاكم نحوه، وزاد أنه أدخل على جابر بن عبد الله أيضا وقال العجلي تابعي ثقة سمع من أنس بن مالك، وذكره مسلم في الطبقة الثالثة من التابعين، وكذا ذكره ابن حبان في طبقة التابعين
(2/167)
ومثل الحاكم أيضا بموسى بن عقبة، فقال وقد أدرك أنس بن مالك، وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وقال ابن حبان إنه أدرك عبد الله بن عمر، وسهل بن سعد
وقولي والعكس جاء أي وقد عد بعضهم في التابعين من هو من أتباع التابعين، وذلك صنيع فاسد وخطأ ممن صنعه قال الحاكم طبقة تعد في التابعين، ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة، منهم إبراهيم بن سويد النخعي، ولم يدرك أحدا من الصحابة، قال وليس هذا بإبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه، وبكير بن أبي السميط، لم يصح له عن أنس رواية، إنما أسقط قتادة من الوسط، قلت هو بفتح السين وكسر الميم كذا ضبطه ابن ماكولا وغيره قال الحاكم وبكير بن عبد الله بن الأشج لم يثبت سماعه من عبد الله بن الحارث بن جزء، وإنما رواياته عن التابعين وثابت ابن عجلان الأنصاري، لم يصح سماعه من ابن عباس، إنما يروي عن عطاء وسعيد بن جبير عن ابن عباس، وسعيد بن عبد الرحمن الرقاشي، وأخوه واصل أبو حرة، لم يثبت سماع واحد منهما من أنس انتهى كلام الحاكم وفيه نظر من وجوه
(2/168)
الأول قوله في بكير بن الأشج إنما رواياته عن التابعين، قلت قد روى عن السائب بن يزيد، وأبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، ومحمود بن لبيد، كما ذكره المزي وغيره، وهم معدودون في الصحابة؛ ولكن ذكره ابن حبان في أتباع التابعين
الثاني ثابت بن عجلان، روى عن أبي أمامة الباهلي، وأنس بن مالك فيما ذكره المزي وغيره؛ ولكن قال ابن حبان ما أرى سماعه من أنس بصحيح وذكره في طبقة أتباع التابعين أيضا
الثالث قوله سعيد بن عبد الرحمن الرقاشي وأخوه واصل أبو حرة، وهم الحاكم في نسبة سعيد أنه الرقاشي، وأنه أخو أبي حرة الرقاشي، وليس واحد منهما رقاشيا، وأبو حرة الرقاشي اسمه حنيفة وأما واصل فليس بأبي حرة الرقاشي، وقد وهم فيه أيضا عبد الغني المقدسي في الكمال فنسب واصلا أبا حرة
الرقاشي، وغلطه المزي وقد ذكر ابن حبان في أتباع التابعين سعيد بن
(2/169)
عبد الرحمن البصري، وأخاه واصلا أبا حرة البصري، وقال أمهما برة مولاة لبني سليم
...
وقد يعد تابعيا صاحب ... كابني مقرن ومن يقارب
قد يعد بعض الصحابة في طبقة التابعين، إما لغلط من بعض المصنفين، كما عد الحاكم في الأخوة من التابعين النعمان وسويدا ابني مقرن المزني، وهما صحابيان معروفان من جملة المهاجرين، كما سيأتي في نوع الأخوة والأخوات. وإما لكون ذلك الصحابي من صغار الصحابة، يقارب التابعين في كون روايته أو غالبها عن الصحابة، كما عد مسلم في " الطبقات " يوسف بن عبد الله بن سلام، ومحمود بن لبيد في التابعين، وإلى هذا الإشارة بقولي: ومن يقارب، أي: ومن يقارب التابعين في طبقتهم، والله أعلم.
وقد يعد بعض التابعين في الصحابة وكثيرا ما يقع ذلك فيمن يرسل من التابعين، كما عد محمد بن الربيع الجيزي عبد الرحمن بن غنم الأشعري فيمن دخل مصر من الصحابة، وهو وهم منه على أن الإمام أحمد قد أخرج حديثه في المسند، وذكر ابن
(2/170)
يونس أيضا: أن له صحبة. وكذا حكى ابن منده عن يحيى بن بكير، والليث، وابن لهيعة.
رواية الأكابر عن الأصاغر
831....
وقد روى الكبير عن ذي الصغر ... طبقة وسنا او في القدر
...
أو فيهما ومنه أخذ الصحب ... عن تابع كعدة عن كعب
الأصل في هذا الباب رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تميم الداري حديث الجساسة، وهو عند مسلم. ثم إن رواية الأكابر عن الأصاغر على أضرب منها:
أن يكون الراوي أقدم طبقة وأكبر سنا من المروي عنه، كرواية الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، عن مالك بن أنس.
(2/171)
ومنها: أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه لعلمه وحفظه، كرواية مالك، وابن أبي ذئب عن عبد الله بن دينار، وأشباهه، ورواية أحمد، وإسحاق عن عبيد الله بن موسى العبسي.
ومنها: أن يكون الراوي أكبر من الوجهين معا، كرواية عبد الغني بن سعيد، عن محمد بن علي الصوري، وكرواية أبي بكر الخطيب، عن أبي نصر ابن ماكولا، ونحو ذلك.
وقولي: (ومنه أخذ الصحب) أي: ومن هذا النوع، وهو رواية الأكابر عن الأصاغر، رواية الصحابة عن التابعين، كرواية العبادلة الأربعة، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان وأنس بن مالك، عن كعب الأحبار، وكرواية التابعين عن أتباع التابعين، كما تقدم من رواية الزهري، ويحيى بن سعيد عن مالك، ومثل ابن الصلاح أيضا بعمرو ابن شعيب، فقال: ((لم يكن من التابعين، وروى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين)) . هكذا قال: إنه ليس من التابعين، وتبع في ذلك أبا بكر النقاش، فإنه
قال: لم يكن من التابعين، وقد روى عنه عشرون رجلا من التابعين، وحكاه عبد الغني ابن سعيد، وأقره على كونه ليس من التابعين، ثم قال: جمعتهم ووجدت زيادة على العشرين، ثم عدهم فبلغ بهم تسعة وثلاثين رجلا.
قلت: وعمرو بن شعيب - وإن عده غير واحد في أتباع التابعين - فهو من التابعين، فقد سمع من زينب بنت أبي سلمة، والربيع بنت معوذ بن عفراء ولهما صحبة، وقد حكى المزي كلام عبد الغني، فجعله عن الدارقطني، قال: وكان الدارقطني قد
(2/172)
وافقه على أنه ليس من التابعين، وليس كذلك. انتهى. وقول ابن الصلاح: ((روى عنه أكثر من عشرين من التابعين جمعهم عبد الغني)) ، ليس بجيد، فإنه قد بلغ بهم تسعة وثلاثين رجلا، كما تقدم. قلت: وقد جمعتهم في جزء فبلغت بهم فوق الخمسين، قال ابن الصلاح: وقرأت بخط الحافظ أبي محمد الطبسي: أنه روى عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين، والله أعلم. ومن فائدة معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر تنزيل أهل العلم منازلهم، وقد روى أبو داود من حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((
أنزلوا الناس منازلهم)) .
رواية الأقران
833....
والقرنا من استووا في السند ... والسن غالبا وقسمين اعدد
...
مدبجا وهو إذا كل أخذ ... عن آخر وغيره انفراد فذ
(2/173)
القرينان: من استويا في الإسناد والسن غالبا، والمراد بالاستواء في ذلك على المقاربة، كما قال الحاكم: ((إنما القرينان إذا تقارب سنهما وإسنادهما)) . وقولي: (غالبا) متعلق بالسن فقط، إشارة إلى أنهم قد يكتفون بالإسناد دون السن، قال ابن الصلاح: ((وربما اكتفى الحاكم بالتقارب في الإسناد، وإن لم يوجد التقارب في السن)) .
ثم إن رواية الأقران تنقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما يسمونه المدبج - بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة وآخره جيم - وذلك: أن يروي كل واحد من القرينين عن الآخر، وبذلك سماه الدارقطني وجمع فيه كتابا حافلا في مجلد.
ومثاله في الصحابة: رواية أبي هريرة عن عائشة، ورواية عائشة عنه، وفي التابعين: رواية الزهري عن أبي الزبير، ورواية أبي الزبير عنه، وفي أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي، ورواية الأوزاعي عنه، وفي أتباع الأتباع: رواية أحمد عن علي بن المديني، ورواية ابن المديني عنه. وتمثيل الحاكم هذا بأحمد وعبد الرزاق ليس بجيد.
والقسم الثاني من رواية الأقران: ما ليس بمدبج، وهو أن يروي أحد القرينين عن الآخر، ولا يروي الآخر عنه فيما يعلم، ومثاله رواية سليمان التيمي عن مسعر، قال الحاكم: ولا أحفظ لمسعر عن سليمان رواية. وقد يجتمع جماعة من الأقران في
(2/174)
حديث واحد، كحديث رواه أحمد بن حنبل عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن يحيى بن معين، عن علي بن المديني، عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: ((كن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذن من شعورهن حتى يكون كالوفرة)) . وأحمد والأربعة فوقه خمستهم أقران، كما قال الخطيب.
وقولي: (وقسمين) مفعول مقدم لاعدد، و (مدبجا) بدل من قسمين، وغيره منصوب عطفا على: مدبجا تقديره. واعدد ذلك قسمين مدبجا، وغير مدبج، و (انفراد) خبر مبتدأ محذوف، أي: وهو انفراد، (فذ) أي: انفراد أحد القرينين عن الآخر.
الإخوة والأخوات
835....
وأفردوا الأخوة بالتصنيف ... فذو ثلاثة بنو حنيف
...
أربعة أبوهم السمان ... وخمسة أجلهم سفيان
(2/175)
837....
وستة نحو بني سيرينا ... واجتمعوا ثلاثة يروونا
...
وسبعة بنو مقرن، وهم ... مهاجرون ليس فيهم عدهم
839....
والأخوان جملة كعتبة ... أخي ابن مسعود هما ذو صحبة
قد أفرد أهل الحديث هذا النوع بالتصنيف، وهو معرفة الأخوة من العلماء
والرواة، فصنف فيه علي بن المديني ومسلم بن الحجاج، وأبو داود والنسائي، وأبو العباس السراج
فمثال الأخوة الثلاثة سهل وعباد وعثمان بنو حنيف مصغرا ولا يضر عند أهل العلم بالقوافي فتح نونه في مقابلة كسر نون التصنيف، قال حسان بن ثابت
صلى الإله على الذين تتابعوا ... يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس السرية مرثد وأميرهم ... وابن البكير أمامهم وخبيب
ومثال الأربعة أولاد أبي صالح السمان، وهم سهيل ومحمد وصالح وعبد الله الذي يقال له عباد، وفي الكامل لابن عدي إنه ليس في أولاد أبي صالح من اسمه محمد؛ إنما هو سهيل وعباد وعبد الله ويحيى وصالح بنو أبي صالح وليس فيهم محمد انتهى فأبدل يحيى بمحمد، وجعل عبادا وعبد الله اثنين، وهو وهم، وسيجيء في فصل الألقاب أن أحمد ويحيى وأبا داود في آخرين، قالوا إن عبد الله هو عباد، ومما
(2/176)
يستغرب في الأخوة الأربعة بنو راشد أبي إسماعيل السلمي، ولدوا في بطن واحد وكانوا علماء، وهم محمد وعمر وإسماعيل ولم يسم البخاري والدارقطني الرابع، ومثال الخمسة سفيان بن عيينة وأخوته آدم وعمران ومحمد وإبراهيم، وقد حدثوا كلهم
وقولي أجلهم أي في العلم، واقتصر ابن الصلاح على كونهم خمسة؛ لكونهم هم الذين رووا، وإلا فقد ذكر غير واحد أن أولاد عيينة عشرة
ومثال الستة بنو سيرين، كلهم من التابعين، وهم محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة، هكذا سماهم يحيى بن معين، والنسائي في الكنى، والحاكم في علوم الحديث؛ ولكنه نقل في التاريخ عن أبي علي الحافظ تسميتهم فزاد فيهم خالد بن سيرين مكان كريمة، فالله أعلم، وذكر ابن سعد في الطبقات عمرة بنت سيرين، وسودة بنت سيرين، أمهما أم ولد كانت لأنس بن مالك؛ ولكن لم أر من ذكر لهاتين رواية، فلا يردان على ابن الصلاح
وقولي واجتمعوا ثلاثة يروون أي اجتمع منهم ثلاثة في إسناد حديث واحد، يروي بعضهم عن بعض، وقد يطارح بذلك، فيقال أي ثلاثة أخوة روى بعضهم عن بعض أو يقيد السؤال بكونهم في حديث واحد وذلك فيما رواه الدارقطني في كتاب العلل بإسناده من رواية هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أخيه يحيى بن سيرين، عن أخيه أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبيك حجا حقا تعبدا ورقا وذكر محمد بن طاهر المقدسي في بعض تخاريجه أن هذا الحديث رواه محمد بن سيرين عن أخيه
(2/177)
يحيى بن سيرين، عن أخيه معبد، عن أخيه أنس بن سيرين فعلى هذا اجتمع منهم أربعة في إسناد واحد، وهو غريب
ومثال السبعة بنو مقرن المزني وهم النعمان، ومعقل، وعقيل، وسويد، وسنان، وعبد الرحمن، قال ابن الصلاح وسابع لم يسم لنا
قلت قد سماه ابن فتحون في ذيل الاستيعاب عبد الله بن مقرن، وذكر أنه كان على ميسرة أبي بكر في قتال الردة، وأن الطبري ذكره كذلك، وذكر ابن فتحون قولا أن بني مقرن عشرة، فالله أعلم
وذكر الطبري أيضا في الصحابة ضرار بن مقرن، حضر فتح الحيرة، وذكر ابن عبد البر ضرار بن مقرن خلف أخاه لما قتل بنهاوند
(2/178)
ومثال السبعة في التابعين بنو عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهم سالم،
وعبد الله، وحمزة، وعبيد الله، وزيد، وواقد، وعبد الرحمن
ومثال الأخوين كثير في الصحابة ومن بعدهم، كعبد الله بن مسعود، وعتبة بن مسعود، كلاهما صحابي
ومما يستغرب في الأخوين أن موسى بن عبيدة الربذي بينه وبين أخيه عبد الله ابن عبيدة في العمر ثمانون سنة
قال ابن الصلاح ولم نطول بما زاد على السبعة لندرته، ولعدم الحاجة إليه في غرضنا هنا قلت وأكثر ما رأيت من الأخوة الذكور المشهورين عشرة، ومنهم بنو العباس بن عبد المطلب، وهم الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وقثم، ومعبد، وعون، والحارث، وكثير، وتمام وكان أصغرهم وكان العباس يحمله ويقول
تموا بتمام فصاروا عشره
يارب فاجعلهم كراما برره
واجعل لهم ذكرا وانم الثمره
وكان له ثلاث إناث أم كلثوم، وأم حبيب، وأميمة
(2/179)
ومنهم بنو عبد الله بن أبي طلحة، وقد سماهم ابن عبد البر وغيره عشرة وسماهم ابن الجوزي اثني عشر، وهم القاسم، وعمير، وزيد، وإسماعيل، ويعقوب، وإسحاق، ومحمد، وعبد الله، وإبراهيم، وعمر، ويعمر، وعمارة، قال أبو نعيم وكلهم حمل عنه العلم
رواية الآباء عن الأبناء وعكسه
...
وصنفوا فيما عن ابن أخذا ... أب كعباس عن الفضل كذا
841....
وائل عن بكر ابنه والتيمي ... عن ابنه معتمر في قوم
صنف أبو بكر الخطيب كتابا في رواية الآباء عن الأبناء، روى فيه من حديث العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين بالمزدلفة وذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب التلقيح أن العباس روى عن ابنه عبد الله حديثا
(2/180)
وكذلك روى وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل ثمانية أحاديث، منها في السنن الأربعة حديثه عن ابنه عن الزهري عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولم على صفية بسويق وتمر
ومنها ما رواه الخطيب من طريق ابن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخروا الأحمال فإن اليد معلقة، والرجل موثقة قال الخطيب لا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما نعلمه إلا من جهة بكر وأبيه
(2/181)
وكذلك روى سليمان التيمي عن ابنه معتمر حديثين، وقد روى الخطيب من رواية معتمر بن سليمان التيمي، قال حدثني أبي، قال حدثتني أنت عني، عن أيوب، عن الحسن، قال ويح كلمة رحمة، قال ابن الصلاح وهذا ظريف يجمع أنواعا
(2/182)
وقولي في قوم أي في جماعة رووا عن أبنائهم، فروى أنس بن مالك عن ابنه غير مسمى حديثا، وروى زكريا بن أبي زائدة عن ابنه حديثا وروى يونس بن أبي إسحاق، عن ابنه إسرائيل حديثا، وروى أبو بكر بن عياش عن ابنه إبراهيم حديثا وروى شجاع بن الوليد، عن ابنه أبي هشام الوليد حديثا وروى عمر بن يونس اليمامي، عن ابنه حديثا وروى سعيد بن الحكم المصري، عن ابنه محمد حديثا وروى إسحاق بن البهلول، عن ابنه يعقوب حديثين وروى كثير بن يعقوب البصري، عن ابنه يحيى حديثا وروى يحيى بن جعفر بن أعين، عن ابنه الحسين حديثين، وروى علي بن حرب الطائي عن ابنه الحسن حديثا وروى محمد بن يحيى الذهلي، عن ابنه يحيى حديثا وروى أبو داود السجستاني، عن ابنه أبي بكر عبد الله حديثين وروى علي بن الحسن بن أبي عيسى الدرابجردي، عن ابنه الحسن حديثا وروى الحسن بن سفيان، عن ابنه أبي بكر حديثين وروى أحمد بن شاهين، عن ابنه محمد حديثا وروى أبو بكر بن أبي عاصم عن ابنه عبد الرحمن حديثا وروى عمر بن محمد السمرقندي، عن ابنه محمد حديثا وروى محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار، عن ابنه أبي بكر أبياتا قالها وروى أبو الشيخ ابن حيان، عن ابنه عبد الرزاق حكاية وروى الحافظ أبو سعد بن السمعاني، عن ابنه عبد الرحيم في ذيل تاريخ بغداد وروى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، عن ابنه قاضي القضاة عز الدين حكاية عجيبة
(2/183)
قال ابن الصلاح وأكثر ما رويناه لأب عن ابنه، ما روينا في كتاب الخطيب عن أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ عن ابنه أبي جعفر محمد ستة عشر حديثا، أو نحو ذلك
...
أما أبو بكر عن الحمراء ... عائشة في الحبة السوداء
843....
فإنه لابن أبي عتيق ... وغلط الواصف بالصديق
قال ابن الصلاح وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق، عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الحبة السوداء شفاء من كل داء فهو غلط ممن رواه، إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق، عن عائشة، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قلت وهكذا رواه البخاري في صحيحه، وفيه التصريح بأنه ابن أبي عتيق؛ ولكن ذكر ابن الجوزي في التلقيح أن أبا بكر الصديق روى عن ابنته عائشة حديثين قال وروت أم رومان عن ابنتها عائشة حديثين، وأبو عتيق هذا، وآباؤه هم الذين قال فيهم موسى بن عقبة لا نعلم أربعة أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هؤلاء الأربعة، فذكر أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمدا أبا عتيق
(2/184)
..
وعكسه صنف فيه الوائلي ... وهو معال للحفيد الناقل
صنف أبو النصر الوائلي كتابا في رواية الأبناء عن الآباء. ورواية الرجل عن أبيه عن جده من المعالي، كما أخبرني الحافظ أبو سعيد خليل بن العلائي بقراءتي عليه ببيت المقدس، قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا الإمام أبو عمرو بن الصلاح، قال: حدثني أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد السمعاني، عن عبد الرحمن ابن عبد الجبار الفامي، قال: سمعت أبا القاسم منصور بن محمد العلوي، يقول: الإسناد بعضه عوال، وبعضه معال. وقول الرجل: حدثني أبي عن جدي من المعالي.
845....
ومن أهمه إذا ما أبهما ... الأب أو جد وذاك قسما
...
قسمين عن أب فقط نحو أبي ... العشرا عن أبه عن النبي
847....
واسمهما على الشهير فاعلم ... أسامة بن مالك بن قهطم
ومن أهم هذا النوع، وهو رواية الأبناء عن الآباء، ما إذا أبهم اسم الأب أو الجد، فلم يسم بل اقتصر على كونه أبا للراوي، أو جدا له، فيحتاج حينئذ إلى معرفة اسمه وينقسم ذلك إلى قسمين
(2/185)
أحدهما أن تكون الرواية عن أبيه فقط دون جده كرواية أبي العشراء الدارمي، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عند أصحاب السنن الأربعة، فإن أباه لم يسم في طرق الحديث، واختلف في اسم أبي العشراء، واسم أبيه على أقوال
أحدها وهو الأشهر، كما قال ابن الصلاح إنه أسامة بن مالك بن قهطم وهو بكسر القاف، فيما نقله ابن الصلاح من خط البيهقي وغيره وقيل قحطم بالحاء المهملة موضع الهاء
والثاني أن اسمه عطارد بن برز، بتقديم الراء على الزاي، واختلف في الراء، هل هي ساكنة أو مفتوحة؟ وقيل اسم أبيه بلز باللام مكان الراء
والثالث اسمه يسار بن بلز بن مسعود
(2/186)
..
والثان أن يزيد فيه بعده ... كبهز او عمرو أبا أو جده
849....
والأكثر احتجوا بعمرو حملا ... له على الجد الكبير الأعلى
أي والقسم الثاني من رواية الأبناء أن يزيد فيه بعد ذكر الأب أبا آخر فيكون جدا للأول، أو يزيد جدا للأب
فمثال زيادة الأب رواية بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فحكيم هو ابن معاوية بن حيدة القشيري فالصحابي هو معاوية، وهو جد بهز
ومثال زيادة الجد رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وشعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فالصحابي هو عبد الله بن عمرو، وهو جد شعيب
وفي البيت المذكور لف ونشر وتقديم وتأخير، تقديره والثاني أن يزيد بعد الأب أبا كبهز بن حكيم، أو جدا كعمرو بن شعيب
ولعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نسخة كبيرة قد اختلف في الاحتجاج بها على أقوال
أحدها أنها حجة مطلقا إذا صح السند إليه، قال البخاري رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيد، وعامة أصحابنا، يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ما تركه أحد من المسلمين قال البخاري فمن الناس بعدهم؟ زاد في رواية والحميدي وقال مرة اجتمع علي ويحيى
(2/187)
ابن معين وأحمد، وأبو خيثمة، وشيوخ من أهل العلم، فتذاكروا حديث عمرو بن شعيب فثبتوه وذكروا أنه حجة وروي عن أحمد ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، خلاف ما نقله البخاري عنهم، مما يقتضي تضعيف روايته عن أبيه عن جده، وقال أحمد ابن سعيد الدارمي احتج أصحابنا بحديثه، قال ابن الصلاح احتج أكثر أهل الحديث بحديثه حملا لمطلق الجد على الصحابي عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب، لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك
والقول الثاني ترك الاحتجاج بها، وهو قول أبي داود فيما رواه أبو عبيد الآجري عنه قال قيل له عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حجة عندك؟ قال لا، ولا نصف حجة، وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين، قال روايته عن أبيه عن جده كتاب فمن ههنا جاء ضعفه، وقال ابن عدي إن روايته عن أبيه عن جده مرسلة؛ لأن جده محمدا لا صحبة له وقال ابن حبان في الضعفاء بعد ذكره لعمرو إنه ثقة إذا روى عن الثقات غير أبيه، وإذا روى عن أبيه عن جده، فإن
(2/188)
شعيبا لم يلق عبد الله فيكون منقطعا، وإن أراد جده الأدنى محمدا، فهو لا صحبة له فيكون مرسلا قلت قد صح سماع شعيب من عبد الله بن عمرو، كما صرح به البخاري في التاريخ وأحمد، وكما رواه الدارقطني، والبيهقي في السنن بإسناد صحيح
والقول الثالث التفرقة بين أن يفصح بجده أنه عبد الله أو لا وهو قول الدارقطني حيث قال لعمرو بن شعيب ثلاثة أجداد الأدنى منهم محمد، والأوسط عبد الله، والأعلى عمرو وقد سمع يعني شعيبا من محمد، ومحمد لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسمع من جده عبد الله، فإذا بينه وكشفه فهو صحيح حينئذ، ولم يترك حديثه أحد من الأئمة، ولم يسمع من جده عمرو انتهى، فإذا قال عن جده عبد الله بن عمرو فهو صحيح حينئذ، وكذلك إذا قال عن جده، قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحو ذلك مما يدل على أن مراده عبد الله لا محمد وفي السنن عدة أحاديث كذلك
والقول الرابع التفرقة بين أن يستوعب ذكر آبائه بالرواية، أو يقتصر على
أبيه عن جده، فإن صرح بهم كلهم، فهو حجة، وإلا فلا، وهو رأي أبي حاتم بن حبان البستي، وروى في صحيحه له حديثا واحدا، هكذا عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه مرفوعا ألا
(2/189)
أحدثكم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ ... الحديث
قال الحافظ أبو سعيد العلائي في كتاب الوشي المعلم فيما قرأته عليه ببيت المقدس ما جاء فيه التصريح برواية محمد عن أبيه في السند، فهو شاذ نادر، قال وذكر بعضهم أن محمدا مات في حياة أبيه، وأن أباه كفل شعيبا، ورباه ثم قال شيخنا ولم يذكر أحد من المتقدمين محمدا في كتابه، ولا ترجم له قلت قد ترجم له ابن يونس في تاريخ مصر، وابن حبان في الثقات، قال ابن يونس روى عن أبيه، وروى عنه حكيم بن الحارث الفهمي في أخبار سعيد بن عفير، وابنه شعيب بن محمد والقول الأول أصح والضمير في قولي حملا له، يعود إلى جده المذكور في آخر البيت قبله
...
وسلسل الآبا التميمي فعد ... عن تسعة قلت: وفوق ذا ورد
روى عبد الوهاب التميمي عن آبائه حتى عد تسعة آباء؛ وذلك فيما رويناه في
"
تاريخ الخطيب " قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن
(2/190)
الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة ابن عبد الله التميمي من لفظه، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب، وقد سئل عن الحنان المنان، فقال الحنان: هو الذي يقبل على من أعرض عنه، والمنان: الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال. قال الخطيب بين أبي الفرج - يعني: عبد الوهاب - وبين علي في هذا الإسناد تسعة آباء آخرهم أكينة بن عبد الله، وهو الذي ذكر أنه سمع عليا - رضي الله عنه -.
وقد اقتصر ابن الصلاح فيما ذكره من التسلسل بالآباء على هذا العدد، وهو تسعة، وقد ورد التسلسل بأكثر من ذلك من هذا الوجه ومن غيره:
فأما من هذا الوجه فورد التسلسل فيه باثني عشر أبا في حديث مرفوع من طريق رزق الله بن عبد الوهاب التميمي المذكور. أخبرنا به جماعة منهم: شيخنا العلامة برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق الأبرقوهي، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد القلانسي قراءة عليه، وأنا حاضر بشيراز، أخبرنا عبد العزيز بن منصور بن محمد الآدمي قال: حدثنا رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، قال: سمعت أبي -أبا الفرج عبد الوهاب- يقول: سمعت أبي -أبا الحسن عبد العزيز- يقول: سمعت أبي - أبا بكر الحارث - يقول: سمعت أبي - أسدا - يقول: سمعت أبي - الليث - يقول: سمعت أبي - سليمان - يقول: سمعت أبي - الأسود - يقول: سمعت أبي - سفيان - يقول: سمعت أبي - يزيد - يقول: سمعت أبي - أكينة -
(2/191)
يقول: سمعت أبي - الهيثم - يقول: سمعت أبي - عبد الله - يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما اجتمع قوم على ذكر إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة)) .
قال الحافظ أبو سعيد العلائي في " الوشي المعلم " فيما قرئ عليه وأنا أسمع: هذا إسناد غريب جدا، ورزق الله كان إمام الحنابلة في زمانه من الكبار المشهورين متقدما في عدة علوم، مات سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وأبوه أبو الفرج إمام مشهور أيضا؛ ولكن جده عبد العزيز متكلم فيه كثيرا، على إمامته، واشتهر بوضع الحديث، وبقية آبائه مجهولون لا ذكر لهم في شيء من الكتب أصلا، وقد تخبط فيهم عبد العزيز أيضا بالتغيير، أي: فزاد في الثاني أبا لأكينة، وهو الهيثم، وجعله من روايته عن أبيه عبد الله وجعله صحابيا فحصل التسلسل في هذا باثني عشر أيضا.
وقد وجدت التسلسل في عدة أحاديث، بأربعة عشر أبا من طريق أهل البيت، منها ما رواه الحافظ أبو سعد ابن السمعاني في " الذيل " قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي الإمام بقراءتي عليه، وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني من لفظه، قالا: حدثنا السيد أبو محمد الحسين بن علي بن أبي طالب من لفظه ببلخ، قال حدثني سيدي والدي أبو الحسن علي بن أبي طالب سنة ست وستين وأربعمائة، قال: حدثني أبي - أبو طالب - الحسن بن عبيد الله سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، قال: حدثني والدي أبو علي عبيد الله بن محمد، قال: حدثني أبي - محمد بن عبيد الله - قال: حدثني أبي عبيد الله بن علي، قال حدثني أبي علي بن الحسن، قال: حدثني أبي - الحسن بن الحسين - قال: حدثني أبي - الحسين بن جعفر، وهو أول من دخل بلخ من هذه الطائفة قال: حدثني أبي - جعفر الملقب بالحجة، قال: حدثني أبي - عبيد الله -، قال: حدثني أبي - الحسين الأصغر -، قال: حدثني أبي - علي بن الحسين بن علي، عن أبيه عن جده علي - رضي الله عنه -
(2/192)
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الخبر كالمعاينة)) . وهذا أكثر ما وقع لنا في عدة التسلسل بالآباء، والله أعلم.
السابق واللاحق
851....
وصنفوا في سابق ولاحق ... وهو اشتراك راويين سابق
852....
موتا كزهري وذي تدارك ... كابن دويد رويا عن مالك
853....
سبع ثلاثون وقرن وافي ... أخر كالجعفي والخفاف
صنف الخطيب كتابا سماه " السابق واللاحق "، وموضوعه: أن يشترك راويان في الرواية عن شخص واحد، وأحد الراويين متقدم، والآخر متأخر، بحيث يكون بين وفاتيهما أمد بعيد. قال ابن الصلاح: ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب. ومثال ذلك: أن الإمام مالك بن أنس روى عنه أبو بكر الزهري أحد شيوخه، وروى عنه أيضا زكريا بن دويد الكندي، وقد تأخرت وفاة زكريا ابن دويد بعد موت الزهري مائة وسبعا وثلاثين سنة أو أكثر، فإن وفاة الزهري في سنة أربع وعشرين ومائة، وتأخر زكريا بن دويد إلى سنة نيف وستين ومائتين، قلت: هكذا مثل ابن الصلاح تبعا للخطيب بزكريا بن دويد، وهو وإن كان روى عن مالك،
(2/193)
فإنه أحد الكذابين قال ابن حبان: ((كان يضع الحديث، بل زاد وادعى أنه سمع من حميد الطويل، وروى عنه نسخة موضوعة)) . فلا ينبغي حينئذ أن يمثل به والصواب: أن آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السهمي، كما قاله المزي، وكانت وفاة السهمي سنة تسع وخمسين ومائتين؛ فيكون بينه وبين وفاة الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة، والسهمي وإن كان ضعيفا أيضا فإن أبا مصعب شهد له أنه كان يحضر معهم العرض على مالك.
وقولي: (أخر) أي: ابن دويد، وقولي: (كالجعفي والخفاف) أي: كما تقدمت وفاة محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري على وفاة أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري، بهذا المقدار، وهو مائة وسبع وثلاثون سنة. وقد اشتركا في الرواية عن أبي العباس محمد بن إسحاق السراج، فروى عنه البخاري في "تاريخه" وآخر من روى عن السراج الخفاف، وتوفي البخاري سنة ست وخمسين ومائتين، وتوفي الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، ومن أمثلة ذلك في زماننا: أن الفخر بن البخاري سمع منه الزكي عبد العظيم المنذري، وروى عنه جماعة موجودون بدمشق في هذه السنة، وهي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، منهم: عمر بن الحسن بن مزيد المزي، ونجم الدين ابن النجم، وصلاح الدين إمام مدرسة الشيخ أبي عمر، وقد توفي الزكي عبد العظيم سنة ست وخمسين وستمائة.
(2/194)
من لم يرو عنه إلا راو واحد
854....
ومسلم صنف في الوحدان ... من عنه راو واحد لا ثان
855....
كعامر بن شهر او كوهب ... هو ابن خنبش وعنه الشعبي
856....
وغلط الحاكم حيث زعما ... بأن هذا النوع ليس فيهما
857....
ففي الصحيح أخرجا المسيبا ... وأخرج الجعفي لابن تغلبا
من أنواع علوم الحديث معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وصنف فيه مسلم كتابه المسمى بكتاب " المنفردات والوحدان "، وعندي به نسخة بخط محمد بن طاهر المقدسي، ولم يره ابن الصلاح كما ذكر.
ومثاله في الصحابة: عامر بن شهر الهمداني، ووهب بن خنبش الطائي، عدادهما في أهل الكوفة، تفرد الشعبي بالرواية عن كل واحد منهما فيما ذكره مسلم وغيره. وحديث عامر بن شهر في السنن لأبي داود، وهو وإن انفرد عنه الشعبي،
(2/195)
فهو مذكور في السير، فقد ذكر سيف، عن طلحة الأعلم، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن أول من اعترض على الأسود العنسي وكابره عامر بن شهر في ناحيته، وكان أحد عمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على اليمن، وحديث وهب بن خنبش عند النسائي وابن ماجه. ووقع عند ابن ماجه في رواية له: هرم بن خنبش، وكذا ذكره الحاكم في "علوم الحديث" وتبعه أبو نعيم في " علوم الحديث " له أيضا. قال ابن الصلاح: ((وذلك خطأ)) . قال المزي: ((ومن قال: وهب أكثر وأحفظ؟)) . وقد مثل ابن الصلاح ذلك بأمثلة في الصحابة والتابعين، وعليه في كثير منها اعتراض أوضحتها في كتاب مفرد يتعلق بكتاب ابن الصلاح.
وقد زعم الحاكم في كتابه " المدخل إلى كتاب الإكليل " بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم في صحيحهما. وأشرت إلى ذلك بقولي: (ليس فيهما) أي: ليس في الصحيحين. وتبعه على ذلك البيهقي فقال في كتاب الزكاة من "
(2/196)
سننه " عند ذكر حديث بهز عن أبيه عن جده: ((ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر ماله ... )) الحديث. ما نصه: ((فأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه جريا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين ... إلى آخر كلامه)) ، وغلط الحاكم في ذلك جماعة منهم: محمد بن طاهر والحازمي. ونقض ذلك عليه بأنهما أخرجا حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه سعيد بن المسيب. وكذلك أخرج أبو عبد الله الجعفي البخاري حديث عمرو بن تغلب مرفوعا: ((إني لأعطي الرجل، والذي أدع أحب إلي)) . ولم يرو عن عمرو بن تغلب سوى الحسن البصري، فيما قاله مسلم في كتاب " الوحدان "، والحاكم في " علوم الحديث " وغيرهما. وقال ابن عبد البر: إنه روى عنه أيضا الحكم ابن الأعرج، ولم أر له رواية عنه في شيء من
(2/197)
طرق أحاديث عمرو بن تغلب؛ فلذلك مثلت به، ومثل ابن الصلاح بأمثلة في الصحيح، عليه فيها مؤاخذات فتركتها.
من ذكر بنعوت متعددة
858....
واعن بأن تعرف ما يلتبس ... من خلة يعنى بها المدلس
859....
من نعت راو بنعوت نحو ما ... فعل في الكلبي حتى أبهما
860....
محمد بن السائب العلامه ... سماه حمادا أبو أسامه
861....
وبأبي النضر بن إسحاق ذكر ... وبأبي سعيد العوفي شهر
هذا النوع لبيان من ذكر من الرواة بأنواع من التعريفات من الأسماء، أو الكنى، أو الألقاب، أو الأنساب: أما من جماعة من الرواة عنه يعرفه كل واحد بغير ما عرفه الآخر، أو من راو واحد عنه، فيعرفه مرة بهذا، ومرة بذاك، فيلتبس ذلك على من لا معرفة عنده، بل على كثير من أهل المعرفة والحفظ، وإنما يفعل ذلك كثيرا المدلسون.
وقد تقدم عند ذكر التدليس أن هذا أحد أنواع التدليس ويسمى: " تدليس الشيوخ "، وقد صنف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي كتابا نافعا سماه " إيضاح الإشكال " عندي به نسخة. وصنف فيه الخطيب البغدادي كتابا كبيرا
(2/198)
سماه: " الموضح لأوهام الجمع والتفريق "، بدأ فيه بأوهام البخاري في ذلك، وهو عندي بخط الخطيب.
فمن أمثلة ذلك: ما فعله الرواة عن محمد بن السائب الكلبي العلامة في الأنساب، أحد الضعفاء، فقد روى عنه: أبو أسامة حماد بن أسامة فسماه: حماد بن السائب وروى عنه: محمد بن إسحاق بن يسار فسماه مرة، وكناه مرة: بأبي النضر، ولم يسمه. وروى عنه: عطية العوفي فكناه: بأبي سعيد، ولم يسمه. فأما رواية أبي أسامة عنه، فرواها عبد الغني بن سعيد عن حمزة بن محمد، هو الكناني الحافظ، بسنده إلى أبي أسامة، عن حماد بن السائب، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس مرفوعا: ((ذكاة كل مسك دباغه)) . ثم قال: ((قال لنا حمزة بن محمد: لا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن حماد بن السائب غير أبي أسامة، وحماد هذا ثقة كوفي، وله حديث آخر عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص، عن عبد الله في التشهد)) ، قال عبد الغني: ثم قدم علينا الدارقطني، فسألته عن هذا الحديث، وعن حماد بن السائب، فقال لي: الذي روى عنه أبو أسامة، هو محمد بن السائب الكلبي إلا أن أبا أسامة كان يسمه حمادا. قال عبد الغني: فتبين لي أن حمزة قد وهم من وجهين:
أحدهما: أن جعل الرجلين واحدا.
والآخر: أن وثق من ليس بثقة؛ لأن الكلبي عند العلماء غير ثقة، قال عبد الغني: ثم إني نظرت في كتاب " الكنى " لأبي عبد الرحمن النسوي، فوجدته قد وهم فيه وهما أقبح من
(2/199)
وهم حمزة، رأيته قد أخرج هذا الحديث عن أحمد بن علي، عن أبي معمر، عن أبي أسامة حماد بن السائب، وإنما هو عن حماد ابن السائب، فأسقط قوله: عن، وخفي عليه أن الصواب عن أبي أسامة حماد ابن أسامة، وأن حماد بن السائب هو الكلبي، قال عبد الغني: والدليل على صحة قول الدارقطني: أن عيسى بن يونس رواه عن الكلبي مصرحا به غير مخفيه. انتهى. وأما رواية ابن إسحاق عنه، فقال البخاري في " التاريخ الكبير ": ((روى محمد بن إسحاق عن أبي النضر، وهو الكلبي)) ، قال الخطيب - فيما قرأت بخطه -: وهذا القول صحيح. - قال -: فأما رواية ابن إسحاق، عن الكلبي التي كناه فيها، ولم يسمه ثم رواها بإسناده إلى محمد بن إسحاق، عن أبي النضر، عن باذان عن ابن عباس، عن تميم الداري في هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا شهدة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وقصة جام الفضة.
(2/200)
وأما رواية عطية العوفي عنه، فروى الخطيب - فيما قرأت بخطه - في كتاب
"
الموضح " قال: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا: أبي، قال: بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي، فيأخذ عنه التفسير، قال: وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد، وكان هشيم يضعف حديث عطية، وقال عبد الله: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: سمعت سفيان الثوري، قال: سمعت الكلبي، قال كناني عطية أبا سعيد، قال الخطيب: إنما فعل ذلك ليوهم الناس أنه إنما يروي عن أبي سعيد الخدري. انتهى.
قلت: ومما دلس به الكلبي مما لم يذكره ابن الصلاح تكنيته بأبي هشام، وقد بينه الخطيب فقال - فيما قرأت بخطه -: وهو أبو هشام الذي روى عنه القاسم بن الوليد الهمداني، وكان للكلبي ابن يسمى هشاما، فكناه القاسم به في روايته عنه ثم روى بإسناده إلى القاسم بن الوليد، عن أبي هشام، عن أبي صالح عن ابن عباس، قال: لما نزلت {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا} فذكر الحديث. ثم روى وجادة إلى ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث، فقال: أبو هشام هو الكلبي، وكان كنيته أبو النضر، وكان له ابن يقال له: هشام بن الكلبي، صاحب نحو وعربية، فكناه به. قال: وهو محمد بن السائب بن بشر الذي روى عنه ابن إسحاق. وقد
(2/201)
وهم البخاري في التفريق بينه وبين الكلبي؛ لأنه رجل واحد، بين نسبه محمد بن سعد، وخليفة بن خياط.
وقولي: (واعن) أي: اجعله من عنايتك، وقد تقدم قبل هذا نقلا عن الهروي وغيره، أنه يقال: عني بكذا وعني به، والخلة: بفتح الخاء المعجمة: الخصلة.
أفراد العلم
862....
واعن بالافراد سما أو لقبا ... أو كنية نحو لبي بن لبا
863....
أو مندل عمرو وكسرا نصوا ... في الميم أو أبي معيد حفص
العلم: هو ما يعرف به من جعل علامة عليه من الأسماء والكنى والألقاب فالاسم: ما وضع علامة على المسمى، والكنية: ما صدر بأب أو أم، واللقب: ما دل على رفعة أو ضعة.
(2/202)
ومعرفة أفراد الأعلام نوع من أنواع الحديث، صنف فيه جماعة، منهم: الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي، صنف فيه كتابه المترجم " بالأسماء المفردة " وهو أول كتاب وضع في جمعها مفردة، وإلا فهي مفرقة في " تاريخ البخاري الكبير "، وكتاب " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم في أواخر الأبواب، وقد استدرك أبو عبد الله بن بكير وغيره على كتاب البرديجي في مواضع ليست أفرادا، بل هي مثان ومثالث فأكثر من ذلك، وفي مواضع ليست أسماء، وإنما هي ألقاب، كالأجلح لقب به لجلحة كانت به، واسمه يحيى، وقد مثل ابن الصلاح بجملة من الأسماء والكنى مرتبة على حروف المعجم وبعدة ألقاب، واقتصرت من ذلك على مثال واحد لكل قسم.
فمن أمثلة أفراد الأسماء: لبي بن لبا، صحابي من بني أسد، وكلاهما باللام والباء الموحدة، وهو وأبوه فردان، فالأول مصغر على وزن أبي بن كعب، والثاني مكبر على وزن فتى وعصا.
ومثال أفراد الألقاب: مندل بن علي العنزي، واسمه عمرو، ومندل لقب له وهو بكسر الميم، كما نص عليه الخطيب وغيره، قال ابن الصلاح: ((ويقولونه كثيرا بفتحها)) . انتهى.
ورأيت بخط الحافظ أبي الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي نقلا عن خط الحافظ محمد بن ناصر: أن الصواب فيه فتح الميم.
(2/203)
ومثال الأفراد في الكنى: أبو معيد - بضم الميم وفتح العين المهملة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره دال مهملة - واسمه: حفص بن غيلان.
فقولي: (سما) - بضم السين - لغة في الاسم، وهو منصوب على التمييز. وقولي: (أو مندل) ، هو مجرور عطفا على (لبي) ، وكذلك قولي: (أبي معيد) . و (عمرو) و (حفص) : مرفوعان على الخبرية، لمبتدأ محذوف، أي: هو عمرو وهو حفص، (وكسرا) : نصب على نزع الخافض، أي: ونصوا على كسر في الميم.
الأسماء والكنى
864....
واعن بالاسماوالكنى وقد قسم ... الشيخ ذا لتسعاو عشر قسم
865....
من اسمه كنيته انفرادا ... نحو أبي بلال او قد زادا
866....
نحو أبي بكر بن حزم قد كني ... أبا محمد بخلف فافطن
(2/204)
867....
والثانمنيكنى ولااسماندري ... نحو أبي شيبة وهو الخدري
868....
ثم كنى الألقاب والتعدد ... نحو أبي الشيخ أبي محمد
869....
وابن جريج بأبي الوليد ... وخالد كني للتعديد
870....
ثم ذوو الخلف كنى وعلما ... أسماؤهم وعكسه وفيهما
871....
وعكسه وذو اشتهار بسم ... وعكسه أبو الضحى لمسلم
من فنون أصحاب الحديث: معرفة أسماء ذوي الكنى، ومعرفة كنى ذوي الأسماء، وتنبغي العناية بذلك، فربما ورد ذكر الراوي مرة بكنيته، ومرة باسمه فيظنهما من لا معرفة له بذلك رجلين، وربما ذكر الراوي باسمه وكنيته معا فتوهمه بعضهم رجلين، كالحديث الذي رواه الحاكم من رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن أبي الوليد، عن جابر مرفوعا: ((من صلى خلف الإمام، فإن قراء ته له قراءة)) ، قال الحاكم: ((عبد الله بن شداد هو نفسه
(2/205)
أبو الوليد)) ، بينه علي بن المديني. قال الحاكم: ((ومن تهاون بمعرفة الأسامي، أورثه مثل هذا الوهم)) . قلت: وربما وقع عكس ذلك كما تقدم قبله بنوع في قول النسائي: عن أبي أسامة حماد بن السائب. فوهم في ذلك، وإنما هو عن حماد بن السائب، وأبو أسامة إنما اسمه حماد بن أسامة، وحماد بن السائب هو محمد بن السائب الكلبي، والله أعلم.
ولقد بلغني عن بعض من درس في الحديث ممن رأيته أنه أراد الكشف عن ترجمة أبي الزناد، فلم يهتد إلى معرفة ترجمته من كتب الأسماء؛ لعدم معرفته باسمه مع كون اسمه معروفا عند المبتدئين من طلبة الحديث، وهو عبد الله بن ذكوان، وأبو الزناد لقب له، وكنيته: أبو عبد الرحمن.
وقد صنف في ذلك جماعة منهم: علي بن المديني، ومسلم بن الحجاج، والنسائي، وأبو بشر الدولابي، وأبو أحمد الحاكم، وأبو عمر بن عبد البر.
وكتاب أبي أحمد الحاكم أجل ما صنف في ذلك، وأكبره، فإنه يذكر فيه من عرف اسمه، ومن لم يعرف اسمه، وكتاب مسلم والنسائي لم يذكرا فيهما غالبا إلا من عرف اسمه غالبا.
(2/206)
والذين صنفوا في ذلك بوبوا الأبواب على الكنى، وبينوا أسماء أصحابها، إلا أن النسائي رتب حروف كتابه على ترتيب غريب ليس على ترتيب حروف المعجم المشهورة عند المشارقة، ولا على اصطلاح المغاربة، ولا على ترتيب حروف أبجد، ولا على ترتيب حروف كثير من أهل اللغة، ك‍" العين " و" المحكم "، وهذا ترتيبها: أل ب ت ث ي ن س ش ر ز د ذ ك ط ظ ص ض ف ق وه م ع غ ج ح خ، وقد نظمت ترتيبها في بيتين في أول كل كلمة منها حرف وهي:
إذا لم بي ترح ثوى يوم نأيهم ... سرت شمأل رقت زوت داء ذي كمد
طوت ظئر صدر ضاق في قيد وجده ... هدت من عمى غي جوى حرها خمد
وقد قسم ابن الصلاح معرفة الأسماء والكنى إلى عشرة أقسام من وجه وإلى تسعة أقسام من وجه آخر. فقولي: (لتسع او عشر) ليس ذلك للشك في كلام ابن الصلاح؛ ولكنه فرق ذلك في نوعين، وجمعتهما في نوع واحد فذكر في النوع الأول، وهو: النوع الموفي خمسين من كتابه. وهو "بيان أسماء ذوي الكنى" تسعة أقسام. ثم قال -في النوع الذي يليه-: وهو "معرفة كنى المعروفين بالأسماء"- وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله - ومن شأنه أن يبوب على الأسماء ثم يبين كناها بخلاف ذلك، ومن وجه آخر يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذلك من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى وقل من أفرده بالتصنيف، قال: وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا.
(2/207)
قلت: وإنما جمعته مع النوع الذي قبله؛ لأن الذين صنفوا في الكنى جمعوا النوعين معا: من عرف بالكنية، ومن عرف بالاسم.
القسم الأول: من اسمه كنيته، وهذا القسم ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: من لا كنية له، غير الكنية التي هي اسمه، وإليه أشرت بقولي: (انفرادا) أي: ليس له كنية إلا ذلك، ومثال ذلك أبو بلال الأشعري، وأبو حصين بن يحيى الرازي، فقال كل منهما: - اسمي وكنيتي - واحد. وكذا قال أبو بكر بن عياش المقرئ: ليس لي اسم غير أبي بكر. وقد اختلف في اسمه على أحد عشر قولا. وصحح أبو زرعة أن اسمه شعبة، وقد ذكره ابن الصلاح في القسم السادس وصحح أن اسمه كنيته، كما تقدم.
والقسم الثاني من القسم الأول: من له كنية أخرى زيادة على اسمه الذي هو كنيته، ومثاله أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، فقيل: اسمه أبو بكر، وكنيته أبو محمد. ونحوه: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، أحد الفقهاء السبعة، اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن على ما قاله ابن الصلاح. وذكر الخطيب: أنه لا
(2/208)
نظير لهذين الاسمين في ذلك، قال ابن الصلاح: ((وقد قيل: إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه)) انتهى، وأشرت إلى هذا بقولي: (بخلف) أي: اختلف في تكنيته بأبي محمد.
والقسم الثاني من أصل التقسيم: من عرف بكنيته ولم نقف له على اسم فلم ندر هل اسمه كنيته كالأول، أو له اسم ولم نقف عليه؟ مثاله: أبو شيبة الخدري من الصحابة، مات في حصار القسطنطينية، ودفن هناك، وكأبي أناس -بالنون-، وأبي مويهبة من الصحابة أيضا، وكأبي بكر ابن نافع مولى ابن عمر، وأبي النجيب - بالنون -، وقيل: بالمثناة من فوق المضمومة مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأبي حرب بن أبي الأسود، وأبي حريز الموقفي.
والقسم الثالث: من لقب بكنية كأبي الشيخ ابن حيان، اسمه عبد الله بن محمد بن جعفر، وكنيته أبو محمد، وأبو الشيخ لقب له، وممن لقب بكنيته: أبو تراب علي بن
(2/209)
أبي طالب - رضي الله عنه -، وأبو الزناد، وأبو الرجال، وأبو تميلة، وأبو الآذان، وأبو حازم العبدوي.
والقسم الرابع: من له كنيتان فأكثر، وهو المراد بقولي: (والتعدد) أي: تعددت كنيته، وفي الكلام لف ونشر، أي: ثم كنى الألقاب كأبي الشيخ وكنى التعدد، كابن جريج، كني بأبي الوليد وبأبي خالد، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وكان يقال: المنصور بن عبد المنعم الفراوي ذو الكنى؛ كان له ثلاث كنى: أبو بكر، وأبو الفتح، وأبو القاسم.
والقسم الخامس: من اختلف في كنيته على قولين، أو أقوال، وقد علم اسمه فلم يختلف فيه. قال ابن الصلاح: ((ولعبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي من المتأخرين فيه مختصر؛ وذلك كأسامة بن زيد الحب، أبي زيد أو أبي محمد أو أبي عبد الله أو أبي خارجة، أقوال. وكأبي بن كعب أبي المنذر، وقيل: أبو الطفيل. وكقبيصة بن ذؤيب أبي إسحاق، وقيل: أبو سعيد. وكالقاسم بن محمد، أبي عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد. وكسليمان بن بلال أبي أيوب، وقيل: أبو محمد.
قال ابن الصلاح: ((وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالذي قبله)) ، وقولي: (كنى) ، في موضع نصب على التمييز.
(2/210)
والقسم السادس: عكس الذي قبله، وهو من اختلف في اسمه وعرفت كنيته فلم يختلف فيها: كأبي هريرة الدوسي، اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو عشرين قولا، قاله ابن عبد البر. وقال النووي: ثلاثين قولا، وذكر ابن إسحاق: أن اسمه عبد الرحمن بن صخر، وصححه أبو أحمد الحاكم في " الكنى "، والرافعي في " التذنيب "، والنووي، وآخرون.
وصحح الشيخ شرف الدين الدمياطي - أعلم المتأخرين بالأنساب -: أن اسمه عمير بن عامر. وكأبي بصرة الغفاري، اسمه حميل - بضم الحاء المهملة - مصغرا على الأصح، وقيل: بالجيم مكبرا. وكأبي جحيفة وهب، وقيل: وهب الله، وكأبي بردة بن أبي موسى الأشعري: عامر، عند الجمهور، وقال ابن معين:
(2/211)
الحارث. وكأبي بكر بن عياش المقرئ، وقد تقدم في القسم الأول.
والقسم السابع: من اختلف في كنيته واسمه معا، وإليه الإشارة بقولي: (وفيهما) ، ومثاله: سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو لقب له، واسمه: عمير أو صالح أو مهران، أقوال، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو البختري.
والقسم الثامن: من لم يختلف في كنيته ولا في اسمه بل علما معا، وإليه أشرت بقولي في أول البيت الأخير: (وعكسه) أي: لم يختلف في واحد منهما؛ وذلك كأئمة المذاهب أبي حنيفة النعمان، وآباء عبد الله سفيان الثوري ومالك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن محمد بن حنبل - رضي الله عنهم -.
والقسم التاسع: من اشتهر باسمه دون كنيته، وقولي: (بسم) - بضم السين - لغة في الاسم، وهي غير لغة القصر فيه.
وهذا القسم هو الذي أفرده ابن الصلاح بنوع على حدة، كطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، والحسن بن علي في آخرين. كنية كل واحد منهم أبو محمد، وكالزبير بن العوام، والحسين بن علي، وحذيفة، وسلمان، وجابر في آخرين، كنوا بأبي عبد الله، وكعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر في آخرين، كنوا بأبي
عبد الرحمن، وفي هذا النوع كثرة لا يحتاج مثله إلى مثال.
والقسم العاشر: عكس الذي قبله وهو من اشتهر بكنيته دون اسمه، كأبي الضحى: مسلم بن صبيح، وأبوه -بضم الصاد المهملة- وأبي إدريس الخولاني:
(2/212)
عائذ الله. وأبي إسحاق السبيعي: عمرو. وأبي حازم الأعرج سلمة، وخلق لا يحصون.
الألقاب
872....
واعن بالالقاب فربما جعل ... الواحد اثنين الذي منها عطل
873....
نحو الضعيف أي بجسمه ومن ... ضل الطريق باسم فاعل ولن
874....
يجوز ما يكرهه الملقب ... وربما كان لبعض سبب
875....
كغندر محمد بن جعفر ... وصالح جزرة المشتهر
مما تنبغي العناية به معرفة ألقاب المحدثين، والعلماء، ومن ذكر معهم، وربما
وهم العاطل من معرفة الألقاب، فجعل الرجل الواحد اثنين، إذ يكون قد ذكر مرة
باسمه، ومرة بلقبه. وقد وقع ذلك لجماعة من أكابر الحفاظ، منهم: علي بن المديني، وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش، فرقوا بين عبد الله بن أبي صالح أخي سهيل، وبين عباد بن أبي صالح، فجعلوهما اثنين. وقال الخطيب -فيما قرأت بخطه- في " الموضح ": ((وعبد الله بن أبي صالح، كان يلقب عبادا، وليس عباد بأخ له، اتفق على ذلك أحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين، وأبو حاتم الرازي، وأبو داود السجستاني، وموسى بن هارون بن عبد الله البغدادي، ومحمد بن إسحاق السراج)) . وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في فصل الأخوة والأخوات.
(2/213)
وقد صنف في الألقاب جماعة من الحفاظ: أبو بكر الشيرازي، وأبو الفضل الفلكي، وأبو الوليد بن الدباغ، وأبو الفرج بن الجوزي، ومثال ذلك: الضعيف والضال، وإليه أشرت بقولي: (ومن ضل الطريق باسم فاعل) أي: من ضل، فحذف الجار والمجرور؛ لدلالة الكلام عليه، قال عبد الغني بن سعيد: رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضال، وإنما ضل في طريق مكة،
وعبد الله بن محمد الضعيف، وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه. انتهى. وقيل: إنه من باب الأضداد، كما قيل في الزنجي مسلم بن خالد، قاله ابن حبان، وإنه قيل له: الضعيف؛ لإتقانه وضبطه.
ثم الألقاب تنقسم: إلى ما لا يكرهه الملقب به، كأبي تراب - لقب علي - رضي الله عنه - فقد قال سهل بن سعد في الحديث المتفق عليه ما كان له اسم أحب إليه منه، وكبندار - لقب محمد بن بشار - فهذا لا إشكال في جواز تعريفه به.
وإلى ما يكرهه الملقب به، فلا يجوز تعريفه به، وقد تقدم الكلام على ذلك في أواخر آداب المحدث.
ثم الألقاب قد لا يعرف سبب التلقيب بها؛ وذلك موجود في كثير منها، وقد يذكر السبب في ذلك، ولعبد الغني بن سعيد في ذلك كتاب مفيد؛ وذلك كغندر وجزرة، فأما غندر - فهو لقب محمد بن جعفر البصري - وكان سبب تلقيبه
(2/214)
بذلك: أن ابن جريج قدم البصرة، فحدث بحديث عن الحسن البصري، فأنكروه عليه وشغبوا، قال ابن عائشة: إنما لقب غندرا ابن جريج من ذلك اليوم الذي كان يكثر الشغب عليه، فقال: اسكت يا غندر. وأهل الحجاز يسمون المشغب غندرا.
ثم كان بعده جماعة يلقب كل منهم غندرا، فمنهم من اسمه محمد بن جعفر: أبو الحسين الرازي، وأبو بكر البغدادي الحافظ، وأبو الطيب البغدادي.
وأما جزرة: فهو لقب أبي علي صالح بن محمد البغدادي الحافظ. وروى الحاكم: أن صالحا سئل: لم لقبت بجزرة؟ فقال: قدم عمرو بن زرارة بغداد فاجتمع عليه خلق عظيم فلما كان عند الفراغ من المجلس سئلت: من أين سمعت؟ فقلت: من حديث الجزرة، فبقيت علي. انتهى، وذلك في حديث عبد الله بن بسر: أنه كان يرقي بخرزة -بالخاء المعجمة وتقديم الراء- فصحفها صالح - بالجيم وتقديم الزاي -.
وذكر ابن الصلاح عدة صالحة من الألقاب، فحذفتها اختصارا، وهي غنجار: اثنان، وشباب وزنيج، ورسته وسنيد، وبندار، وقيصر، والأخفش: جماعة، ومربع، وعبيد العجل، وكيلجة، وماغمه، وعلان وسجادة، ومشكدانه، ومطين، وعبدان، وحمدان، ووهبان.
(2/215)
المؤتلف والمختلف
876....
واعن بما صورته مؤتلف ... خطا ولكن لفظه مختلف
877....
نحو سلام كله فثقل ... لا ابن سلام الحبروالمعتزلي
878....
أبا علي فهو خف الجد ... وهو الأصحفي أبي البيكندي
879....
وابن أبي الحقيق وابن مشكم ... والأشهر التشديد فيه فاعلم
880....
وابن محمد بن ناهض فخف ... أو زده هاء فكذا فيه اختلف
881....
قلت: وللحبر ابن أخت خفف ... كذاك جد السيدي والنسفي
من فنون الحديث المهمة: معرفة المؤتلف خطا والمختلف لفظا من الأسماء والألقاب والأنساب ونحوها، وينبغي لطالب الحديث أن يعتني بمعرفة ذلك، وإلا كثر عثاره، وافتضحبين أهله.
وصنف فيه جماعة من الحفاظ كتبا مفيدة، وأول من صنف فيه: عبد الغني بن سعيد، ثم شيخه الدارقطني. وقد تقدم أن أكمل ما صنف فيهكتاب " الإكمال " لأبي نصر بن ماكولا. وذيل عليه الحافظ أبو بكر بن نقطة بذيل مفيد ثم ذيل على ابن نقطة بذيلين صغيرين: أحدهما للحافظ جمال الدين ابن الصابوني، والآخر للحافظ
(2/216)
منصور بن سليم، المعروف بابن العمادية. وقد ذيل عليهما الحافظ علاء الدين مغلطاي بذيل كبير؛ لكن أكثره أسماء شعراء، وفي أنساب العرب، وجمع فيه الحافظ أبو عبد الله الذهبي مجلدا سماه "مشتبه النسبة"؛ ولكنه أجحف في الاختصار واعتمد على ضبط القلم، فلا يعتمد على كثير من نسخه، وقد فات جميع من صنف فيه ألفاظ كثيرة، علقت منها جملة وإن يسر الله تعالى جمعتها مع ما تقدم في مجموع واحد؛ ليكون أسهل لتناولها إن شاء الله تعالى.
ثم المؤتلف والمختلف ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما ليس له ضابط يرجع إليه، وإنما يعرف بالنقل والحفظ، وهو الأكثر.
والثاني: ما يدخل تحت الضبط، وقد ذكرت من هذا القسم الثاني جملة منه تبعا لابن الصلاح، ثم هذا القسم على قسمين:
أحدهما: على العموم من غير تقييد بتصنيف، ويضبط بأن يقال: ليس لهم فلان إلا كذا والباقون كذا.
والثاني من القسم الثاني: مخصوص بما في الصحيحين، " والموطأ "، فمن القسم الأول: سلام وسلام، وجميعه بالتشديد إلا خمسة، وهم: سلام والد عبد الله بن سلام الحبر الصحابي، وسلام جد أبي علي الجبائي المعتزلي، واسم أبي علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام، وسلام والد محمد بن سلام بن الفرج البيكندي البخاري شيخ البخاري على خلاف فيه، فجزم غنجار في " تاريخ بخارى "، والخطيب، وابن ماكولابالتخفيف، وقال ابن الصلاح: إنه أثبت، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"في محمد بن سلام بالتشديد. وكذا قال أبو علي الجياني في
(2/217)
"
تقييد المهمل": إنه بالتشديد، وقال صاحب " المشارق "و " المطالع ": إنالتثقيل أكثر. قلت: وكأنه اشتبه عليهما بشخص آخر، يسمى: محمد بن سلام البيكندي أيضا، فإنه بالتشديد فيما ذكره الخطيب في " التلخيص "وغيره، ويعرف بالبيكندي الصغير، وهو محمد بن سلام بن السكن البيكندي، حدث عن الحسن بن سوار الخراساني، وعلي بن الجعد الجوهري، روى عنه عبيد الله بن واصل البخاري، فأما البيكندي شيخ البخاري، فقد روينا بالإسناد إليه أنه قال: أنا محمد بن سلام بالتخفيف، وهذا قاطع للنزاع فيه، وسلام بن أبي الحقيق اليهودي، وقال المبرد في " الكامل ": ليس في العرب سلام مخفف اللام إلا والد عبد الله بن سلام، وسلام بن أبي الحقيق، قال: وزاد آخرون: سلام بن مشكم خمارا كان في الجاهليةوالمعروف فيه التشديد، والله أعلم.
وسلام بن محمد بن ناهض المقدسي، هكذا روى عنه أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ فسماه سلاما، وروى عنه الطبرانيفسماه سلامة بزيادة هاء في آخره، وإلى هذا أشرت بقولي: (وكذا فيه اختلف) أي: الخلف في هذا إنما هو في زيادة الهاء في آخره وحذفها لا في التشديد والتخفيف، هكذا اقتصرابن الصلاحفي ضبط سلام المخفف على هذا المقدار، ولهم ثلاثة أسماء مخففة أيضا، ذكرتها من الزيادات عليه في البيت الأخير، وهم: سلام ابن أخت عبد الله بن سلام، معدود في الصحابة عده فيهم ابن فتحون في تذييله على " الاستيعاب "، ولعبد الله بن سلام أخ يقال له: سلمة بن
(2/218)
سلام، وإنما لم استدركه على ابن الصلاح؛ لأن والدهما مذكور، ولا حاجة إلى ذكر سلمة، وقد ذكر سلمة في الصحابة ابن منده؛ ولكن قال ابن فتحون في تذييله على "الاستيعاب": إن سلمة هو ابن أخي عبد الله بن سلام، فالله أعلم.
وجد السيدي وهو سعد بن جعفر بن سلام السيدي، روى عن ابن البطي، ومات سنة أربع عشرة وستمائة، ذكره ابن نقطة في " التكملة "-فيما قرأت بخطه- له. وكذلك جد النسفي الأعلى وهو: أبو نصر محمد ابن يعقوب بن إسحاق بن محمد بن موسى بن سلام النسفي السلامي، نسب إلى جده، روى عن زاهر بن أحمد، توفي بعد الثلاثين وأربعمائة، ذكره الذهبي في " مشتبه النسبة ".
والبيكندي - بكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحت وفتح الكاف وسكون النون وبعدها دال مهملة، هكذا قيده بكسر أوله أبو علي الجياني.
والنسفي - بفتح النون والسين - قيده السمعانيوغيره، وهو منسوب إلى نسف - بكسر النون - فتحت للنسب كالنمري.
882....
عين أبي بن عمارة اكسر ... وفي خزاعة كريز كبر
ومن ذلكعمارة وعمارة، وليس لنا عمارة - بكسر العين - إلا أبي ابن عمارة من الصحابة، قال ابن الصلاح: ومنهم من ضمه، قال: ومن عداه: عمارة
-
بالضم -.
(2/219)
قلت: يرد على كلامه عمارة - بفتح العين وتشديد الميم - وهم جماعة من النسوة، منهن: عمارة بنت عبد الوهاب الحمصية، وعمارة بنت نافع بن عمر الجمحي، وعمارة جدة أبييوسف محمد بن أحمد الصيدنانيالرقي.
ومن الرجال: يزيد، وعبد الله، وبحاث بنو ثعلبة بن خزمة بن أصرم ابن عمرو بن عمارة، معدودون في الصحابة. وعبد الله بن زياد بن عمرو ابن زمزمةبن عمرو بن عمارة البلوي، شهد بدرا. ومدرك بن عبد الله بن القمقام بن عمارة ولاه عمر بن عبد العزيز الجزيرة. وجعفر بن أحمد بن علي ابن عبد الله بن عمارة الحربي، روى عن سعيد بن البناء، وولداه قاسم وأحمد ابنا جعفر بن أحمد بن عمارة. وأبو عمر محمد بن عمر بن علي بن عمارة الحربي. وأبو القاسم محمد بن عمارة البخاري النجار الحربي. وبنو عمارة البلوي بطن.
ومن ذلك: كريز - بفتح الكاف وكسر الراء - مكبرا، وكريز مصغرا، وكله مصغر إلا في خزاعة فقط. وحكى الجياني في " تقييد المهمل " عن محمد بن وضاح فتح الكاف في خزاعة، وضمها في عبد شمس بن عبد مناف، قال ابن الصلاح: ((وضمها موجود أيضا في غيرهما، قال: ولا يستدرك في المفتوح بأيوب بن كريزالراوي عن عبد الرحمن بن غنم؛ لكون عبد الغني ذكره بالفتح؛ لأنه بالضم كذلك ذكره الدارقطنيوغيره)) ، أي: كابن ماكولا.
(2/220)
883....
وفي قريش أبدا حزام ... وافتح في الانصار برا حرام
ومن ذلك: حزام -بكسر الحاء وبالزاي-، وحرام - بالفتح وبالراء - ففي قريش الأول، وفي الأنصار الثاني، وليس المراد بذلك إلا ضبط ما في قريش والأنصار وإلا فقد وقع حزام - بالزاي - في خزاعة وبني عامر بن صعصعة وغيرهما، ووقع حرام - بالراء - في بلي: اسم قبيلة، وخثعم، وجذام، وتميم بن مر. وفي خزاعة أيضا، وفي عذرة، وبني فزارة، وهذيل وغيرهم، كما هو مبين في كتاب "الأمير" وغيره، والله أعلم.
884....
في الشام عنسي بنون، وببا ... في كوفة والشين واليا غلبا
885....
في بصرةوما لهم من اكتنى ... أبا عبيدة بفتح والكنى
886....
في السفر بالفتح وما لهم عسل ... إلا ابن ذكوانوعسل فجمل
ومن ذلك: عنسي - بالنون والسين المهملة -، وعبسي - بالموحدة والمهملة أيضا -، وعيشي - بالمثناة من تحت والشين المعجمة -.
(2/221)
فالأول في الشاميين، منهم: عمير بن هانيء، وبلال بن سعد، كلاهما تابعي.
والثاني: في الكوفيين، منهم: عبيد الله بن موسى.
والثالث: في البصريين، منهم: عبد الرحمن بن المبارك، كذا قال الحاكم في
"
علوم الحديث "، وللخطيب البغدادي نحوه فيما حكاه عنه أبو علي بن البرداني، قال ابن الصلاح: ((وهذا على الغالب)) . وأشرت إلى ذلك بقولي: (غلبا) . وزاد الحاكمفي هذه الترجمة: والقيسيون، أي: بالقاف بطن من تميم.
ومما وقع نادرا مخالفا للغالب عمار بن ياسر، فإنه عنسي - بالنون - وهو معدود في أهل الكوفة، وقد احترز ابن ماكولا عن ذلك بقوله: وعظم عنس في الشام، وكذا قال السمعاني، وقال ابن ماكولا في العيشي - بالمثناة والمعجمة - عامتهم بالبصرة، وقال السمعاني: نزلوا البصرة.
ومن ذلك: من اكتنى بأبي عبيدة، فكلهم بضم العين مصغرا، قال الدارقطني:
((
لا نعلم أحدا يكنى بأبي عبيدة بالفتح)) .
ومن ذلك: السفر - بإسكان الفاء -، والسفر - بفتحها -، قال ابن الصلاح: ((وجدت الكنى من ذلك بالفتح والباقي بالإسكان، قال: ومن المغاربة من سكن الفاء منأبي السفرسعيد بن يحمد. قال: وذلك خلاف ما يقول أصحاب الحديث
(2/222)
حكاه الدارقطنيعنهم)) . قلت: لهم في الأسماء والكنى: سقر -بسكون القاف-، وقد يرد ذلك على إطلاقه، فمن الأسماء: سقر بن حبيب الغنوي، وسقر بن حبيب آخر، وسقر بن عبد الله، وسقر بن عبد الرحيم ابن أخي شعبة، وسقر بن عبد الرحمن شيخ لأبي يعلى، وسقر بن حسين الحذاء، وسقر بن عداس. وفي الكنى: أبو السقر يحيى بن يزداد.
ولهم أيضا: شقر - بفتح الشين المعجمة والقاف -: حي من بني تميم ينسب إليه الشقريون. ومعاوية الشقر - بكسر القاف -: شاعر.
ومن ذلك: عسل - بكسر العين وسكون السين المهملتين -، وعسل- بفتحهما -. قال ابن الصلاح: ((وجدت الجميع من القبيل الأول إلا عسل بن ذكوان الأخباري البصري، فإنه بالفتح، ذكره الدارقطنيوغيره. قال: ووجدته بخط الإمام أبي منصور الأزهري في كتابه " تهذيب اللغة ": بالكسر والإسكان أيضا، قال: ولا أراه ضبطه، والله أعلم)) .
887....
والعامري بن علي عثام ... وغيره فالنونوالإعجام
ومن ذلك: غنام - بالغين المعجمة والنون المشددة -، وعثام - بالعين المهملة والثاء المثلثة المشددة -، قال ابن الصلاح: ((ولا نعرفمن هذا القبيل الثاني غير عثام ابن علي العامريالكوفي والد علي بن عثام الزاهد، والباقون من الأول منهم: غنام ابن أوس، صحابي بدري)) .
(2/223)
قلت: ولهم من القبيل الثاني أيضا حفيد المذكور، وهو عثام بن علي بن عثام بن علي العامري، وهذا لا يرد على كلامي في النظم؛ لأن كلا منهما عثام بن علي العامري، فهو داخل تحت كلامي، ويرد على ابن الصلاح؛ لتقييده الترجمة بوالد علي بن عثام، ولا نعرف لعثام الثاني ولدا اسمه: علي.
888....
وزوج مسروق قمير صغروا ... سواه ضما ولهممسور
889....
ابن يزيد وابن عبد الملك ... وما سوى ذينفمسور حكي
ومن ذلك قمير مكبرا، وقمير مصغرا، والجميع: بضم القاف مصغرا إلا امرأة مسروق بن الأجدع: قمير بنت عمرو، فإنها - بفتح القاف وكسرالميم -، والله أعلم.
ومن ذلك مسور، ومسور.
فالأول: - بضم الميم، وفتح السين المهملة، وتشديد الواو - مسور بن يزيد المالكيالكاهلي له صحبة، ومسوربن عبد الملك اليربوعي، قال ابن الصلاح: ((ومن سواهما فيما نعلم بكسر الميم وإسكان السين، والله أعلم)) .
قلت: لم يذكر ابن ماكولا بالتشديد إلا ابن يزيد فقط. ولم يستدركه ابن نقطة، ولا من ذيل عليه. وقد ذكر البخاري في "التاريخ الكبير"مسور بن عبد الملك في
(2/224)
باب مسور بن مخرمة، وهذا يدل على أنه عنده مخفف، وذكر في باب الواحد: مسور ابن يزيد، ومسور بن مرزوق، وهذا يقتضي أن يكون ابن مرزوق بالتشديد عنده، والله أعلم. وأما الذهبي فتبع ما قاله ابن الصلاح، وكأنه قلده في ذلك.
890....
ووصفوا الحمال في الرواة ... هارون والغير بجيم ياتي
ومن ذلك الحمال والجمال، قال ابن الصلاح: لا نعرف في رواة الحديث، أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة، الحمال - بالحاء المهملة - صفة لا اسما إلا هارون بن عبد الله الحمال، والد موسى بن هارون الحمال الحافظ، وكانبزازا فلما تزهد حمل)) . حكاه عبد الغني بن سعيد، عن القاضي أبي الطاهر. وحكى ابن الجارود في " الكنى "، عن موسى بن هارون: أنه كان حمالا ثم تحول إلى البز. وزعم الخليلي وابنالفلكي: أنه لقب بالحمال؛ لكثرة ما حمل من العلم، قال ابن الصلاح: ((ولا أرى ما قالاه يصح، قال: ومن عداه: فالجمال- بالجيم -، منهم: محمد بن مهران الجمال)) .
قلت: وقوله: صفة لا اسما، احترز به عمناسمه حمال كأبيض بن حمال المأربيله صحبة، وحمال بن مالك ونحوهما.
(2/225)
واحترز بـ " رواة الحديث " عن غيرهم من الفقهاء والزهاد، كرافع بن نصر الحمال الفقيه، صاحب أبي إسحاق، وأيوب الحمال أحد الزهاد ببغداد، وبنان الحمال أحد أولياء مصر، على أن بنانا الحمال قد روى عن الحسن ابن عرفة وغيره، وإنما لم أورده على كلام ابن الصلاح؛ لأنه لم يكن مشهورا برواية الحديث، والله أعلم.
وكذلك سمع رافع الحمال من أبي عمر بن مهدي، وممن روى أيضا: أبو القاسم مكي بن علي بن بنانالحمال، وأحمد بن محمد بن الدبس الحمال أحد شيوخ أبي بن النرسي.
891....
ووصفوا حناطا اوخباطا ... عيسى ومسلما كذا خياطا
ومن ذلك: الحناط - بالحاء المهملة والنون -، والخباط - بالمعجمة والموحدة -، والخياط - بالمعجمة والمثناة من تحت - وذلك مذكور في مظانه.
والمقصود بذكر هذا البيت أنه قد تجتمع الأوصاف الثلاثة في اسم واحد، فيؤمن الغلط فيه، ويكون اللافظ مصيبا كيف ما وصفه، وذلك في اسمين وهما: عيسى بن أبي عيسى الحناط، ومسلم بن أبي مسلم الخباط، هكذا ذكره الدارقطني، وابن ماكولا: أنه اجتمع في كل منهما الأوصاف الثلاثة وذلك مشهور بالنسبة إلى عيسى، قاله فيه يحيى بن معين، وقاله هو عن نفسه فيما حكاه محمد بن سعد. ولكن عيسىاشتهر بمهملة ونون، واشتهر مسلم بمعجمة وموحدة، ورجح الذهبي في كل واحد ما اشتهر به.
(2/226)
892....
والسلمي افتح في الانصارومن ... يكسر لامه كأصله لحن
أي: إن السلمي إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين واللام أيضا، كجابر بن
عبد الله، وأبي قتادة وغيرهما، وهو نسبة إلى بني سلمة بفتح السين وكسر اللام، وفتحت في النسب كالنمري والصدفي وبابهما. قال السمعاني: ((وهذه النسبة عند النحويين، قال: وأصحاب الحديث يكسرون اللام)) . قال ابن الصلاح: ((وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللام على الأصل، وهو لحن)) ، واقتصر ابن باطيش في " مشتبه النسبة " على كسر اللام، وجعل المفتوح اللام نسبة إلى سلمية - من عمل حماة -، وتشتبه هذه الترجمة بالسلمي - بضم السين وفتح اللام - نسبة إلى بني سليم، كعباس بن مرداس، وبالسلمي - بالفتح وسكون اللام - نسبة إلى بعض أجداد المنتسب، والله أعلم.
وهذه النسبة أدخلها ابن الصلاحفي القسم الثاني فنقلتها إلى هذا القسم الأول؛ لكونها لا تتعلق بما في الصحيحين، والموطأ، والله أعلم.
893....
ومن هنا لمالك ولهما ... بشارا افردأب بندارهما
894....
ولهما سيار أي أبو الحكم ... وابن سلامةوبالياقبل جم
هذا هو القسم الثاني الذي ذكره ابن الصلاح، وهو المخصوص بما في " الموطأ " والصحيحين للبخاري ومسلم، وهما المرادان من قولي: (لهما) فمن ذلك بشار، وسيار، ويسار.
(2/227)
فالأول: بالباء الموحدة بعدها شين معجمة مشددة، وليس في الصحيحين منه إلا اسم واحد، وهو بشار والد بندار، واسمه: محمد بن بشار، أحد شيوخهما. قاله أبو علي الغساني في "تقييد المهمل". قال الذهبي: وبشار نادر في التابعين معدوم في الصحابة. انتهى.
والثاني: بسين مهملة ثم ياء مثناة من تحت مشددة، وفي الصحيحين منه: سيار بن أبي سيار، ورد: أن كنيته أبو الحكم. وسيار بن سلامة.
والثالث: بتقديم الياء على السين المخففة، وهو (جم) أي: كثير في الصحيحين والموطأ، كسليمان بن يسار، وأخيه عطاء، وسعيد بن يسار وغيرهم. وقد أدخل ابن ماكولافي هذه الترجمة: سنانا - بنونين -، وقد يشتبه بذلك، وقال الذهبي: لا يلتبس.
895....
وابن سعيد بسرمثل المازني ... وابن عبيد الله وابن محجن
896....
وفيه خلف. وبشيرا اعجم ... في ابن يسار وابن كعب واضمم
897....
يسير بن عمرو اوأسير ... والنون فيأبي قطننسير
ومن ذلك بشر وبسر.
فالأول: - بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة -. والثاني:
(2/228)
-
بضم الموحدة وسكون المهملة -. وجميع ما في الصحيحين " والموطأ " من الأول إلاأربعة أسماء، وهم: بسربن سعيد، وبسر المازني -والد عبد الله بن بسر-، وبسر بن عبيد الله الحضرمي، وبسر بن محجن الديلي.
وقد اختلف في هذا الرابع، فذهب مالك والجمهور إلى أنه بالمهملة. وقال سفيان الثوري: بشر - كالجادة -، وقال الدارقطني: إن الثوري رجع عنهفيما يقال؛ وكونه بالمعجمة حكاه أحمد بن صالح المصري، عن جماعة من ولده ورهطه، وابن محجن حديثه في "الموطأ"فقط، وليس في واحد من الصحيحين، ولم يذكر ابن الصلاح بسرا المازني، وحديثه في "صحيح مسلم" على ما ذكره المزي في "التهذيب"، إنما ذكر ابنه
(2/229)
عبد الله بن بسر. [وكان حقه أن يذكره حتى يعرف أنه في الصحيح، وإن كان يعرف ضبطه من ضبط ابنه عبد الله، قلت] : وقد تشتبه هذه الترجمة بأبي اليسر. كعب بن عمرو وهو بالمثناة من تحت والسين المهملة المفتوحتين، وحديثه في " صحيح مسلم "؛ ولكنه ملازم لأداة التعريف غالبا بخلاف القسمين الأوليين، والله أعلم.
ومن ذلك بشير، ويسير، ونسير، وبشير.
فالأول: - بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة - بشير بن يسار الحارثي المدني حديثه في الصحيحين " والموطأ "، وبشير بن كعب العدوي عند البخاري.
والثاني: - بضم الياء المثناة من تحت، وفتح السين المهملة -، وهو يسير بن عمرو، وقيل: يسير بن جابر، حديثه في الصحيحين، ويقال فيه أيضا: أسير بالهمزة.
والثالث: - بضم النون وفتح السين المهملة -، وهو نسير والد قطنابن نسير.
والرابع: - بفتح الباء الموحدة، وكسر الشين المعجمة -، وهو الجادة.
وجميع ما في الصحيحين " والموطأ " خلا الأسماء الأربعة المتقدمة، فهو من هذا القسم الرابع، منهم: بشير بن أبي مسعود، وبشير بن نهيك، وغيرهما.
898....
جد علي بن هاشم بريد ... وابن حفيد الأشعري بريد
899....
ولهما محمد بن عرعره ... بن البرند فالأمير كسره
(2/230)
ومن ذلك: بريد، وبريد، وبرند، ويزيد.
فالأول: - بفتح الباء الموحدة وكسر الراء بعدها ياء مثناة من تحت -، وهو جد علي بن هاشم بن البريد، روى له مسلم.
والثاني: - مصغر بضم الباء وفتح الراء -، وهو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، روى له الشيخان، قلت: وروى البخاريحديث مالك بن الحويرث في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي آخره: ((كصلاة شيخنا أبي بريد عمرو بن سلمة، فذكر أبو ذر الهروي، عن أبي محمد الحموي، عن الفربري، عن البخاري: أبي بريد - بضم الموحدة وفتح الراء -، وكذا ذكر مسلم في " الكنى "كنية عمرو بن سلمة، والذي وقع عند عامة رواة البخاري: يزيد - بفتح الياء المثناة من تحت وكسر الزاي -، كالجادة، وقال عبد الغني: لم أسمعه من أحد بالزاي، قال: ومسلم بن الحجاج أعلم.
والثالث: - بكسر الباء الموحدة والراء بعدها نون ساكنة -، وهو جد محمد بن عرعرة بن البرند السامي، اتفقا عليه أيضا هكذا ذكر الأمير أبو نصر بن ماكولاأنه بكسر الباء والراء، وفي كتاب " عمدة المحدثين ": أنه بفتح الباء والراء. وحكى أبو علي الجياني، عن ابن الفرضي أنه يقال: بالفتح والكسر، قال: والأشهر الكسر. وكذا قال القاضي عياض، وابن الصلاح أيضا: إنه الأشهر.
(2/231)
والرابع: يزيد - بفتح المثناة من تحت وكسر الزاي -، وهو الجادة، وكل ما في الصحيحين " والموطأ "، فهو من هذا إلا الأسماء المذكورة.
900....
ذو كنية بمعشر والعاليه ... براء أشدد وبجيم جاريه
901....
ابن قدامةكذاك والد ... يزيد قلت وكذاك الأسود
902....
ابن العلاوابن أبي سفيان ... عمرو، فجد ذا وذا سيان
ومن ذلك: البراء، والبراء.
فالأول: بتشديد الراء، وهو أبو معشر البراء، واسمه: يوسف بن يزيد، وحديثه في الصحيحين، وأبو العالية البراء، قيل: اسمه زياد بن فيروز، وقيل: غير ذلك، وحديثه أيضا في الصحيحين.
والثاني: بتخفيف الراء، جماعة، منهم: البراء بن عازب.
وجميع ما في الصحيحين " والموطأ " من هذا القسم إلا الكنيتين المذكورتين.
ومن ذلك: جارية، وحارثة.
فالأول: بالجيم وبالمثناة من تحت بعد الراء، وهو: جارية بن قدامة، ويزيد بن جارية، هكذا ذكر ابن الصلاح. تبعا لصاحب " المشارق ".
ويزيد بن جارية مذكور في " الموطأ "، وقد روى مالكأيضا والبخاري أيضا من رواية القاسم بن محمد عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد ابن جارية، عن خنساء بنت خذام، فذكره ليزيد بن جارية صحيح. وأما جارية بن قدامة، فوقع ذكره في كتاب الفتن من البخاري.
(2/232)
قلت: وفي الصحيح اسمان آخران لم يذكرهما ابن الصلاح، أشرت إليهما بقولي: (قلت: وكذاك الأسود ... ) إلى آخره، وهما: الأسود بن العلاء بن جارية الثقفي، روى له مسلم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة حديث: ((البئر جبار ... )) الحديث في الحدود، وعمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي، روى له البخاريعن أبي هريرة قصة قتل خبيب، وروى له مسلمعن أبي هريرة حديث: ((لكل نبي دعوة يدعو بها ... )) الحديث.
وأريد بجد عمرو: جده الأعلى، على أنه وقع في البخاري في موضعمنه: عمرو بن أسيد بن جارية.
والثاني: حارثة - بالحاء المهملة والثاء المثلثة -، وهم من عدا المذكورين منهم: زيد بن حارثة الحب، وحارثة بن وهب الخزاعي، وحارثة بن النعمان وحارثة بن سراقة.
903....
محمد بن خازم لا تهمل ... والد ربعي حراش اهمل
904....
كذا حريزالرحبي وكنيه ... قد علقت وابن حدير عده
ومن ذلك: خازم، وحازم.
فالأول: بالخاء المعجمة، وهو محمد بن خازم، أبو معاوية الضرير.
والثاني: بالحاء المهملة، منهم: أبو حازم الأعرج، وجرير بن حازم، وكل ما فيها من هذا القسم إلا محمد بن خازم المذكور.
ومن ذلك: حراش، وخراش.
(2/233)
فالأول: بكسر الحاء المهملة، وفتح الراء، وآخره شين معجمة، وهو حراش والد ربعي بن حراش وليس في الكتب الثلاثة من هذا غيره.
والثاني: خراش - بكسر الخاء المعجمة -، والباقي كالذي قبله، منهم: شهاب بن خراش، وآخرون. قلت: أدخل ابن ماكولافي هذا الباب: خداشا - بكسر الخاء المعجمة وبالدال موضع الراء -، وقد روى مسلمفي " صحيحه " عن خالد بن خداش، ولكن قال الذهبي في " مشتبه النسبة ": إن خداشا بالدال لا يلتبس، فلذلك لم استدركه على ابن الصلاح.
ومن ذلك: حريز، وجرير.
فالأول: بفتح الحاء المهملة وكسر الراء بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة وآخره زاي، وهو: حريزبن عثمان الرحبي الحمصي، روى له البخاري، وكذلك أبو حريز عبد الله بن الحسين الأزدي قاضي سجستان، علق له البخاري وهو المراد بقولي: (وكنيه قد علقت) ، وقولي: (كذا حريز) أي: كذا أهمل حاء ه.
والثاني: بفتح الجيم وكسر الراء وتكرارها وهو الموجود في الكتب الثلاثة ما عدا المذكورين أولا، منهم: جرير بن عبد الله البجلي، وجرير بن حازم، وربما اشتبه بهذه
(2/234)
الترجمة: حدير - بضم الحاء المهملة وفتح الدال وآخره راء - منهم: عمران بن حدير، روى له مسلم، ومنهم: زيد وزياد ابنا حدير، لهما ذكر في المغازي من " صحيح البخاري " من غير رواية، وهو بعيد الاشتباه فلهذا لم أسمهم.
905....
حضيناعجمه أبو ساسانا ... وافتح أبا حصين ايعثمانا
906....
كذاك حبان بن منقذ ومن ... ولده وابن هلال واكسرن
907....
ابن عطية مع ابن موسى ... ومن رمى سعدا فنال بؤسا
ومن ذلك: حضين، وحضين، وحصين.
فالأول: بضم الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، وسكون الياء المثناة من تحت، وآخره نون، وهو حضين بن المنذر أبو ساسان، روى له مسلم. قال الحافظ أبو الحجاج المزي: ((لا نعرف في رواة العلم من اسمه: حضين بضاد معجمة سواه)) . انتهى، وفي الصحيحين في قصة عتبان بن مالك من طريق ابن شهاب، قال: سألت الحضين بن محمد الأنصاري عن حديث محمود ابن الربيع فصدقه، فزعم الأصيلي والقابسي - فيما حكاه صاحب " المشارق " وغيره عنهما: أنه بالضاد المعجمة، قال القابسي: وليس في الكتاب - أي: البخاري - غيره، قال المزي: ((وذلك وهم فاحش)) . قال القاضيعياض: وصوابه كما للجماعة بصاد مهملة.
(2/235)
والثاني: بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، وهو أبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي، حديثه في الصحيحين، قال أبو علي الجياني: ولا أعلم في الكتابين بفتح الحاء غير هذا.
والثالث: حصين - بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين - وهو الموجود في الكتب الثلاثة فيما عدا الترجمتين المذكورتين، منهم: عمران بن حصين.
قلت: وقد يشتبه هذا الباب بحضير، كالقسم الأول، إلا أنه بالراء مكان النون، وفي الكتب الثلاثة: أسيد بن حضير الأشهلي، أحد النقباء ليلة العقبة، ولكنه لا يلتبس في الغالب فلم استدركه، والله أعلم.
ومن ذلك حبان، وحبان، وحيان.
فالأول: بفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحدة، وهو حبان ابن منقذ، له ذكر في " الموطأ ": أنه كان عنده امرأتان، وابنه: واسعابن حبان بن منقذ، حديثه في " الموطأ "والصحيحين. وهو المراد بقولي: (ومن ولده) وابنه حبان بن
(2/236)
واسع بن حبان، روى له مسلم. وابن عمه محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ، حديثه في " الموطأ " والصحيحين. وحبان بن هلال الباهلي حديثه في الصحيحين، وقد يرد حبان هذا في الصحيح مطلقا غير منسوب إلى أبيه، فيتميز بشيوخه، وذلك: حبان، عن شعبة. وحبان، عن وهيب. وحبان، عن همام. وحبان، عن أبان. وحبان، عن سليمان بن المغيرة. وحبان، عن أبي عوانة. قاله القاضي عياض في " المشارق "، وتبعه عليه ابن الصلاح، والمراد به في الأمثلة المذكورة: حبان بن هلال.
والثاني: حبان - بكسر الحاء المهملة والباقي كالذي قبله - وهو: حبان ابن عطية السلمي، له ذكر في البخاري في قصة حاطب بن أبي بلتعة. وقد جزم بما تقدم فيه من أنه بالكسر ابن ماكولاوالمشارقة، وبه صدر صاحب " المشارق " كلامه، وذكر أبو الوليد الفرضي: أنه بالفتح، وحكاه أبو علي الجياني، وصاحب " المشارق " عن بعض رواة أبي ذر، قالا: وهو وهم.
وحبان بن موسى السلمي المروزي، روى عنه الشيخان في صحيحيهما، وهو حبان غير منسوب أيضا عن عبد الله بن المبارك.
وبالكسر أيضا: حبان بن العرقة، له ذكر في الصحيحينفي حديث عائشة أن سعد بن معاذ رماه رجل من قريش يقال له: حبان بن العرقة، هذا هو المشهور. وحكى ابن ماكولا أن ابن عقبة ذكر في المغازي: أنه جبار - بالجيم - قال: والأول أصح.
(2/237)
انتهى. والعرقة هذه أمه فيما قاله أبو عبيد القاسم بن سلام، واختلف في ضبط هذا الحرف، فالمشهور أنه بعين مفتوحة ثم راء مكسورة بعدها قاف. وحكى ابن ماكولا عن الواقدي: أنه بفتح الراء، والأول أشهر. وقيل لها ذلك لطيب رائحتها، واسمها فيما قال ابن الكلبي: قلابة - أي: بكسر القاف - بنت سعيد - أي: بضم السين - ابن سهم، وتكنى أم فاطمة. واختلف في اسم أبيه، فقيل: حبان بن قيس، وقيل: ابن أبي قيس.
والثالث: حيان - بفتح الحاء المهملة بعدها ياء مثناة من تحت - وهو بقية ما في الكتب الثلاثة بعدما تقدم ضبطه هنا.
قلت: وقد يشتبه بهذه المادة: جبار، وخيار.
فالأول: بفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة وآخره راء، وهو: جبار بن صخر، شهد بدرا، له ذكر عند مسلمفي حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار ... الحديث في أواخر الكتاب.
والثاني: بكسر الخاء المعجمة بعدها ياء مثناة من تحت، مخففة وآخره راء أيضا، وهو عبيد الله بن عدي بن الخيار، وحديثه في الصحيحين.
908....
خبيبا اعجم في ابن عبد الرحمن ... وابن عدي وهو كنية كان
909....
لابن الزبير ورياح اكسر بيا ... أبا زياد بخلاف حكيا
(2/238)
ومن ذلك: خبيب، وحبيب.
فالأول: بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة وآخره باء موحدة، وهو خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري، حديثه في الصحيحين " والموطأ "، وهو الوارد ذكره في الصحيحين غير منسوب، عن حفص بن عاصم، وفي " صحيح مسلم " أيضا: عن عبد الله بن محمد بن معن، وجده خبيب، كذلك بمعجمة إلا أنه ليس له رواية في شيء من الكتب الثلاثة المذكورة. وخبيب بن عدي، له ذكر في البخاري في حديث أبي هريرة في سرية عاصم بن ثابت الأنصاري، وقتل خبيب وهو القائل:
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي شق كان للهمصرعي
وكذلك أبو خبيب كنية عبد الله بن الزبير، كني بابنهخبيب بن عبد الله، وليس لابنه خبيب ذكر في شيء من الكتب الثلاثة المذكورة، وإنما روى له النسائي حديثا واحدا، ولم يسمه، وإنما قال: عن ابن عبد الله، وسماه غيره خبيبا، والله أعلم.
(2/239)
والثاني: حبيب - بفتح الحاء المهملة وكسر الباء الموحدة -، وهو الموجود في الكتب الثلاثة فيما عدا من ذكر أنه بالمعجمة، منهم: حبيب بن أبي ثابت، وحبيب بن الشهيد، وحبيب المعلم، ويزيد بن أبي حبيب، وغيرهم.
ومن ذلك: رياح، ورباح.
فالأول: بكسر الراء بعدها ياء مثناة من تحت، وهو زياد بن رياح القيسي البصري، ويكنى أبا رياح أيضا كاسم أبيه، وقيل: كنيته أبو قيس تابعي، له في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة حديثان، أحدهما حديث: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة)) ، والثاني: حديث: ((بادروا بالأعمال ستا)) . وما ذكرناه من أنه بكسر الراء وبالمثناة، هو قول الأكثرين، وبه جزم عبد الغني وابن ماكولا. وحكى صاحب "المشارق" عن ابن الجارود أنه بباء موحدة، كالقسم الثاني، وأن البخاري ذكر فيه الوجهين، وفي التابعين من أهل البصرة أيضا رجل سمي زياد بن رياح الهذلي، كنيته: أبو رياح أيضا، وهو بكسر الراء، وبالمثناة أيضا، رأى أنس بن مالك، وروى عن الحسن البصري وهو متأخر الطبقة عن القيسي، ذكره الخطيب في " المتفق والمفترق "؛ ولكنه جعل هذه الكنية لهذا، وجزم في الأول بأنه أبو قيس،
(2/240)
وكذلك فعل ابن ماكولا، وخالفهما المزي فصدر كلامه في الأول بأنه أبو رياح، فالله أعلم.
والثاني: بفتح الراء بعدها باء موحدة، وهو الموجود في الكتب الثلاثة بعد زياد بن رياح منهم: رباح بن أبي معروف، عند مسلم، وعطاء بن أبي رباح في الصحيحين و" الموطأ "، وزيد بن أبي رباح عند مالك والبخاري وغير ذلك.
910....
واضمم حكيما في ابن عبد الله قد ... كذا رزيق بن حكيم وانفرد
911....
زبيد بن الصلت واضمم واكسر ... وفي ابن حيان سليم كبر
ومن ذلك: حكيم، وحكيم.
فالأول: مصغر بضم الحاء المهملة وفتح الكاف، وهو حكيم بن عبد الله بن قيس ابن مخرمة القرشي المصري. روى له مسلم في صحيحه ثلاثة أحاديث، ويسمى أيضا الحكيم - بالألف واللام -، وهو كذلك في بعض طرق حديثه.
ورزيق بن حكيم الأيلي والي أيلة لعمر بن عبد العزيز، وذكر ابن الحذاء: أنه كان حاكما بالمدينة، ورزيق: مصغر أيضا -بتقديم الراء-، ويكنى أبا حكيم أيضا، كاسم أبيه، له ذكر في " الموطأ " في الحدود، روى مالك عن رزيق بن حكيم: أن رجلا يقال له: مصباح ... فذكر القصة. وله ذكر في البخاري في باب الجمعة في
(2/241)
القرى والمدن. قال يونس: كتب رزيق بن حكيم إلى ابن شهاب، وأنا معه يومئذ بوادي القرى: هل ترى أن أجمع؟ ورزيق يومئذ على أيلة ... فذكر القصة.
وما ذكرناه من أنه بضم الحاء هو الصواب، كما قاله علي بن المديني. وحكى صاحب " تقييد المهمل " عنه: أن سفيان - يعني: ابن عيينة - كثيرا ما كان يقول: حكيم - يعني: بالفتح -.
والثاني: مكبر بفتح الحاء وكسر الكاف، وهو جميع ما في الكتب الثلاثة ما عدا الاسمين المذكورين، منهم: حكيم بن حزام، وحكيم ابن أبي حرة، له عند البخاري حديث واحد، وبهز بن حكيم، علق له البخاري، وغير ذلك، والله أعلم.
ومن ذلك: زييد، وزبيد.
فالأول: بضم الزاي وكسرها أيضا وفتح الياء المثناة من تحت بعدها ياء مثناة من تحت أيضا ساكنة، وآخره دال مهملة. وهو زييد بن الصلت بن معدي كرب الكندي، له ذكر في " الموطأ " من رواية هشام بن عروة عنه أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم وصلى ... فذكر القصة. وروى مالك أيضا في " الموطأ " عن الصلت بن زييد، عن غير واحد من أهله: أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب، وهو بالشجرة وإلى جنبه كثير بن الصلت، قال عمر: ممن ريح هذا الطيب؟ ... فذكر القصة.
قال عبد الغني بن سعيد: إن الصلت بن زييد، هو ابن زييد بن الصلت المتقدم. وحكى ابن الحذاء قولين آخرين فيهما بعد، والصلت بن زييد هذا ولي قضاء المدينة. وأما قول ابن الحذاء: أن أباه زييد بن الصلت كان قاضي المدينة في زمن هشام
(2/242)
ابن عبد الملك، فوهم منه، والله أعلم. وقولي: (واضمم واكسر) أي: الزاي من زييد، ففيه وجهان.
والثاني: زبيد - بضم الزاي بعدها موحدة مفتوحة -، منهم: زبيد اليامي، وأبو زبيد عبثر بن القاسم، والله أعلم.
ومن ذلك: سليم، وسليم.
فالأول: مكبر - بفتح السين المهملة وكسر اللام -، وهو سليم بن حيان حديثه في الصحيحين، وليس فيهما سليم غيره.
والثاني: مصغر - بضم السين وفتح اللام -، وهو بقية ما في الكتب الثلاثة، منهم: سليم بن عامر الخبائري، وأبو الشعثاء سليم بن أسود المحاربي، وسليم بن أخضر، وسليم بن جبير، وغيرهم. وقد ذكر ابن الصلاح بعد هذا: سلم وسالم، ولا يشتبه لزيادة الألف، فلهذا حذفته.
912....
وابن أبي سريج احمد إئتسا ... بولد النعمان وابن يونسا
ومن ذلك: سريج، وشريح.
فالأول: - بضم السين المهملة وآخره جيم - وهو أحمد بن أبي سريج، روى عنه البخاري في " صحيحه "، واسم أبي سريج: الصباح، وقيل: هو أحمد بن عمر بن أبي سريج، وكذلك: سريج بن النعمان، روى عنه البخاري أيضا. وذكر الجياني: أن مسلما روى عن رجل عنه، فالله أعلم.
سريج بن يونس حديثه في الصحيحين، وهو أحد من سمع منه مسلم، وروى عنه البخاري بواسطة.
والثاني: شريح - بضم الشين المعجمة وآخره حاء مهملة -، وهو بقية ما في الكتب الثلاثة، منهم: شريح القاضي، وأبو شريح الخزاعي، وعبد الرحمن ابن شريح:
(2/243)
أبو شريح الإسكندراني، وغيرهم. وقولي: (ائتسا) أي: له أسوة بالمذكورين في كونه بالسين المهملة والجيم.
وذكر ابن الصلاح هنا: سلمان وسليمان، ولا يشتبهان لزيادة ياء التصغير في الثاني، فلهذا أسقطته.
913....
عمرو مع القبيلة ابن سلمه ... واختر بعبد الخالق بن سلمه
ومن ذلك: سلمة، وسلمة.
فالأول: بكسر اللام، وهو عمرو بن سلمة الجرمي إمام قومه، اختلف في صحبته، وكذلك القبيلة بنو سلمة من الأنصار، واختلف في عبد الخالق بن سلمة أحد من روى له مسلم، وليس له عنده إلا حديث واحد في قدوم وفد عبد القيس، وسؤالهم عن الأشربة، فقال فيه يزيد بن هارون: ابن سلمة - بفتح اللام -، وقال ابن علية: سلمة - بكسرها -، وممن حكى فيه الوجهين: ابن ماكولا. وقولي: (واختر) أي: إن شئت فتحته، وإن شئت كسرته، والله أعلم. وذكر ابن الصلاح بعد هذا سنانا وشيبان، ولا يلتبس لزيادة الياء في شيبان، ولذلك لم أذكره، والله أعلم.
914....
والد عامر كذا السلماني ... وابن حميد وولد سفيان
915....
كلهم عبيدة مكبر ... لكن عبيد عندهم مصغر
(2/244)
ومن ذلك: عبيدة، وعبيدة.
فالأول: عبيدة مكبر - بفتح العين وكسر الباء وآخره هاء التأنيث -، وليس في الكتب الثلاثة منهم إلا أربعة أسماء:
الأول: عامر بن عبيدة الباهلي، وقد ضبط عن المهلب: عبيدة بالضم. قال صاحب " المشارق ": ((وهو وهم)) .
وقع ذكره عند البخاري، في كتاب " الأحكام " فقال: ((قال معاوية بن عبد الكريم القرشي: شهدت عبد الملك بن يعلى، قاضي البصرة وإياس بن معاوية، والحسن، وثمامة بن عبد الله بن أنس، وبلال بن أبي بردة، وعبد الله بن بريدة الأسلمي، وعامر بن عبيدة، وعباد بن منصور، يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود)) .
والثاني من الأسماء: عبيدة بن عمرو، ويقال: ابن قيس السلماني، حديثه في الصحيحين.
والثالث: عبيدة بن حميد، روى له البخاري.
والرابع: عبيدة بن سفيان الحضرمي، حديثه في الموطأ، وصحيح مسلم وليس له عندهما إلا حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة في تحريم: ((كل ذي ناب من السباع)) . وفي " صحيح البخاري ": أن الزبير، قال: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد ابن العاص ... الحديث. والمعروف فيه الضم. وذكر صاحب " المشارق ": أن البخاري ذكره بالضم، وأنه حكى عنه الحميدي الفتح والضم.
(2/245)
والثاني من لفظي الترجمة: عبيدة مصغر - بضم العين وفتح الباء -، وهو بقية من ذكر في الكتب الثلاثة، منهم: عبيدة بن الحارث بن المطلب، وعبيدة بن معتب، وسعد ابن عبيدة، وعبد الله بن عبيدة بن نشيط، وغيرهم.
ومن ذلك عبيد، وعبيد، كلاهما بغير هاء التأنيث.
فالأول: مصغر، وهو جميع ما في الكتب الثلاثة، حيث وقع، قاله ابن
الصلاح تبعا لصاحب " المشارق ".
والثاني: عبيد مكبر، وليس في واحد من الكتب الثلاثة، وهو اسم جماعة من الشعراء: عبيد بن الأبرص، وعبيد بن زهير، وعبيد بن قماص، وفي الصحابة جماعة ينسبون إلى عوف بن عبيد بن عويج.
916....
وافتح عبادة أبا محمد ... واضمم أبا قيس عبادا أفرد
ومن ذلك: عبادة، وعبادة.
فالأول: بفتح العين المهملة، وتخفيف الباء الموحدة، وهو محمد بن عبادة الواسطي شيخ البخاري. وليس فيها بالفتح غيره.
والثاني: بضم العين، وهو بقية الموجود في الكتب الثلاثة، منهم: عبادة ابن الصامت، وحفيده عبادة بن الوليد، وعبادة بن نسي.
ومن ذلك: عباد، وعباد.
فالأول: بضم العين المهملة، وتخفيف الباء الموحدة، وهو قيس بن عباد القيسي الضبعي البصري. حديثه في الصحيحين، وليس فيها بالضم والتخفيف غيره، إلا أن صاحب " المشارق " حكى: أنه وقع عند أبي عبد الله محمد بن مطرف بن المرابط في " الموطأ ": عباد بن الوليد بن عبادة، قال: وهو خطأ، وللكل عبادة بن الوليد - كما تقدم - وهو الصواب.
(2/246)
والثاني: عباد - بفتح العين، وتشديد الباء -، وهو باقي من ذكر في الكتب الثلاثة، كعباد بن تميم المازني، وعباد بن عبد الله بن الزبير، وابن أخيه عباد بن حمزة، وعباد بن العوام في آخرين.
917....
وعامر بجالة ابن عبده ... كل وبعض بالسكون قيده
ومن ذلك: عبدة، وعبدة.
فالأول: بفتح العين المهملة، وفتح الباء الموحدة أيضا، وليس فيها كذلك إلا اسمان:
الأول: عامر بن عبدة البجلي الكوفي، روى له مسلم في مقدمة الصحيح، عن ابن مسعود، قوله: ((إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل، فيأتي القوم، فيحدثهم ... )) الحديث.
هكذا ذكره بالفتح علي بن المديني، ويحيى بن معين، وأبو علي الجياني، والتميمي، والصدفي، وابن الحذاء، وبه صدر الدارقطني، وابن ماكولا كلاميهما، وحكيا أنه قيل فيه: عبدة بسكون الباء. قال صاحب " المشارق ": وحكي لنا عن بعض شيوخنا: عبد - بغير هاء -. قال: وهو وهم.
أما عامر بن عبدة الذي روى عنه أبو أسامة، فهو بإسكان الباء ولكن ليس له رواية في الكتب الثلاثة، ولا في بقية الستة. وقول الذهبي - فيما قرأته بخطه في "المشتبه": أنه يشتبه بعامر بن عبدة الباهلي: وهم، إنما الباهلي عامر بن عبيدة بزيادة ياء مثناة من تحت بعد الباء الموحدة المكسورة، وقد تقدم في عبيدة.
والثاني من الاسمين: بجالة بن عبدة التميمي، ثم العنبري البصري، روى له البخاري في كتاب " الجزية "، قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية، فجاءنا كتاب
(2/247)
عمر قبل موته بسنة ... الحديث. وقد قيده بالفتح الدارقطني، وابن ماكولا، والجياني. وحكى صاحب " المشارق ": أنه ذكره كذلك البخاري في " التاريخ " وأصحاب الضبط، قال: وقال فيه الباجي: عبدة، قال: وقال البخاري فيه أيضا: عبدة بالإسكان، قال: ويقال فيه أيضا: عبد.
والثاني من لفظي الترجمة: عبدة - بفتح العين، وسكون الباء -، وهو بقية ما في الكتب الثلاثة من ذلك، منهم: عبدة بن سليمان الكلابي، وعبدة ابن أبي لبابة، وغيرهما. وقولي: (ابن عبده) : هو بالألف؛ لأن (ابن) ليس في موضع الصفة لبجالة؛ وإنما هو ابتداء جملة في موضع الخبر، أي: كل من المذكورين: ابن عبدة. وقولي: (وبعض بالسكون قيده) أي: في كل واحد من الاسمين جميعا.
918....
عقيل القبيل وابن خالد ... كذا أبو يحيى وقاف واقد
919....
لهم كذا الأيلي لا الأبلي ... قال: سوى شيبان والرا فاجعل
920....
بزارا انسب ابن صباح حسن ... وابن هشام خلفا، ثم انسبن
921....
بالنون سالما وعبد الواحد ... ومالك بن الأوس نصريا يرد
ومن ذلك عقيل، وعقيل.
فالأول: مصغر - بضم العين المهملة وفتح القاف -، من ذلك بنو عقيل القبيلة المعروفة، لهم ذكر في حديث عمران بن حصين عند مسلم: كانت ثقيف حلفاء لبني
(2/248)
عقيل، وذكر حديث العضباء، وأنها كانت لرجل من بني عقيل. وكذا عقيل بن خالد الأيلي، حديثه في الصحيحين، وكذا يحيى بن عقيل الخزاعي البصري، روى له مسلم. وهو المراد بقولي: (كذا أبو يحيى) .
والثاني: بفتح العين، وكسر القاف، مكبر، منهم: عقيل بن أبي طالب، مذكور في الحديث المتفق عليه: ((وهل ترك لنا عقيل من رباع)) . وليست له رواية عندهما.
ومن ذلك: واقد، ووافد.
فالأول: بالقاف، وهو جميع ما في الكتب الثلاثة، منهم: واقد بن عبد الله بن عمر، وابن ابن أخيه: واقد بن محمد بن زيد، وغيرهما.
والثاني: وافد - بالفاء -، وليس في شيء من الكتب الثلاثة، قاله صاحب " المشارق "، وتبعه ابن الصلاح، ومنهم: وافد بن موسى الذارع، ووافد بن سلامة، ذكرهما الأمير وغيره.
ومن ذلك: الأيلي، والأبلي.
فالأول: بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة من تحت، منهم: هارون بن سعيد الأيلي، ويونس بن يزيد الأيلي، وعقيل بن خالد الأيلي، وغيرهم. قال القاضي عياض في " المشارق ": وليس فيها أبلي، أي: في الكتب الثلاثة، وتعقبه ابن الصلاح، فقال: ((روى مسلم الكثير عن شيبان بن فروخ، وهو أبلي - بالباء الموحدة - قال: لكن إذا لم يكن في شيء من ذلك منسوبا لم يلحق عياضا منه تخطئة، والله أعلم)) .
(2/249)
ومن ذلك: البزار، والبزاز.
فالأول: آخره راء مهملة، وهو الحسن بن الصباح البزار، من شيوخ البخاري، وخلف بن هشام البزار من شيوخ مسلم. قال ابن الصلاح: ((لا نعرف في الصحيحين بالراء المهملة إلا هما)) . قلت: ذكر الجياني في " تقييد المهمل " في هذه الترجمة: يحيى ابن محمد بن السكن البزار من شيوخ البخاري. وبشر بن ثابت البزار، استشهد به البخاري. قلت: ولم يقع ذكرهما في البخاري منسوبين، بل خاليين من النسبة، فلذلك لم استدركهما في النظم على ابن الصلاح، والله أعلم.
والثاني: البزاز - بزاي مكررة -، وهو باقي المذكورين في الصحيحين، منهم: محمد بن الصباح البزاز، ومحمد بن عبد الرحيم البزاز المعروف بصاعقة وغيرهما.
ومن ذلك: النصري، والبصري.
فالأول: بالنون والصاد المهملة، وذلك في ثلاثة أسماء: الأول: سالم النصري مولى النصريين، وهو مولى مالك بن أوس النصري، الآتي ذكره، روى له مسلم. واسم أبي سالم: عبد الله، قال عبد الغني بن سعيد في "إيضاح الإشكال": سالم أبو عبد الله المديني، وهو سالم مولى مالك بن أوس وهو سالم مولى النصريين، وهو سالم مولى المهريين، وهو سالم سبلان، وهو سالم مولى شداد الذي روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وهو أبو عبد الله الذي روى عنه بكير بن الأشج، وذكر: أنه كان شيخا كبيرا. وهو
(2/250)
سالم أبو عبد الله الدوسي، وهو سالم مولى دوس. وذكر صاحب " المشارق ": أنه وقع عند العذري مولى النضريين - بالضاد المعجمة -، قال: وهو وهم.
والثاني من الأسماء: عبد الواحد بن عبد الله النصري. له في صحيح البخاري حديث واحد، عن واثلة بن الأسقع في أعظم الفرى.
والثالث: مالك بن أوس بن الحدثان النصري، مخضرم، وقد اختلف في صحبته، حديثه في " الموطأ " والصحيحين. وليس فيهما بالنون إلا هؤلاء الثلاثة، قاله ابن الصلاح، وأوس بن الحدثان مذكور في " صحيح مسلم " في الصيام، غير منسوب.
والثاني من لفظي الترجمة: بالباء الموحدة وفيها الكسر والفتح، والكسر أصح وهو بقية ما في الكتب الثلاثة.
922....
والتوزي محمد بن الصلت ... وفي الجريري ضم جيم يأتي
923....
في اثنين: عباس سعيد وبحا ... يحيى بن بشر بن الحريري فتحا
ومن ذلك: التوزي، والثوري.
فالأول: بفتح التاء المثناة من فوق، والواو المشددة المفتوحة، والزاي، وهو أبو يعلى محمد بن الصلت التوزي، أصله من توز من بلاد فارس. ويقال: توج -بالجيم-، سكن البصرة، روى عنه البخاري في كتاب الردة حديث العرنيين. وليس فيها التوزي غيره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق