الثلاثاء، 6 نوفمبر 2018

النفس والشيطان والهوي ومودة بينكم + كتاب من درر ابن القيم عن النفس لفهد بن عبدالعزيز الشويرخ +مثلث الإنسان : قلبه ونفسه والشيطان لخالد بن صالح الغيص

كيف يقول الله تعالي:

 (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ..... وفي آية أخري يقول تعالي (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا /سورة الجن)

قلت المدون : والخلاصة سجلناها في صفحات اخري مفصلة وبإسهاب لكننا هنا الان نسجلها مختصرة والتفصيل سبق شرحة

1. قلت المدون :  إن أصل العبادة هو الطاعة والإذعان للمعبود ومن هذا الأصل يتفرع كل أشكال العبادات السلوكية أو التطبيقية ولن يخرج أي سلوك أو تطبيق لهذا  المدلول عن هذا التعريف وأصل العبادة التي هي طاعة الله جاءنا بها الوحي كلاما مؤكدا من رب العزة محصور بين{{ أفعل ولا تفعل}}  يتبع ذلك تنفيذ التكليف بإفعل ولا تفعل وعند تمام التنفيذ يكون المكلف بالطاعة قد أدي عبادته لله تعالي

وبما أن هذا الأصل جاءنا بالقول إفعل  ولا  تفعل  فيمكن للشيطان أو النفس أو هوي الانسان او الأصحاب او الأقارب او ذات البين أن يأمروا فيطاعوا او ينهوا فينتهي الفرد تبعا للآمر ومن رحمة الله أن الله قد أفسح لنا في الأصل الذي سنطيع فيه الله جل جلالة بجعله في طوقنا ومقدرتنا وأسقط عنا ما ليس في مقدورنا {فتلك هي طاعتنا لله الجبار جل وعلا } 

== لكننا محاطون بمخلوقات تطلب منا طاعاتهم كالوالدين وغيرهما من أجناس البشر بل وأنفسنا وهوانا يجرنا الي طاعاتهما بل والشيطان دائم الترصد لبني آدم لتذليله له وكل هؤلاء إن حدثت طاعتهم في مالا يرضي الله تكون تلك الطاعة عبادة لهم من دون الله او بالعموم لو حدثت طاعاتهم في مُحَرَّم فقد تحقق عبادتهم بطاعاتهم  لهؤلاء إذن قد تحقق الإشراك بالله الواحد وبذلك يسقط الانسان والمسلم بتلك الطاعة في عبادة الشيطان او النفس او  او  او  ....

وبذلك يتحقق الشرك بالله الواحد الأحد هذا الإشراك المحذور علي كل بني آدم  لا يغفر الا بالتوبة


النفس والشيطان والهوي ومودة ذات البين + كتاب من درر ابن القيم عن النفس  لفهد بن عبدالعزيز الشويرخ +مثلث الإنسان : قلبه ونفسه والشيطان لخالد بن صالح الغيص 

 2.بل كيف يقول سبحانه (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء..

 وهو الذي قال جل شأنه (...لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا)

والشرك ذنب من الذنوب 
3.
وعلينا لتحديد قصد الباري جل وعلا من الآية أولا بأن نستعرض تواريخ نزول هذه الآيات مجمعةً
..........................................

1.( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)/سورة النساء /48)

2.(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)/سورة النساء)
وسورة النساء نزلت بعد سورة الممتحنة  بترتيب 
سورة الممتحنة/سورة النساء/سورة الزلزلة
وسورة محمد نزلت بعد سورة النساء، وفيها أن الافساد في الارض وتقطيع الأرحام معاصي وذنوب هي بتقسيمة الآية من منظور أصحاب التأويل ليست هي الشرك المقصود في خاطر المأولين ولو كان صحيحا أن الشرك لا يفغر وما دون الشرك يغفر لنصت آيات سورة محمد علي المغفرة وليس اللعن أي الطرد أبدا من رحمة الله وهذا يدل قطعا علي خطأ تصور المتأولين ونظرتهم لتفسير الآية علي النحو المعروف عندهم 

ففي سورة محمد  بيان محكم لا ظن فيه ولا ريبة أن الإفساد في الأرض مستحق للعن واللعن معناه الطرد أبدا من رحمة الله وهذا الإفساد في الأرض بتقسيم الآية في ناظر المتأولين معصية ليست داخلة تحت الشرك بالله يعني بتقسينهم مغفورة لأنها دون الشرك من وجهة نظرهم 

قال تعالي(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {22} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {23} أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {24}
/سورة محمد
فأين نضع ونصنف الإفساد في الأرض ؟؟
فإن قالوا ليس مع الشرك بالله فقد أخطأوا لأن مسار الإفساد في الأرض ينتهي إلي اللعن أي الطرد أبدا من رحمة الله فخالفوا قاعدتهم التأويلية بأن ما دون الشرك من وجة نظرهم مغفور والإفساد في الأرض ليس من وجهة نظرهم من الشرك



















وإن قالوا هو من الشرك فقد وسعوا أسوار المعاصي ليشمل مدلولها الشرك بالله ونقضوا بذلك قاعدتهم التي يقولون بها أن ما دون الشرك في خاطرهم ووجة نظرهم  مغفورا 

وهكذا في كل المعاصي الكفر والانتحار والمخالفات المتعمدة التي انضوت عقوباتها تحت قول الله تعالي( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) /سورة الجن) ....... والتي أخرجوها من تحت لفظ الشرك في الآية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)/سورة النساء) وقطعوا باطلا بأنها مغفورة حسب منظورهم القاصر للآيات 

ونزيد الأمر تفصيلا فنقول:

وسورة النساء نزلت  بعد  نزول سورة الممتحنة  وقبل  سورة الزلزلة
سورة الممتحنة/سورة النساء/سورة الزلزلة
سورة البقرة
/سورة الأنفال/سورة آل عمران/سورة الأحزاب/سورة الممتحنة/سورة النساء/سورة الزلزلة/سورة الحديد/و سورة محمد / التي قال الله تعالي فيها { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ {21} فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {23} أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {24}/سورة محمد

[ قلت المدون وسورة محمد نزلت بعد سورة النساء بزمان، فالافساد في الارض وتقطيع الأرحام معاصي وذنوب هي بتقسيمة الآية من منظور أصحاب التأويل ليست هي الشرك المقصود في خاطر المتأولين ولو كان صحيحا أن الشرك بمفهومهم لا يغفر وما دون الشرك يغفر لنصت آيات سورة محمد  في شأن المفسدين في الأرض علي المغفرة وليس اللعن أي الطرد أبدا من رحمة الله وهذا يدل قطعا علي خطأ تصور المتأولين ونظرتهم لتفسير الآية علي النحو المعروف عندهم 

وسورة محمد نزلت بعد سورة النساء بسورتين يعني: /النساء / ثم /الزلزلة/ ثم /الحديد/ ثم /سورة محمد/] وبذلك فاللجوء إلي دعوي النسخ بين آيات سورة النساء في عدم مغفرة الشرك ومغفرة ما دون الشرك هي دعوي لم تثبت بل يجب الأخذ بكل دلالات المعاصي كشرك   وكذنوب دون الشرك 

وإذن ما هي مخارج التفسير الحق لهذه الآيات ؟؟ 
سنذكرها بمشيئة الله بعد عدة أسطر
 


 قلت المدون كما أن عدم طاعة الله وطاعة رسوله ليست حسب مفهوم المتأولين من الشرك بل هي في ناظرهم مما دون ذلك ومع هذا فقد جعل الله جزاءها هو إحباط الله لأعمالهم بإعراضهم عن الطاعة وتبين أن تصور المتأولين لهذا الفهم تصورا باطلا
قال تعالي(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {33} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ {34}/سورة محمد

وفي سورة سورة الرعد : 
/قلت المدون: نزلت بعد سورة النساء بمسافة زمنية معتبرة وفيها :
*قال الله تعالي ( لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {18}/الرعد‏

قلت المدون: قسم الله تعالي الناس يوم القيامة الي فئتين :
أ ) الفئة الأولي هم المستجيبون لله [لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى]
ب) والفئة الأخيرة هم الذين لم يستجيبوا لله[ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {18}/الرعد‏ 
وكل ما وقع من مخالفات الذين لم يستجيبوا لله.. أكثره من المعاصي التي تحقق عندهم بها عدم الاستجابة لله وهي يقينا خارجة من تحت الشرك بالله بلفظ(يشرك به) من وجهة نظر أصحاب التأويل  كعدم التوبة وكل المخالفات لما نهي الله عنه أو لما أمر الله به،[ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {18}/الرعد‏

وإذن فلا نسخ بين الآيتين بل إعمال وتوفيق بينهما علي النحو التالي




*آية سورة النساء فيها (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ..... وليس هناك في تصور دلالة الآية إلا أحد احتمالين:

 1. احتمال التصور الأول هو أن الله تعالي لا يغفر أن يشرك به سواءا بتوبة   أو بغير توبة   ففي هذا التصور (وهو تصور باطل) من يشرك بالله فقد أغلق علي نفسه طول حياته المغفرة ولا مغفرة قلت المدون وهذا التصور باطل لقول الله تعالي (إن الله يغفر الذنوب جميعا يعني لمن طلب المغفرة وبابها التوبة إليه قال تعالي( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)/سورة الزمر)
 2. احتمال التصور الثاني والأخير وهو:::أن الشرك وغيره هم من الذنوب وأن كل الذنوب تغفر بما فيها الشرك
↓↓↓↓↓↓↓↓
1.فتبين لنا أن الشرك وغيره هم من الذنوب 
2.وأن كل الذنوب تغفر بما فيها الشرك  إذا  طلب مرتكبوها المغفرة 
3.وأن لا مغفرة بدون توبة فبقي احتمال التصور الثاني وهو الحق وما دونه الباطل...
 قلت المدون / وهو الحق مطلقا أي التصور الثاني:

*وهو أن كل الذنوب في مدلولها مع تعمد اتيانها شرك وكلها إذا تاب العبد منها تصير إلي(ما دون ذلك) 


وقد أخطأ الكثير في تصوراتهم بتعاملهم مع الذنوب كعدد واهدار ماهياتها فقاموا بتقسيمها كأعداد ذنبية إلي الشرك علي اعتبار أنه رقم 1 وباقي الذنوب كل حسب عدده ليُدْخِلوها في  ما دون ذلك واعترضهم خلود بعض مرتكبي الذنوب التي لا يصفونها بالشرك.. والتي لا يعتبروها شركا عَلَمِيا.. عقوبتها: الخلود أبدا في نار جهنم مخلدين فيها ابدا، 

 ١.كقاتل نفسه،



٢.والملعون المطرود ابدا من رحمة الله ،

٣.والمتنحي عن التوبة من ذنبه حتي إذا حضره الموت قال إني تبت الآن    

٤.والذين يموتون وهم كفار،

٥.والظالمون جعل الله لهم عذاب مقيم والعذاب المقيم هو القائم الدائم أبدا - ولهم عذاب أليم - والله لا يحب الظالمين - وأن لعنة الله علي الظالمين وهلم جرا وغيره كثيرا  فكان ولا بد أن ننظر الي مدلول كلمة يُشرك بالله في الآية--- علي اعتبار ماهيتها وليس كَمَّهَا لتكون مستوعبة كل الإحتمالات وأعني بقولي: ماهيتها يعني: معاني ودلالات لفظة يُشْرَك به كم سبق بيانه في الصورة المرفقة) زكثير من النماذج الدالة علي أن من الذنوب ما هو مخلد في النار أبدا لكنه لم يذكر بلفظ الشرك وحله أن هذه الذنوب دلالة ومعنيً هي مع التعمد طاعة لغير الله تعالي من الهوي أو النفس أو الشيطان وكل هذا شرك في المعني والدلالة (شرك دلالي) والآيات لم تذكر الشرك العلمي لكن آيات سورة النساء ذكرت الإشراك بالله المستحوذ علي امتناع المغفرة بلفظ (يشرك به)وهذا صيغة المبني للمجهول التي تفيد اتيان أي نوع من الذنوب فيه دلالة الشرك وكل الذنوب المتعمدة تحتوي علي طاعة غير الله من نفس أو شيطان أو هوي أو مخلوق غير الخالق سبحانه والآية بهذا الأسلوب المبني للمجهول في تعبير الخالق لتعاطي المذنبين الشرك تجمع كل أنواع الذنوب التي فيها تعمد الإرتكاب لكونها طاعة لغير الله وأصل الشرك بالله تعالي هو طاعة غيره تعمدا وتوجه المتعمد الذنب بإتيانه إشراكا لنفس أو شيطان أو هويً من نفسه 



والله تعالي يقول في النفس وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)/سورة يوسف وقوله تعالي( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) /سورة النازعات)

 وقوله تعالي (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)/سورة البقرة )  
وقوله تعالي (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)/سورة المائدة)  

وقوله تعالي ( لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70)/سورة المائدة)  
وقوله تعالي( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) /سورة المائد )
 
وقوله تعالي(قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) /سورة يوسف) 

وفي قوله تعالي (فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)/سورة الأنبياء
وقوله تعالي(لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)/سورة الأنبياء) 

فالنفس تشتهي وما تشتهيه إما معصية لله أو طاعة له واتباع العبد لنفسه في معصية الله طاعة لنفسه هو إشراك بالله في الطاعة 
وفي قوله تعالي يصف طاعة النفس التي تؤدي إلي الخسران لكونها إشراك بالله في الطاعة 
يقول تعالي(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)/سورة الفرقان) 
وقوله تعالي (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)/سورة النمل)

 فالنفس الراضية بمخالفة طاعة الله لصحبها قد أشرك صاحبها بالله في طاعته وانضوي تحت مدلول (يُشرك به

وقوله تعالي( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)/سورة الأحزاب)  
وقوله تعالي(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)/سورة ق 

وقوله تعالي(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) سورة التغابن)

|                                                            
وفي الهوي





قال الله تعالي: ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)/سورة الجاثية 
 قال الله تعالي: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ  وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)/سورة الأعراف

قال الله تعالي: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)/سورة الكهف

قال الله تعالي: (إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)/سزرة طه

قال الله تعالي: (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43)/سورة الفرقان

قال الله تعالي: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)/سورة القصص
/                                                                  



ومودة بينكم في الحياة الدنيا يتخذها الناس أوثانا بينهم 
قال تعالي( وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (25)/سورة العنكبوت
|                                                                         
وفي طاعة الشيطان



قال الله تعالي: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)/سورة مريم

/ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)/سورة النساء
اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21)/سورة المجادلة

/ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)/سورة النور

/يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا  وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)/سورة البقرة

/الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)/سورة البقرة
/وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38)/سورة النساء
/وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)/سورة النساء
/وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)/سورة الأنعام
/وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)/الإسراء
/قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64)/الإسراء
/وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)/سورة طه
/ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) /سورة الفرقان
/ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)سورة لقمان
/وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)/سورة يس
/ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)/سورة فصلت
 
/ وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)/سورة الزخرف
/ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)/سورة محمد
/ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)/سورة الحشر
  =========

النفس والشيطان والهوي ومودة بينكم + كتاب من درر العلامة ابن القيم عن النفس  لفهد بن عبدالعزيز الشويرخ  

بسم الله الرحمن الرحيم

من درر العلامة ابن القيم عن النفس

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن المواضيع التي تحدث عنها العلامة ابن القيم رحمه الله في بعض مصنفاته: موضوع " النفس ", وقد يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً من أقواله, أسأل الله أن ينفع بها الجميع

كتاب: روضة المحبين ونزهة المشتاقين

النفوسُ الشريفة الزكَّيةُ العلوية تعشقُ صفات الكمال:

النفوسُ الشريفة الزكَّيةُ العلوية تعشقُ صفات الكمال بالذَّات, فأحبُّ شيء إليها العلمُ والشَّجاعةُ والعفَّةُ والجودُ والإحسانُ, والصبر, والثبات, لمناسبة هذه الأوصاف لجوهرها, بخلاف النفوس اللئيمة الدنيَّة فإنها بمعزل عن محبة هذه الصفات, وكثير من الناس يحمله على الجود والإحسان فرطُ عشقه ومحبَّته له, والَّلَّذة التي يجدها في بذله, كما قال المأمون: لقد حُبب إلى العفو حتى خشيت ألاَّ أُؤجر عليه. وقيل للإمام أحمد رحمه الله: تعلمت هذا العلم لله ؟ فقال: أما لله فعزيز, ولكن شيء حُببَّ إلي, ففعلته. وقال آخر إني لأفرحُ بالعطاء وألتذُّ به أعظم مما يفرحُ الآخذ بما يأخذه مني

وكثير من الأجود يعشق الجود أعظم عِشق, فلا يصبر عنه مع حاجته إلى ما يجود به, ولا يقبلُ فيه عذل عاذلٍ, ولا تأخذه لومة لائم, وأما عشّاق العلم فأعظمُ شغفاً به وعشقاً له من كل عاشقٍ بمعشوقه, وكثير منهم لا يشغلُهُ عنه أجمل صورة من البشر.

قيل لامرأة الزبير بن بكار – أو غيره – هنيئاً لك, إذ ليست لك ضرَّة, فقالت: والله لهذه الكتبُ أضرُّ عليَّ من عدَّة ضرائر. فعشقُ صفاتِ الكمال من أنفع العشق وأعلاه وإنما يكون بالمناسبة التي بين الروح وتلك الصفات.

أقسام النفوس ومحابِّها:

النفوس ثلاثة: نفس سماوية عُلوية, فمحبتها منصرفة إلى المعارف, واكتساب الفضائل, والكمالات الممكنة للإنسان, واجتناب الرذائل, وهي مشغوفة بما يقربها من الرفيق الأعلى, وذلك قُوتُها, وغذاؤُها, ودواؤًها, واشتغالها بغيره هو داؤُها.

ونفس سبعية غضبية, فمحبتها منصرفة إلى القهر, والغي, والعلو في الأرض, والتكبر, والرئاسة على الناس بالباطل, فلذتها في ذلك, وشغفُها به.

ونفس حيوانية شهوانية, فمحبتها منصرفة إلى المأكل, والمشرب, والمنكح, وربما جمعت بين الأمرين, فانصرفت محبَّتُها إلى العلو في الأرض, والفساد.

الملائكة أولياء لأصحاب النفس السماوية العلوية:

الملائكة أولياء هذا النوع في الدنيا والآخرة, قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ﴾ [فصلت:30_32] فالملك يتولى من يناسبه بالنصح له والإرشاد....وإلقاء الصواب على لسانه, ودفع عدوه عنه, والاستغفار له إذا زلَّ, وتذكيره إذا نسى, وتسليته إذا حزن, وإلقاء السكينة في قلبه إذا خاف, وإيقاظه للصلاة إذا نام عنها, وإيعاد صاحبه بالخير, وحضَّه على التصديق بالوعد, وتحذيره من الركون إلى الدنيا, وتقصير أمله, وترغيبه فيما عند الله, فهو أنيسه في الوحدة, ووليه, ومعلِّمه, ومثبتُه, ومسكِّن جأشِه, ومرغبِّه في الخير ومحُذرة من الشرَّ, يستغفر له إن أساء, ويدعو له بالثبات إن أحسن, وإن بات طاهراً يذكر الله بات معه في شعاره, فإن قصده عدو له بسوءٍ وهو نائم, دفعه عنه.

ــ[]

الشياطين أولياء لأصحاب النفوس السبعية الغضبية:

الشياطين أولياء النوع الثاني قال تعالى: ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ [النحل:63]

وقال تعالى: ﴿وإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الكهف:50]

فهذا النوع بين نفوسهم وبين الشياطين مناسبة طبيعية, بها مالت أوصافهم, وأخلاقهم, وأعمالهم, فالشياطين تتولاهم بضدِّ ما تتولى به الملائكة من ناسبهم, فتؤزُّهم إلى المعاصي أزّاً, وتزعجهم إليها إزعاجاً, ويزينون لهم القبائح, ويخففونها على قلوبهم, ويحلونهم في نفوسهم, ويثقلون عليهم الطاعات ويُثبطونهم عنها, ويقبحُونها في أعينهم, ويلقون على ألسنتهم أنواع القبيح من الكلام, وما لا يفيد, ويزينونه في أسماع من يسمعه منهم, يبيتون معهم حيث باتوا, ويقيلون معهم حيث قالوا, ويشاركونهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم, يأكلون معهم ويشربون معهم وينامون معهم. قال تعالى: ﴿وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا [النساء:38]

كتاب: بدائع الفوائد

النفس كالعدو:

النفس كالعدو إن عرفت صولة الجدِّ منك استأسرت لك, وإن أنست عنك المهانة أسرتك, امنعها ملذوذ مُباحاتها ليقع الصلح على ترك الحرام, فإذا ضجت لطلبِ المباح: ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً [محمد:4]

 

ــــــــــــــــــــ

كتاب: الروح

النفس اللوامة:

اللوامة, هي التي أقسم بها سبحانه في قوله: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾  [القيامة:2] فاختلف فيها, فقالت طائفة: هي التي لا تثبتُ على حال واحدة. أخذوا اللفظة من التلوم, وهو التردد, فهي كثيرة التقلب والتلون, وهي من أعظم آيات الله, فإنها مخلوق من مخلوقاته تتقلب وتتلون في الساعة الواحدة – فضلاً عن اليوم والشهر والعام والعمر – ألواناً متلونةً, فتذكُر وتغفل, وتقبل وتُعرض, وتلطف وتكثف, وتنيب وتجفو, وتحب وتبغض, وتفرح وتحزن, وترضى وتغضب, وتطيع وتعصي, وتتقي وتفجر, إلى أضعاف ذلك من حالاتها وتلونها. فهذا قول.

وقالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم...فإن كل أحد يلوم نفسه, براً  كان أو فاجراً, فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية الله وترك طاعته, والشقي لا يلومها إلا على فوات حظها وهواها...وقالت فرقة أخرى: هذا اللومُ يوم القيامة, فإن كل أحد يلوم نفسه: إن كان مسيئاً على إساءته, وإن كان محسناً على تقصيره.

وهذه الأقوال كلها حق ولا تنافي بينها فإن النفس موصوفة بهذا كلِّه, وباعتباره سميت لوامة, ولكن اللوامة نوعان: لوَّامة ملُومة: وهي النفس الجاهلة الظالمة, التي يلومها الله وملائكته. ولوَّامة غيرُ ملومة: وهي التي لا تزال تلومُ صاحبها على تقصيره في طاعة الله مع بذله جهده, فهذه غير ملومة.

وأشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة الله, واحتملت ملائم اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلصت من لوم الله لها, وأما من رضيت بأعمالها...ولم تحتمل في الله ملام اللُّوام, فهي التي يلومها الله عز وجل.

ــــــــــ

النفس الأمارة:

النفس الأمارة فهي المذمومة, فإنها تأمر بكل سوء. وهذا من طبيعتها إلا من وفقها الله, وثبتها, وأعانها. فما تخلص أحد من شر نفسه إلا بتوفيق الله له, كما قال تعالى حاكياً عن امرأة العزيز: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [يوسف:53] وقال تعالى: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ ﴾ [النور:21] وقال تعالى لأكرم خلقه عليه وأحبهم إليهم: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء:74]

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم خطبة الحاجة: ( إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له) فالشر كامن في النفس, وهو موجب سيئات الأعمال, فإن خلى الله بين العبد وبين نفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال, وإن وفقه وأعانه نجاه من ذلك كله. فنسأل الله العظيم أن يعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

النفس المطمئنة:

النفس المطمئنة هي أقلُّ النفوس البشرية عدداً, وأعظمها عند الله قدراً, وهي التي يقال لها : ﴿ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً* فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*
وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر:28-30] والله سبحانه المسؤول المرجو الإجابة, أن يجعلنا نفوسنا مطمئنةً إليه, عاكفةً بهمتها عليه, راهبةً منه, راغبةً فيما لديه, وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, وأن لا يجعلنا ممن أغفل قلبه عن ذكره, واتبع هواه, وكان أمره فرطاً.

ـــــــــــــــــ

تأثير النفس في غيرها:

تأثيرات النفوس بعضها في بعض أمر لا ينكره ذو حسٍّ سليم ولا عقل مستقيم. ولاسيما عند تجردها نوع تجرد عن العلائق والعوائق البدنية, فإن قواها تتضاعف وتتزايد بحسب ذلك, ولاسيما عند مخالفة هواها وحملها على الأخلاق العالية...وتجنبها سفساف الأخلاق ورذائلها وسافلها, فإن تأثيرها في العالم يقوي جداً تأثيراً يعجز عنه البدن, وأعراضه: أن تنظر إلى حجر عظيم فتشُقَّه, أو حيوان كبير فتتُلفه, أو نعمة فتزيلها, وهذا أمر قد شاهده الأمم على اختلاف أجنساها وأديانها, وهو الذي يسمى: إصابة العين, فيضيفون الأثر إلى العين, وليس لها في الحقيقة وإنما هو للنفس المتكيفية بكيفية رديَّة سُمِّيَّة, وقد يكون بواسطة العين, وقد لا يكون, بل يوصف له الشيء من بعيد, فتتكيف عليه نفسه بتلك الكيفية فتفسده.

كتاب: الفوائد

شهود عيوب النفس:

شهود العبد ذنوبه وخطاياه توجب له أن لا يرى لنفسه على أحدٍ فضلاً, ولا له على أحدٍ حقاً وإذا شهد ذلك من نفسه لم يرَ لها على الناس حقوقاً من الإكرام يتقاضاهم إياها ويذمُّهم على ترك القيام بها...فيرى أنَّ من سلَّم عليه أو لقيه بوجهٍ منبسط فقد أحسن إليه, وبذل له ما لا يستحقه, فاستراح هذا في نفسه, وأراح الناس من شِكايته وغضبه على الوجود وأهله, فما أطيب عيشه! وما أنعم باله! وما أقرَّ عينه!.

التضيق على النفس, والتوسيع عليها:

النفس كلما وسعت عليها ضيَّقت على القلب حتى تصير معيشته ضنكاً, وكلما ضيَّقت عليها وسَّعت على القلب حتى ينشرح وينفسح.

ــــــــــــــــــ

الاشتغال بعيوب النفس:

& طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس, وويل لمن نسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس. هذا من علامة الشقاوة, كما أن الأول من أمارات السعادة.

& من شغل بنفسه شُغل عن غيره, ومن شُغل بربِّه شُغل عن نفسه.

& من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس

من عرف نفسه عرف ربه:

من عرف نفسه عرف ربه, فإنه من عرف نفسه بالجهل والظلم والعيب والنقائص والحاجة والفقر والذُّل والمسكنة والعدم, عرف ربه بضد ذلك, فوقف بنفسه على قدرها, ولم يتعد بها طورها, وأثنى على ربه ببعض ما هو أهله, وانصرفت قوة حُبِّه وخشيته ورجائه وإنابته وتوكله إليه وحده, وكان أحبَّ شيء إليه وأخوف شيء عنده وأرجاه له, وهذا هو حقيقة العبودية. والله المستعان.

مجاهدة النفس تُذهبُ أخلاقها المذمومة:

سبحان الله في النفس: كبرُ إبليس, وحسد قابيل, وعُتُوُ عاد, وطغيانُ ثمود, وجرأة نمرود, واستطالة فرعون, وبغي قارون, وقحة هامان, وحيل أصحاب السبت, وتمرُّدُ الوليد, وجهل أبي جهل

وفيها من أخلاق البهائم : حرص الغراب, وشره الكلب, ورعونة الطاووس, ودناءة الجُعل, وعقوق الضب, وحقد الجمل, ووثوب الفهد, وصولة الأسد, وفسقُ الفارة, وخُبثُ الحية, وعبث القرد, وجمع النملة, ومكر الثعلب, وخفَّةُ الفراش, ونوم الضبع, غير أنُّ الرياضة والمجاهدة تُذهبُ ذلك.

 

ـــــــــــــــــــ

جهل الإنسان بمصالح نفسه:

والعبدُ - لجهله بمصالح نفسه, وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه – لا يعرف التفاوت بين ما مُنِعَ منه وبين ما ذُخِرَ له, بل هو مولع بحبِّ العاجل وإن كان دنيّاً, وبقلَّةِ الرغبة في الآجل وإن كان علياً.

ولو أنصف العبد ربه – وأنَّى له بذلك – لعَلِمَ أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك, فما منعه إلا ليُعطيه, ولا ابتلاه إلا ليُعاقبه, ولا امتحنه إلا ليصافيه, ولا أماته إلا ليحييهُ, ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتاهَّب منها للقدوم عليه وليسلك الطريق الموصلة إليه.

كتاب: طريق الهجرتين وباب السعادتين

غنى النفس:

غنى النفس...استقامتها على الأمر الديني الذي يحبه الله ويرضاه, وتجنبها لمناهيه التي يسخطها ويُبغضها, وأن تكون هذه الاستقامة على الفعل والترك تعظيماً لله وأمره, وإيماناً به, واحتساباً لثوابه, وخشية من عقابه, لا طلباً لتعظيم المخلوقين له ومدحهم, وهرباً من ذمهم وازدرائهم, وطلباً للجاه والمنزلة عندهم, فإن هذا دليل على غاية الفقر من الله, والبعد منه, وأنه أفقر شيء إلى المخلوق.

فسلامة النفس من ذك واتصافها بضده دليل غناها, لأنها إذا أذعنت منقادةً لأمر الله طوعاً واختياراً ومحبةً وإيماناً واحتساباً, بحيث تصير لذتها وراحتها ونعيمها وسرورها في القيام بعبوديته, كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( يا بلال أرحنا بالصلاة )) ,وقال صلى الله عليه وسلم: (( حُبِّب إلى من دنياكم النساءُ والطيبُ, وجعلت قُرَّةُ عيني في الصلاة ))

ــــــــــــــــ

كتاب: التبيان في أيمان القرآن

النفس اللوامة:

كل نفس لوامة؛ فالنفس السعيدة تلوم على فعل الشر وترك الخير فتبادر إلى التوبة، والنفس الشقية بالضد من ذلك.

ونبَّه سبحانه بكونها لوامة على شدة حاجتها وفاقتها وضرورتها إلى مَن يعرفها الخير والشر، ويرشدها إليه ويلهمها إياه، فيجعلها مريدة للخير مؤثرة له، كارهة للشر مجانبة له.

النفس المعطية:

النفس المعطية: هي النفاعة المحسنة التي طبعها الإحسان وإعطاء الخير اللازم والمتعدي، فتعطي خيرها لنفسها ولغيرها، فهي بمنزلة "العين" التي ينتفع الناس بشربهم منها، وسقي دوابهم وأنعامهم وزروعهم، فهم ينتفعون بها كيف شاؤوا فهي ميسرة لذلك، وهكذا الرجل المبارك ميسر للنفع حيث حلَّ، فجزاء هذا أن ييسره الله لليسرى كما كانت نفسه ميسرةً للعطاء.

كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد

مراتب جهاد النفس:

جهاد النفس أربع مراتب

إحداها: أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق.

الثانية: أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه.

الثالثة: أن يُجاهدها على الدعوة إليه, وتعليمه من لا يعلمه

الرابعة أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله, وأذى الخلق.

ـــــــــــــــ

رياضة النفوس:

& رياضة النفوس بالتعلم والتأدب, والفرح والسرور, والصبر والثبات, والإقدام والسماحة, وفعل الخير, ونحو ذلك مما ترتاض به النفوس.

& النفوس...من أعظم رياضتها: الصبر والحب, والشجاعة والإحسان, فلا تزال ترتاض بذلك شيئاً فشيئاً حتى تصير لها هذه الصفات هيئات راسخة, وملكات ثابتة.

& من لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرت به, وتترك ما نهيت عنه, ويُحاربها في الله, لم يُمكنه جهاد عدوه في الخارج, فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه, وعدوه الذي بين يديه قاهر له, متسلط عليه, لم يجاهده, ولم يحاربه في الله.

كتاب: إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

ظهور ما في النفس من طيب وخبث على الجسد:

النفس النجسة الخبيثة يقوى خبثها ونجاستها حتى يبدو على الجسد, والنفس الطيبة بضدها, فإذا تجردت وخرجت من البدن وُجِدَ لهذه كأطيب نفحة مسكٍ وجدت على وجه الأرض, ولتلك كأنتن ريح جيفةٍ وجدت على وجه الأرض.

لجهل النفس تضع الداء موضع الدواء:

النفس...لجهلها تظن شفاءها في اتباع هواها وإنما فيه تلفها وعطبها ولظلمها...تضع الداء موضع الدواء فتعتمده وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه فيتولد من بين إيثارها للداء واجتنابها للدواء أنواع من العلل التي تُعيي الأطباء ويتعذر معها الشفاء.

فوائد محاسبة النفس:

في محاسبة النفس عدة مصالح: منها: الاطلاع على عيوبها, ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته, فإذا اطلع على عيبها مقتها في ذات الله.

ـــــــــــــــــــ

& من فوائد محاسبة النفس: أنه يعرف بذلك حق الله عليه, ومن لم يعرف حق الله عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه, وهي قليلة المنفعة جداً.

& من فوائد محاسبة النفس النظر في حق الله على العبد, فإن ذلك يورثه مقت نفسه, والإزراء عليها, ويخلصه من العجب ورؤية العمل, ويفتح له باب الخضوع والذل والانكسار بين يدي ربه, واليأس من نفسه, وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله.

كتاب: مدارج السالكين في منازل السائرين

السخط على النفس:

قد قيل: علامة رضا الله عنك سخطك على نفسك, وعلامة قبول العمل احتقاره واستقلاله وصغره في قلبك, حتى إن العارف ليستغفر الله عقيب طاعاته.

سوء الظن بالنفس, إنما احتاج إليه لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويُلبس عليه, فيرى المساوئ محاسن, والعيوب كمالاً,...ولا يسيءُ الظن بنفسه إلا من عرفها, ومن أحسن ظنه بها فهو من أجهل الناس بنفسه!

رياضة النفس:

من منازل ﴿ِإيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾  الرياضة, وهي تمرين النفس على الصدق والإخلاص...تمرينها على قبول الصِّدق إذا عرضه عليها في أقواله وأفعاله وإرادته, فإذا عرض عليها الصدق قبلته وانقادت له وأذعنت له وقبول الحق ممن عرضه عليه.

* تهذيب الأخلاق بالعلم المراد به إصلاحها وتصفيتها بموجب العلم فلا يتحرك بحركةٍ ظاهرةٍ أو باطنةٍ إلا بمقتضى العلم, فتكون حركاتُ ظاهره وباطنه موزنةً بميزان الشرع.

كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

مثلث الإنسان : قلبه ونفسه والشيطان لخالد بن صالح الغيص

مثلث الإنسان : قلبه ونفسه والشيطان بقلم خالد بن صالح الغيص لقد قمتُ بنشر التغريدة التالية :" المسلم في مثلث.. أضلاعه الثلاثة: هو (أي قلبه) ونفسه والشيطان، ومن قوانين المثلثات الهندسية أنّه : اذا جمعت طول أي ضلعين كانا أطول من الضلع الثالث ، وهكذا شأن المسلم في مثلثه : فالغلبة دائما للضلعين على حساب الثالث، فأنت (أي قلبك) ضلع، والشيطان ضلع وهو عدوك لا تستطيع أن تُجمع معه ، فبقيت "النفس" الضلع الثالث التي يتنافس عليها الضلعان الآخران فإيّهما جمعها معه كان هو الأطول والغلبة له !! فاجتهد على نفسك فإن كانت في صفك كانت الغلبة لك ضد الشيطان ." فسئلتُ عن معناها وماذا أقصد بها والدليل عليها ، فأقول وبالله تعالى التوفيق : الطبيعة الهندسية للمثلث معروفة ومتفق عليها وهي : أنّك لو قستَ طول أي ضلعين من أضلاعه الثلاثة وجمعت الناتج لوجدته أطول من طول الضلع الثالث ، وهذه حقيقة ثابتة لا تتغير ، ثمّ أني وجدتُ أنّ هذه الطبيعة – بعد استقرائي لآيات القرآن الكريم والسنة النبوية والتي سأذكرها ان شاء الله لاحقا - موجودة في الإنسان الروحي في سيره الى الله مع عدوه الشيطان . فالإنسان عبارة عن روح وجسد مادي ، وحديثي عن الإنسان الروحي الذي هو متمثل أولا : بقلبه الذي هو اللبّ وبه العقل والتدبير وهو الملك المتحكم بالإنسان ، ثم ثانيا نفسه التي تعيش بين جنبيه ، وهو سائر في هذه الدنيا الى أن يلقى ربه كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) الانشقاق، ودخل عليه في سيره الى الله الشيطان ليقطعه عليه ، ليكون الشيطان بتدخله هذا العنصر الثالث في حياة الإنسان فجعلته الضلع الثالث في مثلث الانسان . فالمؤمن في سيره وكدحه في الدنيا الى أن يلقى ربه يشبه المثلث في طبيعته ، دائما الغلبة للضلعين على حساب الثالث: فأنت بقلبك عقلك ضلع ، ونفسك ضلع ، والشيطان ضلع، فبذلك يتكون مثلث الإنسان ، فأنت والشيطان ضلعان ضدان عدوان لا تقبلان الجمع مع بعضكما –في العموم- فلم يبق إلا ضلع النفس فأي منكما استطاع أن يستميل النفس نحوه فاجتمعت معه كانت له الغلبة ضد عدوه الآخر ،، وهذه هي طبيعة المثلث فالغلبة للضلعين على حساب الآخر . وهذا يجده أحدنا في سيره الى الله تعالى ، فأنت مثلا في صلاتك أحيانا تخشع في دعائك وقد تبكي ، بينما لا تخشع فيها عند قراءتك للقرآن !؟ وذلك لأن نفسك عند الدعاء كانت في جانبك وفي صفك فكانت معك ضد شيطانك ، فهي عند الدعاء تريد حاجتها من الله تعالى وحظها فلذا هي معك فتكون الغلبة لكما ضد الشيطان، قال ابن تيمية رحمه الله : "قال بعض الشيوخ : إنّه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك ، لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضي انصرفت . وفي بعض الإسرائيليات: يا ابن آدم البلاء يجمع بيني وبينك ، والعافية تجمع بينك وبين نفسك . وهذا المعنى كثير وهو موجود مذوق محسوس بالحس الباطن للمؤمن".(مجموع الفتاوى 10/333 )، وأما عند قراءتك للقرآن فنفسك ليست معك – إلا اذا كنت من الخاشعين– فتكون الغلبة للشيطان ، وكذلك اذا مرت بقرب أحدنا امرأة فإنّه يجد صعوبة بصرف بصره عنها بل قد يستعيذ بالله من الشيطان ولا ينصرف بصره عنها ، وذلك لأن نفسك لا تطاوعك بصرف بصرك عن المرأة ، نفسك تريد النظر إليها ، فهي في صف الشيطان وليست في صفك فكانت الغلبة للشيطان . لذا كانت " نفسك " هي ساحة المعركة الحقيقة مع الشيطان وهي المعترك ، فمن فاز بصحبتها كانت الغلبة له ، والنفس قد جُبلت على حب الشهوات والملذات والميل الى الدعة والراحة والدنيا ، وفُطرت على الجهل والظلم وهي بهذه الصفات تكون فريسة سهلة للشيطان ، يسهل عليه اغواؤها فتكون في صفه ضدك ، فالمحصلة النهائية لمعركتك الحقيقية هي" نفسك" ، قال الله تعالى : وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ..(22) ابراهيم ، وقال علماؤنا رحمهم الله :" وقد اتفق السالكون إلى الله على اختلاف طرقهم وتباين سلوكهم على أنّ النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الرب وأنّه لا يدخل عليه سبحانه ولا يوصل إليه إلا بعد إماتتها وتركها بمخالفتها والظفر بها فإنّ الناس على قسمين : قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته وصار طوعاً لها تحت أوامرها وقسم ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت طوعاً لهم منقادةً لأوامرهم ، قال بعض العارفين : انتهى سفر الطالبين إلى الظفر بأنفسهم فمن ظفر بنفسه أفلح وأنجح ومن ظفرت به نفسه خسر وهلك قال تعالى : فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات ، فالنفس تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا والرب يدعو عبده إلى خوفه ونهي النفس عن الهوى ، والقلب بين الداعيين يميل إلى هذا الداعي مرة وإلى هذا مرة وهذا موضع المحنة والابتلاء ". (إغاثة اللهفان)، و " أنّ النفس من أشد أعداء الإنسان الداخليين لأنها تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا ، وسائر أمراض القلب إنما تنشأ من جانبها، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يسأل الله تزكية نفسه ، كما في حديث زيد بن أرقم عند مسلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا" ، وكان يستعذ بالله من شرها كما في خطبة الحاجة عند ابي داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خُطْبَةَ الْحَاجَةِ « إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا". وكان يعلم خير أصحابه الاستعاذة من شرها صباحاً ومساءً كما في سنن الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، قَالَ: قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ. (تزكية النفس لمحمد بن جدو بتصرف). ومن ثَمّ أمر الله تعالى بتزكية النفس ورعايتها ونهى عن دسّها كما في سورة الشمس بعد الأقسام العظيمة : "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)". فتزكيتك لنفسك وترويضك لها وحملها على الخير هو ما يجعلها في صفك وجانبك ضدّ عدوك الشيطان ، وهكذا فتحملها على الخير دائماً حتى تتعوّد عليه ويكون من شيمتها فتطلبه وتعينك عليه ، واذا تركتها ألفت الراحة واللّذة ولم تُطاوعك عندما تريد منها الخير كما قال البوصيري في قصيدته : والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمةٌ وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلْمَرءِ قاتِلَةً من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكمَاً فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ يقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : "ومعلوم أنّ الواجب على كل إنسان أن يبادر بالصلوات الخمس في وقتها في الجماعة ، ويحافظ عليها ويدع أشغاله وقت الصلاة ، ويدع النوم وقت الصلاة وغير ذلك مما يصده عن الصلاة ، ولا شك أن ذلك صعب على بعض النفوس لكن الإنسان إذا روّض نفسه وجاهدها صارت هذه الأعمال نعيماً يجده في قلبه ، وصارت نفسه مطيةً له في هذا تطاوعه ؛ لأنه روّضها وجاهدها فتكون بعد ذلك مطيةً ذلولاً تساعده على طريق الخير ؛ لأنه عودها الخير وروّضها عليه ، فإذا جاء وقت الصلاة نشط قلبك وارتحت لحضورها وبادرت بكل سرور وبكل راحة ، وهكذا بقية الأعمال ، وإذا تساهلت في ذلك وتهاونت بذلك وأطعت النفس الأمارة بالسوء في الجلوس على الملاهي ، أو في التحدث مع الأصحاب ، أو في النوم وقت صلاة الفجر أو وقت صلاة العصر إلى غير ذلك ، لعب عليك الشيطان وتكاثف الحجاب عليك وعلى قلبك ، واشتد الهوى وعظم ، وضعفت الرغبة فيما عند الله ، وصارت الصلاة ثقيلة وشديدة ؛ لأن القلب قد وهن وضعف بطاعة الهوى والشيطان وما زينه للعبد من التثاقل والتعلل بما يضر العبد من الرجاء."( مجموع فتاوى ابن باز (14/ 26)). فالمؤمن في حياته وسيره الى الله يجاهد في جبهات متعددة ، فهو يجاهد نفسه والشيطان والمنافقين والكفار ، ولكن إن هو انتصر في جبهة "نفسه" هانت عليه بقية الجبهات ، لأنه لن يجاهد لوحده بل يجاهد ومعه نفسه تعينه على جهاده ، فهي في صفّه ضدّ الشيطان فتكون الغلبة له ، ولن يغلب ضلعٌ ضلعين ، فاذا أردت أن تكون نفسك معك وفي صفّك ضد شيطانك مثلاً عند غضّك لبصرك فعليك أن تلزمها بغضّ البصر وتجاهدها مرة بعد أخرى وتذكّرها بالله تعالى وتخوّفها به وتروّضها حتى تطاوعك بعد ذلك ويكون غضّ البصر سجية لها وهكذا بقية الأعمال . وأخيراً ،،، أنصح بقراءة مقال تزكية النفس لمحمد بن جدو لمعرفة خطوات تزكية النفس . والله تعالى أعلى وأعلم خالد بن صالح الغيص 1من محرم 1440هـ ksmksmg@g mail.com.

 


=


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق