السبت، 18 أغسطس 2018

كتاب طبقات المعنى في اللغة العربية للأ.ستاذ عبدالله كمال أبو العلا + كتاب معاني الأستعارات لأبي الليث السمرقندي

طبقات المعنى في اللغة العربية / بعض هذه المقالة منقول من موقع الألوكة
قال الكاتب للموضوع بالألوكة: للأ.ستاذ عبدالله كمال أبو العلا
هناك علاقة مباشرة بين اللفظ والشيء الذي يرتبط به ويدل عليه، وهي علاقة عرفية؛ لاختلاف الألسنة، ومدلوله هو ما يدرك ذهنيا من ظاهر اللفظ.
والدلالة بوصفها المعنى أو المعاني التي يُعنَى المتكلم بإيصالها للسامع أو المتلقي، فلا تخلو بيئة لغوية من وجودها منذ أنْ وَعَى ابن آدم ذلك، وقد علَّمه الله عز وجل البيان، قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [سورة الرحمن: 1- 4]، وإلا فما غاية الكلام إذًا؟
ومن ثَمَّ ينبغي أن نُفرق بين الدلالة المصاحبة للصيغة أو المفردة - التي يعرفها أبناء اللغة الواحدة بأنَّها الدلالة المعجمية أو دلالة المفردة الواحدة - وبين الدلالة بوصفها عِلْمًا له مناهجه، وأُفْرِدَتْ له دراساتٌ ومؤلفات قديما وحديثا، ولكل لفظ من الألفاظ - بنيةً معجمية كانت أو صيغة - دلالة (مركزية)[1]، وهي القدر المشترك من المعنى الذي يتفق حوله جميع الناس.
والذي دُوِّنَ في المعجم يطلق عليه المعنى المعجمي، وله بجانب ذلك دلالة أو دلالات هامشية تبعا للسياق، فيُجمَع بين الدلالتين، ولا تُلغي إحدى الدلالتين الأخرى، أو تفرغها من محتواها، وتختلف الدلالات باختلاف الأفراد والثقافات والعصور؛ ومن ثمَّ فالأديب لا يتقيد باستعمال الدلالات الأصلية للألفاظ أو التراكيب، وإنما يتجاوزها، موسعا المجال لخيالاته ورؤاه، إذ يدرك الأشياء من خلال إحساسه بها.[2]
يمكن للصيغة أن تتقلب بين دلالتين: مركزية وإيحائية، وهو أمر قلَّ أن توصف به التراكيب النحوية في عمومها؛ لأن الصيغة لها معنى معجمي ثابت مستقر داخل المعجم بالعرف اللغوي باستثناء التغييرات التي تطرأ على البنية، فقد يؤدي التغير في بنية الكلمة إلى تغيير المعنى الدلالي الذي تؤديه هذه الكلمة، وينضاف إليها المعنى الزائد (الدلالة الهامشية أو الإيحائية) وذلك إذا وضعتْ في سياقات جديدة، فكل سياق جديد توضع فيه يصحبها ظلال من المعانى مختلفة تبعا لسياقها.
والأمر بالنسبة للتركيب مختلف، فليس هناك تركيب ذو دلالة ثابتة أو مستقرة؛ لأن تركيبًا ما دون سياق لا يتصور أن يستعمل، إذا استثنينا الأمثال؛ نظرًا لاعتمادها على السياق المشترك بين المورد والمضرب.
وإن كان للدكتور أحمد جمال الدين رأى، وهو أنَّ هناك دلالة مشتركة بين كل الأشكال التركيبية، المتشابهة نحوًا، وأطلق عليها الدلالة السطحية العامة التي تسمى بالدلالة الأساسية أو الأصلية بوصفها تُوَلَّدُ ابتداءً مع الشكل الأصلي للتركيب قبل أن يعتريه أيّ تغيير أو عدول عن أصل تركيبه، وتُسْتَصحَب مع سائر التنوعات التركيبية لأصل التركيب بوصفها دلالة أساسية.[3]
وهناك معان ثابتة وأخرى متحركة[4]، وهو ما يؤكده الدكتور أحمد جمال الدين من أنًّ الدلالة العميقة هي تلك الدلالة الإضافية الناشئة عن بناء التركيب على غير أصله - في الغالب - وهي دلالة لا تمدنا بها المفردات المعجمية، وإنما تمدنا بها طبيعة التفاعل النحوي بين عناصر التركيب المعدول به عن الأصل[5].
ويمكننا القول في غضون ذلك: إنِّ الدلالة تتعرض - تبعًا لتعرضها لسياقات المقال والمقام - لنوع من الفتور أو القوة، فالنص في البيئة اللغوية المصحوبة بسياق ما، ينتج دلالة قوية أطلقتُ عليها (دلالةً كثيفةً)، ولا أعني بالكثافة: الغلظة والثقل[6]، وإنما أردت بها تلك الدلالة المتراكبة طبقاتٍ بعضُها فوق بعض تبعًا لإمداد عنصر السياق لها بما يؤهلها؛ فتَنتُج عنه الدلالاتُ المتعددة، فإنْ فَقَدَتْ الروافدَ السياقية اقتصرت على معانيها السطحية، ودلالتها الأولية، وهو ما يعرف بالمعنى الحَرْفِيّ.
وهناك تصور لعلماء الدلالة أنه حين تُدْرَسُ اللغة من خلال النصوص بسياقاتها نلحظ جانبا دلاليا كثيفًا، وإذا دُرِسَتْ بمعزل عنها أصابها الفتور والضعف؛ لأننا حين نفعل ذلك نكون قد فرَّغنا اللغة بكل مستوياتها - ولا سيما النحو - من المضمون الحقيقي الذي أريد لها. وربما عبروا عن ذلك بقولهم: تضييق الدلالة وتوسيعها تبعًا للسياق.
فعلى مستوى البنية المفردة أو الصيغة لا يُستغني عن هذه الملابسات لِتستبين الصيغة أو المفردة اللغوية معالمها الدلالية، ومن ثمّ نلحظها آخذة في الترقي أو الدنوّ، وهو التعبير عن صعودها وهبوطها، فبعض الألفاظ: كالصلاة والحج والصوم التي صُبِغَتْ بصبغة شرعية تغيرت دلالتها؛ لوجود مناخ جديد.
وتشير الدكتورة صباح بنت عمر[7] إلى "أنَّ التغيُّر الدلالي ظاهرة طبيعيَّة، يمكن رصدُها بوعي لغوي لحركيَّة النظام اللغوي المرنِ، ففي حركيَّة اللغة الدَّائبة، قد تتخلَّف الدلالة الأساسيَّة للكلمة، فاسحة مًكانها لدلالة سياقيَّة أو لقيمة تٍعبْيريَّة أو أسلوبيَّة، وبذلك تصير الكلمِة ذات مَفهوم أساسي جديد، قد يحدث أن ينَزاح هذا المفهوم بدورْهِ ليحلَّ مكانه مفهوم آخرَ، وهكذا يستمرُّ التَّطوُّر الدلالي في حركة لا متناهية تتميَّز بالبطءْ والخفاء"[8].
ولا يخفى أن هذا القول قد تناول حركة التطور الدلالي من الزاوية المعجمية لا غيرُ، ثم حكم عليها بأنها حركة لا متناهية تتميز بالبطء والخفاء. وهو كلام فيه نظر؛ لأن الألفاظ التي استُدِّل بها كالصلاة، والحج، والجارية، ورجُل... إلى غير هذه الألفاظ، بعضها يقع عليها سنة البطء والخفاء ككلمة (رَجُل)، وبعضها تطورتْ بمجرد أن كسيت ثوب الشرع كالحج، والزكاة، والصلاة؛ فقد تغير معناها من المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي، وهو في حد ذاته يُعَدُّ تغيرًا دلاليًا، والذي عليه مدار القول هنا أنها تطورت سريعًا، وتنوعت في معناها حينما انتقلت من بيئة لغوية عرفية إلى بيئة أخرى ذات سياق مختلف.
ومما يُستدل به على أنواع المعني ووجود أكثر من دلالة في التركيب، قولِه تعالى: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [يوسف: 30]، فأولى المراتب في تذكير الفعل وتأنيثه أنَّه يجوز الأمران: التذكير والتأنيث، فمن أَنَّثَ فعلى معني الجماعة، والتذكير على إرادة الجمع، ولا اعتبار بتأنيث واحده أو تذكيره[9]. وثانية هذه المراتب: أنَّ تذكير الفعل - في الآية - للقلة؛ حيث إن امرأة العزيز أرسلتْ إلى النسوة اللاتي صوبْنَ اللوم إليها وهُنَّ قِلَّة، فليس كل النساء أُرْسِلَ إليهنَّ كي تستل منهنَّ المعذرة فيما فعلتْ بيوسف عز وجل.[10]
وأرى أنَّ هناك درجة ثالثة في تعدد الدلالة وطبقاتها، مبعثها سياق القصة القرآنية ليوسف عز وجل ذلك أنَّ النسوة ما كان ينبغي لهنَّ أن يَخُضْنَ بكلامهنَّ في شأن مراودة المرأة يوسفَ الصدّيق عز وجل وهو أمر يدعو - في الأصل - إلى الحياء وتجنب الخوض فيه، ولكنَّهنَّ فَعَلْنَه على ما فيه من جرأة فما أغناهنَّ عن ذلك! فلئن وُجِدَ ما يدعو إلى الكلام فيه - رغم حرمته - إنَّ الرجال يكونون أولى بهذا الفعل على لومٍ يلحقهم، فهو في حق النسوة أشدُّ لومًا.
وفي قوله تعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 14]، حيث لحقت الفعل (قالتْ) علامة التأنيث - وهو أمر جائز يستوي فيه التذكير والتأنيث - لأمور دلالية منها، أولا: أنه أراد بالتأنيث هنا الكثرة ولا يراد بهذه الكثرة العموم كما قد صرَّح به قتادة[11]؛ وثانيها: أنهم - لمَّا استنفروا إلى الحديبية تخلفوا[12] - خافوا على أموالهم وأولادهم وأزواجهم وذرياتهم، وخافوا أن يُعيِّرهم العربُ إذا ما تركوا ديارهم وذويهم، فلمَّا اشتدّ حرصهم ورضوا بالحياة الدنيا وخلدوا إلى ملذَّاتها، تحدثت عنهم الآية الكريمة -في ضوء السياق القرآني - بتأنيث الفعل (قالتْ)؛ إذ لم تكن لديهم الشجاعة الكافية- وهم مسلمون -ولم يهاجروا وقد حرصوا على كثير ممَّا تحرص عليه النساء، ولزمهم التَّهَيُّبُ وليس خوض المخاطر في سبيل الدعوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان الأليق بحالهم هذا أن يُؤَنَّثَ الفعل عند حديث القرآن عنهم.
فقد ذكر الألوسي في روح المعاني أنَّ إلحاق الفعل علامة التأنيث؛ لشيوع اعتبار التأنيث في الجموع حتى قيل[13]: [من الخفيف]
لا تبالي بجمعهم
كلُّ جمعٍ مؤنثُ
والنكتة في اعتباره ههنا الإشارة على قلة عقولهم على عكس ما روعي في قوله تعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 30][14]. والله تعالى أعلم.
ومن أنواع المعنى وتعدد طبقاته بنيةً وصيغةً في السنة النبوية المطهرة قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإنَّ ريحَها لتوجد من مسيرة كذا وكذا"[15].
حيث جاءت صفات النساء بصيغة اسم الفاعل في (كاسيات عاريات) وله عدة دلالات، أولا: أنه يدل على دوام فعلهنَّ وأن هذا دأبهن وحالهن في تلك الهيئة السافرة المتكشفة، ثانيًا: أن فعلهن الاكتساء لم يُرْغَمْنَ عليه بل كان منهن طواعيةً، فإذ لم يكن باختيارهن ما استحققن عقابًا ووعيدًا، وقد لعب السياق النبوي دورًا في أنْ تظلَّ صيغة (كاسيات) في معنى اسم الفاعل وهو معناها الأصلي؛ لأنَّ كاسيات وردت في الشعر بصيغة اسم الفاعل بمعنى اسم المفعول، من ذلك قول الحطيئة يهجو الزبرقان بن بدر: [من البسيط]
دعِ المكارمَ لا ترحلْ لبغيتها
واقعدْ فإنّك أنت الطاعمُ الكاسي
فاسم الفاعل (الكاسي) في بيت الحطيئة بمعنى اسم المفعول أي: المكسوّ، والذي أعان على بقاء صيغة (كاسيات) الواردة في الحديث النبوي بمعناها الأصلي دون تناوب هو ورودها في سياق الإصرار على الذنب من جانب النساء حين اخترن - بإرادتهن - ألا يكتسين الكسوة الكاملة؛ فصِرْنَ بهذه الحال التي عَبَّرَ عنها الحديث الشريف في قوله صلى الله عليه وسلم:عاريات. وثالثًا: أنَّ مجيءَ: (كاسيات عاريات) نمطا مركبا من كلمتين، يؤكد ما ذهب إليه شرَّاح الحديث من أن الاكتساءَ لم يكن كامِلا وهو المعنى المراد من كلامه صلى الله عليه وسلم، فتحصَّلَ المعنى بضم إحداهن إلى الأخرى، وإلا حلَّ التناقض بانفراد كل واحدة بمعناها حيث يصير الكلام غير مفيد عندئذ.
وكذا القول في (مميلات مائلات) الواردة في الحديث، فأول معانيها الدلالية هو الاعوجاج الحسي المادي الذي تشهده العين، فلا استقامة في أجسادهن سواء في هيئة رؤوسهن أو في مِشيتهن، وهذا المعنى الأَوَلِيَ مستفاد من السياق اللغوي الوارد في الجملة بعده حين قال صلى الله عليه وسلم: رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، والبخت (أي: النوق، ومفردها الناقة أنثى الجمل). وثاني معانيها الدلالية: وهو الإغراء والإغواء، فهن يَقُمْنَ بإغراء الرجال بالتمايل في هيئتهن حركةً وسكونًا وهذا هو معنى: (مائلات)، ونتيجة لذلك يقع الرجال المغوَون في حبائلهن فتكون النساء في تلك الحال قد قمن بالغواية وهذا هو معنى: (مميلات). والله أعلم.
تُنشر بالتعاون مع مجلة (أعاريب)
المصدر: مجلة أعاريب - العدد الثالث - جمادى الأولى 1435ه / مارس 2014م
...................................
[1]
اشتراك أفراد البيئة اللغوية عادة في فهمها، فإدراكها إدراك عقلي محض يتوقف على معرفة الوضع، أو الاستنباط المنطقي، أو الاستعانة بأصول التخاطب والتعاون، تؤدي وظيفة الإبلاغ.
[2]
مقتبس من بحث في (البلاغة)، جزء من ( الفصل الثالث ) موجود على الشبكة العنكبوتية، كاتبه مجهول، لكته أشار إلى أنه نقلها عن كتاب "البلاغة العربية وسائلها وغاياتها، ربيعي محمد عبد الخالق: ص63.
[3]
بحث بعنوان: التفاعل النحوي والدلالة العميقة، د. أحمد جمال الدين أحمد، ص: 134، كتاب "العربية والدراسات البينية - المؤتمر الدولي الرابع لقسم النحو والصرف والعروض بدار العلوم: 2007مـ.
[4]
المصدر السابق.
[5]
مقال نشر في كتاب "العربية والدراسات البينية - المؤتمر الدولي الرابع لقسم النحو والصرف والعروض، بدار العلوم، مارس: 2007مـ - جامعة القاهرة، ص: 134.
[6]
انظر: اللسان، مادة: (ك ث ف).
[7]
صباح بنت عمر بن محمد حلبي، دلالات الألفاظ الإسلامية في الأحاديث النبوية، ص: 19 وما بعدها، رسالة دكتوراه (مخطوط)، جامعة أم القرى: 1421هـ.
[8]
السابق نفسه.
[9]
ابن يعيش، شرح المفصل: 5 / 103. المطبعة المنيرية. مصر
[10]
الفراء، معاني القرآن: 1/435، الطبعة الثالثة: 1403هـ - 1983مـ، عالم الكتب - بيروت.
[11]
الألوسي، روح المعاني: 26/167. دار إحياء التراث العربي - بيروت، بدون تاريخ.
[12] (
تفسير البغوي): 7 / 350، طبعة: 1412هـ، دار طيبة - الرياض. والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن: 19/421. والألوسي، روح المعاني: 26/167.
[13]
انظر: ملتقى أهل اللغة (النت)، حلقة الأدب والأخبار، بعنوان: أبيات شعرية استُعملت فيها مصطلحات علوم العربية.
[14]
الألوسي، روح المعاني: 26/167.
[15]
أخرجه مسلم في: 25- كتاب الجنة، 13- باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، حديث رقم = 2128.
-----------
روابط متعلقة من موقع الألوكة
علاقة المعنى بالإعراب
صدرحديثاً: (المبنى والمعنى في الآيات المتشابهات في القرآن الكريم )لـ د.عبدالمجيد ياسين
صدر حديثاً كتاب (تعدد المعنى في النص القرآني) لإيهاب سعيد النجمي
المناسبة بين اللفظ والمعنى
اللفظ العام .. من خصائص العربية في مدلولات ألفاظها
الدلالة الصوتية في اللغة
-----------------------------------
مخطوطة طبقات المفسرين (طبقات من فسر القرآن العظيم ومن وصف بمعرفة تفسيره)
القسم بركوب طبق عن طبق (2)
الكتيبة الكامنة فيمن لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة
الحديث الغريب: تعريفه وأقسامه
كتاب بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي (ت 911هـ / 1505م)
طبقات قرائيي مصر (1) مبادرة موسوعة سوهاج للقرائية
مخطوطة طبقات الشافعية الكبرى (الجزء الثالث)
مخطوطة طبقات الشافعية الوسطى (الجزء الثاني)
مخطوطة طبقات الفقهاء (النسخة 4)
مخطوطة طبقات الشافعية (الجزء الأول) (النسخة 3)==

حياة المؤلف ((   )) :

اسمه :

إبراهيم بن محمد أبو القاسم بن أبي بكر الليثي السمرقندي ، القارئ ، بياني مشارك في

بعض العلوم ، فقيه حنفي ((  )) ، وصفه صاحب كشف الظنون بالفاضل المحقق ((   )) ، والعلامة الفاضل ((   )) .

آثاره العلمية :

وقفت اي المحقق على بعض الآثار التي ذكرت له وهي :

بلوغ الأرب من تحقيق استعارات العرب .

حاشية على تفسير البيضاوي .

حاشية على شرح مفتاح العلوم ، أولها : ( اللهم زدنا من لدنك علما ... الخ ) ((   ))

الرسالة السمرقندية ، وهي رسالة الاستعارات في البيان ، وفي ذيل كشف الظنون وردت باسم ( فرائد الفوائد لتحقيق معاني الاستعارات وأقسامها ) ، وسميت ( الفرائد

في الاستعارات ) على طرة نسخة دمنهور ، وسميت أيضاً ( معاني الاستعارات وما يتعلَّق بها ) على طرَّة المخطوط أيضاً ، وسماها ناسخ النسخة الأزهرية بـ (السمرقندية في علم

الاستعارة ) في خاتمة الرسالة ، وسمَّاها ناسخ مخطوطتي دار صدام للمخطوطات بـ ( الرسالة البيانية ) ، وسميت بمعاني الاستعارات في فهارس دار صدام ، وهي موضوع البحث ، وقد ترجّح عندي اسم (( معاني الاستعارات )) موافقةً لما جاء في نسختي ( دار صدام ) ولتكرار هذا الاسم في ترجمة المؤلف رحمه الله ، ولوروده في متن الرسالة في قول المؤلف : (( فإنَّ معاني الاستعاراتِ وما يتعلقُ بها قد ذُكِرَتْ في الكـُتـُبِ مفصَّلةً عسيرةَ الضَّبطِ  فأردتُ ذِكْرَها مـُجمَلة ً مَضْبوطةً على وَجْهٍ نـَطـَقَ بهِ كـُتـُبُ الـمُتقدمينَ ودلَّ عليهِ زُبـُرُ المتأخرينَ ؛ فنَظمْتُ فرائـدَ  عوائدٍ  ؛ لتحقيقِ معاني الاستعارات  .... )) .

رياضة الأخلاق .

شرح على الرسالة الوضعية العضدية في الوضع للسيد الشريف علي الجرجاني ، وهو شرح ممزوج ، فرغ مصنفه من تحريره : في أربع شعبان سنة ثمان وثمانين وثمانمائة ، أوله : ( الحمد لله الذي خص الإنسان بمعرفة أوضاع الكلام . . . الخ ) ((   )) ولعلاء الدين بن محمد القوشجي حاشية على هذا الشرح سماها بالحاشية الجديدة ((   )) ، وللصفوي شرح على شرح السمرقندي ((   )).

مستخلص الحقائق شرح كنز الدقائق في فقه الحنفية ، طبع في كانبور 1882 م ، وطبع مع كنز الدقائق في دهلي 1287م  ((   )) .

حاشية على المطوَّل ، أولها : ( الحمد لله الذي ألهمنا تلخيص دقائق المعاني ببدائع البيان ... ) طبع حجر أستانة 1307 . قال عنها صاحب كشف الظنون : ( وهي : تامة مقبولة في غاية الدقة والتحقيق )((   )) .

حاشية على التلويح في كشف حقائق التنقيح للتفتازاني ، أولها : ( بسم الله متيمنا وعليه متوكلا وبالحمد على كبريائه . . . الخ ) ((   )) .

الرسالة الترشيحية في أقسام الاستعارات على ست فرائد ، وشرحها : عصام الدين إبراهيم بن محمد الأسفرايني المتوفى : سنة أربع وأربعين وتسعمائة ((   )) .

حاشية على مطالع الأنظار لأبي الثناء شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني وهو شرح لطوالع الأنوار مختصر في الكلام للقاضي عبد الله بن عمر البيضاوي ، أولها : ( حمدا لمن تلألأ على صفحات الكائنات ... ) ((   )) .

الرسالة الفريدة وهي في البلاغة شرحها عصام الدين الإسفرائيني وقد وضع الفلوبي حاشية على شرح العصام ((   )) .

وفاته :

تباينت المصادر في تحديد سنة وفاته ، فنرى أن الأستاذ عمر رضاكحالة قد اكتفى بالتخمين فيقول : (( كان حياً سنة 888 هـ )) ((  )) ، ويبدو أنه اعتمد في جزمه هذا على ما جاء في كشف الظنون من أن السمرقندي فرغ من شرحه على الرسالة العضدية للسيد الشريف علي الجرجاني في هذه السنة إذ قال : فرغ من تحريره سنة ثمان وثمانين وثمانمائة وقد تقدم هذا  وهو ما يؤكده الأستاذ خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ((  )) ، فيجزم بأن وفاته كانت سنة 907هـ  وقد ذكر صاحب معجم المطبوعات من أنه من علماء النصف الثاني من القرن التاسع ((   )).

النسخ المعتمدة في التحقيق :

 

1- نسحة دار صدام للمخطوطات برقم (( 32726/3 )) ، وهي مكتوبة بالخط الفارسي ضمن مجموع فيه ثلاث رسائل ، هي :

رسالة في الوضع  1-10 .

رسالة بيان البيان 10-23.

معاني الاستعارات 23-30.

 

نسبت جميعها لأبي بكر الميروستي ، وهذا خطأ في نسبة هذه الرسالة ، لأن أبا بكر الميروستي شخصية غير مذكورة ألبتة في كتب التاريخ والتراجم على طول بحثي عنه في هذه المظان ، والراجح أنه تحريفُ لأبي بكر الرستمي وهو من شراح رسالة الاستعارات التي نحن بصدد تحقيقها ، وقد طبع شرحه في كتاب صغير الحجم ، وقد سميت المخطوطة في فهارس الدار بمعاني الاستعارات  وقياس الصفحة فيها(22.5   × 16سم )  ،  تحوي كل صفحة على (13 ) سطراً ، وعلى حواشي صفحاتها كتبت بعض التصويبات للأخطاء التي وقع فيها الناسخ ، وقد جعلتها النسخة الأم في العمل كونها أصح النسخ الموجودة ، ورُمِزَ لها في التحقيق بـ (( أ )) .

2. نسخة دار صدام برقم (( 3/24341)) مكتوبة بالخط الفارسي ، منسوبة أيضاً لأبي يكر

الميروستي ، ويبدو أنها منسوخة عن (( أ )) وإن كان فيها بعض الاختلافات ، إلا أن قياسات الصفحة فيها تطابق قياسات النسخة السابقة من حيث الحجم وعدد الأسطر في كل صفحة ونوع الخط ، ورمِز لها في التحقيق بـ(( ب )).

3. نسخة دمنهور : وهي نسخة مصوَّرة عن نسخة مكتبة دمنهور في مصر تحمل رقم

(( 202 )) تحت تصنيف رقم (( 5543/839/82 )) ، عليها تملكات عدّة ، وتحتوي الصفحة منها على (( 13 )) سطراً وكتب على صفحتها الأولى خطأً : (( رسالة في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم )) وقد ضرب عليها بالخطأ ، وتمتاز هذه النسخة بضعف الخط وصعوبة القراءة ، ورمز لها بـ (( د )) .

نسخة الأزهر الشريف برقم ( 2493) ( 60712) بلاغة  ، وهي نسخة جيدة الخط مقرؤة ، سميت بـ ( متن السمرقندية ) على طرتها ،  تتكون من ثماني أوراق في كل صفحة منها

( 13) سطراً ، وقد رمزت لها بالرمز ( ز ) ، وقد ظهرت على بعض سطورها آثار الرطوبة في كلمات معينة تصعب معها قراءة تلك الكلمات .

نسخة أخرى من نسخ الأزهر الشريف برقم ( 1732) ( 41724) بلاغة  ، وهي نسخة رديئة الخط ، سميت بـ (السمرقندية في علم الاستعارات ) على طرتها ،  تتكون من ثماني أوراق في كل صفحة منها ( 11) سطراً ، وقد رمزت لها بالرمز ( هـ ) .

مخطوطة شرح العصام على السمرقندية وقد اعتمدت فيها على النسخة الأزهرية ، وهي نسخة جيدة الخط مقرؤة ، تتكون من ( 13) ورقة في كل صفحة منها ( 23) سطراً في الأغلب  انماز متن السمرقندية منها باللون الأحمر الذي مازها عن بقية المخطوط ، وقد رمزت لها بالرمز ( ع ) .

مخطوطة شرح الملوي على السمرقندية وقد اعتمدت النسخة الأزهرية وهي نسخة جيدة الخط مقرؤة ، تتكون من 18 ورقة في كل صفحة منها ( 21 ) سطراًفي الغالب انماز متن السمرقندية منها باللون الأحمر الذي مازها عن بقية المخطوط ، وقد رمزت لها بالرمز ( م ).

مخطوطة الدرر البهية على الرسالة السمرقندية وقد اعتمدت النسخة الأزهرية وهي نسخة جيدة الخط مقرؤة ، النسخة الموجودة بين يدي تتكون من 21ورقة يبدو أن الصفحة الأخيرة منها قد سقطت . وجاء في كل صفحة منها ( 25 ) سطراً انماز متن السمرقندية منها بابتداء الشارح له بلفظ (  قوله ) باللون الأحمر الذي مازها عن بقية المخطوط ، وقد رمزت لها بالرمز ( ر ) .

واستكمالاً لمتطلبات إخراج الرسالة بأدق لفظٍ وأصوب عبارةٍ فقد قابلت ألفاظها على مخطوطة حاشية الصبان على شرح العصام للرسالة السمرقندية وقد اعتمدت النسخة الأزهرية  وعلى المتن المطبوع قي جامع المتون وعلى الأصل المشروح في جامع العبارات . وقد تابعت بعض النصوص المنقولة عن الرسالة في كتب المتأخرين كما في الرسالة الفارسية وإيضاح المكنون وغيرهما ، كما هو واضح في حواشي التحقيق ، وهو الأمر الذي يؤكد خطأ نسبة مثل هذه الرسالة المشهورة إلى ( أبي بكر الميروستي ) وقد بينا سبب الخطأ في النسبة سابقًا .

 

عملي في التحقيق :

 

 

مقابلة النسخ واختيار أدق الألفاظ وأصوب العبارات في إيضاح المعنى والتعبير عنه ، وقد استعنت على ذلك بمراجعة عبارات أهل هذا الفن في مظانها ، وحرصت على ألا أغير لفظ النسخة الأم التي اخترتها إلا فيما يستحق التغيير وإلا أبقيت على لفظها وإن اتفقت النسخ الأخرى على غيره ما دام المعنى المقصود يتضح من عبارة النسخة الأم .

 

تصويب وتصحيح ما قد يكون فيه تحريفٌ أو تصحيفٌ ، مما يحيل في معنى أو يكون خطأ محضًا والتنبيه على ذلك في حواشي التحقيق ، وقد رجح عندي في نهاية العمل أن هذا النص البلاغي لم يقدم في صورةٍ مضبوطة تماماً المطبوع منها والمخطوط على ما له من أهمية إذ لا تكاد تخلو نسخة من نسخه من خطأ قد يغير المعنى أو يحرف القصد ، أو سقط يغمض المعنى ويشكل في الفهم قد يصل إلى السطر الكامل كما في هامش ( 87 ) أو أكثر كما في هامش ( 141 ) ، وهو ما ظهر بيناً عندي في مقابلة النسخ .

 

شكل وضبط المتن .

عملت على التعليق على ما رأيته ضرورياً في إيضاح معنى أو إيراد فائدة ، مفيداً في ذلك كله من الشرح البلاغي الواسع الذي دار حول هذه الرسالة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صور من المخطوطات المعتمدة :

 

 

الصفحة الأولى لشرح عصام على السمرقندية

 

الصفحة الأولى للدرر البهية

 

 

 

 

الصفحة الأولى من الشرح الصغير للملوي

 

 

 

الصفحة الأخيرة من الشرح الصغير للملوي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمْدُ لواجبِ ( ) العطيَّةِ ، والصَّلاةُ ( ) على خيرِ البريـَّةِ ، وعلى آلهِ ذوي النُّفوس الزَّكيـَّةِ .

أمَّـا بعدُ :

فإنَّ معاني الاستعاراتِ وما يتعلقُ بها قد ذُكِرَتْ في الكـُتـُبِ مفصَّلةً عسيرةَ الضَّبطِ  فأردتُ ذِكْرَها مـُجمَلة ً مَضْبوطةً على وَجْهٍ نـَطـَقَ بهِ كـُتـُبُ الـمُتقدمينَ ، ودلَّ عليهِ زُبـُرُ ( ) المتأخرينَ ؛ فنَظمْتُ فرائـدَ ( ) عوائدٍ ( ) ؛ لتحقيقِ معاني الاستعاراتِ ( )  وأقسامِـها وقرائـِنِها في ثلاثةِ  عُقُودٍ :

العقد الأول :

في أنواعِ المـجاز ( )، ( وفيه ستُّ فرائِدَ :

الفريدةُ الأولى :

المجازُ )   المفردُ : أعني الكلمةَ ( ) المستعملةَ في غيرِ ما وُضعتْ لـهُ ( ) لعلاقةٍ (   ) مع قرينةٍ مانِعةٍ عن   إرادتهِ ( ) إنْ كانت علاقتهُ غيرِ المشابهةِ ، فمجازٌ مرسلٌ ( )، وإلا فاستعارةٌ مصرحةٌ ( ).

الفريدةُ الثانيةُ :

إنْ كان المُـستعارُ ( ) اسمَ جنسٍ ( ) ، أي : اسماً غيرَ مشتقٍّ فالاستعارةُ أصليةُ ، وإلا

فتبعيّـةُ ( ) [ 1/2] ؛ لجريانها في اللفظِ المذكور ِبعد جريانِها في المصدر ( ) إن كانَ

[ المستعار ] ( ) مشتقاً ( ) وفي متعلقِ معنى الحرفِ( )  إن كان حرفاً ( ). والمرادُ بمُتَعَلِّقِ معنى الحرفِ ما يُعبَّرُ بهِ عنِ ( ) المعاني ( ) المطلقةِ كالابتداءِ ( ) ونحوه ( ) ، وأنكَرَ التبعيَّةَ

السكاكيُّ ( )، وردَّها إلى المَكْنِيَّةِ ( ) كما ستعرِفهُ ( ).

الفريدةُ الثالثةُ :

ذَهَبَ السكاكيُّ ( ) إلى أنَّه ( ) إنْ كانَ المستعارُ لهُ مُتَحَقِّقاً ( )حِسَّـاً أو عقلاً ، فالاستعارةُ [ تسمَّى ] ( ) تحقيقيةٌ ( ) ، وإلا ( ) فتخييليةٌ ( ) ، وستنكشِفُ ( ) لكَ

حقيقتُها ( ) .

 

الفريدةُ الرابعةُ :

الاستعارةُ إن لم تقترن بما ( ) يلائم شيئاً من المستعارِ منه والمستعارِ له ( ) فمطلقةٌ ( )، نحو : رأيتُ أسداً ( ) ، وإن اقترنتْ ( ) بما يلائم المستعار منه فمرشحةٌ   نحو : رأيتُ أسداً .. لهُ لِـبَدٌ أظفارهُ لم تقلَّمِ ( ) ، وإن اقترنتْ ( ) بما يلائم المستعار لهُ فمجردةٌ ، نحو : رأيتُ أسداً شاكي السلاح . والترشيحُ أبلغُ ( ) ؛ لاشتمالِهِ على تحقيقِ المبالغةِ في [ 2/3 ] التشبيهِ ، والإطلاقُ أبلغ من التجريدِ .  واعتبارُ الترشيحِ والتجريدِ إنما يكونُ بعد تمامِ الاستعارةِ ( بالقرينةِ ) ( ) ؛ فلا تُعدُّ قرينةُ الـمُصَرَّحةِ تجريداً ، نحو : رأيتُ أسداً يرمي ، ولا قرينةُ المكنيَّـةِ ترشيحاً .

الفريدةُ الخامِسةُ :

الترشيحُ يجوزُ أنْ يكونَ باقياً على حقيقتِهِ تابعاً للاستعارةِ لا    يقصدُ بهِ إلَّا تقويتــُها  ويجوزُ أن يكونَ مُستعاراً من مُلائِمِ المُستعارِ منهُ لملائِمِ المُستعارِ لَهُ ، ويحتملُ الوجهينِ قولُهُ ( تعالى )   : (( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ [ جميعاً ]  ))(آل عمران: من الآية103) حيثُ استعيرَ الحبلُ للعهدِ وذُكِرَ الاعتصامُ ترشيحاً لها ( ) ، إمَّا باقياً على معناهُ ( ) أو مستعاراً ( ) للوثوقِ بالعهدِ ( ).

الفريدةُ السادسةُ :

المجازُ المُركبُ ( ) : وهو المركبُ المستعملُ في غيرِ    ما وُضِعَ لهُ ( ) لعلاقةٍ ( ) مع قرينةٍ  كالمفردِ إن كانت علاقتهُ غيرُ المشابهةِ فلا يُسمَّى استعارةً وإلا فيُسمَّى ( ) استعارةً   تمثيليةً  نحو :

(( إنـــِّي أراكَ تقدِّمُ رِجْلاً وتؤخِرُ أُخرى )) ( ) أي :[ 3/ 4 ] تتردَّدُ ( ) في الإقدامِ والإحجامِ لا تدري أيـــُّهما أحْرى ( ).

العقد الثاني :

في تحقيقِ معنى ( ) الاستعارةِ بالكنايةِ :

اتفقتْ كلمةُ القومِ ( على أنَّه إذا شُبِّهَ أمْرٌ بآخرٍ في   غيرِ تصريحٍ بشيءٍ من أركانِ التشبيهِ سوى المُشبهِ ، ودُلَّ عليهِ   بذكرِ ما يخصُّ المُشّبَّهَ بهِ كان هناكَ استعارة بالكناية    )   ، لكن اضطربت أقوالهم ، ونعرض ( ) لها في ثلاث    فرائد مذيلة بفريدة أخرى لبيان أنَّه هل يجب أن يكون المشبه   في صورة ( ) الاستعارة بالكناية مذكورا بلفظه الموضوع له أم ( ) لا ؟

 

 

الفريدةُ الأولى :

ذهب السلف ( ) إلى أنَّ الاستعارة ( ) بالكناية لفظ المشبه به المستعار للمشبه في النفس المرموز إليه بذكر ( لازم المستعار )( ) ( من غير تقديرٍ في نظم الكلام وذِكرُ اللازم قرينةٌ على قصده من عُرْض الكلام ، وحينئذٍ وجْه ( ) تسميتها استعارةً بالكناية أو مكنيةً ظاهرٌ )( ) ، وإليه ذهب صاحب الكشاف وهو المختار .

الفريدةُ الثانية :

يشعر ظاهر كلام السكاكي بأنها : ( لفظ المشبه المستعمل في )  المشبه به بادعاء   أنه عينه ، واختار رد التبعية إليها بجعل قرينتها ( استعارة بالكناية [ 4 /5] وجعلها قرينتها  )   على عكس ما ذكره القوم في مثل : نطقت الحال ( بكذا )   من إن نطقت استعارة لدلت   والحال قرينتها ( ) ، ويرد عليه أن   لفظ المشبه لم يستعمل إلا في معناه [ الحقيقي]( ) ، فلا يكون استعارة وهو قد صرح بأن نطقت مستعار للأمر الوهمي ، فيكون استعارة ، والاستعارة في الفعل لا تكون إلا تبعية ( ) فيلزم السكاكي ( ) القول بالاستعارة التبعية .

الفريدةُ الثالثة :

ذهب الخطيب إلى أنها التشبيه المضمر في النفس وحينئذٍ لا وجه لتسميتها استعارة .

الفريدةُ الرابعة :

لا شبهة في أنَّ المشبه في صورة الاستعارة بالكناية لا يكون مذكورا بلفظ المشبه به كما في صورة الاستعارة المصرحة ، وإنما الكلام في وجوب   ذكره بلفظه [ الموضوع له ]   ، والحق عدم الوجوب لجواز أن يشبه شيء بأمرين ويستعمل لفظ أحدهما فيه ، ويثبت له شيء ( ) من لوازم الآخر ، فقد اجتمع ( ) المصرحة والمكنية ، ( مثاله ) ( ) : قوله تعالى : (( فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ))(النحل: من الآية112) فإنه شبه ما غشي الإنسان [ 5/6] من أثر الضرر عند الجوع والخوف ( ) من حيث الاشتمال باللباس ، فاستعير له اسمه ( ) ، و [ شبه ما غشيه ]( ) من حيث الكراهية ( ) بالطعم المر البشع ( ) ، فيكون [ اللباس ]( ) استعارة مصرحة نظراً إلى الأول ، ومكنية نظرا إلى الثاني ، وتكون ( ) الإذاقة تخييلا.

 

 

العقد الثالث :

في تحقيق قرينة الاستعارة بالكناية

وما يذكر ( ) زيادة عليها من ملائمات المشبه به ( ) : في نحو قولك : مخالب المنية نشبت بفلان ، وفيه خمس فرائد :

الفريدةُ الأولى :

ذهب السلف ( ) إلى أنَّ الأمر الذي أثبت للمشبه من خواص المشبه به مستعمل في

معناه ( ) الحقيقي ، وإنما المجاز في الإثبات ، ويسمونه استعارة تخيلية ، ويحكمون بعدم انفكاك المكني عنه عنها ، وإليه ذهب الخطيب .

الفريدةُ الثانية :

جوّز صاحب الكشاف كونه استعارة تحقيقة ( لما يلائم المشبه ) ( ) ، كما في قوله تعالى : (( يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّه))(البقرة: من الآية27 ، والرعد 25) حيث استعير الحبل للعهد ( على سبيل الكناية ) ( )، والنقض لإبطاله .

الفريدةُ الثالثة :

جوَّز السكاكي كونه مستعملا في [ 6/7] أمر وهمي [ توهَّمَهُ المتكلِّمُ ] ( ) شبيهاً ( ) بمعناه الحقيقي ويسميه   استعارة تخيلية ، ولا يخفى أنه تعسف .

الفريدةُ الرابعة :

المختار في قرينة المكنية أنه إذا لم يكن للمشبه المذكور تابع يشبه رادف المشبه به كان باقيا على معناه الحقيقي ، وكان إثباته له استعارة ( تخييلية )  كمخالب المنية ، وإن   كان له تابع يشبه ذلك الرادف المذكور كان مستعارا لذلك التابع على طريق التصريح [ به ] .

الفريدةُ الخامسة :

كما ( يسمى )  ما زاد على قرينة المصرحة من ملائمات المشبه به ترشيحا ، كذلك يعد ما زاد على قرينة المكنية من الملائمات ترشيحا لها ، ويجوز جعله ترشيحا للتخييلية أو ( الاستعارة )( ) التحقيقية ، أما ( الاستعارة )   التحقيقية فظاهرٌ ، وكذا التخييلية على ما ذهب إليه السكاكي

[ لأن التخييلية مصرَّحة عنده ] ( ) ، [ وأما التخييلية على ( ما ذهب إليه

السلف )( ) ، فلأن الترشيح يكون للمجاز العقلي أيضا ( بذكر  ما يلائم ما هو له ، كما يكون للمجاز اللغوي المرسل )   بذكر ما يلائم الموضوع له ، وللتشبيه ( ) [ 7/8] بذكر ما يلائم المشبه به ] ، وللاستعارة ( ) المصرحة كما سبق ، ووجه الفرق بين ( ) ما يجعل قرينة للمكنية ويجعل نفسه تخييلا أو [ يجعل ] ( ) استعارة تحقيقية أو [ يجعل ]( ) اثباته تخييلا ، وبين   ما يجعل زائداً ( ) عليها وترشيحا قوَّ ةُ الاختصاص بالمشبه به ، فأيهما أقوى اختصاصا وتعلقاً

( به )   فهو القرينة وما سواه ترشيح ( ) .

تمت الرسالة البيانية

حرره سنوي زاده عبد المجيد م 20 ذي الحجة سنة 1292

في بغداد المحروسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق