السبت، 30 يونيو 2018

أنواع المنافقين



أنواع المنافقين
إن المنافقين في الغالب الأعمِّ بين طبقتين من طبقات المجتمع  :
الطبقة الأولى: طبقةُ السادة المُترَفين، الذين يَحقِدونَ على دعاة الإسلام، وحقائق الدين، ورجال الدعوة، ويخشَون منافستهم لهم في سلطانهم، وصرفَ الناس عنهم.
يتوهَّمون أن الإمارة وَقْفٌ عليهم، فهم لذلك يطلبونها ويقاتلون من أجلها، وفى سبيلها يعبدون الظهور، ويحاربون كل إنسان ظهر واشتهر. ولو كان هذا الإنسان لم يقصد ذلك، إنما جريرته هي حسن خلقه، وطيب سريرته، واستقامته.
إن أنانيَّة هؤلاءِ تملك عليهم كل سبيل، وتطغَى على كل دافع من دوافع الخير، فيجرِّدون حملات الجند والأعوان لحرب المؤمنين إن كانوا ضعافًا، ويرمونهم بالكفر والخروج والإرهاب.
وإن كان المؤمنون أقوياء آوَوْا إلى صفوفهم، لا ليكونوا مؤمنين، ولكن ليدبروا لهم في الخفاء، ويبيتوا لهم في الظلام.
وذلك ما فعله عبد الله بن أبيّ بن سلول ومَن ظاهَرَهُ، حينما رأى دين الله عز وجل قد انتصر، وعلِم ألا طاقة له بمقاومة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فتظاهر باعتناقِ الدين الجديد كي يتمكَّن من العمل من وراء ستار.. ولكن اللهَ عز وجل كشف سرَّهُ، وهتَكَ سِتْرَهُ، وأبان لرسوله صلى الله عليه وسلم سوءَ فعلِه، وأنزل فيه قرآنًا يُتلى على الناس إلى يوم الدين.
الطبقة الثانية: طبقة الأتباع الرِّعاع والدَّهْماء، وهم من عُرِفَ عنهم الكبرياء والصَّلَف، والقسوة والغِلْظة.
إن من يفعل مثلما فعل (نبتل) من سَرِقة الأخبار للمنافقين، لا يكون إلا ضعيف الشخصية، مأمورًا من سادته، أو مأجورًا لهم بالمال. يفعل ذلك لا يضيره أن تتنزل نفسيته الوضيعة إلى هذا المستوى... كل ذلك بغية إرضاء سادته، أو القبول عندهم، أو أن يحوز المال.
استهوتهم المنافع الشخصية والمادية، فأنستهم الحياةَ الإيمانيةَ، وهي حلاوة الروح وعذوبتها، فآثروا سعادة البدن، وفضَّلوا شقاء الروح، مع أن الشاعر يقول لأمثالهم:
لامثالهم 

يا خادِمَ الجِسم كَمْ تَشْقَى بخِدْمَتهِ
لِتطلُبَ الرَّبحَ فيما فيه خُسْرانُ
أقبِلْ على النَّفسِ فاستكمِلْ فضائلَها
فأنتَ بالنَّفسِ لا بالجِسمِ إنسانُ

ويقول غيره:
يا راَقِدَ اللَيلِ مَسْروراً بِأَوَّلِهِ
إِنَّ الحَوادِثَ قَدْ يَطرُقْنَ أَسْحارا
لا تَفْرَحَنَّ بِلَيلٍ طابَ أَوَّلُهُ
فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارا

أرضَوْا شهواتهم البهيميَّة، وسيطرة سادتهم وكبرائهم، وهم في الحقيقة: الطبقة المسكينة التي يقع عليها المَغْرَمُ، وللسادة المُترَفين المَغْنَمُ... ومَرَدُّ الفِئتين إلى النار وبئس المصير - إذا لم تتداركهم رحمة الله. عز وجل، وعنايته بتوبةٍ نصوحٍ من النِّفاق.
الطبقة الثالثة: وهم مَن تستهويهم المنافع الشخصية، أو يستدرجهم الحقد الدفين إلى مهاوي الهلاك، ومواطن الفتنة والدمار، من المُعجبين والمتشبهين بالطبقتين، والمدافعين عنهم.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق