السبت، 24 نوفمبر 2018

تحفة الطالب - النّسخ قَوْله وَنسخ التَّوَجُّه وَالْوَصِيَّة للأقربين بالمواريث سَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى هَذَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ من هَذَا الْبَاب

تحفة الطالب - النّسخ
قَوْله وَنسخ التَّوَجُّه وَالْوَصِيَّة للأقربين بالمواريث سَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى هَذَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ من هَذَا الْبَاب

قَوْله وَأَيْضًا فَإِنَّهُ وَقع كنسخ وجوب الْإِمْسَاك بعد الْفطر وَتَحْرِيم إدخار لُحُوم الْأَضَاحِي
(1/373)
هَذَانِ حديثان الاول د
(264)
رَوَى أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب النَّاسِخ والمنسوخ عَن حجاج بن مُحَمَّد الْأَعْوَر عَن ابْن جريج وَعُثْمَان بن عَطاء عَن عَطاء بن أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله { كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب عَلَى الَّذين من قبلكُمْ } قَالَ كَانَ كِتَابه عَلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن الْمَرْأَة أَو الرجل كَانَ يَأْكُل وَيشْرب وينكح مَا بَينه وَبَين أَن صَلَّى الْعَتَمَة أَو يرقد فَإِذا صَلَّى العتمه أَو رقد منع ذَلِك إِلَى مثلهَا من الْقَابِلَة فنسختها هَذِه الْآيَة { أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفا عَنْكُم فَالْآن باشروهن وابتغوا مَا كتب الله لكم وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر }
(1/374)
هَذَا الْإِسْنَاد فِيهِ شَيْئَانِ
أَحدهمَا أَنه قد تكلم البُخَارِيّ فِي عَطاء الخرساني وَقَالَ أَحَادِيثه مَقْلُوبَة وَوَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل ويحي بن معِين وَأحمد بن عبد الله الْعجلِيّ وَغَيرهم
الثَّانِي أَن رِوَايَة عَطاء هَذَا عَن ابْن عَبَّاس فِيهَا انْقِطَاع فَإِنَّهُ لم يسمع مِنْهُ
(265)
لَكِن يسدد هَذَا مَا رَوَى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ كَانَ اصحاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا كَانَ الرجل   صَائِما فَحَضَرَ الافطار فَنَامَ قبل أَن يفْطر لم ياكل ليلته وَلَا يَوْمه حَتَّى يُمْسِي 22 ب وَإِن قيس بن صرمة الانصاري كَانَ صَائِما فَلَمَّا حضر الافطار أَتَى امْرَأَته فَقَالَ أعندك طَعَام قَالَت لَا وَلَكِن أَنطلق فأطلب لَك وَكَانَ يَوْمه يعْمل فغلبته عبنه فَجَاءَت امْرَأَته فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَت خيبة لَك فَلَمَّا انتصف النَّهَار غشي عَلَيْهِ فَذكر ذَلِك للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت هَذِه الْآيَة { أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم } فَفَرِحُوا بهَا فَرحا شَدِيدا نزلت { وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْرواما الثَّانِي وَهُوَ تَحْرِيم ادخار لُحُوم الاضاحي
(266)
فَعَن بُرَيْدَة بن الْحصيب الاسلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَهَيْتُكُمْ عَن زياره الْقُبُور فزوروها ونهيتكم عَن لُحُوم الاضاحي فَوق ثَلَاث فأمسكوا مَا بدا لكم الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم  قَوْله لنا مَا تقدم وَبِأَنَّهُ نسخ التَّخْيِير فِي الصَّوْم والقدية وَصَوْم عَاشُورَاء برمضان وَالْحَبْس فِي الْبيُوت بِالْحَدِّ
هَذِه ثَلَاثَة أَحْكَام
الأول هُوَ نسخ التَّخْيِير بَين الصَّوْم والفدية برمضان
(267)
عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة { وَعَلَى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين } كَانَ من أَرَادَ أَن يقطر ويفتدي حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا فنسختها
وَفِي رِوَايَة حَتَّى نزلت هَذِه الاية { فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه } رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
واما الثَّانِي وَهُوَ نسخ صَوْم عَاشُورَاء برمضان
(1/378)
فَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب
وَأما الثَّالِث وَهُوَ نسخ الْحَبْس فِي الْبيُوت بِالْحَدِّ
(268)
فَقَالَ أَبُو عبيد ثَنَا عبد الله بن صَالح هُوَ كَاتب اللَّيْث بن سعد عَن مُعَاوِيَة بن صَالح الْحَضْرَمِيّ
(1/379)
عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الاية يَعْنِي قَوْله تَعَالَى { واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم فَإِن شهدُوا فأمسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا } وَفِي قَوْله تَعَالَى { واللذان يأتيانها مِنْكُم فآذوهما }
قَالَ كَانَت الْمَرْأَة إِذا زنت حبست فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت وَكَانَ الرجل إِذا زنَى أوذي بالتعيير وَالضَّرْب بالنعل قَالَ فَنزلت { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة }
قَالَ إِن كَانَا محصنين رجما بِسنة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ 23 أ
قَالَ فَهُوَ سبيلهما الَّذِي جعله الله لَهما يَعْنِي قَوْله تَعَالَى { حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا }
هَذَا الْإِسْنَاد فِيهِ انْقِطَاع لِأَن عَلّي بن ابي طَلْحَة لم يسمع من ابْن عَبَّاس
(1/380)
(269)
لَكِن رَوَى مُسلم فِي صَحِيحه مَا يسدد هَذَا عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ كَانَ نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا انْزِلْ عَلَيْهِ كرب لذَلِك وَتَربد وَجهه فَأنْزل عَلَيْهِ ذَات يَوْم فلقي كَذَلِك فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ خُذُوا عني خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة ونقي سنة وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم
(1/381)
قَوْله وَأَيْضًا الْوُقُوع عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ كَانَ فِيمَا أنزل الشَّيْخ والشيخه إِذا زَنَيَا فارجموها الْبَتَّةَ
(270)
عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ إيَّاكُمْ أَن تهلكوا عَن آيَة الرَّجْم أَن يَقُول قَائِل لَا نجد حَدَّيْنِ فِي كتاب الله تَعَالَى فَلَقَد رجم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ورجمنا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا ان يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي كتاب الله لكتبتها الشَّيْخ والشيخه إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ فَإنَّا قد قرأناها رَوَاهُ الشَّافِعِي وَهَذَا لَفظه وَالتِّرْمِذِيّ بِنَحْوِهِ
(1/382)
(271)
وللبخاري وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر قريب من هَذَا
(1/383)
(272)
وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي السّنَن بِإِسْنَاد جيد عَن ا بِي أَمَامه اِسْعَدْ ابْن سهل بن حنيف عَن خَالَته قَالَت لقد اقرأناها رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ آيَة الرَّجْم الشَّيْخ والشيخه إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قضيا من لذتهما
قَوْله وَنسخ الإعتداء بالحول
(273)
عَن عبد الله بن الزبير قَالَ قلت لعُثْمَان هَذِه الْآيَة
(1/384)
الَّتِي فِي الْبَقَرَة { وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا } إِلَى قَوْله { غير إِخْرَاج } قد نسختها الْآيَة الْأُخْرَى فَلم تَكْتُبهَا قَالَ ندعها يَا ابْن أخي لَا نغير شَيْئا من مَكَانَهُ رَوَاهُ البُخَارِيّ
(1/385)
قَوْله وَعَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها كَانَ فِيمَا أنزل عشر رَضعَات مُحرمَات
(274)
رَوَى مُسلم عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت كَانَ فِيمَا نزل من الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات تحرمن فنسخن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهن فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن وَقد تقدم هَذَا فِي الْبَاب قبله 23 ب
قَوْله قَالُوا وَقع فَإِن أهل قبَاء سمعُوا مناديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَلا إِن الْقبْلَة قد حولت فاستداروا
(275)
عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ بَيْنَمَا النَّاس بقباء فِي صَلَاة الصُّبْح إِذْ جَاءَهُم آتٍ فَقَالَ إِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة قُرْآن وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْقبْلَة فاستقبلوها وَكَانَت وُجُوههم الى الشَّام فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1/386)
(276)
وَلَهُمَا عَن الْبَراء مثله
(277)
وَلمُسلم عَن أنس مثله
وَقَوله قَالُوا كَانَ يُرْسل الْآحَاد بتبليغ الاحكام مُبتَدأَة وناسخة وَتقدم بَيَان هَذَا فِي مسَائِل الاخبار
قَوْله قَالُوا { قل لَا أجد } نسخ بنهيه عَن كل ذِي نَاب من السبَاع
(1/387)
(278)
عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع رَوَاهُ الْجَمَاعَة
(279)
وَلمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مثله
(1/388)
(280)
وَله مثله عَن ابْن عَبَّاس وَزِيَادَة وكل ذِي مخلب من الطير
قَوْله وَيتَعَيَّن النَّاسِخ بِعلم تَأَخره أَو بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَذَا نَاسخ لم يرد المُصَنّف أَن هَذَا حَدِيثا وَإِنَّمَا خرج ذَلِك مخرج الْمِثَال
قَوْله أَو مَا فِي مَعْنَاهُ مثل كنت نَهَيْتُكُمْ
(1/389)
(281)
عَن بُرَيْدَة الاسلمي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَهَيْتُكُمْ عَن زياره الْقُبُور فزوروها اونهيتكم عَن لُحُوم الاضاحي فَوق ثَلَاث فامسكوا مَا بدا لكم ونهيتكم عَن النبيد إِلَّا فِي سقاء فَاشْرَبُوا فِي الأسقيه كلهَا وَلَا تشْربُوا مُسكرا رَوَاهُ مُسلم وَهَذَا لَفظه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَلَفظه قد كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زياره الْقُبُور فقد أذن لمُحَمد فِي زياره قبر أمه فزوروها فَإِنَّهَا تذكر الْآخِرَة
قَوْله وَأَيْضًا التَّوَجُّه الى الْمُقَدّس بِالسنةِ وَنسخ بِالْقُرْآنِ والمباشره بِاللَّيْلِ كَذَلِك وَيَوْم عَاشُورَاء
هَذِه ثَلَاثَة أَحْكَام الأول اخْتلف الْعلمَاء فِي اصل شَرْعِيَّة التَّوَجُّه الى الْمُقَدّس فِي ابْتِدَاء الاسلام هَل كَانَ بِالسنةِ أَو بِالْقُرْآنِ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْحَافِظ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُوسَى الْحَازِمِي
(1/390)
فِي النَّاسِخ والمنسوخ دَلِيل من قَالَ بِالْأولِ وَهُوَ أَن أَصله السّنة ظواهر أَحَادِيث مِنْهَا
(282)
عَن الْبَراء بن عَازِب ان النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ أول مَا قدم الْمَدِينَة نزل عَلَى أجداده أَو أَخْوَاله من اللأنصار وَأَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَلَّى قبل بَيت الْمُقَدّس سته عشر شهرا أَو سَبْعَة عشر شهرا وَكَانَ يُعجبهُ أَن تكون قبلته الى الْبَيْت وَذكر الحَدِيث الى أَن قَالَ وَكَانَت الْيَهُود قد أعجبهم إِذْ كَانَ يُصَلِّي قبل بَيت الْمُقَدّس وَأهل الْكتاب فَلَمَّا وَجه إِلَى الْبَيْت أَنْكَرُوا ذَلِك الحَدِيث
(1/391)
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(283)
وَعَن أنس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يُصَلِّي نَحْو بَيت الْمُقَدّس فَنزلت { قد نرَى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام } الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم
(1/392)
(284)
وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ بِمَكَّة يُصَلِّي نَحْو بَيت الْمُقَدّس والكعبة بَين يَدَيْهِ وَبَعْدَمَا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا ثمَّ انْصَرف إِلَى الْكَعْبَة رَوَاهُ أَحْمد دَلِيل القَوْل الثَّانِي وَهُوَ أَن أصل شرعيته بِالْقُرْآنِ
(285)
مَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن حجاج بن مُحَمَّد عَن ابْن جريج وَعُثْمَان بن عَطاء عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم قَالَ أول مانسخ من الْقُرْآن شَأْن الْقبْلَة قَالَ الله تَعَالَى { وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله } قَالَ فَصَلى
(1/393)
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحْو بَيت الْمُقَدّس وَترك الْبَيْت الْعَتِيق ثمَّ صرفه الله تَعَالَى الى الْبَيْت الْعَتِيق وَقَالَ تعال { سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } يعنون بَيت الْمُقَدّس فَأنْزل الله تَعَالَى { قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } فَصَرفهُ الله تَعَالَى الى الْبَيْت الْعَتِيق فَقَالَ تَعَالَى { وَمن حَيْثُ خرجت فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره }
(286)
وَقَالَ أَبُو عبيد حَدثنَا عبد الله بن صَالح عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن ابي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم قَالَ أول مَا نسخ من الْقُرْآن الْقبْلَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ أَكثر أَهلهَا الْيَهُود أمرره أَن يسْتَقْبل بَيت الْمُقَدّس فَفَرِحت
(1/394)
الْيَهُود بذلك فَاسْتَقْبلهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بضعَة عشر شهرا وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يجب قبْلَة إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَكَانَ يدعوا وينطر الى السَّمَاء فَأنْزل الله تَعَالَى { قد نرَى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره }
وَأما الحكم الثَّانِي وَهُوَ الْمُبَاشرَة باليل وَمُرَاد المُصَنّف أَن الْمُبَاشرَة فِي ليل رَمَضَان كَانَت مُحرمَة بِالسنةِ ثمَّ نسخ ذَلِك وأبيحت بِالْقُرْآنِ
(287)
فَعَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ لما نزل صَوْم رَمَضَان كَانُوا لَا يقربون النِّسَاء رَمَضَان كُله وَكَانَ رجال يخونون أنفسهم فَأنْزل الله عَزَّ وَجَلَّ { علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفا عَنْكُم فَالْآن باشروهن } الْآيَة) رَوَاهُ البُخَارِيّ
(1/395)
وَأما الحكم الثَّالِث وَهُوَ يَوْم عَاشُورَاء يَعْنِي أَن صَوْم يَوْم عَاشُورَاء كَانَ وَاجِبا فِي ابْتِدَاء الاسلام بِالسنةِ ثمَّ نسخ وُجُوبه بِمَا أوجبه الْقُرْآن من صَوْم رَمَضَان فأجود مَا هَا هُنَا
(288)
مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت كَانَ عَاشُورَاء يَوْمًا يَصُومهُ قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ رسو الله صَلَّى الله عَلَيْهِ 0 وَسلم يَصُومهُ فَلَمَّا قدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمَدِينَة صَامَهُ وَأمر النَّاس بصيامه فَلَمَّا فرض رَمَضَان كَانَ رَمَضَان هُوَ الْفَرِيضَة وَترك عَاشُورَاء من شَاءَ صَامَهُ وَمن شَاءَ تَركه وَقد ذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن يَوْم عَاشُورَاء لم يكن وَاجِبا اصلا
(289)
لحَدِيث مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
(1/396)
يَقُول إِن هَذَا يَوْم عاشورا وَلم يكْتب الله عَلَيْكُم صِيَامه وَأَنا صَائِم فَمن شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ فليفطر رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1/397)
قَوْله وَاسْتدلَّ بِأَن لَا وَصِيَّة لوَارث نسخ { الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين } أما الحَدِيث
(290)
فَعَن عَمْرو بن خَارِجَة قَالَ خطب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ
(1/398)
(291)
وَعَن أبي أُمَامَة مثله رَوَاهُ ابو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه
(1/399)
(292)
وَلابْن مَاجَه ايضا عَن أنس مثله
وَقَول الْمُسْتَدلّ إِن هَذَا الحَدِيث نسخ قَوْله تَعَالَى { كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين } غير سديد لوَجْهَيْنِ
أَحدهمَا أَن النَّاسِخ لهَذِهِ الاية إِنَّمَا هُوَ آيَات الْمَوَارِيث فِي سوره النِّسَاء { يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ } الاية وَالَّتِي تَلِيهَا وَقَوله تَعَالَى { للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ وللنساء نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر نَصِيبا مَفْرُوضًا }
(1/400)
25 -
أ
(293)
كَمَا رَوَى ذَلِك الامام أَبُو عبيد عَن عبد الله ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم
الْوَجْه الثَّانِي بِتَقْدِير أَن يكون هَذَا الحَدِيث هُوَ الْمعَارض للاية فَإِنَّمَا هُوَ مُخَصص
(1/401)
لَهَا لَا نَاسخ لَان النَّاسِخ فِي الِاصْطِلَاح الْمُتَأَخر هُوَ الرافع لجَمِيع أَفْرَاد مَا دلّ عَلَيْهِ الْخطاب الاول
وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ إِنَّمَا رفع حكم الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين الْوَارِثين وَلم يرفع حكم الْوَصِيَّة فِي حق الْأَقْرَبين غير الْوَارِثين
294 -
وَلِهَذَا قَالَ أَبُو عبيد ثَنَا هشيم قَالَ أَنا يُونُس عَن الْحسن قَالَ كَانَت الْوَصِيَّة للْوَالِدين والاقربين فنسخ ذَلِك وَصَارَت الو صية للاقربين الَّذين لَا يَرِثُونَ وَنسخ مِنْهَا كل وَارِث
قَالَ أَبُو عبيد وَإِلَى هَذَا القَوْل صَارَت السّنة الْقَائِمَة عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإِلَيْهِ انْتَهَى قَول الْعلمَاء وإجماعهم فِي قديم الدَّهْر وَحَدِيثه أَن الْوَصِيَّة للْوَارِث مَنْسُوخَة لَا تجوز وَكَذَلِكَ أَجمعُوا عَلَى أَنَّهَا جَائِزَة للاقربين مَعًا إِذا لم يَكُونُوا من أهل الْمِيرَاث ثمَّ حَكَى أَبُو عبيد قَوْله فِي أَنه هَل تصح الْوَصِيَّة للاجانب ثمَّ قَالَ ثمَّ اجْتمع الْعلمَاء
(1/402)
عَلَى القَوْل بِالصِّحَّةِ وَبِه نقُول لقَوْل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا وَصِيَّة لوراث فقد تبين بِهَذَا أَن السّلف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم لم يجْعَلُوا الاية أَعنِي قَوْله { الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين } كلهَا مَنْسُوخَة وَإِنَّمَا الْمَنْسُوخ عِنْدهم بَعْضهَا وهم يطلقون النّسخ عَلَى التَّخْصِيص كثيرا بِخِلَاف اصطلاحنا الْيَوْم
قَوْله وَالرَّجم للمحصن
يَعْنِي أَن آيَة الْجلد وَهِي قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى { الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة } دلّت عَلَى جلد كل زَان مُحصنا كَانَ أَو غَيره وَجَاءَت السّنة المتواترة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رجم الْمُحصن
(1/403)
(295)
و (296) كماعز والغامدية
(297)
وكما تقدم من حَدِيث عبَادَة خُذُوا عني خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا بالبكر بِالْكبرِ جلد مائَة وتغريب عَام وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم
(1/404)
فَكَانَت السّنة المتوارتة ناسخة لِلْقُرْآنِ وَهُوَ الْمَطْلُوب
وَالْأولَى أَن يُقَال لَا نسلم أَن هَذَا نسخ وَإِنَّمَا هَذَا تَخْصِيص لِأَن الْآيَة دلّت عَلَى جلد كل زَان وَالسّنة قَضَت برجم بعض الزناة وهم المحصنون وَبَقِي الزناة غير المحصنين حكمهم الْجلد للاية وَهَذَا مَعْنَى التَّخْصِيص قطعا فِي اصطلاحنا وَالْكَلَام فِيهِ
قَوْله وَلَو سلم فَالسنة بِالْوَحْي الدَّلِيل عَلَى أَن السّنة بِالْوَحْي قَوْله تَعَالَى { وَمَا ينْطق عَن الْهَوَى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحَى } 25 ب
(298)
وَمَا رَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم عَن يعْلى بن أُميَّة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جَاءَهُ رجل متضمتم يطيب فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ ترَى فِي رجل أحرم فِي جُبَّة بَعْدَمَا تضمخ بِطيب فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَاعَة فَجَاءَهُ الْوَحْي ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ أَيْن الَّذِي سَأَلَني إِن الْعمرَة آنِفا فالتمس الرجل فجيء بِهِ فَقَالَ أما الطّيب الَّذِي بك فاغسله ثَلَاث مَرَّات وَأما الْجُبَّة فانزعها ثمَّ اصْنَع فِي الْعمرَة مَا تصنع فِي حجك 0
(1/405)
(299)
وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ان النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جلس ذَات يَوْم عَلَى الْمِنْبَر وَجَلَسْنَا حوله فَذكر الحَدِيث الى أَن قَالَ فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله أَو يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ فَسكت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقيل لَهُ مَا شَأْنك تكلم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلَا يكلمك فرأنا أَنه ينزل عَلَيْهِ قَالَ فَمسح عَنهُ الرحضاء وَقَالَ أَيْن السَّائِل وَكَأَنَّهُ حَمده فَقَالَ إِنَّه لَا يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
(1/406)
(300)
وَعَن ابي قَتَادَة قَالَ جَاءَ رجل الى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن قتلت فِي سَبِيل الله صَابِرًا محتسبا مُقبلا غير مُدبر كفر الله خطاياي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن قتلت فِي سَبِيل الله صَابِرًا محتسبا مُقبلا غير مُدبر كفر الله خطاياك إِلَّا الدَّين كَذَا قَالَ جِبْرِيل رَوَاهُ مُسلم
(1/408)
(301)
وَلأَحْمَد عَن ابي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أبسط من هَذَا وَفِي آخِره نعم إِلَّا الدَّين فَإِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام سَارَّنِي بذلك
(302)
وَقد تقدم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا أنزل عَلَيْهِ كرب لذَلِك وَتَربد وَجهه فَأنْزل عَلَيْهِ ذَات يَوْم فلقي كَذَلِك فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ خُذُوا عني خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة وَنفي سنة وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم رَوَاهُ مُسلم
قَوْله قَالُوا قَالَ ابْن عَبَّاس لعُثْمَان كَيفَ تحجب الام بالاخوين وَقد قَالَ
(1/409)
الله تَعَالَى { فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة } والأخوان ليسَا إخْوَة فَقَالَ حجبها قَوْمك يَا غُلَام هَكَذَا رَوَى هَذَا الاثر ابو مُحَمَّد بن حزم فِي كِتَابه الْمُحَلَّى من حَدِيث
(303)
ابْن ابي ذِئْب عَن شُعْبَة مولَى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنه قَالَ لعُثْمَان فَذكره إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ عُثْمَان لَا أَسْتَطِيع أَن أنفض أمرا كَانَ قبلي وتوارثه النَّاس وَمَضَى فِي الْأَمْصَار
(1/410)
412
شُعْبَة هَذَا مولَى ابْن عَبَّاس هُوَ شُعْبَة بن دِينَار قَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ
(1/411)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق