ج3. الدر المنثور عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وجعلنا الليل والنهار آيتين قال : كان القمر
يضيء كما تضيء الشمس والقمر آية الليل والشمس آية النهار فمحونا آية الليل قال :
السواد الذي في القمر
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : كتب هرقل إلى
معاوية يسأله عن ثلاثة أشياء : أي مكان إذا صليت فيه ظننت أنك لم تصل إلى قبلة ؟
وأي مكان طلعت فيه الشمس مرة لم تطلع فيه قبل ولا بعد ؟ وعن السواد الذي في القمر
؟ فسأل ابن عباس رضي الله عنهما ؟ فكتب إليه أما المكان الأول : فهو ظهر الكعبة
وأما الثاني : فالبحر حين فرقه الله لموسى عليه السلام
وأما السواد الذي في القمر : فهو المحو
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : خلق الله نور
الشمس سبعين جزءا أو نور القمر سبعين جزءا فمحا من نور القمر تسعة وستين جزءا
فجعله مع نور الشمس فالشمس على مائة وتسعة وثلاثين جزءا والقمر على جزء واحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآية قال : كانت شمس
بالليل وشمس بالنهار فمحا الله شمس الليل فهو المحو الذي في القمر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله : فمحونا آية الليل قال : انظر إلى
الهلال ليلة ثلاث عشرة أو أربع عشرة فإنك ترى فيه كهيئة الرجل آخذا برأس رجل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهار مبصرة قال : ظلمة الليل وسدف النهار لتبتغوا فضلا من ربكم قال : جعل لكم
سبحا طويلا المزمل آية 7
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فصلناه يقول
: بيناه
(5/248)
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء
بن السائب رضي الله عنه قال : أخبرني غير واحد أن قاضيا من قضاة الشام أتى عمر رضي
الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين رأيت رؤيا أفظعتني
قال : وما رأيت ؟ قال : رأيت الشمس والقمر يقتتلان والنجوم معهما نصفين
قال : فمع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر على الشمس
قال عمر رضي الله عنه : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهار مبصرة فانطلق فوالله لا تعمل لي عملا أبدا
قال عطاء رضي الله عنه : فبلغني أنه قتل مع معاوية يوم صفين
وأخرج ابن عساكر عن علي بن زيد رضي الله عنه قال : سأل ابن الكواء عليا رضي الله
عنه عن السواد الذي في القمر ؟ قال : هو قول الله تعالى : فمحونا آية الليل
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير بسند حسن عن جابر رضي الله عنه سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " طائر كل إنسان في عنقه "
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوما
وأربعين ليلة فلا يبقى منها شعر ولا بشر ولا عرق ولا عظم إلا دخله حتى أنها لتدخل
بين الظفر واللحم فإذا مضى لها أربعون ليلة وأربعون يوما أهبطه الله إلى الرحم
فكان علقة أربعين يوما وأربعين ليلة ثم يكون مضغة أربعين يوما وأربعين ليلة فإذا
تمت لها أربعة أشهر بعث الله إليها ملك الأرحام فيخلق على يده لحمها ودمها وشعرها
وبشرها ثم يقول : صور
فيقول : يا رب ما أصور أزائد أم ناقص أذكر أم أنثى أجميل أم ذميم أجعد أم سبط
أقصير أم طويل أبيض أم آدم أسوي أم غير سوي ؟ فيكتب من ذلك ما يأمر به
ثم يقول الملك : يا رب أشقي أم سعيد ؟ فإن كان سعيدا نفخ فيه بالسعادة في آخر أجله
وإن كان شقيا : نفخ فيه الشقاوة في آخر أجله
ثم يقول : اكتب أثرها ورزقها ومصيبتها وعملها بالطاعة والمعصية فيكتب من ذلك ما
يأمره الله به ثم يقول الملك : يا رب ما أصنع بهذا الكتاب ؟ فيقول : علقه في عنقه
إلى قضائي عليه
فذلك قوله : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
(5/249)
قوله : ألزمناه طائره في عنقه
قال : سعادته وشقاوته وما قدره الله له وعليه فهو لازمه أينما كان
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جوبير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : طائره في عنقه
قال : قال عبد الله رضي الله عنه الشقاء والسعادة والرزق والأجل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أنس رضي الله عنه في قوله : طائره في عنقه قال
: كتابه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وكل إنسان ألزمناه
طائره في عنقه أي عمله
وأخرج ابو داود في كتاب القدر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه قال : ما من مولود يولد إلا
وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد
وأخرج ابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ألزمناه طائره
قال : عمله ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا قال : هو عمله الذي عمل أحصي
عليه فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل فقرأه منشورا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : الكافر يخرج له يوم
القيامة كتاب فيقول : رب إنك قد قضيت
إنك لست بظلام للعبيد فاجعلني أحاسب نفسي
فيقال له : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه وكل
إنسان ألزمناه طائره في عنقه يقرؤه يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ " ويخرج له يوم القيامة كتابا
" بفتح الياء يعني يخرج الطائر كتابا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : اقرأ كتابك قال :
سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا
(5/250)
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي
الله عنه قال : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك
والآخر عن يسارك حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم
القيامة
فعند ذلك يقول : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه حتى بلغ عليك حسيبا
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد بسند ضعيف عن عائشة رضي الله عنها قال : سالت خديجة
رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أولاد المشركين ؟ فقال : " هم مع آبائهم
" ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " ثم
سألته بعد ما استحكم الإسلام ؟ ! فنزلت ولا تز وازرة وزر أخرى فقال : " هم
على الفطرة " أو قال : في الجنة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثني الصعب بن جثامة رضي
الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني قضيت في البنات من ذراري المشركين ؟ قال :
" هم منهم "
وأخرج ابن سعد وقاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن خنساء بنت معاوية الضمرية عن عمها
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " النبي في الجنة والشهيد
في الجنة والمولود في الجنة والوئيد "
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن أنس رضي الله عنه قال : سألنا رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن أولاد المشركين ؟ قال : " هم خدم أهل الجنة "
وأخرج عن سلمان رضي الله عنه قال : أطفال المشركين خدم أهل الجنة
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن عبد البر وضعفه عن عائشة رضي الله عنها
قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أولاد المسلمين أين هم ؟ قال :
" في الجنة " وسألته عن ولدان المشركين أين هم ؟ قال : " في النار
قلت : يا رسول الله لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم القلام ! قال : " ربك
أعلم بما كانوا عاملين والذي نفسي بيده لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار "
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن ابن عباس رضي الله عنهما
(5/251)
قال : كنت أقول في أطفال
المشركين هم مع آبائهم حتى حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عن النبي
صلى الله عليه و سلم أنه سئل عنهم ؟ فقال : " ربهم أعلم بهم وبما كانوا
عاملين " فأمسكت عن قولي
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم سئل عن أولاد المشركين ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا
عاملين والله أعلم "
الآية 15 - 17 أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة : المعتوه والأصم
والأبكم والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام ثم أرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار
فيقولون كيف ؟ ولم تأتنا رسل ! قال : وأيم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما
ثم يرسل إليهم فيطيعه من كان يريد أن يطيعه
قال أبو هريرة رضي الله عنه : اقرأوا إن شئتم وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
وأخرج إسحق بن راهويه وأحمد وابن حبان وأبو نعيم في المعرفة والطبراني وابن مردويه
والبيهقي في كتاب الإعتقاد عن الأسود بن سريع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
و سلم : " أربعة يحتجون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل
هرم ورجل مات في الفطرة فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما
الأحمق فيقول : رب جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر وأما الهرم فيقول : رب
لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفطرة فيقول : رب ما آتاني لك
رسول
فيأخذ مواثيقهم ويرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار
قال : فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما ومن لم يدخلها سحب
إليها "
(5/252)
وأخرج ابن راهويه وأحمد وابن
مردويه والبيهقي أبي هريرة رضي الله عنه مثله غير أنه قال في آخره : فمن دخلها
كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها سحب إليها
وأخرج قاسم بن أصبغ والبزار وأبو يعلى وابن عبد البر في التمهيد عن أنس رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يؤتى يوم القيامة بأربعة :
بالمولود والمعتوه ومن مات في الفترة والشيخ الهرم الفاني كلهم يتكلم بحجته فيقول
الرب تبارك وتعالى : لعنق من جهنم أبرزي ويقول لكم : غني كنت أبعث إلى عبادي رسلا
من أنفسهم وإني رسول نفسي إليكم
فيقول لهم : ادخلوا هذه فيقول : من كتب عليه الشقاء يا رب ؟ أندخلها ومنها كنا نفر
؟ ! قال : وأما من كتب له السعادة فيمضي فيها فيقول الرب : قد عاينتموني فعصيتموني
فأنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني وأبو نعيم عن معاذ بن جبل رضي
الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يؤتى يوم القيامة
بالممسوخ عقلا وبالهالك في الفترة وبالهالك صغيرا فيقول الممسوخ عقلا : يا رب لو
آتيتني عقلا ما كان من آتيته عقلا بأسعد بعقله مني ويقول الهالك في الفترة رب لو
أتاني منك عهد ما كان من أتاه منك عهد بأسعد بعهدك مني ويقول الهالك صغيرا : يا رب
لو آتيتني عمرا ما كان من أتيته عمرا بأسعد بعمره مني فيقول الرب تبارك وتعالى :
فإني آمركم بأمر تطيعوني ؟ فيقولون : نعم وعزتك فيقول لهم : اذهبوا فادخلوا جهنم
ولو دخلوها ما ضرتهم شيئا فخرج عليهم قوابص من نار يظنون أنها قد أهلكت ما خلق
الله من شيء فيرجعون سراعا ويقولون : يا ربنا خرجنا وعزتك نريد دخولها فخرجت علينا
قوابص من نار ظننا أن قد أهلكت ما خلق الله من شيء ثم يأمرهم ثانية فيرجعون كذلك
ويقولون : كذلك فيقول الرب : خلقتكم على علمي وإلى علمي تصيرون ضميهم فتأخذهم
النار "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال : يحاسب يوم القيامة الذين أرسل
إليهم الرسل فيدخل الله الجنة من أطاعه ويدخل النار من عصاه ويبقى قوم من الولدان
والذين هلكوا في الفترة فيقول : وإني آمركم أن
(5/253)
تدخلوا هذه النار فيخرج لهم
عنق منها فمن دخلها كانت نجاته ومن نكص فلم يدخلها كانت هلكته
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه : أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم أتاه رجل فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغارا ؟
فوضع رأسه ساعة ثم قال : أين السائل ؟ فقال : ها أنا يا رسول الله فقال : "
إن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين أهل الجنة والنار لم يبق غيرهم عجوا فقالوا :
اللهم ربنا لم تأتنا رسلك ولم نعلم شيئا فأرسل إليهم ملكا والله أعلم بما كانوا
عاملين فقال : إني رسول ربكم إليكم فانطلقوا فاتبعوا حتى أتوا النار فقال : إن
الله يأمركم أن تقتحوا فيها فاقتحمت طائفة منهم ثم أخرجوا من حيث لا يشعر أصحابهم
فجعلوا في السابقين المقربين ثم جاءهم الرسول فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا في
النار فاقتحمت طائفة أخرى ثم خرجوا من حيث لا يشعرون فجعلوا في أصحاب اليمين ثم
جاء الرسول فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار فقالوا : ربنا لا طاقة لنا
بعذابك فأمر بهم فجمعت نواصيهم وأقدامهم ثم ألقوا في النار والله أعلم "
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أمرنا
مترفيها قال أمروا بالطاعة فعصوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : سمعت ابن عباس رضي الله
عنهما يقول في قوله : وإذا أردنا أن نهلك قرية الآية
قال : أمرنا مترفيها بحق فخالفوه فحق عليهم بذلك التدمير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وإذا أردنا أن نهلك قرية امرنا مترفيها قال : سلطنا
شرارها فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب
وهو قوله : وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها الأنعام آية 123
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله وجل : أمر مترفيها قال : سلطنا عليهم الجبابرة فساموهم
(5/254)
سوء العذاب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : إن يعطبوا يبرموا وإن أمروا يوما يصيروا للهلك
والفقد وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه كان
يقرأ أمرنا مترفيها مثقلة
يقول : أمرنا عليهم أمراء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ " آمرنا مترفيها
" يعني بالمد
قال : أكثرنا فساقها
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ أمرنا
مترفيها قال : أكثرناهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء رضي الله عنه أمرنا مترفيها قال : أكثرنا
وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا نقول للحي إذا
كثروا في الجاهلية قد أمروا بني فلان
الآية 18 - 21 أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : من كان يريد
العاجلة قال : من كان يريد بعمله الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ذاك به
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : من كان يريد
العاجلة قال : من كانت همه ورغبته وطلبته ونيته عجل الله له فيها ما يشاء ثم اضطره
إلى جهنم يصلاها مذموما في نقمة الله مدحورا في
(5/255)
عذاب الله
وفي قوله : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك سعيهم مشكورا قال :
شكر الله له اليسير وتجاوز عنه الكثير
وفي قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك أي : أن الله قسم الدنيا بين البر
والفاجر والآخرة : خصوصا عند ربك للمتقين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن الحسن رضي الله عنه في قوله
: كلا نمد الآية
قال : كلا نرزق في الدنيا البر والفاجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء يقول :
نمد الكفار والمؤمنين من عطاء ربك يقول : من الرزق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كلا نمد الآية
قال : نرزق من أراد الدنيا ونرزق من أراد الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : كلا نمد هؤلاء
وهؤلاء قال : هؤلاء أصحاب الدنيا وهؤلاء أصحاب الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : كلا نمد هؤلاء
وهؤلاء هؤلاء أهل الدنيا وهؤلاء أهل الآخرة وما كان عطاء ربك محظورا قال ممنوعا
واخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : محظورا قال ممنوعا
وأخرج ابن جرير وأبن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : انظر كيف فضلنا
بعضهم على بعض أي في الدنيا : وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا وإن للمؤمنين في
الجنة منازل وإن لهم فضائل بأعمالهم
وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " بين أعلى أهل الجنة
وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : وللآخرة أكبر
درجات وأكبر تفضيلا قال : إن أهل الجنة بعضهم فوق بعض درجات الأعلى يرى فضله على
من هو أسفل منه والأسفل لا يرى أن فوقه أحدا
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن سلمان رضي الله
(5/256)
عنه - عن النبي صلى الله عليه
و سلم - قال : " ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا درجة فارتفع إلا وضعه
الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول " ثم قرأ وللآخرة أكبر درجات وأكبر
تفضيلا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وهناد وابن أبي الدنيا في صفة
الجنة والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لا يصيب عبد من
الدنيا شيئا إلا نقص من درجاته عند الله وإن كان على الله كريما
الآية 22 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : مذموما
يقول ملوما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فتقعد مذموما يقول
: في نقمة الله مخذولا في عذاب الله
الآية 23 - 25 أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري
في المصاحف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وقضى ربك
أن لا تعبدوا إلا إياه قال : التزقت الواو بالصاد وأنتم تقرؤونها وقضى ربك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما وأخرج أبو عبيد
وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن
(5/257)
مهران عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله عليه و سلم " ووصى
ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " فالتصقت إحدى الواوين بالصاد فقرأ الناس وقضى
ربك ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد
وأخرج الطبراني عن الأعمش قال : كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ "
ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه "
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه قال : أعطاني ابن عباس رضي الله
عنهما مصحفا فقال : هذا على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه فرأيت فيه " ووصى
ربك "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود رضي الله عنه
" ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه "
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه أنه قرأها
" ووصى ربك " قال : إنهم ألصقوا إحدى الواوين بالصاد فصارت قافا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وقضى ربك قال : أمر
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه
قال : عهد ربك أن لا تعبدوا إلا إياه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وبالوالدين إحسانا يقول : برا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إما
يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف فيما تميط عنهما من الأذى
الخلاء والبول كما كانا لا يقولانه فيما كانا يميطان عنك من الخلاء والبول
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : لا تقل لهما أف فما سواه
وأخرج الديلمي عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - مرفوعا لو علم الله شيئا من
العقوق أدنى من أف لحرمه
(5/258)
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي
شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه في قوله : وقل لهما قولا
كريما قال : لا تمنعهما شيئا أرادا
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل ما بر الوالدين ؟ قال :
أن تبذل لهما ما ملكت وأن تطيعهما فيما أمراك به إلا أن يكون معصية
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه أنه قيل له : إلام ينتهي العقوق ؟ قال :
أن يحرمهما ويهجرهما ويحد النظر إلى وجههما
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنهما في قوله : وقل لهما قولا كريما قال :
يقول : يا أبت يا أمه ولا يسميهما بأسمائهما
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه
و سلم ومعه شيخ فقال : " من هذا معك ؟ " قال : أبي
قال : " لا تمشين أمامه ولا تقعدن قبله ولا تدعه باسمه ولا تستب له "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد رضي الله عنه في قوله : وقل لهما قولا كريما
قال : إذا دعواك فقل لهما لبيكما وسعديكما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وقل لهما قولا
كريما قال : قولا لينا سهلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الهداج التجيبي قال : قلت لسعيد
بن المسيب رضي الله عنه كل ما ذكر الله في القرآن من بر الوالدين فقد عرفته إلا
قوله : وقل لهما قولا كريما ما هذا القول الكريم ؟ قال ابن المسيب : قول العبد
المذنب للسيد الفظ
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة في
قوله : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قال : تلين لهما حتى لا يمتنعا من شيء
أحباه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : واخفض لهما جناح الذل
من الرحمة يقول اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح رضي
(5/259)
الله عنهما في قوله : واخفض
لهما جناح الذل من الرحمة قال : لا ترفع يديك عليهما إذا كلمتهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه في قوله : واخفض لهما جناح الذل من
الرحمة قال : إن أغضباك فلا تنظر إليهما شزرا فإنه أول ما يعرف غضب المرء بشدة
نظره إلى من غضب عليه
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما بر أباه من حد إليه الطرف "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد - رضي الله عنه - في قوله : واخفض لهما جناح
الذل من الرحمة قال : إن سباك أو لعناك فقل رحمكما الله غفر الله لكما
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ واخفض لهما جناح الذل بكسر
الذال
وأخرج عن عاصم الجحدري رضي الله عنه مثله
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي مرة مولى عقيل : أن أبا هريرة - رضي الله
عنه - كانت أمه في بيت وهو في آخر فكان يقف على بابها ويقول : السلام عليك يا
أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول : وعليك يا بني فيقول : رحمك الله كما ربيتني
صغيرا فتقول : رحمك الله كما بررتني كبيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ثم أنزل الله بعد هذا ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى التوبة آية 113
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وإما يبلغن عندك الكبر إلى قوله : كما ربياني صغيرا
قد نسختها الآية التي في براءة ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين
التوبة آية 113 الآية
وأخرج ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله
(5/260)
عنه قال : نسخ من هذه الآية
حرف واحد لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يستغفر لوالديه إذا كانوا مشركين ولم يقل
رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ولكن ليخفض لهما جناح الذي من الرحمة وليقل لهما قولا
معروفا
قال الله تعالى : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :
ربكم أعلم بما في نفوسكم قال : تكون البادرة من الولد إلى الوالد فقال الله : إن
تكونوا صالحين أي تكون النية صادقة ببرهما فإنه كان للأوابين غفورا للبادرة التي
بدرت منه
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في
قوله : إنه كان للأوابين قال : الرجاعين من الذنب إلى التوبة ومن السيئات إلى
الحسنات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : للأوابين قال
: للمطيعين المحسنين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : للأوابين قال : للتوابين
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الأواب
التواب
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم أي العمل أحب إلى الله ؟
قال : " الصلاة على وقتها " قلت : ثم أي ؟ قال : " ثم بر الوالدين
" قلت : ثم أي ؟ قال : " ثم الجهاد في سبيل الله "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رضا الله
في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال :
(5/261)
قلت يا رسول الله من أبر ؟
قال : " أمك
قلت : من أبر ؟ قال : أمك
قلت : من أبر ؟ قال : أمك
قلت : من أبر ؟ قال : أباك ثم الأقرب فالأقرب "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أتاه
رجل فقال : إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه فغرت عليها
فقتلتها فهل لي من توبة ؟ قال : أمك حية ؟ قال : لا
قال : تب إلى الله وتقرب إليه ما استطعت
فذهبت فسألت ابن عباس - رضي الله عنهما - لم سألت عن حياة أمه ؟ فقال : إني لا
أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : أتى رجل نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : ما تأمرني ؟ قال : " بر
أمك ثم عاد فقال : بر أمك ثم عاد فقال : بر أمك ثم عاد الرابعة فقال : بر أباك
" وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما من
مسلم له والدان يصبح إليهما محسنا إلا فتح الله له بابين - يعني من الجنة - وإن
كان واحد فواحد وإن أغضب أحدهما لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه
قيل : وإن ظلماه ؟ قال : وإن ظلماه
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن المنذر والبيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه و سلم -
قال : " لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه قيعتقه "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله
بن عمر - رضي الله عنهما - قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يبايعه
على الهجرة وترك أبويه يبكيان قال : " فارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما
"
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يريد الجهاد فقال : " ألك
والدان ؟ قال : نعم
قال : ففيهما فجاهد "
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله
(5/262)
عنه - عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قالوا يا رسول الله : من ؟ قال :
من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما فدخل النار "
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن أنس رضي الله
عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " من بر والديه طوبى له زاد الله في
عمره "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله
عنه - أنه أبصر رجلين فقال : لأحدهما ما هذا منك ؟ فقال أبي فقا : لا تسمه
وفي لفظ لا تدعه باسمه ولا تمش أمامه ولا تجلس قبله حتى يجلس ولا تستب له
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط
الوالدين "
وأخرج سعيد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن
معاوية بن جابر عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم أستشيره في الجهاد
فقال : " ألك والدة ؟ قال نعم
قال : اذهب فالزمها فإن الجنة قد عند رجليها "
وأخرج عبد الرزاق عن طلحة رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : يا رسول الله إني أريد الغزو وقد جئت إليك أستشيرك ؟ فقال : " هل لك
من أم ؟ قال : نعم
قال : فالزمها فإن الجنة عند رجليها ثم الثانية ثم الثالثة " كمثل ذلك
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس - رضي الله عنه - أتى رجل رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه فقال : " هل بقي أحد من
والديك ؟ قال : أمي قال : فتق الله فيها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد
فإذا دعتك أمك فاتق الله وبرها "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لنومك على السرير بين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بالسيف في
سبيل الله "
(5/263)
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم
والبيهقي عن خداش بن سلامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أوصي امرأ
بأمه ثلاث مرار وأوصي امرأ بأبيه مرتين وأوصي امرأ بمولاه الذي يليه وإن كان عليه
منه أذى يؤذيه
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " الوالد وسط أبواب الجنة فاحفظ
ذلك الباب أو ضيعه "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إني أراني في الجنة فبينا أنا فيها إذ سمعت صوت رجل بالقرآن فقلت : من
هذا ؟ قالوا : حارثة بن النعمان كذلك البر كذلك البر "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " نمت فرأيتني في الجنة فسمعت قارئا يقرأ فقلت من هذا ؟
" قالوا : حارثة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
كذلك البر كذلك البر كذلك البر " قال : وكان أبر الناس بأمه
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : مر رجل له جسم - يعني خلقا -
فقالوا : لو كان هذا في سبيل الله ! فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لعله
يكد على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله
لعله يكد على صبية صغار فهو في سبيل الله
لعله يكد على نفسه ليغنيها عن الناس فهو في سبيل الله "
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أحب أن يمد الله في عمره ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم -
قال : " ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة
حجة مبرورة " قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال : نعم
الله أكبر وأطيب "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إذا نظر الولد إلى والده - يعني - فسر به كان للولد عتق نسمة "
قيل : يا رسول الله وإن نظر ثلاثمائة وستين نظرة ؟ قال : " الله أكبر من ذلك
"
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : النظر إلى الوالد عبادة
(5/264)
والنظر إلى الكعبة عبادة
والنظر إلى المصحف عبادة والنظر إلى أخيك حبا له في الله عبادة
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " من قبل بين عيني أمه كان له سترا من النار "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألك والدان قال : لا
قال : ألك خالة ؟ قال : نعم
قال : فبرها إذن "
وأخرج البيهقي عن أم أيمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى بعض
أهل بيته فقال : لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن
تخرج من كل شيء فاخرج ولا تترك الصلاة متعمدا فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت
منه ذمة الله إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر وإياك والمعصية فإنها تسخط الله لا
تنازعن الأمر أهله وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم
فاثبت أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم وأخفهم في الله عز و جل "
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي
أسيد رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال رجل : يا رسول
الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : " نعم
خصال أربع : الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم
التي لا رحم لك إلا من قبلهما "
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والبيهقي عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أبر البر أن يصل
الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب "
وأخرج البخاري في الأدب عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال : والذي بعث
محمد بالحق إنه لفي كتاب الله لا تقطع من كان يصل أباك فتطفئ بذلك نورك
وأخرج الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن طلحة عن عبد الرحمن بن أبي
(5/265)
بكر الصديق : أن أبا بكر
الصديق رضي الله عنه قال لرجل من العرب كان يصحبه - يقال له عفير - يا عفير كيف
سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول في الود ؟ قال سمعته يقول : " الود
يتوارث والعداوة كذلك "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يدخل الجنة عاق ولا ولد زنا
ولا مدمن خمر ولا منان "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا يدخل الجنة عاق والديه ولا منان ولا
ولد زنية ولا مدمن خمر ولا قاطع رحم ولا من أتى ذات رحم "
وأخرج البيهقي وضعفه عن طلق بن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " لو أدركت والدي أو أحدهما وأنا في صلاة العشاء وقد قرأت فيها بفاتحة
الكتاب فنادى يا محمد لأجبتهما لبيك "
وأخرج البيهقي وضعفه من طريق الليث بن سعد حدثني يزيد بن حوشب الفهري عن أبيه :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لو كان جريج الراهب فقيها عالما
لعلم أن إجابته أمه أفضل من عبادته ربه "
وأخرج البيهقي عن مكحول قال : إذا دعتك والدتك وأنت في الصلاة فأجبها وإذا دعاك
أبوك فلا تجبه حتى تفرغ من صلاتك
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا دعتك أمك في الصلاة فأجبها وإذا دعاك أبوك فلا تجبه
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من أدرك والديه أو أحدهما ثم دخل النار من بعد ذلك فأبعده الله وأسحقه
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من العباد عباد لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم
ولا يطهرهم " قيل : من أولئك يا رسول الله ؟ قال : " المتبرئ من والديه
رغبة عنهما والمتبرئ من ولده ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن
(5/266)
أشد الناس عذابا يوم القيامة
من قتل نبيا أو قتله نبي أو قتل أحد والديه والمصورون وعالم لم ينتفع بعلمه "
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي والطبراني والخرائطي في مساوئ الأخلاق
من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده أبي بكرة عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة
إلا عقوق الوالدين فإنه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات ومن رايا رايا الله به
ومن سمع سمع الله به "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن طاوس رضي الله عنه قال : إن من السنة أن
توقر أربعة : العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد
قال : ويقال أن من الجفاء : أن يدعو الرجل والده باسمه
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن كعب رضي الله عنه أنه سئل عن العقوق ما تجدونه في
كتاب الله عقوق الوالدين ؟ قال : إذا أقسم عليه لم يبره وإذا سأله لم يعطه وإذا
ائتمنه خان فذلك العقوق
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " ثلاث دعوات مستجابات : دعاء الوالد على ولده ودعوة المظلوم ودعوة المسافر
"
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن النعمان يرفع الحديث إلى النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب برا
"
وأخرج البيهقي عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو لهما من بعدهما فيكتبه
الله من البارين "
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن العبد يموت والداه أو أحدهما وإنه لهما عاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر
لهما حتى يكتبه الله بارا "
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : بلغني أن من عق والديه في حياتهما
ثم قضى دينا إن كان عليهما و استغفر لهما ولم يستسب لهما كتب بارا ومن بر والديه
في حياتهما ثم لم يقض دينا إن كان عليهما ولم يستغفر لهما واستسب لهما كتب عاقا
"
(5/267)
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
أصبح مطيعا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة وإن كان واحدا فواحدا
ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار وإن كان واحدا
فواحدا " فقال رجل : وإن ظلماه ؟ قال : " وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه
"
وأخرج البيهقي عن المنكدر بن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : كان أبي يبيت على
السطح يروح على أمه وعمي يصلي إلى الصباح فقال له أبي ما يسرني أن ليلتي بليلتك
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والبيهقي عن عبد الله بن المبارك قال : قال محمد بن
المنكدر بات عمر أخي يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته
وأخرج ابن سعد عن محمد بن المنكدر : أنه كان يضع خده على الأرض ثم يقول لأمه : يا
أمه قومي فضعي قدمك على خدي
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن طاوس قال : كان رجل له أربعة بنين فمرض
فقال أحدهم : إما أن تمرضوه وليس لكم من ميراثه شيء وأما أن أمرضه وليس لي من
ميراثه شيء قالوا : بل مرضه وليس لك من ميراثه شيء فمرضه فمات ولم يأخذ من ماله
شيئا فأتي في النوم فقيل له : ائت مكان كذا وكذا فخذ منه مائة دينار فقال في نومه
أفيها بركة ؟ قالوا : لا
فأصبح فذكر ذلك لامرأته فقالت له خذها فإن من بركتها : أن تكتسي منها وتعيش بها
فأبى فلما أمسى أتي في النوم فقيل له : ائت مكان كذا وكذا فخذ منه عشرة دنانير
فقال : فيها بركة ؟ قالوا : لا فأصبح فذكر ذلك لامرأته فقالت له مثل ذلك فأبى أن
يأخذها فأتي في النوم في الليلة الثالثة : أن ائت مكان كذا وكذا فخذ منه دينارا
فقال : أفيه بركة ؟ قالوا : نعم
فذهب فأخذ الدينار ثم خرج به إلى السوق فإذا هو برجل يحمل حوتين فقال بكم هذان
فقال بدينار فأخذهما منه بالدينار ثم انطلق فلما دخل بيته شق الحوتين فوجد في بطن
كل واحد منهما درة لم ير الناس مثلها فبعث الملك بدرة ليشتريها فلم توجد إلا عنده
فباعها بوقر ثلاثين بغلا ذهبا فلما رآها الملك قال : ما تصلح هذه إلا
(5/268)
بأخت فاطلبوا مثلها وإن
أضعفتم
قال : فجاؤوا فقالوا : عندك أختها نعطيك ضعف ما أعطيناك ؟ قال : أو تفعلون ؟ قالوا
: نعم
فأعطاهم أختها بضعف ما أخذوا الأولى
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : لما
قدم أبو موسى وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبايعوه وأسلموا
قال : " ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا ؟ قالوا تركناها في أهلها
قال : فإنها قد غفر لها
قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : ببرها والدتها " قال : كانت لها أم عجوز
كبيرة فجاءهم النذير : إن العدو يريد أن يغير عليكم الليلة فارتحلوا ليلحقوا بعظيم
قومهم ولم يكن معها ما تحتمل عليه فعمدت إلى أمها فجعلت تحملها على ظهرها فإذا
أعيت وضعتها ثم ألصقت بطنها ببطن أمها وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى
نجت "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذ طلع شاب فقلنا : لو كان هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل
الله فسمع النبي صلى الله عليه و سلم مقالتنا
فقال : " وما في سبيل الله إلا من قتل ومن سعى على والديه فهو في سبيل الله
ومن سعى على عياله فهو في سبيل الله ومن سعى على نفسه يغنيها فهو في سبيل الله
تعالى "
وأخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله أي الناس أعظم حقا
على المرأة
قال : " زوجها
قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل
قال : أمه "
وأخرج الحاكم عن علي رضي الله عنه : سمعت رسول الله يقول : لعن الله من ذبح لغير
الله ثم تولى غير مولاه ولعن الله العاق لوالديه ولعن الله من نقض منار الأرض
"
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " عفوا عن
نساء الناس تعف نساؤكم وبروا آبائكم تبركم أبناؤكم ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل
ذلك منه محقا كان أو مبطلا فإن لم يفعل لم يرد على الحوض "
وأخرج الحاكم عن جابر رضي الله عنه مرفوعا " بروا آباءكم "
(5/269)
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : إن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
من اليمن فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قد هاجرت من الشرك -
ولكنه الجهاد - هل لك أحد باليمن ؟ قال : أبواي قال : أذنا لك ؟ قال : لا
قال : فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك مجاهد وإلا فبرهما "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه أن موسى عليه الصلاة و السلام
سأل ربه عز و جل فقال : يا رب بم تأمرني ؟ قال : " بأن لا تشرك بي شيئا
" قال : وبم ؟ قال : " وتبر والدتك " قال : وبم ؟ قال : "
وبوالدتك قال : وبم ؟ قال : " وبوالدتك " قال وهب بن منبه رضي الله عنه
: إن البر بالوالدين يزيد في العمر والبر بالوالدة ينبت الأصل
وأخرج أحمد في الزهد عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال : رأى موسى عليه السلام
رجلا عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه فقالوا : نخبرك بعمله لا يحسد الناس على ما
آتاهم الله من فضله ولا يمشي بالنميمة ولا يعق والديه
قال : " أي رب ومن يعق والديه " ؟ قال : " يستسب لهما حتى يسبا
"
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة عن أبي الدرداء رضي الله عنه : أن رجلا أتاه
فقال : إن إمرأتي بنت عمي وإني أحبها وإن والدتي تأمرني أن أطلقها فقال : لا آمرك
أن تطلقها ولا آمرك أن تعصي والدتك ولكن أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله
عليه و سلم سمعته يقول : " إن الوالدة أوسط باب من أبواب الجنة " فإن
شئت فأمسك وإن شئت فدع
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : للأم ثلثا البر وللأب الثلث
وأخرج أحمد وابن ماجة عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " بر الوالدين يجزئ من الجهاد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قيل له : ما حق الوالد على
الولد ؟ قال : لو خرجت من أهلك ومالك ما أديت حقهما
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن علي بن أبي طالب قال : إذا مالت
(5/270)
الأفياء وراحت الأرواح
فاطلبوا الحوائج إلى الله فإنها ساعة الأوابين وقرأ فإنه كان للأوابين غفورا
وأخرج هناد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في قوله : فإنه كان للأوابين غفورا قال
: الأواب الذي يذنب ثم يستغفر ثم يذنب ثم يستغفر ثم يذنب ثم يستغفر
وأخرج هناد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله : فإنه كان للأوابين غفورا قال :
الأواب الذي يتذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها
الآية 26 - 28 أخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : وآت ذا القربى حقه قال : أمره بأحق الحقوق وعلمه كيف يصنع
إذا كان عنده وكيف يصنع إذا لم يكن فقال : وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك قال
: إذا سألوك وليس عندك شيء انتظرت رزقا من الله فقل لهم قولا ميسورا يقول : إن شاء
الله يكون شبه العدة
قال : سفيان رحمه الله والعدة من النبي صلىالله عليه وسلم دين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وآت ذا القربى
حقه الآية
قال : هو أن تصل ذا القرابة وتطعم المسكين وتحسن إلى ابن السبيل
وأخرج ابن جرير عن علي بن الحسين رضي الله عنه أنه قال لرجل من أهل الشام : أقرأت
القرآن ؟ قال : نعم
قال : أفما قرأت في بني إسرائيل ؟ وآت ذا القربى حقه قال : وإنكم للقرابة الذي أمر
الله أن يؤتى حقه ؟ قال : نعم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية
قال : كان ناس من بني عبد المطلب يأتون النبي صلىالله عليه وسلم يسألونه فإذا
صادفوا عنده شيئا أعطاهم
(5/271)
وإن لم يصادفوا عنده شيئا سكت
لم يقل لهم نعم ولا لا
والقربى قربى بني عبد المطلب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وآت ذي القربى
حقه والمسكين وابن السبيل قال : هو أن وتوفيهم حقهم إن كان يسيرا وإن لم يكن عندك
فقل لهم قولا ميسورا وقل لهم الخير
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: وآت ذى القربى حقه الآية
قال : بدأ فأمره بأوجب الحقوق ودله على أفضل الأعمال إذا كان عنده شيء
فقال : وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل وعلمه إذا لم يكن عنده شيء كيف
يقول
فقال : وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا عدة حسنة
كأته قد كان ولعله أن يكون إن شاء الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك لا تعطي شيئا
ولا تبسطها كل البسط تعطي ما عندك فتقعد ملوما يلومك من يأتيك بعد ولا يجد عندك
شيئا محسورا قال : قد حسرك من قد أعطيته
وأخرج البخاري في الأدب عن كليب بن منفعة رضي الله عنه قال : قال جدي يا رسول الله
من أبر ؟ قال : " أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم
موصولة "
وأخرج أحمد والبخاري والبخاري في الأدب وابن ماجة والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان
عن المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلىالله عليه وسلم
يقول : " إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب
فالأقرب "
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما أنفق الرجل نفقة على
نفسه وأهله يحتسبها إلا آجره الله فيها وابدأ بمن تعول فإن كان فضل فالأقرب الأقرب
وإن كان فضل فناول
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإيمان واللفظ له عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " احفظوا أنسابكم تصلوا
أرحامكم فإنه لا بعد للرحم إذا قربت وإن كانت بعيدة ولا قرب لها إذا بعدت وإن كانت
(5/272)
قريبة وكل رحم آتية يوم
القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلته إن كان وصلها وعليه بقطيعته إن كان قطعها
"
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن أعرابيا قال : يا رسول
الله إني رجل موسر وإن لي أما وأبا وأختا وأخا وعما وعمة وخالا وخالة فأيهم أولى
بصلتي ؟ قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك
أدناك "
وأخرج أحمد والحاكم والبيهقي عن أبي رمثة التيمي تيم الرباب قال : أتيت النبي صلى
الله عليه و سلم وهو يخطب ويقول : " يد المعطي العليا أمك وأباك وأختك وأخاك
ثم أدناك أدناك "
وأخرج الطبراني والحاكم والشيرازي في الألقاب والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلىالله عليه وسلم : " إن الله عز و جل ليعمر للقوم الديار ويكثر لهم
الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا " قيل يا رسول الله وبم ذلك : قال :
" بصلتهم أرحامهم "
وأخرج البيهقي وابن عدي وابن لال في مكارم الأخلاق وابن عساكر عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : " إن أهل البيت إذا تواصلوا
أجرى الله عليهم الرزق وكانوا في كنف الرحمن عز و جل "
وأخرج البيهقي وابن جرير والخرائطي في مكارم الأخلاق من طريق أبي سلمة بن عبد
الرحمن عن أبيه : أن النبي صلىالله عليه وسلم قال : " إن أعجل الطاعة ثوابا
صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونون فجارا فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا
الرحم وإن أعجل المعصية عقابا البغي واليمين الفاجرة تذهب المال وتعقم الرحم وتدع
الديار بلاقع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ثعلبة بن زهدم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىالله
عليه وسلم - وهو يخطب - " يد المعطي العليا ويد السائل السفلى وابدأ بمن تعول
أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك "
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال : لما نزلت هذه الآية وآت ذي القربى حقه دعا رسول الله صلىالله عليه وسلم
فاطمة فأعطاها فدك
(5/273)
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : لما نزلت وآت ذي القربى حقه أقطع رسول الله فاطمة فدكا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أمر رسول الله صلى الله عليه و
سلم من يعطي وكيف يعطي وبمن يبدأ فأنزل الله وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن
السبيل فأمر الله أن يبدأ بذي القربى ثم بالمسكين وابن السبيل ومن بعدهم
قال : ولا تبذر تبذيرا يقول الله عز و جل : ولا تعط مالك كله فتقعد بغير شيء
قال : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك فتمنع ما عندك فلا تعطي أحدا ولا تبسطها كل
البسط فنهاه أن يعطي إلا ما بين له
وقال له : وأما تعرضن عنهم يقول : تمسك عن عطائهم فقل لهم قولا ميسورا يعني قولا
معروفا لعله أن يكون عسى أن يكون
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله إني ذو مال كثير وذو
أهل وولد وحاضرة فأخبرني كيف أنفق وكيف أصنع ؟ قال : " تخرج الزكاة المفروضة
فإنها مطهرة تطهرك وتصل أقاربك وتعرف حق السائل والجار المسكين " فقال : يا
رسول الله أقلل لي ؟ قال : فآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر
تبذيرا قال : حسبي رسول الله
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
مسعود رضي الله عنه في قوله : ولا تبذر تبذيرا قال : التبذير إنفاق المال في غير
حقه
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا أصحاب محمد نتحدث أن التبذير
النفقة في غير حقه
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إن المبذرين قال : هم الذين ينفقون
المال في غير حقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا تبذر تبذيرا يقول : لا
تعط مالك كله
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : من السرف
(5/274)
أن يكتسي الإنسان ويأكل ويشرب
مما ليس عنده وما جاوز الكفاف فهو لتبذير
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما أنفقت على
نفسك وأهل بيتك في غير سرف ولا تبذير وما تصدقت فلك وما أنفقت رياء وسمعة فذلك حظ
الشيطان
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : جاء ناس من
مزينة يستحملون رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " لا أجد ما أحملكم
عليه " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع التوبة آية 92 حزنا ظنوا ذلك من غضب رسول
الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك الآية
قال : الرحمة الفيء
وأخرج ابن جرير من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
إبتغاء رحمة قال : رزق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وإما تعرضن عنهم
إبتغاء رحمة من ربك ترجوها قال : إنتظار رزق الله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : وإما تعرضن عنهم يقول : لا تجد
شيئا تعطيهم إبتغاء رحمة من ربك يقول : إنتظار رزق الله من ربك نزلت فيمن كان يسأل
النبي صلىالله عليه وسلم من المساكين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : فقل لهم قولا
ميسورا قال : لينا سهلا سيكون إن شاء الله تعالى فأفعل سنصيب إن شاء الله فأفعل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : فقل لهم قولا ميسورا يقول :
قل لهم نعم وكرامة وليس عندنا اليوم فإن يأتنا شيء نعرف حقكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : قولا ميسورا قال
: قولا جميلا رزقنا الله وإياك بارك الله فيك
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
(5/275)
فقل لهم قولا ميسورا قال :
العدة
قال سفيان : والعدة من رسول الله دين والله أعلم
الآية 29 - 30 أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن يسار بن الحكم رضي الله عنه قال
: أتى رسول الله بزمن العراق وكان معطاء كريما فقسمه بين الناس فبلغ ذلك قوما من
العرب فقالوا : أنأتي النبي صلى الله عليه و سلم فنسأله ؟ فوجدوه قد فرغ منه فأنزل
الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك قال : محبوسة ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما
يلومك الناس محسورا ليس بيدك شيء
وأخرج ابن أبي حاتم عن المنهال بن عمر وقال : بعثت امرأة إلى النبي صلى الله عليه
و سلم بابنها فقالت : قل له اكسني ثوبا فقال : ما عندي شيء فقال : ارجع إليه فقل
له اكسني قميصك فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاه إياه
فنزلت ولا تجعل يدك مغلولة الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : إن أمي تسألك كذا وكذا ؟ فقال : " ما عندنا اليوم شيء "
قال : فتقول لك اكسني قميصك فخلع قميصه فدفع إليه فجلس في البيت حاسرا
فأنزل الله ولا تجعل يدك مغلولة الآية
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لعائشة : وضرب بيده " أنفقي ما ظهر ؟ كفى " قالت : إذا لا يبقى شيء
قال ذلك : ثلاث مرات فأنزل الله تعالى : ولا تجعل يدك مغلولة الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا تجعل يدك مغلولة قال
: يعني بذلك البخل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا
(5/276)
تجعل يدك مغلولة إلى عنقك قال
: هذا في النفقة
يقول : لا تجعلها مغلولة لا تبسطها بخير ولا تبسطها كل البسط يعني التبذير فتقعد
ملوما يلوم نفسه على ما فاته من ماله
محسورا ذهب ماله كله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك
ولا تبسطها كل البسط قال نهاه عن السرف والبخل
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فتقعد ملوما محسورا قال :
ملوما عند الناس محسورا من المال
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : ملوما محسورا قال مستحيا خجلا قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : ما فاد من مني يموت جوادهم إلا تركت جوادهم محسورا وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " الرفق في المعيشة خير من نض التجارة "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " من فقه الرجل أن يصلح معيشته " قال : " وليس من حبك
الدنيا طلب ما يصلحك "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من فقهك رفقك في معيشتك "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الإقتصاد في التفقه نصف المعيشة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله
عليه وسلم : ما عال من اقتصد "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ما عال مقتصد قط "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن شبيب رضي الله عنه قال : يقال حسن التدبير مع العفاف
خير من الغنى مع الإسراف
وأخرج البيهقي عن مطرف رضي الله عنه قال : خير الأمور أوسطها
(5/277)
وأخرج الديلمي عن أنس رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " التدبير نصف المعيشة
والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين "
وأخرج أحمد في الزهد عن يونس بن عبيد رضي الله عنه قال : كان يقال : التودد إلى
الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف العلم والإقتصاد في المعيشة يلقي عنك نصف المؤنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : ثم أخبرنا كيف يصنع بنا فقال :
إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ثم أخبر عباده أنه لا يرزؤه ولا يؤدوه أن لو بسط
الرزق عليهم ولكن نظرا لهم منه فقال تبارك وتعالى ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا
في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير قال : والعرب إذا كان الخصب
وبسط عليهم أسروا وقتل بعضهم بعضا ! وجاء الفساد وإذا كان السنة شغلوا عن ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء
ويقدر قال : ينظر له فإن كان الغنى خيرا له أغناه وإن كان الفقر خيرا له أفقره
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء
ويقدر قال : يبسط لهذا مكرا به ويقدر لهذا نظرا له
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد قال : كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقلل
الآية 31 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقتلوا
أولادكم خشية إملاق أي خشية الفاقة
وكان أهل الجاهلية يقتلون البنات خشية الفاقة فوعظهم الله في ذلك وأخبرهم أن رزقهم
ورزق أولادهم على الله فقال : نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا أي إثما
كبيرا
(5/278)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : خشية إملاق قال : مخافة
الفاقة والفقر
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : خشية إملاق قال : مخافة الفقر
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : وإني على الإملاق يا قوم ماجد أعد لأضيافي الشواء
المطهيا وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : خطأ قال :
خطيئة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ خطأ كبيرا مهموزة من قبل الخطا
والصواب
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من كانت له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات اتقى الله وقام عليهن كان معي في
الجنة هكذا وأشار بأصابعه الأربع "
وأخرج أحمد وابن منيع عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من كن له ثلاث بنات يمونهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة ألبتة "
قيل : يا رسول الله فإن كن اثنتين ؟ قال : وإن كن اثنتين
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان
فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة "
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم عن سراقة بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال له : " يا سراقة ألا أدلك على أعظم الصدقة ؟ " قال
: بلى يا رسول الله
قال : " إن ابنتك مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك "
الآية 32 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا تقربوا الزنا قال
: يوم نزلت هذه الاية لم تكن حدود فجاءت بعد ذلك الحدود في سورة النور
(5/279)
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا
وساء سبيلا إلا من تاب فإن الله كان غفارا رحيما " فذكر لعمر رضي الله عنه
فأتاه فسأله فقال : أخذتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس لك عمل إلا
الصفق بالبقيع
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقربوا الزنا إنه كان
فاحشة قال قتادة عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول
: " لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن ولا ينتهب حين ينتهب وهو مؤمن ولا يسرق
حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يغل حين يغل وهو مؤمن
" قيل : يا رسول الله والله إن كنا لنرى أنه يأتي ذلك وهو مؤمن فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إذا فعل شيئا من ذلك نزع الإيمان من قلبه فإن
تاب تاب الله عليه "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق
حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف
يرفع المؤمنون إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن "
وأخرج أبو داود والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه : " إذا زنى المؤمن خرج منه الإيمان فكان عليه
كالظلة فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : الإيمان نور فمن زنى
فارقه الإيمان فمن لام نفسه فراجع راجعه الإيمان
وأخرج البيهقي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء فإذا زنى العبد
نزع منه سربال الإيمان فإن تاب رد عليه "
وأخرج البيهقي عن أبي صالح رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه وسأله عن قول
رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
فأين يكون الإيمان منه ؟ قال أبو هريرة رضي الله عنه : يكون هكذا عليه وقال : بكفه
فوق رأسه فإن تاب ونزع رجع إليه
(5/280)
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة
والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسمي عبيده بأسماء العرب : عكرمة
وسميع وكريب وقال لهم : تزوجوا فإن العبد إذا زنى نزع منه نور الإيمان رد الله
عليه بعد أو أمسكه
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يا شباب قريش احفظوا فروجكم لا تزنوا ألا من حفظ الله له فرجه دخل
الجنة "
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم
كتاب الله "
وأخرج الطبراني والحاكم وابن عدي والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " الزنا يورث الفقر "
وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم ولا ظهرت فاحشة في قوم قط إلا
سلط الله عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا عن الهيثم بن مالك الطائي رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها
رجل في رحم لا يحل له "
وأخرج أحمد عن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر
فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يزن
عبد قط إلا نزع الله نور الإيمان منه : إن شاء رده وإن شاء منعه
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق
وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن فإذا فعل ذلك نزع
منه نور الإيمان كما ينزع منه قميصه فإن تاب تاب الله عليه "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا
يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر "
(5/281)
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة
رضي الله عنها : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يزني الزاني
حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أسامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما تركت على أمتي بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن كفر من مضى إلا من
قبل النساء وهو كائن كفر من بقي من قبل النساء
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبان بن عثمان رضي الله عنه قال : تعرف الزناة بنتن فروجهن
يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال : بلغني أن أكثر ذنوب أهل النار
النساء
الآية 33 - 34 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : ولا
تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق الآية
قال : كان هذا بمكة والنبي صلى الله عليه و سلم بها وهو أول شيء نزل من القرآن في
شأن القتل
كان المشركين من أهل مكة يغتالون أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقال : "
من قتلكم من المشركين فلا يحملنكم قتله غياكم على أن تقتلوا له أبا أو وأخا وأحدا
من عشيرته وإن كانوا مشركين فلا تقتلوا إلا قاتلكم " وهذا قبل أن تنزل براءة
وقبل أن يؤمروا بقتال المشركين
فذلك قوله : فلا يسرف في القتل يقول : لا تقتل غير قاتلك وهي اليوم على ذلك الموضع
من المسلمين لا يحل لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم
وأخرج البيهقي في سننه عن زيد بن أسلم رضي الله عنه : أن الناس في الجاهلية كانوا
إذا قتل الرجل من القوم رجلا لم يرضوا حتى يقتلوا به رجلا شريفا إذا كان
(5/282)
قاتلهم غير شريف لم يقتلوا
قاتلهم وقتلوا غيره فوعظوا في ذلك بقول الله : ولا تقتلوا النفس إلى قوله فلا يسرف
في القتل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا قال : بينة من الله أنزلها يطلبها ولي
المقتول القود أو العقل وذلك السلطان
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما فلا يسرف في القتل
قال : لا يكثر من القتل
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا يسرف
في القتل قال : لا يقتل إلا قاتل رحمه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن طلق
بن حبيب في قوله : فلا يسرف في القتل قال : لا يقتل غير قاتله ولا يمثل به
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه في قوله : فلا يسرف في القتل قال : لا يقتل اثنين بواحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فلا يسرف في القتل قال : لا
يقتل غير قاتله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه فلا يسرف في القتل قال : من
قتل بحديدة قتل بحديدة ومن قتل بخشبة قتل بخشبة ومن قتل بحجر قتل بحجر ولا يقتل
غير قاتله
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن شداد بن أوس
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله كتب
الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أعق الناس قتلة أهل الإيمان "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن سمرة بن جندب وعمران بن حصين قالا : نهى رسول
الله صلى الله عليه و سلم عن المثلة
(5/283)
وأخرج ابن أبي شيبة عن يعلى
بن مرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : قال الله :
" لا تمثلوا بعبادي "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا يسرف في
القتل إنه كان منصورا يقول : ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه
ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف قد عمل بحمية أهل الجاهلية ولم يرض بحكم
الله تعالى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إنه
كان منصورا قال : إن المقتول كان منصورا
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الكسائي قال : هي قراءة أبي بن كعب " فلا
تسرفوا في القتل إن وليه كان منصورا "
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنه لما كان من أمر
هذا الرجل ما كان يعني عثمان قلت لعلي رضي الله عنه اعتزل فلو كنت جحر طلبت حتى
تستخرج فعصاني وأيم الله ليتأمرن عليكم معاوية وذكر أن الله تعالى يقول : ومن قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي
هي أحسن قال : كانوا لا يخالطونهم في مال ولا مأكل ولا مركب حتى نزلت وإن تخالطوهم
فإخوانكم البقرة آية 220
الآية 35 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : وأوفوا بالعهد إن
العهد كان مسؤولا قال : يوم أنزلت هذه كان إنما يسأل عنه ثم يدخل الجنة فنزلت إن
الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة آل عمران
آية 77
(5/284)
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد
بن جبير رضي الله عنه في قوله : إن العهد كان مسؤولا قال : يسأل الله ناقض العهد
عن نقضه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : إن العهد كان مسؤولا قال :
لا يسأل عهده من أعطاه إياه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : ثلاث تؤدى إلى البر
والفاجر العهد يوفى إلى البر والفاجر وقرأ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : من نكث بيعة كانت سترا بينه
وبين الجنة
قال : وإنما تهلك هذه الأمة بنكثها عهودها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : وأوفوا الكيل إذا كلتم
يعني لغيركم وزنوا بالقسطاس المستقيم يعني الميزان
وبلغة الروم الميزان القسطاس ذلك خير يعني وفاء الكيل والميزان خير من النقصان
وأحسن تأويلا عاقبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : ذلك خير وأحسن تأويلا أي خير ثوابا وعاقبة
وأخبرنا أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول : يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين
: بهما هلك الناس قبلكم هذا المكيال وهذا الميزان
قال : وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول : " لا يقدر رجل على
حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله إلا أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما
هو خير له من ذلك "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه قال : القسطاس العدل بالرومية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة وزنوا بالقسطاس قال : العدل
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه وزنوا بالقسطاس قال : القبان
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه وزنوا بالقسطاس قال : بالحديد والله
أعلم
الآية 36
(5/285)
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تقف قال : لا تقل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ولا تقف ما ليس لك به علم يقول : لا ترم
أحدا بما ليس لك به علم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن الحنفية رضي الله عنه في قوله :
ولا تقف ما ليس لك به علم قال : شهادة الزور
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا تقف ما ليس لك به علم قال
: هذا في الفرية
يوم نزلت الآية لم يكن فيها حد إنما كان يسأل عنه يوم القيامة ثم يغفر له حتى نزلت
هذه الآية آية الفرية جلد ثمانين
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : إن السمع والبصر والفؤاد كل
أولئك كان عنه مسؤولا يقول : سمعه وبصره يشهد عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقف ما ليس لك به
علم قال : لا تقل سمعت ولم تسمع ولا تقل : رأيت ولم تر فإن الله سائلك عن ذلك كله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس رضي الله عنه في قوله : كل أولئك كان عنه
مسؤولا قال : يقال للأذن يوم القيامة هل سمعت ؟ ويقال للعين : هل رأيت ؟ ويقال
للفؤاد : مثل ذلك
وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كل أولئك كان عنه مسؤولا قال
: يوم القيامة يقال أكذاك كان أم لا ؟
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أيما رجل شاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها بريء كان حقا على الله أن
يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال "
وأخرج أبو داود وابن أبي الدنيا في الصمت عن معاذ بن أنس رضي الله
(5/286)
عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم : " من حمى مؤمنا من منافق بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار
جهنم ومن قفا مؤمنا بشيء يريد شينه حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال
"
الآية 37 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تمش في
الآرض مرحا قال : لا تمش فخرا وكبرا فإن ذلك لا يبلغ بك الجبال ولا أن تخرق الأرض
بفخرك وكبرك
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التواضع عن ؟ محبس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا مشيت أمتي المطيطا وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض
"
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رأى رجلا يخطر في مشيه فقال :
إن للشيطان إخوانا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال : إياكم والخطر فإن الرجل
قد تنافق يده من دون سائر جسده
الآية 38 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن كثير رضي الله عنه أنه كان
يقرأ " كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها " على واحد يقول : هذه الأشياء
التي نهيت عنها كل سيئة
الآية 39 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن التوراة كلها في خمس
عشرة آية من بني إسرائيل ثم تلا ولا تجعل مع الله إلها آخر
(5/287)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طريق علي رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :
مدحورا قال مطرودا
الآية 40 - 48 أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله : واتخذ من الملائكة إناثا قالت اليهود : الملائكة بنات الحق !
وفي قوله : قل لو كان معه آلهة الآية
يقول : لو كان معه آلهة إذا لعرفوا فضله ومزيته عليهم فابتغوا ما يقربهم إليه إنهم
ليس كما يقولون
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : إذا لابتغوا إلى ذي
العرش سبيلا قال : على أين ينزلوا ملكه
قوله تعالى : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في
الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن قرط رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم ليلة
(5/288)
أسري به إلى المسجد الأقصى
كان جبريل عليه السلام عن يمينه ومكائيل عليه السلام عن يساره فطارا به حتى بلغ
السموات العلى فلما رجع قال : " سمعت تسبيحا في السموات العلى مع تسبيح كثير
سبحت السموات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو بما علا سبحان العلي الأعلى
سبحانه وتعالى "
وأخرج ابن أبي حاتم عن لوط بن أبي لوط قال : بلغني أن تسبيح سماء الدنيا سبحان
ربنا الأعلى والثانية سبحانه وتعالى والثالثة سبحانه وبحمده والرابعة سبحانه لا
حول ولا قوة إلا به والخامسة سبحان محيي الموتى وهو على كل شيء قدير والسادسة
سبحان الملك القدوس والسابعة سبحان الذي ملأ السموات السبع والأرضين السبع عزة
ووقارا
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : وهو
جالس مع أصحابه إذ سمع هزة فقال : " أطت السماء وحق لها أن تئط " قالوا
: وما الأطيط ؟ قال : " تناقضت السماء ويحقها أن تنقض والذي نفس محمد بيده ما
فيها موضع شبر إلا فيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بحمده "
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ
تسبح له السموات السبع والأرض بالتاء
قوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم أخرج ابن جرير
وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه إن نوحا
قال لابنه يا بني
آمرك أن تقول : سبحان الله فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق وبها يرزق الخلق "
قال الله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده
وأخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عمر رضي اله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " إن نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنيه : آمركما بسبحان الله وبحمده فإنها
صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء "
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الذكر عن عائشة رضي الله عنه : أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " صوت الديك صلاته وضربه بجناحيه سجوده وركوعه
" ثم تلا هذه الآية : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد من
(5/289)
السماء اذكروا الله يذكركم
فلا يسمعها أول من الديك فيصيح فذلك تسبيحه
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تضربوا وجوه الدواب فإن كل شيء يسبح
بحمده "
وأخرج أبو الشيخ عن عمر رضي الله عنه قال : لا تلطموا وجوه الدواب فإن كل شيء يسبح
بحمده
وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه مر
على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل فقال لهم : " اركبوها سالمة ودوعها
سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق فرب مركوبة خير من راكبها
وأكثر ذكرا لله منه "
وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " ما تستقل الشمس فيبقي من خلق الله تعالى إلا سبح الله بحمده إلا ما
كان من الشيطان وأغنياء بني آدم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : ما من عبد يسبح الله تسبيحة
إلا سبح ما خلق الله من شيء
قال الله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " إن النمل يسبحن "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قرصت
نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه من أجل نملة واحدة
أحرقت أمة من الأمم تسبح "
وأخرج النسائي وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول
الله صلى الله عليه و سلم عن قتل الضفدع وقال : نعيقها تسبيح
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وإن
من شيء إلا يسبح بحمده قال : الزرع يسبح بحمده وأجره لصاحبه والثوب يسبح
ويقول الوسخ : إن كنت مؤمنا فاغسلني إذا
(5/290)
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي
قبيل رضي الله عنه قال : الزرع يسبح وثوابه للذي زرع
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كل شيء يسبح بحمده إلا الحمار
والكلب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال : الأسطوانة
تسبح والشجرة تسبح
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا
يعيبن أحدكم دابته ولا ثوبه فإن كل شيء يسبح بحمده
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخطيب عن أبي صالح رضي الله عنه قال
: ذكر لنا أن صرير الباب تسبيحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غالب الشيباني رضي الله عنه قال : صوت البحر تسبيحه
وأمواجه صلاته
وأخرج ابن أبي حاتم عن النخعي رضي الله عنه قال : الطعام تسبيح
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو الشيخ عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال
: أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين فجعل ينشر جناحه ويقول :
ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح
وأخرج ابن راهويه في مسنده من طريق الزهري رضي الله عنه قال : أتي أبو بكر الصديق
رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول :
" ما صيد من صيد ولا عضدت عضاة ولا قطعت وشيجة إلا بقلة التسبيح "
وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما صيد من صيد ولا وشج من وشج إلا بتضييعه
التسبيح "
وأخرج عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما صيد من طير في السماء ولا سمك في الماء حتى يدع ما افترض الله عليه من
التسبيح "
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما أخذ طائر ولا حوت إلا بتضييع التسبيح "
(5/291)
وأخرج أبو الشيخ عن مرثد بن
أبي مرثد عن النبي صلى الله عليه و سلم : " لا يصطاد شيء من الطير والحيتان
إلا بما يضيع من تسبيح الله "
وأخرج ابن عساكر من طريق يزيد بن مرثد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
ما اصطيد طير في بر ولا بحر إلا بتضييعه التسبيح "
وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " آجال البهائم كلها وخشاش الأرض والنمل
والبراغيث والجراد والخيل والبغال والدواب كلها وغير ذلك آجالها في التسبيح فإذا
انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها وليس إلى ملك الموت منها شيء "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وإن من
شيء إلا يسبح بحمده قال : ما من شيء في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال : ما من شيء
في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال : جلس الحسن مع أصحابه على مائدة فقال بعضهم :
هذه المائدة تسبح الآن فقال الحسن : كلا إنما ذاك كل شيء على أصله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال الطعام تسبيح
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقتلوا
الضفادع فإن أصواتها تسبيح
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن
مالك رضي الله عنه قال : ظن داود عليه السلام أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه
وأن ملكا نزل وهو قاعد في المحراب والبركة إلى جانبه فقال : يا داود افهم إلى ما
تصوت به الضفدع فأنصت داود عليه السلام فإذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود
عليه السلام فقال له الملك : كيف تراه يا داود ؟ قال : أفهمت ما قالت ؟ قال : نعم
قال : ماذا قالت ؟ قال : قالت : سبحانك وبحمدك منهتى علملك يا رب
قال داود عليه السلام : والذي جعلني نبيه إني لم أمدحه بهذا
(5/292)
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان
عن صدقة بن يسار رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام في محرابه فأبصر درة
صغيرة ففكر في خلقها وقال : ما يعبأ الله بخلق هذه ؟ فأنطقها الله فقالت : يا داود
أتعجبك نفسك ؟ لأنا على قدر ما آتاني الله أذكر لله وأشكر له منك على ما آتاك الله
قال الله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : هذه الآية في التوراة كقدر ألف آية
وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال في التوراة : تسبح له الجبال ويسبح له الشجر ويسبح
له كذا ويسبح له كذا
وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان داود عليه
السلام يسمى النواح في كتاب الله عز و جل وأنه انطلق حتى أتى البحر فقال : أيها
البحر إني هارب
قال : من الطالب الذي لا ينأى طلبه
قال : فاجعلني قطرة من مائك أو دابة مما فيك أو تربة من تربتك أو صخرة من صخرك
قال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ارجع من حيث جئت فإنه
ليس مني شيء إلا بارز ينظر الله عز و جل إليه قد أحصاه وعده عدا فلست أستطيع ذلك
ثم انطلق حتى أتى الجبل فقال : أيها الجبل اجعلني حجر من حجارتك أو تربة من تربتك
أو صخرة من صخرك أو شيئا مما في جوفك
فقال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه إنه ليس مني شيء إلا
يراه الله وينظر إليه وقد أحصاه وعده عدا فلست أستطيع ذلك
ثم انطلق حتى أتى على الأرض يعني الرمل فقال : أيها الرمل اجعلني تربة من تربك أو
صخرة من صخرك أو شيئا مما في جوفك
فأوحى الله إليه أجبه
فقال : أيها العبد الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ارجع من حيث جئت فاجعل عملك
لقمسين : لرغبة أو لرهبة فعلى أيهما أخذك ربك لم تبال وخرج فأتى البحر في ساعة
فصلى فيه فنادته ضفدعة فقالت : يا داود إنك حدثت نفسك أنك قد سبحت في ساعة ليس
يذكر الله فيها غيرك وإني في سبعين ألف ضفدعة كلها قائمة على رجل تسبح الله تعالى
وتقدسه
وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صلى داود عليه السلام
ليلة حتى أصبح فلما أن أصبح وجد في نفسه غرورا فنادته ضفدعة
(5/293)
يا داود كنت أدأب منك قد
أغفيت إغفاءة
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : بلغني أنه
ليس شيء أكثر تسبيحا من هذه الدودة الحمراء
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : التراب يسبح فإذا بني فيه الحائط سبح
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : إذا سمعت تغيضا من البيت أو من الخشب
والجدر فهو تسبيح
وأخرج أبو الشيخ عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان أبو الدرداء يطبخ قدرا فوقعت على
وجهها فعلت تسبح
وأخرج أبو الشيخ عن سليمان بن المغيرة قال : كان مطرف رضي الله عنه إذا دخل بيته
فسبح سبحت معه آنية بيته
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لولا ما غمي عليكم من تسبيح ما معكم
في البيوت ما تقاررتم
وأخرج أبو الشيخ عن مسعر رضي الله عنه قال : لولا ما غمي عليكم من تسبيح خلقه ما
تقاررتم
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال :
كل شيء فيه الروح يسبح
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال : صلاة
الخلق تسبيحهم سبحان الله وبحمده
وأخرج النسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا أصحاب محمد صلى
الله عليه و سلم نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويا بينما نحن مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم ليس معنا ماء فقال لنا : " اطلبوا من معه فضل ماء "
فأتي بماء فوضعه في إناء ثم وضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه
ثم قال : " حي على الطهور المبارك والبركة من الله " فشربنا منه
قال عبد الله : كنا نسمع صوت الماء وتسبيحه وهو يشرب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نأكل مع النبي صلى
الله عليه و سلم فنسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل
(5/294)
وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال :
أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم بطعام ثريد فقال : " إن هذا الطعام يسبح
" قالوا : يا رسول الله وتفقه تسبيحه ؟ " قال : نعم
ثم قال لرجل : " ادن هذه القصعة من هذا الرجل " فأدناها منه فقال : نعم
يا رسول الله هذا الطعام يسبح ! فقال : " ادنها من آخر " وأدناها منه
فقال : هذا الطعام يسبح
ثم قال : ردها فقال رجل : يا رسول الله لو أمرت على القوم جميعا فقال : لا "
إنها لو سكتت عند رجل لقالوا من ذنب ردها فردها "
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن أبي حمزة الثمالي قال : قال محمد بن علي
بن الحسين رضي الله عنه وسمع عصافير يصحن قال : تدري ما يقلن ؟ قلت : لا
قال : يسبحن ربهن عز و جل ويسألن قوت يومهن
وأخرج الخطيب عن أبي حمزة قال : كنا مع علي بن الحسين رضي الله عنه فمر بنا عصافير
يصحن فقال : أتدرون ما تقول هذه العصافير ؟ فقلنا : لا
قال : أما أني ما أقول إنا نعلم الغيب ولكني سمعت أبي يقول : سمعت علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول : إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها
وإن هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال لي : " يا عائشة اغسلي هذين البردين " فقلت : يا رسول الله بالأمس
غسلتهما فقال لي : " أما علمت أن الثوب يسبح فإذا اتسخ انقطع تسبيحه "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إنه كان حليما
غفورا قال : حليما عن خلقه فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض غفورا لهم إذا ثابوا
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في
الدلائل عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : لما نزلت تبت يدا أبي لهب
المسد آية 1 أقبلت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول : مذمما
أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا
(5/295)
ورسول الله صلى الله عليه و
سلم جالس وأبو بكر رضي الله عنه إلى جنبه فقال أبو بكر : لقد أقبلت هذه وأنا أخاف
أن تراك فقال : " إنها لن تراني " وقرأ قرآنا اعتصم به
كما قال تعالى : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا
مستورا فجاءت حتى قامت على أبي بكر رضي الله عنه : فلم تر النبي صلى الله عليه و
سلم فقالت : يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا
ورب هذا البيت ما هجاك فانصرفت وهي تقول : قد علمت قريش أني بنت سيدها
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله
عنهما : أن أم جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت :
يا ابن أبي قحافة ما شأن صاحبك ينشد في الشعر ؟ فقال : والله ما صاحبي بشاعر وما يدري
ما الشعر
فقالت : أليس قد قال : في جيدها حبل من مسد المسد آية 5 فما يدريه ما في جيدي ؟
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قل لها : " هل ترين عندي أحدا ؟ فإنها لن
تراني جعل بيني وبينها حجاب " فقال لها أبو بكر رضي الله عنه : فقالت : أتهزأ
بي ؟ والله ما أرى عندك أحدا
وأخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند المقام
ورسول الله صلى الله عليه و سلم في ظل الكعبة بين يدي إذ جاءت أم جميل بنت حرب بن
أمية زوجة أبي لهب ومعها فهران فقالت : أين الذي هجاني وهجا زوجي ؟ والله لئن
رأيته لأرضن أنثييه بهذين الفهرين
وذلك عند نزول تبت يدا أبي لهب قال أبو بكر رضي الله عنه : فقلت له : يا أم جميل
ما هجاك ولا هجا زوجك
قالت : والله ما أنت بكذاب وإن الناس ليقولون ذلك ثم ولت ذاهبة
فقلت : يا رسول الله إنها لم ترك ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " حال
بيني وبينها جبريل "
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : لما نزلت تبت يدا أبي لهب جاءت امرأة أبي لهب فقال أبو بكر رضي
الله عنه : يا رسول الله لو تنحيت عنها فإنها امرأة بذية فقال : " إنه سيحال
بيني وبينها فلا تراني " فقال : يا أبا بكر هجانا صاحبك ؟
(5/296)
قال : والله ما ينطق بالشعر
ولا يقوله
فقال : إنك لمصدق فاندفعت راجعة
فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ما رأتك ؟ قال : " كان بيني وبينها
ملك يسترني بجناحه حتى ذهبت "
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى الله قالوا : يهزؤون به
قلوبنا في أكنة بما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب السجدة آية 5
فأنزل الله في ذلك من قولهم وإذا قرأت القرآن الآيات
وأخرج ابن عساكر وولده القاسم في كتاب آيات الحرز عن العباس بن محمد المنقري رضي
الله عنه قال : قدم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
المدينة حاجا فاحتجنا إلى أن نوجه رسولا وكان في الخوف فأبى الرسول أن يخرج وخاف
على نفسه من الطريق فقال الحسين رضي الله عنه : أنا أكتب لك رقعة فيها حرز لن يضرك
شيء إن شاء الله تعالى فكتب له رقعة وجعلها الرسول في صورته فذهب الرسول فلم يلبث
أن جاء سالما فقال : مررت بالأعراب يمينا وشمالا فما هيجني منهم أحد والحرز عن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب وإن هذا الحرز
كان الأنبياء يتحرزون به من الفراعنة : بسم الله الرحمن الرحيم قال اخسؤوا فيها
ولا تكلمون المؤمنون آية 109 إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا مريم آية 18 أخذت
بسمع الله وبصره وقوته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يا معشر الجن والإنس والشياطين
والأعراب والسباع والهوام واللصوص مما يخاف ويحذر فلان بن فلان سترت بينه وبينكم
بستر النبوة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة جبريل عن أيمانكم وميكائيل عن
شمائاكم ومحمد صلى الله عليه و سلم أمامكم والله سبحانه وتعالى من فوقكم يمنعكم من
فلان بن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه وما معه وما تحته
وما فوقه
وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون
(5/297)
بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا
على قلوبهم أكنة إلى قوله نفورا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
كثيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وإذا قرأت القرآن
جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا قال : الحجاب المستور أكنة
على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد وإذا قرأت القرآن الآية قال : ذاك رسول الله
صلى الله عليه و سلم إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا صوته ولا يرونه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : وإذا ذكرت ربك في
القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا قال : بغضا لما تتكلم به لئلا يسمعوه كما كان
قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا قال : الشياطين
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي جعفر محمد بن علي علي أنه قال : لم كتمتم بسم الله
الرحمن الرحيم فنعم الاسم والله كتموا ! فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان
إذا دخل منزله اجتمعت عليه قريش فيجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها
فتولي قريش فرارا فأنزل الله وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إذ يستمعون إليك قال :
عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : إذ يستمعون إليك قال : هي في مثل الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة
وفي قوله : فلا يستطيعون سبيلا قال : مخرجا يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك
الوليد بن المغيرة وأصحابه
وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال :
(5/298)
حدثت أن أبا جهل وأبا سفيان
والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي
بالليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا
يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فتلاوموا فقال بعضهم لبعض :
لا تعودوا فلو رآكم بعض سفائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا حتى إذا كان
الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع الفجر تفرقوا
فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت
الليلة الثالثة أخذ كل واحد منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر
تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود فتعاهدوا على
ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني عن رأيك فيما
سمعت من محمد
قال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها
ولا ما يراد بها
قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به
ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فقال : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا
سمعت ! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا
فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان
قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا
نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم
الآية 49 - 51 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : ورفاتا قال غبارا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
(5/299)
الله عنه في قوله : ورفاتا
قال : ترابا
وفي قوله : قل كونوا حجارة أو حديدا قال : ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله كما أنتم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله : أو خلقا مما يكبر في صدروكم قال :
الموت
قال : لو كنتم موتى لأحييتكم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير والحاكم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : أو خلقا مما يكبر في صدروكم قال : الموت
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله : أو خلقا مما يكبر في صدروكم قال : هو الموت ليس شيء أكبر في
نفس ابن آدم من الموت فكونوا الموت إن استطعتم فإن الموت سيموت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
فسينغضون إليك رؤوسهم قال : يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى : فسينغضون إليك رؤوسهم قال : يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى
الله عليه و سلم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : أتنغض لي بوم الفخار وقد ترى خيولا عليها كالأسود
ضواريا وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ويقولون متى هو قال :
الإعادة والله تعالى أعلم
الآية 53 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : فتستجيبون بحمده قال بأمره
(5/300)
وأخرج عبد بن حميد وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : فتستجيبون بحمده قال
: يخرجون من قبورهم وهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : يوم يدعوكم
فتستجيبون بحمده أي بمعرفته وطاعته وتظنون إن لبثتم إلا قليلا أي في الدنيا تحاقرت
الأعمار في أنفسهم وقلت حين عاينوا يوم القيامة
وأخرج الحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو يعلى
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم
وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب
عنا عنا الحزن "
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة عند الموت ولا في القبور ولا في
الحشر كأني بأهل لا إله إلا الله قد خرجوا من قبورهم ينفضون رؤوسهم من التراب
يقولون الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن "
وأخرج الخطيب في التاريخ عن موسى بن هرون الحمال قال حدثنا محمد بن أحمد بن
إبراهيم الموصلي رضي الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في النوم فقلت
: يا رسول الله إن يحيى الحماني حدثنا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن
ابن عمر عنك صلى الله عليك أنك قلت ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم
ولا في منشرهم وكأني بلأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد
لله الذي أذهب عنا الحزن
فقال : صدق الحماني
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين رضي الله عنه في قوله : وقل لعبادي يقولوا التي
هي أحسن قال : لا إله إلا الله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وقل لعبادي يقولوا التي هي
أحسن قال : يعفوا عن السيئة
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله : وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن قال : لا يقول
له مثل ما يقول بل يقول له : يرحمك الله يغفر الله لك
(5/301)
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه قال : نزغ الشيطان تحريشه
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان
ينزغ في يده فيقع في حفرة من نار "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا قال :
عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته وعداوته أن تعاديه بطاعة الله
الآية 54 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ربكم أعلم بكم إن يشأ
يرحمكم قال : فتؤمنوا وإن يشأ يعذبكم فتموتوا على الشرك كما أنتم
الآية 55 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولقد فضلنا بعض النبيين
على بعض قال : اتخذ الله إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وجعل عيسى كمثل آدم خلقه
من تراب ثم قال له كن فكان وهو عبد الله ورسوله من كلمة الله وروحه وآتى سليمان
ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعده وآتى داود زبورا وغفر لمحمد صلى الله عليه و سلم
ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : ولقد فضلنا بعض
النبيين على بعض قال : كلم الله موسى وأرسل محمدا إلى الناس كافة
(5/302)
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم
عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وآتينا داود زبورا قال : كنا نحدث أنه دعاء علمه
داود وتحميد أو تمجيد الله عز و جل ليس فيه حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : الزبور ثناء على الله
ودعاء وتسبيح
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن مردويه قال : في زبور آل داود ثلاثة أحرف :
طوبى لرجل لا يسلك سبيل الخطائين وطوبى لمن لم يأتمر بأمر الظالمين وطوبى من لم
يجالس البطالين
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : في أول شيء من مزامير داود
عليه السلام : طوبى لرجل لا يسلك طريق الخطائين ولم يجالس البطالين ويستقيم على
عبادة ربه عز و جل فمثله كمثل شجرة نابتة على ساقية لا يزال فيها الماء يفضل ثمرها
في زمان الثمار ولا تزال خضراء في غير زمان الثمار
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قرأت في بعض زبور داود عليه
السلام تساقطت القرى وأبطل ذكرهم وأنا دائم الدهر مقعد كرسي للقضاء
وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال : وجدت في كتاب داود عليه السلام أن الله
تبارك وتعالى يقول : " بعزتي وجلالي إنه من أهان لي وليا فقد بارزني
بالمحاربة وما ترددت عن شيء أريد ترددي عن موت المؤمن قد علمت أنه يكره الموت ولا
بد له منه وأنا أكره أن أسوءه " قال : وقرأت في كتاب آخر : إن الله تبارك
وتعالى يقول : " كفاني لعبدي مالا إذا كان عبدي في طاعتي أعطيته قبل أن
يسألني واستجبت له من قبل أن يدعوني فإني أعلم بحاجته التي ترفق به من نفسه "
قال : وقرأت في كتاب آخر : إن الله عز و جل يقول : " بعزتي إنه من اعتصم بي
وإن كادته السموات بمن فيهن والأرضون بمن فيهن فإني أجعل له من بين ذلك مخرجا ومن
لم يعتصمني بي فإني أقطع يديه من أسباب السماء وأخسف به من تحت قدميه الأرض فأجعله
في الهواء ثم أكله إلى نفسه "
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : في حكمة آل داود وحق على العاقل أن
لا يشتغل عن أربع ساعات : ساعة يناجي ربه وساعة يحاسب
(5/303)
فيها نفسه وساعة يفضي فيها
إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه وساعة يخلي بين نفسه وبين
لذاتها فيما يحل ويجمل فإنه هذه الساعات : عون على هذه الساعات وإجماع للقلوب وحق
على العاقل أن يكون عارفا بزمانه حافظا للسانه مقبلا على شأنه وحق على العاقل أن
لا يظعن إلا في إحدى ثلاث : زاد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خالد الربعي رضي الله عنه قال : وجدت فاتحة الزبور
الذي يقال له : زبور داود عليه السلام أن رأس الحكمة خشية الله تعالى
وأخرج أحمد عن أيوب الفلسطيني رضي الله عنه قال : مكتوب في مزامير داود - عليه
السلام - " أتدري لمن أغفر قال : لمن يا رب ؟ قال : للذي إذا أذنب ذنبا
ارتعدت لذلك مفاصله فذلك الذي آمر ملائكتي أن لا يكتبوا عليه ذلك الذنب "
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : مكتوب في الزبور بطلت الأمانة
والرجل مع صاحبه بشفتين مختلفتين يهلك الله عز و جل كل ذي شفين مختلفتين
قال : ومكتوب في الزبور بنار المنافق تحترق المدينة
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : مكتوب في الزبور - وهو أول الزبور
- " طوبى لمن لم يسلك سبيل الأئمة ولم يجالس الخطائين ولم يفيء في هم
المستهزئين ولكن همه سنة الله عز و جل وإياها يتعلم بالليل والنهار مثله مثل شجرة
تنبت على شط تؤتي ثمرتها في حينها ولا يتناثر من ورقها شيء وكل عمل بأمري ليس ذلك
مثل عمل المنافقين "
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قرأت في الزبور بكبر المنافق
يحترق المسكين
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : قرأت في
آخر زبور داود - عليه الصلاة و السلام - ثلاثين سطرا " يا داود هل تدري أي
المؤمنين أحب إلي أن أطيل حياته ؟ الذي قال لا إله إلا الله أقشعر جلده وإني أكره
لذلك الموت كما تكره الوالدة لولدها ولا بد له منه إني أريد
(5/304)
أن أسره في دار سوى هذه الدار
فإن نعيمها بلاء ورخاءها شدة فيها عدو لا يألوهم خبالا يجري منه مجرى الدم من أجل
ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مالك بن المغول قال : في زبور داود مكتوب " إني أنا
الله لا إله إلا أنا ملك الملوك قلوب الملوك بيدي فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت
الملوك عليهم رحمة وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة لا تشغلوا
أنفسكم بسبب الملوك ولا تتوبوا إليهم توبوا إلي أعطف قلوبكم عليكم "
الآية 56 - 57 أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري
والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو
نعيم في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : قل ادعوا الذين زعمتم من
دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا قال : كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من
الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم فأنزل الله أولئك الذين يدعون
يبتغون إلى ربهم الوسيلة كلاهما بالياء
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي
الله عنه قال : نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم
الجنيون والنفر من العرب لا يشعرون بذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كانت قبائل من العرب يعبدون صنفا
من الملائكة يقال لهم الجن ويقولون هم بنات الله فأنزل الله أولئك الذين يدعون
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية
قال : كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيرا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
(5/305)
ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : فلا يملكون كشف الضر عنكم قال : عيسى وأمه وعزير
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
أولئك الذين يدعون قال : هم عيسى وعزير والشمس والقمر
وأخرج الترمذي وابن مردويه واللفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " سلوا الله لي الوسيلة " قالوا : وما
الوسيلة ؟ قال : " القرب من الله " ثم قرأ يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم
أقرب
الآية 58 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة قال : مبيدوها أو معذبوها
قال : بالقتل والبلاء كل قرية في الأرض سيصيبها بعض هذا
وأخرج ابن جرير من طريق سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله رضي الله عنه قال :
إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في هلاكها
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي في قوله : كان ذلك في كتاب مسطورا قال : في
اللوح المحفوظ
الآية 59 - 60 أخرج أحمد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس
رضي الله
(5/306)
عنهما قال : سأل أهل مكة
النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعون
فقيل له : " إن شئت أن تتأنى بهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا
كما أهلكت من قبلهم من الأمم "
قال لا : " بل أستأني بهم " فأنزل الله وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا
أن كذب بها الأولون
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالت قريش للنبي صلى الله
عليه و سلم ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن لك
قال : " وتفعلون " قالوا : نعم
فدعا فأتاه جبريل عليه السلام فقال : " إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن شئت
أصبح الصفا لهم ذهبا فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين
وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة " قال : " باب التوبة والرحمة
"
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : قال الناس لرسول
الله صلى الله عليه و سلم : لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون
فقال : رسول الله صلى الله عليه و سلم إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم وإن عصيتم
هلكتم فقالوا : لا نريدها
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه و سلم : إن كان ما
تقول حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا فأتاه جبريل فقال : " إن شئت كان
الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا وإن شئت استأنيت بقومك "
قال : " بل أستأني بقومي " فأنزل الله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا
أن كذب بها الأولون وأنزل الله وما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون
الأنبياء آية 6
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن
كذب بها الأولون قال : رحمة لكم أيتها الأمة
قال : إنا لو أرسلنا بالآيات فكذبتم بها أصابكم ما أصاب من قبلكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لم تؤت قرية
بآية فكذبوا بها إلا عذبوا وفي قوله : وآتينا ثمود الناقة مبصرة قال : آية
(5/307)
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ
في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال
: الموت
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن جرير وابن
المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال : الموت
الذريع
واخرج أبو داود في البعث عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وما نرسل بالآيات إلا
تخويفا قال : الموت من ذلك
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال
: إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبون أو يذكرون أو يرجعون
ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه فقال : يا أيها الناس إن
ربكم يستعتبكم فاعتبوه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في
قوله : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قال : عصمك من الناس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إن ربك أحاط بالناس
قال : فهم في قبضته
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : إن ربك أحاط بالناس قال : أحاط بهم فهو مانعك منهم وعاصمك حتى تبلغ رسالته
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال :
هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس
وليست برؤيا منام والشجرة الملعونة في القرآن قال : هي شجرة الزقوم
(5/308)
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي
مالك رضي الله عنه في قوله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك قال : ما أري في طريقه
إلى بيت المقدس
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عن أم هانئ رضي الله عنها أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش وهم يستهزئون به فطلبوا منه
آية فوصف لهم بيت المقدس وذكر لهم قصة العير
فقال الوليد بن المغيرة : هذا ساحر فأنزل الله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم أصبح يحدث بذلك فكذب به أناس فأنزل الله فيمن ارتد : وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : هو ما رأى
في بيت المقدس ليلة أسري به
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة
للناس يقول : أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس
ذكر لنا أن ناسا ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
بمسيره أنكروا ذلك وكذبوا به وعجبوا منه وقالوا أتحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في
ليلة واحدة !
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد رضي الله عنه - قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و
سلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى كات وأنزل
الله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة وأنزل الله في ذلك وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة المعلونة يعني الحكم وولده
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أريت بني أمية على منابر الأرض وسيتملكونكم فتجدونهم
أرباب سوء " واهتم رسول الله صلى الله عليه و سلم لذلك : فأنزل الله وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
(5/309)
وأخرج ابن مردويه عن الحسين
بن علي رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم - أصبح وهو مهموم فقيل
: مالك يا رسول الله ؟ فقال : " إني رأيت في المنام كأن بني أمية يتعاورون
منبري هذا " فقيل : يا رسول الله لا تهتهم فإنها دنيا تنالهم
فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن سعيد بن المسيب
رضي الله عنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني أمية على المنابر فساءه
ذلك فأوحى الله إليه : " إنما هي دنيا أعطوها " فقرت عينه وهي قوله :
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس يعني بلاء للناس
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : لأبيك وجدك " إنكم الشجرة الملعونة في
القرآن "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك الآية
قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه وهو يومئذ
بالمدينة فسار إلى مكة قبل الأجل فرده المشركون فقال أناس قد رد وكان حدثنا أنه
سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال أبو جهل لما ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم - شجرة الزقوم
تخويفا لهم يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد ؟ قالوا :
لا
قال : عجوة يثرب بالزبد - والله لئن استمكنا منها لنتزقمها تزقما
فأنزل الله : إن شجرة الزقوم طعام الأثيم الدخانالآيتان 43 44 وأنزل الله والشجرة
المعلونة في القرآن الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والشجرة
المعلونة في القرآن قال : هي شجرة الزقوم خوفوا بها
قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ؟ ثم دعا بتمر وزبد فجعل يقول :
زقموني
فأنزل الله تعالى : طلعها كأنه رؤوس الشياطين الصافات آية 65 وأنزل الله ونخوفهم
فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا
(5/310)
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : والشجرة المعلونة قال : ملعونة لأن طلعها كأنه رؤوس
الشياطين الصافات آية 65 وهم ملعونون
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
ونخوفهم قال : أبو جهل بشجرة الزقوم فما يزيدهم قال : ما يزيد أبا جهل إلا طغيانا
كبيرا
الآية 61 - 65 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : حسد إبليس آدم عليه
السلام على ما أعطاه الله من كرامة وقال : أنا ناري وهذا طيني فكان بدء الذنوب
الكبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال إبليس : إن آدم خلق من
تراب ومن طين خلق ضعيفا وإني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء لأحتنكن ذريته إلا
قليلا فصدق ظنه عليهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
لأحتنكن قال : لأستولين
(5/311)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : لأحتنكن ذريته قال : لأحتوينهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : لأحتنكن ذريته
قال : لأضلنهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : جزاء موفورا قال : وافرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : فإن جهنم جزاؤكم جزاء
موفورا يقول : يوفر عذابها للكافر فلا يدخر عنهم منها شيء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال : صوته كل داع دعا إلى معصية الله وأجلب عليهم
بخيلك قال : كل راكب في معصية الله وشاركهم في الأموال قال : كل مال في معصية الله
والأولاد قال : ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد قال : كل خيل تسير
في معصية الله وكل رجل يمشي في معصية الله وكل مال أخذ بغير حقه وكل ولد زنا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال : استنزل
من استطعت منهم بالغناء والمزامير واللهو والباطل وأجلب عليهم بخيلك ورجلك قال كل
راكب وماش في معاصي الله وشاركهم في الأموال والأولاد قال : كل مال أخذ بغير طاعة
الله تعالى وأنفق في غير حقه والأولاد أولاد الزنا
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وشاركهم في
الأموال والأولاد قال : الأموال ما كانوا يحرمون من أنعامهم والأولاد أولاد الزنا
(5/312)
وأخرج ابن جرير وابن مردويه
عن ابن عباس في الآية قال : مشاركته في الأموال أن جعلوا البحيرة والسائبة
والوصيلة لغير الله ومشاركته إياهم في الأولاد سمو عبد الحارث وعبد شمس
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه رفعه قال : قال إبليس يا رب إنك لعنتني
وأخرجتني من الجنة من أجل آدم وإني لا أستطيعه إلا بك
قال : فأنت المسلط
قال : أي رب زدني قال : وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ثابت رضي الله عنه قال : بلغنا أن
إبليس قال : يا رب إنك خلقت آدم وجعلت بيني وبينه عداوة فسلطني قال : صدورهم مساكن
لك
قال : رب زدني
قال : لا يولد لآدم ولد إلا ولد لك عشرة
قال : رب زدني
قال : تجري منهم مجرى الدم
قال : رب زدني
قال : أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد فشكا آدم - عليه السلام
- إبليس إلى ربه
قال : يا رب إنك خلقت إبليس وجعلت بيني وبينه عداوة و بغضا وسلطته علي وأنا لا
أطيقه إلا بك
قال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملكين يحفظانه من قرناء السوء
قال : رب زدني
قال : الحسنة بعشرة أمثالها قال : رب زدني
قال : لا أحجب عن أحد من ولدك التوبة ما لم يغرغر
والله أعلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان
قال : عبادي الذين قضيت لهم بالجنة ليس لك عليهم أن يذنبوا ذنبا إلا أغفر لهم
الآية 66 - 69
(5/313)
أخرج ابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يزجي قال : يجري
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله
عنه في قوله : يزجي لكم الفلك قال : يسيرها في البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله : الفلك قال : السفن
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي رضي الله عنه في قوله : إنه كان بكم رحيما قال :
نزلت في المشركين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو يرسل عليكم حاصبا قال :
مطر الحجارة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنهما في قوله : أو يرسل عليكم
حاصبا قال : حجارة من السماء ثم لا تجدوا لكم وكيلا أي منعة ولا ناصرا أم أمنتم أن
يعيدكم فيه تارة أخرى أي مرة أخرى في البحر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فيرسل عليكم
قاصفا من الريح قال : التي تغرق
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : القاصف والعاصف
في البحر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
قاصفا قال : عاصفا
وفي قوله : ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا قال : نصيرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : تبيعا قال : ثائرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ثم لا
تجدوا لكم علينا به تبيعا قال : لا يتبعنا أحد بشيء من ذلك
(5/314)
الآية 70 - 72 أخرج الطبراني
والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في تاريخه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من شيء أكرم على الله من بني آدم
يوم القيامة
قيل : يا رسول الله ولا الملائكة المقربون ؟ !
قال : ولا الملائكة
الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر "
وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفا وقال : هو الصحيح
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : المؤمن أكرم على
الله من ملائكته
وأخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الملائكة قالت : يا رب أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون
ويلبسون ونحن نسبح بحمدك ولا نأكل ولا نشرب ولا نلهو فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل
لنا الآخرة
قال : لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم مثله
وأخرج ابن عساكر من طريق عروة بن رويم قال : حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الملائكة قالوا : ربنا خلقتنا
وخلقت بني آدم
فجعلتهم يأكلون الطعام ويشربون الشراب ويلبسون الثياب ويأتون النساء ويركبون
الدواب وينامون ويستريحون ولم تجعل لنا من ذلك شيئا
فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة
فقال الله : لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عروة بن رويم مرسلا
(5/315)
وأخرج البيهقي في الأسماء
والصفات من طريق عروة بن رويم الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة : يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون
وينكحون ويركبون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة فقال الله تعالى : لا أجعل من خلقته
بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من وجه آخر عن عروة بن رويم اللخمي عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر نحوه إلا أنه
قال : " ويركبون الخيل " ولم يذكر ونفخت فيه من روحي
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولقد كرمنا بني آدم قال : جعلناهم يأكلون
بأيديهم وسائر الخلق يأكلون بأفواههم
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : ولقد كرمنا بني آدم قال : " الكرامة
الأكل بالأصابع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه قال : ما من رجل يرى مبتلى فيقول : الحمد
لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى كثير من خلقه تفضيلا إلا عافاه
الله من ذلك البلاء كائنا ما كان
وأخرج أبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن الله خلق السموات سبعا فاختار العليا منها فأسكنها ما
شاء من خلقه ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختار من بني آدم العرب واختار
من العرب مضر واختار من مضر قريشا واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم
فأنا من خيار الأخيار "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : يوم ندعو كل إناس بإمامهم قال : إمام هدى وإمام ضلالة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أنس رضي الله عنه في قوله :
يوم ندعو كل إناس بإمامهم قال : بنبيهم
(5/316)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
عن مجاهد رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يوم ندعو كل إناس بإمامهم
قال : بكتاب أعمالهم
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يوم ندعو كل إناس بإمامهم قال : يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة
نبيهم "
وأخرج الترمذي وحسنه والبزار وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : يوم ندعو
كل إناس بإمامهم قال : " يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ستين
ذراعا ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من نور يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من
بعيد فيقولون : اللهم ائتنا بهذا وبارك لنا في هذا حتى يأتيهم فيقول : أبشروا
لكل رجل منكم مثل هذا
وأما الكافر فيسود له وجهه ويمد له في جسمه ستين ذراعا على صورة آدم ويلبس تاجا من
نارا فيراه أصحابه فيقولون : نعوذ بالله من شر هذا
اللهم لا تأتنا بهذا
قال فيأتيهم
فيقول : ربنا أخره فيقول : ابعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا "
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عباس
فسأله رجل : أرأيت قوله تعالى : ومن كان في هذه أعمى
فهو في الآخرة أعمى فقال ابن عباس رضي الله عنهما : لم تصب المسألة اقرأ ما قبلها
ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر حتى بلغ وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا
فقال ابن عباس رضي الله عنهما : فمن كان أعمى عن هذا النعيم الذي قد رأى وعاين فهو
في أمر الآخرة التي لم تر ولم تعاين أعمى وأضل سبيلا
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن كان في
الدنيا أعمى عما يرى من قدرتي من خلق السماء والأرض والجبال والبحار والناس
والدواب وأشباه هذا فهو عما وصفت له في الآخرة ولم يره أعمى وأضل سبيلا يقول :
أبعد حجة
(5/317)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
عن ابن عباس : من عمي عن قدرة الله في الدنيا فهو في الآخرة أعمى
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في الآية قال : من عمي عما يراه من الشمس
والقمر والليل والنهار وما يرى من الآيات ولم يصدق بها فهو عما غاب عنه من آيات
الله أعمى وأضل سبيلا
الآية 73 - 75 أخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن أمية
بن خلف وأبا جهل بن هشام ورجالا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقالوا : تعال فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك وكان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم فأنزل الله وإن كادوا ليفتنونك
إلى قوله نصيرا
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن باذان عن جابر بن عبد الله مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يستلم الحجر فقالوا : لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه ؟
فأنزل الله وإن كادوا ليفتنونك
إلى قوله نصيرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا طاف
يقول له المشركون : استلم آلهتنا كي لا تضرك فكاد يفعل فأنزل الله وإن كادوا
ليفتنونك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير رضي الله عنه أن قريشا أتوا النبي صلى الله
عليه و سلم فقالوا له : إن كنت أرست إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس
ومواليهم
(5/318)
لنكون نحن أصحابك فركن إليهم
فأوحى الله إليه وإن كادوا ليفتنونك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : أنزل الله والنجم
إذا هوى النجم آية 1 فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية أفرأيتم
اللات والعزى النجم آية 19 فألقى عليه الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى وإن
شفاعتهن لترتجى
فقرأ النبي صلى الله عليه و سلم ما بقي من السورة وسجد فأنزل الله وإن كادوا
ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك
الآية
فما زال مغموما مهموما حتى أنزل الله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
الحج آية 52 الآية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ثقيفا قالوا للنبي صلى
الله عليه و سلم : أجلنا سنة حتى نهدي لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى للآلهة
أحرزناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة
فهم أن يؤجلهم فنزلت وإن كادوا ليفتنونك
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ضعف الحياة وضعف الممات يعني
ضعف عذاب الدنيا والآخرة
وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ضعف الحياة قال
: هو عذاب القبر
وأخرج البيهقي عن عطاء رضي الله عنه في قوله : وضعف الممات قال : عذاب القبر
الآية 76 - 79
(5/319)
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه قال : قال المشركون للنبي صلى الله عليه و سلم : كانت الأنبياء
عليهم الصلاة والسلام يسكنون الشام فمالك والمدينة ؟ فهم أن يشخص فأنزل الله تعالى
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض الآية
وأخرج ابن جرير عن حضرمي رضي الله عنه أنه بلغ أن بعض اليهود قال للنبي صلى الله
عليه و سلم : إن أرض الأنبياء أرض الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء
فأنزل الله تعالى وإن كادوا ليستفزونك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله
عنه : أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : " إن كنت نبيا
فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
فصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ما قالوا فغزا تبوك لا يريد إلا الشام فلما
بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة وإن كادوا
ليستفزونك من الأرض
الآية
إلى قوله : تحويلا فأمره بالرجوع إلى المدينة وقال : فيها محياك وفيها مماتك وفيها
تبعث
وقال له جبريل عليه السلام : سل ربك
فإن لكل نبي مسألة
فقال : ما تأمرني أن أسأل ؟ قال : قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل
لي من لدنك سلطانا نصيرا فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : وإن كادوا ليستفزونك من الأرض قال : هم أهل مكة بإخراج النبي صلى الله عليه
و سلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله تعإلى يوم بدر ولم يلبثوا بعده إلا
قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر وكذلك كانت سنة الله تعالى في الرسل عليهم الصلاة
والسلام إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وإذا لا
يلبثون خلافك إلا قليلا قال : يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر فكان ذلك هو القليل
الذي كان كثيرا بعده
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : القليل ثمانية عشر شهرا
(5/320)
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن
منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دلوك الشمس : غروبها
تقول العرب : إذا غربت الشمس : دلكت الشمس
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال : دلوكها
غروبها
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : أقم الصلاة لدلوك الشمس قال : لزوال الشمس
وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : دلوك الشمس زوالها
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : دلوك الشمس زياغها بعد نصف
النهار
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دلوكها زوالها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : دلوك الشمس
قال : إذا فاء الفيء
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم
: " أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر "
وأخرج ابن جرير عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس ثم تلا أقم الصلاة لدلوك الشمس
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن مردويه عن مجاهد رضي الله عنه قال : كنت أقود
مولاي قيس بن السائب فيقول لي : أدلكت الشمس ؟ فإذا قلت نعم صلى الظهر
أخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي
الظهر عند دلوك الشمس
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : إلى غسق الليل قال : العشاء
الآخرة
(5/321)
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : غسق الليل اجتماع الليل وظلمته
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : غسق الليل بدو الليل
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له
: أخبرني عن قوله : إلى غسق الليل قال : ما الغسق ؟ قال : دخول الليل بظلمته
قال فيه زهير بن أبي سلمى : ظلتا تجوب يداها وهي لاهبة حتى إذا جنح الإظلام في
الغسق
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : دلوك الشمس حين تزيغ
و غسق الليل غروب الشمس
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : دلوك الشمس إذا زالت عن بطن
السماء و غسق الليل غروب الشمس
والله سبحانه أعلم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وقرآن الفجر قال : صلاة
الصبح
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وقرآن الفجر قال
: صلاة الفجر
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله : إن قرآن الفجر كان
مشهودا قال : تشهده الملائكة والجن
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله
عنه في قوله : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا قال : تشهده ملائكة الليل
وملائكة النهار تجتمع فيها
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " تجتمع ملائكة الليل
وملائكة النهار في صلاة الفجر " ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : اقرؤوا إن
شئتم وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا
(5/322)
وأخرج سعيد بن منصور وابن
جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يتدارك الحرسان من
ملائكة الله تعالى حارس الليل وحارس النهار عند صلاة الصبح اقرؤوا إن شئتم وقرآن
الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ثم قال : تنزل ملائكة الليل وملائكة النهار
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أبي
الدرداء رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن قرآن
الفجر كان مشهودا قال : يشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار "
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه إن قرآن الفجر كان مشهودا قال : تشهده
ملائكة الليل وملائكة النهار
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم عن أبيه قال : دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
المسجد لصلاة الفجر فإذا قوم قد أسندوا ظهورهم إلى القبلة فقال : نحوا عن القبلة
لا تحولوا بين الملائكة وصلاتها فإن هاتين الركعتين صلاة الملائكة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن علقمة والأسود رضي
الله عنهما قال : التهجد بعد نومة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : نسخ قيام الليل إلا عن النبي صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
نافلة لك يعني خاصة للنبي صلى الله عليه و سلم أمر بقيام الليل وكتب عليه
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " ثلاث هن علي فرائض وهن لكم سنة : الوتر والسواك
وقيام الليل "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله : نافة لك قال : لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي صلى الله عليه و سلم
خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فما عمل من عمل مع المكتوب
فهو نافلة له سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب
(5/323)
فهي نواقل له وزيادة والناس
يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم فليس للناس نوافل إنما هي للنبي صلى الله
عليه و سلم خاصة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج محمد بن نصر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ومن الليل فتهجد به نافلة لك
قال : لا تكون نافلة الليل إلا للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر عن قتادة رضي
الله عنه نافلة لك قال : تطوعا وفضيلة لك
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله
عنه في قوله : نافلة لك قال : كانت للنبي صلى الله عليه و سلم نافلة ولكم فضيلة
وفي لفظ إنما كانت النافلة خاصة لرسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطيالسي وابن نصر والطبراني ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في
تاريخه عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال : إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء
فإن قعد - قعد مغفورا له وإن قام يصلي كانت له فضيلة
قيل له : نافلة ؟ قال : إنما النافلة للنبي صلى الله عليه و سلم كيف يكون له نافلة
وهو يسعى في الخطايا والذنوب ! ؟ ولكن فضيلة
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها يقولون : يا فلان اشفع
لنا
حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذلك يوم يبعثه الله المقام
المحمود
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : عسى أن
يبعثك ربك مقاما محمودا وسئل عنه قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " المقام المحمود الشفاعة "
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال : مقام الشفاعة
(5/324)
وأخرج ابن مردويه عن سعد بن
أبي وقاص رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المقام المحمود
فقال : " هو الشفاعة "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن كعب
بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يبعث الناس
يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي أن أقول ما
شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن حسين قال : أخبرني رجل من أهل العلم أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم ولا يكون
لبشر من بني آدم فيها إلا موضع قدمه ثم أدعى أول الناس فأخر ساجدا ثم يؤذن لي
فأقول : يا رب أخبرني هذا لجبريل وجبريل عن يمين الرحمن والله ما رآه جبريل قط
قبلها أنك أرسلته إلي
وجبريل عليه السلام ساكت لا يتكلم حتى يقول الرب : صدقت
ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول : أي رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض
فذلك المقام المحمود "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في البعث والخطيب في المتفق والمفترق عن
حذيفة رضي الله عنه قال : يجمع الناس في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر
حفاة عراة كما خلقوا قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه ينادي : يا محمد فيقول : لبيك
وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك
لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت
فهذا المقام المحمود "
وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن
فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام فيقول : لست بصاحب ذلك ثم موسى عليه
السلام فيقول : كذلك ثم محمد صلى الله عليه و سلم فيشفع فيقضي الله بين الخلائق
فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة " فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل
الجمع كلهم
(5/325)
وأخرج أحمد وابن جرير وابن
المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " إني لأقوم المقام المحمود
قيل : وما المقام المحمود ؟ قال : ذلك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من
يكسى إبراهيم عليه السلام فيقول : اكسوا خليلي
فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما ثم يقعد مستقبل العرش
ثم أوتى بكسوة فألبسها فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد فيغبطني به الأولون
والآخرون ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض "
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم سئل : " ما المقام المحمود الذي ذكر لك ربك ؟ قال : يحشر الله الناس
يوم القيامة عراة غرلا كهيئتكم يوم ولدتم
هالهم الفزع الأكبر وكظمهم الكرب العظيم وبلغ الرشح أفواههم وبلغ بهم الجهد والشدة
فأكون أول مدعى وأول معطى ثم يدعى إبراهيم عليه السلام قد كسي ثوبين أبيضين من
ثياب الجنة ثم يؤمر فيجلس في قبل الكرسي
ثم أقوم عن يمين العرش
فما من الخلائق قائم غيري فأتكلم فيسمعون وأشهد فيصدقون "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ عسى
أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال : " يجلسه على السرير "
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر
وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي وأنا
أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر
فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : أنت أبونا فاشفع لنا إلى
ربك
فيقول : إني أذنبت ذنبا أهبطت منه إلى الأرض ولكن ائتوا نوحا
فيأتون نوحا فيقول : إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا ولكن اذهبوا إلى إبراهيم
فيأتون إبراهيم فيقول : ائتوا موسى
فيأتون موسى عليه الصلاة و السلام فيقول : إني قتلت نفسا ولكن ائتوا عيسى
فيأتون عيسى عليه السلام فيقول : إني عبدت من دون الله ولكن ائتوا محمدا صلى الله
عليه و سلم
فيأتوني فأنطلق معهم فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال : من هذا ؟ فأقول : محمد
فيفتحون لي ويقولون : مرحبا
فأخر ساجدا فيلهمني الله عز و جل من الثناء والحمد والمجد فيقال : ارفع رأسك
سل تعط واشفع تشفع
(5/326)
وقل يسمع لقولك
فهو المقام المحمود الذي قال الله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما
محمودا قال : يخرج الله قوما من النار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمد صلى
الله عليه و سلم فذلك المقام المحمود
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه ذكر حديث الجهنميين فقيل
له : ما هذا الذي تحدث والله تعالى يقول : إنك من تدخل النار فقد أخزيته آل عمران
آية 192 وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها السجدة آية 20 فقال : هل تقرأ
القرآن ؟ قال : نعم
قال : فهل سمعت فيه بالمقام المحمود ؟ قال : نعم
قال : فإنه مقام محمد صلى الله عليه و سلم الذي يخرج الله به من يخرج
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : يأذن الله تعالى في الشفاعة فيقوم روح القدس جبريل عليه السلام ثم يقوم
إبراهيم خليل الله عليه الصلاة و السلام ثم يقوم عيسى أو موسى عليهما السلام ثم
يقوم نبيكم صلى الله عليه و سلم واقفا ليشفع لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع وهو
المقام المحمود الذي قال الله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إذا سألتم الله فاسألوه أن يبعثني المقام المحمود الذي وعدني "
وأخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" من قال حين يسمع النداء : الله رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت
محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان رضي الله عنه قال : يقال له : سل تعطه - يعني النبي
صلى الله عليه و سلم - واشفع تشفع وادع تجب
فيرفع رأسه فيقول : أمتي
مرتين أو ثلاثا فقال سلمان رضي الله عنه : يشفع في كل من في قلبه مثقال حبة حنطة
من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان
قال سلمان رضي الله عنه : فذلكم المقام المحمود "
(5/327)
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود
رضي الله عنه قال : " قيل : يا رسول الله ما المقام المحمود ؟ قال : ذلك يوم
ينزل الله تعالى عن عرشه فيئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه "
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : يجلسه بينه وبين جبريل عليه السلام ويشفع لأمته
فذلك المقام المحمود
وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال : يجلسني معه على السرير "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم خير بين أن يكون عبدا نبيا أو ملكا
نبيا فأومأ إليه جبريل عليه السلام أن تواضع فاختار أن يكون عبدا نبيا
فأعطي به النبي صلى الله عليه و سلم ثنتين : أنه أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع
فكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : يجلسه معه على عرشه
الآية 80 أخرج أحمد والترمذي وصحه وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم بمكة ثم أمر بالهجرة فأنزل
الله تعالى قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وقل رب
أدخلني مدخل صدق
الآية
قال : أخرجه الله من مكة مخرج صدق وأدخله المدينة مدخل صدق قال : وعلم نبي الله
صلى الله عليه و سلم أنه لا طاقة له
(5/328)
بهذا الأمر إلا بسلطان فسأل
سلطانا نصيرا لكتاب الله تعالى وحدوده وفرائضه وإقامة كتاب الله تعالى فإن السلطان
عزة من الله تعالى جعلها بين عباده ولولا ذلك لغار بعضهم على بعض وأكل شديدهم
ضعيفهم
وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : والله لما يزع الله بالسلطان
أعظم مما يزع بالقرآن
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في الآية قال
: جعل الله مدخل صدق المدينة ومخرج صدق مكة و سلطانا نصيرا الأنصار
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ " أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق " بفتح الميم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أدخلني مدخل
صدق يعني الموت
وأخرجني مخرج صدق يعني الحياة بعد الموت
الآية 81 - 82 وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه
و سلم مكة وحول البيت ستون وثلثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : جاء الحق
وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وجاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد سبأ 49
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن المنذر عن جابر رضي الله عنه قال : "
دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنما فأمر
بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكبت لوجهها وقال : جاء الحق وزهق الباطل إن
الباطل كان زهوقا "
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة
ثلثمائة وستون
(5/329)
صنما فشد لهم إبليس أقدامها
بالرصاص فجاء معه وقضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم منها فيخر لوجهه فيقول : جاء الحق
وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا حتى مر عليها كلها "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
إن الباطل كان زهوقا قال : ذاهبا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وقل جاء الحق قال : القرآن وزهق الباطل قال : هلك وهو الشيطان
وفي قوله : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة قال الله تعالى جعل هذا القرآن شفاء
ورحمة للمؤمنين إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه ولا يزيد الظالمين إلا خسارا
لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه
وأخرج ابن عساكر عن أويس القرني رضي الله عنه قال : لم يجالس هذا القرآن أحد إلا
قام عنه بزيادة أو نقصان قضاء من الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد
الظالمين إلا خسارا
الآية 83 - 84 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : ونأى بجانبه قال : تباعد منا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
كان يؤوسا قال : قنوطا
وفي قوله : قل كل يعمل على شاكلته قال : على ناحيته
وأخرج هناد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : على شاكلته قال : على
نيته
(5/330)
الآية 85 أخرج ابن أبي شيبة
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ويسألونك عن
الروح قال : يهود يسألونه
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان
وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال
: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه و سلم في خرب المدينة وهو متكئ على عسيب فمر
بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح
وقال بعضهم : لا تسألوه
فسألوه فقالوا : يا محمد ما الروح ؟ فما زال يتوكأ على العسيب وظننت أنه يوحى إليه
فأنزل الله ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة
والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : قالت قريش لليهود : أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا : سلوه عن
الروح فسألوه فنزلت ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا قالوا : أوتينا علما كثيرا : أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي
خيرا كثيرا
فأنزل الله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات
ربي ولو جئنا بمثله مددا الكهف آية 109
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود قالوا
للنبي صلى الله عليه و سلم : " أخبرنا ما الروح ؟ وكيف تعذب الروح التي في
الجسد ؟ وإنما الروح من الله ولم يكن نزل عليه فيه شيء فلم يجر إليهم شيئا فأتاه
جبريل عليه السلام فقال له : قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
فأخبرهم النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فقالوا : من جاءك بهذا ؟ قال : جبريل
قالوا : والله ما قاله لك إلا عدو لنا
فأنزل الله تعالى قل من كان عدوا لجبريل
البقرة آية 97 الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو
الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في
قوله : ويسألونك عن الروح قال : هو ملك من الملائكة له سبعون
(5/331)
ألف وجه لكل وجه منها سبعون
ألف لسان
لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات يخلق الله تعالى من كل
تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : ويسألونك عن الروح قال : هو ملك واحد له عشرة آلاف جناح جناحان
منهما ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه لكل وجه لسان وعينان وشفتان يسبحان الله
تعالى إلى يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الروح أمر من أمر
الله وخلق من خلق الله وصورهم على صور بني آدم وما ينزل من السماء من ملك إلا ومعه
واحد من الروح
ثم تلا يوم يقوم الروح والملائكة صفا النبأ آية 38
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : سئل ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي لا تنال هذه المنزلة
فلا تزيدوا عليها
قولوا كما قال الله وعلم نبيه صلى الله عليه و سلم وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن بريدة رضي الله عنه قال : لقد قبض
النبي صلى الله عليه و سلم وما يعلم الروح
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن زياد أنه بلغه أن رجلين اختلفا في هذه الآية وما
أوتيتم من العلم إلا قليلا فقال أحدهما : إنما أريد بها أهل الكتاب وقال الآخر :
بل إنه محمد صلى الله عليه و سلم
فانطلق أحدهما إلى ابن مسعود رضي الله عنه فسأله فقال : ألست تقرأ سورة البقرة ؟
فقال : بلى
فقال : وأي العلم ليس في سورة البقرة ؟ إنما أريد بها أهل الكتاب
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ويسألونك
عن الروح قال : الروح ملك
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم الثقفي رضي الله عنه قال :
بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض سكك المدينة إذ عرض له اليهود فقالوا
: يا محمد
(5/332)
ما الروح ؟ وبيده عسيب نخل
فاعتمد عليه - ورفع راسه إلى السماء ثم قال : ويسألونك عن الروح
إلى قوله : قليلا قال ابن عساكر : عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم الثقفي
قيل إن له صحبة
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الروح خلق مع
الملائكة لا يراهم الملائكة كما لا ترون أنتم الملائكة
و الروح حرف استأثر الله تعالى بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه
وهو قوله تعالى : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه قال : الإنس والجن عشرة أجزاء : فالإنس جزء
والجن تسعة أجزاء
والملائكة والجن عشرة أجزاء : فالجن من ذلك جزء والملائكة تسعة
والملائكة والروح عشرة أجزاء : فالملائكة من ذلك جزء والروح تسعة أجزاء
والروح والكروبيون عشرة أجزاء : فالروح من ذلك جزء والكروبيون تسعة أجزاء
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت بمكة وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم إلى
المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا : " يا محمد ألم يبلغنا أنك تقول : وما
أوتيتم من العلم إلا قليلا أفعنيتنا أم قومك ؟ قال : كلا قد عنيت
قالوا : فإنك تتلو أنا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما عملتم به انتفعتم
فأنزل الله ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام
إلى قوله : إن الله سميع بصير لقمان آية 27 - 28
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جرير في قوله : وما أوتيتم من العلم قال : يا
محمد والناس أجمعون
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا يعني اليهود
الآية 86 - 87
(5/333)
أخرج الحكيم الترمذي عن ابن
عباس قال : لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و
سلم فقالوا : " أبيت اللعن : فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سبحان
الله
إنما يقال هذا للملك ولست ملكا
أنا محمد بن عبد الله
فقالوا : إنا لا ندعوك باسمك
قال : فأنا أبو القاسم
فقالوا : يا أبا القاسم إنا قد خبأنا لك خبيئا
فقال : سبحان الله
! إنما يفعل هذا بالكاهن والكاهن والمتكهن والكهانة في النار
فقال له أحدهم : فمن يشهد لك أنك رسول الله ؟ فضرب بيده إلى حفنة حصا فأخذها فقال
: هذا يشهد أني رسول الله صلى الله عليه و سلم فسبحن في يده فقلن : نشهد أنك رسول
الله
فقالوا له : أسمعنا بعض ما أنزل عليك
فقرأ والصافات صفا حتى انتهى إلى قوله : فأتبعه شهاب ثاقب الصافات الآية 1 - 10
فإنه لساكن ما ينبض منه عرق وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته فقالوا له : إنا نراك تبكي
! أمن خوف الذي بعثك تبكي ! ؟ قال : بل من خوف الذي بعثني ابكي إنه بعثني على طريق
مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت
ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : إن هذا
القرآن سيرفع
قيل : كيف يرفع وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في المصاحف
! ؟ قال : يسرى عليه في ليلة واحدة فلا يترك منه آية في قلب ولا مصحف إلا رفعت
فتصبحون وليس فيكم منه شيء
ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليسرين على القرآن
في ليلة فلا يترك آية في مصحف أحد إلا رفعت
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يسر ى على القرآن ليلا فيذهب به
من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اقرؤوا القرآن قبل
أن يرفع فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع
قالوا : هذه المصاحف ترفع
(5/334)
فكيف بما في صدور الناس
! ؟ قال : يعدى ليلا فيرفع من صدورهم فيصبحون فيقولون : لكأنا كنا نعلم شيئا ثم
يقعون في الشعر
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا
صدقة ولا نسك
ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى الشيخ الكبير
والعجوز يقولون : أدركنا آبائنا على هذه الكلمة " لا إله إلا الله "
فنحن نقولها "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن حذيفة رضي الله عنه قال : يوشك أن يدرس الإسلام كما
يدرس وشي الثوب ويقرأ الناس القرآن لا يجدون له حلاوة فيبيتون ليلة فيصبحون وقد
أسري بالقرآن وما قبله من كتاب حتى ينتزع من قلب شيخ كبير وعجوز كبير فلا يعرفون
وقت صلاة ولا صيام ولا نسك
حتى يقول القائل منهم : إنا سمعنا الناس يقولون : لا إله إلا الله فنحن نقول لا
إله إلا الله
وأخرج ابن أبي داود وابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : يسرى على
القران في ليلة فيقوم المتهجدون في ساعاتهم فلا يقدرون على شيء فيفزعون إلى
مصاحفهم فلا يقدرون عليها فيخرج بعضهم إلى بعض فيلتقون فيخبر بعضهم بعضا بما قد
لقوا
وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" يأتي الناس زمان يرسل إلى القرآن ويرفع من الأرض "
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال
: لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوي حول العرش كدوي النحل يقول :
أتلى ولا يعمل بي
وأخرج محمد بن نصر عن الليث بن سعد رضي الله عنه قال : إنما يرفع القرآن حين يقبل
الناس على الكتب ويكبون عليها ويتركون القرآن
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : " أطيعوني ما دمت بين أظهركم فإن ذهبت
فعليكم بكتاب الله
أحلوا حلاله وحرموا حرامه فإنه سيأتي على الناس زمان يسرى على القرآن في ليلة
فينسخ من القلوب والمصاحف "
(5/335)
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : يسرى على كتاب الله فيرفع إلى السماء فلا
يبقى على الأرض من القرآن ولا من التوراة والإنجيل والزبور فينزع من قلوب الرجال
فيصبحون في الصلاة لا يدرون ما هم فيه
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يسرى على كتاب الله ليلا فيصبح الناس
ليس في الأرض ولا في جوف مسلم منه آية "
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا تقوم الساعة حتى يرفع الذكر والقرآن "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنها قالا : خطب رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : " يا أيها الناس ما هذه الكتب التي بلغني أنكم
تكتبونها مع كتاب الله ؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه فيسرى عليه ليلا لا يترك في قلب
ولا ورق منه حرفا إلا ذهب به
فقيل : يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات ؟ قال : من أراد الله به خيرا أبقى
في قلبه لا إله إلا الله "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال : يسرى على
القرآن في جوف الليل يجيء جبريل عليه السلام فيذهب به ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن
الآية
الآية 88 - 89 أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم محمود بن سيحان ونعيمان بن
أصي ومجزئ بن عمر وسلام بن مشكم فقالوا : يا محمد هذا الذي جئت به حق من عند الله
؟ فإنا لا نراه متناسقا كما تتناسق التوراة
فقال لهم : أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله
(5/336)
قالوا : إنا نجيئك بمثل ما
أتي به
فأنزل الله قل لئن اجتمعت الإنس والجن الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : قل لئن اجتمعت الإنس والجن
الآية
قال : يقول : لو برزت الجن وأعانهم الإنس فتظاهروا لم يأتوا هذا القرآن
الآية 90 - 96 أخرج ابن جرير وابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بني عبد الدار
وأبا البختري - أخا بني أسد - والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن
المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل
ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال
بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه
فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم سريعا وهو يظن أنهم قد بدا لهم في أمره بدء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم
ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا : " يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنعذرك
وإنا
(5/337)
والله
ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت
الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي من قبيح إلا وقد جئته
فيما بيننا وبينك
فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا
وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا وإن
كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من
الجن الرئي - فربما كان ذلك بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر في
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بي ما تقولون
ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا فيئكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني
إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي
ونصحت لكم
فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر
الله حتى يحكم الله بيني وبينكم
فقالوا : يا محمد فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من
الناس أضيق بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فاسأل ربك الذي بعثك بما بعثك به
فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا
كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم
قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول حق هو أم باطل ؟ فإن صنعت ما
سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك من عند الله وإنه بعثك رسولا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما
بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم
فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم
الله بيني وبينكم
قالوا : فإن لم تفعل لنا فخر لنفسك فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول
ويراجعنا عنك وتسأله أن يجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك عما نراك
تبتغي - فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه - حتى نعرف منزلتك من ربك إن
كنت رسولا كما تزعم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنا بفاعل
ما أنا بالذي يسأل ربه هذا
وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو
حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم
قالوا :
(5/338)
فأسقط السماء كما زعمت أن ربك
إن شاء فعل فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك
قالوا : يا محمد قد علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك ونطلب منك ما نطلب
فيتقدم إليك ويعلمك ما تراجعنا به ويخبرك بما صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما
جئتنا به فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لا
نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمد أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى
نهلكك أو تهلكنا
وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا
فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي
أمية فقال : يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم
أمورا ليعرفوا بها منزلتك عند الله فلم تفعل ذلك ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من
العذاب
فوالله ما أؤمن لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى
تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول وأيم
الله لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك
ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان طمع فيه من قومه حين دعوه ولما رأى من
متابعتهم إياه
وأنزل عليه فيما قال له عبد الله بن أبي أمية : وقالوا لن نؤمن لك
إلى قوله : بشرا رسولا وأنزل عليه في قولهم لن نؤمن بالرحمن كذلك أرسناك في أمة قد
خلت
الرعد آية 30 الآية
وأنزل عليه فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال وتقطيع الجبال وبعث من مضى من
آبائهم الموتى ولو أن قرآنا سيرت به الجبال
الرعد آية 31 الآية
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن بن جبير رضي
الله عنه في قوله : وقالوا لن نؤمن لك قال : نزلت في أخي أم سلمة عبد الله بن أبي
أمية
وأخرح ابن جرير عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه قرأ حتى تفجر لنا خفيفة
(5/339)
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم
عن قتادة رضي الله عنه في قوله : حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أي ببلدنا هذا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ينبوعا
قال : عيونا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : الينبوع هو الذي يجري من العين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو تكون لك جنة من نخيل
وعنب يقول : ضيعة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو تسقط السماء كما زعمت
علينا كسفا قال : قطعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو تأتي بالله والملائكة
قبيلا قال : عيانا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو يكون لك بيت من زخرف قال
: من ذهب
وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في المصاحف وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم أكن أحسن
ما الزخرف حتى سمعتها في قراءة عبد الله أو يكون لك بيت من زخرف قال : من ذهب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : الزخرف الذهب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : حتى
تنزل علينا كتابا نقرؤه قال : من عند رب العالمين إلى فلان بن فلان يصبح عند كل
رجل منا صحيفة عند رأسه موضوعة يقرؤها
الآية 97 - 99
(5/340)
أخرج أحمد والبخاري ومسلم
والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وأبو نعيم في المعرفة وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه قال : " قيل : يا رسول الله
كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ قال : الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على
وجوههم "
واخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم
هذه الآية الذين يحشرون على وجوههم الفرقان آية 34 الآية
فقالوا : يا نبي الله وكيق يمشون على وجوههم ؟ قال : أرأيت الذي أمشاهم على
أقدامهم ؟ أليس قادرا على أن يمشيهم على وجوههم ؟ ؟
"
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يحشر الناس
يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف مشاة وصنف ركبان وصنف على وجوههم
قيل : يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم ؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم
قادر أن يمشيهم على وجوههم
أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك "
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي ذر رضي
الله عنه أنه تلا هذه الاية ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما فقال
: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم : " أن الناس يحشرون يوم القيامة
على ثلاة أفواج : فوج طاعمين كاسين راكبين وقوج يمشون ويسعون وفوج تسحبهم الملائكة
على وجوههم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والحاكم عن معاوية
بن حيدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنكم
تحشرون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم ههنا ونحى بيده نحو الشام "
(5/341)
وأخرج ابن جرير وابن ابي حاتم
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : عميا قال : لا يرون شيئا يسرهم بكما قال :
لا ينطقون بحجة وصما قال : لا يسمعون شيئا يسرهم
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تغبطن فاجرا بنعمة
فإن من ورائه طالبا حثيثا "
وقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا
وأخر البيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " الدنيا خضرة حلوة
من اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حله أحله دار الهوان
ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة
يقول الله : كلما خبت زدناهم سعيرا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : مأواهم جهنم
يعني أنهم وقودها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : كلما خبت قال : سكنت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا
قال : كلما طفئت أسعرت وأوقدت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباربي في كتاب الأضداد عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا
قال : كلما أحرقتهم سعر بهم حطبا فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيء صارت حمراء تتوهج
فذلك خبؤها فإذا بدلوا خلقا جديدا عاوتهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن قتادة رضي الله عنه في قوله : كلما
خبت زدناهم سعيرا
يقول : كلما احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقا العذاب
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : كلما خبت قال : الخبء الذي يطفأ مرة ويشعل أخرى
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : وتخبو النار عن
أدنى أذاهم وأضرمها إذا ابتردوا سعيرا
(5/342)
وأخرج ابن الأنباري عن أبي
صالح في قوله : كلما خبت قال : معناه كلما حميت
الآية 100 أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله : خزائن رحمة ربي قال : الرزق
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : إذا لأمسكتم خشية الإنفاق قال
: إذن ما أطعمتم أحدا شيئا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : خشية الإنفاق
قال : الفقر وفي قوله : وكان الإنسان قتورا قال : بخيلا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : خشية
الإنفاق قال : خشية الفاقة وكان الإنسان قتورا قال : بخيلا ممسكا
الآية 101 - 105 أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات
قال : اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنين ونقص من
الثمرات
(5/343)
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : تسع آيات بينات قال : يده وعصاه ولسانه
والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن
ماجة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن قانع والحاكم
وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن صفوان بن عسال : "
أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه : انطلق بنا إلى هذا النبي نسأله فأتياه فسألاه عن
قول الله : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لا تشركوا بالله شيئا ولا تنزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا
تسرقوا ولا تسحروا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان فيقتله ولا تأكلوا الربا ولا
تقذفوا محصنة
أو قال : ولا تفروا من الزحف شك شعبة وعليكم يا يهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت
فقبلا يديه وقالا : نشهد أنك نبي
قال : فما يمنعكما أن تسلما ؟ !
قالا : إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا اليهود
"
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن قول
الله تعالى : وإني لأظنك يا فرعون مثبورا قال : مخالفا
وقال : الأنبياء أكرم من أن تلعن أو تسب
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ فاسأل بني إسرائيل يقول : سأل
موسى فرعون بني إسرائيل أن أرسلهم معي
قال مالك بن دينار : وإنما كتبوا " فسل " بلا ألف كما كتبوا قال :
" قل "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ
لقد علمت يعني بالرفع
قال علي : والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي علم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ لقد
علمت بالنصب - يعني فرعون - ثم تلا وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم النمل آية 14
(5/344)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما مثبورا قال : ملعونا
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله
وأخرج الشيرازي في الألقاب وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي
الله عنهما مثبورا قال : قليل العقل
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : مثبورا قال
: ملعونا محبوسا عن الخير
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت عبد الله بن الزبعرى يقول : إذ
أتاني الشيطان في سنة النو م ومن مال ميلة مثبورا وأخرج ابن جرير من طريق العوفي
عن ابن عباس رضي الله عنهما لفيفا قال : جميعا
الآية 106 - 109 أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قرأ وقرآنا فرقناه مثقلة
قال : نزل القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة فكان
المشركون إذا أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا
ففرقه الله في عشرين سنة
وأخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف من طريق الضحاك عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : نزل القرآن جملة واحد من عند الله من اللوح المحفوظ إلى
السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة
ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه و سلم عشرين سنة
فقال المشركون : لولا نزل عليه القرآن جملة واحد
فقال الله كذلك لنثبت به
(5/345)
فؤادك الفرقان آية 32 أي
نزلناه عليك متفرقا ليكون عندك جواب ما يسألونك عنه ولو أنزلناه عليك جملة واحدة
ثم سألوك لم يكن عندك جواب ما يسألون عنه
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل القرآن جملة واحدة
حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه و سلم
بجواب كلام العباد وأعمالهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس أنه
قرأها مثقلة يقول : أنزل آية آية
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه قال : تعلموا القرآن خمس آيات
خمس آيات فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه و سلم خمسا خمسا
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي نضرة قال : كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يعلمنا
القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشي ويخبر أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات
خمس آيات
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ
وقرآنا فرقناه مخففا يعني بيناه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما وقرآنا فرقناه قال :
فصلناه على مكث بأمد يخرون للأذقان يقول : للوجوه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد على مكث في ترسل
وأخرج ابن الضريس عن قتادة في قوله : وقرآنا فرقناه الآية
قال : لم ينزل في ليلة ولا ليلتين ولا شهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين وكان بين
أوله وآخره عشرون سنة أو ما شاء الله من ذلك
وأخرج ابن الضريس من طريق قتادة عن الحسن رضي الله عنه قال : كان يقال : أنزل
القرآن على نبي الله صلى الله عليه و سلم ثمان سنين بمكة وعشرا بعدما هاجر
وكان قتادة يقول : عشر بمكة وعشر بالمدينة
(5/346)
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي
الله عنه إن الذين أوتوا العلم من قبله هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل
الله على محمد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : من قبله من قبل
النبي صلى الله عليه و سلم إذا يتلى ما أنزل عليهم من عند الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إذا يتلى عليهم قال : كتابهم
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد
الأعلى التيمي قال : إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم
ما لا ينفعه لأن الله نعت أهل العلم فقال : ويخرون للأذقان يبكون
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح عن أبي حازم : " أن النبي صلى الله عليه و
سلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي فقال : من هذا ؟ قال : فلان
قال جبريل : إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء فإن الله يطفئ بالدمعة نهورا
من نيران جهنم "
وأخرج الحكيم الترمذي عن النضر بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لو أن عبدا بكى في أمة من الأمم لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك
العبد
وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحورا من النار
وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله إلا حرم الله جسدها على النار وإن فاضت على
خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة "
وأخرج ابن ابي شيبة عن الجعد أبي عثمان قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال :
" إلهي
ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك ؟
قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر "
الآية 110 أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قال : " كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يجهر بالدعاء فجعل يقول : يا الله
يا رحمن
فسمعه أهل مكة فأقبلوا عليه فأنزل الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن
الآية "
(5/347)
وأخرج ابن جرير وابن مردويه
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة
ذات يوم فدعا ربه فقال في دعائه : يا الله
يا رحمن
فقال المشركون : انظروا إلى هذا الضابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين
فأنزل الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
ذات يوم في حرث في يده جريدة فسأله اليهود عن الرحمن - وكان لهم كاهن باليمامة
يسمونه الرحمن - فأنزلت قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن
الآية
وأخرج ابن جرير عن مكحول : " أن النبي كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده
: يا رحمن
يا رحيم
فسمعه رجل من المشركين فلما أصبح قال لأصحابه : انظروا ما قال ابن أبي كبشة يزعم
الليلة الرحمن الذي باليمن - وكان باليمن رجل يقال له رحمن - فنزلت قل ادعوا الله
أو ادعوا الرحمن
الآية "
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله : قل ادعوا الله أو
ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
إلى آخر الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هو أمان من السرق "
وإن رجلا من الهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تلاها حيث أخذ مضجعه
فدخل عليه سارق فجمع ما في البيت وحمله - والرجل ليس بنائم - حتى انتهى إلى الباب
فوجد الباب مردودا فوضع الكارة ففعل ذلك ثلاث مرات فضحك صاحب البيت ثم قال : إني
أحصنت بيتي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أيا ما تدعوا قال : باسم من
أسمائه والله أعلم
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي
حاتم وابن حبان وابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : ولا تجهر بصلاتك
الآية
قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة متوار فكان إذا صلى بأصحابه رفع
صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله
لنبيه صلى الله عليه و سلم ولا تجهر
(5/348)
بصلاتك أي بقراءتك فيسمع
المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك
واتبغ بين ذلك سبيلا يقول : بين الجهر والمخافتة
وأخرج ابن إسحق وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرقوا عنه وأبوا أن
يستمعوا منه فكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض ما
يتلو وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقا منهم فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب
خشية أذاهم فلم يستمع
فإن خفض رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا
فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ولا تخافت بها فلا تسمع من أراد أن
يسمعها ممن يسترق ذلك لعله يرعوي إلى بعض ما يستمع فينتفع به وابتغ بين ذلك سبيلا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
يجهر بالقراءة بمكة فيؤذى فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله
عليه و سلم إذا صلى عند البيت جهر بقراءته فكان المشركون يؤذونه فنزلت ولا تجهر
بصلاتك
الآية
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى يجهر بصلاته فآذى ذلك المشركين فأخفى صلاته هو
وأصحابه
فلذك قال الله : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وقال : في الأعراف واذكر ربك في
نفسك الأعراف آية 205 الآية
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر
بصلاتمك ولا تخافت بها قال : كان الرجل إذا دعا في الصلاة رفع صوته
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان مسيلمة الكذاب
قد تسمى الرحمن فكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا صلى فجهر ببسم الله الرحمن
الرحمن قال المشركون : يذكر إله اليمامة
فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
(5/349)
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف
عن سعيد رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يرفع صوته ببسم
الله الرحمن الرحيم
وكان مسيلمة قد تسمى الرحمن فكان المشركون إذا سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه و
سلم قالوا : قد ذكر مسيلمة إله اليمامة ثم عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير
فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى
الله عليه و سلم إذا جهر بالقرآن شق ذلك على المشركين فيؤذون النبي صلى الله عليه
و سلم بالشتم - وذلك بمكة - فأنزل الله : يا محمد ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك وابتغ بين ذلك سبيلا يقول : اطلب الإعلان والجهر
وبين التخافت والجهر طريقا
لا جهرا شديدا ولا خفضا حتى لا تسمع أذنيك
فلما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ترك هذا كله
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن
سيرين قال : نبئت أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا قرأ خفض
وكان عمر رضي الله عنه إذا قرأ جهر
فقيل لأبي بكر رضي الله عنه : لم تصنع هذا ؟ قال : أناجي ربي وقد علم حاجتي
وقيل لعمر رضي الله عنه : لم تصنع هذا ؟ قال : أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان
فلما نزلت ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قيل لأبي بكر رضي الله عنه : ارفع شيئا
وقيل لعمر رضي الله عنه : اخفض شيئا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو بكر رضي الله عنه
إذا صلى من الليل خفض صوته جدا وكان عمر رضي الله عنه إذا صلى رفع صوته جدا
فقال عمر رضي الله عنه : يا أبا بكر لو رفعت من صوتك شيئا
وقال أبو بكر رضي الله عنه : يا عمر لو خفضت من صوتك شيئا
فأتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبراه بأمرهما فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
ولا تخافت بها
الآية
فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم إليهما فقال : " يا أبا بكر ارفع من صوتك
شيئا
وقال لعمر رضي الله عنه : اخفض من صوتك شيئا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف والبخاري ومسلم وأبو داود في الناسخ
والبزار والنحاس وابن نصر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها
قالت : إنما نزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها في الدعاء
(5/350)
وأخرج ابن جرير والحاكم وعن
عائشة رضي الله عنها قالت : نزلت هذه الآية في التشهد ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت
بها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها في
قوله : ولا تجهر بصلاتك قال : نزلت في المسألة والدعاء
وأخرج محمد بن نصر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء وآذاه المشركون فنزل ولا تجهر
بصلاتك ولا تخافت بها
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن مردويه عن دراج أبي
السمح : أن شيخا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثه أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها إنما نزلت
في الدعاء لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتسمع منك فتعير بها "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر بصلاتك قال : نزلت في الدعاء كانوا
يجهرون بالدعاء : اللهم ارحمني
فلما نزلت أمروا أنى لا يخافتوا ولا يجهروا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن شداد رضي الله
عنه قال : كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه و سلم قالوا : اللهم
ارزقنا إبلا وولدا
فنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ولا تجهر بصلاتك قال : ذلك في
الدعاء والمسألة
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر
بصلاتك ولا تصل مراياة الناس ولا تخافت بها قال : لا تدعها مخافة الناس
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
قال : لا تصلها رياء ولا تدعها حياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر بصلاتك لا
تجعلها كلها جهرا ولا تخافت بها قال : لا تجعل كلها سرا
(5/351)
وأخرج ابن أبي داود في
المصاحف عن أبي رزين رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله بن عمر ولا تخافت بصوتك
ولا تعال به
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن مسعود قال : لم يخافت من أسمع أذنيه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال :
العلم خير من العمل وخير الأمور أوسطها والحسنة بين تلك السيئتين وذلك لأن الله
تعالى يقول : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال : خير الأمور أوسطها
الآية 111 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال :
إن اليهود والنصارى قالوا اتخذا الله ولدا البقرة آية 116 وقالت العرب : لبيك لا
شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك
وقال الصابئون والمجوس : لولا أولياء الله لذل فأنزل الله هذه الآية وقل الحمد لله
الذي لم يتخذ ولدا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : ولم يكن له ولي من الذل قال : لم يخف أحدا ولم يبتغ نصر أحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : وكبره تكبيرا قال : كبره أنت يا محمد
على ما يقولون تكبيرا
وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " آية العز : وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا
" الآية كلها
وأخرج أبو يعلى وابن السني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خرجت أنا ورسول
الله صلى الله عليه و سلم ويدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال : أي فلان ما
بلغ بك ما أرى ؟ قال : السقم والضر
قال : ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر ؟
قل : توكلت على الحي الذي لا يموت و الحمد لله الذي لم يتخذ
(5/352)
ولدا ولم يكن له شريك في
الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه و
سلم وقد حسنت حالته فقال : مهيم ؟ فقال : لم أزل أقول الكلمات التي علمتني "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن إسماعيل بن
أبي فديك رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما كربني
أمر إلا تمثل لي جبريل عليه السلام فقال : يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت
و الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك
الآية "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و
سلم كان يعلم أهله هذه الآية الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا إلى آخرها
الصغير من أهله والكبير
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الكريم بن أبي أمية قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يعلم الغلام من بني هاشم إذا أفصح سبع سنوات الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الكريم عن عمرو بن شعيب رضي الله عنه قال : كان
الغلام إذا أفصح من بني عبد المطلب علمه النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية سبع
مرات الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية
وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
وأخرج ابن السني والديلمي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم رضي الله
عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لها : " إذا أخذت مضجعك فقولي :
الحمد لله الكافي
سبحان الله الأعلى
حسبي الله وكفى ما شاء الله
قضى سمع الله لمن دعا ليس من الله ملجأ ولا وراء الله ملتجأ
توكلت على ربي وربكم
ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها
إن ربي على صراط مستقيم الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم
يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا من يقولها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين
والهوام فلا تضره "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الوراة كلها في خمس عشرة آية
من بني إسرائيل ثم تلا ولا تجعل مع الله إلها آخر والله أعلم
(5/353)
18 - سورة الكهف
مكية وآياتها عشر ومائة
مقدمة سورة الكهف أخرج النحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : نزلت سور الكهف بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت سورة الكهف بمكة
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن حبان والحاكم
والبيهقي في سننه وابن مردويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وأبو عبيد في فضائله عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف
عصم من فتنة الدجال "
وأخرج أبو عبيد وابن مردويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من حفظ عشرة آيات من أول سورة الكهف ثم أدركه الدجال لم يضره
ومن حفظ خواتيم سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن الضريس والنسائي وابن أبي حاتم وابن حبان وابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي العالية قال : قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار
دابة فجعلت تنفر
فينظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته فذكر للنبي صلى الله عليه و سلم قال : "
أقرا فلان فإنها السكينة نزلت للقرآن "
(5/354)
وأخرج الطبراني عن أسيد بن
حضير أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " يا رسول الله إني كنت أقرأ
البارحة سورة الكهف فجاء شيء حتى غطى فمي
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مه
تلك السكينة جاءت حين تلوت القرآن "
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي االدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال "
وأخرج ابن الضريس والنسائي وأبو يعلى والروياني عن ثوبان عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف فإنه عصمة له من
الدجال "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قرأ من سورة الكهف عشر آيات عند منامه عصم من فتنة الدجال ومن قرأ
خاتمتها عند رقاده كان له نورا من لدن قرنه إلى قدمه يوم القيامة "
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قرأ الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون
وإن خرج الدجال عصم منه "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في السنن والطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء عن
أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ سورة
الكهف كانت له نورا من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم
يضره "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين
"
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والدارمي وابن الضريس والحاكم والبيهقي في شعب
الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من
النور ما بينه وبين البيت العتيق
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم خرج الدجال لم يسلط ولم يكن له عليه سبيل "
(5/355)
وأخرج أحمد والطبراني وابن
مردويه عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من قرأها
كلها كانت له نورا ما بين الأرض إلى السماء "
وأخرج ابن مردويه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء
يضيء له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا
أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض ولكاتبها من الأجر مثل ذلك ؟ ومن
قرأها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ومن قرأ
العشر الأواخر منها عند نومه بعثه الله أي الليل شاء ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : سورة أصحاب الكهف "
وأخرج سعيد بن منصور عن خالد بن معدان قال : من قرأ سورة الكهف في كل يوم جمعة قبل
أن يخرج الإمام كانت له كفارة ما بينه وبين الجمعة وبلغ نورها البيت العتيق
وأخرج ابن الضريس عن أبي المهلب قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة كانت له
كفارة إلى الجمعة الأخرى
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" سورة الكهف تدعى في التوراة الحائلة تحول بين قارئها وبين النار "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله شيطان تلك الليلة "
وأخرج أبو عبيد والبيهقي في شعب الإيمان عن أم موسى قالت : كان الحسن بن علي يقرأ
سورة الكهف كل ليلة وكانت مكتوبة له في لوح يدار بلوحه حيثما دار في نسائه في كل
ليلة
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن وهب أن عمر رضي الله عنه قرأ في الفجر بالكهف
وأخرج ابن سعد عن صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت عمر بن الخطاب يقرأ في صلاة الفجر
بسورة أصحاب الكهف
(5/356)
وأخرج الديلمي في مسند
الفردوس عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " نزلت سورة الكهف جملة
معها سبعون ألفا من الملائكة "
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن
ابن عباس قال : " بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار
يهود بالمدينة فقالوا : سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل
الكتاب الأول وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة
فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ووصفا لهم أمره وبعض قوله
وقالا : إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا
فقالوا لهما : سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول
فروا فيه رأيكم
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب
وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو فإن
أخبركم بذلك فإنه نبي فاتبعوه وإلا فهو متقول
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما قريش فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم
وبين محمد قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور - فأخبراهم بها - فجاؤوا رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا محمد أخبرنا - فسألوه عما أمروهم به - فقال
لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : أخبركم غدا بما سألتم عنه - ولم يستثن -
فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه
في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وأحزن رسول الله صلى الله عليه و
سلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاء جبريل من الله عز و جل
بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر
الفتية والرجل الطواف وقول الله : ويسألونك عن الروح
الإسراء الآية 85 الآية "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس : " أن قريشا بعثوا خمسة رهط - منهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث
- يسألون اليهود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ووصفوا لهم صفته فقالوا لهم :
نجد نعته وصفته ومبعثه في التوراة فإن كان كما وصفتم لنا فهو نبي مرسل وأمره حق
فاتبعه ولكن سلوه عن ثلاث خصال فإنه يخبركم
(5/357)
بخصلتين ولا يخبركم بالثالثة
إن كان نبيا فإنا قد سألنا مسيلمة الكذاب عن هؤلاء الثلاث فلم يدر ما هي
فرجعت الرسل إلى قريش بهذا الخبر من اليهود فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقالوا : يا محمد أخبرنا عن ذي القرنين الذي بلغ المشرق والمغرب وأخبرنا عن الروح
وأخبرنا عن أصحاب الكهف
فقال : أخبركم بذلك غدا
ولم يقل إن شاء الله
فأبطأ عليه جبريل خمسة عشر يوما فلم يأته لترك الاستثناء فشق ذلك على رسول الله
صلى الله عليه و سلم ثم أتاه جبريل عليه السلام بما سألوه فقال : يا جبريل أبطأت
علي
فقال : بتركك الاستثناء ألا تقول : إن شاء الله ؟ قال : ولا تقولن لشيء إني فاعل
ذلك غدا إلا أن يشاء الله الكهف آية 23 ثم أخبره عن حديث ذي القرنين وخبر الروح
وأصحاب الكهف ثم أرسل إلى قريش فأتوه فأخبرهم عن حديث ذي القرنين وقال لهم : الروح
من أمر ربي يقول : من علم ربي لا علم لي به فلما وافق قول اليهود أنه لا يخبركم
بالثالث قالوا : سحران تظاهرا القصص آية 48 تعاونا - يعني التوراة والفرقان -
وقالوا : إنا بكل كافرون القصص آية 48 وحدثهم بحديث أصحاب الكهف "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فكان
أكثر خطبته ذكر الدجال فكان فيما قال لنا يومئذ : " إن الله عز و جل لم يبعث
نبيا إلا حذر أمته وإني آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن
يخرج وأنا بين أظهركم فأنا ; حجيج كل مسلم وإن يخرج فيكم بعدي فلكل إمرئ حجيج نفسه
والله خليفتي على كل مسلم وإن يخرج من خلة بين العراق والشام وعاث يمينا وعاث
شمالا
يا عباد الله اثبتوا فإنع يبدأ يقول : أنا نبي ولا نبي بعدي وإنه مكتوب بين عينيه
" كافر " يقرؤه كل مؤمن فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وليقرأ بقوارع سورة
أصحاب الكهف وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها وإنه لا يعدو ذلك ولا
يسلط على نفس غيرها وإن من فتنته : أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نارا فمن
ابتلى بناره فليغمض عينيه وليستعن بالله تكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار
بردا وسلاما على إبراهيم وإن أيامه أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة
ويوم كالأيام وآخر أيامه كالسراب يصبح الرجل
(5/358)
عند باب المدينة فيمسي قبل أن
يبلغ بابها الآخر
قالوا : وكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار
! ؟ قال : تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال والله وأعلم "
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 5 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي عن
ابن عباس في قوله : الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ولم يجعل له عوجا قيما
قال : أنزل الكتاب عدلا قيما ولم يجل له عوجا ملتبسا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أنزل الكتاب على عبده ولم يجعل
له عوجا قال : هذا من التقديم والتأخير أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له
عوجا
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : قيما قال : مستقيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لينذر باسا شديدا قال : عذابا شديدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : من لدنه أي من عنده
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن
لهم أجرا حسنا يعني الجنة
وفي قوله : وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا قال : هم اليهود والنصارى
الآية 6
(5/359)
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس
قال : اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحارث
وأمية بن خلف والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأبو البختري في نفر من قريش وكان
رسول الله صلى الله عليه و سلم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما
جاء به من النصيحة فأحزنه حزنا شديدا
فأنزل الله فلعلك باخع نفسك الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فلعلك باخع نفسك قال : قاتل
نفسك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فلعلك باخع نفسك قال : قاتل نفسك
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : فلعلك باخع نفسك قال : قاتل نفسك إن لم
يؤمنوا بهذا الحديث قال : القرآن : أسفا قال : حزنا إن لم يؤمنوا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أسفا قال : جزعا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فلعلك باخع نفسك
على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قال : حزنا عليهم نهى الله نبيه أن يأسف
على الناس في ذنوبهم
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : فلعلك باخع نفسك ما الباخع ؟ فقال : يقول : قاتل نفسك
قال فيه لبيد بن ربيعة : لعلك يوما إن فقدت مزارها على بعده يوما لنفسك باخع
الآية 7 - 8 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها قال : ما عليها من شيء
(5/360)
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد
بن جبير في قوله : إن جعلنا ما على الأرض زينة لها قال : الرجال
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : إن
جعلنا ما على الأرض زينة لها قال : الرجال
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن عباس في قوله : إن جعلنا ما على الأرض
زينة لها قال : العلماء زينة الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : إن جعلنا ما على الأرض زينة لها قال : هم
الرجال العباد العمال لله بالطاعة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في التاريخ عن بن عمر قال : تلا
رسول الله صلى الله علية وسلم هذه الآية لنبلوهم أيهم أحسن عملا فقلت : ما معنى
ذلك يا رسول الله ؟ قال : " ليبلوكم أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله
وأسرعكم في طاعة الله "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : لنبلوهم قال : لنختبرهم أيهم أحسن عملا قال
: أيهم أتم عقلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : لنبلوهم أيهم أحسن عملا قال : أشدهم للدنيا
تركا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله : لنبلوهم أيهم أحسن عملا قال :
أزهدهم في الدنيا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جزرا قال :
يهلك كل شيء عليها ويبيد
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : صعيدا جزرا قال
: الصعيد التراب
والجزر التي ليس فيها فروع
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : جزرا قال : يعني بالجزر الخراب
والله أعلم
الآية 10 - 12
(5/361)
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك
قال : الكهف هو غار في الوادي
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : الرقيم الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : الرقيم واد دون فلسطين
قريب من أيلة
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : والله ما أدري ما الرقيم لكتاب
أم بنيان ؟ وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد قال : الرقيم منهم من يقول
كتاب قصصهم ومنهم من يقول الوادي
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي صالح قال : الرقيم لوح مكتوب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الرقيم لوح
من حجارة كتبوا فيه قصة أصحاب الكهف وأمرهم ثم وضع على باب الكهف
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الرقيم حين رقمت أسماؤهم في الصخرة كتب الملك
فيها أسماؤهم وكتب أنهم هلكوا في زمان كذا وكذا في ملك ريبوس ثم ضربها في سور
المدينة على الباب فكان من دخل أو خرج قرأها
فذلك قوله : أصحاب الكهف والرقيم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاجي في
أماليه وابن مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري ما الرقيم وسألت كعبا فقال : اسم
القرية التي خرجوا منها
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : كل القرآن أعلمه إلا أربعا : غسلين وحنانا
والأواه والرقيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : الرقيم الكلب
(5/362)
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا يقول : الذي آتيتك
من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف
والرقيم كانوا من آياتنا عجبا كانوا بقولهم أعجب آياتنا ليسوا بأعجب آياتنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف
والرقيم كانوا من آياتنا عجبا قال : ليسوا بأعجب آياتنا كانوا من أبناء الملوك
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر قال : كان أصحاب الكهف صيارفة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن النعمان بن
بشير أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث عن أصحاب الرقيم : " إن
ثلاثة نفر دخلوا إلى الكهف فوقع من الجبل حجر على الكهف فأوصد عليهم فقال قائل
منهم : تذكروا أيكم عمل حسنة لعل الله أن يرحمنا
فقال أحدهم : نعم قد عملت حسنة مرة
إنه كان لي عمال استأجرتهم في عمل لي كل رجل منهم بأجر معلوم
فجاءني رجل ذات يوم وذلك في شطر النهار فاستأجرته بقدر ما بقي من النهار بشطر
أصحابه الذين يعملون بقية نهارهم ذلك كل رجل منهم نهاره كله
فرأيت من الحق أن لا أنقصه شيئا مما استأجرت عليه أصحابه
فقال رجل منهم : يعطي هذا مثل ما يعطيني ولم يعمل إلا نصف نهاره
فقلت له : إني لا أبخسك شيئا من شرطك وإنما هو مالي أحكم فيه بما شئت
فغضب وترك أجره فلما رأيت ذلك عزلت حقه في جانب البيت ما شاء الله ثم مر بي بعد
ذلك بقر فاشتريت له فصيلا من البقر حتى بلغ ما شاء الله ثم مر بي الرجل بعد حين
وهو شيخ ضعيف وأنا لا أعرفه فقال لي : إن لي عندك حقا
فلم أذكره حتى عرفني ذلك فقلت له : نعم
إياك أبغي
فعرضت عليه ما قد أخرج الله له من ذلك الفصيل من البقر فقلت له : هذا حقك من البقر
فقال لي : يا عبد الله لا تسخر بي
إن لا تتصدق علي أعطني حقي
فقلت : والله ما أسخر منك : إن هذا لحقك
فدفعته إليه اللهم فإن كنت تعلم أني قد كنت صادقا وأني فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا
(5/363)
هذا الحجر
فانصدع حتى رأوا الضوؤ وأبصروا
وقال الآخر : قد عملت حسنة مرة وذلك أنه كان عندي فضل فأصاب الناس شدة فجاءتني
امرأة فطلبت مني معروفا فقلت : لا والله ما هو دون نفسك
فأبت علي ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت : لا والله ما هو دون نفسك
فأبت علي ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت : لا والله ما هو دون نفسك
فأبت علي فذكرت ذلك لزوجها فقال : أعطيه نفسك وأغني عيالك
فلما رأيت ذلك سمحت بنفسها فلما هممت بها قالت : إني أخاف الله رب العالمين
فقلت لها : تخافين الله في الشدة ولم أخفه في الرخاء ؟ فأعطيتها ما استغنت هي
وعيالها
اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا هذا الحجر فانصدع الحجر حتى رأوا
الضوء وأيقنوا الفرج
ثم قال الثالث : قد عملت حسنة مرة كان لي أبوان شيخان كبيران قد بلغما الكبر وكانت
لي غنم فكنت أرعاها
وأختلف فيما بين غنمي وبين أبوي أطعمهما وأشبعهما وأرجع إلى غنمي فلما كان ذات يوم
أصابني غيث شديد فحبسني فلم أرجع إلا مؤخرا فأتيت أهلي فلم أدخل منزلي حتى حلبت
غنمي ثم مضيت إلى أبوي أسقيهما فوجدتهما قد ناما فشق علي أن أوقظهما وشق علي علي
أن أترك غنمي فلم أبرح جالسا ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما الله إن
كنت تعلم أني فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا هذا الحجر
ففرج الله عنهم وخرجوا إلى أهليهم راجعين "
وأخرج أحمد وابن المنذر عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم : " أن ثلاثة
نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهليهم فأخذتهم السماء فدخلوا غارا فسقط
عليهم حجر فجاف حتى ما يرون منه خصاصة
فقال بعضهم لبعض : قد وقع الحجر وعفا الأثر ولا يعلم مكانكم إلا الله فادعوا الله
عز و جل بأوثق أعمالكم
فقال رجل منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي والدان فكنت أحلب لهما في إنائهما
فآتيهما فإذا وجدتهما راقدين قمت على رأسيهما كراهة أن أرد سنتهما في رأسيهما حتى
يستيقظا متى استيقظا اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك
ففرج عنا
فزال ثلث الحجر
(5/364)
وقال الثاني : اللهم إن كنت
تعلم أني استأجرت أجيرا على عمل يعمله فأتاني يطلب أجره وأنا غضبان فزبرته فانطلق
وترك أجره فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال فأتاني يطلب أجره فدفعت إليه ذلك
كله ولو شئت لم أعطه إلا أجره الأول اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء
رحمتك ومخافة عذابك فأفرج عنا
فزال ثلث الحجر
وقال الثالث : اللهم إن كنت تعلم أنه أعجبته امرأة فجعل لها جعلا فلما قدر عليها
وفر لها نفسها وسلم لها جعلها
اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا
فزال الحجر وخرجوا معاتيق يمشون "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن المنذر عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى
غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع
كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه
فقال واحد منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير يعلم على فرق من أرز فذهب
وتركه وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا وأنه أتاني
يطلب أجره فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز
فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت
ذلك من خشيتك ففرج عنا
فانساخت عنهم الصخرة
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل لية
بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وعيالي يتضاغون من الجوع فكنت لا
أسقيهم حتى يشرب أبوي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا بشربتهما فلم أزل
أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا
فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي وإني راودتها
عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها
إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها قال : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا
بحقه
فقمت وتركت المائة دينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا
ففرج الله عنهم فخرجوا "
(5/365)
وأخرج البخاري في تاريخه من
حديث ابن عباس مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : غزونا مع معاوية
غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف الذي ذكر الله في
القرآن
فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم ! فقال له ابن عباس : ليس ذلك لك
قد منع الله ذلك عمن هو خير منك فقال : لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت
منهم رعبا فقال معاوية : لا انتهي حتى أعلم علمهم
فبعث رجالا فقال : اذهبوا فادخلوا الكهف فانظروا
فذهبوا فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم
فبلغ ذلك ابن عباس فأنشأ يحدث عنهم فقال : إنهم كانوا في مملكة ملك من الجبابرة
يعبد الأوثان وقد أجبر الناس على عبادتها وكان وهؤلاء الفتية في المدينة فلما رأوا
ذلك خرجوا من تلك المدينة فجمعهم الله على غير ميعاد فجعل بعضهم يقول لبعض : أين
تريدون
؟ أين تذهبون
! ؟ فجعل بعضهم يخفي على بعض لأنه لا يدري هذا على ما خرج هذا ولا يدري هذا
فأخذوا العهود والمواثيق أن يخبر بعضهم بعضا فإن اجتمعوا على شيء وإلا كتم بعضهم
بعضا
فاجتمعوا على كلمة واحدة فقالوا ربنا رب السموات والأرض
إلى قوله : مرفقا قال : فقعدوا فجاء أهلهم يطلبونهم لا يدرون أين ذهبوا فرفع أمرهم
إلى الملك فقال : ليكونن لهؤلاء القوم بعد اليوم شأن
ناس خرجوا لا يدرى أين ذهبوا في غير خيانة ولا شيء يعرف
فدعا بلوح من رصاص فكتب فيه أسماؤهم ثم طرح في خزانته
فذلك قول الله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم والرقيم هو اللوح الذي كتبوا
فانطلقوا حتى دخلوا الكهف فضرب الله على آذانهم فقاموا
فلو أن الشمس تطلع عليهم لأحرقتهم ولولا أنهم يقلبون لأكلتهم الأرض
ذلك قول الله : وترى الشمس
الآية
قال : ثم إن ذلك الملك ذهب وجاء ملك آخر فعبد الله وترك تلك الأوثان وعدل بين
الناس فبعثهم الله لما يريد وقال قائل منهم كم لبثتم فقال بعضهم : يوما
وقال بعضهم يومين
وقال بعضهم أكثر من ذلك
فقال كبيرهم : لا تختلفوا فإنه لم
(5/366)
يختلف قوم قط إلا هلكوا
فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة
فرأى شارة أنكرها ورأى بنيانا أنكره ثم دنا إلى خباز فرمى إليه بدرهم وكانت
دراهمهم كخفاف الربع - يعني ولد الناقة - فأنكر الخباز الدرهم فقال : من أين لك
الدرهم ؟ لقد وجدت كنزا لتدلني عليه أو لأرفعنك إلى الأمير
فقال : أو تخوفني بالأمير ؟ وأتى الدهقان الأمير قال : من أبوك ؟ قال : فلان
فلم يعرفه
قال : فمن الملك ؟ قال : فلان
فلم يعرفه فاجتمع عليهم الناس فرفع إلى عالمهم فسأله فأخبره فقال : علي باللوح
فجيء به فسمى أصحابه فلانا وفلانا
وهم مكتوبون في اللوح فقال للناس : إن الله قد دلكم على إخوانكم
وانطلقوا وركبوا حتى أتوا إلى الكهف فلما دنوا من الكهف قال الفتى : مكانكم أنتم
حتى أدخل أنا على أصحابي ولا تهجموا فيفزعون منكم وهم لا يعلمون أن الله قد أقبل
بكم وتاب عليكم
فقالوا لتخرجن علينا فقال : نعم إن شاء الله
فدخل فلم يدروا أين ذهب وعمي عليهم فطلبوا وحرضوا فلم يقدروا على الدخول عليهم
فقالوا لنتخذن عليهم مسجدا فاتخذوا عليهم مسجدا يصلون عليهم ويستغفرون لهم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان أصحاب الكهف
أبناء ملوك رزقهم الله الإسلام فتعوذوا بدينهم واعتزلوا قومهم حتى انتهوا إلى
الكهف فضرب الله على صماخاتهم فلبثوا دهرا طويلا حتى هلكت أمتهم وجاءت أمة مسلمة
وكان ملكهم مسلما واختلفوا في الروح والجسد فقال قائل : يبعث الروح والجسد جميعا
وقال قائل : يبعث الروح وأما الجسد فتأكله الأرض فلا يكون شيئا فشق على ملكهم
إختلافهم فانطلق فلبس المسوح وجلس على الرماد ثم دعا الله فقال : أي رب قد ترى
إختلاف هؤلاء فابعث لهم آية تبين لهم فبعث الله أصحاب الكهف فبعثوا أحدهم ليشتري
لهم طعاما فدخل السوق فلما نظر جعل ينكر الوجوه ويعرف الطرق ورأى الإيمان ظاهرا
بالمدينة
فانطلق وهو مستخف حتى أتى رجلا يشتري منه طعاما فلما نظر الرجل إلى الورق أنكرها
حسبت أنه قال : كأنها أخفاف الربيع - يعني الإبل الصغار - فقال الفتى : أليس ملككم
فلان ؟ قال الرجل : بل ملكنا فلان
فلم يزل ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملك فنادى في الناس فجمعهم فقال : إنكم اختلفتم
في الروح والجسد وإن الله قد بعث لكم آية فهذا رجل من قوم فلان - يعني ملكهم الذي
(5/367)
قبله - فقال الفتى : انطلق بي
إلى أصحابي
فركب الملك وركب معه الناس حتى انتهى إلى الكهف فقال الفتى : دعوني أدخل إلى
أصحابي
فلما أبصروه وأبصرهم ضرب على آذانهم فلما استبطؤوه دخل الملك ودخل الناس معه فإذا
أجساد لا يبلى منها شيء غير أنها لا أرواح فيها
فقال الملك : هذه آية بعثها الله لكم فغزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة فمروا بالكهف
فإذا فيه عظام فقال رجل : هذه عظام أهل الكهف
فقال ابن عباس : ذهبت عظامهم أكثر من ثلثمائة سنة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان أصحاب الكهف
أبناء عظماء أهل مدينتهم وأهل شرفهم خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد
فقال رجل منهم - هو أشبههم - : إني لأجد في نفسي شيئا ما أظن أحدا يجده
قالوا : ما تجد ؟ قال : أجد في نفسي أن ربي رب السموات والأرض
فقاموا جميعا فقالوا : ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا
شططا وكان مع ذلك من حديثهم وأمرهم ما قد ذكر الله في القرآن فأجمعوا أن يدخلوا
الكهف وعلى مدينتهم إذ ذاك جبار يقال له دقيوس فلبثوا في الكهف ما شاء الله رقودا
ثم بعثهم الله فبعثوا أحدهم ليبتاع لهم طعاما فلما خرج إذا هم بحظيرة على باب
الكهف فقال : ما كانت هذه ههنا عشية أمس
فسمع كلاما من كلام المسلمين بذكر الله - وكان الناس قد أسلموا بعدهم وملك عليهم
رجل صالح - فظن أنه أخطأ الطريق فجعل ينظر إلى مدينته التي خرج منها وإلى مدينتين
وجاهها أسماؤهن : اقسوس وايديوس وشاموس
فيقول : ما أخطأت الطريق - هذه اقسوس وايديوس وشاموس
!
فعمد إلى مدينته التي خرج منها ثم عمد حتى جاء السوق فوضع ورقة في يد رجل فنظر
فإذا ورق ليست بورق الناس فانطلق به إلى الملك وهو خائف فسأله وقال : لعل هذا من
الفتية الذين خرجوا على عهد دقيوس فإني قد كنت أدعو الله أن يرينيهم وأن يعلمني
مكانهم
ودعا مشيخة أهل القرية - وكان رجل منهم قد كان عنده أسماؤهم وأنسابهم - فسألهم
فأخبروه فسأل الفتى فقال : صدق
وانطلق الملك وأهل المدينة معه لأن يدلهم على أصحابه حتى إذا دنوا من الكهف سمع
الفتية حس الناس فقالوا : أتيتم
ظهر على صاحبكم فاعتنق بعضهم بعضا وجعل يوصي بعضهم بعضا بدينهم فلما دنا الفتى
منهم أرسلوه فلما قدم إلى أصحابه ماتوا عند
(5/368)
ذلك ميتة الحق
فلما نظر إليهم الملك شق عليه أن لم يقدر عليهم أحياء وقال : لا أدفنهم إذا
فائتوني بصندوق من ذهب
فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل ودعنا في
كهفنا فمن التراب خلقنا وإليه نعود
فتركهم في كهفهم وبنى على كهفهم مسجدا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : جاء رجل من
حواريي عيسى عليه السلام إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها فقيل : على بابها
صنم لا يدخلها أحد إلا سجد له فكره أن يدخل فأتى حماما فكان فيه قريبا من تلك
المدينة وكان يعمل فيه يؤاجر نفسه من صاحب الحمام ورأى صاحب الحمام في حمامه
البركة والرزق وجعل يسترسل إليه وعلقه فتية من أهل المدينة فجعل يخبرهم عن خبر
السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة
وكان يشترط على صاحب الحمام : أن الليل لي ولا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت حتى
أتى ابن الملك بامرأة يدخل بها الحمام فعيره الحواري فقال : أنت ابن الملك وتدخل
مع هذه الكداء ؟ !
فاستحيا فذهب فرجع مرة أخرى فسبه وانتهره فلم يلتفت حتى دخل - ودخلت معه المرأة
فباتا في الحمام جميعا فماتا فيه
فأتى الملك فقيل له : قتل ابنك صاحب الحمام
فالتمس فلم يقدر عليه وهرب من كان يصحبه فسموا الفتية
فالتمسوا فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع له وهو على مثل أمرهم فذكروا
له أنهم التمسوا فانطلق معه ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوا فيه فقالوا
: نبيت ههنا الليلة حتى نصبح إن شاء الله ثم تروا رأيكم
فضرب على آذانهم فخرج الملك لأصحابه يبتغونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف فكلما
أراد الرجل منهم أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخله فقال له قائل : ألست قلت : لو
قدرت عليهم قتلتهم ؟ قال : بلى
قال : فابن عليهم باب الكهف ودعهم يموتوا عطشا وجوعا
ففعل
ثم صبروا زمانا ثم إن راعي غنم أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف
وأدخلت غنمي من المطر فلم يزل يعالجه حتى فتح لغنمه فأدخلها فيه ورد الله أرواحهم
في أجسادهم من الغد حين أصبحوا فبعثوا أحدهم بورق ليشتري لهم طعاما فكلما أتى باب
مدينتهم لا يرى أحد من ورقهم شيئا إلا استنكرها حتى جاء رجلا فقال : بعني
(5/369)
بهذه الدراهم طعاما
فقال : ومن أين لك هذه الدراهم ؟ قال : إني رحت وأصحابي أمس فأتى الليل ثم أصبحنا
فأرسلوني
قال : فهذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان !
فأنى لك هذه الدراهم ؟
فرفعه إلى الملك0 وكان رجلا صالحا - فقال : ومن أين لك هذا الورق ؟ قال : خرجت أنا
وأصحابي أمس حتى إذا أدركنا الليل في كهف كذا وكذا ثم أمروني أن أشتري لهم طعاما
قال : وأين أصحابك ؟ قال : في الكهف
فانطلق معه حتى أتوا باب الكهف فقال : دعوني أدخل على أصحابي قبلكم
فلما رأوه ودنا منهم ضرب على أذنه وآذانهم فأرادوا أن يدخلوا فجعل كلما دخل رجل
منهم رعب فلم يقدروا أن يدخلوا إليهم فبنوا عندهم مسجدا يصلون فيه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أصحاب الكهف أعوان المهدي "
وأخرج الزجاجي في أماليه عن ابن عباس في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم
قال : إن الفتية لما هربوا من أهليهم خوفا على دينهم
فقدوهم فخبروا الملك خبرهم فأمر بلوح من رصاص فكتب فيه أسماءهم وألقاه في خزانته
وقال : إنه سيكون لهم شأن وذلك اللوح هو الرقيم والله أعلم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فضربنا على آذانهم يقول : أرقدناهم ثم
بعثناهم لنعلم أي الحزبين من قوم الفتية أهل الهدى وأهل الضلالة أحصى لما لبثوا
أنهم كتبوا اليوم الذي خرجوا فيه والشهر والسنة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : أي
الحزبين قال : من قوم الفتية أحصى لما لبثوا أمدا قال : عددا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : لنعلم أي الحزبين أحصى لما
لبثوا أمدا يقول : ما كان لواحد من الفريقين علم لا لكفارهم ولا لمؤمنيهم
الآية 13 - 15
(5/370)
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن
حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
: ما بعث الله نبيا إلا وهو شاب ولا أوتي العلم عالما إلا وهو شاب
وقرأ : قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وإذا قال موسى لفتاه و إنهم فتية
آمنوا بربهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : وزدناهم هدى قال : إخلاصا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وربطنا على قلوبهم قال : بالإيمان
وفي قوله : لقد قلنا إذا شططا قال : كذبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لقد قلنا إذا شططا قال : جورا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : الشطط الخطأ من القول
الآية 16 أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله
: وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله قال : كان قوم الفتية يعبدون الله ويعبدون
معه آلهة شتى فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة ولم تعتزل عبادة الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون
إلا الله قال : هي في مصحف ابن مسعود : وما يعبدون من دون الله فهذا تفسيرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فأؤوا إلى الكهف قال : كان كهفهم بين جبلين
(5/371)
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي
في قوله : ويهيء لكم من أمركم مرفقا يقول : عذاء
الآيه 17 - 20 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :
تزاور قال : تميل
وفي قوله : تقرضهم قال : تذرهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : تقرضهم قال :
تتركهم وهم في فجوة منه قال : المكان الداخل
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وهم في غجوة منه قال : يعني بالفجوة
الخلوة من الأرض
ويعني بالخلوة الناحية من الأرض
وأخرج ابن المنذر عن ابي مالك في قوله : وهم في فجوة منه قال : في ناحية
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة وتحسبهم يا محمد أيقاظا وهم رقود
(5/372)
يقول : في رقدتهم الأولى
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قال : وهذا التقليب في رقدتهم الأولى كانوا يقلبون
في كل عام مرة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ونقلبهم ذات اليمين وذات
الشمال قال : ستة أشهر على ذي الجنب وستة أشهر على ذي الجنب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عياض في قوله : ونقلبهم ذات
اليمين وذات الشمال قال : في كل عام مرتين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ونقلبهم قال : في التسع سنين
ليس فيما سواه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : ونقلبهم ذات اليمين
وذات الشمال قال : كي لا تأكل الأرض لحومهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وكلبهم قال : اسم كلبهم قطمور
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم كلب أصحاب الكهف قطمير
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لرجل من أهل العلم : زعموا أن كلبهم كان
أسدا قال : لعمر الله ما كان أسدا ولكنه كان كلبا أحمر خرجوا به من بيوتهم يقال له
قطمور
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير النواء قال : كان كلب أصحاب الكهف أصفر
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان قال : قال رجل بالكوفة يقال له : عبيد وكان لا
يتهم بكذب قال : رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء انبجاني
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن عبيد السواق قال : رأيت كلب أصحاب الكهف
صغيرا باسطا ذراعيه بفناء باب الكهف وهو يقول : هكذا يضرب بأذنيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حميد المكي في قوله : وكلبهم باسط ذراعيه
بالوصيد قال : جعل رزقه في لحس ذراعيه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : بالوصيد قال : بالفناء
(5/373)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
عن ابن عباس في قوله : بالوصيد قال : بالباب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : بالوصيد قال : بفناء باب الكهف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : بالوصيد قال : بالصعيد
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد قال : ممسك
عليهم باب الكهف
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان لي صاحب شديد النفس فمر
بجانب كهفهم فقال : لا أنتهي حتى أنظر إليهم فقيل له : لا تفعل
أما تقرأ لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا فأبى إلا أن ينظر
فأشرف عليهم فابيضت عيناه وتغير شعره وكان يخبر الناس بعد يقول : عدتهم سبعة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أزكى طعاما
قال : أحل ذبيحة وكانوا يذبحون للطواغيت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أزكى طعاما يعني أطهر لأنهم
كانوا يذبحون الخنازير
الآية 21 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وكذلك أعثرنا عليهم قال :
أطلعنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : دعا الملك شيوخا من قومه فسألهم عن أمرهم
فقالوا : كان ملك يدعى دقيوس وإن فتية فقدوا في زمانه وأنه كتب أسماءهم في
(5/374)
الصخرة التي كانت عند باب
بالمدينة
فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماءهم ففرح الملك فرحا شديدا وقال : هؤلاء قوم
كانوا قد ماتوا فبعثوا ففشا فيهم أن الله يبعث الموتى
فذلك قوله : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها
فقال الملك : لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجدا فلأعبدن الله فيه حتى أموت
فذلك قوله : قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : قال الذين غلبوا على أمرهم قال
: هم الأمراء أو قال : السلاطين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بنى عليهم الملك بيعة فكتب في أعلاها
أبناء الأراكنة أبناء الدهاقين
الآية 22 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : سيقولون ثلاثة قال : اليهود
ويقولون خمسة قال : النصارى
وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن قتادة في قوله : رجما بالغيب قال : قذفا بالظن
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مسعود رضي الله عنه في قوله ما يعلمهم إلا قليل قال :
إنا من القليل كانوا سبعة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن سعد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق
عن ابن عباس في
(5/375)
قوله : ما يعلمهم إلا قليل
قال : إنا من القليل كانوا سبعة
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ما
يعلمهم إلا قليل قال : أنا من القليل مكسلمينا وتمليخا وهو المبعوث بالورق إلى
المدينة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وهو الراعي
والكلب اسمه قطمير دون الكردي وفوق القبطي الألطم فوق القبطي
قال أبو عبد الرحمن : بلغني أن من كتب هذه الأسماء في شيء وطرحه في حريق سكن
الحريق
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : كل شي في القرآن قليل وإلا قليل فهو دون
العشرة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فلا تمار فيهم يقول : حسبك ما قصصت عليك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا قال : يقول :
إلا ما أظهرنا لك من أمرهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا قال : يقول لا تسأل اليهود عن
أصحاب الكهف إلا ما قد أخبرناك من أمرهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فلا تمار فيهم
الآية
قال : حسبك ما قصصنا عليك
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن
ابن عباس في قوله : ولا تستفت فيهم منهم أحدا قال : اليهود
والله أعلم
الآية 23 - 24 أخرج ابن المنذرعن مجاهد أن قريشا اجتمعت فقالوا : " يا محمد
قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا فما هذا الدين الذي جئت به ؟ قال : هذا دين جئت به
من الرحمن
فقالوا : إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - ثم كاتبوا
اليهود فقالوا : قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا ويزعم
أن الذي جاء به من الرحمن
قلنا : لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو أمين لا يخون
وفي لا يغدر
صدوق لا يكذب وهو في
(5/376)
حسب وثروة من قومه فاكتبوا
إلينا بأشياء نسأله عنها
فاجتمعت يهود فقالوا : إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه
فكتبوا إلى قريش : أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن يكن
الذي أتاكم به من الرحمن فإن الرحمن هو الله عز و جل وإن يكن من رحمن اليمامة
فينقطع
فلما أتى ذلك قريشا أتى الظفر في أنفسها فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين
آبائنا
فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح
قال : ائتوني غدا
ولم يستثن فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه ثم أتاه فقال : سألوني عن أشياء لم
يكن عندي بها علم فأجيب حتى شق ذلك علي
قال : ألم ترنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ؟ - وكان في البيت جرو كلب - ونزلت
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن
يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد ؟ ونزل ما
ذكر من أصحاب الكهف ونزل ويسألونك عن الروح
الإسراء 85 الآية "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم حلف على يمين فمضى له
أربعون ليلة فأنزل الله ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واستثنى
النبي صلى الله عليه و سلم بعد أربعين ليلة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن
مردويه عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة ثم قرأ واذكر ربك إذا نسيت
قال : إذا ذكرت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في هذه الآية قال : إذا
نسيت أن تقول لشيء
إني أفعله فنسيت أن تقول إن شاء الله فقل إذا ذكرت : إن شاء الله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي العالية في قوله : واذكر ربك إذا نسيت قال
: تستثني إذا ذكرت
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني قال له : ثنياه إلى
شهر وقرأ واذكر ربك إذا نسيت
(5/377)
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق
عمرو بن دينار عن عطاء أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة
وكان طاوس يقول : ما دام في مجلسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : يستثني " مادام " في كلامه
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : واذكر ربك إذا
نسيت قال : إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت
قال : هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه و سلم وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة
يمينه
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال : كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه وإذا
كان غير موصول فهو حانث
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من حلف فقال : إن شاء الله
فإن شاء مضى وإن شاء رجع غير حانث "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قال سليمان بن داود عليهما السلام :
لأطوقن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله
فقال له الملك : قل إن شاء الله فلم يقل
فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسأن
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث
وكان دركا لحاجته "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عكرمة
في قوله : واذكر ربك إذا نسيت قال : إذا غضبت
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الحسن في قوله : واذكر ربك إذا نسيت قال :
إذا لم تقل إن شاء الله
وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا الحارث عن رجل من أهل
الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال : إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله
فتوبته من ذلك أن يقول : عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا
(5/378)
الآية 25 - 26 أخرج الخطيب في
تاريخه عن حكيم بن عقال قال : سمعت عثمان بن عفان يقرأ : ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة
سنين منونة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الرجل ليفسر الآية يرى أنها
كذلك فيهوي أبعد ما بين السماء والأرض ثم تلا ولبثوا في كهفهم
الآية
ثم قال : كم لبث القوم ؟ قالوا : ثلاثمائة وتسع سنين
قال : لو كانوا لبثوا كذلك لم يقل الله : قل الله أعلم بما لبثوا ولكنه حكى مقالة
القوم فقال : سيقولون ثلاثة إلى قوله : رجما بالغيب وأخبر أنهم لا يعلمون قال :
سيقولون ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في حرف ابن مسعود
" وقالوا لبثوا في كهفهم " الآية
يعني إنما قاله الناس
ألا ترى أنه قال : قل الله أعلم بما لبثوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة
سنين وازدادوا تسعا قال : هذا قول أهل الكتاب فرد الله عليهم قل الله أعلم بما
لبثوا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما نزلت
هذه الآية في كهفهم ثلاثمائة قيل : يا رسول الله أياما أم شهورا أم سنين ؟ فأنزل
الله سنين وازدادوا تسعا
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن الضحاك عن ابن عباس موصولا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا
يقول : عدد ما لبثوا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أبصر به وأسمع قال : الله يقوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أبصر به وأسمع قال : لا أحد أبصر من الله
ولا أسمع تبارك وتعالى
والله أعلم بالصواب والحمد لله وحده
(5/379)
الآية 27 - 29 أخرج ابن أبي
شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ملتحدا قال : ملجأ
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : ولن تجد من دونه ملتحدا ما الملتحد ؟ قال : المدخل في الأرض قال فيه خصيب
الضمري : يا لهف نفسي ولهف غير محدثه علي وما عن قضاء الله ملتحد وأخرج ابن مردويه
وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان قال : جاءت المؤلفة قلوبهم
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم : عيينة بن بدر والأقرع بن حابس فقالوا : يا
رسول الله لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان
وأبا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصفوف - جالسناك أو حادثناك وأخذنا عنك
فأنزل الله واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك إلى قوله : أعتدنا للظالمين نارا يهددهم
بالنار
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان قال : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يلتمسهم حتى
أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال : " الحمد لله الذي لم يمتني حتى
أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا والممات "
وأخرج عبد بن حميد عن سلمان قال : نزلت هذه الآية في وفي رجل دخل على النبي صلى
الله عليه و سلم - ومعي شن خوص - فوضع مرفقه في صدري فقال : تنح
حتى ألقاني على البساط ثم قال : يا محمد إنا ليمنعنا كثيرا من أمرك هذا وضرباؤه أن
ترى
(5/380)
لي قدما وسوادا فلو نحيتهم
إذا دخلنا عليك فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت
فلما خرج أنزل الله واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم إلى قوله : وكان أمره فرطا
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت
على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في بعض أبياته واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم بالغداة والعشي فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله فيهم ثائر الرأس وجاف
الجلد وذو الثوب الواحد فلما رآهم جلس معهم وقال : " الحمد لله الذي جعل في
أمتي من أمري أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج البزار عن بي هريرة وأبي سعيد قالا : جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل
يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عمر بن ذر عن أبيه : " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم انتهى إلى نفر من أصحابه - منهم عبد الله بن رواحة - يذكرهم
بالله فلما رآه عبد الله سكت فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ذكر أصحابك
فقال : يا رسول الله أنت أحق
فقال : أما إنكم الملأ الذين أمرني أن أصبر نفسي معهم ثم تلا واصبر نفسك الآية
"
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه من طريق عمر بن ذر : حدثني مجاهد عن ابن
عباس قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكر أصحابه فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أما إنكم للملأ الذين أمرني الله أن أصبر
نفسي معهم
ثم تلا واصبر نفسك الآية
قال : إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معه عدتهم جليسهم من الملائكة إن سبحوا الله سبحوه
وإن حمدوا الله حمدوه وإن كبروا الله كبروه
يصعدون إلى الرب وهو أعلم فيقولون : ربنا إن عبادك سبحوك فسبحنا وكبروك فكبرنا
وحمدوك فحمدنا
فيقول ربنا : يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم
فيقولون : فيهم فلان الخطاء
فيقول : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على قاص
يقص
(5/381)
فأمسك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قص فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب إلي
من أن أعتق أربع رقاب "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة عن
أبي سعيد قال : أتى علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن ناس من ضعفة
المسلمين ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ثم قال : بشر فقراء
المسلمين بالنور التام يوم القيامة يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم مقدار
خمسمائة عام
هؤلاء في الجنة ينتعمون وهؤلاء يحاسبون "
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت قال : " كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر
النبي فكفوا فقال : ما كنتم تقولون ؟ قلنا : نذكر الله
قال : فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها
ثم قال الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج أحمد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما من قوم
اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن :
قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن نافع قال : أخبرني عبد
الله بن عمر في هذه الآية واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم أنهم الذين يشهدون
الصلوات المكتوبة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس مثله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قوله :
واصبر نفسك الآية
قال : نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن عدي بن الخيار في هذه الآية قال : هم الذين
يقرأون القرآن
وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : ولا تطع من
أغفلنا قلبه عن ذكرنا قال : نزلت في أمية بن خلف وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه
و سلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة
(5/382)
فأنزل الله ولا تطع من أغفلنا
قلبه عن ذكرنا يعني من ختمنا على قلبه يعني التوحيد واتبع هواه يعني الشرك وكان
أمره فرطا يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه
و سلم في يوم حار وعنده سلمان عليه جبة من صوف فثار منه ريح العرق في الصوف فقال
عيينة : يا محمد إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك لا يؤذونا فإذا خرجنا
فأنت وهم أعلم
فأنزل الله ولا تطع من أغفلنا قلبه الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : حدثنا أن النبي صلى الله عليه و سلم تصدى
لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له فأنزل الله ولا تطع من أغفلنا قلبه الآية
فرجع إلى اصحابه وخلى عن أمية فوجد سلمان يذكرهم فقال : " الحمد لله الذي لم
أفارق الدنيا حتى أراني أقواما من أمتي أمرني أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مغيرة عن إبراهيم في قوله : واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم بالغداة والعشي قال : هم أهل الذكر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق منصور عن إبراهيم في قوله : واصبر نفسك
الآية
قال : لا تطردهم عن الذكر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي جعفر في الآية قال : أمر أن يصبر نفسه مع
أصحابه يعلمهم القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : مع الذين يدعون ربهم قال : يعبدون ربهم
قوله : ولا تعد عيناك عنهم يقول : لا تتعداهم إلى غيرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هاشم في الآية قال : كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن جبير في قوله : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي قال : المفاضلة في الحلال والحرام
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم ومجاهد واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي قال : الصلوات الخمس
(5/383)
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج
قال : نزلت ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا في عيينة بن حصن
قال للنبي صلى الله عليه و سلم : لقد آذاني ريح سلمان الفارسي فاجعل لنا مجلسا معك
لا يجامعنا فيه واجعل لهم مجلسا منك لا نجامعهم فيه
فنزلت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وكان أمره فرطا
قال : ضياعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وقل الحق من ربكم قال : الحق هو القرآن
وأخرج حنيش في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
يقول : من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر وهو قوله : وما
تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين التكوير آية 29
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر قال :
هذا تهديد ووعيد
وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال : سألت عمر بن حبيب عن قوله : فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر قال : حدثني داود بن نافع أن مجاهدا كان يقول : فليس بمعجزي
وعيد من الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : أحاط بهم سرادقها قال : حائط من نار
وأخرج أحمد والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار وابن جرير وأبو يعلى وابن أبي
حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " السرادق النار أربعة جدر كافة كل جدار منها
أربعون سنة "
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم
(5/384)
والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في البعث عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن البحر من جهنم " ثم تلا نارا أحاط بهم سرادقها "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق
ويقول : لم يذكر السرادق إلا لأهل النار
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى
الله عليه و سلم في قوله : بماء كالمهل قال : كعكر الزيت فإذا أقرب إليه سقطت فروة
وجهه فيه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كالمهل يقول : أسود كعكر
الزيت
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية قال : سئل
ابن عباس عن المهل قال : ماء غليظ كدردي الزيت
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : كالمهل قال : كدردي
الزيت
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : المهل دردي الزيت
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله : كالمهل قال : المهل دردي الزيت
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن
مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بهذب وفضة فإذا به قلما ذاب
قال : هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب
أهل النار أشدا حرا من هذا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : كالمهل قال :
القيح والدم أسود كعكر الزيت
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : كالمهل قال : أسود وهي سوداء وأهلها سود
(5/385)
وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال
: المهل النحاس إذا أذيب فهو أشد حرا من النار
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله : كالمهل قال : مثل الفضة إذا أذيبت
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : كالمهل قال : أشد ما يكون حرا
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : هل تدرون ما المهل ؟ مهل الزيت : يعني آخره
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وساءت مرتفقا قال : مجتمعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وساءت مرتفقا قال : منزلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وساءت مرتفقا قال : عليها مرتفقون على
الحميم حين يشربون والإرتفاق هو المتكأ
الآية 31 أخرج ابن المبارك وابن أبي حاتم عن المقبري قال : بلغني أن عيسى ابن مريم
كان يقول : يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها
ثم تل ا إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك
وأخرج ابن مردويه عن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لو أن رجلا من
أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم "
(5/386)
وأخرج الطبراني في الأوسط
والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعا لكان ما
يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال :
" إن لله ملكا - وفي لفظ - : في الجنة ملك لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ حلى
أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد شعاع الشمس
وإن لأهل الجنة أكاليل من در لو أن إكليلا منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء
الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب
ولؤلؤ وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : أساور من ذهب قال : الأساور المسك
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء "
وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمنع
أهله الحلية والحرير ويقول : " إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا
تلبسوهما في الدنيا "
وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار وابن مردويه والبيهقي في
البعث عن ابن عمرو قال : قال رجل : " يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة
أخلقا تخلق أم نسجا تنسج ؟ قال : بل يشقق عنها ثمر الجنة "
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه
وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال : في الجنة شجرة تنبت السندس منه
يكون ثياب أهل الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الاستبرق الديباج الغليظ وهو
بلغة العجم استبره
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة قال : الاستبرق الديباج الغليظ
(5/387)
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن
حميد وابن جرير عن قتادة قال : الاستبرق الغليظ من الديباج
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال : يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة
بالكسوة فتعجبه فيقول : لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط ! فيقول
الرسول الذي جاء بالكسوة : إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في
الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال : إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من
حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه فما يرى منها شيء وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي
قدميه يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا
إن أدناها مثل شقيق النعمان وإنه يلبس سبعين ثوبا يكاد أن يتوارى وما يستطيع أحد
في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من كفن ميتا كساه الله من سندس واستبرق الجنة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه
ما اشتهت نفسه ولذت عينه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من
أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له
لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : الأرائك السرر في جوف الحجال
عليها الفرش منضود في السماء فرسخ
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تكون أريكة
(5/388)
حتى يكون السرير في الحجلة
فإن كان بغير حجلة لم يكن أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة فإذا
اجتمعتا كانت أريكة
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
على الأرائك قال : السرر عليها الحجال
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأرائك من لؤلؤ وياقوت
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن الحسن رضي الله عنه قال :
لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم
الحجلة إذا كان فيها سرير
وأخرج عبد بن حميد عن أبي رجاء قال : سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال : هي
الحجال أهل اليمن يقولون أريكة فلان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن سئل عن الأرائك فقال : هي
الحجال على السرر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الأرائك الحجال فيها
السرر
الآية 32 - 37
(5/389)
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي
رضي الله عنه في قوله : جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب قال : إن الجنة هي البستان
فكان له بستان واحد وجدار واحد وكان بينهما نهر وذلك كان جنتين فلذلك سماه جنة من
قبل الجدار الذي يليها
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال : نهر أبي فرطس نهر الجنتين
قال ابن أبي حاتم : وهو نهر مشهور بالرملة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : آتت أكلها
ولم تظلم منه شيئا قال : لم تنقص كل شجر الجنة أطعم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : وفجرنا خلالهما نهرا يقول :
وسطهما
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وكان له ثمر
يقول : مال
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال :
قرأها ابن عباس وكان له ثمر بالضم يعني أنواع المال
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
وكان له ثمر قال : ذهب وفضة
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشير بن عبيد أنه كان قرأ وكان له ثمر برفع الثاء وقال :
الثمر المال والولدان والرقيق
والثمر : الفاكهة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي يزيد المدني أنه كان يقرؤها وكان له ثمر قال : الأصل
والثمر الثمرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ودخل جنته وهو ظالم لنفسه
يقول كفور لنعمة ربه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا
يقول : تهلك وما أظن الساعة قائمة ولئن كانت قائمة ثم رددت إلى ربي لأجدن خيرا
منها منقلبا
الآية 38 - 39
(5/390)
أخرج ابن أبي حاتم عن أسماء
بنت عميس قالت : علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمات أقولهن عند الكرب :
" الله الله ربي لا أشرك به شيئا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عروة أنه كان إذا
رأى من ماله شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال : ما شاء الله لا قوة إلا
بالله ويتأول قول الله : ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زياد بن سعد قال : كان ابن شهاب إذا دخل أمواله
قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويتأول قوله : ولولا إذ دخلت جنتك الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف قال : كان مالك إذا دخل بيته قال : ما شاء الله قلت
لمالك لم تقول هذا ؟ قال : ألا تسمع الله يقول : ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء
الله
وأخرج ابن أبي حاتم حفص بن ميسرة قال : رأيت على باب وهب بن منبه مكتوبا ما شاء
الله وذلك قول الله : ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن مرة قال : إن من أفضل الدعاء قول الرجل : ما شاء
الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم بن أدهم قال : ما سأل رجل مسألة أنجح من أن يقول :
ما شاء الله
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن يحيى بن سليم الطائفي عمن ذكره قال :
طلب موسى عليه السلام من ربه حاجة فأبطأت عليه فقال : ما شاء الله فإذا حاجته بين
يديه فقال : يا رب أنا أطلب حاجتي منذ كذا وكذا أعطيتنيها الآن ؟ فأوحى الله إليه
يا موسى أما علمت أن قولك : ما شاء الله أنجح ما طلبت به الحوائج
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ قال : ما هو ؟ قال : لا حول ولا
قوة إلا بالله "
(5/391)
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي
وصححه والنسائي عن قيس بن سعد بن عبادة أن أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه و
سلم يخدمه قال : فخرج علي النبي صلى الله عليه و سلم - وقد صليت ركعتين واضطجعت
فضربني برجله وقال : " ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ قلت : بلى
قال : لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأبي ذر : يا أبا
ذر ألا أعلمك كلمة من كنز الجنة ؟ قال : بلى
قال : " قل لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه و
سلم أن أكثر من قول " لا حول ولا قوة إلا بالله " فإنه كنز من كنوز
الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول :
" ألا أدلكم على كنز من كنوز الجنة ؟ تكثرون من لا حول ولا قوة إلا بالله
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا
حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول
ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته "
وقرأ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال : من رأى شيئا من ماله
فأعجبه فقال : " ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يصب ذلك المال آفة أبدا
وقرأ ولولا إذ دخلت جنتك الآية
وأخرجه البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه مرفوعا
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله
" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله
لا قوة إلا بالله
وأخرج أحمد عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا
أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ قلت : نعم
قال : أن تقول : لا قوة إلا بالله
(5/392)
" قال عمرو بن ميمون :
قلت لأبي هريرة - رضي الله عنه - " لا حول ولا قوة إلا بالله " فقال :
لا إنها في سورة الكهف ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله
وأخرج ابن منده في الصحابة من طريق حماد بن سلمة عن سماك عن جرير قال : خرجت إلى
فارس فقلت : ما شاء الله لا قوة إلا بالله فسمعني رجل فقال : ما هذا الكلام الذي
لم أسمعه من أحد منذ سمعته من السماء ؟ فقلت : ما أنت وخبر السماء ؟ قال : إني كنت
مع كسرى فأرسلني في بعض أموره فخرجت ثم قدمت فإذا شيطان خلفني في أهلي عي صورتي
فبدأ لي فقال : شارطني على أن يكون لي يوم ولك يوم وإلا أهلكتك فرضيت بذلك فصار
جليسي يحادثني وأحادثه فقال لي ذات يوم : إني مما يسترق السمع والليلة نوبتي قلت :
فهل لك أن أختبئ معك ؟ قال : نعم
فتهيأ ثم أتاني فقال : خذ بمعرفتي وإياك أن تتركها فتهلك فأخذت بمعرفته فعرج بي
حتى لمست السماء فإذا قائل يقول : " ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله
" فسقطوا على وجوههم وسقطت فرجعت إلى أهلي فإذا أنا به يدخل بعد أيام فجعلت
أقول : " ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله " قال : فيذوب لذلك حتى
يصير مثل الذباب
ثم قال لي : قد حفظته فانقطع عنا
وأخرج أحمد في الزهد عن يحيى بن سليم الثقفي عن شيخ له قال : الكلمة التي تزجر بها
الملائكة الشياطين حتى يسترقون السمع ما شاء الله
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن صفوان بن سليم قال : ما نهض ملك من الأرض حتى يقول :
" لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لا حول ولا قوة إلا بالله دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم
"
وأخرج ابن مردويه والخطيب والديلمي من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قال : " أخبرني جبريل أن تفسير لا حول
ولا قوة إلا بالله أنه لا حول عن معصية الله إلا بقوة الله ولا قوة على طاعة الله
إلا بعون الله "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنها في " لا حول ولا قوة إلا بالله
" قال : لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله ولا قوة لنا على ترك المعصية
إلا بالله
(5/393)
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير
بن محمد أنه سئل عن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا تأخذ ما تحب إلا
بالله ولا تمتنع مما تكره إلا بعون الله
الآية 40 - 45 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الحسبان العذاب
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : حسبانا من السماء قال : نارا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : بقية معشر صبت عليهم شآبيب من الحسبان شهب وأخرج
ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : حسبانا من السماء قال : نارا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فتصبح صعيدا
زلقا قال : مثل الجزر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
حسبانا من السماء قال : عذابا فتصبح صعيد زلقا أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها
شيء أو يصبح ماؤها غورا أي ذاهبا قد غار في الأرض
(5/394)
وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه
قال يصفق على ما أنفق فيها متلهفا على ما فاته
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : صعيدا زلقا قال : الصعيد
الأملس والزلق التي ليس فيها نبات أحيط بثمره قال : بثمر الجنتين فأهلكت فأصبح
يقلب كفيه يقول : ندامة عليها وهي خاوية على عروشها قال : قلب أسفلها أعلاها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : أحيط بثمره قال : أحاط به أمر الله فهلك
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ولم تكن له فئة قال : عشيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولم تكن له فئة قال : عشيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولم تكن له فئة أي جند يعينونه من دون الله
وما كان منتصرا أي ممتنعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد قال : الولاية الدين والولاية ما أتولى
وأخرج الحاكم وصححه عن صهيب أن النبي صلى الله عليه و سلم لم ير قرية يريد دخولها
إلا قال حين يراها : " اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع
وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين فإنا نسألك خير هذه القرية
وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها "
الآية 46 - 48
(5/395)
أخرج ابن أبي حاتم والخطيب عن
سفيان الثوري قال : كان يقال إنما سمي المال لأنه يميل بالناس وإنما سميت الدنيا
لأنها دنت
وأخرج ابن أبي حاتم عن عياض بن عقبة أنه مات له ابن يقال له يحيى فلما نزل في قبره
قال له رجل : والله إن كان لسيد الجيش فأحتسبه
فقال : وما يمنعني أن أحتسبه ؟ وكان أمس من زينة الدنيا وهو اليوم من الباقيات
الصالحات
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : المال والبنون حرث الدنيا والعمل
الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والباقيات
الصالحات قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم
وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" استكثروا من الباقيات الصالحات " قيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال :
" التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر من الباقيات الصالحات "
وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الصغير والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
خذوا جنتكم " قيل : يا رسول الله أمن عدو قد حضر قال : لا
" بل جنتكم من النار قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات معقبات محسنات وهن الباقيات الصالحات "
وأخرج الطبراني وابن شاهين في الترغيب في الذكر وابن مردويه عن أبي الدرداء قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هن الباقيات الصالحات وهن يحططن
الخطايا كما تحط الشجرة ورقها وهن من كنوز الجنة "
(5/396)
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن
مالك قال : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بشجرة يابسة فتناول عودا من أعوادها
فتناثر كل ورق عليها فقال : " والذي نفسي بيده إن قائلا يقول : سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لتتناثر الذنوب عن قائلها كما يتناثر
الورق عن هذه الشجرة " قال الله في كتابه : هن الباقيات الصالحات
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها
"
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن سمرة بن جندب :
ما من الكلام شيء أحب إلى الله من الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله
أكبر هن أربع فلا تكثر علي لا يضرك بأيهن بدأت
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه والعدو أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول : سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات الصالحات "
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " خذوا
جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول
ولا قوة إلا بالله فإنهن المقدمات وإنهن المؤخرات وهن المنجيات وهن الباقيات
الصالحات "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال ذات يوم لأصحابه " خذوا جنتكم " مرتين أو ثلاثا قالوا : من عدو
حضر ؟ قال : " بل من النار
قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا
بالله فإنهن يجئن يوم القيامة مقدمات ومحسنات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات
"
وأخرج ابن مردويه عن علي : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
الباقيات الصالحات من قال : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله
ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إن يثبطكم الليل فلم تقوموه وعجزتم عن النهار فلم
تصوموه وبخلتم بالمال فلم تعطوه وجبنتم عن العدو فلم تقاتلوه
فأكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات
الصالحات "
(5/397)
وأخرج الطبراني عن سعد بن
جنادة قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأسلمت وعلمني قل هو الله أحد و وإذا
زلزلت و قل يا أيها الكافرون وعلمني هؤلاء الكلمات : سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر
وقال : " هن الباقيات الصالحات "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر عن عثمان بن عفان أنه سئل عن الباقيات الصالحات
قال : هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا
بالله
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير عن ابن عمر أنه سئل عن الباقيات الصالحات قال :
لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : والباقيات الصالحات
قال : هي ذكر الله لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وتبارك الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وصلى الله على محمد رسول الله صلى الله
عليه و سلم والصلاة والصيام والحج والصدقة والعتق والجهاد والصلة وجميع أعمال
الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن المسيب قال : كنا عند سعد بن أبي
وقاص فسكت سكتة فقال : لقد قلت في سكتتي هذه خيرا مما سقى النيل والفرات
قلنا له : وما قلت ؟ قال : قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس والباقيات الصالحات قال : الكلام الطيب
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول
العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن أو لا يحب أحدكم أن لا يزال عند الرحمن
شيء يذكر به "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي أوفى قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه و
سلم فذكر أنه لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيئا وسأله شيئا يجزئ من القرآن ؟ فقال
له : " قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا
قوة إلا بالله "
(5/398)
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن
موسى بن طلحة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كلمات إذا قالهن
العبد وضعهن ملك في ناحيه ثم عرج بهن فلا يمر على ملأ من الملائكة إلا صلوا عليهن
وعلى قائلهن حتى يوضعن بين يدي الرحمن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وسبحان الله أبرئه عن السوء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال : رأى رجل في المنام أن مناديا نادى في
السماء أيها الناس خذوا سلاح فزعكم فعمد الناس وأخذوا السلاح حتى أن الرجل وما معه
عصا فنادى مناد من السماء ليس هذا سلاح فزعكم فقال رجل من الأرض ما سلاح فزعنا ؟
فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من
أتصدق بعددها دنانير "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أن أحمل على عدتها من خيل بأرسانها
وأخرج عبد الرحمن بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة قال : من قال من قبل نفسه
الحمد لله رب العالمين كتب الله له ثلاثين حسنة ومحا عنه ثلاثين سيئة ومن قال :
الله أكبر كتب الله له بها عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة ومن قال : لا إله
إلا الله كتب الله له عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : في قوله : والباقيات
الصالحات الحسنات يذهبن السيئات الصلوات الخمس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : والباقيات
الصالحات قال : كل شيء من طاعة الله فهو من الباقيات الصالحات
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن قتادة أنه سئل عن الباقيات الصالحات فقال : كل
ما أريد به وجه الله
(5/399)
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد
بن جبير في قوله : خير عند ربك ثوابا قال : خير جزاء من جزاء المشركين
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وخير أملا قال : إن لكل عامل أملا يؤمله
وإن المؤمن من خير الناس أملا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وترى الأرض بارزة قال : لا
عمران فيها ولا علامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وترى الأرض بارزة قال : ليس عليها بناء ولا
شجرة
وأخرج ابن منده في التوحيد عن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين
وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم مسؤولون محاسبون
يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب "
الآية 49 أخرج البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يخرج لابن
آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين : ديوان العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه
النعم من الله عليه "
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من
غزو حنين نزلنا قفرا من الأرض ليس فيه شيء فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
" اجمعوا من وجد عودا فليأت ومن وجد عظما أو شيئا فليأت به " قال : فما
كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أترون هذا ؟ فكذلك تجتمع الذنوب على
الرجل منكم كما جمعتم هذا فليتق الله رجل لا يذنب صغيرة ولا كبيرة فإنها محصاة
عليه "
(5/400)
وأخرج ابن مردويه عن عائشة :
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله
طالبا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لا يغادر صغيرة ولا كبيرة قال : الصغيرة
التبسم والكبيرة الضحك
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال :
الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين والكبيرة القهقهة بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ويقولون يا ويلتنا الآية
قال : يشتكي القوم كما تسمعون
الاحصاء ولم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى
تهلكه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية
قال : سئلوا حتى عن التبسم فقيل فيم تبسمت يوم كذا وكذا ؟ !
الآية 50 أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان
عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن فكان إبليس منهم وكان يوسوس
ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطانا رجيما
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : إلا إبليس كان من الجن قال : كان خازن
الجنان فسمي بالجن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال : اختلف ابن عباس
وابن مسعود في إبليس فقال أحدهما : كان من سبط من الملائكة يقال لهم الجن
(5/401)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر
عن ابن عباس قال : إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا على
الجنان وكان له سلطان السماء الدنيا وكان له مجمع البحرين بحر الروم وفارس أحدهما
قبل المشرق والآخر قبل المغرب وسلطان الأرض وكان مما سولت نفسه مع قضاء الله أنه
يرى أن له بذلك عظمة وشرفا على أهل السماء فوقع في نفسه من ذلك كبر لم يعلم ذلك
أحد إلا الله فلما كان السجود لآدم حين أمره الله أن يسجد لآدم استخرج الله كبره
عند السجود فلعنه إلى يوم القيامة وكان من الجن قال ابن عباس : إنما سمي بالجنان
لأنه كان خازنا عليها
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إلا إبليس كان من
الجن قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن وكان ابن عباس يقول : لو لم يكن
من الملائكة لم يؤمر بالسجود وكان على خزانة السماء الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال
: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : قاتل الله أقواما يزعمون أن إبليس
كان من ملائكة الله والله تعالى يقول : كان من الجن
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله : كان من الجن
قال : من خزنة الجنان
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن الأنباري في الأضداد من وجه آخر عن سعيد بن
جبير في قوله : كان من الجن قال : هم حي من الملائكة لم يزالوا يصوغون حلي أهل
الجنة حتى تقوم الساعة
وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن جبير في قوله : كان من الجن قال : من الجنانين
الذين يعملون في الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن ابن شهاب في قوله : إلا إبليس كان من
الجن قال : إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من
(5/402)
الإنس وهو أبوهم
وإبليس من الجن وهو أبوهم وقد تبين للناس ذلك حين قال الله : أفتتخذونه وذريته
أولياء من دوني
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان إبليس رئيسا من
الملائكة في سماء الدنيا
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن منصور قال : كانت الملائكة تقاتل الجن فسبي إبليس وكان
صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : كان إبليس من الجن الذين
طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : إلا إبليس كان من الجن قال : أجن من
طاعة الله
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة
الملائكة فجزع لذلك فرن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة من رنته
وأخرج أبو الشيخ عن نوف قال كان إبليس رئيس سماء الدنيا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ففسق عن أمر ربه
قال : في السجود لآدم
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة ؟ فقال : إن ذلك العرس ما
سمعت به
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
أفتتخذونه وذريته قال : ولد إبليس خمسة : ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط
صاحب الصخب والأعور وداسم لا أدري ما يفعلان والثبر صاحب المصائب وزلنبور الذي
يفرق بين الناس ويبصر الرجل عيوب أهله
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : أفتتخذونه وذريته قال : باض
إبليس خمس بيضات : زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فأما الأعور فصاحب الزنا وأما
ثبر فصاحب المصائب وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون
لها أصلا وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه وإذا أكل معه
ويريه من
(5/403)
متاع البيت ما لا يحصى موضعه
وأما زلنبور فهو صاحب الأسواق ويضع راسه في كل سوق بين السماء والأرض
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : أفتتخذونه وذريته قال : هم
أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عددا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : باض إبليس خمس بيضات : وذريته من ذلك
قال : وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وبئس للظالمين بدلا قال بئسما استبدلوا
بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى
الآية 51 - 52 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ما أشهدتهم خلق السموات
والأرض ولا خلق أنفسهم قال : يقول ما أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هذا وما كنت
متخذ المضلين قال : الشياطين عضدا قال : ولا اتخذتهم عضدا على شيء عضدوني عليه
فأعانوني
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وما كنت متخذ
المضلين عضدا قال : أعوانا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : وما كنت متخذ المضلين عضدا قال : أعوانا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : وجعلنا بينهم
موبقا يقول : مهلكا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في قوله : موبقا يقول : مهلكا
(5/404)
وأخرج ابن أبي شيبة وابن
المنذر عن مجاهد في قوله : موبقا قال : واد في جهنم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن أنس في قوله : وجعلنا بينهم موبقا قال : واد في جهنم من قيح
ودم
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر في قوله :
وجعلنا بينهم موبقا قال : هو واد عميق في النار فرق الله به يوم القيامة بين أهل
الهدى والضلالة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمرو البكالي قال : الموبق الذي ذكر الله واد في
النار بعيد القعر يفرق به يوم القيامة بين أهل الإسلام وبين من سواهم من الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : موبقا قال : هو نهر في النار يسيل نارا على
حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالإقتحام في
النار منها
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها :
غليظ وموبق وأثام وغي
الآية 53 - 54 أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :
فظنوا أنهم مواقعوها قال : علموا
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والحاكم وصلىالله عليه وسلمححه وابن
مردويه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : " ينصب
الكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى
جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة والله أعلم "
(5/405)
وأخرج البخاري ومسلم وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه : أن النبي صلىالله عليه وسلم طرقه
وفاطمة ليلا فقال : " ألا تصليان " فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد
الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا
وانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته بضرب فخذه ويقول : وكان الإنسان أكثر
شيء جدلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وكان الإنسان أكثر شيء جدلا قال : الجدل
الخصومة خصومة القوم لآنبيائهم وردهم عليهم ما جاؤوا به وكل شيء في القرآن من ذكر
الجدل فهو من ذلك الوجه فيما يخاصمونهم من دينهم يردون عليهم ما جاؤوا به والله
أعلم
الآية 55 - 59 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إلا أن تأتيهم سنة الأولين
قال : عقوبة الأولين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قرأ أو يأتيهم العذاب قبلا قال :
قبائل
(5/406)
وأخرج ابن أبي شيبة وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أو يأتيهم العذاب قبلا قال : فجأة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ أو يأتيهم العذاب قبلا أي عيانا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله : قبلا قال : جهارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : أو يأتيهم العذاب قبلا قال : مقابلهم
فينظرون إليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ونسي ما قدمت يداه أي نسي ما سلف من الذنوب
الكثيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : بما كسبوا يقول : بما علموا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : بل لهم موعد قال : الموعد يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : لن يجدوا من
دونه موئلا قال : ملجأ
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لن يجدوا من
دونه موئلا قال : مجوزا
وفي قوله : وجعلنا لمهلكهم موعدا قال : أجلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن العباس بن عزوان أسنده في قوله : وتلك القرى أهلكناهم لما
ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا قال : قضى الله العقوبة حين عصي ثم أخرها حتى جاء
أجلها ثم أرسلها
(5/407)
الآية 60 - 82
(5/408)
أخرج ابن عساكر من طريق ابن
سمعان عن مجاهد قال : كان ابن عباس يقول في هذه الآية وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح
يقول : لا أنفك ولا أزال حتى أبلغ مجمع البحرين يقول : ملتقى البحرين أو أمضي حقبا
يقول : أو أمضي سبعين خريفا فلما بلغ مجمع بينهما يقول : بين البحرين نسيا حوتهما
يقول : ذهب منهما وأخطأهما وكان حوتا مليحا معهما يحملانه فوثب من المكتل إلى
الماء فكان سبيله في البحر سربا فأنسى الشيطان فتى موسى أن يذكره وكان فتى موسى
يوشع بن نون واتخذ سبيله في البحر عجبا يقول : موسى عجب من أثر الحوت ودوراته التي
غار فيها قال ذلك ما كنا نبغي قول موسى : فذاك حيث أخبرت أني أجد الخضر حيث
يفارقني الحوت فارتدا على آثارهما قصصا يقول : اتبع موسى ويوشع أثر الحوت في البحر
وهم راجعان على ساحل البحر فوجدا عبدا من عبادنا يقول : فوجدا خضرا آتيناه رحمة من
عندنا وعلمناه من لدنا علما قال الله تعالى : وفوق كل ذي علم عليم يوسف آية 76
فصحب موسى الخضر وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس أن
نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل : قال ابن عباس :
كذب عدو الله !
حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول : إن موسى قام خطيبا
في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه : أن لي عبدا بمجمع البحرين
وهو أعلم منك
قال موسى : يا رب كيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتا تجعله في مكتل فحيثما فقدت
الحوت فهو ثم
فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا
الصخرة وضعا رأسيهما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ
سبيه في البحر سربا وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما
استيقظ نسي صاحبه أن يخبرهه بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من
الغد
(5/409)
قال موسى لفتاه آتنا غدائنا
لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال : ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره
الله به فقال له فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه
إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال : فكان للحوت سربا ولموسى
ولفتاه عجبا
فقال موسى ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا قال سفيان : يزعم ناس أن تلك
الصخرة عندها عين الحياة ولا يصيب ماؤها ميتا إلا عاش
قال : وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش
قال : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه
موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قال : أنا موسى
قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن
تستطيع معي صبرا يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على
علم من علم الله علمك الله لا أعلمه
فقال موسى ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا فقال له الخضر فإن اتبعتني
فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهم
سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول فلما ركبوا في السفينة فلم
يفجأه إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى : قوم حملونا
بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
لقد جئت شيئا إمرأ فقال : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخدني بما نسيت
ولا ترهقني من أمري عسرا
قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : كانت الأولى من موسى نسيانا قال : وجاء عصفور
فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر : ما علمني وما علمك من
علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينما هما
يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده
فاقتلعه فقتله فقال له موسى : أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال :
ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال : وهذه أشد من الأولى قال إن سألتك عن شيء
بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما
أهلها فابوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض قال : مائل فأخذ الخضر
بيده هكذا فأقامه فقال موسى : قوم
(5/410)
أتيناهم فلم يطعمونا ولم
يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا فقال : هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم
تستطع عليه صبرا
فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم : وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من
خبرهما
قال سعيد بن جبير : وكان ابن عباس يقرأ " وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة
صالحة غصبا " وكان يقرأ " وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين
"
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه من طريق آخر عن سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال :
سلوني
قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداءك بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ؟ ليس
بموسى بني إسرائيل
قال : كذب عدو الله حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم :
" إن موسى عليه السلام ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى
فأدركه رجل فقال : أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى
قيل : بلى
قال : أي رب فأين ؟ قال : بمجمع البحرين
قال : أي رب اجعل لي علما أعلم به ذلك
قال : خذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح
فأخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت
قال : ما كلفت كثيرا
قال : فبينا هو في ظل صخرة في مكان سريان ؟ أن تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه :
لا أوقظه
حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره
وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كان أثره في حجر
قال موسى لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا
خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى ثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت
رأسه فسلم عليه موسى فكسف عن وجهه وقال : هل بأرض من سلام
! ؟ من أنت ؟ قال : أنا موسى
قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم
قال : فما شأنك ؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا
قال : أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إن لي علما لا ينبغي
أن تعلمه وإن لك علما لا ينبغي لي أعلمه
فأخذ طائر بمنقاره من البحر فقال : والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما
أخذ الطير منقاره من
(5/411)
البحر
حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل الساحل إلى أهل هذا الساحل
الآخر فعرفوه فقالوا : عبد الله الصالح لا نحمله بأجر فخرقها ووتد فيها وتدا
قال موسى أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا
كانت الأولى نسيانا والوسطة والثالثة عمدا لا تؤاخدني بما نسيت ولا ترهقني من أمري
عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله ووجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا ظريفا
فأضجعه ثم ذبحه بالسكين فقال : أقتلت نفسا زكية لم تعمل الحنث
قال ابن عباس قرأها : زكية زاكية مسلمة كقولك : غلاما زكيا
فانطلقا فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال : بيده هكذا ورفع يده فاستقام قال لو
شئت لاتخذت عليه أجرا قال : أجر تأكله وكان وراءهم ملك قرأها ابن عباس " وكان
أمامهم ملك " يزعمون مدد بن ندد والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ملك يأخذ
كل سفينة صالحة غصبا فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها
فانتفعوا بها ومنهم من يقول سدوها بالقار فكان أبواه مؤمنين وكان كافرا فخشينا أن
يرهقهما طغيانا وكفرا أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه فأردنا أن يبدلهما
ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر
" وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكنا
عنده فقال القوم : إن نوفا الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني
إسرائيل فكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال : كذب نوف حدثني أبي بن كعب أنه
سمع النبي صلىالله عليه وسلم يقول : " رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه
عجل واستحيا وأخذته دمامة من صاحبه فقال له : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني
لرأى من صاحبه عجبا "
قال : وكان النبي صلىالله عليه وسلم إذا ذكر نبيا من الأنبياء بدأ بنفسه فقال :
" رحمة الله علينا وعلى صالح ورحمة الله علينا وعلى أخي عاد ثم قال : إن موسى
بينا هو يخطب قومه ذات يوم إذ قال لهم : ما في الأرض أحد أعلم مني
فأوحى الله إليه : أن في الأرض من هو أعلم منك وآية ذلك أن تزود حوتا مالحا فإذا
فقدته فهو حيت تفقده
فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى إذا بلغا المكان الذي أمروا به
(5/412)
فلما انتهوا إلى الصخرة انطلق
موسى يطلب ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاضطرب فاتخذ سبيله في البحر سربا قال فتاه
: إذا جاء نبي الله حدثته
فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابه ما يصيب المسافر من النصب والكلال حين جاوز ما أمر
به فقال موسى : لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال فتاه : يا نبي
الله أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت أن أحدثك وما أنسانيه إلا الشيطان
فاتخذ سبيله في البحر سربا قال ذلك ما كنا نبغي نبغ ؟ فرجعا على آثارهما قصصا
يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة فأطاف فإذا هو برجل مسجى بثوب فسلم عليه فرفع
رأسه فقال له : من أنت ؟ قال : موسى
قال : من موسى ؟ قال : موسى بني إسرائيل
قال : فما لك ؟ قال : أخبرت أن عندك علما فأردت أن أصحبك قال إنك لن تستطيع معي
صبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال : كيف تصبر على ما لم تحط
به خبرا قال : قد أمرت أن أفعله قال : فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك
منه ذكرا فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له
موسى : تخرقها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا
قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان
يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان أحسن ولا ألطف منه فأخذه فقتله
فنفر موسى عند ذلك وقال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل
لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال : فأخذته دمامة من صاحبه واستحيا فقال إن سألتك عن
شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى أتيا أهل قرية وقد أصاب
موسى جهد شديد فلم يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال له موسى مما
نزل به من الجهد : لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل
ما لم تستطع عليه صبرا فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال حدثني أما السفينة فكانت لمساكين
يعملون في البحر وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا فإذا مر عليها فرآها منخرقة
تركها ورقعها أهلها بقطعة من خشب فانتفعوا بها
(5/413)
وأما الغلام فإنه كان طبع يوم
طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه شيئا لأرهقهما طغيانا وكفرا
فأراد ربك أن يبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما فوقع أبوه على أمه فعلقت خيرا منه
زكاة وأقرب رحما
وأخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس - وعنده نفر من أهل
الكتاب - فقال بعضهم : إن نوفا يزعم عن أبي بن كعب أن موسى النبي الذي طلب العلم
إنما هو موسى بن ميشا فقال ابن عباس : كذب نوف
حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلىالله عليه وسلم : " أن موسى بني إسرائيل
سأل ربه فقال : أي رب إن كان في عبادك أحد أعلم مني فدلني
قال : نعم في عبادي من هو أعلم منك فنعت له مكانه فأذن له في لقيه فخرج موسى ومعه
فتاه ومعه حوت مليح قد قيل : إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك وقد أدركت
حاجتك
فخرج موسى ومعه فتاه ومعه ذلك الحوت يحملانه فسار حتى جهده السير وانتهى إلى
الصخرة وإلى ذلك الماء ماء الحياة من شرب منه خلد ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي
فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي فاتخذ سبيله في البحر سربا فانطلقا فلما جاوزا قال
موسى لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال الفتى وذكر أرأيت إذ
أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله
في البحر عجبا قال ابن عباس : فظهر موسى على الصخرة حين انتهيا إليها فإذا رجل
ملتف في كسائه فسلم موسىعليه فرد عليه ثم قال له : ما جاء بك ؟ إن كان لك في قومك
لشغل ؟ قال له موسى : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا
قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علم ذلك فقال موسى : بلى
قال : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا أي أن ما تعرف ظاهرا ما ترى من العدل ولم
تحط من علم الغيب بما أعلم ؟ قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا وإن
رأيت ما يخالفني قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا
يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة
وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق منها فسألا أهلها أن
يحملوهما فحملوهما فلما اطمأنا فيها ولجت بهما مع أهلها أخرج منقارا له ومطرقة ثم
عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى
(5/414)
خرقها ثم أخذ لوحا فطبقه
عليها ثم جلس عليها يرقعها فقال له موسى - ورأى أمرا أفظع به - أخرقتها لتغرق
أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما
نسيت أي بما تركت من عهدك ولا ترهقني من أمري عسرا ثم خرجا من السفينة فانطلقا حتى
أتيا قرية فإذا غلمان يلعبون
فيهم غلام ليس في الغلمان غلام أظرف منه ولا أوضأ منه فأخذ بيده وأخذ حجرا فضرب به
رأسه حتى دمغه فقتله فرآى موسى عليه السلام أمرا فظيعا لا صبر عليه صبي صغير قتله
لا ذنب له
! ؟ قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس أي صغيرة لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك
لن تستطيع معي صبرا قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا
أي قد عذرت في شأني فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن
يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه فضجر موسى مما يراه
يصنع من التكليف وما ليس عليه صبر فقال لو شئت لاتخذت عليه أجرا أي قد استطعمناهم
فلم يطعمونا واستضفناهم فلم يضيفوهما ثم قعدت تعمل في غير صنيعة ؟ ولو شئت لأعطيت
عليه أجرا في عملك
قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت
لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان من وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة
غصبا - في قراءة أبي بن كعب " كل سفينة صالحة " وإنما عيبها لطرده عنها
فسلمت منه حين رأى العيب الذي صنعت بها وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن
يرهقهما طغيانا وكفرا
فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما
وأما لجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحتهما كنزا لهما وكان أبوهما
صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري
أي ما فعلته عن نفسي ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا فكان ابن عباس يقول : ما كان
الكنز إلا علما "
وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قام موسى خطيبا
لنبي إسرائيل فأبلغ في الخطبة وعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتي وعلم
الله الذي حدث نفسه من ذلك فقال له : " يا موسى إن من عبادي من قد آتيته من
العلم ما لم أوتك
قال : فادللني عليه
(5/415)
حتى أتعلم منه
قال : يدلك عليه بعض زادك "
فقال لفتاه يوشع لا أبرح حتى أبلغ محمع البحرين أو أمضي حقبا قال : فكان فيما
تزوداه حوت مملوح وكانا يصيبان منه عند العشاء والغداء فلما انتهيا إلى الصخرة على
ساحل البحر وضع فتاه المكتل على ساحل البحر فأصاب الحوت ندى الماء فتحرك في المكتل
فقلب المكتل وأسرب في البحر فلما جاوز أحضر الغداء فقال : آتنا غدائنا لقد لقينا
من سفرنا هذا نصبا فذكر الفتى قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما
أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا فذكر موسى ما كان عهد
إليه إنه يدلك عليه بعض زادك
قال ذلك ما كنا نبغي أي هذه حاجتنا فارتدا على آثارهما قصصا يقصان آثارهما حتى
انتهيا إلى الصخرة التي فعل فيها الحوت ما فعل فأبصر موسى أثر الحوت فأخذا أثر
الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا إلى جزيرة من جزائر العرب فوجد عبدا من عبادنا
آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني
مما علمت رشدا فأقر له بالعلم قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط
به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا
تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا يقول : حتى أكون أنا أحدث ذلك لك فانطلقا حتى
إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها إلى قوله : فانطلقا حتى إذا
لقيا غلاما على ساحل البحر في غلمان يلعبون فعهد إلى أجودهم وأصبحهم فقتله قال
أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي
صبرا
قال ابن عباس : فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " فاستحى نبي الله موسى
عند ذلك فقال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا
حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها إلى قوله : سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه
صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان من وراءهم
ملك يأخذ كل سفينة غصبا قال : وهي في قراءة أبي بن كعب " يأخذ كل سفينة صالحة
غصبا " فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها الملك فإذا جاوزوا الملك رقعوها
فانتفعوا بها وبقيت لهم وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين إلى قوله : ذلك تأويل ما لم
تسطع عليه صبرا قال : فجاء طائر هذه الحمرة فبلغ فجعل بغمس منقاره في
(5/416)
البحر فقال له : يا موسى ما
يوق هذا الطائر ؟ قال : لا أدري
قال : هذا يقول : ما علمكما الذي تعلمان في علم الله إلا كما أنقص بمنقاري من جميع
ما في هذا البحر "
وأخرج الروياني وابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : بينما
موسى عليه السلام يذكر بني إسرائيل إذ حدث نفسه أنه ليس أحد من الناس أعلم منه
فأوحى الله إليه : " أني قد علمت ما حدثت به نفسك فإن من عبادي رجلا أعلم منك
يكون على ساحل البحر فأته فتعلم منه واعلم أن الآية الدالة لك على مكانه زادك الذي
تزود به فأينما فقدته فهناك مكانه "
ثم خرج موسى وفتاه قد حملا حوتا مالحا في مكتل وخرجا يمشيان لا يجدان لغوبا ولا
عنتا حتى انتهيا إلى العين التي كان يشرب منها الخضر فمضى موسى وجلس فتاه فشرب
منها فوثب الحوت من المكتل حتى وقع في الطين ثم جرى حتى وقع في البحر
فذلك قوله تعالى : فاتخذ سبيله في البحر سربا فانطلق حتى لحق موسى فلما لحقه أدركه
العياء فجلس وقال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال : ففقد الحوت
فقال : إني نسيت الحوت الآية
يعني فتى موسى اتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغي إلى قصصا فانتهيا إلى
الصخرة فأطاف بها موسى فلم ير شيئا ثم صعد فإذا على ظهرها رجل متلفف بكسائه نائم
فسلم عليه موسى فرفع رأسه فقال : أنى السلام بهذا المكان
! ؟ من أنت ؟ قال : موسى بني إسرائيل
قال : فما كان لك في قومك شغل عني ؟ قال : أني أمرت بك
فقال الخضر : إنك لن تستطيع معي صبرا قال ستجدني إن شاء الله صبرا الآية
قال فإن اتبعتني فلا تسأني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فخرجا يمشيان حتى انتهيا
إلى ساحل البحر فإذا قوم قد ركبوا في سفينة يريدون أن يقطعوا البحر ركبوا معهم
فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضر حديدة كانت معه فخرق بها السفينة قال أخرقتها
لتغرق أهلها الآية
قال ألم أقل الآية
قال لا تؤاخذني الآية
فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية فوجدا صبيانا يلعبون يريدون القرية فأخذ الخضر
غلاما منهم وهو أحسنهم وألطفهم فقتله قال له موسى : أقتلت نفسا زكية الآية
قال ألم أقل لك الآية
قال إن سألتك الآية
فانطلقا حتى انتهيا إلى قرية لئام
(5/417)
وبهما جهد فاستطعموهم فلم
يطعموهم فرأى الجدار مائلا فمسحه الخضر بيده فاستوى فقال : لو شئت لاتخذت عليه
أجرا قال له موسى : قد ترى جهدنا وحاجتنا لو سألتهم عليه أجرا أعطوك فنتعشى به قال
هذا فراق بيني وبينك
قال : فأخذ موسى بثوبه فقال : أنشدك الصحبة إلا أخبرتني عن تأويل ما رأيت ؟ قال :
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر الآية
خرقتها لأعيبها فلم تؤخذ فأصلحها أهلها فامتنعوا بها وأما الغلام فإن الله جعله
كافرا وكان أبواه مؤمنين فلو عاش لأرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما
خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : لما ظهر موسى وقومه
على مصر أنزل قومه بمصر فلما استقرت بهم الدار أنزل الله وذكرهم بأيام الله
إبراهيم آية 5 فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعيم وذكرهم إذ نجاهم
الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض وقال كلم الله
موسى نبيكم تكليما واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه وآتاكم من كل شيء سألتموه
فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرون اليوم
فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا عرفهم إياها فقال له رجل من بني إسرائيل :
فهل على الأرض أعلم منك يا نبي الله ؟ قال : لا
فبعث الله جبريل إلى موسى فقال : إن الله يقول : " وما يدريك أين أضع علمي ؟
بلى على ساحل البحر رجل أعلم "
قال ابن عباس : هو الخضر
فسأل موسى ربه أن يريه إياه فأوحى الله إليه : أن ائت البحر فإنك تجد على ساحل
البحر حوتا ميتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وذهب منك
فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب
فلما طال صعود موسى ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت : قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة
فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره لك
قال الفتى
لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك فرجع حتى أتى الصخرة فوجد
الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم
(5/418)
عصاه يفرج بها عنه الماء
ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة فجعل نبي الله
يعجب من ذلك حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقي الخضر بها فسلم عليه
فقال الخضر : وعليك السلام
وأنى يكون هذا السلام بهذا الأرض
! ؟ ومن أنت ؟ قال : أنا موسى
فقال له الخضر : أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وقال : ما جاء بك ؟ قال : جئتك على
أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا يقول : لا تطيق ذلك
قال موسى : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرأ فانطلق به وقال له : لا
تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه
فذلك قوله : حتى أحدث لك منه ذكرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب وابن عساكر من طريق هرون بن
عنترة عن أبيه عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه فقال : " رب أي عبادك أحب إليك
؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني
قال : فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى
قال : فأي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة
تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى
قال : وقد كان حدث موسى نفسه أنه ليس أحد أعلم منه
قال : رب فهل أحد أعلم مني ؟ قال : نعم
قال : فأين هو ؟ قيل له : عند الصخرة التي عندها العين "
فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى إليه عند الصخرة فسلم كل واحد
منهما على صاحبه فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني
قال : إنك لن تطيق صحبتي
قال : بلى
قال : فإن صحبتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فسار به في البحر حتى
انتهى إلى محمع البحرين وليس في البحر مكان أكثر ماء منه
قال : وبعث الله الخطاف فجعل يستقي منه بمنقاره فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف
رزأ بمنقاره من الماء ؟ قال : ما أقل ما رزأ
قال : فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء
وذكر تمام الحديث في خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار فكان قول موسى في
الجدار لنفسه شيئا من الدنيا وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز و جل
وأخرج الدارقطني في الأفراد وابن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان عن
(5/419)
الضحاك عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له في أجله حتى يكذب الدجال
وأخرج البخاري وأحمد والترمذي وابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي
تهتز من خلفه خضراء "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إنما سمي الخضر خضرا لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن مجاهد قال : إنما
سمي الخضر لأنه إذا صلى اخضر ما حوله
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحق قال : حدثنا أصحابنا أن آدم عليه السلام لما حضره
الموت جمع بنيه فقال : يا بني إن الله سينزل على أهل الأرض عذابا فليكن جسدي معكم
في المغارة حتى إذا هبطتم فابعثوني وادفنوني بأرض الشام
فكان جسده معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد وأرسل الله الطوفان على الأرض
فغرقت الأرض زمانا فجاء نوح حتى نزل بابل وأوصى بنيه الثلاثة - وهم سام وحام ويافث
- أن يذهبوا بجسده إلى الغار الذي أمرهم أن يدفنوه به
فقالوا : الأرض وحشية لا أنيس بها ولا نهتدي لطريق ولكن كف حتى يعظم الناس ويكثروا
فقال لهم نوح : إن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة
فلم يزل جسد آدم حتى جاء الخضر عليه السلام هو الذي تولى دفنه فأنجز الله له ما
وعده فهو يحيا ما شاء الله أن يحيا
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب : " أن الخضر عليه السلام أمه رومية وأبوه
فارسي "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لما لقي
موسى الخضر جاء طير فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى : تدري ما يقول هذا
الطائر ؟ قال : وما يقول قال : يقول : ما علمك وعلم موسى في علم الله إلا كما أخذ
منقاري من الماء "
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والبزار وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي الدرداء في قوله : وكان تحته
(5/420)
كنز لهما قال : أحلت لهم
الكنوز وحرمت عليهم الغنائم وأحلت لنا الغنائم وحرمت علينا الكنوز
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبزار عن أبي ذر رفعه قال : إن الكنز الذي ذكره
الله في كتابه لوح من ذهب مضمن عجبت لمن أيقن بالقدر ثم نصب وعجبت لمن ذكر النار
ثم ضحك وعجبت لمن ذكر الموت ثم غفل
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : كان اللوح الذي
ذكر الله تعالى في كتابه وكان تحته كنز لهما حجر منقورا فيه : بسم الله الرحمن
الرحيم عجبا لمن يعلم أن القدر حق كيف يحزن ؟ !
وعجبا لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟ !
وعجبا لمن يرى الدنيا وغرورها وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ؟ ! لا إله إلا الله
محمد رسول الله
وأخرج الخرائطي في قمع الحرص وابن عساكر من طريق أبي حازم عن ابن عباس في قوله
تعالى : وكان تحته كنز لهما قال : لوح من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم
عجبا لمن يعرف الموت كيف يفرح
! ؟ وعجبا لمن يعرف النار كيف يضحك
! ؟ وعجبا لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها
؟ ! وعجبا لمن أيقن بالقضاء والقدر كيف ينصب في طلب الرزق
! ؟ وعجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يعمل الخطايا
! ؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله
وأخرج ابن مردويه عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : وكان تحته كنز
لهما قال : " لوح من ذهب مكتوب فيه : شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا
رسول الله عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن
! ؟ عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح
! ؟ عجبت لمن تفكر في تقلب الليل والنهار ويأمن فجأتهما حالا فحالا "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وكان تحته كنز لهما قال :
ما كان ذهبا ولا فضة كان صحفا عليها
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب في قول الله عز و جل : وكان تحته
كنز لهما قال : كان لوح من ذهب مكتوب فيه : لا إله الله إلا الله محمد رسول الله
عجبا لمن يذكر الموت حق كيف يفرح
! وعجبا لمن يذكر أن
(5/421)
النار حق كيف يضحك
! وعجبا لمن يذكر أن القدر حق كيف يحزن
! وعجبا لمن يرى الدنيا وتصرفها بأهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وكان أبوهما صالحا قال : كان يؤدي
الأمانات والودائع إلى أهلها
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : وكان أبوهما صالحا قال : حفظ الصلاح لأبيهما
وما ذكر عنهما صلاحا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده
ويحفظه في ذريته والدويرات حوله فما يزالون في ستر من الله وعافية
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله يصلح
بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما
دام فيهم "
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر موقوفا
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب قال : إن الله يخلف العبد المؤمن في ولده ثمانين عاما
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : بينما موسى يخاطب الخضر يقول
: ألست نبي بني إسرائيل ؟ فقد أوتيت من العلم ما تكتفي به وموسى يقول له : إني قد
أمرت باتباعك
والخضر يقول : إنك لن تستطيع معي صبرا فبينما هو يخاطبه إذ جاء عصفور فوقع على
شاطئ البحر
فنقر منه نقرة ثم طار فذهب فقال الخضر لموسى : يا موسى هل رأيت الطير أصاب من
البحر ؟ قال : نعم
قال : ما أصبت أنا وأنت من العلم في علم الله إلا بمنزلة ما أصاب هذا الطير من هذا
البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين قال : حتى
أنتهي
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : مجمع البحرين قال
: بحر فارس والروم هما بحر المشرق والمغرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس مثله
(5/422)
وأخرج ابن المنذر وابن أبي
حاتم عن أبي بن كعب في قوله : مجمع البحرين قال : أفريقية
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : مجمع البحرين قال : طنجة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : مجمع البحرين قال : الكر والرس حيث يصبان
في البحر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أو أمضي حقبا قال : دهرا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أو أمضي حقبا قال
: سبعين خريفا
وفي قوله : فلما بلغا مجمع بينهما قال : بين البحرين نسيا حوتهما قال : أضلاه في
البحر فاتخذ سبيله في البحر عجبا قال : موسى يعجب من أثر الحوت ودوراته التي غاب
فيها فارتدا على آثارهما قصصا قال : اتباع موسى وفتاه أثر الحوت حيث يشق البحر
راجعين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : نسيا
حوتهما قال : كان مملوحا مشقوق البطن
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا قال : أثره
يابس في البحر كأنه حجر
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ما أنجاب ماء منذ كان الناس غير بيت ماء الحوت دخل منه صار منجابا
كالكرة حتى رجع إليه موسى فرأى أمساكه قال : ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما
قصصا أي يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى مدخل البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا قال : جاء
فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا قال : دخل
الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله ثم اتخذ فيها سربا حتى وصل إلى البحر
والسرب طريق حتى وصل إلى الماء وهي بطحاء يابسة في البر بعدما أكل منه دهرا طويلا
وهو زاده ثم أحياه الله
(5/423)
وأخرج ابن المنذر وابن أبي
حاتم عن ابن عباس أن موسى عليه السلام شق الحوت وملحه وتغدى منه وتعشى فلما كان من
الغد قال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال في قراءة أبي " وما أنسانيه إلا الشيطان أن
أذكر له "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : أتى الحوت على عين في البحر يقال لها عين
الحياة فلما أصاب تلك العين رد الله إليه روحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فارتدا على آثارهما قصصا قال : عودهما على
بدئهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فوجدا عبدا من عبادنا قال : لقيا رجلا
عالما يقال له خضر
وأخرج ابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة ؟ قال
: ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل
وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام وأخذ عليه أن لا
يعلمه أحدا
ثم إن أباه زوجه امرأة فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا وكان لا يقرب
النساء ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا ثم طلقها فأفشت
عليه إحداهما وكتمت الأخرى فخرج هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فرآه رجلان فأفشى
عليه أحدهما وكتم الآخر
فقيل له : ومن رآه معك ؟ قال : فلان
وكان في دينهم أن من كذب قتل فسئل فكتم فقتل الذي أفشى عليه ثم تزوج الكاتم عليه
المرأة الماشطة فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت : تعس فرعون
فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وابنيها وزوجها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم
فأبوا فقال : إني قاتلكم
قال : أحببنا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد
فقتلهم وجعلهم في قبر واحد
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما شممت رائحة أطيب منها وقد دخلت الجنة
"
(5/424)
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة
قال : إنما سمي الخضر لأنه كان إذا جلس في مكان اخضر ما حوله وكانت ثيابه خضرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : آتيناه رحمة من عندنا قال : أعطيناه
الهدى والنبوة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سمي الخضر لأنه إذا قام في مكان نبت العشب
تحت رجليه حتى يغطي قدميه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ركبا السفينة قال : إنما كانت معبرا في ماء
الكر فرسخ في فرسخ
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ "
ليغرق أهلها " بالياء
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لقد جئت شيئا إمرأ يقول :
منكرا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : شيئا إمرا يقول : منكرا
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : شيئا
إمرا قال : عجبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر في قوله : شيئا إمرا قال : عظيما
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب في قوله : لا تؤاخذني بما نسيت قال : لم ينس ولكنها
من معاريض الكلام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية ومن طريق حماد بن يزيد عن شعيب بن
الحجاب قالا : كان الخضر عبدا لا تراه الأعين إلا من أراد الله أن يريه إياه فلم
يريه من القوم إلا موسى ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل
الغلام
قال حماد : وكانوا يرون أن موت الفجأة من ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله : لقيا غلاما قال : كان غلاما
ابن عشرين سنة
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : لما قتل الخضر الغلام ذعر موسى ذعرة منكرة
(5/425)
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس
في قوله : نفسا زكية قال : تائبة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ قتلت نفسا زكية
قال سعيد : زكية مسلمة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : نفسا
زكية قال : لم تبلغ الخطايا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية أنه كان يقرأ زكية يقول : تائبة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن في قوله : نفسا زكية قال : تائبة
يعني صبيا لم يبلغ
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : لقد جئت
شيئا نكرا قال : النكر أنكر من العجب
وأخرج أحمد عن عطاء قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان
فكتب إليه : إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن جرير قال : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن قتل
الولدان ويقول في كتابه : إن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد
قال يزيد : أنا كتبت كتاب ابن عباس بيدي إلى نجدة أنك كتبت تسأل عن قتل الولدان
وتقول في كتابك أن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد ولو كنت تعلم من الولدان ما علم
ذلك العالم من ذلك الوليد قتلته ولكنك لا تعلم
قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتلهم فاعتزلهم
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن أبي مليكة قال : سئل ابن عباس عن الولدان في
الجنة قال : حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن مردويه عن
أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الغلام الذي قتله الخضر طبع
يوم طبع كافرا ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا "
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا "
(5/426)
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه
وابن مردويه عن أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ إن سألتك عن شيء بعدها
مهموزتين
وأخرج أبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد والبزار وابن جرير وابن المنذر
والطبراني وابن مردويه عن أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ من لدني عذرا
مثقلة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن السدي في قوله : أتيا أهل قرية قال : كانت
القرية تسمى باجروان كان أهلها لئاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : أتيا الإبلة وهي أبعد أرض الله من
السماء
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن ابن عباس في قوله : أتيا أهل قرية : قال : هي
أبرة
قال : وحدثني رجل أنها أنطاكية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى قال : بلغني أن المسألة للمحتاج حسنة ألا تسمع
أن موسى وصاحبه استطعما أهلها ؟ وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي عن النبي صلى
الله عليه و سلم قرأ فأبوا أن يضيفوهما مشددة
وأخرج الديلمي عن أبي بن كعب رفعه في قوله : فأبوا أن يضيفوهما قال : كانوا أهل
قرية لئاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : يريد أن ينقض قال : يسقط
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أنه قرأ فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فأقامه قال :
رفع الجدار بيده فاستقام
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : في حروف عبد الله " لو شئت لتخذت
عليه أجرا "
وأخرج البغوي في معجمه وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي أن النبي صلى
الله عليه و سلم قرأ " لو شئت لتخذت عليه أجرا " مخففة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب القرظي قال : قال عمر بن
(5/427)
الخطاب ورسول الله يحدثهم
بهذا الحديث حتى فرغ من القصة : " يرحم الله موسى وددنا أنه لو صبر حتى يقص
علينا من حديثهما "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " رحمة الله علينا وعلى موسى - فبدأ بنفسه -
لو كان صبر لقص علينا من خبره ولكن قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فأردت أن أعيبها
قال : أخرقها
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن
عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ : " وكان أمامهم ملك يأخذ كل
سفينة صالحة غصبا "
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ " يأخذ كل سفينة
صالحة غصبا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تقرأ في الحرف الأول " كل سفينة
صالحة غصبا " قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان " وكان وراءهم
ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الغلام الذي قتله الخضر جيسور
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن
عباس أنه كان يقرأ " وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف أبي " وأما الغلام فكان
كافرا وكان أبواه مؤمنين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : فخشينا قال : فأشفقنا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله " فخاف ربك
أن يرهقهما طغيانا وكفرا "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا قال : خشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه
(5/428)
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر في
الآية قال : لو بقي كان فيه بوارهما واستئصالهما
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : قال مطرف بن الشخير : إنا
لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل ولو عاش لكان فيه هلاكهما
فرضي رجل بما قسم الله له فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه وقضاء الله لك
فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : خيرا منه زكاة قال : إسلاما
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية في قوله : خيرا منه زكاة
قال : دينا وأقرب رحما قال : مودة
فأبدلا جارية ولدت نبيا
وأخرج ابن المنذر من طريق بسطام بن جميل عن عمر بن يوسف في الآية قال : أبدلهما
جارية مكان الغلام ولدت نبيين
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وكان تحته كنز
لهما قال : كان الكنز لمن قبلنا وحرم علينا وحرمت الغنيمة على ما كان قبلنا وأحلت
لنا فلا تعجبن للرجل يقول : ما شأن الكنز أحل لمن قبلنا وحرم علينا ؟ فإن الله يحل
من أمره ما يشاء ويحرم ما يشاء وهي السنن والفرائض
تحل لأمة وتحرم على أخرى
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم عن خيثمة قال : قال عيسى ابن
مريم عليه السلام : طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده
وتلا خيثمة وكان أبوهما صالحا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب قال : إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من
الناس
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق شيبة عن سليمان بن سليم بن سلمة قال : مكتوب في
التوراة " إن الله ليحفظ القرن إلى القرن إلى سبعة قرون وإن الله يهلك القرن
إلى القرن إلى سبعة قرون "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما
(5/429)
يقول لنبي إسرائيل : "
إني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي ناهية وإذا عصيت غضبت ولعنت ولعنتي
تبلغ السابع من الولد "
وأخرج أحمد عن وهب قال : يقول الله : " اتقوا غضبي فإن غضبي يدرك إلى ثلاثة
آباء وأحبوا رضاي فإن رضاي يدرك في الأمة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وما فعلته عن أمري قال : كان عبدا مأمورا
مضى لأمر الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : قال موسى لفتاه يوشع بن نون لا أبرح
حتى أبلغ مجمع البحرين فاصطادا حوتا فاتخذاه زادا وسارا حتى انتهيا إلى الصخرة
التي أرادها فهاجت ريح فاشتبه عليه المكان ونسيا عليه الحوت ثم ذهبا فسارا حتى
اشتهيا الطعام فقال لفتاه : آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا يعني جهدا في
السير
فقال الفتى لموسى : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا
الشيطان أن أذكره
قال : فسمعنا عن ابن عباس أنه حدث عن رجال من علماء أهل الكتاب أن موسى دعا ربه
على أثره ومعه ماء عذب في سقاء فصب من ذلك الماء في البحر وانصب على أثره فصار
حجرا أبيض أجوف فأخذ فيه حتى انتهى إلى الصخرة التي أراد فصعدها وهو متشوف : هل
يرى ذلك الرجل ؟ حتى كاد يسيء الظن ثم رآه فقال : السلام عليك يا خضر
قال : عليك السلام يا موسى
قال : من حدثك أني أنا موسى
! ؟ قال : حدثني الذي حدثك أني أنا الخضر
قال : إني أريد أن أصحبك على أن تعلمني مما علمت رشدا وأنه تقدم إليه فنصحه فقال :
إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا وذلك بأن أحدهم لو رأى
شيئا لم يكن رآه قط ولم يكن شهده ما كان يصبر حتى يسأل ما هذا فلما أبى عليه موسى
إلا أن يصحبه قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا إن عجلت علي
في ثلاث فذلك حين أفارقك
فهم قيام ينظرون إذ مرت سفينة ذاهبة إلى أبلة فناداهم خضر : يا أصحاب السفينة هلم
إلينا فاحملونا في سفينتكم وإن أصحاب السفينة قالوا لصاحبهم : إنا نرى رجالا في
مكان مخوف إنما يكون هؤلاء لصوصا فلا تحملهم
فقال صاحب السفينة : إني أرى رجالا على وجوههم النور لأحملنهم
فقال الخضر : بكم
(5/430)
حملت هؤلاء ؟ كل رجل حملت في
سفينتك فلك لكل رجل منا الضعف
فحملهم فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض - وقد أمر صاحب القرية : إن أبصرتم كل
سفينة صالحة ليس فيها عيب فائتوني بها - وإن الخضر أمر أن يجعل فيها عيبا لكي لا
يسخروها فخرقها فنبع فيها الماء وإن موسى امتلأ غضبا قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد
جئت شيئا إمرا وإن موسى عليه السلام شد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر في البحر
فقال : أردت هلاكهم فتعلم أنك أول هالك : فجعل موسى كلما ازداد غضبا استقر البحر
وكلما سكن كان البحر كالدهر وإن يوشع بن نون قال لموسى عليه السلام : ألا تذكر
العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك ؟ وإن الخضر أقبل عليه قال ألم أقل إنك لن
تستطيع معي صبرا وإن موسى أدركه عند ذلك الحلم فقال : لا تؤاخذني بما نسيت ولا
ترهقني من أمري عسرا فلما انتهوا إلى القرية قال خضر : ما خلصوا إليكم حتى خشوا
الغرق وإن الخضر أقبل على صاحب السفينة فقال : إنما أردت الذي هو خير لك فحمدوا
رأيه في آخر الحديث وأصلحها الله كما كانت
ثم إنهم خرجوا حتى انتهوا إلى غلام شاب عهد إلى الخضر أن أقتله فقتله قال أقتلت
نفسا زكية بغير نفس إلى قوله : قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا وإن خضرا أقبل عليه
فقال : قد وفيت لك بما جعلت على نفسي هذا فراق بيني وبينك وأما الغلام فكان أبواه
مؤمنين فكان لا يغضب أحدا إلا دعا عليه وعلى أبويه فطهر الله أبويه أن يدعو عليهما
أحد وأيد لهما مكان الغلام آخر خيرا منه وأبر بوالديه وأقرب رحما
وأما الجدار فكان لغلاميين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما فسمعنا أن ذلك
الكنز كان علما فورثا ذلك العلم
وأخرج ابن جرير من طريق الحسن بن عمارة عن أبيه قال : قيل لابن عباس : لم نسمع -
يعني موسى - يذكر من حديث فتاه وقد كان معه
فقال ابن عباس : فيما يذكر من حديث الفتى قال : شرب الفتى من الماء فخلد فأخذه
العالم فطابق به سفينة ثم أرسله في البحر فإنها لتموج به إلى يوم القيامة
وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه
قال ابن كثير الحسن متروك وأبوه غير معروف
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن يوسف بن أسباط قال : بلغني أن الخضر
(5/431)
قال لموسى لما أراد أن يفارقه
: يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به
وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي
فقال الخضر : يسر الله عليك طاعته
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الخضر لموسى حين لقيه : يا موسى انزع عن
اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب والزم بيتك وابك على خطيئتك
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي عبد الله - أظنه
الملطي - قال : أراد موسى أن يفارق الخضر فقال له موسى : أوصني
قال : كن نفاعا ولا تكن ضرارا كن بشاشا ولا تكن غضبانا ارجع عن اللجاجة ولا تمش في
غير حاجة ولا تعير امرأ بخطيئته وابك على خطيئتك يا ابن عمران
وأخرج ابن عساكر عن وهب أن الخضر قال لموسى : يا موسى إن الناس يعذبون في الدنيا
على قدر همومهم بها
وأخرج العقيلي عن كعب قال : الخضر على منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد
أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية
وأخرج ابن شاهين عن خصيف قال : أربعة من الأنبياء أحياء : اثنان في السماء عيسى
وإدريس
وإثنان في الأرض الخضر وإلياس
فأما الخضر فإنه في البحر
وأما صاحبه فإنه في البر
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال : بينا أنا أطوف إذا أنا برجل
متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه
المسائل ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت : يا عبد
الله أعد الكلام
قال : وسمعته ؟ قلت : نعم
قال : والذي نفس الخضر بيده : - وكان هو الخضر - لا يقولهن عبد دبر الصلاة
المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار قال : إن الخضر بن
عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ الهند - وهو بحر الصين
(5/432)
فقال لأصحابه : يا أصحابي
أدلوني
فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد فقالوا له : يا خضر ما رأيت ؟ فلقد أكرمك الله
وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر
فقال : استقبلني ملك من الملائكة فقال لي : أيها الآدمي الخطاء إلى أين ؟ ومن أين
؟ فقلت : إني أردت أن أنظر عمق هذا البحر
فقال لي : كيف وقد أهوى رجل من زمان داود عليه السلام لم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة
وذلك منذ ثلثمائة سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن بقية قال : حدثني أبو سعيد قال : سمعت أن آخر كلمة أوصى بها
الخضر موسى حين فارقه : إياك أن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى
أخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
لأصحابه : " ألا أحدثكم عن الخضر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال : تصدق علي
بارك الله فيك
فقال الخضر : آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شيء أعطيكه
فقال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ووجدت
البركة عندك
فقال الخضر : آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني
فقال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟ ! قال : نعم
الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم : أما أني لا أخيبك بوجه ربي تعالى
فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء
فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي فأوصني أعمل بعمل
قال : أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف
قال : ليس يشق علي قال : فقم فانقل هذه الحجارة
وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل
الحجارة في ساعة فقال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه ثم عرض للرجل سفرة
فقال : إني احتسبتك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة
قال : فأوصني بعمل
قال : إني أكره أن أشق عليك
قال : ليس يشق علي قال : فاضرب من اللبن لنبني حتى أقدم عليك فمر الرجل لسفره فرجع
وقد شيد بناؤه فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك ؟ فقال : سألتني بوجه
الله ووجه الله أوقعني في العبودية أنا الخضر الذي سمعت به
سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فأمكنته من نفسي فباعني
فأخبرك
(5/433)
أنه من سئل بوجه الله فرد
سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلدة ولا لحم له ولا عظم ليتقصع
فقال الرجل : آمنت بالله !
شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم
فقال : لا بأس أحسنت وأتقنت
فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا نبي الله احكم في أهلي ومالي بما أراك الله أو
أخيرك فأخلي سبيلك
فقال : أحب أن تخلي سبيلي أعبد ربي
فخلى سبيله فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها "
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحجاج بن فرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله
بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ مر عليهما رجل فقام عليهما فقال
للذي يكثر الحلف : مه يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك
ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف
قال : امض لما يعنيك
قال : ذا مما يعنيني - قالها ثلاث مرات ورد عليه قوله - فلما أراد أن ينصرف قال :
اعلم أن من آية الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في
قولك فضل على فضلك
ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر : الحقه فاستكتبه هذه الكلمات
فقال : يا عبد الله اكتبني هذه الكلمات يرحمك الله
فقال الرجل : ما يقدر الله من أمر يكن فأعادهن عليه حتى حفظهن ثم شهده حتى وضع
إحدى رجليه في المسجد فما أدري أرض لفظته أو سماء اقتلعته قال : كأنهم يرونه الخضر
أو إلياس عليه السلام
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند واه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن الخضر في البحر وإليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم
الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان
من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل "
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي رواد قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت
المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل
وأخرج العقيلي والدارقطني في الأفراد وابن عساكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما
رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاك ؟ ؟ الكلمات : بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير
إلا الله
(5/434)
ما شاء الله لا يصرف السوء
إلا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا
بالله "
قال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات أمنه الله من الغرق والحرق
والسرق ومن الشياطين والسلطان والحية والعقرب
الآية 83 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قالت اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم
: " يا محمد إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا
فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد
قال : ومن هو ؟ قالوا : ذو القرنين
قال : ما بلغني عنه شيء
فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء
الآيات ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : دخل بعض أهل الكتاب على رسول الله صلى الله
عليه و سلم فسألوه فقالوا : " يا أبا القاسم كيف تقول في رجل كان يسيح في
الأرض ؟ قال : لا علم لي به
فبينما هم على ذلك إذ سمعوا نقيضا فب السقف ووجد رسول الله صلى الله عليه و سلم
غمة الوحي ثم سري عنه فتلا ويسألونك عن ذي القرنين الآية
فلما ذكر السد قالوا : أتاك خبره يا أبا القاسم حسبك "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أدري أتبع كان لعينا
أم لا وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا
"
وأخرج ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل علي عن ذي القرنين : أنبي هو ؟
فقال : سمعت نبيكم صلى الله عليه و سلم يقول : " هو عبد ناصح الله فنصحه
"
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في
المصاحف وابن مردويه من طريق أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علي بن أبي طالب عن ذي
القرنين : أنبيا كان أم ملكا ؟ قال : لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن
(5/435)
كان عبدا صالحا أحب الله
فأحبه ونصح لله فنصحه
بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه فمات ثم أحياه الله لجهادهم
ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر فمات فأحياه الله لجهادهم
فلذلك سمي ذا القرنين وإن فيكم مثله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ذو القرنين نبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحوص بن حكيم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه و سلم : سئل
عن ذي القرنين فقال : " هو ملك مسح الأرض بالإحسان "
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
عن خالد بن معدان الكلاعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن ذي القرنين
فقال : " ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب "
وأخرج ابن عبد الحكم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد
وأبو الشيخ عن عمر أنه سمع رجلا ينادي بمنى : يا ذا القرنين فقال له عمر رضي الله
عنه : ها أنتم قد سميتم بأسماء الأنبياء فما بالكم وأسماء الملائكة ؟ وأخرج ابن
أبي حاتم عن جبير بن نفير أن ذا القرنين ملك من الملائكة أهبطه الله إلى الأرض
وآتاه من كل شيء سببا
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن جبير بن نفير أن أحبارا من اليهود قالوا للنبي صلى
الله عليه و سلم : " حدثنا عن ذي القرنين إن كنت نبيا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هو ملك مسح الأرض بالأسباب "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان نذير واحد بلغ ما بين المشرق والمغرب ذو
القرنين بلغ السدين وكان نذيرا ولم أسمع بحق أنه كان نبيا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الورقاء قال : قلت لعلي بن أبي طالب : ذو
القرنين ما كان قرناه ؟ قال : لعلك تحسب أن قرنيه ذهب أو فضة كان نبيا فبعثه الله
إلى أناس فدعاهم إلى الله تعالى فقام رجل فضرب قرنه الأيسر فمات ثم بعثه الله
فأحياه ثم بعثه إلى ناس فقام رجل فضرب قرنه الأيمن فمات فسماه الله ذا القرنين
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر قال : إنما سمي ذو القرنين
ذا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه في الله وكان أسود
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه أن ذا القرنين أول من لبس العمامة
(5/436)
وذاك أنه كان في رأسه قرنان
كالظلفين متحركان فلبس العمامة من أجل ذلك وأنه دخل الحمام ودخل كاتبه معه فوضع ذو
القرنين العمامة فقال لكاتبه : هذا أمر لم يطلع عليه خلق غيرك فإن سمعت به من أحد
قتلتك
فخرج الكاتب من الحمام فأخذه كهيئة الموت فأتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى :
ألا إن للملك قرنين
فأنبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان
إذا زمر خرج من القصبتين : ألا إن للملك قرنين
فانتشر ذلك في المدينة فأرسل ذو القرنين إلى الكاتب فقال : لتصدقني أو لأقتلنك
فقص عليه الكاتب القصة فقال ذو القرنين : هذا أمر أرد الله أن يبديه
فوضع العمامة عن رأسه
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن
عقبة بن عامر الجهني قال : " كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرجت
ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا : من يستأذن لنا
على النبي صلى الله عليه و سلم ؟ فدخلت على النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته
فقال : ما لي ولهم سألوني عما لا أدري ؟ إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما أعلمني ربي
عز و جل
ثم قال : ابغني وضوءا فأتيته بوضوء فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم انصرف فقال - وأنا أرى
السرور والبشر في وجهه - أدخل القوم علي ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا علي فأذنت
لهم فدخلوا فقال : إن شئتم أخبرتكم بما جئتم تسألوني عنه من قبل أن تكلموا وإن
شئتم فتكلموا قبل أن أقول
قالوا : بل فأخبرنا
قال : جئتم تسألوني عن ذي القرنين إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا
فسار حتى أتى ساحل أرض مصر فابتنى مدينة يقال لها " اسكندرية " فلما فرغ
من شأنها بعث الله عز و جل إليه ملكا فعرج به فاستعلى بين السماء ثم قال له : انظر
ما تحتك
فقال : أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال : انظر
فقال : قد اختلطت مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر : قال : أرى مدينتي
وحدها ولا أرى غيرها
قال له الملك : إنها تلك الأرض كلها والذي ترى يحيط بها هو البحر وإنما أراد ربك
أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها فسر فيها فعلم الجاهل وثبت العالم فسار حتى
بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلق
عنهما كل شيء فبنى السد ثم اجتاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب
يقاتلون يأجوج
(5/437)
ومأجوج ثم قطعهم فوجد أمة
قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمة من الغرانيق يقاتلون القوم
القصار ثم مضى فوجد أمة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة ثم مضى إلى
البحر الدائر بالأرض فقالوا : نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت وإنا نجده هكذا في
كتابنا "
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن الأشج صاحب كعب الأحبار أن ذا القرنين كان رجلا
طوافا صالحا فلما وقف على جبل آدم الذي هبط عليه ونظر إلى أثره هاله فقال له الخضر
: - وكان صاحب لوائه الأكبر - مالك أيها الملك ؟ قال : هذا أثر الآدميين
أرى موضع الكفين والقدمين وهذه القرحة وأرى هذه الأشجار حوله قائمة يابسة يسيل
منها ماء أحمر إن لها لشأنا
فقال له الخضر : - وكان قد أعطي العلم والفهم - أيها الملك ألا ترى الورقة المعلقة
من النخلة الكبيرة قال : بلى
قال : فهي تخبرك بشأن هذا الموضع
- وكان الخضر يقرأ كل كتاب - فقال : أيها الملك أرى كتابا فيه : بسم الله الرحمن
الرحيم هذا كتاب من آدم أبي البشر أوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدوي وعدوكم
إبليس الذي كان يلين كلامه وفجور أمنيته أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا وألقيت
على موضعي هذا لا يلتفت إلي مائتي سنة بخطيئة واحدة حتى درست في الأرض وهذا أثري
وهذه الأشجار من دموع عيني فعلي في هذه التربة أنزلت التوبة فتوبوا من قبل أن
تندموا وباردوا من قبل أن يبادر بكم وقدموا من قبل أن يقدم بكم
فنزل ذو القرنين فمسح موضع جلوس آدم فإذا هو ثمانون ومائة ميل ثم أحصى الأشجار
فإذا هي تسعمائة شجرة كلها من دموع آدم نبتت فلما قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وهي
تبكي دما أحمر فقال ذو القرنين للخضر : ارجع بنا فلا طلبت الدنيا بعدها
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن السدي قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع
وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع
وأخرج ابن عبد الحكم وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب عن عبيد بن يعلى قال :
إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
(5/438)
وهب بن منبه أنه سئل عن ذي
القرنين فقال : لم يوح إليه وكان ملكا
قيل : فلم سمي ذا القرنين ؟ فقال : اختلف فيه أهل الكتاب فقال بعضهم : ملك الروم
وفارس وقال بعضهم : إنه كان في رأسه شبه القرنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن مضر أن هشام بن عبد الملك سأله عن ذي القرنين : أكان
نبيا ؟ فقال : لا ولكنه إنما أعطي ما أعطي بأربع خصال كان فيه : كان إذا قدر عفا
وإذا وعد وفى وإذا حدث صدق ولا يجمع اليوم لغد
وأخرج ابن عبد الحكم عن يونس بن عبيد قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له
غديرتان من رأسه من شعر يطأ فيهما
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه قرن
ما بين مطلع الشمس ومغربها
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن شهاب قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ
قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها
وأخرج عن قتادة قال : الإسكندر هو ذو القرنين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن إسحق عمن يسوق أحاديث
الأعاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا
صالحا من أهل مصر اسمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن عبيد بن عمير أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به
إبراهيم فتلقاه
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن قتادة قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له
عقيصتان
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن ذا القرنين كان من سواس الروم يسوس أمرهم فخير بين
ذلال السحاب وصعابها فاختار ذلالها فكان يركب عليها
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب وأبو الشيخ عن وهب
بن منبه اليماني - وكان له علم الأحاديث الأولى - أنه كان يقول : كان ذو القرنين
رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر وإنما سمي
ذا القرنين لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس فلما
(5/439)
بلغ وكان عبدا صالحا قال الله
له : " يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض منهم أمتان بينهما طول الأرض
كلها ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها في وسط الأرض منهم الإنس والجن ويأجوج
ومأجوج فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك وأما
الأخرى
فعند مطلعها يقال لها منسك وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن
يقال لها هاويل وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر فأمة يقال لها تاويل
فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين : يا إلهي أنت قد ندبتني لأمر عظيم لا
يقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن هذه الأمم التي تبعثني إليها بأي قوة أكابرهم وبأي
جمع أكاثرهم وبأي حيلة أكايدهم وبأي لسان أناطقهم ؟ ؟ وكيف لي بأن أحاربهم وبأي
سمع أعي قولهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي قلب أعقل عنهم وبأي حكمة
أدبر أمرهم وبأي قسط أعدل بينهم وبأي حلم أصابرهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم
أتقن أمرهم وبأي يد اسطو عليهم وبأي رجل أطؤهم وبأي طاقة أخصمهم وبأي جند أقاتلهم
وبأي رفق أستألفهم
؟ ؟ وإنه ليس عندي يا إلهي شيء مما ذكرت يقرن لهم ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم وأنت
الرب الرحيم الذي لا يكلف نفسا ولا يحملها إلا طاقتها ولا يعنتها ولا يفدحها بل
يرأفها ويرحمها
فقال له الله عز و جل : إني سأطوقك ما حملتك أشرح لك صدرك فيتسع لكل شيء وأشرح لك
فهمك فتفقه كل شيء وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شيء وأفتح لك سمعك فتعي كل شيء وأمد
لك بصرك فتنفذ كل شيء وأدبر لك أمرك فتتقن كل شيء وأحصر لك فلا يفوتك شيء وأحفظ
عليك فلا يغرب عنك شيء وأشد ظهرك فلا يهدك شيء وأشد لك ركبك فلا يغلبك شيء وأشد لك
قلبك فلا يروعك شيء وأشد لك عقلك فلا يهولك شيء وأبسط لك يديك فيسطوان فوق كل شيء
وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء
وأسخر لك النور والظلمة فأجعلهما جندا من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك
الظلمة من ورائك
فلما قيل له ذلك انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا وعددا
لا يحصيه إلا الله تعالى وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله وألسنة مختلفة وأمورا
مشتبهة وأهواء مشتتة وقلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كابرهم بالظلمة وضرب
(5/440)
حولهم ثلاثة عساكر منها
وأحاطت بهم من كل جانب وحاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم
إلى الله وعبادته
فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت
في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيتهم من فوقهم ومن
تحتهم ومن كل جانب منهم فماجوا فيها وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه
بصوت واحد فكشف عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة
فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم
والنور من أمامه يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى وهو يريد الأمة التي
في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل
وسخر الله يده وقلبه ورأيه ونظره وائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر وإذا عمل عملا أتقنه
فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه
فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة
واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا قطع الأنهار والبحار
فتقها ثم دفع إلى كل إنسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهى إلى
هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى
حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأمتين
اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى وهو يريد تاويل - وهي الأمة
اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها - فلما بلغها عمل فيها
وجند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض
من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج
فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قال له أمة من الإنس
صالحة : يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله
كثيرا فيهم مشابهة من الأنس وهم أشباه البهائم وهم يأكلون العشب ويفترسون الدواب
والوحش كما يفترسها السباع ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح
مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ولا يزداد
كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم فإن كانت لهم كثرة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا
شك أنهم سيملأون الأرض ويجلون أهلها ويظهرون عليها فيفسدون فيها وليست تمر بنا سنة
منذ جاورناهم ورأيناهم إلا ونحن
(5/441)
نتوقعهم وننظر أن يطلع علينا
أوائلهم من هذين الجبلين
فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ؟ قال : ما مكني فيه ربي خير
فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما اغدو إلى الصخور والحديد والنحاس حتى أرتاد
بلادهم وأعلم علمهم وأقيس ما بين جبليهم
ثم انطلق يؤمهم حتى دفع إليهم وتوسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد
أنثاهم وذكرهم مبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخاليب في
مواضع الأظفار من أيدينا ولهم أنياب وأضراس كأضراس السباع وأنيابها وأحناك كأحناك
الإبل قوة يسمع له حركة إذا أكل كحركة الجرة من الإبل أو كقضم الفحل المسن أو
الفرس القوي وهم صلب عليهم من الشعر في أجسادهم ما يواريهم وما يتقون به من الحر
والبرد إذا أصابهم ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان إحداهما وبرة ظهرها وبطنها
والأخرى زغبة ظهرها وبطنها
تسعانه إذا لبسهما يلبس إحداهما ويفترش الأخرى ويصيف في إحداهما ويشتو في الأخرى
وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا وقد عرف أجله الذي يموت فيه ومنقطع عمره وذلك أنه لا
يموت ميت من ذكورهم حتى يخرج من صلبه ألف ولد ولا تموت الأنثى حتى يخرج من رحمها
ألف ولد فإذا كان ذلك أيقن بالموت وتهيأ له
وهم يرزقون التنين في زمان الربيع ويستمطرونه إذا تحينوه كما يستمطر الغيث لحينه
فيقذفون منه كل سنة بواحد فيأكلونه عامهم كله إلى مثلها من قابل فيعينهم على
كثرتهم وما هم فيه فإذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أثره عليهم فدرت عليهم
الإناث وشبقت منهم الذكور وإذا أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت منهم الذكور وأحالت
الإناث وتبين أثر ذلك عليهم وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون
حيثما التقوا تسافد البهائم
ثم لما عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما - وهي
في منقطع أرض الترك مما يلي الشمس - فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في
عمله حفر له أساسا حتى بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه
النحاس يذاب ثم يصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض ثم علا وشرفه بزبر الحديد
والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه محبر من صفرة النحاس
وحمرته وسواد
(5/442)
الحديد فلما فرغ منه وأحكم
انطلق عامدا إلى جماعة الإنس والجن فبينما هو يسير إذ رفع إلى أمة صالحة يهدون
بالحق وبه يعدلون فوجد أمة مقسطة يقتسمون بالسوية ويحكمون بالعدل ويتأسون
ويتراحمون
حالهم واحدة وكلمتهم واحدة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مستقيمة وقلوبهم مؤتلفة
وسيرتهم مستوية وقبورهم بأبواب بيوتهم وليس على بيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء
وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون
ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ولا يقحطون ولا يحردون ولا تصيبهم الآفات
التي تصيب الناس وهم أطول الناس أعمارا وليس فيهم مسكين ولا فقير ولا فظ ولا غليظ
فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم أعجب منهم وقال لهم : أخبروني أيها القوم خبركم
فإني قد أحصيت الأرض كلها
برها وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها
فلم أجد فيها أحدا مثلكم
! فأخبروني خبركم
قالوا : نعم سلنا عما تريد
قال : أخبروني ما بال قبوركم على أبواب بيوتكم ؟ قال : عمدا فعلنا ذلك لئلا ننسى
الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا
قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب ؟ قالوا : ليس فينا متهم وليس فينا إلا أمين
مؤتمن
قال : فما بالكم ليس عليكم أمراء ؟ قالوا : ليس فينا مظالم
قال : فما بالكم ليس بينكم حكام ؟ قالوا : لا نختصم
قال : فما بالكم ليس فيكم أغنياء ؟ قال : لا نتكاثر
قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف ؟ قالوا : لا نتنافس
قال : فما بالكم لا تتفاوتون ولا تتفاضلون ؟ قالوا : من قبل أنا متواصلون متراحمون
قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون ؟ قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات
بيننا
قال : فما بالكم لا تقتتلون ولا تستبون ؟ قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم
وسسنا أنفسنا بالحلم
قال : فما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة ؟ قالوا : من قبل أنا لا نتكاذب ولا
نتخادع فلا يغتاب بعضنا بعضا
قال : فأخبروني من أيي ؟ تشابهت قلوبكم واعتدلت سيرتكم ؟ قالوا : صحت صدورنا فنزع
الله بذلك الغل والحسد من قلوبنا
قال : فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير ؟ قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية
قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ ؟ قالوا : من قبل الذل والتواضع
قال : فما بالكم جعلتم أطول الناس أعمارا ؟ قالوا : من قبل أنا نتعاطى الحق ونحكم
بالعدل
قال : فما بالكم لا تقحطون ؟ قالوا : لا نغفل عن الاستغفار
(5/443)
قال : فما بالكم لا تحردون ؟
قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا للبلاء منذ كنا وأحببناه وحرصنا عليه فعرينا منه
قال : فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب الناس ؟ قالوا : لا نتوكل على غير الله
ولا نعمل بأنواء النجوم
قال : حدثوني
أهكذا وجدتم آبائكم يفعلون ؟ قالوا : نعم وجدنا آبائنا يرحمون مساكينهم ويواسون
فقراءهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويحلمون على من جهل عليهم
ويستغفرون لم سبهم ويصلون أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون
بعهودهم ويصدقون في مواعيدهم ولا يرغبون عن أكفائهم ولا يستنكفون عن أقاربهم فأصلح
الله بذلك أمرهم وحفظهم به ما كانوا أحياء وكان حقا عليه أن يخلفهم في تركتهم
فقال لهم ذو القرنين : لو كنت مقيما لأقمت فيكم ولكني لم أؤمر بالإقامة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب قال : كان لذي القرنين صديق من الملائكة يقال له زرافيل وكان لا يزال يتعاهده
بالسلام فقال له ذو القرنين : يا زرافيل هل تعلم شيئا يزيد في طول العمر لنزداد
شكرا وعبادة ؟ قال : ما لي بذلك علم ولكن سأسأل لك عن ذلك في السماء
فعرج زرافيل إلى السماء فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم هبط فقال : إني سألت عما
سألتني عنه فأخبرت أن لله عينا في ظلمة هي أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من
شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت
قال : فجمع ذو القرنين علماء الأرض إليه فقال : هل تعلمون أن لله عينا في ظلمة ؟
فقالوا : ما نعلم ذلك
فقام إليه رجل شاب فقال : وما حاجتك إليها أيها الملك ؟ قال : لي بها حاجة
قال : فإني أعلم مكانها
قال : ومن أين علمت مكانها ؟ قال : قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها : إن لله
عينا خلف مطلع الشمس في ظلمة ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها
شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت
فسار ذو القرنين من موضعه الذي كان فيه اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى مطلع الشمس
عسكر وجمع العلماء فقال : إني أريد أن أسلك هذه الظلمة بكم فقالوا : إنا نعيذك
بالله أن تسلك مسلكا لم يسلكه أحدا من بني آدم قط قبلك
قال : لا بد أن أسلكها
قالوا : إنا نعيذك أن تسلك بنا هذه الظلمة فإنا لا
(5/444)
نأمن أن ينفتق علينا بها أمر
يكون فيه فساد الأرض
قال : لا بد أن أسلكها
قالوا : فشأنك
فسألهم أي الدواب أبصر ؟ قالوا : الخيل
قال : فأي الخيل أبصر ؟ قالوا : الإناث
قال : فأي الإناث أبصر ؟ قالوا : الأبكار
فانتقى ستة آلاف فرس أنثى بكر ثم انتخب من عسكره ستى آلاف رجل فدفع إلى كل رجل
منهم فرسا وولى الخضر منها على ألفي فارس ثم جعله على مقدمته ثم قال : سر أمامي
فقال له الخضر : أيها الملك إني لست آمن هذه الأمة الضلال فيتفرق الناس مني فدفع
إليه خرزة حمراء فقال : إذا تفرق الناس فارم هذه الخرزة فإنها ستضيء لك وتصوت حتى
تجمع إليك أهل الضلال واستخلف على الناس خليفة وأمره أن يقيم في عسكره اثنتي عشرة
سنة فإن هو رجع إلى ذلك وإلا أمر الناس أن يتفرقوا في بلدانهم
ثم أمر الخضر فسار أمامه فكان الخضر إذا أتاه ذو القرنين رحل من منزله ونزل ذو
القرنين في منزل الخضر الذي كان فيه فبينا الخضر يسير في تلك الظلمة إذ تفرق الناس
عنه فطرح الخرزة من يده فإذا هي على شفير العين والعين في واد فأضاء له ما حول
البئر فنزل الخضر ونزع ثيابه ودخل العين فشرب منها واغتسل ثم خرج فجمع عليه ثيابه
ثم أخذ الخرزة وركب وخالفه ذو القرنين في غير الطريق الذي أخذ فيه الخضرز فساروا
في تلك الظلمة في مقدار ست ليال وأيامهن ولم تكن ظلمة كظلمة الليل إنما كانت ظلمة
كهيئة ضباب حتى خرجوا إلى أرض ذات نور ليس فيها شمس ولا قمر ولا نجم فعسكر ثم نزل
الناس ثم ركب ذو القرنين وحده فسار حتى انتهى إلى قصر طوله فرسخ في فرسخ فدخل
القصر فإذا هو بعمود على حافتي القصر وإذا طائر مذموم
بأنفه سلسلة معلقة في ذلك العود شبه الخطاف أو قريب من الخطاف فقال له الطير : من
أنت ؟ قال أنا ذو القرنين
قال له الطير : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى تناولت الظلمة ؟ انبئني يا ذا
القرنين
قال : سل
قال : هل كثر بنيان من الجص والآجر في الناس ؟ قال : نعم
فانتفخ الطير حتى سد ثلث ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني
قال : سل
قال : هل كثرت المعازف في الناس ؟ قال : نعم
فانتفخ حتى سد ثلثي ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني
قال : سل
قال : هل كثرت شهادة الزور في الناس ؟ قال : نعم
فانتفخ حتى سد ما بين الحائطين واجث ذو القرنين منه فرقا قال له الطير : يا ذا
القرنين لا تخف
أنبئني
قال : سل
(5/445)
قال : هل ترك الناس شهادة أن
لا إله إلا الله ؟ قال : لا
قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة ؟ قال : لا
قال : فانضم ثلثاه
قال : يا ذا القرنين أنبئني
قال : سل
قال : هل ترك الناس المكتوبة ؟ قال : لا
فانضم الطير حتى عاد كما كان ثم قال : يا ذا القرنين انطلق إلى تلك الدرجة فاصعدها
فإنك ستلقى من تسأله ويخبرك
فسار حتى انتهى إلى درجة مدرجة فصعد عليها فإذا هو بسطح ممدود لا يرى طرفاه وإذا
رجل شاب قائم شاخص ببصره إلى السماء واضع يده على فمه قد قدم رجلا وأخر أخرى فسلم
عليه ذو القرنين فرد عليه السلام ثم قال له : من أنت ؟ قال : أنا ذو القرنين
قال : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى قطعت الظلمة ووصلت إلي ؟ قال : ومن أنت
؟ قال : أنا صاحب الصور قد قدمت رجلا وأخرت أخرى ووضعت الصور على فمي وأنا شاخص
ببصري إلى السماء أنتظر أمر ربي ثم تناول حجرا فدفعه فقال : انصرف فإن هذا الحجر
سيخبرك بتأويل ما أردت
فتصرف فانصرف ؟ ذو القرنين حتى أتى عسكره فنزل وجمع إله العلماء فحدثهم بحديث
القصر وحديث العمود والطير وما قال له وما رد عليه حديث صاحب الصور وأنه قد دفع
إليه هذا الحجر وقال : إنه سيخبرني بتأويل ما جئت به فأخبروني عن هذا الحجر ما هو
وأي شيء أراد بهذا ؟ قال : فدعوا بميزان ووضع حجر صاحب الصور في أحدى الكفتين ووضع
حجر مثله في الكفة الأخرى فرجح به ثم وضع معه حجر آخر رجح به ثم وضع مائة حجر فرجح
بها حتى وضع ألف حجر فرجح بها فقال ذو القرنين : هل عند أحد منكم في هذا الحجر من
علم ؟ قال - والخضر قاعد بحاله لا يتكلم - فقال له : يا خضر هل عندك في هذا الحجر
من علم ؟ قال : نعم
قال : وما هو ؟ قال الخضر : أيها الملك إن الله ابتلى العالم بالعالم وابتلى الناس
بعضهم ببعض وإن الله ابتلاك بي وابتلاني بك
فقال له ذو القرنين : ما أراك إلا قد ظفرت بالأمر الذي جئت أطلبه
قال له الخضر : قد كان ذلك
قال : فائتني
فأخذ الميزان ووضع حجر صاحب الصور في إحدى الكفتين ووضع في الكفة الأخرى حجرا وأخذ
قبضة من تراب فوضعها مع الحجر ثم رفع الميزان فرجح الحجر الذي معه التراب على حجر
صاحب الصور فقالت العلماء : سبحان الله ربنا
! وضعنا مع ألف حجر فمال لها ووضع الخضر معه حجرا واحدا وقبضة من تراب فمال له
فقال له ذو القرنين :
(5/446)
أخبرني بتأويل هذا
قال : أخبرك
إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب
الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب
قال : صدقت
ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا
: أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا ؟ قال : من أخذ منه ندم
ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو
بالزبرجد فندم الآخذ أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج
منها زاهدا
أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه "
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها
حتى مات "
ولفظ أبي الشيخ : قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى
الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها
"
وأخرج ابن إسحق والفريابي وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سئل عن ذي القرنين فقال
: كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله
فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم
بعثه
فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات
فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله -
وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه سواء
فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل
الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل : أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد
من قبلك ولا يجيء أحد بعدك
فأجابه ذو القرنين : وأين أنا ؟ قال له الملك : أنت في الأرض السابعة
فقال ذو القرنين : ما ينجيني ؟ فقال : ينجيك اليقين
فقال ذو القرنين : اللهم ارزقني يقينا
فأنجاه الله
قال له الملك : إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا
تحدث نفسك أنك
(5/447)
بنيته بحول منك أو قوة فيسلط
الله على بنيانك أضعف خلقه فيهدمه
ثم قال له ذو القرنين : ما هذا الجبل ؟ قال : هذا الجبل الذي يقال له قاف وهو أخضر
والسماء بيضاء وإنما خضرتها من هذا الجبل وهذا الجبل أم الجبال والجبال كلها من
عروقه فإذا أراد الله أن يزلزل قرية حرك منه عرقا
ثم إن الملك ناوله عنقودا من عنب وقال له : حبة ترويك وحبة تشبعك وكلما أخذت منه
حبة عادت مكانها حبة
ثم خرج من عنده فجاء البنيان الذي أراد الله فقالوا اه : يا ذا القرنين إن يأجوج
ومأجوج مفسدون في الأرض إلى قوله : اجعل بينكم وبيهنم ردما
قال عكرمة رضي الله عنه : هم منسك وناسك وتاويل وراحيل
وقال أبو سعيد رضي الله عنه : هم خمسة وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج
وأخرج الحاكم عن معاوية رضي الله عنه قال : ملك الأرض أربعة : سليمان وذو القرنين
ورجل من أهل حلوان ورجل آخر
فقيل له : الخضر ؟ قال : لا
وأخرج ابن ابي حاتم وابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن ذا القرنين ملك
الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة مأرب فإذا ذا القرنين كلن يلبس ثياب المساكين ثم يدخل
المدائن فينظر من عورتها قبل أن يقتل أهلها فأخبرت بذلك بلقيس فبعثت رسولا ينظر إليه
فيصور لها صورته في ملكه حين يقعد وصورته في ثياب المساكين
ثم جعلت كل يوم تطعم المساكين وتجمعهم فجاءها رسولها في صورته فجعلت إحدى صورتيه
تليها والأخرى على باب الاسطوانة فكانت تطعم المساكين كل يوم فإذا فرغوا عرضتهم
واحدا واحدا فيخرجون حتى جاء ذو القرنين في ثياب المساكين فدخل مدينتها ثم جلس مع
المساكين إلى طعامها فقربت إليهم الطعام فلما فرغوا أخرجتهم واحدا واحدا وهي تنظر
إلى صورته في ثياب المساكين حتى مر ذو القرنين فنظرت إلى صورته فقالت : أجلسوا هذا
وأخرجوا من بقي من المساكين فقال لها : لم أجلستني وإنما أنا مسكين
! ؟ قالت : لا
أنت ذو القرنين هذه صورتك في ثياب المساكين والله لا تفارقني حتى تكتب لي أمانا
بملكي أو أضرب عنقك
فلما رأى ذلك كتب لها أمانا فلم ينج أحد منه غيرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ملك ذو القرنين اثنتي عشرة
سنة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخفي العظمة عن عبيد الله بن أبي جعفر
(5/448)
رضي الله عنه قال : كان ذو
القرنين في بعض مسيره فمر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم وإذا ثيابهم لون واحد وإذا
هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجلا منهم فقال له : لقد رأيت شيئا ما رأيت في
شيء من مسري
! قال : وما هو ؟ فوصف له ما رأى منهم
قالوا : أما هذه القبور على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب
أحدنا فيخرج فيرى القبور ويرجع إلى نفسه فيقول : إلى هذا المصير وإليها صار من كان
قبلي
وأما هذه الثياب فإنه لا يكاد الرجل منا يلبس ثيابا أحسن من صاحبه إلا رأى له بذلك
فضلا على جليسه
وأما قولك : رجال كلكم ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا
القلب لا يشغل بشيء إلا شغل به فجعلنا نسائنا وذريتنا في قرية قريبة وإذا أراد
الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها فكان معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما
ههنا لأنا خلونا ههنا للعبادة
فقال : ما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت
قال : من أنت ؟ قال أنا ذو القرنين
قال : ما أسألك وأنت لا تملك لي شيئا ؟ قال : وكيف وقد آتاني الله من كل شيء سببا
؟ قال : أتقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي ؟ وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما بلغ ذو القرنين
مطلع الشمس قال له ملكها : يا ذا القرنين صف لي الناس
قال : إن محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور ومحادثتك من يعقل
بمنزلة من يبل الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ونقل الحجارة من رؤوس
الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل
الآية 84 - 85 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: وآتيناه من كل شيء سببا قال : علما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فأتبع سببا
قال : المنزل
(5/449)
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن
زيد رضي الله عنه في قوله : وآتيناه من كل شيء سببا قال : علما
من ذلك تعليم الألسنة كان لا يعرف قوما إلا كلمهم بلسانهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان قال
لكعب الأحبار : تقول أن ذا القرنين كان يربط خيله بالثنايا ؟ قال له كعب رضي الله
عنه : إن كنت قلت ذاك فإن الله قال : وآتيناه من كل شيء سببا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
وآتيناه من كل شيء سببا قال : منازل الأرض وأعلامها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فأتبع سببا قال :
منزلا وطرفا من المشرق إلى المغرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : فأتبع سببا قال : هذه لأن
الطريق كما قال فرعون لهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب غافر آية 36 أسباب
السموات طريق السموات
قال : والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى
وقرأ وتقطعت بهم الأسباب البقرة آية 166 قال : أسباب الأعمال
الآية 86 أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من
طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان
قرأ الآية في سورة الكهف " تغرب في عين حامية " قال ابن عباس رضي الله
عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه : ما نقرؤها إلا حمئة فسأل معاوية عبد الله بن
عمرو : كيف تقرؤها ؟ فقال عبد الله : كما قرأتها
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب
فقال له :
(5/450)
أين تجد الشمس تغرب في
التوراة ؟ فقال له كعب رضي الله عنه : سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا
فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى المغرب -
قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه : لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في
حمئة
قال ابن عباس : وما هو ؟ قلت : فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه
بالعلم وإتباعه إياه : قد كان ذو القرنين عمرو مسلما ملكا تدين له الملوك وتحسد
فأتى المشارق والمغارب يبتغي أسباب ملك من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها
في عين ذي خلب وثاط حرمد فقال ابن عباس : ما الخلب ؟ قلت : الطين بكلامهم
قال : فما الثاط ؟ قلت : الحمأة
قال : فما الحرمد ؟ قلت : الأسود
فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاما فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن أبي كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه و سلم قرأ في عين حمئة
وأخرج الحاكم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان يقرأ في عين حمئة
وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الأشكال من طريق مصداع بن
يحيى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه
رسول الله صلى الله عليه و سلم تغرب في عين حمئة مخففة
وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها في عين
حمئة ثم قرأها ذات حمئة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه كان يقرأ في عين حمئة قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا
يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة " تغرب في
حمئة سوداء "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في حمئة وحامية قرأتها
(5/451)
في عين حمئة فقال عمرو :
" حامية " فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله المنزل " تغرب في
طينة سوداء "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر عن ابن
عباس قال : كنا عند معاوية فقرأ " تغرب في عين حامية " فقلت له : ما
نقرؤها إلا في عين حمئة فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس في التوراة
تغرب ؟ قال : أما العربية فلا علم لي بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في
ماء وطين
وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يقرأ " في عين حامية
"
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس " في عين حامية " يقول :
حارة
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن منيع وابو يعلى وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله
بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الشمس حين غابت فقال :
" نار الله الحامية لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ذر قال : "
كنت ردف رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال :
أتدري أين تغرب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم
قال : فإنها تغرب في عين " حامية " غير مهموزة
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين تقذفها
العين إلى المشرق
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن
ابن جريج في قوله : ووجد عندها قوما قال : مدينة لها اثنا عشر ألفا باب لولا أصوات
أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل الرومية سمع
الناس وجبة الشمس حين تقع
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين
تقع عند غروبها
(5/452)
الآية 87 - 100 أخرج ابن
المنذر وابن أبي حاتم في قوله : قال أما من ظلم قال : من أشرك
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فسوف نعذبه قال :
القتل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم توقد
تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله :
فله جزاء الحسنى قال : الحسنى له جزاء
(5/453)
وأخرج ابن ابي شيبة وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وسنقول له من أمرنا يسرا قال : معروفا
والله تعالى أعلم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن جريج في قوله : حتى
إذا بلغ مطلع الشمس الآية
قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب
قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : لم نجعل لهم من دونها سترا أنها لم يبن
فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن
في قوله : تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا قال : أرضهم لا تحتمل البناء
فإذا طلعت الشمس تغور في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم
ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها
شيء فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف إذا طلعت الشمس
طلعت عليهم لأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وجدها تطلع على قوم الآية
قال : يقال لهم الزنج
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم
الغيران فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : بما لديه خبرا
قال : علما
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : حتى إذا بلغ بين السدين قال : الجبلين
أرمينية وأذربيجان
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : قوما لا يكادون يفقهون قولا قال : الترك
(5/454)
وأخرج سعيد بن منصور عن تميم
بن جذيم أنه كان يقرأ لا يكادون يفقهون قولا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : أتينا نبي الله صلى الله عليه و
سلم يوما وهو في قبة آدم له فخرج إلينا فحمد الله ثم قال : " أبشركم أنكم ربع
أهل الجنة
فقلنا : نعم يا رسول الله ؟ فقال : أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة
فقلنا : نعم يا نبي الله ؟ قال : والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل
الجنة إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود أو شعرة سوداء في
جنب ثور أبيض إن بعدكم يأجوج ومأجوج إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما
زاد وإن وراءكم ثلاث أمم : " منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله
"
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق
البكالي عن عبد الله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء
تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد الجن والإنس
وجزأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا
يفترون وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره
وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس
ولد إلا ولد من الجن تسعة
وجزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك
قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين وإن
الجن يزيدون على الإنس الضعفين وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمها يأجوج ومأجوج
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة
منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : صورت
الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب فالمدينة ومكة
واليمن الرأس والصدر مصر والعراق والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها
واق وخلف واق أمة يقال وقواق وخلف
(5/455)
ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا
الله تعالى
والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ذلك أمة
يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى
والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة أن الدنيا سبعة أقاليم : فيأجوج
ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد
وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج
ومأجوج : أمن آدم هم ؟ قال : نعم ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله تاويل
وتاريس ومنسك
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا
ونساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا
فصاعدا
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة
أربعمائة أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين
من ولده
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف صنف
أجسامهم كالأرز وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون
بالأخرى يأكلون مشائم نسائهم
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث : فثلثان
بنو إبليس وثلث بنو آدم وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج وثلث سائر
الناس
والناس بعد ثلاث أثلاث : ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة فسد ذو
القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة وهم الأتراك
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم
أصل هم من يأجوج ومأجوج لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسد بينهم
وبين قومهم فذهبوا سيارة في الأرض
(5/456)
وأخرج ابن المنذر عن حسان بن
عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ليس منها أمة تشبه الأخرى
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج
لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبدا
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل من يأجوج
ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعدا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث وابن مردويه وابن
عساكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن يأجوج ومأجوج من
ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته
ألفا فصاعدا وإن من وراءهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة
أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء واحد سائر الناس
وأخرج النسائي وابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون
ما شاؤوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عدي وابن عساكر وابن النجار عن حذيفة قال :
" سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة
ومأجوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة
لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السلاح
قلت : يا رسول الله صفهم لنا
قال : هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز
قلت : وما الأرز ؟ قال : شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد وصنف منهم
(5/457)
يفترش إحدى أذنيه ويلتحف
بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه
مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية "
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن وابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج
ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من
ولد آدم وولد إبليس "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي بكر النسفي أن رجلا قال : " يا رسول الله
قد رأيت سد يأجوج ومأجوج
قال : انعته لي
قال : كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة سوداء
قال : قد رأيته "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن
يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم :
ارجعوا فستفتحونه غدا ولا يستثني
فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي
عليهم : ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين
تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم
فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض
وعلونا من السماء قسوة وعلوا
فيبعث الله عليهم نغفا في أعناقهم فيهلكون
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فوالذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن
وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم "
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه و سلم
من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : " لا إله إلا الله
ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت :
يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " فتح
اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين "
(5/458)
وأخرج ابن المنذر وابن أبي
حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله : إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض قال : كان
فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فهل نجعل لك
خرجا قال : أجرا عظيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد وما صنع السد الناس فهو
السد
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ما مكني فيه ربي خير قال : الذي أعطاني ربي
هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أجعل بينكم وبينهم ردما قال : هو كأشد
الحجاب
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله زبر الحديد قال : قطع الحديد
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن قوله
زبر الحديد قال : قطع الحديد
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول
: تلظى عليهم حين شد حميمها بزبر الحديد والحجارة شاجر وأخرج ابن المنذر وابن أبي
حاتم عن ابن عباس في قوله : بين الصدفين قال : الجبلين
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ بين الصدفين بفتحتين قال :
يعني بين الجبلين
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه كان يقرأ بين الصدفين بضمتين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : بين الصدفين قال
: رأس الجبلين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : قطرا قال :
النحاس
(5/459)
وأخرج ابن أبي شيبة وابن
المنذر عن مجاهد في قوله : قطرا قال : نحاسا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : آتوني أفرغ عليه قطرا قال : نحاسا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : آتوني أفرغ عليه قطرا قال : نحاسا ليلزم
بعضه بعضا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه قال : ما
استطاعوا أن يرتقوه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه يقول
: أن يعلوه وما استطاعوا له نقبا قال : من أسفله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه قال : من فوقه وما
استطاعوا له نقبا قال : من أسفله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء قال : جعله
طريقا كما كان
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء قال : لا أدري
الجبلين يعني به أم ما بينهما
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم أنه كان يقرأ جعله دكاء ممدوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب إن يأجوج ومأجوج خلف السد
لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد
جعلوه مثل قشر البيض فيقولون : نرجع غدا ونفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه
قبل أن يلحس فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم فإذا غدوا يلحسون قال لهم :
قولوا بسم الله فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون : نرجع
غدا فنفتحه
فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله
فيقولون : إن شاء الله
فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من
(5/460)
يخرج منهم سبعون ألفا عليهم
التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني
الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه
فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة وذلك قول الله : فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء والدك
التراب وكان وعد ربي حقا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب قال : إن يأجوج
ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غدا فنفرغ
منه فيرجعون إليه وقد عاد كما كان فيرجعون فهم كذلك وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض
ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غدا فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه
فيخرجون فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ويأتي أوسطهم عليها
فيلحسون ما كان فيها من الطين ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء
فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض
وظهرنا على من في السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول : اللهم لا طاقة لنا بهم
ولا يد فاكفناهم بما شئت فاكفناهم بما شئت
فيبعث الله عليهم دودا يقال له النغف فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض
من ريحهم ثم يبعث الله عليهم طيرا فتنقل أبدانهم إلى البحر ويرسل الله إليهم
السماء أربعين يوما فينبت الأرض حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون
ذراعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثنا عشر ذراعا تحفيها أسنة رماحهم
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج كان عيسى ابن
مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم
فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله
مطرا فيسيل منهم إلى البحر ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم
بنهر مثل دجلة ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة
(5/461)
ماء ولا يموت رجل إلا ترك
ألفا من ذريته فصاعدا ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله : تاريس وتاويل
وناسك أو منسك
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن عساكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم في السد قال : " يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم :
ارجعوا
فستخرقونه غدا
قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله قال الذي عليهم :
ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه
فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في
السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة
وعلوا فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكهم
قال : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم "
وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا
أعلم بما مع الدجال منه معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه والآخر ماء أبيض
فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه نارا فإنه ماء بارد وإياكم والآخر
فإنه الفتنة واعلموا أنه مكتوب بين عينيه " كافر " يقرؤه من يكتب ومن لا
يكتب وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على
ثنية أفيق وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن وأنه يقتل من المسلمين
ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون
أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم ؟ من كان عنده فضل طعام فليغد به على أخيه وصلوا
حتى ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم أقبلوا على عدوكم
فلما قاموا يصلون نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم فلما انصرف قال : هكذا فرجوا
بيني وبين عدو الله فيذوب وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم حتى أن الشجر
والحجر لينادي : يا عبد الله يا عبد الرحمن
يا مسلم هذا يهودي فاقتله
فيقتلهم الله وينصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية فبينما
هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم
يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على
(5/462)
أعدائنا قد كان ههنا أثر ماء
فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها "
لد " فيقولون : ظهرنا على من في الأرض فتعالوا نقاتل من في السماء فيدعو الله
نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر فيؤذي ريحهم
المسلمين فيدعو عيسى فيرسل الله عليهم ريحا فتقذفهم في البحر أجمعين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ومقفلهم من
يأجوج ومأجوج بيت الطور والله أعلم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال : ذلك
حين يخرجون على الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال :
هذا أول يوم القيامة ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال : الجن والإنس يموج
بعضهم في بعض
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة عن شيخ من بني فزارة في قوله :
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال : إذا ماج الجن والإنس بعضهم في بعض قال إبليس
: أنا أعلم لكم علم هذا الأمر فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم
يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن يمينا وشمالا حتى ينتهي إلى
أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض فيقول : ما من محيص فبينما هو كذلك إذ
عرض له طريق كأنه شواظ فأخذ عليه هو وذريته
فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال : يا إبليس
ألم تكن لك المنزلة عند ربك ؟ ألم تكن في الجنان ؟ فيقول : ليس هذا يوم عتاب لو أن
الله افترض علي عبادة لعبدته عبادة لم يعبده أحد من خلقه
فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة
فيقول : ما هي ؟
(5/463)
فيقول : يأمرك أن تدخل النار
فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار فتزفر جهنم زفرة لا يبقى
ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه
الآية 101 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : الذين كانت أعينهم في غطاء عن
ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا قال : كانوا عميا عن الحق فلا يبصرونه صما عنه فلا
يسمعونه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لا يستطيعون
سمعا قال : لا يعقلون سمعا
والله أعلم
الآية 102 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا
عبادي من دوني أوليائي قال : ظن كفرة بني آدم أن يتخذوا الملائكة من دونه أولياء
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه قرأ أفحسب
الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أوليائي قال أبو عبيد : بجزم السين وضم الباء
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قرأ أفحسب الذين كفروا
يقول : أفحسبهم ذلك
الآية 103 - 108
(5/464)
أخرج عبد الرزاق والبخاري
والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه من طريق مصعب
بن سعد قال : سألت أبي قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا أهم الحرورية ؟ قال : لا هم
اليهود والنصارى
أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه و سلم
وأما النصارى فكذبوا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب
والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه
وكان سعد يسميهم الفاسقين
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه وابن مردويه عن مصعب قال : قلت لأبي قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الحرورية
هم ؟ قال : لا ولكن أصحاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي خميصة عبد الله بن قيس قال : سمعت علي بن
أبي طالب يقول في هذه الآية قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا إنهم الرهبان الذين
حبسوا أنفسهم في السواري
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب وسأله ابن الكواء فقال
: من هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ؟ قال : فجرة قريش
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عن علي
أنه سئل عن هذه الآية قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا قال : لا أظن إلا أن الخوارج
منهم
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن
عند الله جناح بعوضة "
وقال : " اقرأوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
(5/465)
وأخرج ابن عدي والبيهقي في
شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله تبارك تعالى
جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في
الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجها أحسنه وأطيبه ريحا فيقوم بجنب صاحبه
فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله فيقول له : جزاك الله خيرا من صاحب
فما أحسن صورتك
! وأطيب ريحك ! فيقول له : أما تعرفني ؟ تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا أنا
عملك
إن عملك كان حسنا فترى صورتي حسنة وكان طيبا فترى ريحي طيبة
فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب هذا فلان - وهو أعرف به منه -
قد شغلته في أيام حياته في الدنيا طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني فيه
فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب قد كنت أرغب له عن هذا
وأرجو له منك أفضل من هذا
فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله فيقول : يا رب إن كل تاجر قد دخل على أهله من
تجارته
فيشفع في أقاربه
وإذا كان كافرا مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه فكلما جاءه روع زاده روعا
فيقول : قبحك الله من صاحب فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك
! فيقول : من أنت ؟ قال : أما تعرفني ؟ أنا عملك إن عملك كان قبيحا فترى صورتي
قبيحة وكان منتنا فترى ريحي منتنة
فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا
فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزنا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم
القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم تلا فلا نقيم لهم يوم
القيامة وزنا
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا
قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ثم يوزن فلا يزن شعيرة ثم
يوزن فلا يزن جناح بعوضة
ثم قرأ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا يقول : ليس لهم وزن
(5/466)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي أمامة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة
وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش "
وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة
وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة "
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي في
البعث وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة
ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله فاسألوه
الفردوس "
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث عن معاذ
بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الجنة مائة درجة كل
منها ما بين السماء والأرض وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش وهي أوسط شيء في
الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها
وأحسنها "
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى
الجنة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم : " الفردوس
أعلى درجة في الجنة وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة
وجنة عدن قصبة الجنة وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش فإذا سألتم الله
فاسألوه الفردوس "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار "
(5/467)
وأخرج ابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية وأصله فرداسا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن
الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس يعني الجنة
قال : والجنة بلسان الرومية الفردوس
وأخرج النجاد في جزء التزاحم عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض
والفردوس أعلى الجنة فإذا سألتم الله عز و جل فسلوه الفردوس "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لا يبغون عنها
حولا قال : متحولا
الآية 109 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : قل لو كان البحر
مدادا لكلمات ربي يقول : علم ربي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد
البحر قبل أن تنفد كلمات ربي يقول : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي البختري قال : صحب سلمان رجل ليتعلم منه فانتهى إلى
دجلة وهي تطفح فقال له سلمان : انزل فاشرب
فشرب قال له : ازدد فازداد
قال : كم نقصت منها ؟ قال : ما عسى أن أنقص من هذه ؟ قال سلمان : فكذلك العلم تأخذ
منه ولا تنقصه
(5/468)
الآية 110 أخرج ابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : فمن كان
يرجو لقاء ربه الآية
قال : نزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره وليست هذه في المؤمنين
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في الإخلاص وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم عن
طاوس قال : قال رجل : يا نبي الله إني أقف مواقف أبتغي وجه الله وأحب أن يرى موطني
فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا
ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي موصولا عن طاوس عن ابن عباس
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه
فأنزل الله فمن كان يرجو لقاء ربه الآية
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في الصحابة وابن عساكر من طريق السدي الصغير عن الكلبي
عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير
ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله فنزل في ذلك فمن كان يرجو لقاء ربه
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
وأخرج هناد في الزهد عن مجاهد قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
يا رسول الله أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله وأحب أن يقال لي خيرا : فنزلت
فمن كان يرجو لقاء ربه الآية
وأخرج هناد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد في قوله : فمن كان يرجو
لقاء ربه قال : ثواب ربه
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك قال : لا يرائي بعبادة ربه أحدا
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : فمن كان يرجو لقاء ربه
قال : من كان يخشى البعث في الآخرة فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا من
خلقه
(5/469)
قال النبي صلى الله عليه و
سلم : " إن ربكم يقول : أنا خير شريك فمن أشرك معي في عمله أحدا من خلقي تركت
العمل كله له ولم أقبل إلا ما كان لي خالصا
ثم قرأ النبي صلى الله عليه و سلم فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا
يشرك بعبادة ربه أحدا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : فمن كان يرجو لقاء
ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال : في المؤمن نزلت
قلت : أشرك بالله ؟ قال : لا ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد الله به والناس فذلك
يرد عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء ؟
أشرك هو ؟ قال : نعم يا بني وما تقرأ فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
؟ وأخرج الطبراني عن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : "
إذا جمع الله الأولين والآخريين ببقيع واحد ينفدهم البصر ويسمعهم الداعي قال : أنا
خير شريك كل عمل عمل لي في دار الدنيا كان لي فيه شريك فأنا أدعه اليوم ولا أقبل
اليوم إلا خالصا
ثم قرأ إلا عباد الله المخلصين الصافات آية 40 فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا
صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن أبي سعد بن أبي فضالة
الأنصاري - وكان من الصحابة - : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل
عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك
"
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة أن رجلا قال : " يا رسول الله
الرجل يجاهد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا ؟ قال : لا أجر له
فأعظم الناس هذه فعاد الرجل فقال : لا أجر له "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص وابن مردويه والحالكم وصححه والبيهقي عن شداد بن
أوس قال : كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم الشرك الأصغر
(5/470)
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا وابن
مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي
فقد أشرك
ثم قرأ فمن كان يرجو لقاء ربه الآية "
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن مردويه عن شداد بن أوس رضي الله عنه : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " أنا خير قسيم لمن أشرك بي من أشرك بي شيئا فإن
عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني "
وأخرج البزار وابن منده والبيهقي وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل له :
" أسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من صام رياء فقد أشرك ومن صلى
رياء فقد أشرك ومن تصدق رياء فقد أشرك ؟ فقال : بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه
و سلم تلا هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فشق ذلك على القوم واشتد عليهم فقال :
ألا أفرجها عنكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله فقال : هي مثل الآية في الروم وما
آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله الروم آية 39 فمن عمل رياء
لم يكتب لا له ولا عليه "
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان رجل
"
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية
قلت : أتشرك أمتك من بعدك ؟ قال : نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجر ولا
وثنا ولكن يراؤون الناس بأعمالهم
قلت : يا رسول الله فالشهوة الخفية ؟ قال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من
شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته "
وأخرج أحمد ومسلم وابن أبي حاتم وابن مدرويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه و سلم يرويه عن ربه قال : " أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه
غيري فأنا بريء منه وهو الذي أشرك "
(5/471)
وأخرج أحمد والبيهقي عن محمود
بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أخوف ما أخاف عليكم
الشرك الأصغر
قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء يقول الله يوم القيامة :
إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل
تجدون عندهم جزاء "
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عز و جل يوم القيامة في صحف مختتمة فيقول الله :
ألقوا هذا واقبلوا هذا
فتقول الملائكة : يا رب والله ما رأينا منه إلا خيرا
فيقول : إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به وجهي
"
وأخرج البزار وابن مردويه والبيهقي بسند لا بأس به عن الضحاك بن قيس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يقول الله : أنا خير شريك فمن أشرك معي
أحدا فهو لشريكي
يا أيها الناس أخلصوا الأعمال لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا
تقولوا هذا لله وللرحم فإنه للرحم وليس لله منه شيء "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أنه قال : " يا رسول الله أخبرني عن
الجهاد والغزو قال : يا عبد الله : إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا
وإن قاتلت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال "
وأخرج أحمد والدارمي والنسائي والروياني وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن
يحيى بن الوليد بن عبادة عن جده أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من غزا
وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى "
وأخرج الحاكم عن يعلى بن منبه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يبعثني
في سراياه فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب فقلت له : إرحل
قال : ما أنا بخارج معك
قلت : لم ؟ قال : حتى تجعل لي ثلاثة دنانير
قلت : الآن حين ودعت النبي صلى الله عليه و سلم ما أنا براجع إليه إرحل ولك ثلاثة
دنانير
فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي فقال : أعطها إياه فإنها حظه من غزاته "
وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال : " جاء رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما
له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا شيء له
فأعادها ثلاث مرات يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(5/472)
لا شيء له
ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه "
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز و جل "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات
عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من يسمع يسمع الله به
ومن يرائي يرائي الله به "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن عمر : وسمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة أوقفه الله عز و جل
يوم القيامة في موقف رياء وسمعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به "
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمود بن لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إياكم وشرك السرائر
قالوا : وما شرك السرائر ؟ قال : أن يقوم أحدكم يريد صلاته جاهدا لينظر الناس إليه
فذلك شرك السرائر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من صلى صلاة والناس يرونه فليصل إذا خلا
مثلها وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة مثله
وأخرج البيهقي عن عمرو بن عبسة قال : إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها
ما كان لله وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم ذات يوم فقال : " أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل
فقالوا : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ! قال : قولوا : اللهم
إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفر لما لا نعلم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن الصامت قال :
يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال : ميزوا ما كان لله فيميز ثم يقول : ألقوا سائرها
في النار
(5/473)
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي
في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إن يسيرا من الرياء شرك وإن من عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة
وإن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا وإن حضروا لم
يدعوا ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة "
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الاتقاء على العمل أشد من العمل إن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول
به في السر يضعف أجره سبعين ضعفا فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس فيكتب
علانية ويمحى تضعيف أجره كله ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ثانية ويحب أن
يذكر ويحمد عليه فيمحى من العلانية ويكتب رياء فاتقى الله امرؤ صان دينه فإن
الرياء شرك "
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن
أحسن أوليائي عندي منزلة رجل ذو حظ من صلاة
أحسن عبادة ربه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع عجلت منيته وقل
تراثه وقلت بواكيه "
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن أبي هند الداري : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من قام مقام رياء أو سمعة رايا الله به يوم القيامة وسمع به
"
وأخرج البيهقي عن عمر بن النضر قال : بلغني أن في جهنم واديا تعوذ منه جهنم كل يوم
أربعمائة مرة أعد ذلك للمرائين من القراء
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم فقال : "
تعوذ بالله من جب الحزن قيل من يسكنه ؟ قال : المراؤون بأعمالهم "
وأخرج البيهقي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يقول
الله عز و جل : كل من عمل عملا أراد به غيري فأنا منه بريء "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اتقوا الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء يوم يجازي الله
العباد بأعمالهم يقول : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا انظروا
هل تصيبون عندهم جزاء ؟ "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن الحنفية قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله
يضمحل
(5/474)
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في
الزهد عن أبي العالية قال : قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم : يا أبا
العالية لا تعمل لغير الله فيكلك الله عز و جل إلى عملت له
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خثيم قال : ما لم يرد به وجه الله عز و جل يضمحل
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن إسماعيل بن أبي رافع قال : بلغنا أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء
والأرض شيعها سبعون ألف ملك ؟ سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له بها إلى
الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من بعدها وأعطي نورا يبلغ السماء ووقي من فتنة
الدجال
ومن قرأ الخمس آيات من خاتمتها حين يأخذ مضجعه من فراشه حفظ وبعث من أي الليل شاء
"
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية فمن كان
يرجو لقاء ربه الآية
قال : إنها آخر آية نزلت من القرآن
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم "
وأخرج ابن راهويه والبزار وابن مردويه والحاكم وصححه والشيرازي في الألقاب عن عمر
بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ في ليلة فمن
كان يرجو لقاء ربه الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة "
وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف كان له نور يوم القيامة
من لدن قرنه إلى قدمه
والله أعلم بالصواب
(5/475)
بسم الله الرحمن الرحيم
19 -
سورة مريم
مكية وآياتها ثمان وتسعون
مقدمة سورة مريم أخرج النحاس وابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة مريم بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة مريم بمكة
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والديلمي من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم
الغساني عن أبيه عن جده قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت :
ولدت لي الليلة جارية
فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم سمها مريم "
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة : أن النجاشي قال لجعفر
بن أبي طالب : هل معك مما جاء به - يعني رسول الله - من الله من شيء ؟ قال : نعم
فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا
مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج
من مشكاة واحدة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مورق العجلي قال : صليت خلف ابن عمر الظهر فقرأ بسورة مريم
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقرأ في الظهر بكهيعص
وأخرج ابن سعد عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه قال : لما هاجر رسول الله صلى الله
عليه و سلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الخصيب فأسلم
(5/476)
قال هاشم : فحدثني المنذر بن
جهضم قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد علم بريدة ليلتئذ صدرا من سورة
مريم
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه و سلم
بخيبر فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الفجر فسمعته يقرأ في الركعة الأولى
سورة مريم وفي الثانية ويل للمطففين
الآية 1 - 11 أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات
عن ابن عباس في قوله : كهيعص قال : كبير هاد أمين عزيز صادق
وفي لفظ : كاف بدل كبير
(5/477)
وأخرج عبد الرزاق وآدم بن أبي
إياس وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس كهيعص قال : كاف من
كريم وهاء من هاد وياء من حكيم وعين من عليم وصاد من صادق
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة كهيعص هو الهجاء المقطع الكاف من
الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصاد من المصور
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن كهيعص فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " كاف هاد عالم صادق "
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي وابن ماجة وابن جرير عن فاطمة بنت علي قالت : كان ابن
عباس يقول في كهيعص و حم و يس وأشباه هذا هو اسم الله الأعظم
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله : كهيعص قسم أقسم الله به وهو من أسماء
الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : كهيعص قال : يقول : أنا الكبير الهادي علي
أمين صادق
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : كهيعص قال : الكاف من الملك والهاء
من الله والعين من العزيز والصاد من الصمد
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله : كهيعص قال : الكاف مفتاح اسمه كافي
والهاء مفتاح اسمه هادي والعين مفتاح اسمه عالم والصاد مفتاح اسمه صادق
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : كهيعص قال : يا من يجير ولا يجار
عليه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : كهيعص قال : اسم من أسماء
القرآن
والله أعلم
(5/478)
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى
بن يعمر أنه كان يقرأ ذكر رحمة ربك عبده زكريا بنقل يقول : لما دخل عليها زكريا
المحراب وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء
فقال : ذكر رحمة ربك
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " كان زكريا نجارا "
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : إن زكريا بن دان أبا يحيى كان من
أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إذ نادى ربه نداء خفيا قال : لا يريد رياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إذ نادى ربه نداء خفيا أي بقلبه سرا
قال قتادة : إن الله يحب الصوت الخفي والقلب النقي
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : كان آخر أنبياء بني إسرائيل زكريا بن إدريس
من ذرية يعقوب دعا ربه سرا قال : رب إني وهن العظم مني إلى قوله : خفت الموالي من
ورائي وهم العصبة يرثني ويرث نبوة آل يعقوب فنادته الملائكة وهو جبريل إن الله
يبشرك بغلام اسمه يحيى فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال : يا زكريا إن الصوت
الذي سمعت ليس من الله إنما هو من الشيطان يسخر بك فشك وقال : أنى يكون لي غلام
يقول : من أين يكون ؟ وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر ! قال الله : قد خلقتك من قبل
ولم تك شيئا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وهن العظم مني يقول : ضعف
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وهن العظم مني قال : نحول
العظم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولم أكن بدعائك
رب شقيا قال : قد كنت تعودني الإجابة فيما مضى
(5/479)
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن
عيينة في قوله : ولم أكن بدعائك رب شقيا يقول : سعدت بدعائك وإن لم تعطني
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن العاص قال : أملى علي عثمان
بن عفان من فيه وإني خفت الموالي بنقلها يعني بنصب الخاء والفاء وكسر التاء يقول
قلت : الموالي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وإني خفت الموالي من ورائي قال : الورثة
وهم عصبة الرجل
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
وإني خفت الموالي من ورائي قال : العصبة من آل يعقوب وكان من ورائه غلام وكان
زكريا من ذرية يعقوب وفي لفظ : أيوب
وأخرج الفريابي عن ابن عباس قال : كان زكريا لا يولد له فسأل ربه ؟ فقال : رب هب
لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : يرثني
ويرث من آل يعقوب قال : نبوته وعلمه
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يرحم الله أخي زكريا ما كان عليه من
ورثة ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : يرثني ويرث من آل يعقوب فيقول : يرث نبوتي
ونبوة آل يعقوب
وأخرج ابن أبي حاتم عن صالح في قوله : ويرث من آل يعقوب قال : السنة والعلم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها : وإني خفت الموالي
من ورائي مشددة بنصب الخاء وكسر التاء وقرأها : يرثني ويرث من آل يعقوب
(5/480)
وأخرج عبد بن حميد عن ابن
عباس أنه كان يقرأ يرثني ويرث من آل يعقوب
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ يرثني مثقل مرفوع
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام : " يا رب هب
لي ابنا " فولد له ابن خرج عليه فبعث إليه داود جيشا فقال : " إن
أخذتموه سليما فابعثوا إلي رجلا أعرف السرور في وجهه وإن قتلتموه فابعثوا إلي رجلا
أعرف الشر في وجهه " فقتلوه فبعثوا إليه رجلا أسود فلما رآه علم أنه قتل فقال
: رب سألت أن تهب لي ابنا فخرج علي ؟ ! فقال : إنك لم تستثن
قال محمد بن كعب : لم يقل كما قال زكريا : واجعله رب رضيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما هبط جبريل
عليه السلام - فبشره بيحيى
فقال زكريا عندها : أنى يكون لي غلام وأخبر بكبر سنه وعلة زوجته فأخذ جبريل عودا
يابسا فجعله بين كفي زكريا فقال : ادرجه بين كفيك ففعل فإذا في رأسه عود بين
ورقتين يقطر منهما الماء
فقال جبريل : إن الذي أخرج هذا الورق من هذا العمود قادر أن يخرج من صلبك ومن
امرأتك العاقر غلاما
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن ابن عباس في قوله : لم نجعل له من قبل سميا قال : لم يسم أحد يحيى قبله
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : لم نجعل له من
قبل سميا قال : لم يسم أحد يحيى قبله
وأخرج أحمد في الزهد عن عكرمة مثله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لم نجعل له من قبل سميا قال
: لم تلد العواقر مثله ولدا
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
لم نجعل له من قبل سميا قال : مثلا
(5/481)
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن
حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : لم نجعل له من قبل سميا
قال : شبيها
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء مثله
وأخرج البخاري في تاريخه عن يحيى بن خلاد الزرقي أنه لما ولد أتي به النبي صلى
الله عليه و سلم فحنكه وقال : لأسمينه اسما لم يسم بعد يحيى بن زكريا فسماه يحيى
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير والحاكم وصححه وابن
مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ هذا
الحرف عتيا أو عييا
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والحاكم عن ميمون بن مهران : أن نافع بن
الأزرق سأل ابن عباس ؟ فقال : أخبرني عن قول الله : وقد بلغت من الكبر عتيا ما
العتي ؟ قال : البؤس من الكبر قال الشاعر : إنما يعذر الوليد ولا يعذر من كان في
الزمان عتيا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وقد
بلغت من الكبر عتيا قال : نحول العظم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وقد
بلغت من الكبر عتيا يقول : هرما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد وقد بلغت من الكبر عتيا قال : العتي الذي عتا من
الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن المبارك وقد بلغت من الكبر عتيا قال : ستين سنة
وأخرج الرامهرمزي في الإسناد عن وهب بن منبه وقد بلغت من الكبر عتيا قال : هذه
المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ عتيا برفع العين
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن وثاب أنه قرأها عتيا وصليا بكسر العين والصاد
(5/482)
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد
الله بن عقيل أنه قرأ " وقد بلغت من الكبر عسيا " بالسين ورفع العين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم عن نوف في قوله : قال : رب اجعل لي آية قال
: أعطني آية أنك قد استجبت لي
فقال : آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا قال ختم على لسانه وهو صحيح سوي ليس
به من مرض فلم يتكلم ثلاثة أيام
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا قال :
اعتقل لسانه من غير مرض
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ثلاث ليال سويا قال : من
غير خرس
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : ثلاث ليال سويا قال : صحيحا لا يمنعك الكلام
مرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم
أحدا وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : فخرج على قومه من المحراب قال : المحراب
مصلاه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فأوحى إليهم قال : كتب لهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحكم فأوحى إليهم قال : كتب لهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فأوحى إليهم
قال فأشار زكريا
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب فأوحى إليهم أن
سبحوا قال : أشار إليهم إشارة
(5/483)
وأخرج عبد بن حميد وابن
المنذر عن سعيد بن جبير فأوحى إليهم قال : أومأ إليهم
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : فأوحى إليهم أن سبحوا قال
: صلوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : بكرة وعشيا قال : أمرهم بالصلاة بكرة
وعشيا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا قال :
البكرة صلاة الفجر وعشيا صلاة العصر
الآية 12 - 15 أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : يا يحيى خذ الكتاب بقوة قال : بجد وآتيناه الحكم صبيا قال : الفهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : خذ الكتاب بقوة يقول : اعمل بما فيه
من فرائضه
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال : سألنا عكرمة عن قوله : وآتيناه الحكم
صبيا قال : اللب
وأخرج أبو نعيم وابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : وآتيناه الحكم صبيا قال : أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وآتيناه
الحكم صبيا قال : وهو ابن ثلاث سنين
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والخرائطي وابن عساكر عن معمر بن
راشد في قوله : وآتيناه الحكم صبيا قال : بلغني أن الصبيان قالوا